رياض المسائل ـ الجزء الثالث ::: 91 ـ 105
(91)
بيده » (1).
    ويستفاد منها علة سقوط الفصل بالركعتين في المغرب بين الأذانين ، ولا يبعد أن يكون ذلك مراد الأصحاب أيضاً ، كما يرشد إليه استثناؤهم المغرب ـ كالروايات ـ مع احتمال إحالتهم له على الوضوح من الخارج ، من حرمة النافلة في وقت الفريضة ، فهو أحوط ، حتى أنه لا يصلى من الراتبة بينهما إذا خرج وقتها ، وفي الخبر : « لا بدّ من قعود بين الأذان والإِقامة » (2).
    وإطلاقه ـ كأكثر الأخبار المتقدمة ، وصريح بعضها ـ استحباب الفصل بالجلوس بينهما مطلقاً ، حتى في المغرب ، كما عن النهاية والحلي (3) ، لكنهما قيّداه بالخفيف والسريع.
    ويعضدها ـ زيادة على ذلك ـ الخبر : « من جلس فيما بين أذان المغرب والإِقامة كان كالمتشحّط بدمه في سبيل اللّه تعالى » (4).
    والمروي عن مجالس الشيخ : قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « من السنة الجلسة بين الأذان والإِقامة في صلاة الغداة وصلاة المغرب وصلاة العشاء ، ليس بين الأذان والإِقامة سبحة ، ومن السنة أن يتنفّل بركعتين بين الأذان والإِقامة في صلاة الظهر والعصر » (5) فتأمّل.
    والمروي عن فلاح السائل للسيد الزاهد العابد المجاهد رضي الدين بن طاوس ـ رضي اللّه عنه ـ عن [ الحسن بن‏ ] (6) معاوية بن وهب ، عن أبيه ، قال :
1 ـ دعائم الإِسلام 1 : 145 ، المستدرك 4 : 30 أبواب الأذان والإِقامة ب 10 ح 1.
2 ـ التهذيب 2 : 64 / 226 ، الوسائل 5 : 397 أبواب الأذان والإِقامة ب 11 ح 1.
3 ـ النهاية : 67 ، الحلّي في السرائر 1 : 214.
4 ـ التهذيب 2 : 64 / 231 ، الاستبصار 1 : 309 / 1151 ، الوسائل 5 : 399 أبواب الأذان والإِقامة ب 11 ح 10.
5 ـ مجالس الشيخ : 704 ، الوسائل 5 : 400 أبواب الأذان والإِقامة ب 11 ح 13.
6 ـ مابين المعقوفين اثبتناه من المصدر.


(92)
    دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام وقت المغرب ، فإذا هو قد أذّن وجلس ، فسمعته يدعو (1) الحديث.
    وظاهره ـ كإطلاق البواقي ـ يدفع التقييد بالخفيف كما ذكراه ، ولعلّهما أخذاه من مراعاة ما دلّ على ضيق وقت المغرب ، ولا بأس به. بل الأحوط ترك الجلوس مطلقاً ، للمرسل : « بين كل أذانين قعدة إلّا المغرب ، فإنّ بينهما نفساً » (2) ولعلّ المراد به السكتة.
    وضعف السند مجبور بالشهرة ، وما عرفته من الإجتماعات المحكية ، وبذلك يترجّح على الأخبار المزبورة.
    مع أن الصريح منها غير واضحة الأسانيد ، ومعتبرتها مطلقة قابلة للتقييد ، ومع ذلك فهي بإطلاقها شاذّة غير معروفة القائل ، لما عرفت من تقييد النهاية والسرائر (3) بما ليس فيها.
    مع أن ظاهر الحلّي تخصيص استحباب الجلسة وباقي الْأُمور المتقدمة بالمفرد دون الجامع ، فاستحب له الفصل بالركعتين (4).
    وذكر جماعة عدم وقوفهم على نصّ يدل على استحباب الخطوة والسجود ، وإنما نسبوه إلى الأصحاب (5) ، مشعرين بدعوى الإجماع ، مع أنه روي في فلاح السائل : عن الصادق عليه السلام قال : « كان أمير المؤمنين عليه‏
1 ـ فلاح السائل : 228 ، المستدرك 4 : 31 أبواب الأذان والإِقامة ب 11 ح 1.
2 ـ التهذيب 2 : 64 / 229 ، الاستبصار 1 : 309 / 1150 ، الوسائل 5 : 398 أبواب الأذان والإِقامة ب 11 ح 7.
3 ـ راجع ص 91.
4 ـ السرائر 1 : 213.
