رياض المسائل ـ الجزء الثاني ::: 361 ـ 375
(361)
استحباب نحو التكة له ، ولكنه غير قيامه مقام الرداء حيث يكون مستحبّاً.
    ( وأن يصحب معه حديداً ظاهراً ) على الأظهر الأشهر ، بل عليه عامة من تأخّر ، وفي الخلاف الإجماع عليه في الجملة (1).
    وهو الحجة ، لا النصوص المستفيضة وإن كان فيها الموثق وغيره (2) ، لأن ظاهرها التحريم مطلقاً ، كما عن المقنع مستثنياً منه السلاح (3) ، والنهاية والمهذب مستثنيين ما إذا كان مستوراً (4) ؛ لأنها شاذّة لا يوافق إطلاقها شيئاً من الأقوال المزبورة ، فلتكن مطرحة ، ويكون المستند في الكراهة هو الشبهة الناشئة من الفتوى بالحرمة ، مع احتمال الاستناد إليها لإثباتها بعد تقييدها بما إذا كان بارزاً ، جمعاً بينها وبين ما دلّ على نفى البأس عن الصلاة فيه ، إما مطلقاً كما في المروي في الاحتجاج للطبرسي عن الحميري : أنه كتب إلى الناحية المقدسة يسأله عليه السلام عن الرجل يصلّي وفي كمه أو سراويله سكين أو مفتاح حديد ، هل يجوز ذلك ؟ فوقّع عليه السلام : « جائز » (5).
    أو إذا كان مستوراً ، كما في المروي في الكافي مرسلاً ، قال : وروي : « إذا كان المفتاح في غلاف فلا بأس » (6).
    وفي التهذيب : وقد قدمنا في رواية عمار أنّ الحديد إذا كان في غلافه فلا بأس بالصلاة فيه (7).
    لكن تعليل المنع في جملة من المستفيضة بكونه من لباس أهل النار كما
1 ـ الخلاف 1 : 507 ـ 508.
2 ـ الوسائل 4 : 417 أبواب المصلّي ب 32.
3 ـ المقنع : 25.
4 ـ النهاية : 99 ، المهذَّب 1 : 75.
5 ـ الاحتجاج : 484 ، الوسائل 4 : 420 أبواب لباس المصلّي ب 32 ح 11.
6 ـ الكافي 3 : 404/35 ، الوسائل 4 : 418 أبواب لباس المصلّي ب 32 ح 3.
7 ـ التهذيب 2 : 227.


(362)
في بعضها (1) ، أو الجن والشياطين كما في آخر منها (2) ، أو أنه نجس ممسوخ كما في غيرهما (3) ، ربما يشعر بالعموم ـ كما عليه المقنع (4) ـ لكن من دون استثناء السلاح. لكن لا ّبُعد في التقييد بعد وجود ما يدل عليه صريحا (5) ، سيّما مع كونه ـ ولو في الجملة ـ متفقاً عليه. هذا.
    وربما يستشعر من التعليل الكراهة ، قال الماتن في المعتبر : وقد بيّنا أنّ الحديد ليس بنجس بإجماع الطوائف ، فإذا ورد التنجيس حملناه على كراهية استصحابه ، فإن النجاسة تطلق على ما يستحب أن يجتنب ويسقط الكراهة مع ستره وقوفاً في الكراهة على موضع الوفاق (6).
    وهو حسن ، إلّا ما يستشعر منه من لزوم الاقتصار في الكراهة على محل الوفاق ، فإنّ فيه نظراً ، لما عرفت مراراً : من جواز التسامح فيها والاكتفاء في إثباتها بقول فقيه واحد ، فضلاً عن إطلاق روايات بالمنع ، كما فيما نحن فيه ، فإطلاق الكراهة لا بُعد فيه ، لو لا الاتفاق على الظاهر ممن عدا المقنع على عدمها إذا كان مستوراً.
    ( و ) أن يصلّي ( في ثوب يتهم صاحبه ) بعدم التوقي من النجاسة ، أو بمساورته له وهو نجس ، بلا خلاف أجده إلّا من المبسوط ، فمنع عن الصلاة في ثوب عمله كافر أو اُخذ ممن يستحلّ شيئاً من النجاسات أو المسكرات ،
1 ـ الفقيه 1 : 164/773 ، التهذيب 2 : 372/1548 ، علل الشرائع : 348/1 ، الوسائل 4 : 418 أبواب لباس المصلّي ب 32 ح 5.
