رياض المسائل ـ الجزء الثالث ::: 166 ـ 180
(166)
يقتضيه (1).
    وأما الصحيح : « لا بأس أن لا يحرّك لسانه ، يتوهّم توهماً » (2) فقد حمله الشيخ على من يصلّي خلف من لا يقتدى به (3) ، للخبر : « يجزيك من القراءة معهم مثل حديث النفس » (4). ونحوه الصحيح في الصلاة معهم : « اقرأ لنفسك ، وإن لم تسمع نفسك فلا بأس » (5).
    والذي يظهر للعبد من الجمع بين الصحيحين الأولين : كفاية سماع الهمهمة ولو من دون تشخيص الحروف ، ولكنه خلاف المتبادر من كلام القوم ، فالأحوط مراعاته.
    ثمَّ إن ظاهر العبارة هنا وفي التحرير وبعض نسخ التلخيص ـ كما حكي ـ ونهاية الإحكام (6) عدم منافاة إسماع الغير للإسرار في الجملة ، وهو خلاف ظاهر عبارة التبيان المتقدمة وكثير كالفاضلين في أكثر كتبهما ، والراوندي والحلّي والشهيد (7) ، حيث جعلوا حدّ الإخفات إسماع النفس ، مؤذنين بخروج ما أسمع الغير عنه ، حتى إنّ الحلّي صرّح بأنّ أعلاه أن تسمع أُذناك ، وليس له‏
1 ـ اُنظر النهاية 5 : 276.
2 ـ التهذيب 2 : 97 / 365 ، الاستبصار 1 : 321 / 1196 ، الوسائل 6 : 97 أبواب القراءة في الصلاة ب 33 ح 5.
3 ـ كما في التهذيب 2 : 97 ، والاستبصار 1 : 321.
4 ـ الكافي 3 : 315 / 16 ، التهذيب 2 : 97 / 366 ، الاستبصار 1 : 321 / 1197 ، الوسائل 6 : 128 أبواب القراءة في الصلاة ب 52 ح 3.
5 ـ التهذيب 2 : 36 / 129 ، الاستبصار 1 : 430 / 1663 ، الوسائل 6 : 127 أبواب القراءة في الصلاة ب 52 ح 1.
6 ـ التحرير 1 : 39 ، حكاه عن التخليص في كشف اللثام 1 : 219 ، نهاية الإِحكام 1 : 471.
7 ـ المحقق في المعتبر 2 : 177 و 180 ، والشرائع 1 : 82 ، العلّامة في المنتهى 1 : 277 ، والتذكرة 1 : 117 ، الراوندي في فقه القرآن 1 : 104 ، الحلّي في السرائر 1 : 223 ، الشهيد في الدروس 1 : 173 ، والبيان : 158 ، والذكرى : 190.


(167)
حدّ أدنى ، بل إن لم تسمع أُذناه القراءة فلا صلاة له ، وإن سمع من عن يمينه أو شماله صار جهرا ، فإذا فعله عمداً بطلت صلاته (1).
    وظاهر الشيخ والفاضلين في المعتبر والتذكرة والمنتهى كونه مجمعاً عليه (2). فإن تمَّ ، وإلّا فالأقوى ما عليه المحقق الثاني والشهيد الثاني وجملة ممن تأخّر عنهما من الفضلاء (3) ، من الرجوع فيهما إلى العرف ؛ لأنه المحكَّم فيما لم يرد به توظيف من الشرع ، ولا ريب أن إسماع الغير لا يسمّى فيه جهرا ما لم يتضمّن صوتا.
    ومحصّل تعريفهما على هذا أنّ أقلّ الجهر أن يسمعه من قرب منه صحيحا مع اشتمالها على الصوت الموجب لتسميته جهراً عرفا ، وأكثره أن لا يبلغ العلوّ المفرط ، وأقلّ السرّ أن يسمع نفسه صحيحا أو تقديرا ، وأكثره أن لا يبلغ أقلّ الجهر.
    ويعضد العرف ما في الصحاح : جَهَر بالقول : رفع الصوت به (4). قيل : و يظهر ذلك أيضاً من القاموس (5).
    مع أن ضبط التحديد الذي ذكروه يفضي إلى العسر والضيق والشديد غالباً ، والحال أنه لم يعهد منهم عليهم السلام المضايقة في أمثال هذا ، كما صرّح به بعض الفضلاء (6) ، وصرّح آخر بنظيره ، فقال ـ تضعيفا لما ذكروه ـ :
    قلت : عسى أن لا يكون إسماع النفس بحيث لا يسمع من يليه مما يطاق ، ثمَ‏
1 ـ السرائر 1 : 223.