5 ـ منهم الشهيد الأول في الذكرى : 175 ، وصاحب المدارك 3 : 287 ، والسبزواري في الكفاية 17.


(93)
السلام يقول لأصحابه : من سجد بين الأذان والإِقامة فقال في سجوده : ربّ لك سجدت خاضعاً خاشعاً ذليلاً يقول اللّه تعالى : ملائكتي ، وعزّتي وجلالي لأجعلنّ محبته في قلوب عبادي المؤمنين ، وهيبته في قلوب المنافقين » (1).
    وروي فيه أيضاً عنه عليه السلام أنه : « من أذّن ثمَّ سجد فقال : لا إله إلّا أنت ، ربّي سجدت لك خاضعاً خاشعاً غفر اللّه تعالى ذنوبه » (2).
    وفي الرضوي : « وإن أحببت أن تجلس بين الأذان والإِقامة فافعله ، فإنّ فيه فضلاً كثيراً ، وإنما ذلك على الإمام ، وأما المنفرد فيخطو تجاه القبلة خطوة برجله اليمنى ، ثمَّ يقول : باللّه أستفتح .. » (3) وذكر الدعاء.
    وفي الموثق : « إذا قمت إلى الصلاة الفريضة فأذّن وأقم ، وافصل بين الأذان والإِقامة بقعود ، أو بكلام ، أو بتسبيح » قال : وسألته : وكم الذي يجزي بين الأذان والإِقامة من القول ؟ قال : « الحمد للّه » (4).
    وفي الصحيح : رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام أذّن وأقام من غير أن يفصل بينهما بجلوس (5).
    ويستفاد منه كون الفصل به للاستحباب ، كما فهمه الأصحاب مما مر من الأخبار الظاهرة في الوجوب.
    ( ويكره الكلام في خلالهما ) وتتأكّد في الإقامة ، بلا خلاف أجده إلّا من القاضي ، فكرهه في الإقامة خاصة (6) ، مشعراً بعدمها في الأذان ، وقريب‏
1 ـ فلاح السائل : 152 ، الوسائل 5 : 400 أبواب الأذان والإِقامة ب 11 ح 14.
2 ـ فلاح السائل : 152 ، الوسائل 5 : 400 أبواب الأذان والإِقامة ب 11 ح 15.
3 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 97 ، المستدرك 4 : 30 أبواب الأذان والإِقامة ب 10 ح 2.
4 ـ الفقيه 1 : 185 / 877 ، التهذيب 2 : 49 / 162 ، الوسائل 5 : 397 ، 399 أبواب الأذان والإِقامة ب 11 ح 4 ، 11.
5 ـ التهذيب 2 : 285 / 1138 ، الوسائل 5 : 399 أبواب الأذان والإِقامة ب 11 ح 9.
6 ـ المهذَّب 1 : 90.


(94)
منه الفاضل في المنتهى ، فقال : ولا يستحب الكلام في أثناء الأذان ـ إلى أن قال ـ : ويكره في الإقامة بغير خلاف بين أهل العلم (1).
    وفي الكفاية : ويكره الكلام في أثناء الإقامة ، والمشهور استحباب ترك الكلام في خلال الأذان ، ومستنده غير واضح (2).
    أقول : بل ظاهر النصوص عدم البأس به ، ففي الصحيح : أيتكلم الرجل في الأذان ؟ قال : « لا بأس » قلت : في الإقامة ؟ قال : « لا » (3).
    وفيه : أيتكلم الرجل في الأذان ؟ قال : « لا بأس » (4). ونحوه الموثق (5).
    قال الشهيد الثاني وغيره ـ بعد نقل الصحيح الأوّل ـ : ولا ينافي الكراهة في الأذان ؛ لأن الجواز أعم ، ونفي البأس يشعر به ، وقطع توالي العبادة بالأجنبي يفوّت إقبال القلب عليها (6).
    وهو كما ترى ، لكن لا بأس به بعد شهرة الكراهة ، بناءًً على جواز المسامحة في أدلّتها.
    وظاهر الصحيح الأول وغيره تحريم التكلم في الإقامة ، كما عن المفيد والمرتضى (7) وغيرهما (8) ، إلّا أنه محمول على الكراهة ، جمعاً بينها وبين‏
1 ـ المنتهى 1 : 256.
2 ـ الكفاية : 17.
3 ـ الكافي 3 : 304 / 10 ، التهذيب 2 : 54 / 182 ، الاستبصار 1 : 300 / 1110 ، الوسائل 5 : 394 أبواب الأذان والإِقامة ب 10 ح 4.
