رياض المسائل ـ لجزء الرابع ::: 91 ـ 105
(91)
لكثرة أخباره واشتهاره بين الأصحاب ، بل في الخلاف عليه الإجماع (1).
    وفيه الإجماع أيضاًً على استحباب الثمانين ركعة في ليالي الأفراد زيادة على المئات.
    ( وفي رواية (2) يقتصر ) فيها عن الثمانين ( على المائة ) في كل منها ( ويصلّي ) الثمانين المتخلّفة وهي العشرون في التاسعة عشرة والستون في الليلتين بعدها ( في الجمع ) الأربع ( أربعون ) موزّعة عليها ، فيصلّي في كل يوم جمعة عشراً :
    أربعا ( بصلاة علي عليه السلام ) يقرأ فيها بالحمد في كل ركعة وخمسين مرة قل هو اللّه أحد.
    ( و ) أربعاً بصلاة ( جعفر عليه السلام ) يقرأ في الركعة الاُولى الحمد وإذا زلزلت ، وفي الثانية الحمد والعاديات ، وفي الثالثة الحمد وإذا جاء نصر اللّه ، وفي الرابعة الحمد وقل هو اللّه أحد.
    ( و ) ركعتين بصلاة ( فاطمة عليها السلام ) يقرأ في الركعة الاُولى بالحمد وإنا أنزلناه في ليلة القدر مائة مرة ، وفي الثانية بالحمد وقل هو اللّه أحد مائة مرة.
    ( وعشرون في آخر جمعة ) أي ليلة الجمعة الأخيرة ( بصلاة علي عليه السلام ، وفي عشيتها ) ليلة السبت ( عشرون بصلاة فاطمة عليها السلام ).
    ويوافقها في الاقتصار على المائة غيرها من الروايات (3) ، وحكي القول بمضمونها عن كثير من القدماء كالمفيد والمرتضى والقاضي والديلمي وابن‏
1 ـ الخلاف 1 : 202.
2 ـ التهذيب 3 : 66 / 218 ، الاستبصار 1 : 466 / 1802 ، المقنعة : 168 ، الوسائل 8 : 28 أبواب نافلة شهر رمضان ب 7 ح 1.
3 ـ الوسائل 8 : 32 أبواب نافلة شهر رمضان ب 7 ح 6 ، 8.


(92)
حمزة (1) ، وعزاه في الذكرى إلى أكثر الأصحاب (2) ، وفي الانتصار الإجماع عليه ، وعليه رتّب الشيخ الدعوات المختصة بالركعات (3). والتخيير غير بعيد كما هو ظاهر كثير.
    ( ومنها : صلاة ليلة الفطر ) .
    ( وهي ركعتان يقرأ في الاُولى مرة بالحمد وبالإخلاص ألف مرة ، وفي الثانية الحمد والإخلاص ) كلّ منهما ( مرة ) كما في الخبر المنجبر بقول الأصحاب كما في الذكرى (4) ، مضافاًً إلى التسامح في أدلة السنن ، وفيه : « من صلّاها لم يسأل اللّه تعالى شيئاً إلّا أعطاه » (5).
    ولها صلوات مذكورة في محالّها.
    ( ومنها : صلاة يوم الغدير ) .
    وهو الثامن عشر من شهر ذي الحجّة ( قبل الزوال بنصف ساعة ).
    ( وهي ركعتان ) يقرأ في كل منهما الحمد مرة ، وكلا من التوحيد وآية الكرسي والقدر عشر مرّات ، كما في الخبر ، وفيه : أنها تعدل مائة ألف حجة ومائة ألف عمرة ، ومن صلّاها لم يسأل اللّه تعالى حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلّا قضيت له كائنة ما كانت الحاجة (6).
1 ـ المفيد في المقنعة : 165 ، المرتضي في الانتصار : 55 ، القاضي في المهذب 1 : 146 ، الديلمي في المراسم : 82 ، ابن حمزة في الوسيلة : 117.
2 ـ الذكرى : 254.
3 ـ كما في مصباح المتهجد : 487.
4 ـ الذكرى : 254.
