مناظرات في الامامة الجزء الرابع ::: 286 ـ 300
(286)
استجاب ، وليس مجرَّد السماع ، ويكفي استعمالها عند العرب بقولهم : هل يسمع فلان منك أم لا ؟ وهو ليس سؤالا عن حالة أذنيه وطرشه !!
    وفي سنن النسائي : 8/263 : عن أبي هريرة يقول : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : اللهم إني أعوذ بك من الأربع : من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعاء لا يسمع. انتهى.
    وفي هذا كفاية ، فأجب على ما ذكرته في موضوعنا.
    صارم : أشكرك على إحالتك وبيانك ، وسؤالي ـ وأرجو ألا تتذمَّر : لم تلجأون إلى الواسطة بينكم وبين الله ؟ ألم يخلقنا ؟ ألم يرزقنا ؟ أليس سبحانه هو المتكفِّل بنا ؟ ألم يقل لنا : ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (1) بلا واسطة ؟ ألا تعلم أن العبد أقرب ما يكون من ربِّه وهو ساجد ؟ ألا تعلم أن كل وازرة لا تزر وزر أخرى ؟ ألا تعلم أن الإنسان مهما بلغ من الكمال فهو عبد ضعيف مربوب لله تعالى ، لا يملك لنفسه ضرّاً ولا نفعاً ؟ فأيُّ فرق بيننا وبين الأموات ؟ وقد ذكرت لك أن عمر استشفع بعمِّ النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولم يلجأ إلى قبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ! فلم لم يفعل ذلك ؟ أتراه غفل عما تدعون إليه ؟! نعم للإنسان أن يطلب من آخر حيٍّ أن يدعو له ، أمَّا من الميِّت فإن الميِّت لا حول له ولا قوَّة !! ولو كان بيده شيء لدفع الموت عن نفسه ، وسؤالي مرَّة أخرى : لم تجعلون الميِّت واسطة ؟
    العاملي : حسب فهمنا المحدود ، وإدراك عقولنا القاصرة ، الأمر كما تقول ، فالإنسان يعبد الله تعالى مباشرة ، فينبغي أن يطلب منه مباشرة ، والله تعالى سميع بصير عليم ، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد ، فلا يحتاج إلى واسطة من شخص
1 ـ سورة غافر ، الآية : 60.

(287)
حيٍّ ولا ميِّت ، ولا أيِّ مخلوق .. هذا حسب إدراك عقولنا ، ولكنَّه سبحانه بنى هذا الكون ، وخلق الإنسان ، وأقام حياته في الأرض على أساس الأسباب والمسبَّبات في أمور الطبيعة ، وأخبرنا أن عبادته والطلب منه لها أصول وأسباب ، وأن علينا أن نتعامل معه حسب هذه الأصول.
    مثلا : لماذا يجب الإيمان بالرسول ؟ فإذا أردنا أن ننفي الواسطة نقول : إن المطلوب هو الإيمان بالله وحده ، والرسول مبلِّغ ، وقد بلَّغ ذلك وانتهى الأمر ، فلماذا نجعل الإيمان به مقروناً بالإيمان بالله تعالى ؟! لماذا قال الله تعالى : ( أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ ) (1) ، ولم يقل : أطيعوني فقط كما بلَّغكم الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟!! وهذا المثل قد يكون صعباً.
    مثال آخر : الكعبة .. لماذا أمر الله تعالى ببناء غرفة ، وقال توجَّهوا إليها ، وحجُّوا إليها ، وتمسَّحوا بها ؟ هل يفرق عليه في عبادتنا له أن نصلّي له إلى هذه الجهة أو تلك ؟ أو تحجّ تلك المنطقة أو لا تحجّ ؟ فلماذا جعلها واسطة بيننا وبينه ؟! بل .. إن الصلاة أيضاً نوع من التوسُّل ، وقد يسأل إنسان : هل تحتاج عبادة الله إلى صلاة له ؟ بل إن الدعاء أيضاً توسُّل ، فالله تعالى مطّلع على الضمائر والحاجات ، فلماذا يطلب أن نقول له ؟ بل يمكن لهذا التفكير العقلي أن يوصل الإنسان إلى القول : لماذا خلق الله الإنسان بحيث تكون له حاجات ، وقال له ادعني حتى أستجيب لك ؟
    إنّا جميعاً ـ يا صارم ـ أفكار العقل القاصر أمام حكمة الله تعالى ، وحكمته تعرف بالشرع والعقل معاً ، وليس بظنون العقل واحتمالاته !! وما دام مبدأ التوسُّل
1 ـ سورة النساء ، الآية : 59.