4 ـ التهذيب 2 : 54 / 184 ، الوسائل 5 : 396 أبواب الأذان والإِقامة ب 10 ح 11.
5 ـ التهذيب 2 : 54 / 183 ، الوسائل 5 : 394 أبواب الأذان والإِقامة ب 10 ح 6.
6 ـ الشهيد الثاني في روض الجنان : 244 ؛ وانظر جامع المقاصد 2 : 189.
7 ـ المفيد في المقنعة : 98 ، حكي عن جمل المرتضى في شرحه للقاضي : 79 ، وفي المختلف : 88 ولكنّا لم نجده في النسختين المطبوعتين من الجمل عندنا.
8 ـ انظر النهاية : 66 ، والتهذيب 2 : 55.


(95)
الصحاح المستفيضة وغيرها ، ففي الصحيح : عن الرجل يتكلم بعد ما يقيم الصلاة ؟ قال : « نعم » (1).
    ونحوه آخر ، لكن بزيادة قوله عليه السلام : « فإذا قال المؤذّن : قد قامت الصلاة ، فقد حرم الكلام على أهل المسجد ، إلّا أن يكونوا قد اجتمعوا من شتّى وليس لهم إمام ، فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض : تقدم يا فلان » (2).
    ونحوه في الزيادة الموثق : « إذا أقام المؤذّن فقد حرم الكلام ، إلّا أن يكون القوم ليس يعرف لهم إمام » (3).
    وظاهرهما ـ كغيرهما ـ تحريم الكلام بعد قول المؤذّن : قد قامت الصلاة ، إلّا ما يتعلق بالصلاة ، من تقديم إمام أو تسوية صفّ أو نحو ذلك ، كما عليه الشيخان والمرتضى والإسكافي (4).
    خلافاًًًً لعامّة المتأخرين إلّا النادر (5) ، فقطعوا بالكراهة ؛ للمعتبرة المستفيضة ، منها الصحيح وغيره المرويان في مستطرفات السرائر : أيتكلم الرجل بعد ما تقام الصلاة ؟ قال : « لا بأس » (6).
    ويعضده إطلاق الصحيح السابق ، بل عمومه الناشي عن ترك‏
1 ـ التهذيب 2 : 54 / 187 ، الاستبصار 1 : 301 / 1114 ، الوسائل 5 : 395 أبواب الأذان والإِقامة ب 10 ح 9.
2 ـ التهذيب 2 : 55 / 189 ، الاستبصار 1 : 301 / 1116 ، الوسائل 5 : 395 أبواب الأذان والإِقامة ب 10 ح 7.
3 ـ التهذيب 2 : 55 / 190 ، الاستبصار 1 : 302 / 1117 ، الوسائل 5 : 394 أبواب الأذان والإِقامة ب 10 ح 5 ؛ بتفاوت يسير.
4 ـ المفيد في المقنعة : 98 ، الطوسي في المبسوط 1 : 99 ، وحكاه عن المرتضى في المختلف : 90 ، ونقله عن الإسكافي في المختلف : 90.
5 ـ وهو الفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 118.
6 ـ مستطرفات السرائر : 94 / 4 ، 5 ، الوسائل 5 : 395 أبواب الأذان والإِقامة ب 10 ح ، 10 ، 13.


(96)
الاستفصال عن كون المقيم مفرداً أو جامعاً ، متكلّماً قبل قد قامت الصلاة أو بعده ، لما يتعلق بالصلاة أم غيره.
    ونحوه الخبر : عن الرجل يتكلم في أذانه وإقامته ؟ فقال : « لا بأس » (1).
    وأظهر منه آخر بحسب الدلالة والسند : « لا بأس بأن يتكلم الرجل وهو يقيم للصلاة ، أو بعد ما يقيم إن شاء » (2).
    والجمع بينها وبين الأخبار السابقة وإن أمكن ، بتقييد هذه بقبل قول : قد قامت الصلاة ، أو بعده مع كون الكلام لما يتعلق بها ، إلّا أنه فرع التكافؤ المفقود هنا جدّاً ، لندرة القائل بالمنع ، ومخالفته الأصل المقطوع به ، المعتضد بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً. فالكراهة الشديدة أقوى ، وإن كان الترك حينئذ ـ بل مطلقاًً ـ أحوط وأولى.
    ولو تكلم أعادها مطلقاً ، كما ذكره جماعة (3) ، ونسبه في روض الجنان إلى الأصحاب كافة (4) ؛ للصحيح : « لا تتكلم إذا أقمت الصلاة ، فإنك إذا تكلّمت أعدت الإقامة » (5).
