مناظرات في الامامة الجزء الرابع ::: 211 ـ 225
(211)
    فأجاب الدكتور قائلا : لا ، لا ، أكثر من هذا.
    وقد لاحظت على الدكتور أنه يرى للخليفتين أبي بكر وعمر منزلة خاصة ، فقلت : إن عمر قد تجرَّأ على الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وتحدَّاه ووقف دون وصيَّته ، ونسب إليه ما نسب له عند مرضه ، روى البخاري عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنه قال : يوم الخميس وما يوم الخميس ، اشتدَّ برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجعه ، وتنازعوا ولا ينبغي عند نبيٍّ تنازع ، فقالوا : ما شأنه ؟ أهجر ؟ استفهموه فذهبوا يردّون عليه .. الحديث (1).
    قال الدكتور : حاشا لعمر أن يقول هذا ، وهذا الحديث غير صحيح.
    فأجبته : يا دكتور ! الحديث الذي يوافقك تأخذ به ، والذي يخالفك ترفضه وتحكم بعدم صحّته ، فإمّا أن تعترف بصحّة ما جاء في البخاري ، وإمَّا أن تحكم
1 ـ صحيح البخاري : 5/137 ، السنن الكبرى ، النسائي : 3/434 ح 5854 ، الطبقات الكبرى ، ابن سعد : 2/242.

(212)
بعدم صحّته ولا تستشهد به ، وإن ابن عباس كان يقول : الرزيَّة الرزيَّة ما حال بين رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب (1).
    فأجاب الدكتور : إن ابن عباس لا يحتجُّ بقوله.
    فقلت له : إن الشيعة غير مجمعة على صحّة جميع ما روي عنه ، ولكنه حبر الأمّة ، ولكن أليس أن النبيَّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أراد الخير لأمَّته بأن يكتب لهم الكتاب كي لا يضلُّوا بعده ، وقال عمر : حسبنا كتاب الله ؟ أفهل يمكن العمل بالكتاب وحده ؟! أليس السنَّة هي المبيِّنة للكتاب ؟ قال الله تعالى : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) (2) ، وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما (3)
1 ـ روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : لمّا حضر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : هلمَّ أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده ، فقال عمر : إن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا ، منهم من يقول : قرِّبوا يكتب لكم النبيُّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كتاباً لن تضلّوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلمَّا أكثروا اللغو والاختلاف عند النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : قوموا. قال عبيد الله : وكان ابن عباس يقول : إن الرزيَّة كل الرزيَّة ما حال بين رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.
    صحيح البخاري : 7/9 و 8/161 ، صحيح مسلم : 5/76 ، مسند أحمد بن حنبل : 1/324 ـ 325 و 336 ، السنن الكبرى ، النسائي : 3/433 ح 5852 و 4/360 ح 7516 ، صحيح ابن حبان : 14/562 ، شرح مسلم ، النووي : 11/89 ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : 2/55 و 6/51 ، البداية والنهاية ، ابن كثير : 5/248.
    وجاء في رواية ابن سعد في الطبقات الكبرى : 2/244 : فلمَّا كثر اللغط والاختلاف وغمُّوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : قوموا عنّي.
2 ـ سورة النمل ، الآية : 44.
3 ـ تقدَّمت تخريجاته.
    وحديث الثقلين ـ كماترى ـ ينصُّ على وجوب اتّباع أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وهم علي ( عليه السلام ) والأئمة من ولده ( عليهم السلام ) ، ولا مسوِّغ أبداً لاتّباع غيرهم ، كما أنَّه يدلُّ دلالة صريحة على وجود أهل البيت ( عليهم السلام ) ـ وهم الأئمة الاثني عشر ( عليهم السلام ) ـ في كل زمان ، وذلك لقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، ولو خلا الزمان من أحدهم لما صحَّ هذا الحديث.
    قال السمهودي : تنبيه ، قال الشريف : هذا الخبر يفهم وجود من يكون أهلا للتمسُّك من أهل البيت والعترة الطاهرة ( عليهم السلام ) في كل زمان إلى قيام الساعة ، حتى يتوجَّه الحثُّ المذكور إلى التمسُّك به ، كما أن الكتاب كذلك ، فلذلك كانا أماناً لأهل الأرض ، فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض ، انتهى.
    وقال الزرقاني المالكي في شرح المواهب اللدنية : قال القرطبي : وهذه الوصيَّة وهذا التأكيد العظيم يقتضي وجوب احترام آله وبرِّهم وتوقيرهم ومحبَّتهم ، وجوب الفرائض التي لا عذر لأحد في التخلُّف عنها ، هذا مع ما علم من خصوصيَّتهم به ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وبأنهم جزء منه ، كما قال : فاطمة بضعة منّي ، ومع ذلك فقابل بنو أمية عظيم هذه الحقوق بالمخالفة والعقوق ، فسفكوا من أهل البيت دماءهم ، وسبوا نساءهم ، وأسروا صغارهم ، وخربوا ديارهم ، وجحدوا شرفهم وفضلهم ، واستباحوا سبَّهم ولعنهم ، فخالفوا وصيَّته ، وقابلوه بنقيض قصده ، فواخجلتهم إذا وقفوا بين يديه ، ويا فضيحتهم يوم يعرضون عليه ، فالوصيَّة بالبرِّ بآل البيت على الإطلاق ، وأمّا الاقتداء فإنما يكون بالعلماء العاملين منهم ، إذ هم الذين لا يفارقون القرآن.
    شرح الزرقاني على المواهب اللدنية : 7/7 ـ 8 ، دار المعرفة ـ بيروت ـ ، فيض القدير ، المناوي : 3/20.