5 ـ التهذيب 3 : 71 / 228 ، المقنعة : 171 ، الوسائل 8 : 85 أبواب بقيه الصلوات المندوبة ب 1 ح 1.
6 ـ التهذيب 3 : 143 / 317 ، الوسائل 8 : 89 أبواب بقية الصلوات المندوبة ب 3 ح 1.


(93)
    وضعف السند منجبر بما عرفته ، مضافاًً إلى أخبار أخر مؤيدة له (1).
    فإنكار الصدوق له (2) ضعيف ، كقول الحلبي باستحباب الجماعة فيها والخطبتين والخروج إلى الصحراء (3) ، إذ لم نقف له على مستند ، مع مخالفة الأول لعموم الأدلة بإنكار الجماعة في النافلة.
    والاُولى مراعاة الترتيب الذكري في القراءة ، وعليه جماعة (4) ، وقدّم آخرون القدر على آية الكرسي ، ويظهر من الحلّي أنّ به رواية (5).
    ( ومنها : صلاة ليلة النصف من شعبان ).
    وهي عديدة وبكل منها رواية ، فمنها ( أربع ركعات ) يقرأ في كل ركعة الحمد مرّة والتوحيد مائة مرّة ثمَّ يدعو بالمرسوم كما في المرفوع المروي في الكافي وغيره (6).
    ونحوه الخبر المروي في المصباح ، ولكن في العدد خاصة ، وأما القراءة ففيه أنه « تقرأ في كل ركعة الحمد مرة والتوحيد مائتين وخمسين مرة » (7).
    ومنها : ركعتان يقرأ في الاُولى بعد الحمد الجحد وفي الثانية بعده التوحيد ، وتقول بعد السلام : سبحان اللّه ثلاثاً وثلاثين مرة ، والحمد للّه كذلك ، واللّه أكبر أربعاً وثلاثين مرة ، ثمَّ يدعو بالمروي ، رواه في المصباح (8). وروي‏
1 ـ مصباح المتهجد : 680 ، 703 ، تفسير فرات الكوفي : 117 / 123.
2 ـ انظر الفقيه 1 : 55.
3 ـ كما في الكافي في الفقه : 160.
4 ـ منهم الشيخ في مصباح المتهجد : 691 ، والنهاية : 141 ، وسلار في المراسم : 81 ، والمحقق في المعتبر 2 : 373 ، والعلامة في التذكرة 1 : 71.
5 ـ راجع السرائر 1 : 312.
6 ـ الكافي 3 : 469 / 7 ، التهذيب 3 : 185 / 419 ، الوسائل 8 : 106 أبواب بقية الصلوات المندوبة ب 8 ح 2.
7 ـ مصباح المتهجد : 769 ، الوسائل 8 : 108 أبواب بقية الصلوات المندوبة ب 8 ح 7.
8 ـ مصباح المتهجد : 762 ، الوسائل 8 : 106 أبواب بقية الصلوات المندوبة ب 8 ح 3.


(94)
فيه غير ذلك.
    ( ومنها : صلاة ليلة المبعث ويومها ) .
    وهو السابع والعشرون من رجب.
    ( وكيفية ذلك ) أي كل من هذه الصلوات ( وما يقال فيه وبعده مذكور في كتب تخصّ به ، وكذا سائر النوافل ) الغير المذكورة في الكتاب ، من أرادها ( فليطلبها هناك ).


(95)
( المقصد الثالث في التوابع‏ )
    ( وهي ) اُمور ( خمسة ) :
    ( الأول في الخلل الواقع في الصلاة )
    ( وهو ) يكون ( إما ) عن ( عمد ) وقصد ( أو سهو ) لعزوب المعنى عن الذهن حتى حصل بسببه الإخلال ( أو شك ) وهو : تردّد الذهن بين طرفي النقيض حيث لا رجحان لأحدهما على الآخر.
    والمراد بالخلل الواقع عن عمد أو سهو ترك شي‏ء من أفعالها مثلاً ، والواقع بالشك النقص الحاصل للصلاة بنفس الشك ، لا أنه كان سبب ترك كقسيميه.