2 ـ الشيخ في التبيان 6 : 534 ، المعتبر 2 : 177 ، التذكرة 1 : 117 ، المنتهى 1 : 277.
3 ـ المحقق الثاني في جامع المقاصد 2 : 260 ، الشهيد الثاني في روض الجنان : 265 ؛ وانظر مجمع الفائدة والبرهان 2 : 226 ، والمدارك 3 : 358 ، والذخيرة : 275.
4 ـ الصحاح للجوهري 2 : 618.
5 ـ القاموس 1 : 409.
6 ـ السبزواري في الذخيرة : 275.


(168)
قال : ويدلّ على السماع ما مرّ عن العيون (1) ، من أن أحمد بن علي صحب الرضا عليه السلام فكان يسمع ما يقوله في الأخراوين من التسبيحات (2).
    أقول : مبنى الاستدلال به على ما ظاهرهم الاتفاق عليه من وجوب الإخفات في الأخيرتين ، وعليه فالرواية صريحة في المطلوب ، معتضدة بالعرف واللغة والاعتبار ، كما عرفته.
    لكن الأحوط ما ذكروه ، لشبهة الإجماع الذي ادّعوه ، وإن أمكن الذبّ عنه بأن عبارة التبيان (3) غير صريحة فيه ، بل ولا ظاهرة.
    وأما الفاضلان (4) فهما وإن صرّحا به إلّا أنه يحتمل ـ احتمالا قريبا يشهد له سياق عبارتهما ـ كون متعلّقه خصوص لزوم اعتبار إسماع النفس في الإخفات ، ومن السياق الشاهد بذلك عطفهما على الإجماع قولهما : ولأن ما لا يسمع لا يعدّ كلاما ولا قراءة ، ومنه أيضاً قولهما ـ فيما عدا المنتهى في حدّ الإخفات ـ : وأقلّه أن يسمع نفسه.
    وهو كالصريح في أن للإخفات فردا آخر أعلى من إسماع النفس ، ولا يكون إلّا بإسماع الغير من دون صوت ، وإلّا لتصادق الجهر والإخفات في بعض الأفراد ، وهو معلوم البطلان ، لاختصاص الجهر ببعض الصلاة والإخفات ببعض ، وجوبا أو استحبابا.
    ( ولا ) يجب أن ( تجهر المرأة ) في مواضعه إجماعاً محققا ، ومحكيا في كلام جمع (5) مستفيضا ، للأصل ، مع اختصاص النصوص الموجبة له‏
1 ـ العيون 2 : 178 / 5 ، الوسائل 6 : 110 أبواب القراءة في الصلاة ب 42 ح 8.
2 ـ كشف اللثام 1 : 220.
4 ـ راجع ص 165.
5 ـ راجع ص 166.
3 ـ كالمحقق في المعتبر 2 : 178 ، والعلاّمة في التذكرة 1 : 117 ، والمنتهى 1 : 277 ، والشهيد في الذكرى : 190 ، والمحقق الكركي في جامع المقاصد 2 : 261.


(169)
و للإخفات ـ بحكم التبادر الموجب من سياق أكثرها وفتوى الفقهاء ـ بالرجل دونها.
    ومنه يظهر عدم وجوب الإخفات في مواضعه أيضاً ، كما صرّح به جمع (1).
    ولكن ينافيه ظاهر العبارة ككثير ، حيث خصّوا الجهر بالنفي ، ووجهه غير واضح.
    وفي الخبر : هل عليهنّ الجهر بالقراءة في الفريضة ؟ قال : « لا ، إلّا أن تكون المرأة تؤمّ النساء فتجهر بقدر ما تسمع » ولم يظهر بذيله عامل.
    والظاهر جواز الجهر لها إذا لم يسمعها الأجانب ، كما صرّح به جمع (2) من غير نقل خلاف.
    وفي جوازه مع السماع قولان ، والمشهور المنع مع الفساد ، بناءًً منهم على كون صوتها عورة يجب إخفاتها من الأجانب ، وظاهر المنتهى وغيره وصريح غيرهما الإجماع عليه (3). فإن تمَّ ، وإلّا فما ذكروه مشكل ، وإن كان أحوط.
    ( ومن السنن : ) الاستعاذة بعد التوجه قبل القراءة ، للآية (4) ، والمعتبرة المستفيضة فعلاً في جملة منها (5) ، وأمرا في أخرى (6).
    وتوهم الوجوب منها ـ كالقول به المحكي عن أبي علي ولد شيخنا
1 ـ كالمحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة 2 : 228 ، والمجلسي في البحار 82 : 83 ، والسبزواري في الذخيرة : 275.
