رياض المسائل ـ الجزء الثالث ::: 196 ـ 210
(196)
    ولهم الخبر : رأيت أبا الحسن عليه السلام يصلّي قائماً وإلى جنبه رجل كبير يريد أن يقوم ومعه عصاً له فأراد أن يتناولها ، فانحطّ عليه السلام وهو قائم في صلاته فناول الرجل العصا ثمَّ عاد إلى صلاته (1).
    وقريب منه إطلاق نحو الموثق : « لا بأس أن تحمل المرأة صبيها وهي تصلّي أو ترضعه وهي تتشهّد » (2).
    وعليه فلو هوى لسجدة العزيمة أو غيرها في النافلة أو لقتل حية أو لقضاء حاجة ، فلما انتهى إلى حدّ الراكع وأراد أن يجعله ركوعاً لم يُجزِئ ، فإن الأعمال بالنيات ، ولكل امرئ ما نوى ، فيجب عليه الانتصاب ثمَّ الهويّ للركوع ، ولا يكون ذلك زيادة ركوع ، صرّح بذلك الشهيد ـ رحمه اللّه ـ في الذكرى (3) ، وفاقا للتذكرة ونهاية الإحكام (4) ، وفيها : ولا فرق بين العامد والناسي على إشكال. قيل : من حصول هيئة الركوع ، وعدم اعتبار النية لكل جزء ، كما في المعتبر والمنتهى والتذكرة ، وغايته أنه لا ينوي غيره (5). وفيه نظر.
    ( ولو عجز ) عن الانحناء الواجب ( اقتصر على الممكن ) منه ، فإنّ الميسور لا يسقط بالمعسور. ( وإلّا ) يتمكن منه أصلاً ولو بالاعتماد على شي‏ء ( أومأ ) برأسه إن أمكن ، وإلّا فبعينيه ، بلا خلاف ؛ للنصوص (6).
    ( و ) الثاني ( الطمأنينة ) إجماعاً ، كما في الناصريات والغنية والمعتبر
1 ـ الفقيه 1 : 243 / 1079 ، التهذيب 2 : 332 / 1369 ، الوسائل 5 : 503 أبواب القيام ب 12 ح 1.
2 ـ التهذيب 2 : 330 / 1355 ، الوسائل 7 : 280 أبواب قواطع الصلاة ب 24 ح 1.
3 ـ الذكرى : 197.
4 ـ التذكرة 1 : نهاية الإِحكام 1 : 482.
5 ـ كشف اللثام 1 : 224.
6 ـ انظر الوسائل 5 : 484 أبواب القيام ب 1 ح 11 ، 13 ، 15.


(197)
و المنتهى والتذكرة (1) وغيرها (2) ، وفي الخلاف الإجماع على ركنيتها (3) ، وفي المنتهى بعد نقل الركنية عنه : إن عنى بها ما بيّناه فهو في موضع المنع ، على ما سيأتي من عدم إفساد الصلاة بتركه سهواً ، وإن أطلق عليه اسم الركن بمعنى أنه واجب إطلاقاً لاسم الكل على الجزء فهو مسلم (4). انتهى. وهو حسن.
    وفسّرها كباقي الأصحاب بالسكون حتى يرجع كل عضو مستقرّه وإن قلّ. قيل (5) : وهو معنى قول النبي صلّى اللّه عليه وآله في الخبر المروي في قرب الإسناد للحميري : « إذا ركع فليتمكّن ركوعه » (6).
    قالوا : ويجب كونها ( بقدر الذكر الواجب ) وظاهرهم الإجماع عليه ، كما في المعتبر والمنتهى (7) وغيرهما (8). لكنه نسبه بعض الأفاضل (9) إلى السرائر وكتب الماتن خاصة ، مشعراً باختصاص هذا التحديد بها. وليس كذلك ؛ لتصريح باقي الأصحاب أيضاً بذلك جدّا ، مع دعوى جملة منهم الإجماع عليه ، كما مضى.
    وهو الحجة ، لا ما يقال من توقف الذكر الواجب عليها ؛ لأنه إنما يتمّ إذا لم يزد في الانحناء على قدر الواجب ، وإلّا فيمكن الجمع بين مسمّى الطمأنينة
1 ـ الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : 234 ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 558 ، المعتبر 2 : 194 المنتهى 1 : 282 ، التذكرة 1 : 119.
2 ـ كجامع المقاصد 2 : 284 ، والمفاتيح 1 : 139 ، وكشف اللثام 1 : 224.
