رياض المسائل ـ لجزء الرابع ::: 226 ـ 240
(226)
سرّا.
    ولا يجب الجهر بالقراءة ، كما في الصحيح : عن الرجل يصلّي خلف من لا يقتدى بصلاته والإمام يجهر بالقراءة ، قال : « اقرأ لنفسك ، وإن لم تسمع نفسك فلا بأس » (1).
    والمرسل : « يجزيك إذا كنت معهم في القراءة مثل حديث النفس » (2).
    ويجزي الفاتحة وحدها مع تعذر السورة ، للضرورة ، والمعتبرة.
    وفي الذخيرة : الظاهر أنه لا خلاف فيه ، ونقل بعضهم الإجماع (3).
    ولو ركع الإمام قبل فراغ المأموم من الفاتحة سقطت أيضاًً ، كما قطع به الشيخ في التهذيب (4) ، للمعتبرة ، منها : الصحيح : قلت : من لا يقتدى به في الصلاة ؟ قال : « افرغ قبل أن يفرغ فإنك في حصار ، فإن فرغ قبلك فاقطع القراءة واركع معه » (5).
    وهي حجة على من أوجب إتمامها في الركوع » ، مع أني لا أعرف مستنده.
    ( ويجب متابعة الإمام ) المرضي في الأفعال وتكبيرة الإحرام إجماعاً ، كما حكاه جماعة حدّ الاستفاضة (7) ، للنبوي المشهور : « وإنما جعل الإمام‏
1 ـ التهذيب 3 : 36 / 129 ، الاستبصار 1 : 430 / 1663 ، الوسائل 8 : 363 أبواب صلاة الجماعة ب 33 ح 1.
2 ـ التهذيب 3 : 36 / 128 ، الاستبصار 1 : 430 / 1662 ، الوسائل 8 : 364 أبواب صلاة الجماعة ب 33 ح 4.
3 ـ الذخيرة : 398.
4 ـ التهذيب 3 : 37.
5 ـ التهذيب 3 : 275 / 801 ، الوسائل 8 : 367 أبواب صلاة الجماعة ب 34 ح 1.
6 ـ كالشهيد في الذكرى : 275.
7 ـ منهم ة : الشهيدان في الذكرى : 274 ، والروضة 1 : 384 ، وصاحب المدارك 4 : 326 ، والفيض


(227)
إماماً ليؤتم به ، فإذا كبّر فكبّروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا سجد فاسجدوا » (1).
    ونحوه النصوص المتضمنة للإمامة والقدوة ، لعدم صدقهما إلّا بالمتابعة فتجب ولو من باب المقدمة ، فتأمل (2).
    وفي وجوبها في الأقوال عدا التكبيرة قولان ، أحوطهما ذلك حيث لا توجب فوات القدوة ، بل قيل بوجوبها مطلقاًً (3). خلافاً للأكثر فلم يوجبوها فيها مطلقاً.
    وفسّرت في المشهور بأن لا يتقدمه ، فيجوز المقارنة لكن مع انتفاء فضيلة الجماعة ، كما عليه الصدوق وشيخنا في الروضة (4) ، واختار في روض الجنان نقصانها لا انتفاءها بالكلية (5) ، وظاهر الباقين ثبوتها تامة.
    وهذا التفسير وإن كان خلاف ظواهر الأدلة ، سيّما الرواية النبوية المتضمنة للفاء المفيدة للتعقيب المنافي للمقارنة ، لكن عليه شواهد من المعتبرة ، كالقويّة الواردة في مصلّيين قال كل منهما : كنت إماما أو مأموما ، المصحّحة لصلاتهما في الصورة الاُولى (6) ، فلو لا جواز المقارنة لما تصورت فرض المسألة ، فتأمل (7).
الكاشاني في المفاتيح 1 : 162.
1 ـ عوالي اللآلي 2 : 225 / 42.
2 ـ وجهه أن وجوب المتابعة المستدل عليه بهذة الاطلاقات انما هو الوجوب الشرعي لا الشرطي المعبر عنه بمن باب المقدمة كما ستعرفه. منه رحمه الله.
3 ـ قال به الشهيد في الدروس 1 : 221.
4 ـ حكاه عن الصدوق في الذكرى : 279 ، الروضة 1 : 384.
