رياض المسائل ـ لجزء الرابع ::: 196 ـ 210
(196)
في كل من الجهر والإخفات ، فيقضي الجهرية جاهرا فيها ولو نهارا ، والإخفاتية مخفتا فيها ولو ليلا كلّ ذلك لعموم التشبيه المتقدم والإجماع المحكي في الخلاف (1).
    والاعتبار في الكيفية بحال الفعل لا حال الفوت ، فيقضي ما فاته وهو قادر على القيام فيه بأيّ نحو قدر ولو قاعداً أو مضطجعا أو مستلقيا ، وبالعكس ، والوجه فيهما واضح كما بيّنته في الشرح.
    ( ويقضي المرتد ) مطلقاًً إذا أسلم كلّ ما فاتته ( زمان ردّته ) إجماعاً لعموم وجوب قضاء الفوائت ، مع سلامته عن المعارض ، عدا حديث جبّ الإسلام (2). وهو لإطلاقه وعدم عمومه لغةً غير معلوم الشمول لنحو المقام لعدم تبادره منه إلى الأذهان.
    ( ومن فاتته فريضة ) حضرا ( من يوم ولم يعلمها ) بعينها ( صلّى اثنتين وثلاثاً ) معيّنتين للصبح والمغرب ( وأربعاً ) مطلقة بين الرباعيات الثلاث ، ناويا بها عمّا في ذمته ، على الأشهر الأقوى ، بل عليه عامة متأخري أصحابنا ، وفي الخلاف والسرائر (3) الإجماع عليه.
    للخبرين (4) المروي أحدهما في المحاسن عن مولانا الصادق عليه السلام ، وفيه : عن رجل نسي صلاة من الصلوات لا يدري أيّتها هي ، قال : « يصلّي ثلاثاً وأربعاً وركعتين ، فإن كانت الظهر أو العصر أو العشاء كان قد صلّى‏
1 ـ الخلاف 1 : 387.
2 ـ عوالي اللآلي 2 : 224 / 38 ، مسند أحمد 4 : 199.
3 ـ الخلاف 1 : 309 ، السرائر 1 : 274.
4 ـ الاول :
    المحاسن : 325 / 68 ، الوسائل 8 : 276 أبواب قضاء الصلوات ب 11 ح 2.
    الثاني :
    التهذيب 2 : 197 / 774 ، الوسائل 8 : 275 أبواب قضاء الصلوات ب 11 ح 1.


(197)
أربعا ، وإن كانت المغرب والغداة فقد صلّى » وإرسالهما مجبور بالفتاوي.
    خلافاً للحلبي وابن حمزة (1) ، فأوجبا قضاء الخمس تحصيلا لنية التعيين الواجبة إجماعاً مع الإمكان كما هنا ، وللجهر والإخفات أن أوجبناهما ، كما هو الأقوى. وهو متين لو لا ما قدّمناه من الخبرين المنجبرين بما قدّمنا.
    وعلى المختار يتخير بين الجهر والإخفات لاستحالة التكليف بهما وعدم إمكان الجمع بينهما ، وحيث لا ترجيح ثبت التخيير بينهما.
    وكذا بين تقديم أيتها شاء مطلقاً.
    ولو كان في وقت العشاء ردّد بين الأداء والقضاء إن أوجبنا نيتهما أو احتيط بها ، وإلّا فلا احتياج إليها وكفى قصد القربة مطلقاً.
    ويستفاد من فحوى الرواية انسحاب الحكم فيما لو فاتته سفرا ، وعليه جماعة (2) ، فيصلّي مغربا وثنائية مطلقة بين الثنائيات الأربع كما سبق.
    خلافاً للحلي فأوجب هنا قضاء الخمس (3). وهو أحوط اقتصارا فيما خالف الأصل على مورد النص المنجبر بالعمل. وظهور الرواية في العموم مسلّم لكن لم يظهر لها في محل البحث جابر لاختصاص الشهرة الجابرة بغيره ، اللهم إلّا أن تجبر بالاعتبار وفتوى هؤلاء الجماعة ، ولا يخلو عن قوة.
