رياض المسائل ـ الجزء الثاني ::: 151 ـ 165
(151)
يسأل عن ذكاته إذا كان البائع مسلماً غير عارف ؟ قال : « عليكم أن تسألوا إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك ، وإذا رأيتم المسلمين يصلّون فيه فلا تسألوا عنه » (1).
    وبالجملة : التدبر في النصوص يقتضي المصير إلى نجاسة الجلد مع الجهل بذكاته ، إلّا مع وجوده في يدِ مسلم أو سوقه مَن يدِ من لا يظهر كفره.
    خلافاً لمن شذّ كما مرّ. ولآخر فأفرط وحكم بنجاسته ولو اُخذ من يد المسلم إن كان ممن يستحل الميتة بالدبغ وإن أخبر بالتذكية (2). وإطلاق الصحاح السابقة يدفعه.
    ولتحقيق المسألة مزيد يأتي في بحث الصلاة إن شاء اللّه تعالى.
     ( ويكره ) استعمال الجلد فيما عدا الصلاة إذا كان ( مما لا يؤكل لحمه ) مما يقع عليه الذكاة ، كالسباع والمسوخ ـ عند من لم ينجسها ـ ونحوهما ، على الأظهر ( الأشهر ) (3) بل حكي على الأول الإجماع عن جماعة (4) ( حتى يدبغ ).
    ولا يحرم ( على الأشبه ) الأشهر بين المتأخرين ؛ لإطلاق النصوص بجواز الاستعمال من دون تقييد بالدبغ ، ففي الموثق : عن لحوم السباع وجلودها ، فقال : « أما اللحوم فدعها ، وأما الجلود فاركبوا عليها ولا تصلّوا فيها » (5).
    وفيه : عن جلود السباع ينتفع بها ؟ فقال : « إذا رميت وسمّيت فانتفع‏
1 ـ الفقيه 1 : 167/788 ، التهذيب 2 : 371/154 ، الوسائل 3 : 492 أبواب النجاسات ب 50 ح 7.
2 ـ اُنظر المنتهى 1 : 226 ، والتحرير 1 : 30 ، والتذكرة 1 : 94.
3 ـ ليست في « ش » .
4 ـ لم نعثر على من حكى الاجماع على كراهة استعمال جلد السباغ قبل الدبغ.
5 ـ التهذيب 9 : 79/338 ، الوسائل 24 : 114 أبواب الاطعمة المحرمة ب 3 ح 4.


(152)
بجلده » (1).
    خلافاً للشيخ والمرتضى ، فمنعا عنه قبل الدبغ (2) ، إمّا للنجاسة كما يحكى عنهما تارة (3) ، أو للمنع عن ذلك تعبدا كما يحكى اُخرى (4).
    ومستندهما غير واضح ، عدا ما يحكى عن الأول من الإجماع على الجواز بعده ، وليس هو ولا غيره قبله (5). وهو كما ترى.
    نعم : عن بعض الكتب عن مولانا الرضا عليه السلام : « دباغة الجلد طهارته » (6).
    وهو مع عدم وضوح السند واحتماله التقية غير دالّ ، على تقدير الحكاية الثانية من كون المنع تعبداً لا للنجاسة.
     ( وكذا يكره ) أن يستعمل ( من أواني الخمر ما كان ) منه خشبا أو قرعا أو خزفا غير مدهن.
    ولا يحرم على الأظهر الأشهر ؛ للأصل ، وعموم ما دلّ على جواز الاستعمال بعد التطهير.
    خلافاً للإسكافي والقاضي (7) ؛ لنفوذ النجاسة في الأعماق ، فلا يقبل التطهير.
1 ـ التهذيب 9 : 79/339 ، الوسائل 24 : 185 أبواب الاطعمة المحرمة ب 34 ح 4.
2 ـ الشيخ في النهاية : 587 ، حكاه عن المرتضى في المعتبر 1 : 466.
3 ـ اُنظر كشف اللثام 2 : 258.
4 ـ اُنظر كشف اللثام 2 : 258.
5 ـ اُنظر الخلاف 1 : 63.
6 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 302.
7 ـ نقله عن الإسكافي المحقق في المعتبر 1 : 467 ، والعلامة في المختلف : 65 ، القاضي في المهذَّب 1 : 28 وج 2 : 434.