2 ـ كالشهيد الثاني في الروضة 1 : 260 ، والفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 134 ، والمجلسي في البحار 82 : 83.
3 ـ المنتهى 1 : 277 ؛ وانظر التذكرة 1 : 117 ، وكشف اللثام 1 : 219.
4 ـ النحل : 98.
5 ـ الوسائل 6 : 134 ، 135 أبواب القراءة في الصلاة ب 57 الأحاديث 4 ، 5 ، 6 ، 7.
6 ـ الوسائل 6 : 133 أبواب القراءة في الصلاة ب 57 ح 1 ، ح 3.


(170)
الطوسي (1) ـ مردود بإجماعنا على عدمه في الظاهر ، المحكي في الخلاف ومجمع البيان والمنتهى والذكرى (2) ، وغيرها (3). ويشهد له جملة من النصوص أيضاً ، منها : « إذا قرأت بسم اللّه الرّحمن الرّحيم فلا تبالي أن لا تستعيذ » (4).
    ومحلها الركعة الْاُولى من كل صلاة لا مطلقاً إجماعاًً ، كما في صريح المنتهى وشرح القواعد للمحقق الثاني وظاهر الذكرى (5) وغيرها (6) ، وهو ظاهر من الأخبار ، حيث لم يستفد منها الشرعية إلّا فيها ، وإطلاق الآية يقيّد بذلك ، مع أن القصد هو التعوّذ من الوسوسة ، وهو حاصل في أول ركعة ، فيكتفى به في الباقي ، كذا في المنتهى وغيره (7) ، وزاد في الأوّل فاستدل بالنبوية العامية أنه صلّى اللّه عليه وآله إذا نهض عن الركعة الثانية استفتح بقراءة الحمد (8).
    وهي سرّيّة ولو في الجهرية ، بلا خلاف أجده ، وفي الخلاف الإجماع عليه (9). والخبر الفعلي محمول على تعليم الجواز ؛ إذ ليس الإجهار بها حراماً ، بل جائز وإن ترك المستحب ، كما صرّح به جمع (10).
    ( والجهر بالبسملة في مواضع الإخفات من أوّل الحمد ) مطلقاً ( والسورة ) حيث تقرأ ، للإمام والمأموم ، وفاقاً للأكثر على الظاهر ، المصرّح به‏
1 ـ حكاه عنه في الذكرى : 191.
2 ـ الخلاف 1 : 324 ، مجمع البيان 3 : 385 ، المنتهى 1 : 269 ، الذكرى : 191.
3 ـ اُنظر كشف اللثام 1 : 221.
4 ـ الكافي 3 : 313 / 3 ، الوسائل 6 : 135 أبواب القراءة في الصلاة ب 58 ح 1.
5 ـ المنتهى 1 : 270 ، جامع المقاصد 2 : 271 ، الذكرى : 191.
6 ـ راجع كشف اللثام 1 : 221.
7 ـ المنتهى 1 : 270 ؛ وانظر كشف اللثام 1 : 221.
8 ـ صحيح مسلم 1 : 419 / 148 ؛ بتفاوت يسير.
9 ـ الخلاف 1 : 326.
10 ـ منهم الشهيد الثاني في الذكرى : 191 ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد 2 : 271 ، الأردبيلي في مجمع الفائدة 2 : 198.


(171)
في كلام جمع (1) ، بل المشهور في كلام آخرين (2) ، وفي الخلاف الإجماع عليه (3).
    وهو الحجة ؛ مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة ، بل المتواترة (4) ، ففي جملة منها مستفيضة عدّه من علامات المؤمن الخمس المذكورة فيها ، وهي :
    « صلاة الخمسين ، وزيارة الأربعين ، والتختم باليمين ، والتعفير بالجبين ، والجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم » (5).
    وليس فيها كغيرها التقييد بالإمام كما عليه الإسكافي (6) ، ولا بالْأُوليين كما عليه الحلّي (7) ، مع أنهما شاذّان ، غير واضحي المستند عدا لزوم الاقتصار فيما خالف لزوم الإخفات المجمع عليه ، على المجمع عليه والمتيقن من النص ، وهو عند الأول الإمام خاصّة دون غيره ، وصرّح بالاستحباب في الأخيرتين ، وعند الثاني بالعكس.
    ويضعّفهما ـ بعد الشذوذ ـ الإطلاق المتقدم الراجع إلى العموم المقوّي بفتوى المشهور ؛ وتزيد الحجة على الثاني بعدم ثبوت الإجماع على وجوب الإخفات في الأخيرتين مطلقاً حتى في البسملة إلّا بنقله ، وهو موهون بمصير عامة الأصحاب ـ ولا أقل من الأكثر ـ على خلافه.