2 ـ التهذيب 2 : 227/894 ، الوسائل 4 : 419 أبواب لباس المصلّي ب 32 ح 6.
3 ـ الكافي 3 : 400/13 ، التهذيب 2 : 227/894 ، الوسائل 4 : 419 أبواب لباس المصلّي ب 32 ح 6.
4 ـ راجع ص : 356.
5 ـ اُنظر الوسائل 4 : 458 أبواب لباس المصلّي ب 57.
6 ـ المعتبر 2 : 98.


(363)
معلّلاً بأن الكافر نجس (1). وتبعه الحلّي للتعليل ، قائلاً : إن إجماع أصحابنا منعقد على أن أسآر جميع الكفار نجسة بلا خلاف بينهم (2). وهو خيرة الإسكافي (3) لكن مع اضطراب لكلامه فيه.
    وما ذكروه من المنع حسن مع العلم بالمباشرة برطوبة ، كما يفهم من تعليلهما ، بناءً على أن نجاسة الكفّار عينيّة لا تؤثّر في الملاقي إلّا بالمباشرة له برطوبة قطعاً لا مطلقا ، ولعله لذا لم ينقل الخلاف هنا كثير من الأصحاب ، معربين عن عدم خلاف فيه.
    ومحل نظر مع عدم العلم بذلك ، بل يجوز الصلاة حينئذ مطلقاً ولو كان حصول النجاسة بالمباشرة رطباً مظنوناً ، بناءً على الأقوى من اشتراط العلم أو ما يقوم مقامه شرعاً ـ إن قلنا به ـ في الحكم بالنجاسة ، وأن مع عدمهما فالأقوى الطهارة ، لعموم قولهم عليهم السلام : « كل شي‏ء طاهر حتى تعلم أنه قذر » (4).
    وخصوصِ الصحاح في مفروض المسألة ، منها : إني اُعير الذمي ثوبي وأنا أعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير ، فيردّه عليّ ، أفأغسله قبل أن أصلّي فيه ؟ فقال عليه السلام : « صلّ فيه ولا تغسله من أجل ذلك ، فإنك أعرته إيّاه وهو طاهر ، ولم تستيقن أنه نجّسه ، فلا بأس أن تصلّي فيه حتى تستيقن أنه نجّسه » (5).
1 ـ المبسوط 1 : 84.
2 ـ السرائر 1 : 269.
3 ـ كما نقله عنه في المختلف : 82.
4 ـ راجع الوسائل 3 : 466 أبواب النجاسات ب 37 ، المستدرك 2 : 582 أبواب النجاسات ب 30.
5 ـ التهذيب 2 : 361/1495 ، الاستبصار 1 : 392/1497 ، الوسائل 3 : 521 أبواب النجاسات ب 74 ح 1.


(364)
    و منها : عن الثياب السابريّة يعملها المجوس وهم أخباث وهم يشربون الخمر ونساؤهم على تلك الحال ، ألبسها ولا أغسلها واُصلّي فيها ؟ قال : « نعم » (1) الحديث.
    ومنها : عن الصلاة في ثوب المجوس ، قال : « يرشّ بالماء » (2). إلى غير ذلك من الأخبار.
    نعم ، في الصحيح : عن الذي يعير ثوبه لمن يعلم أنه يأكل الجرَّيّ (3) ويشرب الخمر فيردّه ، أيصلي فيه قبل أن يغسله ؟ قال : « لا يصلّي فيه حتى يغسله » (4).
    وهو وإن دلّ على المنع إلّا أنه قاصر عن المقاومة لما مرّ جدّاً من وجوه شتّى ، فليحمل على الكراهة جمعاً. ولأجله قالوا بها ، مضافاً إلى الشبهة الناشئة من القول بالمنع ، ولخصوص الصحيح : في الرجل يصلّي في إزار المرأة وفي ثوبها ويعتمّ بخمارها قال : « نعم إذا كانت مأمونة » (5) وأقلّ النفي المفهوم منه الكراهة.
    وليس فيه ـ كالعبارة ونحوها كما ترى ـ بيان المأمومنية عن أيّ شي‏ء ، فيشمل عن كلّ محذور ولو غير النجاسة من نحو الغصب ، واستصحاب فضلات ما لا يؤكل لحمه ، كما عليه جماعة ومنهم الشهيدان (6) ، قال ثانيهما :
1 ـ التهذيب 2 : 362/1497 ، الوسائل 3 : 518 أبواب النجاسات ب 73 ح 1.