(153)
    و ردّ بنفوذ الماء فيها ، فيحصل التطهير (1). وفيه منع ، نعم يحصل به إزالة النجاسة الظاهرة ، وهي كافية في الطهارة ، ونجاسة الباطنة غير مانعة ، كيف لا ولا سراية ، فتأمل.
    وللخبرين ، أحدهما الصحيح : « نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عن الدّبّاء والمزفّت » (2).
    ونحوه الثاني بزيادة الحَنتَم والنقير ، وتفسير الدُبّاء بالعَرع ، والمُزفّت بالدنان ، والحنتم بالجرار الخضر ، والنقير بالخشب (3).
    وليس فيهما ـ مع قصور الثاني سنداً ـ على النجاسة دلالة ، كيف لا ووجه النهي غير منحصر فيها ، ويحتمل توجه النهي إلى الانتباذ فيها ، لاحتمال تحقق الإسكار بها ، لا لأجل تحقق سراية النجاسة في أعماقها وعدم تحقق الطهارة لذلك فيها.
    كيف لا ؟! ومن جملتها المزفَّت المفسَّر بالمقيّر ، والحنتم المفسّر بالمدهن ، وهما لا يجري فيهما السراية إلى الأعماق ، وإن هما إلّا كالأجسام الصلبة الغير القابلة لنفوذ شي‏ء فيها المتفق على قبولها التطهير مطلقا جدّاً ، فليس الخبران من فرض المسألة بشي‏ء قطعاً.
    فإذاً : أدلة القول الأول لا معارض لها أصلاً.
     ( و ) يجب أن ( يغسل الإناء من ولوغ الكلب ) فيه ( ثلاثاً ) إجماعاً كما
1 ـ اُنظر المعتبر 1 : 467 ، جامع المقاصد 1 : 195.
2 ـ الكافي 6 : 418/1 ، التهذيب 1 : 283/829 ، الوسائل 3 : 495 أبواب النجاسات ب 52 ح 1.
3 ـ الكافي 3 : 418/3 ، التهذيب 9 : 115/499 ، معاني الأخبار : 224/1 ، الوسائل 3 : 496 أبواب النجاسات ب 52 ح 2.


(154)
عن الانتصار (1) ، وكذا عن الخلاف والغنية (2) ، وظاهر المنتهى والذكرى (3) ، وهو الحجة فيه ، كالمعتبرة ، منها الصحيح : عن الكلب ، فقال : « رجس نجس لا تتوضأ بفضله ، واصبب ذلك ، واغسله بالتراب أول مرة ثمَّ بالماء مرّتين » (4).
    وليس في نسخ كتب الحديث المشهورة ذكر المرتين بالمرة ، إلّا أن ما ذكرناه مروي عن المعتبر ، وكذا عن الخلاف (5) ، وتبعه الجماعة ، ولعلّه أخذه من كتب الأصول الموجودة عنده ، ونقله لنا حجة.
    ولا يعارضه الحذف فيما مرّ من الكتب ؛ لاحتماله فيها ، ورجحانه على احتمال الزيادة ؛ مع اعتضادها هنا بالرضوي المصرّح فيه بها ، وفيه : « إن وقع الكلب في الماء أو شرب منه اُهريق الماء وغسل الإناء ثلاث مرّات ، مرة بالتراب ، ومرتين بالماء » (6).
    وينبغي أن يكون ( اُولاهن بالتراب على الأظهر ) الأشهر ، بل عليه الإجماع عن الغنية (7) ، وهو الحجة فيه كالصحيحة المتقدمة.
    ولا يعارضها إطلاق الرضوي المتقدم ، وليقيد بها جمعاً بين الأدلة ، وإن اقتصر على ظاهره من القدماء جماعة (8) ، مع احتمال إرادتهم ما في الصحيحة ،
1 ـ الانتصار : 9.
2 ـ الخلاف 1 : 177 ، الغنية ( الجوامع الفهية ) : 551.
3 ـ المنتهى 1 : 187 ، الذكرى : 15.
4 ـ التهذيب 1 : 225/646 ، الاستبصار 1 : 19/40 ، الوسائل 3 : 415 أبواب النجاسات ب 12 ح 2 بتفاوت يسير.
5 ـ المعتبر 1 : 458 ، الخلاف 1 : 176.
6 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 93 ، المستدرك 2 : 561 أبواب النجاسات ب 8 ح 1.
7 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 551.
8 ـ منهم السيد في جمل العلم وو العمل ( رسائل السيد المرتضى 3 ) : 23 ، والشيخ في الخلاف 1 : 175 ، وابن حمزة في الوسيلة : 80.