3 ـ الخلاف 1 : 348.
4 ـ المنتهى 1 : 282.
5 ـ كشف اللثام 1 : 224.
6 ـ قرب الإسناد : 36 / 118 ، الوسائل 4 : 35 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 8 ح 14.
7 ـ المعتبر 2 : المنتهى 1 : 282.
8 ـ كالمفاتيح 1 : 139.
9 ـ الفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 224.


(198)
و الذكر حين الركوع مع عدمها.
    ( و ) الثالث ( تسبيحة واحدة كبيرة ، وصورتها : سبحان ربي العظيم وبحمده ، أو : سبحان اللّه ثلاثاً ) وفاقاً لجماعة (1) ؛ للصحاح منها : عن الرجل يسجد كم يجزيه من التسبيح في ركوعه وسجوده ؟ فقال : « ثلاث ، وتجزيه واحدة » (2) ونحوه آخران (3) ، لكن بزيادة قوله عليه السلام : « تامة » بعد : « واحدة » في أحدهما.
    والظاهر أن المراد بالواحدة التامة التسبيحة الكبرى ، وبالثلاث الصغريات ، فإنّ جعل كل منهما في قالب الإجزاء يقتضي كونهما في مرتبة واحدة ، هذا.
    مضافاً إلى النصوص المصرّحة بإجزاء الثلاث الصغريات ، كالصحيح :
عن أخفّ ما يكون من التسبيح في الصلاة ، قال : « ثلاث تسبيحات مترسّلاً ، تقول : سبحان اللّه سبحان اللّه سبحان اللّه » (4) ونحوه الموثق (5) وغيره مما يأتي (6).
1 ـ منهم الصدوقان حكاه عنهما في الذكرى : 197 ، وهو في المقنع : 28 ، والهداية : 32 ، والشيخ في التهذيب 2 : 80.
2 ـ التهذيب 2 : 76 / 285 ، الاستبصار 1 : 323 / 1207 ، الوسائل 6 : 300 أبواب الركوع ب 4 ح 4.
3 ـ التهذيب 2 : 76 / 283 ، 284 ، الاستبصار 1 : 323 / 1025 ، 1026 ، الوسائل 6 : 299 أبواب الركوع ب 4 ح 2 ، 3.
4 ـ التهذيب 2 : 77 / 288 ، الاستبصار 1 : 324 / 1212 ، الوسائل 6 : 303 أبواب الركوع ب 5 ح 2.
5 ـ التهذيب 2 : 77 / 287 ، الاستبصار 1 : 324 / 1211 ، الوسائل 6 : 303 أبواب الركوع ب 5 ح 3.
6 ـ وهو المرسل المروي في الهداية الآتي في ص 199 ، 200.


(199)
    وبه يتضح إجمال الثلاث تسبيحات في الصحاح لو كان ، وكذا في غيرها ، كالحسن ، بل الصحيح ـ كما قيل (1) ـ : « يجزيك من القول في الركوع والسجود ثلاث تسبيحات أو قدرهنّ مترسّلاً » (2) ونحوه آخر (3) وغيره (4).
    وفي قوله عليه السلام : « أو قدرهنّ » إشارة إلى جواز التسبيحة الكبرى أيضاً ، فإنها بقدر الثلاث جدّاً ، مع ظهور جملة من النصوص في جوازها ، منها : « أتدري أيّ شي‏ء حدّ الركوع والسجود ؟ » قلت : لا ، قال : « تسبّح في الركوع ثلاث مرّات : سبحان ربّي العظيم وبحمده ، وفي السجود : سبحان ربّي الأعلى وبحمده ، ثلاث مرات ، فمن نقص واحدة نقص ثلث صلاته ، ومن نقص ثنتين نقص ثلثي صلاته ، ومن لم يسبّح فلا صلاة له » (5).
    ومنها : عن التسبيح في الركوع ، فقال : « تقول في الركوع : سبحان ربي العظيم ، وفي السجود : سبحان ربي الأعلى ، الفريضة من ذلك تسبيحة ، والسنة ثلاث ، والفضل في سبع » (6) وقريب منه غيره (7).
1 ـ قال به في المدارك 3 : 391.
2 ـ التهذيب 2 : 77 / 286 ، مستطرفات السرائر : 95 / 10 ، الوسائل 6 : 302 أبواب الركوع ب 5 ح 1.