1 ـ كالعلّامة في المنتهى 1 : 278 ، وصاحب المدارك 3 : 359 ، والفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 135 ، والفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 220.
2 ـ كالعلّامة في المختلف : 93 ، والشهيد في الذكرى : 191 ، والمحقق الكركي في جامع المقاصد 2 : 268 ، والمجلسي في البحار 82 : 75 ، وصاحب الحدائق 8 : 167.
3 ـ الخلاف 1 : 332.
4 ـ انظر الوسائل 6 : 74 أبواب القراءة في الصلاة ب 21.
5 ـ التهذيب 6 : 52 / 122 ، مصباح المتهجد : 730 ، الوسائل 14 : 478 أبواب المزار ب 56 ح 1 ، وانظر البحار 82 : 79 ـ 81.
6 ـ حكاه عنه في المختلف : 93.
7 ـ السرائر 1 : 218.


(172)
    ثمَّ إن ظاهر سياق الأخبار المزبورة الاستحباب ، حيث ساقت الإجهار به في سياق المستحبات بلا خلاف ، مع إشعاره به من وجه آخر ؛ مضافاً إلى التصريح بالإجماع عليه في الخلاف (1) ، وفي المروي عن العيون أن الجهر به في جميع الصلوات سنة (2).
    فالقول بالوجوب مطلقاً ، كما عن القاضي (3) ، أو في الْأُوليين خاصة ، كما عن الحلبي (4) ، ضعيف ، يدفعه مع ذلك الأصل السليم عما يصلح للمعارضة عدا مداومتهم عليهم السلام بذلك ؛ مضافاً إلى الاحتياط. ويدفعان بما مرّ.
    نعم ، الأحوط عدم الترك ؛ للمروي في الخصال أنه واجب (5) ، وعن الأمالي دعوى الإجماع على الوجوب (6).
    وضعف الأوّل سنداً ، بل ودلالة ؛ لعدم الصراحة بعد ظهور كثرة استعمال لفظة الوجوب في المتأكّد استحبابه في أخبار الأئمة عليهم السلام ، مع كونه أعم من الوجوب بالمعنى المصطلح عليه الآن لغة.
    ووهن الثاني بعدم ظهور موافق له عدا القاضي ، مع ظهور عبارة ناقلة في الفقيه في عدم الوجوب (7) ، كما بيّنته في الشرح ، مع معارضته بنقل الحلّي الإجماع على صحة الصلاة مع ترك الإجهار (8) ، مضافاً إلى قصور لفظ الوجوب‏
1 ـ الخلاف 1 : 331.
2 ـ عيون الأخبار 2 : 120 / 1 ، الوسائل 6 : 76 أبواب القراءة في الصلاة ب 21 ح 6.
3 ـ المهذّب 1 : 92.
4 ـ الكافي في الفقه : 117.
5 ـ الخصال : 604 / ضمن ح 9 ، الوسائل 6 : 75 أبواب القراءة في الصلاة ب 21 ح 5.
6 ـ أمالي الصدوق : 511.
7 ـ الفقيه 1 : 202. قال فيه : واجهر ببسم الله الرّحمن الرّحيم في جميع الصلوات ...
8 ـ السرائر 1 : 218.


(173)
في عبارته عن إفادة معناه المصطلح عليه الآن ؛ لعين ما ذكر في ضعف دلالته عليه في الأخبار.
    يمنع المصير إلى هذا القول وتعيينه ، سيّما مع إطباق المتأخّرين على خلافه ، هذا.
    وربما يتردد في الاحتياط بالإجهار به في الأخيرتين ؛ لمعارضة وجهه من الخروج عن شبهة القول بالوجوب بمثله من شبهة القول بالحرمة ، كما عرفته من الحلّي ، مع تردّد ما في شمول الإطلاقات بالإجهار وجوباً أو استحباباً ، نصاً أو إجماعاًً منقولاً ، لهما. ولو لا ما قدمناه ؛ من عدم دليل على وجوب الإخفات فيهما عدا الإجماع الغير المعلوم الثبوت في محل النزاع إلّا بدعوى الحلّي الموهونة بلا شبهة ، كما عرفته ؛ لكان المصير إلى قوله لا يخلو عن قوة ، وإن اعتضد خلافه بالشهرة.