(155)
كالرضوي ، سيّما مع ما فيه من التقديم الذكرى.
    وكيف كان : فظاهرهم الاتفاق على جوازه وإن اختلفوا في تعيّنه.
    خلافا للمحكي عن المقنعة ، فأوجب توسيط التراب بين العدد (1) ولا ريب في ضعفه وإن جعله في الوسيلة رواية (2) ، فإنها مرسلة لا تعارض الصحيحة المعتضدة بعمل أكثر الطائفة.
    وبالجملة : لا ريب في شذوذه وضعفه. كالمحكي عن الإسكافي من وجوب السبع (3) وإن ورد به الخبران ، أحدهما النبوي العامي : « إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا أولاهنّ بالتراب » (4) ونحوه الخاصي (5).
    إذ هما مع قصور سندهما ولا سيّما الأول بأبي هريرة لا يكافئان شيئا ممّا مرّ من الأدلة من وجوه عديدة ، مع معارضة الأول منهما بمثله لذلك الراوي أيضا بعينه ، وفيه : « إذا ولغ في إناء أحدكم فليغسله ثلاث مرّات » (6).
    وفي آخر له أيضا : « فليغسله ثلاثا أو خمسا أو سبعا » (7).
    وظاهره استحباب الزائد ، فليحملا عليه.
    وفي وجوب مزج التراب بالماء كما عن الحلّي وغيره (8) ، تحصيلا لأقرب المجازات إلى مفهوم الغسل وإن حصل التجوز في التراب.
1 ـ المقنعة : 65 ـ 68.
2 ـ الوسيلة : 80.
3 ـ نقله عنه في المعتبر 1 : 458.
4 ـ المحلي 1 : 110/ المسألة 127 ، عوالي اللآلي 1 : 399/51.
5 ـ النهذيب 9 : 116/502 ، الوسائل 25 : 368 أبواب الاشربة المحرمة ب 30 ح 2.
6 ـ سنن الدار قطني 1 : 66/16 ، 17.
7 ـ عوالي اللآلي 2 : 212/142 ، سنن الدار قطني 1 : 65/13 ، 14.
8 ـ الحلي في السرائر 1 : 91 ، ونقله عن الراوندي في الذكرى : 15.


(156)
    أم العدم ، كما عليه جماعة (1) ؛ للأصل ، ومعارضة الأقربية بالحقيقة ، ولزوم التجوز في التراب على التقديرين بالضرورة.
    وجهان ، أوجههما الثاني بالنظر إلى القواعد الاُصولية. والأحوط الجمع بينهما وطهارة التراب ؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على الفرد المتبادر من النص ، وإن كان في تعيّنها نظر ؛ لمعارضة الأصل بمثله كما مر ، فيكتفى في مثله باحتمال شمول النص لغير المتبادر.
    ويلحق بالولوغ اللطع وما في حكمه ممّا يوجب وصول لعاب الفم إلى الظرف ؛ لفحوى النص والرضوي (2). ويستفاد منه انسحاب الحكم في مطلق الوقوع ، وهو أحوط إن لم يكن أقوى ، وهو نصّ الصدوقين (3).
    والأظهر الأشهر اختصاص الحكم بالكلب ، فلا ينسحب إلى الخنزير ، بل يجب فيه السبع من دون تعفير ؛ للصحيح (4).
    خلافاً للخلاف فكالكلب (5) ؛ لوجوه مدخولة هي اجتهادات صرفة في مقابلة الصحيحة.
     ( و ) يغسل الإناء ( من ) نجاسة ( الخمر ) وموت ( الفأرة ثلاثاً ) وفاقاً للخلاف (6) للموثق في الأوّل : « عن قدح أو إناء يشرب فيه الخمر ، فقال : تغسله ثلاث مرّات » (7).
1 ـ منهم العلامة في المختلف : 63 ، والشهيد في الذكرى : 15 ، وابن فهد في المهذَّب البارع 1 : 266 ، وصاحب المدارك 2 : 392.
2 ـ في « ح » : وعموم الرضوي.
3 ـ الصدوق في المقنع : 12 ، ونقله عنه ووالده في المنتهى 1 : 188.
4 ـ التهذيب 1 : 261/760 ، الوسائل 3 : 417 أبواب النجاسات ب 13 ح 1.
5 ـ الخلاف 1 : 186.
6 ـ الخلاف 1 : 182.
7 ـ الكافي 6 : 427/1 ، التهذيب 1 : 283/830 ، الوسائل 3 : 494 أبواب النجاسات ب 51 ح 1.