3 ـ التهذيب 2 : 79 / 297 ، الاستبصار 1 : 323 / 1208 ، الوسائل 6 : 303 أبواب الركوع ب 5 ح 4.
4 ـ التهذيب 2 : 80 / 299 ، الاستبصار 1 : 323 / 1210 ، الوسائل 6 : 303 أبواب الركوع ب 5 ح 6.
5 ـ الكافي 3 : 329 / 1 ، التهذيب 2 : 157 / 615 ، الاستبصار 1 : 324 / 1213 ، الوسائل 6 : 301 أبواب الركوع ب 4 ح 7.
6 ـ التهذيب 2 : 76 / 282 ، الاستبصار 1 : 322 / 1204 ، الوسائل 6 : 299 أبواب الركوع ب 4 ح 1.
7 ـ الفقيه 1 : 206 / ذيل الحديث 932 ، التهذيب 2 : 313 / 1273 ، علل الشرائع : 333 / 6 ، الوسائل 6 : 327 أبواب الركوع ب 21 ح 1.


(200)
    وقصورهما عن إفادة تمام التسبيحة غير ضائر بعد وجوده في أخبار كثيرة ، منها الرضوي : « فإذا ركعت فمدّ ظهرك ولا تنكس رأسك ، وقل في ركوعك بعد التكبير : اللّهم لك ركعت ـ ثمَّ ساق الدعاء إلى أن قال بعد تمامه : « سبحان ربي العظيم وبحمده ـ ثمَّ ساق الكلام في السجود كذلك إلى أن قال ـ : « سبحان ربي الأعلى وبحمد » (1).
    وبالجملة بهذه الأخبار بعد ضمّ بعضها مع بعض يتّضح وجه صحة ما في المتن من التخيير بين الثلاث الصغريات وواحدة كبرى ، وضعف القول بوجوبها خاصة ، كما عن النهاية (2) ، وبإجزاء التسبيح مطلقاً ولو واحدة صغرى مطلقاً ، كما عن المرتضى (3) ، وبالتخيير بين ثلاث كبريات ومثلها صغريات مع أفضلية الكبريات ، كما عن الحلبي (4) ، وبوجوب ثلاث كبريات خاصة ، كما حكاه عن بعض علمائنا في التذكرة (5) ، هذا ، مع دعوى الفاضل في المنتهى اتفاق كل من قال بتعيين التسبيح على ما هنا (6) ، مؤذناً بكونه مجمعا عليه بينهم. كل ذلك مع الاختيار.
    ( ومع الضرورة تجزي الواحدة الصغرى ) قطعاً ، وفي المنتهى الإجماع عليه (7) ، وفي المرسل المروي عن الهداية : « سبّح في ركوعك ثلاثاً ، تقول :
سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاث مرّات ، وفي السجود سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاث مرّات ، لأن اللّه تعالى ـ إلى أن قال ـ : فإن قلت : سبحان اللّه‏
1 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 106 ، المستدرك 4 : 435 أبواب الركوع ب 15 ح 2.
2 ـ النهاية : 82.
3 ـ الانتصار : 45.
4 ـ الكافي في الفقه : 118.
5 ـ التذكرة 1 : 119.
6 ـ المنتهى 1 : 282
7 ـ المنتهى 1 : 283.


(201)
سبحان اللّه سبحان اللّه أجزأك ، والتسبيحة الواحدة تجزي للمعتلّ والمريض والمستعجل » (1).
    واعلم أن القول بتعيّن التسبيح في كلّ من الركوع والسجود هو المشهور بين الأصحاب ، بل في الانتصار والخلاف والغنية (2) الإجماع عليه.
    ( وقيل : يجزي مطلق الذكر فيه وفي السجود ) والقائل : الشيخ في المبسوط والجمل والحلّي (3) ، نافياً الخلاف عنه ، وتبعهما أكثر المتأخرين ؛ للأصل ، والصحاح : يجزي أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود : لا إله إلّا اللّه والحمد للّه واللّه أكبر ؟ قال : « نعم ، كلّ هذا ذكر اللّه » (4).
    مضافاً إلى التأيّد بالحسنين أو الصحيحين المتقدمين ، المتضمّنين لقوله عليه السلام : « يجزيك من القول في الركوع والسجود ثلاث تسبيحات أو قدرهن مترسّلاً » (5) وقدرهن أعم من أن يكون من التسبيحة الكبرى أو مطلق الذكر فيهما.
    مع أنّ عموم ما في الصحاح ممّا هو كالتعليل لإجزاء الذكر المخصوص فيها يدفع توهم جوازه خاصة بعد التسبيح ، كما عن الجامع والنهاية (6).