(288)
ثبت في الشرع ، فإن العقل لا يعترض عليه ، بل هو ( العقنقل ) كما عبَّر عنه بعضهم ، والتوسُّل بالنبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثابت في حياته وبعد موته بدون فرق ; لأنه حيٌّ عند ربِّه ، وحياته أقوى من حياة أحدنا ، وقد قلت لك إن التوسُّل لا يحتاج إلى مخاطبة ، فهو سؤال لله تعالى بمقام النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجهاده في سبيله وشفاعته عنده ، وأخبرتك أن ابن تيمية أجاز التوسُّل بالأموات ، ولعلّه حصره بالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
    صارم : أولا : أوافقك القول على أن العقل قاصر ، وهذا لا مرية فيه ، أمَّا تمثيلك بالكعبة فقياس مع الفارق ; لوجود الدليل الذي أمرنا الله من خلاله أن نتوجَّه إلى الكعبة ; إذ الكعبة ليست واسطة ، ولك أن تتصوَّر أن شخصاً يتحدَّث معك وقد التفت عنك وأعطاك ظهره ! هل تقبل عليه وتتحدَّث معه ؟
    وكذلك وضعت الكعبة ليتَّجه إليها المسلمون جميعاً في صلاتهم ، لا أنها واسطة ... إلى غير ذلك من الحكم.
    ثانياً : قلت : إن ابن تيميّة أجاز التوسُّل بالأموات ، ولعلَّه حصره بالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، كلامك متناقض ، كيف تقول : أجاز ، ثمَّ ترجع وتقول : لعلّه ؟! هذا لا يستقيم ، فإمَّا أنه أجاز التوسُّل بالأموات ، وهذا محال ، أو أنه أجاز التوسُّل بالنبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ فهل لك أن تدلَّني على كلام شيخ الإسلام في التوسُّل بالنبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، مع ذكر المرجع ؟
    ثالثاً : أريد الدليل من القرآن ـ ومن القرآن ـ على قولك ، راجياً الاختصار ما أمكن ، وشكراً لك.
    العاملي : قال ابن تيمية في رسالة لشيخ الإسلام من سجنه ص 16 : وكذلك مما يشرع التوسُّل به في الدعاء ، كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصحَّحه (1) : أن النبيَّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علَّم شخصاً أن يقول : اللهم إني أسألك وأتوسَّل إليك
1 ـ سنن الترمذي : 5/229 ح 3649.

(289)
بنبيِّك محمَّد نبيِّ الرحمة ، يا محمَّد ! يا رسول الله ! إني أتوسَّل بك إلى ربّي في حاجتي ليقضيها ، اللهم فشفِّعه فيَّ ، فهذا التوسّل به حسن ، وأمَّا دعاؤه والاستغاثة به فحرام ! والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين.
    المتوسِّل إنما يدعو الله ويخاطبه ويطلب منه ، لا يدعو غيره إلاَّ على سبيل استحضاره ، لا على سبيل الطلب منه ، وأمَّا الداعي والمستغيث فهو الذي يسأل المدعوَّ ويطلب منه ، ويستغيثه ويتوكَّل عليه. انتهى.
    فقد أفتى ابن تيميَّة بجواز العمل بحديث الضرير ، وفيه خطاب للنبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو ميِّت ! ولاحظ ـ يا صارم ـ أن الميزان عند ابن تيميّة أن تطلب من الله أو من المتوسَّل به ، وهذا هو كلام علماء المسلمين كلّهم ، وتفريقه بين المتوسِّل والداعي والمستغيث غير صحيح ; لأنه لا يوجد مسلم يدعو النبيَّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويطلب منه من دون الله ، أو يستغيث به من دون الله !!
    وأزيدك حديثاً آخر صحَّحه الطبراني ، يفسِّر حديث الضرير ، قال في المعجم الكبير : ج9 ص 31 : عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، عن عمِّه عثمان بن حنيف : أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له ، فكان عثمان لا يلتفت إليه ، ولا ينظر في حاجته ، فلقي عثمان بن حنيف فشكا إليه ذلك ، فقال له عثمان بن حنيف : ائت الميضأة فتوضَّأ ، ثمَّ ائت المسجد فصلِّ فيه ركعتين ، ثمَّ قل : اللهم إني أسألك وأتوجَّه إليك بنبيِّك محمَّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نبيِّ الرحمة ، يا محمّد ! إني أتوجَّه بك إلى ربّي فتقضي لي حاجتي ، وتذكر حاجتك ، ورح إليَّ حتى أروح معك.
    فانطلق الرجل فصنع ما قال له ، ثمَّ أتى باب عثمان بن عفان ، فجاء البواب حتى أخذ بيده ، فأدخله على عثمان بن عفان ، فأجلسه معه على الطنفسة ، وقال