(157)
    ( و ) لا يجب ( السبع ) وإن ورد به الموثق الآخر : في الإناء يشرب فيه النبيذ ، قال : « يغسله سبع مرّات » (1) ؛ للأصل ، وعدم معارضة الظاهر للنص. نعم هو أفضل بل الأشهر تعيّنه ، فالأحوط أن لا يترك.
    والاكتفاء بالمرة ـ كما عن المعتبر (2) ـ له وجه لو لم يرد بالزائد نص معتبر ، وقد ورد كما مرّ ، إلّا أنه كما ترى مختص بالخمر ، فليخص بمورده ، ويكتفي بالمرة في غيره.
    إلّا أن في الموثق تنصيصاً بالأمر بالسبع في الجُرَذ (3). وفي حمله على الوجوب كما حمله الشيخ وجماعة (4) إشكال ؛ لاستلزامه قوة نجاسته على نجاسة الكلب ، حيث يكتفي فيه بالثلاث دونه. إلّا أنّ ضمّ التعفير إليه وحياة الكلب ربما دفع الفحوى.
    وكيف كان : فالسبع في الجُرَذ أحوط وأولى إن لم نقل بكونه أقوى.
    وأما الثلاث في الفأرة على الإطلاق فلم نجد مستنده مطلقاً ، فلا وجه لحكم المصنّف به ، فليتأمل جداً.
    ( و ) يغسل الإناء ( من غير ذلك مرّة ) واحدة على الأشهر بين الطائفة ، كما ذكره بعض الأجلة (5) ، عملاً فيها بالإطلاق ، وفي نفي الزائد بالأصل وعدم المعارض ، سوى استصحاب النجاسة ، المعارض بمثله في الملاقي كما مرّ.
    نعم في الموثق : عن الكوز أو الإناء يكون قذراً كيف يغسل ؟ وكم مرة يغسل ؟ قال : « ثلاث مرّات ، يصبّ فيه الماء فيحرك فيه ثمَّ يفرغ منه ذلك الماء ،
1 ـ التهذيب 9 : 116/502 ، الوسائل 25 : 368 أبواب الاشربة المحرمة ب 30 ح 2.
2 ـ المعتبر 1 : 461.
3 ـ التهذيب 1 : 284/832 ، الوسائل 3 : 496 أبواب النجاسات ب 53 ح 1.
4 ـ الشيخ في النهاية : 6 ، المقنع : 11 ، الذكرى : 15 ، جامع المقاصد 1 : 191.
5 ـ كشف اللثام 1 : 61.


