رياض المسائل ـ الجزء الثاني ::: 241 ـ 255
(241)
رواية النهي في الثلاثة الاُول ـ : إلّا أنه روى جماعة من مشايخنا ، عن الحسين ابن محمد بن جعفر الأسدي ـ رضي اللّه عنه ـ أنه ورد عليه فيما ورد من جواب مسائله عن محمد بن عثمان العمري ـ قدس اللّه روحه ـ : « وأمّا ما سألت عنه من الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها فلئن كان كما يقول الناس : إن الشمس تطلع بين قرني الشيطان وتغرب بين قرني الشيطان ، فما أرغم أنف الشيطان بشي‏ء أفضل من الصلاة ، فصلّها وأرغم أنف الشيطان » (1).
    وقال في الخصال ـ بعد أن روى عن عائشة وغيرها نصوصاً مستفيضة متضمنة لفعل النبي صلّى اللّه عليه وآله ركعتين بعد العصر وركعتين بعد الفجر ، كما في جملة منها ، وقوله صلّى اللّه عليه وآله : « من صلّى البردين دخل الجنة » يعني بعد الغداة وبعد العصر ، كما في بعضها ، ما لفظه ـ : كان مرادي بإيراد هذه الأخبار الردّ على المخالفين ، لأنّهم لا يرون بعد الغداة وبعد العصر صلاة ، فأحببت أن أبيّن لهم أنهم قد خالفوا النبي صلّى اللّه عليه وآله في قوله وفعله (2).
    ونحوه المفيد ـ رحمه اللّه ـ في كتابه المسمى ب « افعل لا تفعل » حيث شنع على العامة في روايتهم عن النبي صلّى اللّه عليه وآله ذلك (3). ومال إليه جماعة من محققي متأخّري المتأخّرين (4).
    وهو غير بعيد ، سيّما مع إطلاق بعض النصوص بفعل النوافل في الأخيرين ، ففي الخبر : « صلّ بعد العصر من النوافل ما شئت ، وبعد صلاة
1 ـ الفقيه 1 : 315/1431 ، الوسائل 4 : 236 أبواب المواقيت ب 38 ح 8.
2 ـ الخصال : 69 ـ 71/105 ـ 107 ، الوسائل 4 : 237 أبواب المواقيت ب 38 ح 10 ـ 12.
3 ـ لم نعثر في المصادر الرجالية على من نسب هذا الكتاب الى المفيد ( رحمة الله ) ، وانما الموجود فيها نسبه الى أبي جعفر محمد بن علي بن النعمان الاحول الملقب بمومن الطاق ؛ لنظر رجال النجاشي : 325 ، الفهرست : 131 ، معالم العلماء : 95 ، الذريعة 2 : 261.
4 ـ منهم الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان 2 : 46 ، 47 ، صاحب المدارك 3 : 108 ـ 109.


(242)
الغداة ما شئت » (1).
    ولكن كان الأولى عدم الخروج عمّا عليه الأصحاب من الكراهة ، نظراً إلى التسامح في أدلّتها ، كما هو الأشهر الأقوى.
    واعلم أنّ قوله ( عدا ) قضاء ( النوافل المرتّبة ، وماله سبب ) كصلاة الطواف ، والإحرام ، والزيارة ، والحاجة ، والاستخارة ، والاستسقاء ، والتحيّة ، والشكر ، ونحو ذلك ، استثناء متصل إن اُريد بابتداء النوافل الشروع فيها ، وإلّا فمنقطع.
    وكيف كان فهذا الاستثناء مشهور بين الأصحاب ، بل عليه عامّة متأخّريهم ، وفي الناصرية الإجماع عليه (2) ، وهو الحجّة المخصّصة لعموم النصوص المانعة.
    مضافاً إلى عموم المستفيضة بقضاء النافلة في أيّ وقت شاء ، بل ظاهر جملة منها ، المترجحة بذلك وبالشهرة على الأخبار المانعة ، ففي الصحيح : عن قضاء النوافل ، قال : « ما بين طلوع الشمس إلى غروبها » (3).
    وفي المرسل كالصحيح : عن القضاء قبل طلوع الشمس وبعد العصر ، فقال : « نعم ، فاقضه فإنه من سرّ آل محمد المخزون » (4). ونحوه الخبران (5).
1 ـ التهذيب 2 : 173/688 ، الاستبصار 1 : 289/1059 ، الوسائل 4 : 235 أبواب المواقيت ب 38 ح 5.