    ( وترتيل القراءة ) بالكتاب ، والسنة ، وإجماع العلماء كافة ، كما حكاه جماعة (1). وهو لغة : الترسّل فيها والتبيين بغير بغي وتجاوز عن حدّ (2) ، وشرعاً ـ على ما في الذكرى وغيرها (3) ـ : حفظ الوقوف وأداء الحروف.
    أقول : ولعلّهما متقاربان مع ورودهما في النصوص ، منها في تفسير قوله تعالى ( وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ) (4) قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : « تبيّنه بيانا ، ولا تهذّه (5) هذّ الشعر ، ولا تنثره نثر الرمل » (6).
1 ـ منهم : صاحب المدارك 3 : 361 ، والفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 135 ، وصاحب الحدائق 8 : 172.
2 ـ كما في الصحاح 4 : 4 170.
3 ـ الذكرى : 192 ، وانظر الروضة 1 : 261 ، والمفاتيح 1 : 135.
4 ـ المزّمل : 4.
5 ـ قال في الصحاح 2 : 572 : الهَذّ : الإسراع في القطع وفي القراءة. يقال : هو يَهُذّ القرآن هذّاً ويَهُذّ ُ الحدبث هذّاً ، أي يسرده.
6 ـ الكافي 2 : 614 / 1 ، الوسائل 6 : 207 أبواب قراءة القرآن ب 21 ح 1. وفيها : « بيّنه تبياناً ».


(174)
    وبه فسّر علي بن إبراهيم في تفسيره (1).
    ومنها : « هو أن تتمكّث فيه وتحسن به صوتك » (2).
    ومنها : « ترتيل القرآن حفظ الوقوف وبيان الحروف » (3) ونحوه عن ابن عباس لكن مبدّلاً بيانها بأدائها « 4 » ، فلا يبعد استحبابهما.
    وفسّر الوقوف بالوقف التام ، وهو الوقوف على كلام لا تعلّق له بما بعده لفظا ولا معنى ، والحَسَََن ، وهو الذي له تعلق لفظاً لا معنى (5).
    ومنه يظهر عدم وجوب الوقف مطلقاً ؛ مضافاً إلى الأصل ، ودعوى الإجماع في كلام جمع (6) ، والصحيح المجوّز لقراءة الفاتحة في الفريضة بنَفَس واحد (7).
    نعم ، تجب المحافظة على النظم ؛ تأسّياً ، ووقوفاً على المتيقن ، وحذراً من الخروج عن الْأُسلوب الذي فيه الإعجاز ، ولذا يجب فيها الموالاة العرفية المتحققة بأن لا يسكت فيها طويلا ، ولا يقرأ فيها قرآناً أو ذكراً بحيث يخرج عن كونه قارئاً عرفاً ، ولو أتى بهما مع صدق القارئ عليه عرفاً جاز ، بلا خلاف يعرف فيه بين علمائنا ، كما في المنتهى (8).
    ( وقراءة سورة بعد الحمد في النوافل ) إجماعاًً ، ولا فرق فيها بين‏
1 ـ تفسير القمي 2 : 392 ، المستدرك 4 : 270 أبواب قراءة ب 18 ح 2.
2 ـ مجمع البيان 5 : 378 ، الوسائل 6 : 207 أبواب قراءة القرآن ب 21 ح 4.
3 ـ الوافي 9 : 1739.
4 ـ حكاه عنه في الروض : 268 ، والبحار 82 : 8.
5 ـ حكاه عن شرح النفلية للشهيد الثاني في البحار 82 : 8.
6 ـ منهم الاردبيلي في مجمع الفائدة 2 : 239.
7 ـ التهذيب 2 : 196 / 1193 ، قرب الإسناد : 203 / 783 ، الوسائل 6 : 133 ، أبواب القراءة في الصلاة ب 46 ح 1.
8 ـ المنتهى 1 : 279.


(175)
الرواتب وغيرها ، ولا فيه بين ما وظّف فيه سورة خاصة وغيره إلّا وجوبها شرطاً في الأوّل دون غيره.
    ( والاقتصار في الظهرين والمغرب على قصار المفصل ) كالقدر ، والجحد ، والتوحيد ، وألهاكم ، وما شابهها و ( في الصبح على مطوّلاته ) كالمدّثّر ، والمزّمّل ، وهل أتى ، وشبهها ( وفي العشاء على متوسطاته ) كالانفطار ، والطارق ، والأعلى ، وشبهها.
    قال في المنتهى : قاله الشيخ ، وأومأ المفيد إلى بعضه ، وعلم الهدى (1).