(158)
ثمَّ يصبّ فيه ماء آخر ثمَّ يفرغ منه ذلك الماء ، ثمَّ يصبّ فيه ماء آخر ثمَّ يفرغ منه وقد طهر » (1).
    وحمله على الاستحباب ممكن ؛ لاعتضاد الإطلاق بالأصل والشهرة وما عن المبسوط من الرواية بالاكتفاء بالمرة (2).
    ( و ) لا ريب أن ( الثلاث أحوط ) وأوجبها جماعة كما عن الصدوق والإسكافي والطوسي والذكرى والدروس والمحقق الشيخ علي (3) ؛ عملاً بظاهر الموثق. ولا بأس به.
    والحمد للّه أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً ، وصلّى اللّه على محمّد وآله الطاهرين المعصومين ، وسلّم تسليما كثيراً.
1 ـ التهذيب 1 : 284/832 ، الوسائل 3 : 496 أبواب النجاسات ب 53 ح 1.
2 ـ المبسوط 1 : 14.
3 ـ لم نعثر على قول الصدوق في كتبه ولاعلي حكى عنه ذالك ، نقله عن الإسكافي في المعتبر 1 : 461 ، الطوسّى في النهاية : 5 ، والجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : 171 ، والاقتصاد : 254 ، الذكرى : 15 ، الدروس : 125 ، والمحقق الشيخ علي في جامع القاصد 1 : 192.


(159)
كتاب الصلاة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحمد للّه ربّ العالمين ، وصلّى اللّه على خير خلقه محمد وآله الطاهرين.


(160)

(161)
    و هي لغةً : الدعاء ، وشرعاً : العبادة المخصوصة بكيفيّاتها المعهودة ، وعدّها جماعة من أهل اللغة من جملة معانيها اللغوية (1) ؛ وفي إثبات الحقيقة بذلك إشكال ، بل الظاهر العدم.
    والنصوص في فضلها وعقاب تاركها أكثر من أن تحصى.
    ( والنظر ) في هذا الكتاب يقع ( في المقدمات والمقاصد ).
    ( والمقدمات سبع : ).
( الاولى ) :
     ( في ) بيان ( الأعداد ) وهي إمّا واجبة أو مندوبة ، لأنّها عبادة ( و ) لا تكون بالذات إلّا راجحة.
    فـ : ( الواجبات ) على الجملة بالحصر المستفاد من تتبّع الأدلّة الشرعية تسع : على المشهور ، وقيل : سبع ، بإدراج الكسوف والزلزلة في الآيات (2).
    الاولى : ( الصلوات الخمس ) الفرائض اليوميّة أداءً وقضاءً ولو من وليّ الميت عنه ( و ) الثانية ( صلاة الجمعة و ) الثالثة : صلاة ( العيدين و )
1 ـ اُنظر الصحاح 6 : 2402 ، نهاية ابن الاثير 3 : 50 ؛ مجمع البحرين 1 : 226.
2 ـ قال به الشهيد الأول في البيان : 107 والدروس 1 : 136 ، الشهيد الثاني في الروضة 1 : 167.


(162)
الرابعة : صلاة ( الكسوف و ) الخامسة : صلاة ( الزلزلة و ) السادسة : صلاة ( الآيات و ) السابعة : صلاة ( الطواف و ) الثامنة : صلاة ( الأموات و ) التاسعة ( ما ) أي كل صلاة ( يلتزمه الإنسان بنذر وشبهه ) من العهد واليمين ، ويدخل فيه الملتزم بالإجارة ، وصلاة الاحتياط في وجه ، وفي آخر يدخل في الأولى ، لكونها مكمّلةً لما يحتمل فواته منها.
    وفي إدخال الثامنة اختيار إطلاقها عليها بطريق الحقيقة الشرعية ، كما هو ظاهر الحلي (1) وصريح الذكرى فيما حكي (2).
    وقيل (3) : إنّه على المجاز ، لعدم التبادر ، إذ يتبادر ذات الركوع والسجود أو ما قام مقامهما منها عند الإطلاق ، وهو أمارة المجاز. مع أنّ نفي الصلاة عمّا لا فاتحة فيها ولا طهور والحكم بتحليلها بالتسليم ينافي الحقيقة ، بناءً على أنّ الأصل في النفي تعلّقه بالمهية لا الخارج من الكمال والصحة.
    وهو حسن ، إلّا أنّه ربما يدّعى عدم صحة السلب عرفاً ، ودلالة بعض النصوص على كونها صلاة (4) ، فيعترض بهما الدليلان السابقان.
    ( وما سواه ) أيّ سوى كا ذكر من الصلوات ( مسنون ).
    وكل منها اما بأ صل الشرع كاليومية فرائضها ونوافلها ، والجمعة ، والعيدين ، وصلاة الطواف ؛ او بسبب من المكلف كالملتزمات ، وصلاة الاستخارة (5) والحاجه ؛ اولا منه كصلاة الايات ، وصلاو الشكر ، والاستفتاء ، ويمكن ادخاله في الحاجات.
1 ـ السرائر 1 : 192.
2 ـ حكاه عن الذكرى في الروضة 1 : 168.
3 ـ قال به صاحب المدارك 3 : 8 ، الفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 154.
4 ـ وهو ما دل على انّ النبي صلى الله عليه وآله ما صلّى على النجاشي بل دعا له. أي ما صلى صلاة الميت. ( الوسائل 3 : 105 أبواب صلاة الجنازه ب 18 ح 5 ). منه رحمه الله.
5 ـ في « ش » : الاستيجار.