    ولو تكلم في خلال الأذان لم يُعده ، عامداً كان أو ناسياً ، إلّا أن يتطاول بحيث يخرج عن الموالاة ، ومثله السكوت الطويل.
    ( و ) من الكلام المكروه ( الترجيع ) كما عليه معظم المتأخّرين ، بل‏
1 ـ التهذيب 2 : 54 / 186 ، الاستبصار 1 : 301 / 1113 ، الوسائل 5 : 395 أبواب الأذان والإِقامة ب 10 ح 8.
2 ـ التهذيب 2 : 55 / 188 ، الاستبصار 1 : 301 / 1115 ، الوسائل 5 : 395 أبواب الأذان والإِقامة ب 10 ح 10.
3 ـ منهم الشهيد في الدروس 1 : 165 ، وصاحب المدارك 3 : 296 ، وصاحب الحدائق 7 : 428.
4 ـ روض الجنان : 245.
5 ـ التهذيب 2 : 55 / 191 ، الاستبصار 1 : 301 / 1112 ، الوسائل 5 : 394 أبواب الأذان والإِقامة ب 10 ح 3.


(97)
عامتهم عدا نادر (1) ، وفي المنتهى وعن التذكرة أنه مذهب علمائنا (2).
    وهو الحجة ؛ مضافاً إلى الإجماع في الخلاف على أنه غير مسنون (3) ، فيكره لأُمور : قلة الثواب عليه بالنسبة إلى أجزاء الأذان ، وإخلاله بنظامه ، وفصله بأجنبيّ بين أجزائه ، وكونه شبه ابتداع.
    وقال أبو حنيفة : إنه بدعة (4) ، وعن التذكرة : هو جيّد (5) ، وفي السرائر وعن ابن حمزة أنه لا يجوز (6).
    وهو حسن إن قصد شرعيّته ، كما صرّح به جماعة من المحققين (7) ، وإلّا فالكراهة متعيّن ؛ للأصل ، مع عدم دليل على التحريم حينئذ ، عدا ما قيل : من أن الأذان سنة متلقّاة من الشارع كسائر العبادات ، فتكون الزيادة فيه تشريعاً محرّماً ، كما تحرم زيادة : أن محمداً وآله خير البرية ، فإن ذلك وإن كان من أحكام الإيمان إلّا أنه ليس من فصول الأذان (8).
    وهو كما ترى ، فإن التشريع لا يكون إلّا إذا اعتقد شرعيّته من غير جهة أصلاً.
    ومنه يظهر جواز زيادة : أنّ محمداً وآله ـ إلى آخره ـ وكذا علياً وليّ اللّه ، مع عدم قصد الشرعية في خصوص الأذان ، وإلّا فيحرم قطعاً. ولا أظنّهما من‏
1 ـ وهو صاحب المدارك 3 : 290.
2 ـ المنتهى 1 : 254 ، التذكرة 1 : 105.
3 ـ الخلاف 1 : 288.
4 ـ حكاه عنه في التذكرة 1 : 107.
5 ـ التذكرة 1 : 105.
6 ـ السرائر 1 : 212 ، ابن حمزة في الوسيلة : 92.
7 ـ منهم : المحقق الثاني في جامع المقاصد 2 : 188 ، وصاحب المدارك 3 : 290 ، والسبزواري في الذخيرة : 257 ، وصاحب الحدائق 7 : 417.
8 ـ المدارك 3 : 290.


(98)
الكلام المكروه أيضاً ؛ للأصل ، وعدم انصراف إطلاق النهي عنه إليهما بحكم عدم التبادر ، بل يستفاد من بعض الأخبار استحباب الشهادة بالولاية بعد الشهادة بالرسالة (1).
    و قد استثنى المتأخّرون ـ تبعاً للشيخ (2) ـ من كراهة الترجيع ما أشار إليه بقوله ( إلّا للإشعار ) والتنبيه ، كما في الخبر : « لو أنّ مؤذّناً أعاد في الشهادة أو في حيّ على الصلاة أو حيّ على الفلاح المرّتين والثلاث أو أكثر من ذلك إذا كان إماماً يريد القوم ليجمعهم لم يكن به بأس » (3).
    وضعف السند مجبور بالشهرة ، بل الاتفاق ، كما في صريح المختلف (4) ، وظاهر غيره (5).