    ( ولو فاته ) من الفرائض ( ما لم يحصه ) عدداً ( قضى حتى يغلب ) على ظنه ( الوفاء ) على المشهور ، بل المقطوع به في كلام الأصحاب كما في المدارك (4) ، مشعراً بالإجماع. فإن تمَّ وإلّا كان الرجوع إلى الاُصول لازما ،
1 ـ الحلبي في الكافي : 150 ، لم نعثر عليه في الوسيلة ، قال في مفتاح الكرامة 3 : 404 : وفي الرياض نقل وجوب قضاء الخمس عن ابن حمزة ولم أجده في الوسيلة.
2 ـ منهم : العلامة في القواعد 1 : 45 ، والشهيد الأول في الدروس 1 : 146 ، والشهيد الثاني في روض الجنان : 358.
3 ـ انظر السرائر 1 : 274.
4 ـ المدارك 4 : 306.


(198)
ومقتضاها القضاء حتى يحصل العلم بالوفاء ، تحصيلا للبراءة اليقينية عمّا تيقن ثبوته في الذمة مجملا ، وبه أفتى شيخنا في روض الجنان في بعض الصور ، وفاقاً للذكرى (1).
    خلافاً لسبطه في المدارك ، فاستوجه الاكتفاء بقضاء ما تيقن فواته خاصة مطلقاًً ، وفاقاً لمحتمل التذكرة (2) ، قال : لأصالة البراءة من التكليف بالقضاء مع عدم تيقن الفوات (3).
    ويؤيده الحسن : « متى ما استيقنت أو شككت في وقت صلاة أنك لم تصلّها صلّيتها ، وإن شككت بعد ما خرج وقت الفوات فقد دخل حائل فلا إعادة عليك من شي‏ء حتى تستيقن ، وإن استيقنت فعليك أن تصليها في أي حال » (4).
    وفيه نظر لابتناء الأول على عدم حجية الاستصحاب ، وهو خلاف الصواب.
    والمتبادر من الثاني هو الشك في ثبوت أصل القضاء في الذمة وعدمه ، ونحن نقول بحكمه الذي فيه ، ولكنه غير ما نحن فيه ، وهو الشك في مقدار القضاء بعد القطع بثبوت أصله في الذمة واشتغالها به مجملا ، والفرق بينهما واضح لا يخفى.
    ( ويستحب قضاء النوافل الموقتة ) استحباباً مؤكداً بإجماعنا المصرّح به في الخلاف وروض الجنان والمنتهى وغيرها (5) وللصحاح وغيرها ، منها : « إن ّ
1 ـ روض الجنان : 359 ، الذكرى : 137.
2 ـ التذكرة 1 : 83.
3 ـ المدارك 4 : 307.
4 ـ الكافي 3 : 294 / 10 ، التهذيب 2 : 276 / 1098 ، الوسائل 4 : 282 أبواب المواقيت ب 60 ح 1.
5 ـ الخلاف 1 : 425 ، وروض الجنان : 361 ، المنتهى 1 : 423 ؛ وانظر التذكرة 1 : 83.


(199)
العبد يقوم فيقضي النافلة فيعجب الرب ملائكته منه ويقول : يا ملائكتي ، عبدي يقضي ما لم افترض عليه » (1).
    ومنها : عن رجل عليه من صلاة النوافل ما لا يدري ما هو من كثرتها ، كيف يصنع ؟ قال : « فليصلّ حتى لا يدري كم صلّى من كثرتها فيكون قد قضى بقدر ما علم من ذلك » ، ثمَّ قال : قلت له : فإنه لا يقدر على القضاء ، فقال : « إن كان شغله في طلب معيشة لا بدّ منها أو حاجة لأخ مؤمن فلا شي‏ء عليه ، وإن كان شغله لجمع الدنيا والتشاغل بها عن الصلاة فعليه القضاء ، وإلّا لقي اللّه تعالى وهو مستخفّ متهاون مضيّع لحرمة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله » ، قال : قلت : فإنه لا يقدر على القضاء فهل يجزي أن يتصدّق ، فسكت مليا ثمَّ قال : « فليتصدق بصدقة » ، قلت : فما يتصدّق ؟ قال : « بقدر طوله ، وأدنى ذلك مدّ لكلّ مسكين مكان كل صلاة » ، قلت : وكم الصلاة التي يجب فيها مدّ لكل مسكين ؟ قال : « لكلّ ركعتين من صلاة الليل ولكل ركعتين من صلاة النهار مدّ » ، قلت : لا يقدر ، فقال : « مدّ إذا لكلّ أربع ركعات من صلاة النهار » (2) قلت : لا يقدر ، قال : « فمدّ إذا لصلاة الليل ومدّ لصلاة النهار ، والصلاة أفضل ، والصلاة أفضل ، والصلاة أفضل » (3).