(163)
    و منها ما يجب تارة ويستحب اُخرى ( كصلاة العيدين ، وصلاة الطواف. ومنها ما يجب عينا تارة وتخييرا أخرى ) (1) أو يجب ويحرم اخرى كصلاة الجمعة على الخلاف ، وإطلاق الصلاة عليها على القول بحرمتها مجاز قطعاً.
    ( والصلوات الخمس سبع عشرة ركعة في الحضر ، وإحدى عشرة ركعة في السفر ، ونوافلها أربع وثلاثون ركعة ) فيكون المجموع إحدى وخمسين ركعة ( على الأشهر ) في الروايات.
    ففي الصحيح : كم الصلاة من ركعة ؟ قال : « إحدى وخمسون » (2).
    وفي آخر : « الفريضة والنافلة إحدى وخمسون ركعة ، منها ركعتان بعد العتمة جالساً تعدّان بركعة ، والنافلة أربع وثلاثون ركعة » (3).
    وفي ثالث : « كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يصلّي من التطوّع مثلي الفريضة ، ويصوم من التطوّع مثلي الفريضة » (4).
    ونحوها أخبار كثيرة سيأتي إليها الإشارة.
    وأمّا الأخبار الأخر ـ الدالة على نقص النوافل عن الأربع والثلاثين ، بإسقاط الوتيرة خاصة كما في بعضها (5) ، أو مع الست من نوافل العصر كما في‏
1 ـ ما بين القوسين ليست في « ش » .
2 ـ الكافي 3 : 446/16 ، التهذيب 2 : 3/1 ، الاستبصار 1 : 218/771 ، الوسائل 4 : 49 أبواب أعداد الفرائض ب 13 ح 11.
3 ـ الكافي 3 : 443/2 ، التهذيب 2 : 4/2 ، الاستبصار 1 : 218/772 ، الوسائل 4 : 46 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 13 ح 3.
4 ـ الكافي 3 : 443/3 ، التهذيب 2 : 4/3 ، الاستبصار 1 : 218/773 ، الوسائل 4 : 46 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 13 ح 4.
5 ـ الكافي 3 : 443/5 ، التهذيب 2 : 4/4 ، الاستبصار 1 : 218/774 ، الوسائل 4 : 47 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 13 ح 6.