2 ـ الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : 194.
3 ـ التهذيب 2 : 272/1084 ، الاستبصار 1 : 290/1064 ، الوسائل 4 : 242 أبواب المواقيت ب 39 ح 9.
4 ـ التهذيب 2 : 174/693 ، الوسائل 4 : 244 أبواب المواقيت ب 39 ح 17.
5 ـ الاول:
    التهذيب 2 : 171/680 ، الوسائل 4 : 244 أبواب المواقيت ب 39 ح 16.
    الثاني :
    الفقيه 1 : 235/1032 ، الوسائل 4 : 240 أبواب المواقيت ب 39 ح 2.


(243)
    و في آخرين أحدهما الحسن : « اقض صلاة الليل أيّ ساعة شئت من ليل أو نهار ، كل ذلك سواء » (1) ونحوهما الصحيح (2).
    وفي آخر : كتبت إليه في قضاء النافلة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، ومن بعد العصر إلى أن تغيب الشمس ، فكتب إلىّ : « لا يجوز ذلك إلّا للمقتضي » (3) فتدبر.
    وفي الخبر : في قضاء صلاة الليل والوتر تفوت الرجل ، أيقضيها بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العصر ؟ قال : « لا بأس بذلك » (4).
    وعموم أدلّة شرعية ذوات الأسباب عند حصولها ، بل ظاهر جملة منها في ركعتي الإحرام ، وفيها الصحيح وغيره : « خمس صلوات لا تترك على حال ، إذا طفت بالبيت ، وإذا أردت أن تحرم ، وصلاة الكسوف ، وإذا نسيت فصلّ إذا ذكرت ، وصلاة الجنازة » (5) كما في الأوّل ، ونحوه الثاني بزيادة : « وصلاة الطواف من الفجر إلى طلوع الشمس ، وبعد العصر إلى الليل » (6).
    والتعارض بينه وبين عموم الأخبار المانعة أو إطلاقها وإن كان تعارض‏
1 ـ التهذيب 2 : 173/690 ، 691 الاستبصار 1 : 290/1061 ، 1062 ، الوسائل 4 : 243 أبواب المواقيت ب 39 ح 11 ، 13.
2 ـ التهذيب 2 : 174/692 ، الاستبصار 1 : 290/1063 ، الوسائل 4 : 243 أبواب المواقيت ب 39 ح 12.
3 ـ التهذيب 2 : 175/696 ، الاستبصار 1 : 291/1068 ، الوسائل 4 : 235 أبواب المواقيت ب 38 ح 3.
4 ـ التهذيب 2 : 173/687 ، الاستبصار 1 : 289/1058 ، الوسائل 4 : 242 أبواب المواقيت ب 39 ح 10.
5 ـ الكافي 3 : 287/2 ، التهذيب 2 : 172/683 ، الوسائل 4 : 241 أبواب المواقيت ب 39 ح 4.
6 ـ الكافي 3 : 287/1 ، التهذيب 2 : 171/682 ، الوسائل 4 : 241 أبواب المواقيت ب 39 ح 5.


(244)
العموم من وجه يمكن تخصيص كل منهما بالآخر ، إلّا أن الأصل والشهرة العظيمة وحكاية الإجماع المتقدمة أوجب ترجيح هذا العموم وتخصيصه لعموم المنع ، سيّما مع وهنه بتخصيص قضاء النوافل عنه كما مر.
    وكذا الفرائض مطلقاً كما هو المشهور ؛ لفحوى ما دلّ على استثناء قضاء النوافل ، وللإجماع المحكي عليه في صريح الناصرية والمنتهى والتحرير ، وظاهر التذكرة (1).
    وللنصوص المستفيضة ، منها النصوص الآمرة بقضاء الفرائض متى ذكرها (2) ، كما سيأتي في بحثه إن شاء اللّه تعالى.
    وأوامر المسارعة إلى المغفرة (3) ، وإلى نقل الموتى إلى مضاجعهم (4) ، واحتمال فوات الوقت إذا اُخّرت نحو صلاة الكسوف.
    وخصوص نصوص صلاة طواف الفريصة ، وهي كثيرة ، منها : عن رجل طاف طواف الفريضة وفرغ من طوافه حين غربت الشمس ، قال : « وجبت عليه تلك الساعة الركعتان ، فليصلّهما قبل المغرب » (5).