2 ـ التهذيب 2 : 362/1498 ، الوسائل 3 : 519 أبواب النجاسات ب 73 ح 3.
3 ـ الجِرِّيّ : ضرب من السمك عديم الفلس ، ويقال له ، الجِرِّيث بالثاء المثلثة. مجمع البحرين 3 : 244.
4 ـ التهذيب 2 : 361/1494 ، الاستبصار 1 : 393/1498 ، الوسائل 3 : 521 أبواب النجاسات ب 74 ح 2.
5 ـ الكافي 3 : 402/19 ، الفقيه 1 : 166/781 ، التهذيب 2 : 364/1511 ، الوسائل 4 : 447 أبواب لباس المصلّي ب 49 ح 1.
6 ـ الذكرى : 148 ، روض الجنان : 212.


(365)
وينبّه عليه كراهة معاملة الظالم وأخذ عطائه.
    وظاهر كثير من العبارات تقييد نحو العبارة بمن لا يتوقى النجاسة خاصة ، والأوّل أقرب بالاحتياط ، وأنسب بحال الكراهة ، كما مرّ غير مرّة.
    ( و ) أن يصلّي ( في قباء ) بل مطلق الثوب الذي يكون ( عليه تماثيل ، أو خاتم فيه صورة ) بلا خلاف في المرجوحية على الظاهر ، المصرّح به في كلام بعض الأجلة (1) ، بل عليه الإجماع في شرح القواعد للمحقق الثاني (2) ؛ وهو الحجة.
    مضافاً إلى المعتبرة المعبّر بعضها عنها بلفظ الكراهة ، كالصحيحين المتضمن أحدهما لقوله : كره أن يصلي وعليه ثوب فيه تماثيل (3) وثانيهما لقوله : فكره ما فيه التماثيل بعد أن سئل عن الصلاة في الثوب المُعلَم (4).
    وآخر منها ب « لا » و « لا يجوز » كالموثق : عن الثوب يكون في علمه مثال طير أو غير ذلك ، أيصلّي فيه ؟ قال : « لا » وعن الرجل يلبس الخاتم فيه نقش مثال الطير أو غير ذلك ، قال : « لا يجوز الصلاة فيه » (5).
    وظاهره وإن أفاد التحريم ـ كما عليه الشيخ في النهاية والمبسوط في الثوب والخاتم (6) ، والقاضي في المهذَّب والصدوق في المقنع في الأخير خاصة (7) ـ إلّا أنه محمول على الكراهة ، لا للأصل وضعف الموثق مع تصريح‏
1 ـ الذخيرة : 231 ، وانظر البحار 80 : 243.
2 ـ جامع المقاصد 2 : 114.
3 ـ الكافي 3 : 401/17 ، الوسائل 4 : 437 أبواب لباس المصلّي ب 45 ح 2.
4 ـ الفقيه 1 : 172/810 ، عيون الاخبار 2 : 17/44 ، الوسائل 4 : 437 أبواب لباس المصلّي ب 45 ح 4.
5 ـ التهذيب 2 : 372/1548 ، الوسائل 4 : 440 أبواب لباس المصلّي ب 45 ح 15.
6 ـ النهاية : 99 ، المبسوط 1 : 84.
7 ـ المهذَّب 1 : 75 ، المقنع : 25.


(366)
الصحيحين بالكراهة ؛ لأعمّيتها في الأخبار من المعنى المصطلح عليه الآن ومن الحرمة ، وحجّية الموثق فلا يعارضه الأصل.
    بل للجمع بينه وبين ما نصّ على الجواز من الأخبار ، كالمروي في قرب الإسناد عن علي بن جعفر : أنه سأل أخاه عليه السلام عن الخاتم يكون فيه نقش سبع أو طير أيصلّى فيه ؟ قال : « لا بأس » (1).
    وقصور السند مجبور بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا ، بل هي من المتأخّرين إجماع في الحقيقة. مع أنّ في المنتهى احتمل حمل « لا يجوز » في كلام الشيخ على الكراهة (2) ، لشيوع استعماله فيها في عبارته ، بل مطلق القدماء والأخبار كما لا يخفى ، وعليه فلا خلاف.