(213)
فالعترة هي المفسِّرة لكتاب الله جلَّ شأنه.
    ونسبة الهجر إلى رسول الإسلام ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يرضى به الباري تعالى ، وقد نزَّهه الله سبحانه ونسبه بقوله : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) (1).
    وبعد هذا سألت الدكتور عن رأيه في الخليفة عثمان ، فقال : كان عثمان يقاد ..
    ثمَّ سألته عن أمِّ المؤمنين عائشة ، فقال : كان أحد الأساتذة يقول : لو أدركت عائشة .. أقعدتها في بيتها ; لقوله تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ
1 ـ سورة النجم ، الآية : 3 ـ 4.

(214)
تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الاُْولَى ) (1).
    ثمَّ قال الدكتور : ولمَّا بلغ عائشة خلافة الإمام علي ( عليه السلام ) قالت : ليت السماء قد أطبقت على الأرض ، ولمَّا بلغها وفاته فرحت وتمثَّلت بهذا البيت وقالت :
فألقت عصاها واستقرَّ بها النوى كما قرَّ عيناً بالإياب المسافر (2)
    وعندما أهديت مجموعة الكتب للدكتور ـ وهي التي قمت بنشرها في القاهرة ـ مع كتاب الإسلام للأستاذ العلاّمة الكبير الشيخ محمّد أمين زين الدين ، وكتاب مصادر نهج البلاغة وأسانيده لصديقنا العلاّمة المحقِّق السيِّد عبد الزهراء
1 ـ سورة الأحزاب ، الآية : 33.
2 ـ مقاتل الطالبيين ، أبو الفرج الإصبهاني : 26 : الطبقات الكبرى ، ابن سعد : 3/40 ، العلل ، أحمد بن حنبل : 1/13 ، تأريخ الطبري : 4/115.
    قال الأمير أحمد حسين بهادر خان الهندي : وفي المعارف لابن قتيبة قال : توفِّيت عائشة سنة ثمان وخمسين ، فقيل لها : ندفنك عند رسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ فقالت : إنّي قد أحدثت بعده ، ادفنوني مع أخواتي ، فدفنوها بالبقيع. تاريخ الأحمدي : 223 ، ط. بيروت ، نشر مركز الدراسات والبحوث العلميّة.
    وقال ابن عبد ربِّه الأندلسي : وماتت عائشة في أيام معاوية ، وقد قاربت السبعين ، وقيل لها : تدفنين مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ قالت : لا ، إني أحدثت بعده حدثاً فادفنوني مع إخوتي بالبقيع. العقد الفريد 4/331 ط. مكتبة النهضة المصرية بالقاهرة.
    وفي المستدرك للحاكم : 4/6 بسند صحيح عن قيس بن أبي حازم قال : قالت : إنّي أحدثت بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حدثاً ، ادفنوني مع أزواجه ، فدفنت بالبقيع.
    قال ابن عبد ربِّه في العقد الفريد ، : 3/108 طبع مصر سنة 1353 : وقد كان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لها : يا حميراء ! كأني بك تنبحك كلاب الحوأب ، تقاتلين عليّاً وأنت له ظالمة ، والحوأب بضمِّ الحاء وتثقيل الواو ، وقد زعموا أن الحوب ماء في طريق البصرة ، قال في ذلك بعض الشعراء :
إني أدين بحبِّ آل محمّد وأنا البريء من الزبير وطلحة وبني الوصيِّ شهودهم والغيَّب ومن التي نبحت كلاب الحوأب