    ومنها : عن الرجل يطوف الطواف الواجب بعد العصر ، أيصلي الركعتين حين يفرغ من طوافه ؟ قال : « نعم ، أما بلغك قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : يا بني عبد المطلب لا تمنعوا الناس عن الصلاة بعد العصر فتمنعوهم من الطواف » (6).
1 ـ الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : 194 ، المنتهى 1 : 215 ، التحرير 1 : 27 ، التذكرة 1 : 80.
2 ـ الوسائل 8 : 256 أبواب قضاء الصلوات ب 2.
3 ـ آل عمران : 133.
4 ـ الكافي 3 : 137/1 ، التهذيب 1 : 427/1359 ، ورواها في الفقيه 1 : 85/389 مرسلأ ، الوسائل 2 : 471 أبواب الاحتضار ب 47 ح 1.
5 ـ الكافي 4 : 423/3 ، الوسائل 13 : 434 أبواب الطواف ب 76 ح 1.
6 ـ الكافي 4 : 424/7 ، الوسائل 13 : 434 أبواب الطواف ب 76 ح 2.


(245)
    و خصوص الصحيحة المتقدمة في صلاة الجنازة (1) ، ونحوها اُخرى : « لا بأس بصلاة الجنازة حين تغيب الشمس وحين تطلع ، إنما هو استغفار » (2).
    وقريب منهما بعض الأخبار : هل يمنعك شي‏ء من هذه الساعات عن الصلاة على الجنازة ؟ قال : « لا » (3).
    وخصوص ما ورد في صلاة الكسوف ، كالصحيح : « وقت صلاة الكسوف في الساعة التي تنكسف عند طلوع الشمس وعند غروبها » (4).
    وما ورد بكراهة قضاء الفرائض (5) وصلاة الجنازة في بعض هذه الأوقات (6) فلا تكافئ هذه النصوص من وجوه شتى ، وإن تضمنت الصحاح وغيرها ، وينبغي حملها على التقية جدّاً ، كما أنّه ينبغي أن يحمل عليها مطلق الأخبار المانعة ، لما عرفته ، لكن الشهرة ربما أبعدته فيها ، أو أوجبت هي الكراهة بنفسها ، وينبغي حينئذ أن ندور مدارها ، وحيث لا شهرة على الكراهة في المستثنيات والفرائض ، بل الشهرة على خلافها ، نفيناها بالأصل السليم عن المعارض ، بعد ما عرفت من حمل الأخبار المانعة على التقية.
    ومن هنا ظهر ضعف قول الشيخين بعدم استثناء ما استثنى في المتن في‏
1 ـ راجع ص : 237.
2 ـ التهذيب 3 : 321/999 ، الاستبصار 1 : 470/1815 ، الوسائل 3 : 108 أبواب الصلاة الجنازة ب 20 ح 1.
3 ـ الكافي 3 : 180/1 ، التهذيب 3 : 321/997 ، الاستبصار 1 : 469/1813 ، الوسائل 3 : 109 أبواب صلاة الجنازة ب 20 ح 3.
4 ـ الكافي 3 : 464/4 ، التهذيب 3 : 293/886 ، الوسائل 7 : 488 أبواب صلاة الكسوف ب 4 ح 2.
5 ـ التهذيب 2 : 270/1076 ، الاستبصار 1 : 288/1053 ، الوسائل 4 : 288 أبواب المواقيت ب 62 ح 4.
6 ـ التهذيب 3 : 321/1000 ، الاستبصار 1 : 470/1816 ، الوسائل 3 : 109 ، أبواب صلاة الجنازة ب 20 ح 5.


(246)
الأوّلين (1) ، وزاد في الخلاف الثالث (2).
    واعلم أن الصحيحة الثانية من النصوص الماضية في صدر المسألة تضمنت استثناء نوافل يوم الجمعة (3). وهو المشهور بين الأصحاب ، بل عليه الإجماع في المنتهى والناصرية (4) ، ولا خلاف فيه أيضاً أجده إلّا من إطلاق العبارة ونحوها بكراهة ابتداء النوافل من دون استثنائها ، وليس ذلك نصّاً ، بل ولا ظاهراً في المخالفة ، سيّما مع إمكان إدراجها في النوافل الراتبة المستثناة ، فإنّها منها ، لكونها النوافل النهارية قدّمت على الجمعة ، وزيادة أربع ركعات فيها لا تخرجها عن كونها راتبة.