    ( ولو فاتته بمرض لم يتأكد القضاء ) للصحيح : « ليس عليك قضاء ، إنّ المريض ليس كالصحيح ، كلّ ما غلب اللّه تعالى فهو أولى بالعذر فيه » (4).
1 ـ الكافي 3 : 488 / 8 ، التهذيب 2 : 164 / 646 ، الوسائل 4 : 75 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 18 ح 1 ، في النسخ : فيعجب الرب وملائكته منه.
2 ـ جملة من صلاة النهار ، ليست في الكافي. وفي الوسائل زيادة « مدّ لكل أربع ركعات من صلاة الليل ».
3 ـ الكافي 3 : 453 / 13 ، الفقيه 1 : 359 / 1577 ، التهذيب 2 : 11 / 25 ، المحاسن 315 / 33 ، الوسائل 4 : 75 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 18 ح 2.
4 ـ الكافي 3 : 451 / 4 ، الفقيه 1 : 316 / 1434 ، التهذيب 2 : 199 / 779 ، الوسائل 4 : 80


(200)
    ويستفاد من التعليل عموم الحكم لكل معذور من غير اختصاص بالمريض ، ولا بأس به وإن لم أجد من الأصحاب مصرّحاً به.
    ( وتستحب الصدقة ) مع العجز عن القضاء ( عن كل ركعتين بمدّ ، فإن لم يتمكن فعن كل يوم بمدّ ) للصحيح المتقدم ، إلّا أنه غير منطبق على ما في العبارة ونحوها ، والعمل عليه أحوط وأولى.
أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 20 ح 2.

(201)
( الثالث : في ) بيان أحكام صلاة ( الجماعة )
    ( والنظر ) فيه ( في أطراف : ).
    الأوّل : الجماعة مستحبة في الفرائض ) كلّها حتى المنذورة وصلاة الاحتياط وركعتي الطواف ، أداءً وقضاء ، على ما يقتضيه عموم العبارة ونحوها ، والصحيح : « الصلاة فريضة ، وليس الاجتماع بمفروض في الصلاة كلّها ، ولكنّها سنّة ، من تركها رغبةً عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علّة فلا صلاة له » (1).
    وبالتعميم إلى المنذورة والأداء والقضاء صرّح الشهيدان في روض الجنان والذكرى (2) ، بل فيها ما يفهم كونه إجماعاً بيننا. فإن تمَّ وإلّا كان التعميم بالإضافة إلى ما عدا الأداء والقضاء محلّ نظر ، سيّما صلاتي الاحتياط والطواف لما بيّنته في الشرح مستوفى ، ولا ريب أن الأحوط تركها فيهما.
    وهي ( متأكدة في الخمس ) اليومية بالضرورة من الدين وبالكتاب (3) والسّنّة المتواترة العامة والخاصة ، العامية والخاصية ، ففي الصحيح : « الصلاة في جماعة تفضل على صلاة الفذّ ـ أي الفرد ـ بأربع وعشرين درجة ، تكون‏
1 ـ الكافي 3 : 372 / 6 ، التهذيب 3 : 24 / 83 ، الوسائل 8 : 285 أبواب صلاة الجماعة ب 1 ح 2.
2 ـ روض الجنان : 363 ، الذكرى : 265.