(290)
له : ما حاجتك ؟ فذكر حاجته ، فقضاها له ، ثمَّ قال : ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة ، وقال : ما كانت لك من حاجة فائتنا ، ثمَّ إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له : جزاك الله خيراً ، ما كان ينظر في حاجتي ، ولا يلتفت إليَّ حتى كلَّمته فيَّ !
    فقال عثمان بن حنيف : والله ما كلَّمته ، ولكن شهدت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأتاه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره ، فقال له النبيُّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أو تصبر ؟ فقال : يا رسول الله ! إنه ليس لي قائد ، وقد شقَّ علي ، فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ائت الميضأة فتوضَّأ ، ثمَّ صلِّ ركعتين ، ثمَّ ادع بهذه الدعوات.
    قال عثمان بن حنيف : فوالله ما تفرَّقنا ، وطال بنا الحديث ، حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضرّ قط !
    صارم : إليك الجواب عمَّا أثرته ـ وأعتذر عن الإطالة ـ :
    أوّلا : لم تحلني على مرجع ، وقولك : قال ابن تيمية في رسالة لشيخ الإسلام من سجنه ص 16 ، أتعدّ هذا إحالة ؟! ما رأيك لو قلت لك : قال صاحب الكافي في رسالة له ، أتقبل ذلك مني ؟!
    ثانياً : إمَّا أنك لا تجيد النقل وتأخذ ما يوافق هواك ، وأعيذك بالله أن تكون كذلك ، وإمَّا أنك أسأت فهم كلام ابن تيمية ، أو نقلت شبهة كان يريد الردَّ عليها ; لأن أقواله في هذه المسألة ـ التوسُّل بالنبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ مشهورة مبثوثة في ثنايا كتبه.
    ثالثاً : قلت ـ يا عاملي ـ : فقد أفتى ابن تيمية بجواز العمل بحديث الضرير ، وفيه خطاب للنبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو ميِّت ! ولا أدري من أين استنبطت قولك : وهو ميِّت ؟!
    رابعاً : قلت : لا يوجد مسلم يدعو النبيَّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويطلب منه من دون الله ، أو