    واختصاصه بالخاتم مجبور بعدم القائل بالفرق ؛ إذ كل من جوّز الصلاة فيه جوّز في الثوب أيضا ، وإن لم يكن بحسب المنع كذلك (3). مع ظهور الموثقة المانعة ـ كفتوى الأصحاب كافة ـ في كون المنع إنما هو من حيث المثال خاصة ، لا الثوبية مع الصورة ؛ ولذا ورد كراهة الصلاة في الدراهم السود التي فيها التماثيل ، كما في الصحيح : « ما أشتهي أن يصلّي ومعه هذه الدراهم التي فيها التماثيل » (4) ونحوه غيره (5) ، وفي البُسُط التي فيها المثال ونحو ذلك (6).
    وبتتبّع جميع ذلك يظهر كون وجه المنع ما ذكرناه ، وعليه فتدل هذه الصحيحة الواردة في الدراهم على الكراهة والجواز في مطلق ما فيه المثال ولو
1 ـ قرب الإسناد : 211 ح 827 ، الوسائل 4 : 442 أبواب لباس المصلّي ب 45 ح 23.
2 ـ المنتهى 1 : 234.
3 ـ فان الصدوق والقاضي منعا عن الخاتم دون الثوب. منه رحمه الله.
4 ـ الفقيه 1 : 166/779 ، الوسائل 4 : 437 أبواب المصلّي ب 45 ح 3.
5 ـ الخصال : 627 ( حديث الاربعمائه ) ، الوسائل 4 : 438 أبواب لباس المصلّي ب 45 ح 5.
6 ـ الوسائل 4 : أبواب المصلّي ب 45 الاحاديث 5 ، 7 ، 11 ، 14.


(367)
كان الثوب والخاتم ، لظهور لفظ : « ما أشتهي » فيها ، مضافاً إلى الصحيح الصريح في الجواز لكن فيما إذا كانت الدراهم مواراةً ، وفيه : عن الدراهم السود فيها التماثيل أيصلّي الرجل وهي معه ؟ فقال : « لا بأس إذا كانت مواراة » (1).
    وهل المثال والصورة يعمّان ما كان منهما للحيوان وغيره ، أم يختصّان بالأوّل ؟
    ظاهر الأكثر ـ على الظاهر ، المصرح به في كلام جمع (2) ـ الأوّل ، بل نسبه في المختلف إلى باقي الأصحاب من عدا الحلي ، واختاره للإطلاق (3).
    وفيه نظر ؛ لاختصاصه ـ بحكم التبادر ، وشهادة جملة من النصوص ، وبها اعترف جملة من الفحول (4) ـ بالأوّل ، مع أن عن المغرب اختصاص التمثال بصور اُولي الأرواح وعموم الصور حقيقة ، قال : وأمّا تمثال شجر فمجاز (5) وعن المصباح المنير في تفسير قوله : وفي ثوبه تماثيل ، أي صور حيوانات مصوّرة (6).
    وكلامهما ـ سيما الأوّل ـ ظاهر في اختصاص التمثال بصور الحيوان حقيقة ، وكون إطلاقه على غيرها مجازاً ، نعم كلام الأوّل ظاهر في عموم الصور ، ولكنه غير ضائر بعد اختصاص مورد النصوص المانعة مطلقاً بالتمثال‏
1 ـ الكافي 3 : 402/20 ، التهذيب 2 : 364/1508 ، الوسائل 4 : 439 أبواب لباس المصلّي ب 45 ح 8.
2 ـ منهم المحقق الثاني في جامع المقاصد 2 : 114 ، والشهيد الثاني في المسالك 1 : 24 ، وصاحب الحدائق 7 : 149.
3 ـ المختلف : 81 ، وانظر السرائر 1 : 263.
4 ـ منهم : الشهيد في الذكرى : 147 ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد 2 : 114 ، وصاحب الحدائق 7 : 156.
5 ـ المغرب 2 : 177.
6 ـ المصباح المنير : 564.


(368)
دون الصور ، ولعله لذا اختار الحلّي التخصيص بالحيوان ، وقوّاه جماعة من المحققين (1) ؛ مضافاً إلى الأصل.
    وهو حسن لو لا اشتهار إطلاق الكراهة ، وشبهة دعوى الاتفاق عليه في المختلف (2) ، مع المسامحة في أدلّتها ، كما سبق غير مرة.
    وترتفع الكراهة بتغيير الصورة والضرورة ، كما صرّح به جماعة (3) ؛ للصحيح (4) في الأول ، وفحوى ما دلّ على سقوط التكليف الحتمي في الثاني (5) ، مضافاً إلى الموثّق : عن لباس الحرير والديباج ، فقال : « أما في الحرب فلا بأس وإن كان فيه تماثيل » (6). وقريب منه ظواهر جملة من النصوص (7).