    وهذا القول في غاية المتانة ؛ لصراحة هذه الصحاح ، واعتضادها بالأصل ، والشهرة المتأخّرة ، وحكاية نفي الخلاف المتقدمة ، مع سلامتها عن معارضة الصحاح المتقدمة وغيرها من المعتبرة ، المتضمنة لبيان ما يجزي من‏
1 ـ الهداية : 32 ، المستدرك 4 : 424 أبواب الركوع ب 4 ح 4.
2 ـ الانتصار : 45 ، الخلاف 1 : 348 ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 558.
3 ـ المبسوط 1 : 111 ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : 60 ، الحلّي في السرائر 1 : 224.
4 ـ الوسائل 6 : 307 أبواب الركوع ب 7.
5 ـ راجع ص : 198 ، 199.
6 ـ الجامع للشرائع : 83 ، النهاية : 81.


(202)
التسبيح في الركوع والسجود ، إذ هو أعم من الأمر به والحكم بلزومه.
    وأما ما تضمن الأمر به كالخبر : لمّا نزلت ( فسبّح باسم ربك العظيم ) قال لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : « اجعلوها في ركوعكم » فلمّا نزلت : ( سبّح اسم ربك الأعلى ) قال لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : « اجعلوها في سجودكم » (1) أو أنه « من لم يسبّح فلا صلاة له » كالخبر (2).
    فمع ضعف سندهما ليسا نصّين في الوجوب ، فيحتملان الحمل على الفضيلة جمعاً بين الأدلة ، وحذراً من إطراح الصحاح الصريحة ؛ فإن العمل بظاهر الأمر يوجب إطراحها بالكلية ، ولا كذلك لو حمل على الفضيلة ، فإنّ معه لا يطرح شي‏ء من أخبار المسألة ، هذا.
    والمستفاد منها بعد ضمّ بعضها مع بعض أنّ الأصل في ذكري الركوع والسجود هو التسبيح ، وأن غيره من الأذكار مُجزٍ عنه ، ويمكن أن ينزل على هذا كلمة كلّ من عيّن التسبيح بإرادتهم كونه الأصل ، وإن ذكر بعضهم أنه لا صلاة لمن لا يسبّح ، لاحتمال إرادته نفي الصلاة مع عدم التسبيح وبدله ، ألا ترى إلى الصدوق أنه قال في الأمالي : إنه من دين الإمامية الإقرار بأن القول في الركوع والسجود ثلاث تسبيحات ـ إلى أن قال ـ : ومن لم يسبّح فلا صلاة له إلّا أن يهلّل أو يكبّر أو يصلّي على النبي صلّى اللّه عليه وآله بعدد التسبيح ، فإنّ ذلك يجزيه (3).
    وعلى هذا فلا خلاف والحمد للّه تعالى. ولكن عدم العدول عن التسبيح أولى ، خروجاً عن شبهة الخلاف المشهور تحققه بين أصحابنا ، وإن كان القول‏
1 ـ الفقيه 1 : 206 / ذ.ح 932 ، التهذيب 2 : 313 / 1273 ، علل الشرائع : 333 / 6 ، الوسائل 6 : 327 أبواب الركوع ب 21 ح 1.
2 ـ التهذيب 2 : 80 / 300 ، الوسائل 6 : 300 أبواب الركوع ب 4 ح 5.
3 ـ أمالي الصدوق : 512.


(203)
بكفاية مطلق الذكر لعلّه أقوى.
    وعليه فهل يكفي مطلقه ولو مقدار تسبيحة صغرى ، ككلمة لا إله إلّا اللّه وحدها ، كما هو ظاهر إطلاق الصحاح وأكثر الفتاوى ، أم يتعيّن منه مقدار ثلاث صغريات أو واحدة كبرى ، كما هو ظاهر كلام الصدوق المتقدم ، والحسنين المتضمنين لإجزاء الثلاث الصغريات أو قدرها (1) ؟
    وجهان ، ولعلّ الثاني أظهر وأولى ؛ حملاً لمطلق النصوص على مقيّدها.
    ( و ) الرابع والخامس ( رفع الرأس ) منه ( والطمأنينة في الانتصاب ) إجماعاً على الظاهر المستفيض النقل في جملة من العبائر (2) ؛ وللتأسي ، والنصوص ، منها : « إذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك ، فإنه لا صلاة لمن لم يقم صلبه » (3).