(291)
يستغيث به من دون الله !! فبالله عليك ، لم يشدُّ الناس رحالهم إلى القبور ؟ إن قلت : من أجل الدعاء عندها دون أن يكون للميِّت تأثير ، قلنا لك : فلا فائدة من شدِّ الرحال ، والإجابة حاصلة في مكانك الذي أنت فيه ، دون أن تشدَّ الرحل ، وإن قلت : إن للميِّت تأثيراً ، أو من أجل حصول البركة ، قلنا : كيف يؤثِّر وهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرّاً ؟ ومن هنا جاء النهي عن شدِّ الرحال للقبور ، منعاً لجناب التوحيد من شوائب الشرك.
    ولو تنزَّلنا معك ، ووافقناك في قولك : أنا لا أستغيث بها ، قلنا لك : لكن عوام الناس ممَّن لا فقه عنده سيظنُّ أن للميِّت تأثيراً ، وإلاّ لما شدَّت إليه الرحال ، فيلجأ في دعائه إلى الميِّت ، وهذا ما يحصل عند غالب القبوريّين ، فلمَّا كانت هنالك مفسدة مترتِّبة على ذلك وقع النهي.
    خامساً : أمَّا حديث الطبراني فيحتاج إلى مراجعة ، فلم يستعفني الوقت للوقوف عليه وعلى صحّته آمل أن تتأمَّل جوابي جيّداً ليتضح لك الحقّ بإذن الله.
    العاملي : أرجو أن تصحِّح ما هو المركوز في ذهنك من أن الزيارة تلازم التوسُّل والاستغاثة ، وأن شدَّ الرحال يكون للاستغاثة ، فلا تلازم بينها أبداً ، وإذا أكملنا البحث في التوسُّل آتي لك بنصوص الزيارة بلا توسُّل ، وهذا اليوم قرأت لإمامك ابن تيمية مجدَّداً كل مقولاته حول التوسُّل ، وعن حديث عثمان بن حنيف عن الضرير ، وعن حديث عثمان بن حنيف الآخر الذي صحَّحه الطبراني .. فقد تعرَّض لذلك في كتبه وكتيِّباته التالية : العبادات عند القبور ، وزيارة القبور ، والتوسُّل والوسيلة ، واقتضاء الصراط المستقيم ، ورسالة من سجنه ، وخلاصة رأيه أنه يفسِّر حديث الأعمى بأنَّه توسُّل بدعاء الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا بذاته ، ويحصره في حياته لا بعد مماته.


(292)
    قال في التوسُّل والوسيلة ص 265 : وفي الجملة فقد نقل عن بعض السلف والعلماء السؤال به ، بخلاف دعاء الموتى والغائبين من الأنبياء والملائكة والصالحين ، والاستغاثة بهم ، والشكوى إليهم ، فهذا مما لم يفعله أحد من السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، ولا رخَّص فيه أحد من أئمّة المسلمين. وحديث الأعمى الذي رواه الترمذي هو من القسم الثاني من التوسُّل بدعائه.
    وقال في ص 268 : وفيه قصة قد يحتجّ بها من توسَّل به بعد موته إن كانت صحيحة ، رواه من حديث إسماعيل ابن شبيب بن سعيد الحبطي ، عن شبيب بن سعيد ، عن روح بن القاسم ، عن أبي جعفر المديني ، عن أبي أمامة سهل بن حنيف : أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له ، وكان عثمان لا يلتفت إليه ، ولا ينظر في حاجته ، فلقي الرجل عثمان بن حنيف فشكا إليه ذلك ، فقال له عثمان ابن حنيف : ائت الميضأة فتوضَّأ ، ثمَّ ائت المسجد فصلِّ ركعتين ، ثمَّ قل : اللهم إني أسألك وأتوجَّه إليك بنبيِّنا محمَّد نبيِّ الرحمة ، يا محمّد ! إني أتوجَّه بك إلى ربي ... إلخ.
    قال البيهقي : ورواه أحمد بن شبيب بن سعيد عن أبيه بطوله ، وساقه من رواية يعقوب بن سفيان عن أحمد بن شبيب بن سعيد ، قال : ورواه أيضاً هشام الدستوائي عن أبي جعفر ... إلخ (1). انتهى.
    ثمَّ ناقش ابن تيمية في سند الحديث ، ولم يفتِ بالتوسُّل بالنبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد وفاته .. إلخ.
    وقال ـ يعني ابن تيمية ـ في ص 276 : وأمَّا حقوق رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ بأبي
1 ـ راجع : المعجم الكبير ، الطبراني : 9/31 ، مجمع الزوائد ، الهيثمي : 2/279.