(215)
الخطيب ، وذكرت له أسماءها واحداً بعد واحد إلى أن وصلت إلى ذكر كتاب عبد الله بن سبأ سألني الدكتور : هل قرأت الفتنة الكبرى ؟
    فأجبته : لا.
    فقال : إنّي نصرتكم في عبد الله بن سبأ ، وقلت في كتابي الفتنة الكبرى : إن عبد الله بن سبأ شخصيّة خياليّة أوجدها خصوم الشيعة للطعن بهم ، ما فيش حاجة اسمها عبد الله بن سبأ ، لم يخلق الله شيئاً اسمه عبد الله بن سبأ.
    فأجبته : هذا هو رأيك يا أستاذ.
    ثمَّ قلت للدكتور : إن الدكتور حامد ألَّف كتاباً في الصاحب بن عبَّاد ، ولي رغبة في أن تكتب سيادتك تقديماً له ، وإن الصاحب بن عبَّاد كان عميد الأدب العربي في النصف الثاني من القرن الرابع ، وأنت ـ يا أستاذ ـ عميد الأدب العربي في النصف الثاني من القرن الرابع عشر ، وبينك وبينه ألف عام.
    فابتسم سيادته ابتسامة حلوة ، وقال : هات الكتاب لأقرأه ، وكنت قد صحبت الكتاب معي عندما قابلته في داره ، فدفعته إليه ، وتركته عنده ليطّلع عليه ويكتب التقديم له ، واستأذنته وانصرفت.
    وكان هذا الكتاب ( الصاحب بن عباد بعد ألف عام ) رسالة الماجستير التي قدَّمها الدكتور حامد حفني داود إلى الجامعة ، وحصل على هذه الدرجة (1).

    رأي الدكتور طه حسين في حقيقة عبد الله بن سبأ
    قال السيِّد الرضوي أيَّده الله تعالى : وإليك نص ما قاله الدكتور طه حسين
1 ـ مع رجال الفكر في القاهرة : السيِّد مرتضى الرضوي : 1/276 ـ 279.

(216)
في حقيقة عبد الله بن سبأ في كتابه الفتنة الكبرى : 2/98 طبعة دار المعارف بمصر عام 1953 م :
    وأقلُّ ما يدلُّ عليه إعراض المؤرِّخين عن السبئيَّة ، وعن ابن السوداء في حرب صفين : أن أمر السبئيّة وصاحبهم ابن السوداء إنّما كان متكلَّفاً منحولا ، قد اخترع بآخرة ، حين كان الجدال بين الشيعة وغيرهم من الفرق الإسلاميّة ، أراد خصوم الشيعة أن يدخلوا في أصول هذا المذهب عنصراً يهوديّاً ، إمعاناً في الكيد لهم ، والنيل منهم.
    ولو قد كان أمر ابن السوداء مستنداً إلى أساس من الحقِّ والتاريخ الصحيح لكان من الطبيعي أن يظهر أثره وكيده في هذه الحرب المعقَّدة المفصَّلة التي كانت بصفين ، ولكان من الطبيعي أن يظهر أثره حين اختلف أصحاب عليٍّ في أمر الحكومة ، ولكان من الطبيعي بنوع خاص أن يظهر أثره في تكوين هذا الحرب الجديد الذي كان يكره الصلح وينفر منه ، ويكفر من مال إليه أو شارك فيه.
    ولكنّا لا نرى لابن السوداء ذكراً في أمر الخوارج ، فكيف يمكن تعليل هذا الإهمال ؟ أو كيف يمكن أن نعلِّل غياب ابن سبأ من وقعة صفين ، وعن نشأة حزب المحكِّمة ؟!
    أمَّا أنا فلا أعلِّل الأمرين إلاَّ بعلة واحدة ، وهي : أن ابن السوداء لم يكن إلاَّ وهماً ، وإن وجد بالفعل فلم يكن ذا خطر كالذي صوَّره المؤرِّخون ، وصوَّروا نشاطه في أيام عثمان ، وفي العام الأول من خلافة علي ( عليه السلام ) ، وإنّما هو شخص اذّخره خصوم الشيعة وحدهم ، ولم يذّخروه للخوارج ... إلخ.
    قال السيد الرضوي حفظه الله تعالى : إن الدكتور طه حسين لإلمامه بالتاريخ ، ولتعمُّقه فيه ، ولسعة اطلاعه استطاع أن يقول بجرأة وقوَّة : إن عبدالله