    ونحوه الرضوي (4) لكن من دون زيادة : « فإنه لا صلاة ».
    وظاهر إطلاقها الركنية ، كما عليه الشيخ في الخلاف ، مدعياً عليه الوفاق (5) ، ويعضده القاعدة في نحو العبادة التوقيفية ، إلّا أن المشهور خلافه ، بل لا يكاد يعرف فيه مخالف سواه ، ولعله شاذّ ، وسيأتي الكلام فيه في بحث الخلل الواقع في الصلاة (6).
    ولا فرق في إطلاق النص والفتوى بين صلاتي الفريضة والنافلة ، خلافاًًًً للفاضل في النهاية ، فقال : لو ترك الاعتدال في الرفع من الركوع والسجود في‏
1 ـ راجع ص 197 ، 198.
2 ـ كما نقله في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 558 ، والتذكرة 1 : 119 ، وجامع المقاصد 2 : 288 ، والمفاتيح 1 : 139.
3 ـ الكافي 3 : 320 / 6 ، التهذيب 2 : 78 / 290 ، الوسائل 6 : 321 أبواب الركوع ب 16 ح 2.
4 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 102 ، المستدرك 4 : 431 أبواب الركوع ب 12 ح 1.
5 ـ الخلاف 1 : 351.
6 ـ في ج 4 ص : 107.


(204)
صلاة النفل عمدا لم تبطل صلاته ، لأنه ليس ركنا في الفرض وكذا في النفل (1). و هو كما ترى ، مع أنه شاذّ لا يرى له موافق من الأصحاب.
    ويكفي في هذه الطمأنينة مسمّاها اتفاقاً.
    ( و ) من ( السنة فيه : أن يكبّر له ) قائماً قبل الهوي ( رافعاً يديه ، محاذياً بهما وجهه ) كغيره من التكبيرات ( ثمَّ يركع بعد إرسالهما ، و ) أن ( يضعهما على ) عيني ( ركبتيه ) حالة الذكر أجمع ، مالئاً كفيه منهما.
    ( مفرّجات الأصابع ، رادّاً ركبتيه إلى خلفه ، مسوّياً ظهره ) بحيث لو صبّت عليه فطرة ماء لم تزل لاستوائه ( مادّاً عنقه ) مستحضراً فيه : آمنت بك ولو ضربت عنقي.
    ( داعياً أمام التسبيح ) بالمأثور.
    ( مسبّحاً ثلاثاً كبرى ) أي : سبحان ربي العظيم وبحمده ( فما زاد ) فقد عُدّ لمولانا الصادق عليه السلام في الركوع والسجود ستّون تسبيحة ، كما في الصحيح (2) ، وفي الخبر : دخلنا عليه عليه السلام وعنده قوم وقد كنّا صلّينا ، فعددنا له في ركوعه وسجوده : سبحان ربي العظيم وبحمده أربعاً أو ثلاثاً وثلاثين مرّة (3).
    وفي الموثق : « ومن كان يقوى على أن يطوّل الركوع والسجود فليطوّل ما استطاع ، يكون ذلك في تحميد اللّه تعالى وتسبيحه وتمجيده والدعاء والتضرع » (4) الحديث.
1 ـ نهاية الإِحكام 1 : 483.
2 ـ الكافي 3 : 329 / 2 ، التهذيب 2 : 299 / 1205 ، الوسائل 6 : 304 أبواب الركوع ب 6 ح 1.
3 ـ الكافي 3 : 329 / 3 ، التهذيب 2 : 300 / 1210 ، الاستبصار 1 : 325 / 1214 ، الوسائل 6 : 304 أبواب الركوع ب 6 ح 2.
4 ـ التهذيب 2 : 77 / 287 ، الوسائل 6 : 305 أبواب الركوع ب 6 ح 4.


(205)
    إلّا أن يكون إماماً ، فلا يزيد على الثلاث إلّا مع حبّ المأمومين الإطالة.
    وظاهر الأكثر الاقتصار على السبع ، للخبر (1) ، وفيه ضعف سنداً ودلالة ، وفي آخر على التسع (2).
    ( قائلاً بعد انتصابه : سمع اللّه لمن حمده ، داعياً بعده ) بالمأثور.