    ( ويكره للمرأة أن تصلّي في خلخال له صوت ، أو متنقّبة ) على وجهها ( و ) كذا ( يكره للرجال اللثام ).
    بلا خلاف إلّا من القاضي في الأول فحرّمه (8). ولا دلالة للصحيح (9)
1 ـ كالمجلسي في بحار الأنوار 80 : 246 ، والفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 193.
2 ـ المختلف 81.
3 ـ منهم الشهيد الثاني في روض الجنان : 212 ، وصاحب المدارك 3 : 214 ، والسبزواري في الذخيرة : 232.
4 ـ التهذيب 2 : 363/1503 ، الوسائل 4 : 440 أبواب لباس المصلّي ب 45 ح 13.
5 ـ مثل قولهم عليهم السلام : « ليس شيء مّما حرم الله الا وقد احله لمن اضطرّ اليه » . الوسائل 5 : 482 أبواب القيام ب 1 ح 6 ، 7.
6 ـ التهذيب 2 : 208/816 ، الاستبصار 1 : 386/1466 ، الوسائل 4 : 372 أبواب لباس المصلّي ب 12 ح 3.
7 ـ الوسائل 4 : 371 أبواب المصلّي ب 12.
8 ـ المهذَّب 1 : 75.
9 ـ الكافي 3 : 404/33 ، الفقيه 1 : 65 / ذيل حديث 775 ، قرب الإسناد : 226/881 الوسائل 4 : 463 أبواب لباس المصلّي ب 62 ح 1.


(369)
عليه ؛ لتضمّنه : « لا يصلح » الظاهر في الكراهة ، أو الأعمّ منها ومن الحرمة ، فتدفع بالأصل ؛ مع عمومه لحال الصلاة وغيرها ، ولا يقول به. فتأمّل (1).
    ومن الشيخين في المقنعة والمبسوط والنهاية فيما عداه ، فأطلقا المنع عن اللثام والنقاب حتى يكشف عن الفم وموضع السجود (2).
    وهو حسن إن أرادا المنع إذا منعا عن القراءة وغيرها من الواجبات ، وإلّا فمحل نظر. بل ظاهر المعتبرة المستفيضة ـ ومنها الصحيحان (3) والموثقان (4) ـ نفي البأس عنهما على الإطلاق ، إلّا أن في أحد الموثقين التصريح بأفضليّة عدمهما ، ولعلّه لذا حكموا بالكراهة ، وفيه نظر. ويحتمل كون الوجه فيها الخروج عن شبهة إطلاق القول بالمنع.
    ويحتمل اختصاصه بصورة ما إذا منع القراءة مثلاً ، والمنع حينئذ متّفق عليه ظاهراً ، وإن اختلفوا في انسحابه فيما إذا منع سماعها دونها ، فقيل : نعم (5). وهو الأظهر ، وعليه الفاضلان وغيرهما (6) ، لما في بعض المعتبرة « لا يحسب لك من القراءة والدعاء إلّا ما أسمعت نفسك » (7) مؤيّداً بالصحيح‏
1 ـ وجهه ما قبل من ظهور سياق الصحيح في الاختصاص بحال الصلاة منه رحمه الله.
2 ـ المقنعة : 152 ، المبسوط 1 : 83 ، النهاية : 98.
3 ـ الأول :
    الفقيه 1 : 173/818 ، الوسائل 4 : 423 أبواب لباس المصلّي ب 35 ح 2.
    الثاني :
    الكافي 3 : 315/15 ، الفقيه 1 : 173 / ذيل الحديث 818 ، التهذيب 2 : 229/903 ، الاستبصار 1 : 398/1519 ، الوسائل 4 : 423 أبواب لباس المصلّي ب 35 ح 3.
4 ـ الأول : التهذيب 2 : 229/901 ، الاستبصار 1 : 397/1517 ، الوسائل 4 : 423 أبواب لباس المصلّي ب 35 ح 5.
5 ـ قال به الشهيد الثاني في روض الجنان : 210.
6 ـ المحقق في المعتبر 2 : 99 ، العلامة في المنتهى 1 : 234 ، والتذكرة 1 : 98 ؛ وانظر التهذيب 2 : 229 ، والمدارك 3 : 208.
7 ـ الكافي 3 : 313/6 بتفاوت يسير ، التهذيب 2 : 97/363 ، الاستبصار 1 :


(370)
النافي للبأس عن اللثام إذا سمع الهمهمة (1).
    وفي الخلاف الإجماع على كراهة اللثام ، قال : بل ينبغي أن يكشف عن جبهته موضع السجود (2).