(217)
بن سبأ شخصيّة خياليّة كما صرَّح لي سيادته بذلك ، وهو أوَّل من نبَّه على هذا ، وذكره في كتابه : الفتنة الكبرى : 2/98 ، وعلى أثر صدور هذا الكتاب أخذ السيِّد العسكري يبحث هذا الموضوع بحثاً مطوَّلا ، وأخرج نصوصه ، ونشر الجزء الأوَّل منه بعنوان : المدخل ، وطبع في النجف الأشرف ـ العراق عام 1375 هـ ـ 1955 م ، وأضاف عليه بعض التحقيق والتعليق ، ونشرته مكتبتنا ; مكتبة النجاح ضمن مطبوعاتها ; مطبوعات النجاح بالقاهرة ، وذلك في عام 1965 ، ثمَّ بعد ذلك أخذ السيِّد المؤلِّف يعقب هذا الموضوع حتى استطاع أن يلحقه بجزء ثان ، وطبع في طهران عام 1972 م (1).
1 ـ مع رجال الفكر في القاهرة ، السيد مرتضى الرضوي : 1/278.

(218)
    المناظرة الخمسون
مناظرة
السيِّد مرتضى الرضوي مع الأستاذ الكبير عبد الفتاح
عبدالمقصود في أحقّيّة الإمام علي ( عليه السلام ) بالخلافة بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم )
    يقول السيِّد مرتضى الرضوي : في رحلتي إلى القاهرة عام 1974 م سافرت إلى الإسكندرية لمواجهة الأستاذ عبد الفتاح (1) فيها ، وأتيت داره العامرة ، فجاءت السيِّدة حرمه وفتحت الباب ، فأدخلتني الغرفة المعدَّة للضيوف ، ورحَّبت بي ترحيباً منقطع النظير ، فسألتها عن الأستاذ أجابت : سافر
1 ـ قال السيِّد الرضوي حفظه الله تعالى : الأستاذ عبد الفتاح عبد المقصود ، الكاتب المصري الشهير ، مؤلِّف الموسوعة العلوية ( الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ) ولد في 10/12/1912 م ، بكفر عشري الواقعة قرب راقوتة ، التي بنى علهيا الإسكندر الأكبر مدينة الإسكندرية ، دراسته : ليسانس الآداب ، قسم التاريخ بجامعة الإسكندرية ، دراسات في الرأي العام ، دراسات في فنّ الإدارة العليا ، عيِّن مديراً لمكتب السيِّد نائب رئيس الجمهوريّة لشؤن الاتّحاد ، أهم آثاره : الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) تسعة أجزاء ، أبناؤنا مع الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، الزهراء ( عليها السلام ) أم أبيها ، يوم كيوم عثمان ، السقيفة والخلافة ، من مشاهير الأساتذة والكتَّاب البارزين بمصر ، ينظم الشعر باللغتين الفصحى والعامّيّة ، كتب موسوعة تحليلية في شخصيّة الإمام علي ( عليه السلام ) في 2500 صفحة ، يتميَّز بحرية الرأي والأصالة الفكرية. مع رجال الفكر في القاهرة ، الرضوي : 2/91.