    كلّ ذلك للنصوص ، ففي الصحيح المتضمن لفعل مولانا الصادق عليه السلام تعليماً لحمّاد : ثمَّ رفع يديه حيال وجهه وقال : « اللّه أكبر » وهو قائم ، ثمَّ ركع وملأ كفّيه من ركبتيه مفرّجات ، وردّ ركبتيه إلى خلفه ، ثمَّ سوّى ظهره حتى لو صبّ عليه قطرة ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره ، ومدّ عنقه وغمض عينيه ثمَّ سبح ثلاثاً ، فقال : « سبحان ربي العظيم وبحمده » (3) الحديث.
    وفي آخر « إذا أردت أن تركع فقل وأنت منتصب : اللّه أكبر ، ثمَّ اركع وقل :
ربّ لك ركعت ، ولك أسلمت ، وبك آمنت ، وعليك توكّلت ، وأنت ربي ، خشع لك سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي ومخّي وعصبي وعظامي وما أقلّته قدماي ، غير مستنكف ولا مستكبر ولا مستحسر ، سبحان ربي العظيم وبحمده ، ثلاث مرّات في ترسّل ، وصفّ في ركوعك بين قدميك تجعل بينهما قدر شبر ، وتمكّن راحتيك من ركبتيك ، وتضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى ، وبلّع (4) بأطراف أصابعك ( عين الركبة وفرّج أصابعك‏ ) (5).
    إذا وضعتها على ركبتيك إلى أن قال : وأحبّ إليّ أن تمكّن كفيك من ركبتيك‏
1 ـ المتقدم في ص 199.
2 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 106 ، المستدرك 4 : 423 أبواب الركوع ب 4 ح 2.
3 ـ الكافي 3 : 311 / 8 ، الفقيه 1 : 196 / 916 ، التهذيب 2 : 81 / 301 ، الوسائل 5 : 459 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 1.
4 ـ في « م » و « ل » والوسائل : ّبلّغ بالمعجمة ، وفي التهذيب : تلقم.
5 ـ اضفناها من المصادر.


(206)
فتجعل أصابعك في عين الركبة وتفرّج بينهما ) (1) وأقم صلبك ، ومدّ عنقك ، وليكن نظرك إلى ما بين قدميك ثمَّ قل : سمع اللّه لمن حمده ـ وأنت منتصب قائم ـ الحمد للّه رب العالمين أهل الجبروت والكبرياء والعظمة ، الحمد (2) للّه ربّ العالمين ، تجهر بها صوتك ، ثمَّ ترفع يديك بالتكبير وتخرّ ساجداً » (3).
    ولا يجب شي‏ء من ذلك على المشهور ، بل لا خلاف فيه أجده إلّا من العماني والديلمي في التكبير فأوجباه (4). وللمرتضى ، فأوجب رفع اليدين فيه وفي كل تكبير (5). وقد مضى ضعف الثاني (6).
    وأما الأوّل فيضعّفه شذوذه أوّلاً ، ودعوى الذكرى استقرار الإجماع على خلافه (7) ثانياً ، وتصريح جملة من النصوص بعدم الوجوب ، منها الموثق : عن أدنى ما يجزي من التكبير في الصلاة ، قال : « تكبيرة واحدة » (8).
    والمروي في علل الفضل : أن التكبير المفروض في الصلاة ليس إلّا واحدة (9) وقصور السند أو ضعفه مجبور بالعمل والأصل.
    فيصرف بها ظاهر الأمر ، مع وروده في ضمن كثير من الأوامر المستحبة
1 ـ ما بين القوسين موجوده في المصادر هذا الصحيح ، والطاهر وقوع الخلط بينه وبين الصحيح الآخر ، وهو في الكلام 3 : 334 / 1 ، والتهذيب 2 : 83 / 308 ، والوسائل 5 : 461 أبواب آفعال الصلاة ب 1 ح 3.
2 ـ كلمة الحمد ليست في الكافي والوسائل و « م ».
3 ـ الكافي 3 : 319 /1 ، التهذيب 2 : 77 / 289 ، الوسائل 6 : 295 أبواب الركوع ب 1 ح 1.
4 ـ نقله عن العماني في المختلف : 96 ، الديلمي في المراسم : 69.
5 ـ الانتصار : 44.
6 ـ راجع ص : 126.
7 ـ الذكرى : 198.
8 ـ التهذيب 2 : 66 / 238 ، الوسائل 6 : 10 أبواب تكبيرة الإحرام ب 1 ح 5.
9 ـ الذي عثرنا عليه في علل الفضل هكذا : « فان قال : فلِمَ جُعل في الاستفتاح سبع تكبيرات ؟ قيل : لأن الفرض منها واحد وسائرها سنة ... » علل الشرائع : 261.