    وفيه دلالة على الكراهة بالمفهوم حيث لا يقصد الإشعار ، لكن لا تصريح فيه بلفظ الترجيع ، ولا معناه المشهور من تكرار الشهادتين مرّتين أُخريين ، كما في الخلاف وعن الجامع والتحرير والتذكرة والمنتهى ونهاية الإحكام (6) ، وعن المبسوط والمهذّب وفي الدروس : أنه تكرير التكبير والشهادتين في أول الأذان (7) ، وعن جماعة من أهل اللغة : أنه تكرير الشهادتين جهراً بعد إخفاتهما (8).
1 ـ الاحتجاج : 158 ، بحار الأنوار 81 : 112.
2 ـ راجع النهاية : 67 ، والمبسوط 1 : 95.
3 ـ الكافي 3 : 308 / 34 ، التهذيب 3 : 63 / 225 ، الاستبصار 1 : 309 / 1149 ، الوسائل 5 : 428 أبواب الأذان والإِقامة ب 23 ح 1.
4 ـ المختلف : 89.
5 ـ انظر جامع المقاصد 2 : 188.
6 ـ الخلاف 1 : 288 ، الجامع للشرائع : 71 ، التحرير 1 : 35 ، التذكرة 1 : 105 ، المنتهى 1 : 254 ، نهاية الإِحكام 1 : 414.
7 ـ المبسوط 1 : 95 ، المهذّب 1 : 89 ، الدروس 1 : 162.
8 ـ منهم ابن الاثير في النهاية 2 : 202 ، والمطرزي في المغرب 1 : 203 ، والفيروز آبادي في


(99)
    نعم فسّره في الذكرى بتكرار الفصل زيادة على الموظّف (1). وهو يوافق ما في الخبر ، وقريب منه الرضوي : « ليس فيهما ـ أي في الأذان والإِقامة ـ ترجيع ولا ترديد ولا الصلاة خير من النوم » (2). فتأمّل.
    ( و ) كذا التثويب مكروه ، سواء فُسِّر ( بقول : الصلاة خير من النوم ) كما هو المشهور ، أو بتكرير الشهادتين دفعتين ، كما عليه الحلّي وغيره (3) ، أو بالإتيان بالحيعلتين مثنى بين الأذان والإِقامة كما قيل (4).
    للإجماع على أنه بالمعنى الأوّل غير مسنون ، كما في التهذيبين والخلاف (5) ، وفيه الإجماع على أنه في العشاء الآخرة بدعة (6) ، وفي الناصريات : أنه في صلاة الصبح بدعة (7) ، وفي الانتصار كذلك ، إلّا أنه قال : إنه مكروه (8). ويظهر منه أن مراده بالكراهة المنع ، حيث قال : والدليل على صحة ما ذهبنا إليه من كراهيته والمنع منه الإجماع الذي تقدم.
    وفي السرائر الإجماع على أنه لا يجوز ، واستدل عليه ـ كالناصرية والخلاف ـ بعده بانتفاء الدليل على شرعيته ، وبالاحتياط ، لأنه لا خلاف في أنه لا ذمّ على تركه ، فإنه إمّا مسنون أو غيره ، مع احتمال كونه بدعة (9).
القاموس 3 : 29.
1 ـ الذكرى : 169.
2 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 96 ، المستدرك 4 : 44 أبواب الأذان والإِقامة ب 19 ح 1 ؛ وفيهما : « ترددّ » بدل « ترديد ».
3 ـ السرائر 1 : 212 ، وانظر النهاية : 67.
4 ـ قال به الفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 118.
5 ـ التهذيب 2 : 63 ، الاستبصار 1 : 308 ، الخلاف 1 : 286 ، 287.
6 ـ الخلاف 1 : 288.
7 ـ الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : 192.
8 ـ الانتصار : 39.
9 ـ السرائر 1 : 212.


(100)
    وظاهره التحريم ، كما عليه المشهور على الظاهر ، المصرّح به في المختلف (1). ولا ريب فيه مع قصد الشرعية ، كما في المسألة المتقدمة (2) ، وإلّا فما ذكروه من الأدلة على التحريم لا تفيده كلية عدا الإجماع ، وفي شمول دعواه لمحل الفرض إشكال ، بل ظاهر سياق عباراتهم الإجماع على المنع عنه بالنحو الذي يراه جماعة من العامة من كونه سنة (3) ، فمحصّله الإجماع على عدم كونه سنة ، لا أنه محرّم مطلقاًً ، ولو مع عدم قصد الشرعية.