5 ـ روض الجنان : 373.
6 ـ الكافي 3 : 375 / 3 ، الفقيه 1 : 250 / 1123 رواها مرسلة ، التهذيب 3 : 54 / 186 ، الوسائل 8 : 352 أبواب صلاة الجماعة ب 29 ح 1.
7 ـ وجهه : احتمال فرضها في صورة التقيه ن كما اذ اقتديا ، بثالث غير مرضيّ ، فاقتدى أحدهما بالاّخر مع عدم تمكنهما من التأخر أفعالاً ولا موقفاً. منه رحمه الله.


(228)
    وكالصحيح المروي عن قرب الإسناد : عن الرجل يصلّي ، إله أن يكبّر قبل الإمام ؟ قال : « لا يكبّر إلّا مع الإمام ، فإن كبّر قبله أعاد التكبيرة » (1).
    وظاهر المعية المقارنة ، سيّما مع تفريع التكبير قبله خاصة. وإذا جازت في التكبيرة جازت في غيرها ، لعدم قائل بالفرق بينهما جوازاً فيها ومنعا في غيرها وإن وجد قائل به عكسا ، كصاحبي المدارك والذخيرة وغيرهما (2).
    ونحوه في الدلالة على جواز المعية لكن في غير التكبيرة بعض الصحاح الآتية في المسألة ، هذا.
    والأحوط تركها ، سيّما في التكبيرة ، فإن القائل بجوازها فيها لم أعرفه وإن حكاه في الذكرى (3) ، وأشعر به عبائر جماعة (4) ، لكن لم أعرف قائله منّا ، نعم حكاه في المنتهى عن أبي حنيفة (5) ولأجله يمكن حمل الرواية السابقة على التقية ، سيّما مع كون المروي عنه فيها مولانا موسى بن جعفر عليهما السلام وحالها في زمانه معروفة.
    ولئن تنزّلنا عن حملها عليها فهي لا تقاوم الرواية النبوية المنجبرة ، بل المعتضدة بفتوى أصحابنا ـ وإن احتملت الحمل على التقية أيضاًً ، لكونها مذهب أكثر العامة كما يفهم من المنتهى (6) ـ مع أنها أحوط للعبادة التي لا ينبغي ترك الاحتياط فيها.
    واعلم : أنّ مقتضى وجوب المتابعة فساد الصلاة مع المخالفة مطلقاًً ، إذ
1 ـ قرب الإسناد : 218 / 854 ، الوسائل 3 : 101 أبواب صلاة الجنازة ب 16 ح 1.
2 ـ المدارك 4 : 327 ، الذخيرة : 398 ؛ وانظر الحدائق 11 : 139.
3 ـ الذكرى : 274.
4 ـ منهم : الشيخ في المبسوط 1 : 103 ، والشهيد الأول في البيان : 238 ، والشهيد الثاني في المسالك 2 : 222 ، والمجلسي في بحار الأنوار 85 : 75.
5 ـ المنتهى 1 : 379.
6 ـ المنتهى 1 : 379.


(229)
معها لا يعلم كونها العبادة المطلوبة وإن احتمل كون الوجوب تعبديا لا شرطيا ، لكنه غير كاف في نحو العبادة التوقيفية اللازم فيها تحصيل البراءة اليقينية ، وليست بحاصلة مع المخالفة ، سيّما وأن يكون قد ترك القراءة أو أتى بها وقلنا إن المندوب لا يجزي عن الفرض أصلاً ، ولعلّه لذا قال الشيخ ـ رحمه اللّه ـ في المبسوط : من فارق الإمام لغير عذر بطلت صلاته (1). ونحوه الصدوق (2).
    خلافاً للمشهور ( و ) قالوا ( لو رفع ) المأموم رأسه من الركوع والسجود أو أهوى إليهما ( قبله ) أي قبل الإمام ( ناسياً عاد ) إليهما وإلى القيام ( ولو كان عامدا ) أثم و ( استمر ) وبقي على حاله إلى أن يلحقه الإمام.
    وهو في العمد مشكل مطلقاًً (3) ، لما قدّمنا ، مع سلامته عما يصلح للمعارضة له أصلاً عدا الموثق : عن الرجل يرفع رأسه من الركوع قبل الإمام ، أ يعود فيركع إذا أبطأ الإمام ويرفع رأسه ( معه‏ ) ؟ قال : « لا » (4).