    ( الثامنة )
    ( الأفضل في كلّ صلاة تقديمها في أول وقتها ) لعموم أدلّة استحباب المسارعة إلى الطاعة ، وخروجاً عن شبهة الخلاف فتوىً وروايةً في الفرائض ، ما عدا العشاء فيستحب تأخيرها إلى ذهاب الشفق المغربي ، بل قيل بوجوبه كما مضى (5).
    وللصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة التي كادت تبلغ التواتر ، بل لعلها متواترة ، ففي الصحيح : « أول الوقت أفضل ، فعجّل الخير ما استطعت » (6) وبمعناه كثير.
    وفيه : « الصلوات المفروضات في أول وقتها ـ إذا اُقيم حدودها ـ أطيب‏
1 ـ المفيد في المقنة : 212 ، الطوسي في النهاية : 62.
2 ـ الخلاف 1 : 520.
3 ـ راجع ص : 233.
4 ـ المنتهى 1 : 217 ، الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : 194.
5 ـ راجع ص : 184.
6 ـ الكافي 3 : 274/8 ، التهذيب 2 : 41/130 ، مستطرفات السرائر : 72/6 بتفاوت يسير ، الوسائل 4 : 121 أبواب المواقيت ب 3 ح 10.


(272)
ريحاً من قضيب الآس حين يؤخذ من شجره في طيبه وريحه وطراوته ، فعليكم بالوقت الأوّل » (1).
    ( إلّا ) ما مرّ من تأخير المستحاضة الظهر والمغرب إلى آخر وقت فضيلتهما ، وتأخير المتيمم التيمّم إلى آخر الوقت بقدر ما يصلي الفريضة ، إن قلنا بجواز تقديمه في أوّل وقتها في الجملة أو مطلقاً ، وإلّا فيجب التأخير ، وتأخير المربّية للصبي ذات الثوب الواحد الظهرين إلى آخر الوقت لتغسل الثوب قبلهما ويحصل فيه أربع صلوات بغير نجاسة ، وتأخير صلاة الليل إلى الثلث الأخير وما يقرب من الفجر ، وتأخير ركعتيها إلى الفجر الأوّل ، وتأخير فريضة الصبح لمن أدرك من صلاة الليل أربع ركعات إلى أن يتمّها والوتر وصلاة الفجر ، وتأخير العشاء إلى الشفق ـ كما مر ـ بل إلى ثلث الليل أو نصفه كما في النصوص المتقدمة جملة منها ... إلى غير ذلك من المواضع المستثناة.
    ومنها ما ( نستثنيه في مواضعه إن شاء اللّه تعالى ) ومن تأخير دافع الأخبثين إلى أن يخرجهما ، وتأخير الصائم المغرب إلى بعد الإفطار لرفع منازعة النفس أو الانتظار ، وتأخير المفيض من عرفة العشاءين إلى جَمع (2) ، وتأخير مريد الإحرام الفريضة الحاضرة حتى يصلي نافلة الإحرام.
    ومنها : تأخير صاحب العذر الراجي للزوال ليقع صلاته على الوجه الأكمل ، بل أوجبه السيد وجماعة (3). ولا يخلو عن قوة ، وإن اشتهر بين المتأخرين خلافه.
    ومنها : ما إذا كان التأخير مشتملاً على صفة كمال كاستيفاء الأفعال ، وتطويل الصلاة ، واجتماع البال ، ومزيد الإقبال ، وإدراك فضيلة الجماعة ،
1 ـ التهذيب 2 : 40/128 ، ثواب الاعمال : 36 ، الوسائل 4 : 118 أبواب المواقيت ب 3 ح 1.
2 ـ يقال للمزدلفة : جَمع لاجتماع الناس فيها. الصحاح 3 : 1198.
3 ـ حكاه عن السيد في المختلف : 149 ، وعنه وعن أبي الجنيد وسلأر في الذكرى : 130.


(248)
والسعي إلى مكان شريف ، ونحو ذلك ، على المشهور. قيل : ويستفاد من النصوص ، ولم أقف عليها ، نعم ربما دلّ بعضها على استحباب التأخير لانتظار الإمام ، وقد تقدم (1).
    وفي الخبر الوارد في المغرب : « إذا كان أرفق بك وأمكن لك في صلاتك وكنت في حوائجك ، فلك أن تؤخّرها إلى ربع الليل » (2).
    وغاية ما يستفاد منه جواز التأخير لا استحبابه ، كما يفهم منهم.