(219)
أمس إلى القاهرة ، وسيتصل بنا تليفونياً في صباح غد ، ويمكنك أن تترك عندنا نمرة تليفونك في القاهرة ، وعندما يتصل بنا نخبره ليتصل بك من هناك ، فتركت عندها رقم تليفون مطعم المنظر الجميل ، وعدت إلى القاهرة.
    وفي اليوم الثاني اتصل بي الأستاذ عبد الفتاح ، وحدَّدت معه وقتاً للمقابلة في المطعم المذكور ، فجاء إلى المطعم ، وجلست معه جلسة امتدَّت إلى ساعات ، سألته خلالها عن انطباعاته عن الإمام علي ( عليه السلام ) والخلافة ، فأجاب : إنّني عرفت أحقّيّة الإمام بالخلافة بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من خطبة أبي بكر (1) ، فإن خطبته التي خطبها في المسجد تنطبق على الإمام علي ( عليه السلام ) أكثر مما تنطبق على أيِّ إنسان سواه (2).
1 ـ وهي قوله : أيُّها الناس ! نحن ـ المهاجرين ـ أول الناس إسلاماً ، وأكرمهم أحساباً ، وأوسطهم داراً ، وأحسنهم وجوهاً ، وأكثرهم ولادة في العرب ، وأمسُّهم رحماً برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ... إلخ عيون الأخبار ، ابن قتيبة : 2/232.
2 ـ وهذه الالتفاتة من الأستاذ عبد الفتاح التفاتة جيِّدة وفي محلِّها ، فإذا كان الخليفة يستدل بأولوية المهاجرين بما ذكره من أوصاف فليس هناك أحد أحقّ بالخلافة من أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ; لأن كلَّ هذه الأوصاف موجودة فيه زيادة على الأوصاف الأخرى ، والتي كان يتحلَّى بها ( عليه السلام ) ، وقد كانت الصحابة تتمنَّى ولو بعض فضائله الشريفة ..
    والجدير بالذكر هنا ـ أيضاً ـ كلام العلاّمة المحقِّق الشيخ باقر شريف القرشي حفظه الله تعالى ، إذ يقول في هذا المعنى : إن المنطق الذي استند إليه أبو بكر لأ حقّيّة المهاجرين من قريش بالخلافة هو أنهم أمسُّ الناس رحماً برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأقربهم إليه ، وهذا الملاك على أكمل وجوهه ، وأتمِّ رحابه متوفِّر في أهل البيت ( عليهم السلام ) ، فهم ألصق الناس به ، وأمسُّهم به ، وما أروع قول الإمام أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) : احتجّوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة ! وخاطب ( عليه السلام ) أبا بكر بقوله :
فإن كنت بالقربى حججت خصيمهم وإن كنت بالشورى ملكت أمورهم فغيرك أولى بالنبيِّ وأقرب فكيف بهذا والمشيرون غيَّب
    ويقول الكميت :
بحقِّكم أمست قريش تقودنا وقالوا : ورثناها أبانا وأمنا يرون لهم فضلا على الناس واجباً وبالفذِّ منها والرديفين نركب وما ورَّثتهم ذاك أمٌّ ولا أب سفاهاً وحقُّ الهاشميين أوجب
    وعرض الإمام ( عليه السلام ) في حديث له عن شدّة قربه من النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبعض مواهبه ، فقال : والله إني لأخوه ـ أي أخو النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ ووليُّه ، وابن عمِّه ، ووارث علمه ، فمن أحقُّ به منّي ؟ ... لقد انساب القوم وراء أطماعهم وأهوائهم ، وتهالكوا على الحكم ، والظفر بخيراته ، وأعرضوا عمَّا ألزمهم به النبيُّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من التمسُّك بعترته ، وعدم التقدُّم عليها ، ووجوب رعايتها في كل شيء.
    حياة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، الشيخ باقر شريف القرشي : 1/247.