و عزاه غيره إلى المشهور (2) ، معربين عن عدم دليل عليه من طرقنا ؛ ولذا اختاروا ـ وفاقاً للشهيد في الذكرى (3) ـ العمل بما في الصحيح (4) وغيره (5) من استحباب مثل الأعلى والشمس في الظهر والعشاء ، والنصر والتكاثر في العصر والمغرب ، وما يقرب من الغاشية والقيامة والنبإ في الغداة. وهذا أولى ، وإن كان الأوّل لشهرته مع المسامحة في المستحب ودليله ليس بعيدا ، سيّما مع قربه مما ورد من طرقنا.
    ( و ) أن يقرأ ( في ظهري الجمعة ) أي ظهرها وعصرها ( ب‍ ) سورة ( ها ) في الركعة الْاُولى ( وبالمنافقين ) في الثانية ، للمعتبرة ، منها الصحيح :
عن القراءة في الجمعة إذا صلّيت وحدي أربعاً أجهر بالقراءة ؟ قال : « نعم » وقال : « اقرأ سورة الجمعة والمنافقين يوم الجمعة » (6).
1 ـ المنتهى 1 : 279 ؛ الشيخ في النهاية : 78 ، والمبسوط 1 : 108 ، والمفيد في المقنعة : 135 ، وحكاه عن المرتضى في المعتبر 2 : 181.
2 ـ اُنظر روض الجنان : 263 ، والمدارك 3 : 362 ، والمفاتيح 1 : 136.
3 ـ الذكرى : 192.
4 ـ التهذيب 2 : 95 / 354 ، الوسائل 6 : 117 أبواب القراءة في الصلاة ب 48 ح 2.
5 ـ الوسائل 6 : 116 أبواب القراءة في الصلاة ب 48
6 ـ الكافي 3 : 425 / 5 ، التهذيب 3 : 14 / 49 ، الوسائل 6 : 160 أبواب القراءة في الصلاة ب 73 ح 3.


(176)
    وفي آخر : « من صلّى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين أعاد الصلاة في سفر أو حضر » (1).
    قيل : وهو ظاهر في شمول الجمعة للظهر ؛ لأن الثابت في السفر إنما هو الظهر لا الجمعة (2). وفيه نظر.
    وفي المرفوع : « إذا كانت ليلة الجمعة يستحب أن يقرأ في العتمة سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون ، وفي صلاة الصبح مثل ذلك ، وفي صلاة الجمعة مثل ذلك ، وفي صلاة العصر مثل ذلك » (3).
    ( وكذا لو صلّى الظهر جمعة ) للصحاح المستفيضة ، في جملة منها :
« ليس في القراءة شي‏ء موظّف إلّا الجمعة تقرأ بالجمعة والمنافقين » (4).
    ومنها : عن الجمعة ، فقال : « القراءة في الركعة الْاُولى بالجمعة ، وفي الثانية بالمنافقين » (5).
    ومنها : رجل أراد أن يصلّي الجمعة فقرأ بقل هو اللّه أحد ، قال : « يتمّها ركعتين ثمَّ يستأنف » (6).
    وفي الخبر : « من لم يقرأ في الجمعة بالجمعة والمنافقين فلا جمعة
1 ـ الكافي 3 : 426 / 7 ، التهذيب 3 : 7 / 21 ، الاستبصار 1 : 414 / 1588 ، الوسائل 6 : 159 أبواب القراءة في الصلاة ب 72 ح 1.
2 ـ انظر المدارك 3 : 367 ، والحدائق 8 : 184.
3 ـ التهذيب 3 : 7 / 18 ، الاستبصار 1 : 414 / 1585 ، الوسائل 6 : 119 أبواب القراءة في الصلاة ب 49 ح 3.
4 ـ الكافي 3 : 425 / 1 ، الوسائل 6 : 154 أبواب القراءة في الصلاة ب 70 ح 1.
5 ـ التهذيب 3 : 11 / 37 ، الاستبصار 1 : 410 / 1568 ، الوسائل 6 : 155 أبواب القراءة في الصلاة ب 70 ح 6.
6 ـ الكافي 3 : 426 / ذيل حدبث 6 ، التهذيب 3 : 8 / 22 ، الوسائل 6 : 159 أبواب القراءة في الصلاة ب 72 ح 2.


(177)
له » (1).
    وظاهره كسابقه والصحيح الثاني المتقدم وغيرها وجوبهما فيها ، كما عن المرتضى والصدوق والحلبي (2) ، وزادا فألحقا الظهر بها أيضاً ، لظاهر الأمر بهما في الصحيح الأوّل من الصحيحين المتقدمين (3).
    لكنها محمولة على الاستحباب ( على الأظهر ) الأشهر ، بل عليه عامة من تأخّر ؛ للأصل ، وحذراً عن لزوم العسر والمشقة المنفيين في الشريعة.