    وهو ـ مع كونه أخص مع المدّعى ، مع عدم وضوح ما يدّل على التعميم أصلاً ، ومع معارضته بما هو أصح منه سنداً وأكثر عدداً ـ لا إشعار فيه بصورة العمد أصلاً لو لم نقل بظهوره في غيرها.
    وتخصيصه بها ـ جمعاًً بينه وبين المعتبرة الآتية بحملها على صورة السهو خاصة ، وحمله على صورة العمد كذلك ـ لا أعرف له وجها لا من فتوى ولا من رواية ولا غيرهما ، إلّا ما قيل من استلزام العود في العمد زيادة ركن من غير عذر ، ولا كذلك النسيان ، فإنه عذر (5). وهو كما ترى ، فإن زيادة الركن عندهم‏
1 ـ المبسوط 1 : 157.
2 ـ نقله عنه في الذكرى : 279.
3 ـ أي في جميع صورة من الركوع والسجود عامداً أو رفع الرأس منهما كذلك. منه رحمه الله.
4 ـ الكافي 3 : 384 / 14 ، التهذيب 3 : 47 / 164 ، الاستبصار 1 : 438 / 1689 ، الوسائل 8 : 391 أبواب صلاة الجماعة ب 48 ح 6 ، وما بين المعقوفين أضفناها من المصادر.
5 ـ نهاية الاحكام 2 : 136.


(230)
مبطلة مطلقاً.
    وبالجملة : فما ذكروه هنا مستنده غير واضح ، إلّا أن يكون إجماعاً من المتأخرين كما يفهم من الذكرى (1) ، أو مطلقاًً كما من غيرها (2).
    وكيف كان الاحتياط بإتمام الصلاة ـ كما ذكروه ـ ثمَّ الإعادة ممّا لا ينبغي تركه جدّاً.
    وأما القول بوجوب العود هنا ـ كما في النسيان ـ لإطلاق المعتبرة الآتية ، وضعف الموثقة عن المقاومة.
    فضعيف في الغاية ، لاختصاصه ـ كإطلاق المقنعة (3) ـ بحكم التبادر بصورة النسيان خاصة.
    وكذا في الهوي إلى الركوعين نسياناً ، لعدم دليل عليه فيه أصلاً ، لاختصاص المعتبرة الحاكمة بما ذكروه بصورة الرفع منهما ، مع عدم وضوح ما يدلّ على التعميم حتى الإجماع ، لفتوى الفاضل في المنتهى بالاستمرار هنا وإن قوّى الرجوع أخيرا (4) ، لإشعاره بعدم إجماع على ما قوّاه ، وإلّا لما أفتى بخلافه أوّلاً.
    ووافقه في التقوية في الذخيرة (5) للموثق : في رجل كان خلف إمام يأتم به ، فيركع قبل أن يركع الإمام وهو يظن أن الإمام قد ركع ، فلمّا رآه لم يركع فرفع رأسه ثمَّ أعاد الركوع مع الإمام ، أ يفسد ذلك عليه صلاته أم تجوز تلك‏
1 ـ الذكرى : 275.
2 ـ المدارك 4 : 327.
3 ـ لم نعثر عليه في المقنعة ، بل وجدنا في التهذيب 3 : 47 ، 48.
4 ـ المنتهى 1 : 379.
5 ـ الذخيرة : 399.


(231)
الركعة ؟ فكتب : « يتم صلاته ولا يفسد لما صنع صلاته » (1).
    وهو ـ مع أخصيته من المدّعى مع عدم وضوح معمّم أصلاً ـ وارد في صورة المظنة ، وهو غير مفروض المسألة.
    ودعوى تنقيح المناط بحيث يوجب التعدية هنا وفي باقي الفروض المتقدمة مشكلة ، كدعوى الإجماع عليها كما عرفته. ولا ينبغي ترك الاحتياط هنا كما في المسألة السابقة.
    وأمّا ما ذكروه في صورة الرفع من الركوعين نسياناً فممّا لا ريب فيه في الجملة للمعتبرة ، ففي الصحيح : عن الرجل يركع مع إمام يقتدي به ثمَّ يرفع رأسه قبل الإمام ، فقال : « يعيد ركوعه معه » (2).