    نعم في الصحيح : أكون في جانب المصر فتحضر المغرب وأنا اُريد المنزل ، فإن أخّرت الصلاة حتى اُصلّي في المنزل كان أمكن لي ، وأدركني المساء ، فاُصلّي في بعض المساجد؟ فقال : « صلّ في منزلك » (3).
    ونحوه خبر آخر : « إئت منزلك وانزع ثيابك » (4).
    وربما كان فيهما دلالة على الاستحباب الذي هو أقلّ مراتب الأمر الذي تضمناه. ولكن يمكن وروده لمطلق الرخصة باحتمال وروده مورد توهم المنع ، كما يستفاد من السؤال فيهما ، إلّا أن الشهرة ربما ترجّح إرادة الاستحباب.
    وهنا مواضع اُخر مستثناة في كلام الأصحاب لا فائدة مهمة في ذكرها مع تأمّل في بعضها.
    ( التاسعة ) :
    لا يجوز صلاة الفريضة قبل وقتها إجماعاً ، والنصوص به مع ذلك ـ مضافاً إلى الاُصول ـ مستفيضة جدّاً ، وفيها الصحاح وغيرها (5).
1 ـ في ص : 228 ـ 229.
2 ـ التهذيب 2 : 31/94 ، الاستبصار 1 : 267/964 ، الوسائل 4 : 195 أبواب المواقيت ب 19 ح 8.
3 ـ التهذيب 2 : 31/92 ، الوسائل 4 : 197 أبواب المواقيت ب 19 ح 14.
4 ـ التهذيب 2 : 30/91 ، الوسائل 4 : 196 أبواب المواقيت ب 19 ح 11.
5 ـ الوسائل 4 : 166 أبواب المواقيت ب 13.


(249)
    و أما الصحيح : « إذا صلّيت في السفر شيئاً من الصلوات في غير وقتها فلا يضرك » (1) فمحمول على خارج الوقت ، أو النافلة ، أو وقت الفضيلة ، ويحتمل التقية ، فقد حكي عن الحسن والشعبي وابن عباس أنهم قالوا في مسافر صلّى قبل الزوال : يجزيه (2).
    وحيث ثبت ذلك وجب تحصيل العلم بالوقت ، ولا يجوز التعويل على الظن. وهو مع التمكن من العلم إجماعي ، كما صرّح به جماعة (3). ولا ينافيه إطلاق كلام الشيخين (4) بكفاية المظنّة ؛ لعدم معلومية شموله لنحو الصورة المفروضة ، بل الظاهر بحكم التبادر عدمه.
    وبنحو ذلك يجاب عن النصوص المعتبرة للمظنة الحاصلة من أذان المؤذّنين وصياح الديكة ، وفيها الصحيح وغيره (5).
    مع أنه قضية الجمع بينها وبين النص المانع عن الاعتماد على الأذان (6) ، بحمله على صورة التمكن من العلم والسابقة على صورة عدم التمكن إلّا من المظنة ، وإن أمكن الجمع بحمل الأولة على أذان الثقة والثاني على غيره ؛ لكون الجمع الأول أوفق بالاُصول والشهرة ، بل الإجماع ، كما حكاه الفحول.
    و يجوز التعويل مع عدمه على الأمارات المفيدة للظن على المشهور ، بل في التنقيح دعوى الاتّفاق عليه (7) ؛ لما مر من الروايات ، مضافاً إلى‏
1 ـ التهذيب 2 : 141/551 ، الوسائل 4 : 168 أبواب المواقيت ب 13 ح 9.
2 ـ حكاه عنهم في المنتهى 1 : 212 ؛ وانظر المغني والشرح الكبير 1 : 396.
3 ـ منهم الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان 2 : 52 ، الفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 163.
4 ـ المفيد في المقنعة : 94 الطوسي في النهاية : 62.
5 ـ الوسائل 4 : 170 أبواب المواقيت ب 14.
6 ـ الذكرى : 129 ، الوسائل 4 : 280 أبواب المواقيت ب 58 ح 4.
7 ـ التنقيح الرائع 1 : 171.


(250)
خصوص ما سيأتي من الخبر.