    وخصوص المعتبرة ، منها ـ زيادة على المرفوعة المتقدمة المصرّحة بالاستحباب ـ الصحيح : عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمداً ، فقال : « لا بأس بذلك » (4). ونحو الخبر (5).
    وإطلاق آخرَ : رجل صلّى الجمعة فقرأ سبّح اسم ربك الأعلى ، وقل هو اللّه أحد ، قال : « أجزأه » (6).
    وفي الصحيح : سمعته يقول في صلاة الجمعة : « لا بأس بأن يقرأ فيها بغير الجمعة والمنافقين إذا كنت مستعجلاً » (7) والاستعجال أعم من الضرورة
1 ـ التهذيب 3 : 7 / 17 ، الاستبصار 1 : 414 / 1584 ، الوسائل 6 : 155 أبواب القراءة في الصلاة ب 70 ح 7.
2 ـ حكاه عن مصباح السيّد في كشف الرموز 1 : 154 ، والمهذّب البارع 1 : 365 ، الصدوق في المقنع : 45 ، الحلبي في الكافي : 151 و 152.
3 ـ في ص 175 ، 176.
4 ـ التهذيب 3 : 7 / 19 ، الاستبصار 1 : 414 / 1586 ، الوسائل 6 : 157 أبواب القراءة في الصلاة ب 71 ح 1.
5 ـ التهذيب 3 : 7 / 20 ، الاستبصار 1 : 414 / 1587 ، الوسائل : 158 أبواب القراءة في الصلاة ب 71 ح 4.
6 ـ التهذيب 3 : 242 / 654 ، الوسائل 6 : 158 أبواب القراءة في الصلاة ب 71 ح 5.
7 ـ الفقيه 1 : 268 / 1225 ، التهذيب 3 : 242 / 653 ، الاستبصار 1 : 415 / 1591 ، الوسائل 6 : 157 أبواب القراءة في الصلاة ب 71 ح 3.


(178)
المبيحة وغيرها.
    وهذه المعتبرة ما بين صريحة وظاهرة في جواز الترك في الجمعة ، ففي الظهر أولى.
    مضافاً إلى عدم القول بالفرق أصلاً إلّا من الصدوق ـ رحمه اللّه ـ على نقل ضعيف أنه قال بوجوبهما في ظهر الجمعة خاصة لا جمعتها. وهي مع بُعده لا يلائم عبارته التي وصلت إلينا (1) كما بيّنته في الشرح مفصّلاً ، ولذا نسب إليه في الذكرى (2) وغيرها (3) ما قلنا ، هذا.
    وفي الصحيح : عن الجمعة في السفر ما أقرأ فيهما ؟ قال : « اقرأهما بقل هو اللّه أحد » (4).
    وهو صريح في عدم الوجوب في الظهر أيضاً ، بل يستفاد منه كون الظهر يطلق عليه الجمعة حقيقة أو مجازاً شائعاً ، فيحتمل لذلك الاستناد إلى الأخبار المتقدمة بعدم الوجوب في الجمعة هنا أيضاً ، فتأمّل جدّاً.
    ( ونوافل الليل جهرٌ ) ونوافل ( النهار إخفات ) إجماعاًً منا ، كما في المعتبر والمنتهى والذكرى وشرح القواعد للمحقق الثاني (5) وغيرها (6) ، وللنصوص ، منها : « السنة في صلاة النهار الإخفات وفي صلاة الليل الإجهار » (7).
1 ـ انظر المدارك 3 : 366 ، والذخيرة : 279.
2 ـ الذكرى : 192.
3 ـ انظر المختلف : 94.
4 ـ الفقيه 1 : 268 / 1224 ، التهذيب 3 : 8 / 23 ، الاستبصار 1 : 415 / 1590 ، الوسائل 6 : 157 أبواب القراءة في الصلاة ب 71 ح 2.
5 ـ المعتبر 2 : 184 ، المنتهى 1 : 278 ، الذكرى : 194 ، جامع المقاصد 2 : 275.
6 ـ المدارك 3 : 368 ، والمفاتيح 1 : 136.
7 ـ التهذيب 2 : 289 / 1161 ، الاستبصار 1 : 313 / 1165 ، الوسائل 6 : 77 أبواب القراءة في الصلاة ب 22 ح 2.


(179)
    وليس للوجوب ، بالإجماع ، والموثق : عن الرجل هل يجهر بقراءته في التطوع بالنهار ؟ قال : « نعم » (1).