(293)
هو وأمي ـ مثل تقديم محبّته على النفس والأهل والمال ، وتعزيره وتوقيره وإجلاله ، وطاعته واتّباع سنته ، وغير ذلك ، فعظيمة جداً ، وكذلك مما يشرع التوسُّل به في الدعاء ، كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصحَّحه : أن النبيَّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علَّم شخصاً أن يقول : اللهم إني أسألك وأتوسَّل إليك بنبيِّك محمَّد نبيِّ الرحمة ، يا محمّد ! يا رسول الله ! إني أتوسّل بك إلى ربّي في حاجتي ليقضيها ، اللهم فشفِّعه فيَّ. فهذا التوسُّل به حسن.
    وأمَّا دعاؤه والاستغاثة به فحرام ، والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين المتوسِّل إنّما يدعو الله ويخاطبه ويطلب منه ، لا يدعو غيره إلاَّ على سبيل استحضاره ، لا على سبيل الطلب منه ، وأمَّا الداعي والمستغيث فهو الذي يسأل المدعوَّ ويطلب منه ، ويستغيثه ويتوكَّل عليه ، والله هو ربُّ العالمين. انتهى.
    وأنت تلاحظ أنه عبَّر هنا بالتوسُّل به ، وليس بدعائه ، كما أنه لم يخصِّصه بحال حياته ، بل ذكر ذلك من حقوقه والاعتقاد به فعلا !!
    العاملي : لقد تشعَّب الموضوع بمداخلات الآخرين ... وقد سألتك عن شدِّ الرحال لأثبت لك تناقض فتاوى ابن تيمية فيها ، وسأترك مطالبتك بالجواب فعلا ، وأجيبك عن التوسُّل والاستشفاع ، ومعناهما عندنا وعندكم واحد ، فالتوسُّل الجائز عند إمامكم هو التوسُّل بدعاء النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في حياته فقط ، ومعناه أنه الآن لا يجوز حتى بدعائه ، كما لا تجوز مخاطبته ; لأنه ميِّت.
    أمَّا عندنا فالتوسُّل جائز ومستحب بالنبيِّ وآله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، بذاته الشريفة ، وكل صفاته الربَّانية ، ومقامه المحمود ، وكذا مخاطبته والطلب منه أن يدعو ربَّه ، أو يشفع إلى ربِّه في الحاجة أو الجنّة ... كل ذلك جائز ، وبعضه مستحب ، ولا فرق عندنا في ذلك بين حياته وبعد وفاته ; لأنه حيٌّ عند ربِّه ، يسمع كلامنا بإذن ربِّه ،


(294)
إلاَّ أن يحجب الله كلام من لا يحبُّه عنه.
    وهذا التوسُّل ليس فيه أيُّ شائبة شرك ; لأنَّا نعتقد أنه عبد الله ورسوله ، ليس له من الأمر شيء إلاَّ ما أعطاه الله ، ولا يملك شياً من دون الله ، بل كل ما يملكه فهو من الله تعالى ، وطلبنا منه وتوسُّلنا به ليس دعاء له من دون الله ، بل هو دعاء الله وطلب من الله وحده ، والطلب من الرسول أن يكون واسطة وشفيعاً إلى ربِّه.
    ودليلنا على ذلك : الآيات والأحاديث الصحيحة التي أجازته وحثَّت عليه .. وقد أشرت لك إلى أننا لم نخترع ذلك من عندنا ، ولا عندنا هواية لأن نضمَّ إلى الطلب من الله مباشرة الطلب منه تعالى بواسطة ، ولا الأمر إلينا حتى نختار هذا الأسلوب في دعائنا وعبادتنا أو ذاك ... بل الأمر كلُّه له عزَّ وجلَّ ، وقد قال لنا : ( اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ) (1) ، وقال : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) (2) ، وقال : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ) (3) ، وقال عن أبناء يعقوب : ( يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ) (4) ، كما روينا ورويتم الأحاديث الصحيحة الدالّة في رأي علماء المذاهب ومذهبنا.
    فهل إشكالكم علينا لأنا نطيع ربَّنا ، ونتّبع الواسطة والوسيلة التي أمرنا بها ، ولا نتفلسف عليه ونقول له : نريد أن ندعوك مباشرة ، فلا تجعل بيننا وبينك واسطة ؟! لقد أمر عزَّ وجلَّ رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يكون موحِّداً بلا شروط ، ويطيعه
1 ـ سورة المائدة ، الآية : 35.
2 ـ سورة الإسراء ، الآية : 57.
3 ـ سورة النساء ، الآية : 64.
4 ـ سورة يوسف ، الآية : 97.