(207)
إجماعاً ، وهو موجب للتزلزل في الظهور جدّاً.
    ( ويكره أن يركع ويداه تحت ثيابه ) كما ذكره الجماعة (1) ، وفاقاً للمبسوط (2) ؛ ومستنده غير معلوم ، نعم في الموثق : في الرجل يدخل يديه تحت ثوبه ، قال : « إن كان عليه ثوب آخر إزار أو سراويل فلا بأس ، وإن لم يكن فلا يجوز له ذلك ، وإن أدخل يداً واحدة ولم يدخل الْأُخرى فلا بأس » (3).
    وهو غير مطابق لما ذكروه ؛ لعدم اختصاصه بالركوع ونفيه البأس إذا كان عليه مئزر أو سراويل ، كما عن الإسكافي (4).
    وعن الحلبي إطلاق الكراهة ، ملحقاً الكُمّين بالثياب (5).
    ويدفعه الصحيح : عن الرجل يصلّي ولا يخرج يديه عن ثوبه ، قال : « إن أخرج يديه فحسن ، وإن لم يخرج فلا بأس » (6).
1 ـ منهم المحقق في الشرائع 1 : 85 ، والعلّامة في الإرشاد 1 : 255 ، والشهيد الأوّل في الذكرى : 198.
2 ـ المبسوط 1 : 112.
3 ـ الكافي 3 : 395 / 10 ، التهذيب 2 : 356 / 1475 ، الاستبصار 1 : 392 / 1494 ، الوسائل 4 : 432 أبواب لباس المصلي ب 40 ح 4.
4 ـ على ما نقله عنه في الذكرى : 198.
5 ـ الكافي في الفقه : 125.
6 ـ الفقيه 1 : 174 / 822 ، التهذيب 2 : 356 / 1474 ، الاستبصار 1 : 391 / 1491 ، الوسائل 4 : 431 أبواب لباس المصلي ب 40 ح 1.


(208)
    ( السادس : السجود )
    ( ويجب في كل ركعة ) من فريضة أو نافلة ( سجدتان ) بالنص والإجماع ، بل الضرورة من الدين.
    ( وهما ) معاً ( ركن في الصلاة ) تبطل بالإخلال بهما إجماعاً على الظاهر ، المصرّح به في المعتبر والتذكرة والمنتهى (1) وغيرها (2) ؛ وللصحيح : « لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والركوع ، والسجود » (3) ونحوه غيره (4).
    وكذا بزيادتهما مطلقا ؛ للقاعدة المستندة إلى الاعتبار ، والأخبار ، منها ـ زيادة على ما مرّ في النهي عن قراءة العزيمة في الفريضة (5) ـ الصحيح : « إذا استيقن أنه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتدّ بها واستقبل صلاته استقبالاً إذا كان قد استيقن يقيناً » (6). والموثق القريب منه : « من زاد في صلاته فعليه الإعادة » (7).
    خلافاًًًً للشيخ في جملة من كتبه ، فجعلهما ركنين في الأوليين وثالثة
1 ـ المعتبر 2 : 206 ، التذكرة 1 : 110 ، المنتهى 1 : 286.
2 ـ كنهاية الإِحكام 1 : 487 ، والمفاتيح 1 : 141.
3 ـ التهذيب 2 : 152 / 597 ، الوسائل 6 : 313 أبواب الركوع ب 10 ح 5.
4 ـ الفقيه 1 : 225 / 991 ، الوسائل 6 : 91 أبواب القراءة في الصلاة ب 29 ح 5.
5 ـ راجع ص 153.
6 ـ الكافي 3 : 354 / 2 ، التهذيب 2 : 194 / 763 ، الاستبصار 1 : 376 / 1428 ، الوسائل 8 : 231 أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 19 ح 1.
7 ـ التهذيب 2 : 194 / 764 ، الاستبصار 1 : 376 / 1429 ، الوسائل 8 : 231 أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 19 ح 2.


(209)
المغرب خاصة (1). وسيأتي الكلام معه في بحث الخلل الواقع في الصلاة إن شاء اللّه تعالى (2).