3 ـ البقرة : 43 : ( أقيمو الصلاة وآتو الزكاة واركعو مع الراكعين ).


(202)
خمسة وعشرين صلاة » (1).
    وبمعناه أخبار مستفيضة ، بل في بعضها : تفضل بخمس وعشرين (2) ، وفي آخر : بسبع وعشرين (3) ، وفي غيرهما : بتسع وعشرين (4).
    وفيه : قال صلّى اللّه عليه وآله : « لا صلاة لمن لا يصلّي في المسجد مع المسلمين إلّا من علّة ، وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : لا غيبة إلّا لمن صلّى في بيته ورغب عن جماعتنا ، ومن رغب عن جماعة المسلمين وجب على المسلمين غيبته وسقطت بينهم عدالته ووجب هجرانه ، وإذا رفع إلى إمام المسلمين أنذره وحذّره ، فإن حضر جماعة المسلمين وإلّا أحرق عليه بيته » (5).
    وتقييد المنع عن تركها بالرغبة عنها ظاهر في عدمه مع عدمها ، كما يدّل عليه أيضاًً إطلاق أخبار الأفضلية المتقدمة. وعليها يحمل الأخبار الكثيرة الظاهرة في المنع عن الترك من غير تقييد بالرغبة (6) ، جمعاًً بين الأدلة ( و ) التفاتاً إلى مخالفتها لإجماع الطائفة على أنها ( لا تجب إلّا في ) صلاة ( الجمعة والعيدين مع الشرائط ) المتقدمة لوجوبها في بحثها ، على الظاهر ، المصرّح به في كلام جماعة (7).
1 ـ التهذيب 3 : 25 / 85 ، الوسائل 8 : 285 أبواب صلاة الجماعة ب 1 ح 1.
2 ـ الكافي 3 : 371 / 1 ، التهذيب 3 : 24 / 82 ، الوسائل 8 : 286 أبواب صلاة الجماعة ب 1 ح 3.
3 ـ الروضة البهية 1 : 377 ، الوسائل 8 : 286 أبواب الصلاة الجماعة 1 ح 16.
4 ـ لم نعثر عليه في الكتب الحديثية.
5 ـ التهذيب 6 : 241 / 596 ، الاستبصار 3 : 12 / 33 ، الوسائل 27 : 392 أبواب الشهادات ب 41 ح 2.
6 ـ الوسائل 8 : 291 أبواب صلاة الجماعة ب 2.
7 ـ منهم : المحقق في المعتبر 2 : 414 ، والعلامة في التذكرة 1 : 170 ، والفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 159.


(203)
    وهذا الجمع أولى من حمل الموجبة على هذه الصلوات التي تجب فيها الجماعة ، لأن من جملتها ما أوجبها في الفجر والعشاء ، ومع ذلك فهو بعيد جداً ، وهنا محامل أخر ذكرناها في الشرح.
    ويدلّ على عدم الوجوب صريحاً الصحيحة المتقدمة المصرّحة بأنها سنّة. ولا يمكن أن يراد بالسنّة فيها ما يقابل الفرض الإلهي فيشمل الواجب النبوي فتنتفي الدلالة باحتمال كونه المراد بها ، لضعفه بورود الأمر الإلهي بها في قوله تعالى ( وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ) (1) فانحصر كون المراد بها المعنى المعروف بين أصحابنا وهي السنّة في مقابل مطلق الواجب ، فتأمل جدّاً.
    ( ولا ) يجوز أن ( تجمع في نافلة ) بإجماعنا الظاهر المنقول في ظاهر المنتهى والتذكرة وكنز العرفان (2) ، وللنصوص المستفيضة به من طرقنا :
    منها : المروي في الخصال عن مولانا الصادق عليه السلام : « ولا يصلّى التطوع في جماعة ، لأن ذلك بدعة ، وكلّ بدعة ضلالة ، وكلّ ضلالة في النار » (3).
    ونحوه المروي في العيون عن مولانا الرضا عليه السلام (4).
    ومنها : « لا جماعة في نافلة » (5).