    ( وقيل : يكره ) الصلاة ( في قباء مشدود إلّا في ) حال ( الحرب ) قال في التهذيب ـ بعد ذكر عبارة المقنعة المتضمنة للفظة « لا يجوز » الظاهرة في التحريم ـ : ذكر ذلك علي بن الحسين بن بابويه ، وسمعناه من الشيوخ مذاكرةً ، ولم أعرف خبراً مسنداً (3).
    وظاهره التردد كالماتن هنا ، والفاضل في التحرير والمنتهى ، والشهيدين في روض الجنان والروضة والذكرى (4) ، وغيرهم من متأخّري أصحابنا ، حيث اقتصروا على نقل الكراهة عن الشيخين والمرتضى كما في جملة من العبارات (5) ، أو مع زيادة كثير من الأصحاب كما في غيرها (6) ، أو عن المشهور كما في الروضة والمدارك والذخيرة وغيرها (7).
    وهو حسن إن لم نتسامح في أدلّة الكراهة ، وإلّا فالكراهة أولى ، ولذا صرّح الماتن بها في الشرائع والفاضل في الإرشاد والقواعد والشهيد في اللمعة
320/1194 ، الوسائل 6 : 96 أبواب القراءة في الصلاة ب 33 ح 1.
1 ـ راجع الرقم ص : 364 ، الرقم (4) الصحيح الثاني.
2 ـ الخلاف 1 : 508.
3 ـ التهذيب 2 : 232.
4 ـ التحرير 1 : 31 ، المنتهى 1 : 235 ، روض الجنان : 210 ، الروضة 1 : 209 ، الذكرى : 148.
5 ـ كالمعتبر 1 : 99 ، والمنتهى 1 : 235 ، والتحرير 1 : 31.
6 ـ كروض الجنان : 210 ، وجامع المقاصد 2 : 109.
7 ـ الروضة 1 : 209 ، المدارك 3 : 208 ، الذخيرة : 230 ؛ وانظر البيان : 123 ، وبحار الأنوار 80 : 207.


(371)
والدروس (1) ، مع أن ظاهر المقنعة وصريح الوسيلة التحريم (2) ، كما عن ظاهر المبسوط والنهاية (3) ، فتقوّى الكراهة بالاحتياط في العبادة ، وإن كان ظاهر الجماعة ـ عدا الفاضل في المختلف (4) ـ أنهم فهموا من العبارات المانعة الكراهة ، حيث لم ينقلوا عنهم الحرمة ، بل صرّحوا بنقل الكراهة.
    وذكر الشهيد في الذكرى ـ بعد نقل الكراهة عنهم وذكر كلام التهذيب ـ أنه روت العامة أن النبي صلّى اللّه عليه وآله قال : « لا يصلّي أحدكم وهو متحزّم » (5) وهو كناية عن شدّ الوسط ، وكرهه في المبسوط (6).
    واعترضه كثير منهم شيخنا الشهيد الثاني ، فقال : وظاهر استدراكه لذكر الحديث جعله دليلاً على كراهة القباء المشدود ، وهو بعيد (7).
    وفيه نظر ؛ فإن ظاهر الاستدراك وإن أوهم ذلك ، إلّا أن نسبته بعد ذلك وفي البيان (8) كراهة شدّ الوسط ـ الذي جعل الرواية كناية عنه ـ إلى المبسوط خاصة دون الجماعة ظاهرة في المغايرة بينه وبين القباء المشدود ، ولذا جعلهما مكروهين ـ مؤذناً بتغايرهما ـ في الدروس ، فقال : ويكره في قباء مشدود في غير
1 ـ الشرائع 1 : 70 ، الإرشاد 1 : 247 ، القواعد 1 : 28 ، اللمعة ( الروضة البهية 1 ) : 209 ، الدروس 1 : 148.
2 ـ المقنعة : 152 ، الوسيلة : 88.
3 ـ المبسوط 1 : 83 ، النهاية : 98.
4 ـ المختلف : 82.
5 ـ لم نعثر عليه فيما بأيدينا من كتب العامة ، نعم في مسند احمد 2 : 458 : « لا يصلي الرجل الا وهو محتزم » ، وفي سنن البيهقي 2 : 240 ، ونهاية ابن الاثير 1 : 479 : نهى ان يصلي الرجل حتي يحتزم.
6 ـ الذكرى : 148.
7 ـ روض الجنان : 211.
8 ـ البيان : 123.