    وبالجملة : الظاهر أن محل النزاع الذي يدّعى فيه الإجماع إنما هو التثويب الذي يفعل بقصد الاستحباب ، كما عليه العامة ، ولذا أن المحقق الثاني مع تصريحه أوّلاً بالتحريم مطلقاً قال ـ بعد الاستدلال عليه ونقل معارضه من الأقوال والأخبار ـ : نعم لو قاله معتقدا أنه كلام خارج من الأذان اتّجه القول بالكراهة ، لكن لا يكون بينه وبين غيره من الكلام فرق ، على أن البحث فيه مع من يقول باستحبابه في الأذان وعدّه من الفصول ، فكيف يعقل القول بالكراهة (4). انتهى.
    ولنعم ما أفاد وأجاد ، رحمه اللّه. ويعضده ما في كتاب زيد النرسي عن مولانا الكاظم عليه السلام : « الصلاة خير من النوم بدعة بني اُميّة ، وليس ذلك من أصل الأذان ، ولا بأس إذا أراد الرجل أن ينبّه الناس للصلاة أن ينادي بذلك ، ولا يجعله من أصل الأذان ، فإنا لا نراه أذاناً » (5) فتأمّل (6).
1 ـ المختلف : 89.
2 ـ راجع ص 97 ، 98.
3 ـ انظر نيل الاوطار 2 : 18 ، والمجموع 3 : 98.
4 ـ جامع المقاصد 2 : 190.
5 ـ الاصول الستة عشر : 54 ، المستدرك 4 : 44 أبواب الأذان والإِقامة ب 19 ح 2.
6 ـ وجهه أنه يحتمل أن يكون المراد بالرخصة في قوله ، الرخصة فيه في غير الأذان ، أي خارجه ،


(101)
    وبه يجمع بين القول بالكراهة والتحريم ، بحمل الأوّل على صورة عدم قصد الاستحباب والثاني على قصده. فلا خلاف في المسألة إلّا من الإسكافي ، حيث قال : لا بأس به في أذان الفجر ، والجعفي حيث قال : تقول في أذان صلاة الصبح ـ بعد قولك : حيّ على خير العمل ـ : الصلاة خير من النوم ، مرتين ، وليستا من الأذان (1).
    وظاهرهما عدم الكراهة ، بل ظاهر الثاني الاستحباب ، وهما شاذان مخالفان للإجماع المحكي ـ بل القطعي ـ فلا يمكن المصير إليهما ، وإن أيّد الثاني الخبران ، أحدهما الصحيح : « كان أبي ينادي في بيته بالصلاة خير من النوم » (2) وفي الثاني الموثق : « النداء والتثويب في الإقامة من السنة » (3).
    لشذوذهما ، وعدم وضوح دلالتهما ، لاحتمال كون النداء في الأوّل في غير الأذان ، أو للتقية ، وعدم معلوميّة المراد منه ومن التثويب في الثاني كما قيل (4). والأجود حمله على التقية.
    وبه يجاب أيضاً عن الصحيح المروي في المعتبر عن كتاب البزنطي : « إذا كنت في أذان الفجر فقل : الصلاة خير من النوم ، بعد حيّ على خير العمل ،
و هو غير بعيد ، ويشهد له ما روي فيه أيضاً ( أصل زيد النرسي : 54 ، المستدرك 4 : 25 ، 44 ) أنه عليه ، السلام سئل عن الأذان قبل طلوع الفجر ، فقال : « لا ، إنما الأذان عند طلوع الفجر أوّل ما يطلع ، قيل : فإن كان يريد أن يؤذن الناس بالصلاة وينبهّهم ، قال : فلا يُوذّن ، ولكن ليقل وينادي بالصلاة خير من النوم ، يقولها مراراً ، واذ طلع الفجر أذّن » فتأمل. منه رحمه الله.
1 ـ حكاه عنهما في الذكرى : 175.
2 ـ التهذيب 2 : 63 / 222 ، الاستبصار 1 : 308 / 1146 ، الوسائل 5 : 427 أبواب الأذان والإِقامة ب 22 ح 4.
3 ـ التهذيب 2 : 62 / 221 ، الاستبصار 1 : 308 / 1145 ، الوسائل 5 : 426 أبواب الأذان والإِقامة ب 22 ح 3.
4 ـ قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 209.


(102)
و قل بعد اللّه أكبر ، اللّه أكبر : لا إله إلّا اللّه ، ولا تقل في الإقامة : الصلاة خير من النوم ، إنما هذا في الأذان » (1).
    وأما ما استبعده به الماتن بناءً على اشتماله على حيّ على خير العمل ، وهو انفراد الأصحاب.
    فمنظور فيه ؛ لجواز الإسرار به ، فلا ينافي التقية.