(220)
    وإنّي حينما أستعرض هذه الأمور أعتمد على المعقول قبل المنقول ، وإنّي لا أنظر إلى صغر سنِّ الإمام ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ; لأن النبيَّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جعل أسامة أميراً على أبي بكر وعمر (1).
    فقلت للأستاذ عند ذلك : إنَّ عمر قد طعن في شخصيَّة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال :
1 ـ روى ابن سعد ، عن نافع ، عن ابن عمر أن النبيَّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعث سريَّة فيهم أبو بكر وعمر ، واستعمل عليهم أسامة بن زيد ، فكأن الناس طعنوا فيه ; أي في صغره ، فبلغ ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : إن الناس قد طعنوا في إمارة أسامة وقد كانوا طعنوا في إمارة أبيه من قبله ، وإنهما لخليقان لها ، وإنه لمن أحبِّ الناس إليَّ ، ألا فأوصيكم بأسامة خيراً.
    وعن حنش قال : سمعت أبي يقول : استعمل النبيُّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أسامة بن زيد وهو ابن ثماني عشرة سنة. الطبقات الكبرى ، محمّد بن سعد : 2/249 و 4/66.
    وقد أورد الحلبي خبر هذه السريّة في الجزء الثالث من سيرته ، وحكى حكاية طريفة نوردها بعين لفظه ، قال : إن الخليفة المهدي لمَّا دخل البصرة رأى أياس بن معاوية ، الذي يضرب به المثل في الذكاء ، وهو صبيٌّ ، ووراءه أربعمائة من العلماء وأصحاب الطيالسة ، فقال المهدي : أفٍّ لهذه العثانين ـ أي اللحى ـ أما كان فيهم شيخ يتقدَّمهم غير هذا الحدث ؟! ثمَّ التفت إليه المهدي وقال : كم سنُّك يا فتى ؟ فقال : أطال الله بقاء أميرالمؤمنين ، سنُّ أسامة بن زيد بن حارثة لمَّا ولاَّه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جيشاً فيه أبو بكر وعمر ، فقال : تقدَّم بارك الله فيك. قال الحلبي : وكان سنُّه سبع عشرة سنة.
    النص والاجتهاد ، السيِّد شرف الدين : 31.


(221)
إن الرجل ليهجر (1).
    فأجاب الأستاذ : إن لكلمة يهجر معنى آخر.
    قلت : إن الله تعالى قد نزَّه نبيَّه صلوات الله عليه وآله بقوله تعالى : ( مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ) (2)
    قال : بالنسبة إلى الأحكام (3).
    ثمَّ قلت : قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ائتوني بدواة وبيضاء لأكتب لكم كتاباً لا تضلُّوا بعدي أبداً (4) ، والظاهر من هذا أنه ـ صلوات الله عليه وآله ـ أراد أن يؤكِّد على تعيين الخليفة من بعده ، ولذلك عرف عمر من حديثه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هذا ، وتفوَّه بقوله : إن الرجل ليهجر.
    ثمَّ قلت : إنّي أعتقد أن أبا بكر وعمر كانا قد سلف منهما تدبير اتفاق يرجع إلى انتزاع الخلافة من صاحبها الشرعيِّ ; لعدم تنفيذهما جيش أسامة.
    أجاب الأستاذ : المعلوم أن أسامة وجيشه وكافّة المسلمين كانوا في قلق على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حتى لقد عاد أسامة إلى المدينة تاركاً الجيش بالجرف ، وذلك ليطمئنَّ على الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ومعلوم أيضاً أنه صلوات الله وسلامه عليه وآله خرج يوم وفاته وقد بدا في خير حال ، حتى لقد تفأَّل الناس خيراً ،
1 ـ راجع : صحيح البخاري : 4/66 ، مسند أحمد : 1/222 ، صحيح مسلم : 5/75 ، الطبقات الكبرى ، ابن سعد : 2/242.
2 ـ سورة النجم ، الآية : 2 ـ 5.
3 ـ وهذا رأي علماء السنّة أو أكثرهم.
4 ـ صحيح البخاري : 4/31 و 5/137 ، صحيح مسلم : 5/76 ، مسند أحمد بن حنبل : 1/324 ـ 325 ، السنن الكبرى ، النسائي : 3/433 ح 5852 ، الطبقات الكبرى ، ابن سعد : 2/243 ـ 244.