    ( أما العمد : ف‍ ) كلّ ( من أخلّ معه بواجب أبطل صلاته ، شرطاً كان ) ما أخلّ به كالطهارة ، والستر ، والوقت والقبلة ( أو جزءا ) وإن لم يكن ركنا كالقراءة ، وأجزائها حتى الحرف الواحد ( أو كيفية ) كالطمأنينة ، والجهر والإخفاف في القراءة ، وترتيب الواجبات بعضها على بعض.
    ( و ) تعريف العامد بما مرّ يشمل ما ( لو كان جاهلا ) بالحكم الشرعي كالوجوب ، أو الوضعي كالبطلان.
    والأصل في جميع ذلك عدم الإتيان بالمأمور به على الوجه المطلوب شرعا ، فيبقى في عهدة التكليف.
    وهذه الكلية ثابتة في جميع مواردها ( عدا الجهر والإخفات ، فإنّ الجهل فيهما عذر ) إجماعاً كما مرّ في بحثهما.
    ( وكذا تبطل لو فعل ) معه ( ما يجب تركه ) في الصلاة كالكلام بحرفين فصاعداً ، ونحوه ممّا مرّ في قواطع الصلاة مع أدلتها.
    ( وتبطل الصلاة في الثوب المغصوب ، أو الموضع المغصوب ) وكذلك‏


(96)
فيهما نجسين ( والسجود على الموضع النجس مع العلم ) مطلقاًً وإن جهل الحكم ( لا مع الجهل بالغصبية والنجاسة ) إذ لا إعادة في الأول مطلقاًً ، وفي الثاني مع خروج الوقت ، ومع بقائه قولان تقدّما كسائر ما يتعلّق بهذه المسائل في أبحاثها.
    لكن لم يتقدم لحكم السجود على الموضع النجس جهلاً ذكر لا هنا ، ولا في شي‏ء ممّا وقفت عليه من كتب الفقهاء ، عدا شيخنا الشهيد الثاني في روض الجنان في بحث الصلاة في الثوب النجس فألحقه به وبالبدن في الأحكام 1 ، وهو ظاهر غيره من الأصحاب ، حيث أحالوا الحكم في المقام إلى ذلك البحث وبحث المكان ، مع أنهم لم يذكروه في شي‏ء منهما على الخصوص ، وهو ظاهر فيما ذكرناه من الإلحاق.
    ولا ريب فيه إن كان إجماعاً ، وإلّا فللتوقف فيه مجال ؛ فإنّ مقتضى الاُصول الإعادة في الوقت هنا ، للشك في الامتثال ، لإطلاق ما دلّ على اشتراط طهارة محل السجود من دون تقييد بصورة العلم وإن احتمل قريباً كطهارة الثوب والبدن ، لكنه ليس بمتحقق كما تحقّق فيهما ، فبمجرده لا يخرج عن إطلاق الأمر القطعي.
    نعم لو خرج الوقت لم يعلم وجوب القضاء ؛ بناءً على كونه فرضاً مستأنفاً ، ولا دليل عليه هنا عدا عموم الأمر بقضاء الفوائت ، وهو فرع تحقق الفوت ، ولم يتحقق بعد احتمال اختصاص الشرطية بحال العلم كما في النظائر ، وحينئذ فيدفع القضاء بالأصل السالم عن المعارض.
    ( وأما السهو : فإن كان عن ركن ) من الأركان الخمسة المتقدمة ( وكان محلّه باقيا ) بأن لا يكون دخل في ركن آخر ( أتى به ) ثمَّ بما بعده بلا خلاف‏
1 ـ روض الجنان : 168.

(97)
بين أهل العلم كما في المنتهى (1) ؛ لإمكان الإتيان به على وجه لا يؤثر خللاً ولا إخلالاً بماهية الصلاة ؛ ولفحوى ما دلّ على هذا الحكم في صورة الشك في الجملة.
    ( وإن كان دخل في ) ركن ( آخر أعاد ) الصلاة ، وذلك ( كمن أخلّ بالقيام حتى نوى ، أو بالنية حتى افتتح ) الصلاة ( أو بالافتتاح حتى قرأ ، أو بالركوع حتى سجد ، أو بالسجدتين حتى ركع ).