    ومنها : المرتضوي المروي في الكافي أنه عليه السلام قال في خطبته :
    « وأمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلّا في فريضة ، وأعلمتهم أنّ‏
1 ـ البقرة : 43.
2 ـ المنتهى 1 : 364 ، التذكرة 1 : 170 ، وكنز العرفان 1 : 194.
3 ـ الخصال : 606 ( ضمن حديث شرائع الدين ) ، الوسائل 8 : 335 أبواب صلاة الجماعة ب 20 ح 5.
4 ـ العيون 2 : 122 ، الوسائل 8 : 335 أبواب صلاة الجماعة ب 20 ح 6.
5 ـ التهذيب 3 : 64 / 217 ، الاستبصار 1 : 464 / 1801 ، اقبال الأعمال : 12 ، الوسائل 8 : 32 أبواب نافلة شهر رمضان ب 7 ح 6.


(204)
اجتماعهم في النوافل بدعة » الخبر (1).
    وقصور الأسانيد مجبور بعمل الأصحاب ، وباستفاضة النصوص ـ وفيها الصحيح وغيره ـ بالمنع عن الاجتماع في النافلة بالليل في شهر رمضان وانه بدعة (2).
    ولا قائل بالفرق بين الطائفة ، فإن من منع عنه منع مطلقاً.
    ( عدا ما استثني ) من الاستسقاء إجماعاً ، وصلاة العيدين مع عدم اجتماع شرائط الوجوب على المشهور ، والغدير على قول للحلبي والشهيد في اللمعة والمحقّق الثاني فيما حكي (3).
    ومن حكي عنه الجواز حكي عنه مطلقاًً ، فتخصيص المنع بنوافل شهر رمضان إحداث قول لا يجوز قطعاً.
    هذا ، مع مخالفة الجماعة للأصول والقواعد المقررة ، من حيث تضمنها نحو سقوط القراءة ووجوب المتابعة ممّا الأصل عدمه بلا شبهة ، خرج عنها الصلاة المفروضة بما مرّ من الأدلة المقطوعة ، وبقي النافلة تحتها مندرجة.
    وإطلاق بعض الروايات باستحباب الجماعة في الصلاة (4) من دون تقييد بالفريضة غير معلوم الشمول للنافلة بعد اختصاصه بحكم التبادر والغلبة بالفريضة ، مع أنه منساق لإثبات أصل استحبابها في الجملة من دون نظر إلى تشخيص كونها في فريضة أو نافلة ، فيكون بالنسبة إليهما كالقضية المهملة يكفي في صدقها هنا الثبوت في الفريضة.
1 ـ الكافي 8 : 58 / 21 ، الوسائل 8 : 46 أبواب نافلة شهر رمضان ب 10 ح 4.
2 ـ الوسائل 8 : 45 أبواب نافلة شهر رمضان ب 10.
3 ـ الحلبي في الكافي ك 160 ، اللمعة ( الروضة 1 ) : 377 ، جامع المقاصد 2 : 485.
4 ـ الوسائل 8 : 285 أبواب صلاة الجماعة ب 1 الأحداديث 1 ، 3 ، 5.


(205)
    نعم ربما يتوهم من الصحاح الجواز ، منها : « صلّ بأهلك في رمضان الفريضة والنافلة » (1).
    ومنها : عن المرأة تؤم النساء ؟ فقال : « تؤمّهنّ في النافلة ، فأما في المكتوبة فلا » (2) ونحوه آخر (3).
    لكنها غير ظاهرة الدلالة ولا واضحة ، لعدم تصريح في الأول منها بالجماعة ، لاحتمال كون المراد بالصلاة بالأهل الصلاة في الأهل بمعنى في البيت ، يعني لا في الخارج.
    ولا في الأخيرين بالمراد بالنافلة ، فتحتمل ـ لإطلاقها ـ النافلة المشروع فيها الجماعة لا مطلق النافلة.