    خلافاً للإسكافي وغيره (1) ، فيصبر حتى يتيقن. وهو الاُوفق بالأصول ، لو لا ما مرّ من النصوص المعتضدة بالشهرة ، والإجماع المنقول ، والنصوص المستفيضة ، وفيها الصحيح وغيره : بجواز الإفطار عند ظن الغروب (2) ، ولا قائل بالفرق بينه وبين جواز الصلاة بعده ، فهي أيضاً أدلّة مستقلة ، كالموثقة : إني ربما صلّيت الظهر في يوم الغيم فانجلت ، فوجدتني صليت حين زوال النهار ، قال ، فقال : « لا تعُد ولا تُعد » (3).
    وعلى المختار فـ ( إذا صلّى ظانّاً دخول الوقت ، ثمَّ تبيّن الوهم ، أعاد ) الصلاة إجماعاً ، فتوىً ونصًّاً ( إلّا أن يدخل الوقت ) وهو متلبّس بشي‏ء منها ولو كان تشهّدا أو تسليماً ( ولما يتم ) فيتمّها ، ولا قضاء على الأشهر الأظهر.
    للخبر : « إذا صلّيت وأنت ترى أنك في وقت ، فدخل الوقت وأنت في الصلاة فقد أجزأت عنك » (4).
    وقوله : « وأنت ترى » ظاهر في الظن. وقصور السند أو ضعفه منجبر بالشهرة الظاهرة ، والمحكية في عبائر جماعة حدّ الاستفاضة (5) ، ومؤيّد بالاعتبار ، فإنه امتثل بناءً على أنه مأمور باتباع ظنه فتجزي ، خرج ما إذا وقعت الصلاة كلها خارج الوقت بالإجماع والنص ، فيبقى الباقي.
1 ـ حكاه عنه في المختلف : 73 ؛ وقوّاه في المدارك 3 : 99.
2 ـ الوسائل 10 : 122 ، 124 أبواب ما يمسك الصائم ب 51 ، 52.
3 ـ التهذيب 2 : 246/979 ، الاستبصار 1 : 252/903 ، الوسائل 4 : 129 أبواب المواقيت ب 4 ح 16.
4 ـ الكافي 3 : 286/11 ، الفقيه 1 : 143/666 ، التهذيب 2 : 141/550 ، الوسائل 4 : 206 أبواب المواقيت ب 25 ح 1.
5 ـ اُنظر التنقيح 1 : 171 ، وجامع المقاصد 2 : 29 ، والمسالك 1 : 21.


(251)
    ( وفيه قول آخر ) للمرتضى وجماعة (1) ، فأوجبوا الإعادة.
    لوجوب تحصيل يقين الخروج عن العهدة وإنما يحصل إذا وقعت بتمامها في الوقت.
    ولعدم الامتثال للأمر بإيقاعها في الوقت.
    وللنهي عنها قبله فتفسد.
    وللزوم تبعية الوقت للأفعال ، فإنها قد تكون إذا اختصرت وقعت كلّها قبل الوقت فيخرج الوقت عن كونه مضروباً لها.
    ولعموم الموثّق : « من صلّى في غير وقت فلا صلاة له » (2).
    مع ضعف الخبر المتقدم بجهالة الراوي. وفيه : أنه منجبر بما مرّ.
    وأما باقي الوجوه ، فمع أنها اجتهادات في مقابلة النص مضعّفة.
    فالثلاثة الاُول : بمنعها أجمع إن أريد بالوقت فيها الوقت النفس الأمري ، كيف لا والمفروض كفاية الظن ، ولزوم الإعادة ينفيه أصالة البراءة. وإن اُريد به ما هو وقت في ظن المكلف ، فقد خرج عن العهدة ، وامتثل بإيقاعها في الوقت ، ولم يوقعها قبله حتى يتعلق بها النهي فتفسد.
    وبنحوه يجاب عن الرابع ، وزيادة هي المنع عنه بشهادة الصحة إذا أدرك في الآخر ركعة. ودعوى خروجها بالأدلّة معكوسة ، لخروج ما نحن فيه أيضاً بما مرّ من الاُصول والرواية المعتبرة ، ولا يعارضها الموثقة ، مع أنها عامة لصورتي وقوع تمام الصلاة قبل الوقت أو بعضها ، والمعتبرة خاصة بالأخيرة ، فليخصّص بها الموثقة ، أو يحمل الوقت فيها على الوقت الظاهري الذي يظنه المكلف ،
1 ـ المرتضى في المسائل الرًسية ( رسائل السيد ) 2 : 350 واختاره العلامة في المختلف : 74 وحكاه فيه عن أبي عقيل وابن الجنيد ، واستجوده في المدارك 3 : 101.