    بلا خلاف فيما عدا الأخيرين ولا إشكال ، إلّا في الأول ، فإنه يتوقف على ثبوت ركنية القيام حتى حال النية. ووجهه غير واضح ، خصوصا على مذهب من جعل النية شرطاًً خارجاً عن حقيقة الصلاة ، إلّا أن يوجّه باشتراط مقارنتها للتكبير الذي القيام ركن فيه قطعاًً ، وهي لا تتحقق إلّا حالة القيام ، فتدبر.
    ووجه فساد الصلاة بالإخلال بالنية حتى كبّر على القول بجزئيتها واضح.
    وكذا على غيره فإنّ التكبير جزء من الصلاة إجماعاً فيعتبر فيه النية وغيرها من الشرائط ، لأن شرط الكل شرط لجزئه ، ويلزم من فوات الشرط فوات المشروط.
    وعلى الأشهر الأقوى أيضاًً فيهما ، بل عليه جمهور متأخري أصحابنا ، بل عامّتهم في الأخير إذا كان السهو في الركعتين الاُوليين أو الصبح أو المغرب ؛ وحجتهم عليه ـ بعد الإجماع ظاهراً ـ استلزام التدارك زيادة ركن ، وعدمه نقصانه ، وهما مبطلان ، إجماعاً في الثاني ، ونصّاً في الأول.
    وهذه الحجة عامة للصور المزبورة وغيرها من السهو عن السجدتين إلى أن يركع في أخيرتي الرباعية ، وعن الركوع إلى أن يسجد السجدتين ، مضافة فيه إلى الصحيح : عن الرجل ينسى أن يركع حتى يسجد ويقوم ، قال :
1 ـ المنتهى 1 : 408.

(98)
« يستقبل » (1) ونحوه غيره (2).
    وحيث لا قائل بالفرق بينه وبين السهو عنه إلى أن يسجد الواحدة عمّ الحكم لهما ؛ مع اعتضاده بالقاعدة من أنه لم يأت بالمأمور به على وجهه ، فيبقى تحت العهدة ، ولا يتيقن الخروج عنها إلّا باستيناف الصلاة من أوّلها ؛ وإطلاق جملة من المعتبرة :
    منها ، الموثق : عن الرجل ينسى أن يركع ، قال : « يستقبل حتى يضع كلّ شي‏ء موضعه » (3).
    والخبر : عن رجل نسي أن يركع ، قال : « عليه الإعادة » (4).
    وقصور السند أو ضعفه مجبور بالشهرة العظيمة المتأخرة والموافقة للقاعدة المتيقنة المشار إليها في الموثقة أيضاًً بقوله : « حتى يضع كل شي‏ء موضعه » فتعمّ غير موردها أيضاًً ، وهو جملة الصور في المسألتين.
    ( وقيل : إن كان ) السهو عن أحد الركنين مع الدخول في الآخر ( في ) الركعتين ( الأخيرتين من الرباعية أسقط الزائد وأتى بالفائت ).
    القائل بذلك الشيخ في المبسوط وكتابي الأخبار (5) ، جمعاًً بين الأخبار المتقدمة وبين الصحيحين الدالّين على التلفيق مطلقاًً ، كما حكاه عن بعض‏
1 ـ الكافي 3 : 348 / 2 ، التهذيب 2 : 148 / 581 ، الاستبصار 1 : 355/ 1344 ، الوسائل 6 : 312 أبواب الركوع ب 10 ح 1.
2 ـ التهذيب 2 : 149 / 583 ، الاستبصار 1 : 356 / 1347 ، الوسائل 6 : 313 أبواب الركوع ب 10 ح 2.
3 ـ التهذيب 2 : 149 / 587 ، الاستبصار 1 : 355 / 1343 ، الوسائل 6 : 313 أبواب الركوع ب 10 ح 2.
4 ـ التهذيب 2 : 149 / 584 ، الاستبصار 1 : 356/ 1346 ، الوسائل 6 : 313 أبواب الركوع ب 10 ح 4.