    ولو سلّم فهي محمولة على التقية ، فميل جماعة من متأخري المتأخرين إلى الجواز (4) ـ لهذه الصحاح ، مع القدح فيما مرّ من الأخبار بضعف ، سند ما دلّ منها على العموم ، وأخصّية صحيحها من المدّعى ـ ضعيف ، سيّما مع ورود الأخصية التي اعترضوا بها على الصحيح على صحاحهم كما لا يخفى ، والذبّ عنها بالإجماع المركب وإن أمكن إلّا أنه مشترك.
    والترجيح لذلك الطرف ، للشهرة العظيمة ، بل الإجماع كما عرفته ، واعتضاد الصحيحة المانعة عن الاجتماع في شهر رمضان بتلك المستفيضة الموافقة لها في الدلالة.
1 ـ التهذيب 3 : 267 / 762 ، الوسائل 8 : 337 أبواب صلاة الجماعة ب 20 ح 13.
2 ـ الفقيه 1 : 259 / 1176 ، التهذيب 3 : 205 / 487 ، الوسائل 8 : 333 أبواب صلاة الجماعة ب 20 ح 1.
3 ـ الكافي 3 : 376 / 2 ، التهذيب 3 : 269 / 768 ، الاستبصار 1 : 426 / 1646 ، الوسائل 8 : 336 أبواب صلاة الجماعة ب 20 ح 12.
4 ـ منهم صاحب المدارك 4 : 315 ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : 389 ، والفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 159.


(206)
    ولا كذلك الصحيحة الاُولى من هذه الصحاح ، فإنّها بالنسبة إليها مرجوحة لأنها بطرف الضد من المرجحات المزبورة ، سيّما مع موافقتها للعامة كما تشهد بها الروايات المسطورة ، وحكى في المنتهى القول بالجواز مطلقاًً عن جماعة من العامة (1) ، ولأجله حملنا الصحاح بجملتها على التقية.
    وأما حكاية استثناء الحلبي ومشاركيه ـ ومنهم المفيد كما حكي (2) ـ صلاة الغدير فإنما هي لرواية على ما حكي التصريح به عن التذكرة (3) ، وعلّله في الروضة بثبوت الشرعية في صلاة العيد وأنه عيد (4) ، ولا دخل له بجوازها في أصل النافلة.
    وحيث إن تعليل الروضة عليل ، والرواية لم نقف عليها كان عدم استثنائها أقوى ، وفاقاً لأكثر أصحابنا.
    ولا يمكن الحكم به من باب التسامح ، لأنه حيث لا يحتمل التحريم ، وهو قائم هنا.
    ( ويدرك المأموم الركعة بإدراك الركوع ) اتفاقاً فتوىً ونصاً و ( بإدراكه ) أي إدراك الإمام المدلول عليه بالمقام في حال كونه ( راكعاً ) أي في الركوع ( على ) الأشهر الأقوى كما مضى بيانه وبيان وجه ( تردّد ) الماتن في بحث الجمعة مفصّلاً.
    ( وأقلّ ما تنعقد ) به الجماعة ( بالإمام ومؤتم ) واحد ولو كان صبياً أو امرأة كما في المعتبرة (5).
1 ـ المنتهى 1 : 364.
2 ـ الذكرى : 265.
3 ـ التذكرة 1 : 73.
4 ـ الروضة 1 : 377.
5 ـ الوسائل 8 : 298 أبواب صلاة الجماعة ب 4 ح 7 ، 8.


(207)
    ولا خلاف في أصل الحكم أجده ، وبه صرّح جماعة (1) ، والمعتبرة به مع ذلك مستفيضة ، وفيها الصحيح وغيره ، بل يستفاد من بعضها أنّ المؤمن وحده جماعة (2) ، لكنه ـ مع ضعف سنده ـ محمول على أن المراد به إدراك فضيلة الجماعة لطالبها ولم يجدها ، تفضّلا من اللّه تعالى ومعاملةً له على قدر نيته ، فإنها خير من عمله.
    وأما ما في الفقيه من أن الواحد جماعة ، لأنه إذا دخل المسجد وأذّن وأقام صلّى خلفه صفّان من الملائكة ، ومتى أقام ولم يؤذّن صلّى خلفه صفّ واحد (3).
    فلعلّه محمول على شدة استحباب الأذان والإقامة لا أنه جماعة حقيقة.