(295)
مهما أمره حتى لو قال له : لقد اتَّخدت ولداً لي فاعبده !!
    ( قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) (1).
    ولكنه سبحانه أخبرنا أنه لم يتّخذ صاحبة ولا ولداً ، لكن أخبرنا أنه جعل رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وآله شفعاء إليه ، وأمرنا أن نتوسَّل بهم ونستشفع بهم في الدنيا والآخرة.
    أمَّا نسبتي إلى ابن تيمية تجويز التوسُّل في سجنه ، فلم تكن افتراء والعياذ بالله ، بل اعتمدت على عبارته المتقدِّمة في سجنه ، وكذلك اعتمد عليها السبكي في كتابه ( شفاء السقام في زيارة خير الأنام ) ، وأبو حامد المرزوق في كتابه ( التوسل بالرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجهلة الوهابية ) .. وغيرهما كثير ، وذكر عنه ابن كثير أصرح منهما ، ولا أقول إن هؤلاء العلماء قد افتروا عليه ، فهم من أهل البحث والدقّة .. ولكنّهم اعتمدوا على تلك العبارات المجملة التي كتبها ! ونحن الشيعة حسَّاسون من كل ما يكتب بالإكراه أو شبه الإكراه ، ولا نقول بصحّة نسبة الرأي الصادر من صاحبه في ظروف الإكراه وشبهه .. ونفتي ببطلان البيع المكره عليه ، وكذا البيعة.
    لذلك بعد قراءتي الشاملة لما كتبه في الموضوع قلت : إن ابن تيمية لم يجوِّز التوسُّل ، رغم عبارته المذكورة. ولكني لا أوافقه على رأيه ; لأن دليل علماء المذاهب أقوى من دليله .. ثمَّ دليلنا في اعتقادي أقوى من أدلّة علماء المذاهب .. وشكراً.
    صارم : سؤالي : لماذا تشدُّ الرحال إلى القبور ؟ فأجبت للاستشفاع ! لماذا
1 ـ سورة الزخرف ، الآية : 81.

(296)
تستشفع بهم ؟ فأجبت لأن لي ذنوباً !! ما الذي يعمله الميِّت لك أرجو أن تجيب بصراحة عن هذا السؤال وبلا إطالة.
    العاملي : كان سؤالك : لماذا تشدُّ الرحال إلى القبور ؟ وجوابه : أننا نشدُّ الرحال لزيارة من ثبت عندنا استحباب زيارته كالنبيِّ وأهل بيته صلَّى الله عليه وعليهم .. فالغرض لنا ولكل المسلمين من شدِّ الرحال والسفر هو الزيارة ، وقد لا يعرف بعضهم الاستشفاع أبداً ، بل يقول : أنا ذاهب لزيارة النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقد يستشفع بهم الزائر وقد لا يستشفع ، بل يسلِّم عليه ويصلّي عنده ويدعو الله تعالى بدون استشفاع.
    وسألتني : لماذا تستشفع بهم ؟ فضربت لك مثلا في طلب شفاعتهم بالمغفرة ، وأضيف هنا : أن النبيَّ صلوات الله عليه وآله له مقام عظيم ، أكرمه به ربُّه في الدنيا والآخرة ، ومن إكرامه له أن المسلم إذا طلب من ربِّه حاجة مستشفعاً به ، وكانت مستجمعة للشروط الأخرى قضاها له.
    فالتوسّل والاستشفاع طلب من الله تعالى وحده بجاه نبيِّه ، وليس طلباً من النبيِّ الذي هو مخلوق مثلنا ، ليس له من الأمر شيء إلاَّ ما أعطاه الله.
    وسألت : ما الذي يعمله الميِّت لك ؟ وجوابه أن النافع الضارَّ هو الله تعالى وحده لا شريك له ، والميِّت والحيُّ وكل المخلوقات لا تملك لي ولا لأنفسها نفعاً ولا ضرّاً ، إلاَّ ما ملَّكها الله تعالى .. ومن اعتقد بأن أحداً له بنفسه ذرّة من ذلك فهو مشرك بالله تعالى.
    ولكن الله تعالى هو الذي جعل هذا المقام لنبيِّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأمرنا بأن نبتغي إليه الوسيلة بالعمل ، وبتشفيع رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في حاجاتنا في الدنيا والآخرة.
    ومع الأسف إن بعضكم ما زال يتصوَّر أن شدَّ الرحال إنما تكون بنيَّة