    ونحوه غيره ، وفيه : عن رجل صلّى مع إمام يأتمّ به ، فرفع رأسه من السجود قبل أن يرفع الإمام رأسه من السجود ، قال : « فليسجد » (3).
    وظاهرها وجوب الرجوع كما هو المشهور.
    خلافاً للفاضل في النهاية والتذكرة (4) ، فاستحبه ، جمعاًً بينه وبين الموثقة السابقة الناهية عنه.
    وهو ضعيف في الغاية ، لفقد المكافأة. ومع ذلك فالنهي ظاهر في الحرمة ، ومع التنزل فالكراهة ، وأين هما من الاستحباب كما ذكره ، إلّا أن يحمل النهي فيه على الإباحة دفعا لتوهم وجوب الرجوع ، لكنه خلاف ما فهمه الجماعة.
1 ـ التهذيب 3 : 280 / 823 ، الوسائل 8 : 391 أبواب صلاة الجماعة ب 48 ح 4.
2 ـ التهذيب 3 : 277 / 810 ، الوسائل 8 : 391 أبواب صلاة الجماعة ب 48 ح 3.
3 ـ الفقيه 1 : 258 / 1173 ، التهذيب 3 : 48 / 165 ، الوسائل 8 : 390 أبواب صلاة الجماعة ب 48 ح 1.
4 ـ نهاية الاحكام 2 : 136 ، التذكرة 1 : 185.


(232)
    وعلى الوجوب فلو ترك العود فالوجه فساد الصلاة ، لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه. وفيه قول بالصحة ضعيف. وأولى بالفساد ما لو عاد العامد ، لزيادة الركن عمداً المبطلة قطعاًً ، هذا إن أوجنبا عليه الاستمرار ، وإلّا فالفساد ثابت بأول فعله.
    ( ولا ) يجوز أن ( يقف ) المأموم ( قدّامه ) أي قدّام الإمام المرضي مطلقاًً ، بإجماعنا الظاهر ، المصرّح به في المنتهى والذكرى والمدارك وغيرها (1).
    أما التساوي في الموقف فجائز مطلقاًً عند الأكثر ، بل لا خلاف فيه يظهر إلّا من الحلّي ، فأوجب التقدم بقليل (2) ، وهو شاذ ، بل على خلافه الإجماع عن التذكرة (3) وهو الحجّة.
    مضافاً إلى الأصل ، وإطلاق أدلة شرعية الجماعة ، والقوية المتقدمة في المسألة السابقة (4).
    وظواهر خصوص (5) المعتبرة الآتية الآمرة بوقوف المأموم الواحد عن يمين الإمام والمتعدّد خلفه (6). وظاهر الأول المحاذاة والمساواة ، والثاني وإن كان صريحاً في الأمر بالتأخر يوجب صرف الظاهر إليه ، إلّا أن هذا الأمر ـ كالأول من حيث تعلّقهما باليمين والخلف ـ للاستحباب قطعاًً حتى عند الحلّي ،
1 ـ المنتهى 1 : 365 ، الذكرى : 272 ، المدارك 4 : 330 ؛ وانظر مفاتيح الشرائع 1 : 161 ، والذخيرة : 394.
2 ـ السرائر 1 : 277.
3 ـ التذكرة 1 : 171.
4 ـ راجع ص 227 الهامش 6.
5 ـ في « ش » زيادة : بعض.
6 ـ الوسائل 8 : 341 أبواب صلاة الجماعة ب 23.


(233)
حيث صرّح بأنهما من سنن الموقف ، وأنه لو وقف المأموم الواحد عن الخلف والشمال والمتعدد عنه وعن اليمين جاز (1) وادّعى الفاضل في المنتهى عليه الإجماع (2). ولعلّه كذلك ، إذ لا خلاف فيه إلّا من الإسكافي (3) كما يأتي ، وهو شاذّ وإن كان أحوط كخيرة الحلّي.
    واعلم : أنّ الظاهر أن المعتبر في التقدم والتساوي العرف والعادة ، لأنه المحكّم فيما لم يرد فيه نصّ في الشريعة.