2 ـ الكافي 3 : 285/6 ، التهذيب 2 : 140/547 ، الاستبصار 1 : 244/868 ، الوسائل 4 : 109 أبواب المواقيت ب 1 ح 6.


(252)
وعليه فلا صلاة قبل الوقت.
    وبالجملة : خيرة الأكثر أظهر ، وإن كان القول الثاني أحوط.
    ويستفاد من العبارة بطلان الصلاة لو فعلت قبل الوقت في غير صورة الظن مطلقاً (1) ، وبه صرح في الشرائع (2).
    وهو موضع وفاق لو لم تصادف الصلاة شيئاً من الوقت ، ونفى عنه الخلاف المحقق الثاني وغيره (3).
    ويشكل فيما لو صادفت شيئا منه ، أو وقعت فيه بتمامها. والمشهور البطلان في الأول أيضاً مطلقا ، وعن التذكرة الإجماع عليه فيه كذلك (4) ، لعدم صدق الامتثال المقتضي لبقاء المكلف تحت العهدة ، سيّما مع العمد ، لوقوع النهي فيه عن الشروع في العبادة فتفسد.
    خلافاً للمحكي عن النهاية والمهذب والكافي والبيان (5) فتصح ، لكن الأخيرين قالا بها في الناسي ، وزاد أوّلهما الجاهل أيضاً.
    لرفع النسيان. وفيه : أن معناه رفع الإثم.
    ولتنزيل إدراك الوقت في البعض منزلته في الكل. وهو ممنوع على إطلاقه.
    وللخبر المتقدم في الظان (6). وهو ـ مع ضعف سنده وعدم جابر له في المقام ـ مخصوص بالظان ، فإنّ « ترى » بمعنى : « تظن » كما عرفت ، والقياس‏
1 ـ اُي في صورةالعمد او الجهل او النسيان. منه رحمه الله.
2 ـ الشرائع 1 : 64.
3 ـ جامع المقاصد 2 : 28 ، وانظر الحدائق 6 : 287.
4 ـ التذكرة 1 : 85.
5 ـ النهاية : 62 ، المهذَّب 1 : 72 ، الكافي في الفقه : 138 ، البيان : 112
6 ـ راجع ص : 244.


(253)
حرام.
    وللدروس وغيره (1) ، فقالوا بالصحة فيما لو صادفت الوقت بتمامها ناسياً أو جاهلاً.
    وهو قويّ في الناسي مطلقا ، سواء فسّر بناسي مراعاة الوقت ، كما هو المتبادر منه ، أو من جرت منه الصلاة حال عدم خطور الوقت بالبال ، كما أطلقه عليه في الذكرى (2) ؛ لوقوع الصلاة في الوقت ، غاية ما في الباب انتفاء علم المكلف به ، وهو غير قادح ، لعدم دليل على الشرطية ، مع أن الأصل ينفيه.
    ويشكل في الجاهل بأيّ معنى فسّر ، بجاهل الحكم أو جاهل دخول الوقت ، لأنه بالمعنى الثاني بحكم الشاك ، بل هو عينه ، فيتعلق به النهي عن الدخول الوارد في النصوص بالعموم ، كما مر من الموثق (3) ، ونحوه آخر : « إيّاك أن تصلي قبل أن تزول ، فإنك تصلّي في وقت العصر خير لك من أن تصلّي قبل أن تزول » (4).
    وبالخصوص ، كالحسن المروي عن مستطرفات السرائر : « إذا كنت شاكّاً في الزوال فصلّ ركعتين ، فإذا استيقنت أنها زالت بدأت بالفريضة » (5).
    وبالمعنى الأوّل في حكم العامد ، لم يتأتّ منه قصد التقرب ، كما تقرّر في محله.
1 ـ الدروس 1 : 143 ؛ وانظر مجمع الفائدة 2 : 54 ، والمدارك 3 : 102.
2 ـ الذكرى : 128.
3 ـ في ص : 245.
4 ـ التهذيب 2 : 141/54 ، الوسائل 4 : 16 أبواب ، المواقيت ب 13 ح 6.
5 ـ مستطرفات السرائر 30/22 ، الوسائل 4 : 279 أبواب المواقيت ب 58 ح 1.


(254)
    ( وهي‏ ) في اللغة ـ على ما قيل (1) ـ حالة المستقبل ، أو الاستقبال على هيئة.
    وفي الاصطلاح ما يستقبل.