    ولا تبطل بالإخلال بإحداهما ولا زيادتها سهواً مطلقاً ، على الأشهر الأقوى ، بل في التذكرة والذكرى الإجماع عليه في الصورة الْاُولى (3) ؛ للمعتبرة المستفيضة ، ففي الصحيح : في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتى قام ، فذكر وهو قائم أنه لم يسجد ، قال : « فليسجد ما لم يركع ، فإذا ركع فذكر بعد ركوعه أنه لم يسجد فليمض على صلاته حتى يسلّم ثمَّ يسجدها ، فإنها قضاء » (4) ونحوه آخر (5) والموثق (6) وغيره (7).
    وفي الموثق : « لا يعيد الصلاة من سجدة ويعيدها من ركعة » (8).
    وفي آخر : « واللّه لا تفسد الصلاة بزيادة سجدة » (9).
    خلافاًًًً للمحكي عن الكليني وظاهر العماني (10) ، فتبطل بالإخلال مطلقاً ؛ للخبر : في الرجل ينسى السجدة من صلاته ، فقال : « إذا ذكرها قبل ركوعه‏
1 ـ انظر المبسوط 1 : 120 ، والتهذيب 2 : 154.
2 ـ راجع ج 4 ص : 101 ، 102.
3 ـ التذكرة 1 : 138 ، الذكرة : 200.
4 ـ التهذيب 2 : 153 / 602 ، الاستبصار 1 : 359 / 1361 ، الوسائل 6 : 364 أبواب السجود ب 14 ح 1.
5 ـ الفقيه 1 : 228 / 1008 ، الوسائل 6 : 365 أبواب السجود ب 14 ذيل الحديث 4.
6 ـ التهذيب 2 : 153 / 604 ، الاستبصار 1 : 359 / 1362 ، الوسائل 6 : 364 أبواب السجود ب 14 ح 2.
7 ـ قرب الإسناد : 194 / 733 ، الوسائل 6 : 367 أبواب السجود ب 14 ح 8.
8 ـ الفقيه 1 : 228 / 1009 ، التهذيب 2 : 156 / 610 ، الوسائل 6 : 319 أبواب الركوع ب 14 ح 2.
9 ـ التهذيب 2 : 156 / 611 ، الوسائل 6 : 319 أبواب الركوع ب 14 ح 3.
10 ـ الكليني في الكافي 3 : 361 ، وحكاه عن العماني في المختلف : 131.


(210)
سجدها وبنى على صلاته ، ثمَّ يسجد سجدتي السهو بعد انصرافه ، وإن ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة ، ونسيان السجدة في الْأُوليين والأخيرتين سواء » (1).
    وهو ـ مع ضعف سنده بالإرسال وغيره ، ومعارضته بما تقدم مما هو أرجح سنداً وعدداً وعملاً ـ غير صريح بل ولا ظاهر في المخالفة ؛ لاحتمال السجدة المنسية فيها السجدتين لا الواحدة ، بقرينة تعريفها باللام المفيدة للجنسية ، قال الشيخ : ولأجل هذا قال : « ونسيان السجدة في الْأُوليين والأخيرتين سواء » يعني في السجدتين معاً (2). وكيف كان فيتعين حمله على ذلك جمعاً ، وإرجاعاً له إلى الراجح.
    وللمحكي عن الأوّل والسيد في الجمل والحلبيين والحلّي (3) ، فتبطل بالزيادة ؛ للقاعدة وما بعدها من المعتبرة ، وهو في غاية القوة لو لا الموثقان المتقدمان الظاهر ان في عدم البطلان بها ، بل الثاني صريح فيه ، لاعتضادهما بالشهرة العظيمة التي كادت تكون من المتأخّرين إجماعاً ، بل هو إجماع في الحقيقة.
    مضافاً إلى فحوى ما دلّ على عدمه بالإخلال بواحدة من الفتوى والرواية ، فتدبّر وتأمّل.
    وللشيخ في ظاهر التهذيب ومحتمل الاستبصار (4) ، فوافق العماني في‏
1 ـ التهذيب 2 : 154 / 606 ، الاستبصار 1 : 359 / 1363 ، الوسائل 6 : 366 أبواب السجود ب 14 ح 5.
2 ـ الاستبصار 1 : 359.
3 ـ الكليني في الكافي 3 : 361 ، ولم نجده في النسختين المطبوعتين من جمل السيد ، ولكنه موجود في متن الجمل المطبوع في ضمن شرحه للقاضي : 105 ، الحلبي في الكافي في الفقه : 119 ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 565 ، الحلّي في السرائر 1 : 253.
4 ـ التهذيب 2 : 154 ، الاستبصار 1 : 359.
رياض المسائل ـ الجزء الثالث ::: فهرس