(222)
وقالوا : أصبح رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بحمد الله بارئاً ، .. وتقدَّم أبو بكر يستأذن في الذهاب إلى زوجته بنت خارجة في السنح ، على مبعدة نحو ثلاثة أو أربعة أميال من المدينة ، ولا يبعد التوفيق بين رحيل أبي بكر للسنح وبين قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أنفذوا بعث أسامة ... إلخ.
    فربّما يكون هذا الرحيل من استعداد أبي بكر للسفر ، وحدثت الوفاة وأبو بكر غائب بتلك العالية.
    قلت : ومن تتبَّع الحوادث التاريخيَّة بعمق ، ونظر إلى تلك الظروف والملابسات ، وكان بعيداً عن الانحياز والتعصُّب لجهة ما ، يقف على نتيجة : من أن اتفاقاً سابقاً ومبيَّتاً كان قد حصل بين أبي بكر وعمر قبل وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حول تولّي الخلافة بعده.
    ثمَّ قال الأستاذ : أنا لا أستبعد حدوث الاتفاق على الخلافة بين أبي بكر وعمر في مرض الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) (1) ، وأن الخلافة من حقِّ الإمام علي ( عليه السلام ) ، وأنَّها بهذا النحو انتزعت منه ، وأنّه أحقُّ بها منهما ومن كافة المسلمين.
    وقال : ألَّفت كتاباً في موضوع السقيفة وسيتمُّ ، وأنا أعرف أحقّيّة الإمام علي ( عليه السلام ) في الخلافة من سلوكه ، ونشأته ، وأيَّام حياته ، ثمَّ قال : إني دعيت إلى العراق لإلقاء محاضرات في كلّيّة الفقه في النجف الأشرف ، وسوف أسافر إلى العراق بعد عيد الفطر إن شاء الله.
    ثمَّ قال : إني مع إيماني العميق بما ورد في فضل الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وما
1 ـ قال السيِّد الرضوي في الهامش : صرَّح الأستاذ بهذا يوم زيارتي له في منزله بالإسكندرية ، وكان معي الأستاذ الشيخ عبد الله الخنيزي مؤلِّف كتاب : أبو طالب مؤمن قريش ، والأستاذ عبد العزيز سلام شاعر جمعية أهل البيت ( عليهم السلام ) بالقاهرة ، وكان ذلك في يوم الجمعة 16 أغسطس عام 1973 م.

(223)
صوَّر جوانب طفولته من أحاديث ، الكتابة عنه تكون مبتورة ما لم أستخلص شخصيَّته من سلوكه وأعماله ، في طفولته وصباه ; لأن الطفل في اعتقادي ـ وكما يقول المثل ـ هو أبو الرجل.
    ثمَّ سألت الأستاذ عن رأيه في الفتوى التي أصدرها الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت ، شيخ الجامع الأزهر ، عند رئاسته للأزهر الشريف ، في جواز التعبُّد بمذهب الشيعة الإمامية ، فقال : لا أرى في المذاهب المعروفة في تعدُّدها سوى أنها الوسيلة لتفسير ما غمض على المسلمين من أحكام الإسلام ، ومن هنا فمن حقِّ مذهب الشيعة الإماميَّة أن يكون في نفس مستوى مذاهب السنّة ، فلا يغفل أمره ، ولا حرج في رأيي على سنّيٍّ يأخذ بما فيه ، هو أولى به من سواه ، إذا علمنا أن منبعه الأصلي هو الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أعلم الناس بدين الإسلام بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
    وفي رحلتي إلى القاهرة عام 1975 م كنت قد صحبت معي كتاب : ثورة الحسين ( عليه السلام ) مع كتاب : دراسات في نهج البلاغة ، أهداهما مؤلِّفهما سماحة العلاّمة الكبير الشيخ محمّد مهدي شمس الدين لسيادة الأستاذ الكبير عبد الفتاح ، حملتهما معي لإيصالهما لسيادته ، حيث إنه رغب في كتابة موضوع عن الإمام الحسين ( عليه السلام ) كما أخبرني في رحلتي إلى القاهرة عام 1974 م (1).

    رأي الأستاذ عبد الفتاح عبد المقصود في وصيَّة النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالخلافة
    قال السيِّد مرتضى الرضوي حفظه الله تعالى : وفي ليلة الجمعة 19 من ذي
1 ـ مع رجال الفكر في القاهرة ، السيِّد مرتضى الرضوي : 1/94 ـ 117.