(164)
آخر منها (1) ، أو مع الأربع منها كما في غيرهما (2) ، وإن كثرت وتضمنت الصحيح وغيره ـ فلا يستفاد منها إلّا تأكيد الاستحباب في الأقل. واختلافها فيه محمول على اختلاف مراتبه في الفضل.
    ولو سلّم مخالفتها لما سبق لكان اللازم طرحها ؛ لعدم ظهور قائل بها ، كما اعترف به جماعة من أصحابنا ، حيث قالوا ـ بعد نقل ما في العبارة ونسبته إلى الأصحاب ـ : لا نعلم فيه مخالفاً (3). بل زاد الصيمري فقال بعد نقله : أطبق الأصحاب في كتب الفتاوى عليه ، ثمَّ نقل الأخبار المزبورة وقال : ولم يعمل بها أحد من الأصحاب (4). وهو نص في الإجماع كما في الانتصار والخلاف (5). فلا إشكال.
    واحترز بقوله ( في الحضر ) عن السفر ، لنقصان العدد فيه إجماعاً كما سيذكر.
    واعلم أنّ الصحاح المتقدمة وإن أجملت النوافل لكن فصّلتها أخبار اُخر غيرها بما أشار إليه بقوله ( ثمان للظهر قبلها ، وكذا للعصر ) ثمان لها قبلها ( وأربع للمغرب بعدها ، وبعد العشاء ركعتان من جلوس تعدّان بواحدة ، وثمان للّيل ، وركعتا الشفع ، وركعة الوتر ، وركعتان للغداة ).
    ففي الصحيح : « ثمان ركعات قبل الظهر ، وثمان بعدها » قلت : فالمغرب ؟ قال : « أربع بعدها » (6).
1 ـ الوسائل 4 : 59 أبواب اعداد الفرائض ونوافلها ب 14 ح 1 ، 2 ، 3.
2 ـ الوسائل 4 : 59 أبواب اعداد الفرائض ونوافلها ب 14 ح 2 ، 6.
3 ـ كما في الذكرى : 112 ، والمدارك 3 : 10.
4 ـ كشف الالتباس وغاية المرام في شرح للشيخ مفلح بن حسين الصيمري تلميذ ابن فهد الحلي ، وهذان الكتابان لم يطبعا بعد.
5 ـ الانتصار : 50 ، الخلاف 1 : 526.
6 ـ التهذيب 2 : 5/7 ، الوسائل 4 : 50 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 13 ح 15.


(165)
    و في الموثق : « صلاة النافلة ثمان ركعات حين تزول الشمس قبل الظهر ، وستّ ركعات بعد الظهر ، وركعتان قبل العصر ، وأربع ركعات بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء الآخرة تقرأ فيهما مائة آية قائماً أو قاعداً ، والقيام أفضل ، ولا تعدّهما من الخمسين ، وثمان ركعات من آخر الليل تقرأ ... » إلى أن قال : « ثمَّ الوتر ثلاث ركعات تقرأ فيها جميعاً قل هو اللّه أحد ، وتفصل بينهنّ ، ثمَّ الركعتين اللتين قبل الفجر » (1) إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة.
     ( ويسقط في السفر نوافل الظهرين ) إجماعاً على الظاهر المصرّح به في كثير من العبائر (2) ، والنصوص به مع ذلك مستفيضة ، ففي الصحيح : « الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شي‏ء إلّا المغرب ، فإنّ بعدها أربع ركعات لا تدعهنّ في حضر ولا سفر » (3).
    وفي الخبر : عن صلاة النافلة بالنهار في السفر ، فقال : « يا بنيّ لو صلحت النافلة في السفر تمّت الفريضة » (4).
    وفي آخر : عن التطوّع بالنهار وأنا في سفر ، فقال : « لا » (5).
    وربما يستفاد منهما ومن غيرهما ـ كالصحيح : عن الصلاة تطوعا في السفر ، قال : « لا تصل قبل الركعتين ولا بعدهما شيئا نهارا » (6) ـ اختصاص‏
1 ـ التهذيب 2 : 5 /8 ، الوسائل 4 : 51 أبواب اعداد الفرائض ونوافلها ب 13 ح 16 وفيها بتفاوت يسير.
2 ـ كما في الخلاف 1 : 587 ، والسرائر 1 : 194 ، مجمع الفائدة 2 : 7.
3 ـ الكافي 3 : 439/3 ، التهذيب 2 : 14/36 ، الوسائل 4 : 83 أبواب اعداد الفرائض ونوافلها ب 21 ح 7.
4 ـ الفقيه 1 : 285/1293 ، التهذيب 2 : 16/44 ، الاستبصار 1 : 221/780 ، الوسائل 4 : 82 أبواب اعداد الفرائض ونوافلها ب 21 ح 4.
5 ـ التهذيب 2 : 16/45 ، الاستبصار 1 : 221/781 ، الوسائل أبواب اعداد الفرائض ونوافلها ب 21 ح 5.
6 ـ التهذيب 2 : 14/32 ، الوسائل 4 : 81 أبواب اعداد الفرائض ونوافلها ب 21 ح 1.
رياض المسائل ـ الجزء الثاني ::: فهرس