(372)
الحرب ومشدود الوسط (1).
    أقول : وما عزاه إلى المبسوط هو خيرته أيضاً في الخلاف ، قال : ويكره أن يصلّي وهو مشدود الوسط ، ولم يكره ذلك أحد من الفقهاء ، دليلنا إجماع الفرقة ، وطريقة الاحتياط (2).
    وهو ظاهر شيخنا أيضاً في الروضة ، فقال : ويمكن الاكتفاء في دليل الكراهة بمثل هذه الرواية (3) ، مشيرا بها إلى ما في الذكرى من الرواية النبوية.
    وهو حسن.
    قيل : وبكراهته يمكن أن يستدل على كراهية القباء المشدود بالفحوى ؛ لأن كراهة الصلاة مع التحزّم الذي ليس فيه إلّا قليل شدّ تستلزم كراهيتها في القباء المشدود الذي هو أكثر شدّا بطريق أولى. إلّا أن يقال : إن الفقهاء لم يفتوا بكراهة التحزّم ، والقياس بطريق أولى حجّة إذا كان الحكم في المقيس عليه مقبولاً (4).
    وفيه نظر ؛ لعدم وضوح الأولوية بعد احتمال كون القباء له مدخلية في الكراهة ، كما هو ظاهر الجماعة ، وليس كل متحزم عليه من نحو القميص والرداء وغيرهما قباءً ، بل هو ثوب خاص ، وعن نظام الغريب : أنه قميص ضيّق الكمين مفرج المقدّم والمؤخّر (5).
    ثمَّ دعوى عدم مصير الفقهاء إلى كراهة الصلاة مع التحزّم قد عرفت ما فيها ، لكونها مذهب الشيخ في جملة من كتبه ، مدّعيا في بعضها إجماعنا (6).
1 ـ الدروس 1 : 148.
2 ـ الخلاف 1 : 509.
3 ـ الروضة 1 : 210.
4 ـ حاشية المدارك للبهبهاني ( المدارك بالطبع الحجري : 143 )
5 ـ حكى عنه الفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 192.
6 ـ لم نعثر في كتب الشيخ على ما نُسب اليه من كراهة شد الوسط ، الا ما في الخلاف من ادّعاء.


(373)
    نعم ، لا يمكن أن يكون الأولوية سنداً لجميع الفقهاء ، بل لمن قال بكراهة الأصل من الفقهاء.
    وفي الذخيرة : أن الشيخ أورد في زيادات التهذيب خبرين دالّين على كراهيّة حلّ الأزرار في الصلاة (1) ، فيمكن تخصيص كراهية الشدّ بما عدا الأزرار ، أو تخصّ كراهية حلّ الأزرار بما إذا كان واسع الجيب (2).
    ولعلّه فهم من القباء المشدود ما يعمّ المشدود بالأزرار ، ولذا فهم التعارض بين الخبرين ، وما ذكروه من كراهة الصلاة في القباء المشدود.
    وفيه نظر ؛ لعدم صدق الشدّ على الزرّ بالإزار ، وعليه فلا تعارض بين الحكمين ليحتاج في الجمع بينهما إلى ما ذكره من أحد التخصيصين.
    و هنا ( مسائل ثلاث‏ ) :
    ( الأولى : ما يصح فيه الصلاة يشترط فيه الطهارة )
من النجاسة على تفصيل تقدم ذكره في كتابها ، من أراده فليراجعه ثمة (3).
    ( وأن يكون مملوكاً ) للمصلّي عيناً ومنفعة ، ( أو منفعة خاصّة أو مأذونا فيه ) للصلاة فيه ، أو مطلقاً بحيث يشملها ، كالإذن صريحاً ، أو فحوىً ، أو بشاهد الحال إذا أفاد علماً بالرضا المباح معه التصرف في مال الغير المنهي عنه من دونه شرعاً ، فلا يجوز الصلاة في الثوب المغصوب كما مضى بيانه مفصّلاً (4).
الاجماع على ذلک ، كما مر في ص 366 والناسب الى الشيخ هو الشهيد في البيان : 123.
1 ـ التهذيب 2 : 326/1334 ، 357/1476 ، 369/1535 ، الوسائل 4 : 394 أبواب لباس المصلّي ب 23 ح 3 ، 5.
2 ـ الذخيرة : 230.
3 ـ راجع ص : 90.
4 ـ راجع ص : 328.