    ويدلّ على كراهة التثويب بالمعنى الثالث ـ زيادة على الإجماع المدعى عليها في الخلاف (2) ـ ظاهر خصوص الصحيح : عن التثويب الذي يكون بين الأذان والإِقامة ، فقال : « ما نعرفه » (3).
    ( وأما اللواحق : ف‍ ) اعلم أن ( من السنة حكايته ) أي الأذان ( عند سماعه ) ممن يشرع منه ، بالإجماع المستفيض النقل (4) ، والمعتبرة المستفيضة ، ففي الصحيح « كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أذان سمع المؤذّن يؤذّن ، قال مثل ما يقول في كل شي‏ء » (5).
    وظاهره ـ كإطلاق البواقي ـ استحباب الحكاية له بجميع فصوله حتى الحيعلات.
    خلافاً للدروس ، فجوّز الحولقة بدل الحيعلة (6) ، ورواها في‏
1 ـ المعتبر 2 : 145 ، الوسائل 5 : 427 أبواب الأذان والإِقامة ب 22 ح 5.
2 ـ الخلاف 1 : 289.
3 ـ الكافي 3 : 303 / 6 ، الفقيه 1 : 188 / 895 ، التهذيب 2 : 63 / 223 ، الاستبصار 1 : 308 / 1147 ، الوسائل 5 : 425 أبواب الأذان والإِقامة ب 22 ح 1.
4 ـ كما في الخلاف 1 : 94 ، والتذكرة 1 : 109 ، والمنتهى 1 : 163 ، والذكرى : 170 ، وجامع المقاصد 2 : 191.
5 ـ الكافي 3 : 307 / 29 ، الوسائل 5 : 453 أبواب الأذان والإِقامة ب 45 ح 1.
6 ـ الدروس 1 : 163.


(103)
المبسوط (1) ، والظاهر أنها عاميّة ، كما ذكره جماعة (2) ، قال بعضهم : فإنه قد روى مسلم في صحيحه وغيره في غيره بأسانيد عن عمر ومعاوية أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله (3) .. وذكر نحو الرواية (4). وعليه فيشكل الخروج بها عن ظواهر المستفيضة ، كما صرّح به جماعة (5).
    وهل يختص الحكم بالأذان ، أم يعمّ الإقامة ؛ ظاهر الأصل واختصاص أكثر الفتاوى والنصوص بالأوّل يقتضيه ، وبه صرّح جمع (6).
    خلافاً للمحكي عن النهايةوالمبسوط والمهذب ، فالثاني (7).
    وهو غير بعيد ؛ لعموم التعليل في بعض تلك المستفيضة بأنّ ذكر اللّه تعالى حسن على كل حال (8) ، ولا ريب أن الإقامة كالأذان في كونها ذكراً.
    ثمَّ إن استحباب الحكاية ثابت على كل حال ، إلّا في الصلاة مطلقاً ، على ما حكي عن المبسوط والتذكرة ونهاية الإحكام (9) ؛ لأن الإقبال على الصلاة أهمّ. وإن حكى فيها جاز ، إلّا أنه يبدّل الحيعلات بالحولقات.
    وذكر جماعة (10) أنه يستحب حكاية الأذان المشروع ، فلا يُحكى أذان‏
1 ـ المبسوط 1 : 97.
2 ـ منهم المجلسي في البحار 81 : 176 ، والبهبهاني في حاشية المدارك المدارك ) : 156.
3 ـ صحيح مسلم 1 : 289 / 12 ، سنن النسائي 2 : 25.
4 ـ الحدائق 7 : 423.
5 ـ منهم السبزواري في الذخيرة : 256.
6 ـ منهم المحقق الثاني في جامع المقاصد 2 : 191 ، والشهيد الثاني في المسالك 1 : 27 ، والمجلسي في البحار 81 : 179.
7 ـ النهاية : 67 ، المبسوط 1 : 97 ، المهذّب 1 : 90.
8 ـ علل الشرائع : 284 / 1 ، الوسائل 1 : 314 أبواب أحكام الخلوة ب 8 ح 2.
9 ـ المبسوط 1 : 97 ، التذكرة 1 : 109 ، نهاية الإِحكام 1 : 429.
10 ـ منهم : المحقق الثاني في جامع المقاصد 3 : 295 ، والشهيد الثاني في الروض : 245 ، وصاحب المدارك 2 : 191.


(104)
عصر الجمعة والمرأة حيث يكون حراماً. قيل : ولا أذان الجنب في المسجد (1).
    وفيه نظر ؛ لعدم تعلق النهي به ، بل باللبث الخارج من أذانه.