(224)
القعدة الحرام ، المصادف 12 نوفمبر 1976 م أقمت للأستاذ ـ يعني الأستاذ عبد الفتاح ـ لمَّا جاء لزيارة إيران حفلة في منزلي بطهران ، دعوت إليها عدداً كبيراً من العلماء والشخصيّات الأدبيّة البارزة ورجال الفكر ، وجرى الحديث حول الوصيَّة ، وهل أن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أوصى أم لا ؟
    فقال الأستاذ : إن هناك وصيَّة من حيث المبدأ ، سواء ظهرت في إيماءاته ، أو سماته التي أعطاها للبعض ، ولذلك استند الخلفاء إلى هذا المبدأ ، حيث استند ـ على حدِّ تعبير الأستاذ ـ الخليفة الأول في أمر الخلافة إلى الاجتماع بالصلاة ، وعلى هذا بايعه الخليفة الثاني.
    ويرى الأستاذ أن التعيينات في أمر الخلافة استندت إلى الاستفادة من ذلك ، ومن أبرز هذه الشواهد قول عثمان حينما خيَّروه بين العزل أو القتل ، قال : لن أخلع ثوباً ألبسنيه الله.
    وأراد الأستاذ أن يستند في رأيه هذا إلى الاستنتاج العقلي ليتخلَّص من النصوص التي يتعصَّب لها الطرفان.
    ومن رأي الأستاذ : أن المغيرة بن شعبة كان المسبِّب الأصلي لقتل الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، فبعد أن ذكر مواقفه النفاقيَّة قال : مرَّ المغيرة على باب بيت علي ( عليه السلام ) ، وذلك بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فرأى أبا بكر وعمر جالسين على الباب ، فقال لهما : أتنتظران حبل الحبلة (1) ليخرج فتبايعانه ؟! قوما واجعلا من أنفسكما خليفة (2).
1 ـ جاء في هامش شرح النهج : الحبلة في الأصل : الكرم ، قيل : معناه حمل الكرمة قبل أن تبلغ ، ولعلّه كناية عن صغر سنّ علي ( عليه السلام ).
2 ـ قال الجوهري : سمعت أبا زيد عمر بن شبة يحدِّث رجلا بحديث لم أحفظ إسناده ، قال : مرَّ المغيرة بن شعبة بأبي بكر وعمر وهما جالسان على باب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حين قبض ، فقال : وما يقعدكما ؟ قالا : ننتظر هذا الرجل يخرج فنبايعه ، يعنيان عليّاً ، فقال : أتريدون أن تنظروا حبل الحبلة من أهل هذا البيت ، وسِّعوها في قريش تتسع قال : فقاما إلى سقيفة بني ساعدة ، أو كلاماً هذا معناه.
    السقيفة وفدك ، الجوهري : 69 ـ 70 ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : 6/43.


(225)
    وأضاف الأستاذ أن هذا الموقف من المغيرة هو الذي جرَّ الويلات على أهل بيت الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى آل الأمر إلى قتل الإمام الحسين ( عليه السلام ).
    وسئل الأستاذ : هل أن المغيرة كان يعدُّ من الصحابة العدول.
    أجاب : إن الصحابي ـ في رأيي ـ هو الذي يحفظ الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في ذرِّيَّته وشريعته (1).

    كلام الأستاذ عبد الفتاح في عدم معرفة أكثر الناس بحقيقة الشيعة والتشيُّع
    وجاء في كلمة الأستاذ عبد الفتاح عبد المقصود ( رحمه الله ) القيِّمة ، والتي ألقاها في الحفل الكبير الذي أعدَّه له صاحب السماحة فضيلة العلاّمة الكبير الشيخ سلمان الخاقاني ( رحمه الله ) ، في مدينة خرَّمشهر ـ إيران ، قال : الأخ تفضَّل فقال الكثير عن وجود الكتب الشيعيّة أو السنّيّة ـ أقصد في مكتبات الشيعة ـ وعدم وجود الكتب الشيعيّة في مكتبات السنّة. هذا حقٌّ إلى حدٍّ كبير ، لكن ليس المعوَّل على وجود الكتب في المكتبات ، المعوَّل على من هؤلاء الذين يقرأون هذه الكتب ، فلتمتلأ المكتبة السنّيّة بكتب شيعيّة ، من تظنُّون سيقرأون مثل هذه الكتب العميقة الجادّة ، التي تحتوي الكثير من البحوث والمناقشات ، إلاَّ أن يكون القارئ عالماً من العلماء ، باحثاً من البحَّاث ، يريد أن يصل إلى شيء ليقارن بينه وبين
1 ـ مع رجال الفكر في القاهرة ، السيِّد مرتضى الرضوي : 2/160 ـ 161.
مناظرات في الامامة الجزء الرابع ::: فهرس