    ( ويستحب إسماع الإمام من خلفه قراءته ما لم يبلغ العلو ) إجماعاً من العلماء ، كما في المدارك والمنتهى (2) ، وللصحيح : « ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كلّ ما يقول » (3) ولعمومه لما عدا القراءة أيضاً قال و ( كذا الشهادتين ) بل مطلق الأذكار التي لم يجب إخفاتها. نعم يتأكّد فيهما ؛ للصحيحين الآتيين في بحث الجماعة (4) إن شاء اللّه تعالى.
    والمتصف بالاستحباب في الجهر بالقراءة عند من أوجبه القدر الزائد على ما يتحقق به أصل الجهر.
    و هنا ( مسائل أربع : ).
    ( الْاُولى : يحرم قول آمين في آخر الحمد ) بل في أثناء الصلاة مطلقاً ، وتبطل به أيضاً على الأشهر الأقوى ، بل كاد أن يكون إجماعاً منا على الظاهر ، المصرّح به في شرح القواعد للمحقق الثاني (5) ، وبالإجماع حقيقة صرّح الصدوق في الأمالي والشيخان والمرتضى وابن زهرة والفاضل في ظاهر المنتهى وصريح التحرير ونهج الحق والنهاية (6).
1 ـ التهذيب 2 : 289 / 1160 ، الاستبصار 1 : 314 / 1166 ، الوسائل 6 : 77 أبواب القراءة في الصلاة ب 22 ح 3.
2 ـ المدارك 3 : 370 ، المنتهى 1 : 277.
3 ـ التهذيب 3 : 49 / 170 ، الوسائل 8 : 396 أبواب صلاة الجماعة ب 52 ح 3.
4 ـ راجع ج 4 ص : 258.
5 ـ جامع المقاصد 2 : 244.
6 ـ أمالي الصدوق : 512 ، حكاه عن المفيد في المعتبر 2 : 186 ، الطوسي في الخلاف 1 : 334 المرتضى في الانتصار : 42 ، ابن زهرة في الغنيية ( الجوامع الفقهية ) : 558 المنتهى 1 : 281 ، التحرير 1 : 39 ، نهج الحق : 424 ، نهاية الإِحكام 1 : 465.


(180)
    وهو الحجة ؛ مضافاً إلى النهي عنه في المعتبرة المستفيضة ، منها الصحيح : « إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد ففرغ منها فقل أنت : الحمد للّه ربّ العالمين ، ولا تقل : آمين » (1).
    والحسن المروي في العلل : « ولا تقولنّ إذا فرغت من قراءتك : آمين » (2). والخبر : « أقول إذا فرغت من فاتحة الكتاب : آمين ؟ قال : لا » (3).
    وعن دعائم الإسلام أنه قال : وروينا عنهم عليهم السلام أنهم قالوا .. إلى أن قال : وحرموا أن يقال بعد قراءة فاتحة الكتاب : آمين ، كما يقول العامة ، قال جعفر بن محمد عليه السلام : « إنما كانت النصارى تقولها » وعنه عن آبائه عليهم السلام قال : « قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : أُمّتي بخير وعلى شريعتي ما لم يتخطّوا القبلة بأقدامهم ، ولم ينصرفوا قياماً كفعل أهل الكتاب ، ولم تكن ضجّة آمين » (4).
    وقصور السند ، أو ضعفه في بعضها ، وأخصّيتها من المدّعى مجبور بالشهرة العظيمة القريبة من الإجماع ، بل الإجماع كما عرفت نقله مستفيضاً.
    ( وقيل : ) والقائل الإسكافي (5) إنه ( يكره ) ومال إليه في المعتبر (6) ؛ للصحيح : عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب : آمين ،
1 ـ الكافي 3 : 313 / 5 ، التهذيب 2 : 74 / 275 ، الاستبصار 1 : 318 / 1185 ، الوسائل 6 : 67 أبواب القراءة في الصلاة ب 17 ح 1.
2 ـ علل الشرائع : 358 / 1 ، الوسائل 5 : 464 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 6.
3 ـ التهذيب 3 : 74 / 276 ، الاستبصار 1 : 318 / 1186 ، الوسائل 6 : 67 أبواب القراءة في الصلاة ب 17 ح 3.
4 ـ دعائم الإسلام 1 : 160 ، المستدرك 4 : 175 أبواب القراءة في الصلاة ب 13 ح 3 ، 4 ، ؛ بتفاوت يسير.
5 ـ نقله عنه في الدروس 1 : 174 ، وجامع المقاصد 2 : 249.
6 ـ المعتبر 2 : 186.
رياض المسائل ـ الجزء الثالث ::: فهرس