5 ـ المبسوط 1 : 109 ، التهذيب 2 : 149 ، الاستبصار 1 : 356.


(99)
الأصحاب (1) وعزاه إليه في المنتهى (2).
    في أحدهما : رجل شكّ بعد ما سجد أنه لم يركع ، فقال : « يمضي في صلاته حتى يستيقن أنه لم يركع ، فإن استيقن أنه لم يركع فليلق السجدتين اللتين لا ركوع لهما ويبني صلاته على التمام ، وإن كان لم يستيقن إلّا بعد ما فرغ وانصرف فليقم وليصل ركعة وسجدتين ولا شي‏ء عليه » (3).
    وفي الثاني : عن رجل نسي ركعة من صلاته حتى فرغ منها ثمَّ ذكر أنه لم يركع ، قال : « يقوم ويركع ويسجد سجدتي السهو » (4).
    وفيه نظر فإنّ الجمع بذلك فرع التكافؤ ، وليس ، لرجحان الأخبار الأوّلة من وجوه عديدة دون الصحيحين ، سيّما مع تضمن الأول منهما ما لا يقول به الخصم بل ولا أحد من : وجوب صلاة ركعة مع سجدتين بعد الانصراف من الصلاة إذا استيقن ترك الركوع.
    ومنه يظهر شذوذ الثاني رأساً ، وعدم ارتباطه بما نحن فيه أصلاًً.
    ولو سلّم ذلك كلّه فالجمع بذلك فرع الشاهد عليه ، ولم نجده ، عدا ما اشتهر عنه وعن المفيد من أنّ كل سهو يلحق الاُوليين في الأعداد والأفعال فهو موجب للإعادة دون الأخيرتين (5). ولم أتحققه ، بل المتحقق خلافه.
    وفي الرضوي : « وإن نسيت الركوع بعد ما سجدت من الركعة الاُولى فأعد صلاتك ، لأنه إذا لم تصحّ لك الاُولى لم تصح صلاتك ، وإن كان الركوع من الركعة الثانية أو الثالثة فاحذف السجدتين واجعلها ـ أعني الثانية ـ الاُولى ،
1 ـ المبسوط 1 : 119.
2 ـ المنتهى 1 : 408.
3 ـ التهذيب 2 : 149 / 585 ، الاستبصار 1 : 356 / 1348 ، الوسائل 6 : 314 أبواب الركوع ب 11 ح 2.
4 ـ التهذيب 2 : 149 / 586 ، الوسائل 6 : 315 أبواب الركوع ب 11 ح 3.
5 ـ نقله عنهما الشهيد في الذكرى : 220 ، لاحظ المقنعة : 145 ، والتهذيب 2 : 150.


(100)
والثالثة ثانية ، والرابعة ثالثة » (1).
    وهو ـ كما ترى ـ ظاهر في خلاف ما ذكراه ، وهو وجوب المحافظة على الركعة الاُولى خاصة لا الركعتين معاً.
    ويؤيده بعض الأخبار المروية عن العلل والعيون عن مولانا الرضا عليه السلام قال : « إنما جعل أصل الصلاة ركعتين ، وزيد على بعضها ركعة ، وعلى بعضها ركعتين ، ولم يزد على بعضها شي‏ء ، لأن أصل الصلاة هي ركعة واحدة ، لأن أصل العدد واحد ، فإذا نقصت عن واحدة فليست هي صلاة » الحديث (2).
    وما تضمنه الرضوي من الحكم في المسألة محكي عن والد الصدوق والإسكافي (3) ، وهو مع ندرته وقصوره عن المقاومة لما مرّ من الأدلة من وجوه عديدة شاذ.
    واعلم : أنّ النصوص الدالة على التلفيق مطلقاًً مختصة بالمسألة الاُولى كفتوى الشيخ في كتبه المتقدمة ، فلا وجه لتعديته وإجزائه في الثانية كما حكي عنه في جمله واقتصاده (4) ؛ ولذا وافق القوم هنا في موضع من المبسوط (5) لكن قال في موضع آخر منه ما يشعر باتحاد طريق المسألتين واتحاد حكمهما (6) ؛ ولعلّه الوجه في التعدية ، كما احتجّ لهم في المختلف من أنّ السجدتين مساويتان للركوع في الحكم فانسحب فيهما حكم التلفيق الثابت للركوع (7).