    واختلف الأصحاب في تعيينه بعد اتفاقهم على ( أنه الكعبة ) في الجملة فأكثر المتأخّرين (2) على أنها القبلة مطلقا ( مع الإمكان ) من مشاهدتها ، كمن كان في مكة متمكنا منها ولو بمشقة يمكن تحمّلها عادةً.
    و إلّا يتمكن ـ بالبعد عنها ، أو تعذّر مشاهدتها لمرض أو حبس أو نحوهما فجهتها وإن بَعُد.
    وفاقاً منهم للمحكي عن كثير من القدماء ، كالمرتضى ، والحلبي ، والحلي ، والإسكافي (3).
    ولعله الأقوى ؛ استناداً في الشق الأوّل إلى الإجماع المحكي عن المعتبر والتذكرة (4).
    والنصوص المستفيضة ، بل المتواترة ، المتضمنة للصحيح والموثق وغيرهما (5) على أنها القبلة.
1 ـ كشف اللثام 1 : 171.
2 ـ منهم الشهيدان في البيان : 114 ، وروض الجنان : 189 ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد 2 : 48 ؛ وصاحب المدارك 3 : 119 ، والسبزواري في الذخيرة : 213.
3 ـ المرتضى في الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : 195 ، الحلبي في الكافي : 138 ، الحلي في السرائر 1 : 204 ، وحكاه عن الإسكافي في المختلف : 76.
4 ـ المعتبر 2 : 65 ، التذكرة 1 : 100.
5 ـ الوسائل 4 : 297 أبواب القبلة ب 2.


(255)
    و الاحتياط ، للإجماع على صحة الصلاة إليها ، والخلاف في الصلاة إلى المسجد والحرم ، مع اختلاف المسجد صغراً وكبراً في الأزمان ، وعدم انضباط ما كان مسجداً عند نزول الآية (1) بيقين.
    وخصوص المروي في الاحتجاج عن مولانا العسكري عليه السلام في احتجاج النبي صلّى اللّه عليه وآله على المشركين ، قال : « إنّا عباد اللّه تعالى ... إلى أن قال : فلما أمرنا أن نعبده بالتوجه إلى الكعبة أطعنا ، ثمَّ أمرنا بعبادته بالتوجه نحوها في سائر البلدان التي تكون بها » (2).
    نقله في الوسائل ، وهو نص في المدّعى كملاً حتى في الشق الثاني.
    والحجة فيه بعده أيضا : النصوص المتقدمة بأنّ القبلة هي الكعبة ، بناءً على أنّ تعذّر عينها للبعيد يوجب إرادة الجهة.
    مضافاً إلى ظهور جملة منها في كونها مرادة ، وهي ما دلّ على أنه صلّى اللّه عليه وآله حوّل إليها ، وهي أيضاً مستفيضة ، متضمنّة للصحيح وغيره (3).
    مضافاً إلى الصحيحين وغيرهما : « ما بين المشرق والمغرب قبلة » (4).
    وهو وإن اختصّ بالمضطرّ ، إلّا أنه صريح في تعيّن الجهة ولو في الجملة ، كما صرّح به الشهيد رحمه اللّه (5). ويندفع به القول بتعيّن العين للقبلة المشار إليه بقوله ( وقيل : ) والقائل الشيخ في أكثر كتبه (6) ، والقاضي وابن حمزة والديلمي (7) ، بل ذكر الشهيدان انه أكثر الأصحاب (8) ، وزاد أوّلهما
1 ـ اشارة الى قوله تعالي ( فَوَلّ وَجهَکَ شَطَر المسجد الحرام ... ) ـ البقره : 144 ، 150.
2 ـ الاحتجاج : 27 ، الوسائل 4 : 302 أبواب القبلة ب 2 ح 14.
3 ـ الوسائل 4 : 297 أبواب القبلة ب 2.
4 ـ الوسائل 4 : 314 أبواب القبلة ب 10 الاحاديث 1 ، 2 ، 3.
5 ـ الذكرى : 162.
6 ـ اُنظر النهاية : 62 ، المبسوط 1 : 77 ، الخلاف 1 : 295.
7 ـ القاضي في المهذَّب 1 : 84 ، ابن حمزة في الوسيلة : 85 ، الديلمي في المراسم : 60.
8 ـ الشهيد الأول في الذكرى : 162 ، الشهيد الثاني في روض الجنان : 189.
رياض المسائل ـ الجزء الثاني ::: فهرس