(374)
    ( الثانية : يجب ) ستر العورة في الصلاة مطلقاً ، وفي غيرها إذا كان هناك ناظر محترم ، بإجماع العلماء كافّة ، كما حكاه جماعة حدّ الاستفاضة (1) ، والنصوص به مع ذلك مستفيضة ، بل متواترة ، منها : « عورة المؤمن على المؤمن حرام » (2).
    وهو شرط في الصلاة عند علمائنا وأكثر العامة ، كما صرّح به جماعة حدّ الاستفاضة (3) ، وهو ظاهر جملة من المستفيضة الآتية في صلاة العراة منفردين وجماعةً (4) ، حيث أسقطت معظم الأركان من الركوع والسجود والقيام بفقد الساتر ، ولو لا كونه شرطاً للصحة لما ثبت ذلك.
    وهل شرطيته ثابتة مع المكنة على الإطلاق ، أو مقيّدة بالعمد؟
    الأصح الثاني ، وفاقاً للأكثر على الظاهر ، المصرّح به في كلام بعض (5) ؛ للأصل ، وعدم دليل على الشرطية على الإطلاق ، وخصوص الصحيح : عن الرجل يصلّي وفرجه خارج لا يعلم به ، هل عليه الإعادة ؟ قال : « لا إعادة عليه وقد تمت صلاته » (6).
    خلافاً للإسكافي ، فيعيد في الوقت (7). ولا دليل عليه ، مع أن الشرطية إن ثبتت على الإطلاق وجب الإعادة مع تركه على الإطلاق.
1 ـ منهم : المحقق في المعتبر 2 : 99 ، والعلامة في التحرير 1 : 31 ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد 2 : 92 ، والفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 186.
2 ـ اُنظر الوسائل 2 : 37 أبواب ادام الحمام ب 8.
3 ـ منهم : المحقق في المعتبر 2 : 99 ، والعلامة في المنتهى 1 : 235 ، والتذكرة 1 : 92.
4 ـ راجع ص : 386 ـ 390.
5 ـ كالمحدث البحراني في الحدائق 7 : 5.
6 ـ التهذيب 2 : 216/851 : الوسائل 4 : 404 أبواب لباس المصلّي ب 27 ح 1.
7 ـ كما حكاه عنه في المختلف : 83.


(375)
    و للشهيد قول آخر (1) لا أعرف وجهه ، وإن استحسنه في المدارك بعد اختياره المختار (2) ، وهو الفرق بين نسيان الستر ابتداء فيشترط ، وعروض التكشّف في الأثناء فلا.
    ويجب الستر بعد العلم بعدمه في الأثناء قولاً واحداً.
    ويجزي ( للرجل ستر قبله ودبره ) على الأشهر الأقوى ، بل عليه عامة متأخّري أصحابنا ، بل ومتقدميهم أيضاً ، كما يفهم من الأصحاب ، حيث لم ينقلوا الخلاف إلّا عمن يأتي ، مؤذنين بندورهما وشذوذهما ، كما صرّح به الشهيدان في روض الجنان والذكرى (3) ، وفي الخلاف والغنية أن عليه إجماع الفرقة (4) ، وفي السرائر أن عليه إجماع فقهاء أهل البيت (5) ، وهو الحجة.
    مضافاً إلى الأصل ، وظواهر النصوص المستفيضة ، منها : « العورة عورتان : القبل والدبر ، والدبر مستور بالأليتين ، فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة » (6).
    ومنها : عن الرجل بفخذه أو أليتيه الجرح ، هل يصلح للمرأة أن تنظر إليه وتداويه ؟ قال : « إذا لم يكن عورة فلا بأس » (7).
    ومنها : « الفخذ ليس من العورة » (8).
1 ـ اُنظر الذكرى : 141 ، والبيان : 125.
2 ـ المدارك 3 : 191.
3 ـ روض الجنان : 215 ، الذكرى : 139.
4 ـ الخلاف 1 : 293 ، الغنية ( الجوامع الفهية ) : 555.
5 ـ السرائر 1 : 260.
6 ـ الكافي 6 : 501/26 ، التهذيب 1 : 374/1151 ، الوسائل 2 : 34 أبواب آداب الحمام ب 4 ح 2.
7 ـ مسائل علي بن جعفر : 166/269 ، الوسائل 20 : 233 أبواب مقدمات النكاح وآدابه ب 130 ح 4.
8 ـ الفقيه 1 : 67/253 ، الوسائل 2 : 34 أبواب آداب الحمام ب 4 ح 4.
رياض المسائل ـ الجزء الثاني ::: فهرس