1 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 116 المستدرك 4 : 429 أبواب الركوع ب 9 ح 2.
2 ـ عيون الاخبار 2 : 106 ، علل الشرائع : 261 ، الوسائل 4 : 53 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 13 ح 22.
3 ـ نقله عنهما في المختلف : 131.
4 ـ الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : 186 ، الاقتصاد : 265.
5 ـ المبسوط 1 : 112.
6 ـ المبسوط 1 : 120.
7 ـ المختلف : 130.


(101)
وضعف هذا الاستدلال ظاهر.
    ( ويعيد ) الصلاة ( لو زاد ) فيها ( ركوعاً أو سجدتين ) مطلقاًً ( عمداً ) كانت الزيادة ( أو سهواً ) وكذا غيرهما من الأركان إلّا ما استثني ، بلا خلاف أجده ، وبه صرّح جماعة (1) ؛ لكونها كالنقيصة مغيّرة لهيئة العبادة التوقيفية موجبة لبقاء الذمة تحت العهدة ؛ ومع ذلك المعتبرة به مستفيضة ، منها الصحيح : « إذا استيقن أنه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتد بها واستقبل الصلاة استقبالاً » (2) وبمعناه الموثق وغيره (3).
    وفي الموثقين القريب أحدهما من الصحيح ، بل صحيح : « لا يعيد الصلاة من سجدة ويعيدها من ركعة » (4).
    ومقابلة الركعة فيهما بالسجدة قرينة على أنّ المراد بالركعة الركوع ، ولا قائل بالفرق بينه وبين السجدتين.
    وخروج كثير من الأفراد من إطلاق الصحيح الأول وما في معناه غير قادح ولو كانت أكثر ؛ إذ ليس كالعموم اللغوي لا يقبل التخصيص إلى أن يبقى الأقل.
    فما يقال في الجواب عنهما من حملهما على زيادة ركعة حذراً عن ارتكاب التخصيص البعيد ضعيف.
    وأضعف منه التأمل في الدليل الأول مع عدم ظهور وجهه (5) ، سيما وأنّ‏
1 ـ منهم السبزواري في الكفاية : 25 ، وصاحب الحدائق 9 : 119.
2 ـ الكافي 3 : 354 / 2 ، التهذيب 2 : 194 / 763 ، الاستبصار 1 : 376 / 1428 ، الوسائل 8 : 231 أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 19 ح 1.
3 ـ التهذيب 2 : 194 / 764 ، الاستبصار 1 : 376 / 1429 ، الوسائل 8 : 231 أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 19 ح 2 وذيله.
4 ـ الفقيه 1 : 228 / 1009 ، التهذيب 2 : 156 / 610 ، 611 ، الوسائل 6 : 319 أبواب الركوع ب 14 ح 2 ، 3.
5 ـ انظر الحدائق 9 : 119.


(102)
دأب العلماء حتى المتأمل التمسك به في إثبات كثير من الواجبات في العبادات ، وبطلانها بالإخلال بها مطلقاً.
    وكما تبطل بزيادة أحد الركنين كذا تبطل بزيادة ركعة مطلقاًً على الأشهر الأقوى لما مضى من الأدلة حتى القاعدة ، بناءً على المختار من وجوب التسليم وجزئيته مطلقاًً ، وكذا على غيره لكن في الجملة.
    مضافاً إلى بعض الأخبار المنجبر ضعفها بالشهرة والمخالفة للعامة : في رجل صلّى العصر ست ركعات أو خمس ركعات ، قال : « إن استيقن أنه صلّى خمساً أو ستاً فليعد » (1).
    خلافاً للإسكافي فلا إعادة في الرابعة إن جلس بعدها بقدر التشهد (2) ، واختاره الفاضلان في المعتبر والتحرير والمختلف (3) ، للصحيحين (4) ، ولأن نسيان التشهد غير مبطل فإذا جلس بقدره فقد فصل بين الفرض والزيادة.