    ( وقول ما يُخلّ به المؤذّن ) من فصوله عمداً وسهواً ، تحصيلاً للأذان الكامل ، وفي الصحيح : « إذا أذّن مؤذّن فنقص الأذان وأنت تريد أن تصلّي بأذانه فأتمّ ما نقص هو من أذانه » (2).
    ( والكفّ عن الكلام بعد قول المؤذّن : قد قامت الصلاة ، إلّا ) أن يكون ( بما يتعلق بالصلاة ) من تقديم إمام ، أو تسوية صفّ ، أو نحو ذلك ، بل يكره ذلك كراهة مغلظة ، حتى أنه قال بتحريمه جماعة ، كما تقدم إليه الإشارة (3).
     وهنا ( مسائل ثلاث‏ )
    الأُولى : إذا سمع الإمام أذانا جاز أن يجتزئ به ) عن أذانه ( في ) صلاة ( الجماعة ولو كان ) ذلك ( المؤذّن منفرداً ) في صلاته وأذانه ، على المشهور ، بل لا خلاف فيه على الظاهر ، المصرّح به في بعض العبائر (4) ، إلّا من نادر (5) ؛ لظاهر الصحيح السابق ، مضافاً إلى الخبرين المنجبرين بالعمل ، في أحدهما : صلّى بنا أبو جعفر عليه السلام في قميص بلا إزار ورداء ، ولا أذان ولا إقامة ـ إلى أن قال ـ : « وإني مررت بجعفر وهو يؤذّن ويقيم فلم أتكلّم فأجزأني ذلك » (6).
1 ـ قال به المحقق الثاني في جامع المقاصد 3 : 192 ، والشهيد الثاني في الروض : 245.
2 ـ التهذيب 2 : 280 / 1112 ، الوسائل 5 : 437 أبواب الأذان والإِقامة ب 30 ح 1.
3 ـ راجع ص : 94 ، 95.
4 ـ انظر المدارك 3 : 299 ، والحدائق 7 : 429.
5 ـ وهو الشهيد الثاني في المسالك ، كما سيأتي.
6 ـ التهذيب 2 : 280 / 1113 ، الوسائل 5 : 437 أبواب الأذان والإِقامة ب 30 ح 2.


(105)
    وفي الثاني : كنّا معه عليه السلام فسمع إقامة جارٍ له بالصلاة ، فقال :
    « قوموا » فقمنا فصلّينا معه بغير أذان ولا إقامة ، وقال : يجزئكم أذان جاركم » (1).
    وظاهرهما ـ من حيث التضمن للفظ الإجزاء ـ كون السقوط هنا رخصة لا عزيمة ، وبه صرّح جماعة (2).
    وكذا ظاهرهما جواز الاجتزاء بالإقامة عنها أيضاً ، لكن يستفاد من أوّلهما اشتراط عدم التكلم بعدها. وهو حسن ؛ لأن الكلام من المقيم بعد الإقامة مقتض لإعادتها ، كما مضى ، وهذه الإقامة أضعف حكماً ، فبطلانها بالكلام بعدها أولى.
    وهل يجتزئ المنفرد بأذان المنفرد ؟ قال الشهيد ـ رحمه اللّه ـ : فيه نظر ، أقربه ذلك ، لأنه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى (3). وهو حسن.
    ثمَّ إن إطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في المؤذّن بين كونه مؤذّن مصرٍ ، أو مسجد ، أو منفرداً.
    وجزم بعضهم (4) باختصاص الحكم بمؤذّن الجماعة والمصر ، ومنع من الاجتزاء بسماع أذان المنفرد بأذانه ـ وهو ما عدا مؤذّن الجماعة والمصر ـ وحمل قولهم : وإن كان منفرداً ، على أن المراد بالمنفرد المنفرد بصلاته لا بأذانه.
    وهو خروج عن إطلاق النصوص والفتاوى المتقدمين ، بل ظاهر الأخيرين منها.
    ( الثانية : من أحدث ) في الأذان والإِقامة بنى بعد الطهارة وقبلها إذا لم يقع فصل فاحش ، ولا يستأنف ، بناءً على عدم اشتراط الطهارة فيهما. ولكن‏
1 ـ التهذيب 2 : 285 / 1141 ، الوسائل 5 : 437 أبواب الأذان والإِقامة ب 30 ح 3.
2 ـ منهم الفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 116 ، وانظر المدارك 3 : 300 ، والذخيرة : 258.
3 ـ راجع الذكرى : 173.
4 ـ الشهيد الثاني في المسالك 1 : 28.
رياض المسائل ـ الجزء الثالث ::: فهرس