    ( ولا تصح ) الجماعة ( و ) الحال أن ( بين الإمام والمأموم ما يمنع المشاهدة ، وكذا ) لو كان ( بين الصفوف ) فتفسد صلاة من وراء الحائل ، بإجماعنا الظاهر ، المصرّح به في جملة من العبائر مستفيضاً (4).
    للصحيح : « إن صلّى قوم بينهم وبين الإمام ما لا يتخطّى فليس ذلك الإمام لهم بإمام ، وأيّ صفّ كان أهله يصلّون بصلاة إمام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطّى فليس ذلك لهم بصلاة ، فإن كان بينهم سترة أو جدار فليس تلك لهم بصلاة إلّا من كان حيال الباب ، قال : وهذه المقاصير لم تكن في زمن أحد من الناس وإنما أحدثها الجبّارون ، وليس لمن صلّى خلفها مقتدياً بصلاة من فيها صلاة » (5).
1 ـ منهم العلامة في المنتهى 1 : 364 ، والفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 159.
2 ـ الفقيه 1 : 246 / 1096 ، الوسائل 8 : 297 أبواب صلاة الجماعة ب 4 ح 5.
3 ـ الفقيه 1 : 246.
4 ـ منها : المعتبر 2 : 416 ، والتذكرة 1 : 173.
5 ـ الكافي 3 : 385 / 4 ، الفقيه 1 : 253 / 1144 ، التهذيب 3 : 52 / 182 ، الوسائل 8 : 410 أبواب صلاة الجماعة ب 62 ح 2 وفي الجميع بتفاوت.


(208)
    واحترز بقوله : يمنع المشاهدة ، عمّا لا يمنع عنها ولو حال القيام خاصة ، كالحائل القصير والشبابيك المانعة عن الاستطراق دون المشاهدة ، فإنه تصح صلاة من خلفها مقتدياً بمن فيها كما هو المشهور.
    خلافاً للخلاف في الشبابيك ، مستدلاً عليه بالإجماع والصحيح المتقدم ، قال : وهو صريح بالمنع (1).
    وهو غريب ، لعدم وضوح وجه الدلالة فيه بعد ، ولذا اختلف فيه : فبين من جعله النهي فيه عن الصلاة خلف المقاصير ، بناءً على أن الغالب فيها كونها مشبكة.
    وأجاب عنه في المختلف بجواز كون المقاصير المشار إليها فيه غير مخرّمة (2).
    ويعضده ذكر حكم المقاصير التي أحدثها الجبّارون بعد اشتراط عدم حيلولة سترةً أو جدار بنحو يفهم منه دفع إيراد يحتمل الورود على الاشتراط ، ولو كانت المقاصير المشار إليها مخرّمة لما كان سترة ولا جداراً حتى يحتاج إلى دفع إيراد يرد على الاشتراط ، فتأمل.
    وبين من جعله ما تضمن صدره من قوله عليه السلام : « وإن صلّى قوم وبينهم وبين الإمام ما لا يتخطّى فليس ذلك الإمام لهم بإمام » فإنّ ما لا يتخطى يتناول الحائط والشباك مطلقاًً وغيرهما (3).
    وهذا بعيد جدّاً ، لأن المراد بما لا يتخطى عدم التخطي بواسطة البعد لا باعتبار الحائل ، كما هو المتبادر المدلول عليه بذيل الصحيح بعد التدبر
1 ـ الخلاف 1 : 558.
2 ـ المختلف : 159.
3 ـ كما في المختلف : 159 ، ونهاية الاحكام 2 : 122.


(209)
الصحيح ، هذا.
    ولا ريب أن ما ذكره الشيخ أحوط ، سيّما مع دعواه الإجماع عليه.
    واعلم : أنّ مشاهدة المأموم لمثله المشاهد للإمام أو لمن يشاهده وإن تعدّد كاف في صحة الجماعة ، وإلّا لم تحصل للصفوف المتعددة ، مع أنه خلاف الإجماع ، بل الضرورة فتوى وروايةً.