    وفيهما نظر لضعف الثاني بأن تحقّق الفصل بالجلوس لا يقتضي عدم وقوع الزيادة في أثناء الصلاة.
    والخبرين : بأنّ الظاهر أنّ المراد من الجلوس فيهما بقدر التشهد :
    التشهد لشيوع مثل هذا الإطلاق ، وندور تحقق الجلوس بقدره من دون الإتيان به. ولو سلّم ففي مكافاتهما لما مرّ من الأدلة مناقشة واضحة ، سيّما بعد احتمالهما الحمل على التقية كما صرّح به جماعة (5) حاكين القول بمضمونهما
1 ـ التهذيب 2 : 352 / 1461 ، الوسائل 8 : 232 أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 19 ح 3.
2 ـ نقله عنه في المختلف : 135.
3 ـ المعتبر 2 : 380 ، التحرير 1 : 49 ، المختلف : 135.
4 ـ الفقيه 1 : 229 / 1016 ، التهذيب 2 : 194 / 766 ، الاستبصار 1 : 377 / 1431 ، الوسائل 8 : 232 أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 19 ح 4 ، 6.
5 ـ منهم الشيخ في الخلاف 1 : 451 ، وصاحي الحدائق 9 : 117.


(103)
عن أبي حنيفة المشهور رأيه في جميع الأزمنة وعليه أكثر العامة.
    وقيل : إنّ تشهّد قبل الزيادة فلا إعادة (1) ، عملاً بظاهر الصحيحين بالتقريب الذي عرفته ، ولذا جعلا من أدلة استحباب التسليم لا التشهد.
    وفيه ما عرفته من عدم المكافأة للأدلة المشهورة هنا مضافاًً إلى أدلة وجوب التسليم المتقدمة في بحثه.
    وعلى هذا القول لا فرق في وقوع الزيادة بعد تشهد الرباعية أو الثلاثية أو الثنائية إن علّل زيادة على الصحيحين باستحباب التسليم والخروج بالتشهد عن الصلاة ، فتكون الزيادة بعدها.
    ( ولو نقص من عدد ) ركعات ( الصلاة ) سهواً ( ثمَّ ذكر ) النقصان بعد التسليم ( أتم ) مطلقاًً و ( لو تكلّم على الأشهر ) الأظهر للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة المتقدمة جملة منها (2) ، مضافاًً إلى الإجماعات المنقولة على عدم بطلان الصلاة بالتكلّم ناسياًً في بحث قواطع الصلاة ، وتقدّم ثمة خلاف النهاية وقوله فيه بوجوب الإعادة مع ذكر ما يصلح له دليلاًً والجواب عنه (3).
    ويحكى هذا القول هنا عن جماعة من القدماء كالعماني والحلبي (4).
    وحكى الشيخ عن بعض الأصحاب قولا بوجوب الإعادة في غير الرباعية (5) ، ولم نعرف مستنده.
    وإطلاق العبارة ـ كغيرها وجملة من النصوص الصحيحة وغيرها ـ يقتضي عدم الفرق بين ما إذا طال الزمان أو الكلام كثيراً بحيث يخرج عن كونه مصلّياً
1 ـ قال به الشيخ في الاستبصار 1 : 377 ؛ وانظر الذكرى : 219.
2 ـ راجع ج 3 ص : 280.
3 ـ راجع ص 3 : 282.
4 ـ نقله عن العماني في المختلف : 136 ، الحلبي في الكافي : 120.
5 ـ انظر المبسوط 1 : 121.


(104)
أم لا ، وعزاه في التذكرة إلى ظاهر علمائنا (1).
    خلافاً لبعضهم ففرّق بينهما ، فوافق الشيخ في الأول ، والمشهور في الثاني (2).
    ووجهه غير واضح ، عدا الجمع بين النصوص وما دلّ على البطلان بالفعل الكثير. وفيه نظر ؛ لاختصاص ما دلّ على البطلان بصورة العمد كما مرّ في بحثه (3) ؛ مع نقل الإجماع على عدمه فيما نحن فيه (4).