    خلافاً لجماعة (4) فبالأعقاب خاصة ، فلا يضر تقدم الأصابع أو الصدر أو الرأس مع تساويها ، كما لا ينفع التأخر بأحد الأمور المزبورة مع عدم التساوي فيها وتأخر عقب الإمام عن أعقاب المأمومين.
    وللفاضل في النهاية فبها وبالأصابع خاصة ، وصرّح بأنه لا يقدح في التساوي تقدّم ما عداهما في بعض الأحوال (5).
    ولا دليل على شي‏ء منهما عدا الثاني فيساعده العرف في الجملة ، بل مطلقاًً ، لو لا التصريح الذي مضى ، بل معه أيضاً. ولكن الأحوط عدم التقدم بشي‏ء من الأعضاء في شي‏ء من الأحوال أصلاً ، بل الأحوط عدم التساوي مطلقاً.
    ( ولا بدّ من نية الائتمام ) بإمام معيّن بالاسم أو الصفة أو الحاضر معه بعد العلم باستجماعه لشرائط الإمامة ، بلا خلاف في شي‏ء من ذلك أجده ، بل‏
1 ـ السرائر 1 : 277.
2 ـ المنتهى 1 : 376.
3 ـ حكاه عنه في المختلف : 160.
4 ـ منهم : العلامة في التذكرة 1 : 171 ، والشهيد الأول في البيان : 234 ، وصاحب المدارك 4 : 331.
5 ـ نهاية الاحكام 2 : 117.


(234)
في المنتهى ونهاية الإحكام والذكرى (1) الإجماع على وجوب أصل نية الاقتداء ، فلو لم ينوه ، أو نوى الاقتداء بغير معيّن فسدت الصلاة فضلا عن الجماعة.
    وكذا لو نوى باثنين ولو توافقا فعلا لعدم دليل على الصحة في نحو هذه الصورة من فتوى أو رواية ، لاختصاص مورد هما بغيرها.
    ومنه يظهر وجه ما ذكره الشهيدان في الذكرى وروض الجنان والروضة من فسادها لو نوى الاقتداء بزيد فبان عمروا وإن كان أهلا للإمامة. أما لو نوى الاقتداء بالحاضر على أنه زيد فبان عمروا ففي صحة الاقتداء ترجيحا للإشارة ، وعدمها ترجيحا للاسم وجهان ، أحوطهما العدم (2).
    وظاهر العبارة ـ كغيرها ـ عدم وجوب نية الإمامة ، ولا خلاف فيه أجده ، بل عليه الإجماع عن التذكرة (3).
    ولا ريب فيه في الجماعة المندوبة بالإضافة إلى صحة الصلاة خاصة.
    أمّا في الواجبة فواجبة ، وفاقاً للشهيدين وغيرهما (4) ، وكذا في المندوبة بالإضافة إلى فضيلة الجماعة ، إلّا مع عدم العلم بالاقتداء ، فلا يبعد ثبوتها له أيضاًً ، نظراً إلى عموم كرمه سبحانه تعالى ، سيّما بالنظر إلى ما ورد في فضيلتها من تزايد ثوابها بتزايد المأمومين ولو مع عدم اطلاع الإمام ولا أحدهم به أصلاً.
    ( ولو صلّى اثنان وقال كل منهما : ) بعد الفراغ ( كنت مأموما ) لك ( أعادا ، ولو قال : كنت إماما لم يعيدا ) للقوي (5) المنجبر قصور سنده بعمل‏
1 ـ المنتهى 1 : 365 ، نهاية الاحكام 1 : 125 ، الذكرى : 271.
2 ـ الذكرى : 271 ، وروض الجنان : 375 ، والروضة 1 : 382.
3 ـ التذكرة 1 : 174.
4 ـ الشهيد الأول في الذكرى : 271 ، الشهيد الثاني في المسالك 1 : 44 ؛ وانظر الجامع العباسي ( للشيخ البهائي ) : 93.
5 ـ تقدم مصدره في ص 227 الهامش 6.


(235)
الأصحاب كافة على الظاهر ، المصرّح به في كلام جماعة (1) ، مشعرين بدعوى الإجماع عليه ، كما صرّح به في المنتهى في الثاني.