    وهل يكفي المشاهدة مطلقاًً ، فيصح ما في المنتهى وغيره (1) من أنه لو وقف المأموم خارج المسجد بحذاء الباب وهو مفتوح بحيث يشاهد الإمام أو بعض المأمومين صحّت صلاته وصلاة من على يمينه وعلى يساره وورائه ؟
    أم يشترط فقد الحائل بينه وبين الإمام أو الصف السابق ، وإلّا صحّ صلاة من فقده ومن بعده من الصفوف إذا شاهدوه دون غيره ؟
    وجهان ، أحوطهما الثاني ، سيّما مع قوة احتمال ظهوره من الصحيح الماضي ، إلّا أن الأول أشهر ، بل لا يكاد خلاف فيه يعرف إلّا من بعض من تأخّر ، حيث إنّه بعد نقل ما في المنتهى عن الشيخ ومن تبعه استشكله.
    فقال : وهو متّجه إن ثبت الإجماع على أن مشاهدة بعض المأمومين تكفي مطلقاًً ، وإلّا كان في الحكم المذكور إشكال ، نظراً إلى قوله عليه السلام : « إلّا من كان بحيال الباب » فإنّ ظاهره قصر الصحة على صلاة من كان بحيال الباب ، وجعل بعضهم هذا الحصر إضافياً بالنسبة إلى الصف الذي يتقدمه عن يمين الباب ويساره ، وفيه عدول عن الظاهر يحتاج إلى دليل (2). انتهى. وهو حسن.
    ( ويجوز ) الحيلولة بما يمنع المشاهدة ( في المرأة ) أي بينها وبين‏
1 ـ المنتهى 1 : 365 ؛ وانظر المدارك 4 : 318.
2 ـ الذخيرة : 394.


(210)
إمامها إذا كان رجلاً ، وعرفت انتقال الإمام من القيام إلى السجود ومنه إليه مثلاً ، بلا خلاف يظهر إلّا من الحلّي ، فجعلها كالرجل ، لعموم الدليل (1).
    وهو مخصّص بصريح الموثق : عن الرجل يصلّي بالقوم وخلفه دار فيها نساء ، هل يجوز لهنّ أن يصلّين خلفه ؟ قال : « نعم ، إن كان الإمام أسفل منهن » قلت : فإن بينهن وبينه حائطاً أو طريقاً ، قال : « لا بأس » (2).
    وقصور السند مجبور بالعمل ، بل بالإجماع كما في التذكرة (3).
    نعم ، ما ذكره أحوط.
    ( ولا ) يجوز أن ( يأتم ) المصلّي ( بمن هو أعلى منه ) موقفا ( بما يعتدّ به كالأبنية على رواية عمّار ) الموثقة : عن الرجل يصلّي بقوم وهم في موضع أسفل من موضعه الذي يصلّي فيه ، فقال : « إن كان الإمام على شبه الدكّان أو على موضع أرفع من موضعهم لم يجز صلاتهم » (4).
    وهي كما ترى صريحة في الحرمة كما هو الأظهر الأشهر بين الطائفة ، بل لا خلاف فيها أجده ، إلّا من الخلاف فصرّح بالكراهة ، مدّعيا عليها أخبار وإجماع الطائفة (5).
    لكنه شاذ ، وإجماعه موهون إن أراد بالكراهة المعنى المعروف. وإن أراد بها الحرمة ـ كما صرّح به الفاضل في المختلف (6) ، وربما يشهد له سياق عبارة
1 ـ السرائر 1 : 289.
2 ـ التهذيب 3 : 53 / 183 ، الوسائل 8 : 409 أبواب صلاة الجماعة ب 60 ح 1.
3 ـ التذكرة 1 : 174.
4 ـ الكافي 3 : 386 / 9 ، الفقيه 1 : 253 / 1146 ، التهذيب 3 : 53 / 185 ، الوسائل 8 : 411 أبواب صلاة الجماعة ب 63 ح 1.
5 ـ الخلاف 1 : 556.
6 ـ المختلف : 160.
رياض المسائل ـ الجزء الرابع ::: فهرس