    ومع ذلك يردّه ظاهر الحسن ـ لو لم نقل صريحه ـ : قلت : أجي‏ء إلى الإمام وقد سبقني بركعة في الفجر ، فلمّا سلّم وقع في قلبي أني أتممت ، فلم أزل أذكر اللّه تعالى حتى طلعت الشمس ، نهضت فذكرت أنّ الإمام قد سبقني بركعة ، قال : « فإن كنت في مقامك فأتم بركعة ، وإن كنت قد انصرفت فعليك الإعادة » (5) فتدبّر.
    نعم ، الأحوط الإعادة كما ذكره (6) ، بل مطلقاًً كما عليه الشيخ في النهاية ومن تبعه ، لكن بعد إتمام الصلاة (7) كما ذكرنا وتدارك ما يلزم السهو من سجدتيه.
    ( ويعيد لو استدبر القبلة ) أو فعل ما ينافي الصلاة عمداً وسهواً كالحدث ، على الأشهر الأقوى للمعتبرة المستفيضة في استدبار القبلة ومنها
1 ـ التذكرة 1 : 135.
2 ـ انظر التنقيح 1 : 259.
3 ـ راجع ج 3 ص : 285.
4 ـ وهو صورة السهو والنسيان. منه رحمه الله.
5 ـ التهذيب 2 : 183 / 731 ، الاستبصار 1 : 367 / 1400 ، الوسائل 8 : 209 أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 6 ح 1.
6 ـ أي : في صورة تخلل الفعل الكثير.
7 ـ أي : الاحتياط المذكور يجب أن يكون بعد الإتمام. منه رحمه الله.


(105)
الصحيح والموثقان (1) ، وغيرها الواردة في خصوص المسألة (2) ، مضافاًً إلى الصحاح المستفيضة وغيرها المتقدمة في كونه قاطعاً للصلاة مطلقاًً (3). وقد مرّ ثمة نقل خلاف جماعة في ذلك بتخصيصهم له بصورة العمد خاصة مع مستندهم والجواب عنه (4).
    وأما هنا فلم ينقل الخلاف إلّا من المقنع خاصة حيث قال : يتم صلاته ولو بلغ الصين (5) ، ووافقه بعض متأخري المتأخرين (6) ، للصحاح المستفيضة إطلاقا في بعضها وتصريحا في جملة منها (7).
    وهي غير مكافئة لما مرّ من الأدلة مع احتمالها الحمل على التقية كما صرّح به بعض الأجلة (8). ومع ذلك فقول الصدوق ـ رحمه اللّه ـ بها غير معلوم وإن اشتهرت حكايته عنه ، لما ذكره خالي العلّامة المجلسي ـ رحمه اللّه ـ بأنّه لم يجده فيما عنده من نسخة المقنع (9) ، وقد مرّ في بحث القواطع موافقة إطلاق كلامه لما عليه الأكثر من كون الاستدبار من القواطع مطلقاًً ، وبالجملة فالقول المزبور ضعيف.
    وأضعف منه القول بالتخيير بينه وبين المختار مع أفضليته ، كما اتّفق‏
1 ـ الوسائل 4 : 312 أبواب القبلة ب 9.
2 ـ الوسائل 8 : 198 أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 3.
3 ـ راجع ج 3 ص : 276 و277.
4 ـ راجع ج 3 ص : 278.
5 ـ نقله عنه في المختلف : 136 ، والموجود في المقنع : 31 : وان صليت ركعتين ثم قمت فذهبت في حاجة لك فأعد الصلاة ولا تبن على ركعتين.
6 ـ كالفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع 1 : 175.
7 ـ الوسائل 8 : 204 أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 3 ح 19 ، 20 ؛ وص 210 ب 6 ح 3.
8 ـ العلامة المجلسي في البحار 88 : 200 ، وصاحب الحدائق 9 : 130.
9 ـ بحار الانوار 88 : 199.
رياض المسائل ـ الجزء الرابع ::: فهرس