(297)
الاستشفاع والتوسُّل ، وأن الاستشفاع والتوسُّل طلب من النبيِّ ودعاء له بدل الله تعالى !! ونعوذ بالله من ذلك ، ونعوذ به ممن يتّهم المسلمين بذلك بدون دليل !!
    صارم : معذرة لتأخُّري ، وأعود مرّة أخرى لموضوعنا وأقول : هل لك أن تفرِّق بين فعل الشيعة وبين فعل المشركين في جاهليّتهم عند قبورهم ؟
    فالمشركون يقرُّون بالربوبيَّة ، وإنما كفروا بتعلُّقهم بالملائكة والأنبياء لأنهم يقولون : ( هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ ) (1) ، أرجو أن تفرِّق لي باختصار ، تحيَّاتي لك.
    العاملي : الكفَّار والمشركون اتّخذوا آلهة وأولياء من دون الله تعالى ، والضالّون اتّخذوا إليه وسيلة من دونه ، لم يأمر بها ولم ينزِّل بها سلطاناً ، أمَّا نحن فنوحِّده ونطيعه ، ونبتغي إليه الوسيلة التي أمرنا بها وهي محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم ، والذين ينتقدوننا لم يفرِّقوا في موضوع التوسُّل والشفاعة بين ما هو من الله تعالى وما هو من دونه !! وفي الفرق بينهما يكمن الكفر والإيمان والهدى والضلال.
    انتهت المناقشة ، ولم يجب بعد ذلك المدعوُّ صارم (2).

    الردّ الصارم على مزاعم صارم
    قال صارم في ردّه على العاملي حفظه الله تعالى في حرمة الاستشفاع : ولو كان الاستشفاع فيما ذكرته صحيحاً للجأ الناس إلى النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو في قبره ، وهذا ما لم يحصل إطلاقاً ، وأعود وأسأل مرَّة أخرى : ما الذي يستطيع عمله
1 ـ سورة يونس ، الآية : 18.
2 ـ العقائد الإسلامية ، مركز المصطفى : 4/481 ـ 505.


(298)
الميِّت حينما تستشفع به ؟
    أقول : هذه الدعوى من المدعو صارم غير صحيحة ، وقد ثبت من الأحاديث والروايات أن جملة من الصحابة وغيرهم كانوا يفدون على قبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ويستشفعون به إلى الله تعالى ، ويتبرَّكون بترابه الطاهر ، فقد كان بعض الصحابة يأتي قبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ويضع وجهه على القبر الشريف ، وهو نوع من الاستشفاع والتبرك بصاحب القبر ، وإلاَّ لما كان لهذا الفعل وجهٌ. وبعضهم يحثو على رأسه من تراب القبر ، وقد كانت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) تزوره ، وتبكي عنده ، وتشمُّ ترابه الطاهر ، وقد كان بعض التابعين يدعو الله وهو مستقبل لقبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وإليك جملة من هذه النصوص وبعض أقوال علمائهم في ذلك :
    1 ـ روى ابن السمعاني في الذيل ، بالإسناد عن أبي صادق ، عن علي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : قدم علينا أعرابي بعد ما دفنّا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بثلاثة أيام ، فرمى بنفسه على قبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وحثا من ترابه على رأسه ، وقال : يا رسول الله ! قلت فسمعنا قولك ، ووعيت عن الله فوعينا عنك ، وكان فيما أنزل الله عليك : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رحِيماً ) (1) ، وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي ، فنودي من القبر : إنه قد غفر لك (2).
1 ـ سورة النساء ، الآية : 64.
2 ـ كنز العمال ، المتقي الهندي : 2/385 ـ 386 ح 4322 و 4/258 ـ 259 ح 10422 ، قال الشيخ الأميني عليه الرحمة عن هذا الحديث في كتابه القيِّم الغدير : 5/148 : أخرجه :
    1 ـ الحافظ أبو سعيد عبدالكريم السمعاني المتوفَّى 573.
    2 ـ الحافظ أبو عبدالله بن نعمان المالكي المتوفَّى 683 في مصباح الظلام.
    3 ـ أبو الحسن علي بن إبراهيم بن عبدالله الكرخي.
    4 ـ الشيخ شعيب الحريفيش المتوفّى 801 في « الروض الفائق » 2 ص 5137.
    5 ـ السيِّد نور الدين السمهودي المتوفَّى 911 في « وفاء الوفاء » 2 ص 412.


(299)
    2 ـ روى الحاكم بالإسناد عن داود بن أبي صالح ، قال : أقبل مروان يوماً فوجد رجلا واضعاً وجهه على القبر ، فأخذ برقبته وقال : أتدري ما تصنع ؟ قال : نعم ، فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب الأنصاري ( رضي الله عنه ) ، فقال : جئت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولم آت الحجر ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ، ولكن أبكوا عليه إذا وليه غير أهله. قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (1).
    3 ـ أخرج القاضي عياض بإسناده عن ابن حميد ، قال : ناظر أبو جعفر أميرالمؤمنين مالكاً في مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقال له مالك : يا أميرالمؤمنين ! لا ترفع صوتك في هذا المسجد ، فإن المسجد ، فإن الله تعالى أدَّب قوماً فقال : ( لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ) الآية (2) ، ومدح قوماً فقال : ( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ ) الآية (3) ، وذمَّ قوماً فقال : ( إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ) الآية (4) ، وإن حرمته ميِّتاً كحرمته حيّاً.
    فاستكان لها أبو جعفر وقال : يا أبا عبدالله ! أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ فقال : ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك
1 ـ المستدرك ، الحاكم النيسابوري : 4/515 ، مسند أحمد بن حنبل : 5/422 ، تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : 57/249 ، مجمع الزوائد ، الهيثمي : 5/245 ، كنز العمال ، المتقي الهندي : 6/88 ح 14967.
2 ـ سورة الحجرات ، الآية : 2.
3 ـ سورة الحجرات ، الآية : 3.
4 ـ سورة الحجرات ، الآية : 4.


(300)
آدم ( عليه السلام ) إلى الله تعالى يوم القيامة ؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله تعالى ، قال الله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ ) الآية (1).
    4 ـ قال العزّ بن جماعة الحموي الشافعي ( المتوفَّى 819 ) في كتاب العلل والسؤالات لعبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه ، رواية أبي علي بن الصوف عنه ، قال عبدالله : سألت أبي عن الرجل يمسُّ منبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ويتبَّرك بمسِّه ، ويقبِّله ، ويفعل بالقبر مثل ذلك رجاء ثواب الله تعالى ، قال : لا بأس به (2).
    قال الشيخ الأميني عليه الرحمة : قال الإمام القدوة ابن الحاج محمّد بن محمّد العبدري القيرواني المالكي ( المتوفَّى 737 ) في المدخل في فضل زيارة القبور ج1 ص 257 : وأمَّا عظيم جناب الأنبياء والرسل ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ فيأتي إليهم الزائر ، ويتعيَّن عليه قصدهم من الأماكن البعيدة ، فإذا جاء إليهم فليتّصف بالذلّ والانكسار والمسكنة والفقر والفاقة والحاجة والاضطرار والخضوع ، ويحضر قلبه وخاطره إليهم ، وإلى مشاهدتهم بعين قلبه لا بعين بصره.
    إلى أن قال : فالتوسُّل به ـ عليه وآله الصلاة والسلام ـ هو محلُّ حطِّ أحمال الأوزار ، وأثقال الذنوب والخطايا ; لأن بركة شفاعته ـ عليه وآله الصلاة والسلام ـ وعظمها عند ربِّه لا يتعاظمها ذنب ; إذ أنها أعظم من الجميع ، فليستبشر من زاره ، وليلجأ إلى الله تعالى بشفاعة نبيِّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من لم يزره ، اللهم لا تحرمنا من شفاعته بحرمته عندك ، آمين ربَّ العالمين ، ومن اعتقد خلاف هذا فهو المحروم ،
1 ـ الشفا بتعريف حقوق المصطفى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، القاضي عياض : 2/41 ، الغدير ، الأميني : 5/135.
2 ـ الغدير ، الأميني : 5/150 ، عن كتاب وفاء الوفاء ، السمهودي : 2/443.
مناظرات في الامامة الجزء الرابع ::: فهرس