    ولا شبهة فيه ولا في الأول أيضاًً إذا لم يظنّ كلّ منهما قيام الآخر بوظائف الصلاة التي منها القراءة والسبق بالتحريمة ولم يأت أيضاًً بالقراءة أو أتى بها ولم يجتزئ بها عن القراءة الواجبة. ويشكل في غير ذلك ، لكنه مندفع بإطلاق النص المعتضد أو المنجبر بالعمل ، بل الإجماع كما في نهاية الإحكام (2) ، مع إمكان دفعه بما ذكرناه في الشرح ، هذا.
    ويظهر من المنتهى رواية اُخرى بذلك لعمّار ، قال : رواها الشيخ (3). ولكني لم أرها ولا من أشار إليها غيره أصلاً.
    ( ولا يشترط ) في الجماعة ( تساوي الفرضين ) أي فرض الإمام والمأموم في العدد ولا في النوع ولا في الصنف بعد توافق نظمهما ، فيجوز أن يقتدي كل من الحاضر والمسافر بصاحبه في فريضة ( ويقتدي المفترض بمثله وبالمتنفل ) نافلة يجوز فيها الجماعة كالمعادة في جماعة ( والمتنفل بمثله وبالمفترض ) ومصلّي إحدى الخمس اليومية بمصلّيها وغيرها.
    بلا خلاف أجده إلّا من والد الصدوق فمنع عن ائتمام المتمم بالمقصّر وبالعكس (4).
    ومنه فمنع عن ائتمام مصلّي العصر بمصلّي الظهر خاصة إلّا أن يتوهمها العصر ثمَّ يعلم أنها كانت الظهر فتجزي عنه (5).
1 ـ منهم : العلامة في المنتهى 1 : 366 ، والشهيد الثاني في المسالك 1 : 44 ؛ والسبزواري في الذخيرة : 399.
2 ـ نهاية الاحكام 2 : 127.
3 ـ المنتهى 1 : 366.
4 ـ حكاه عنه في المختلف : 155.
5 ـ راجع الفقيه 1 : 233.


(236)
    وهما نادران ، بل على خلافهما الإجماع كما صرّح به الفاضل في المنتهى في الثاني (1) ، وحكي عنه وعن الماتن في الأول (2).
    ومع ذلك مستند هما غير واضح ، عدا الموثق (3) وغيره (4) للأول ، والصحيح (5) وأمر اعتباري في الثاني.
    والأوّلان مع قصور سندهما ، بل ودلالتهما أيضاًً ـ لتصريحهما بالصحة مع المخالفة ، فيكون قرينة على كون النهي في صدرهما للكراهة ، لعدم اجتماع الصحة مع الحرمة ، بناءً على مذهب الإمامية (6) ، ولعلّه لذا صرّح بأنهما صريحان في الكراهة بعض الأجلة (7) ـ محمولان على الكراهة ، جمعاًً بينهما وبين الصحاح الصراح المستفيضة الآتية المعتضدة ـ زيادة على الشهرة العظيمة ، بل الإجماع كما عرفت نقله ـ بالأصل والعمومات كتاباً وسنّةً.
    والأخيران مع ضعفهما دلالةً ، بل دلالةً أوّلهما على خلاف ما ذكره الصدوق في صورة الاستثناء كما لا يخفى على من راجعهما ، معارضان بالصحاح الصراح أيضاً.
    وأما اقتداء المتنفل بالمفترض فلا خلاف فيه بين العلماء ، كما لا خلاف في العكس عندنا ، وقد صرّح بالإجماعين في المنتهى (8) ، وفي الخلاف‏
1 ـ المنتهى 1 : 367.
2 ـ حكاه عنهما في الذخيرة : 392.
3 ـ التهذيب 3 : 164 / 355 ، الاستبصار 1 : 426 / 1643 ، الوسائل 8 : 330 أبواب صلاة الجماعة ب 18 ح 6.
4 ـ التهذيب 3 : 165 / 358 ، الاستبصار 1 : 426 / 1462 ، الوسائل 8 : 329 أبواب صلاة الجماعة ب 18 ح 3.
5 ـ التهذيب 3 : 49 / 173 ، الوسائل 8 : 399 أبواب صلاة الجماعة ب 53 ح 2.
6 ـ من عدم اجتماع الأمر والنهي في الشيء الواحد الشخصي ولو اختلفت الحيثية. منه رحمه الله.
7 ـ كصاحب المدارك 4 : 364.
8 ـ المنتهى 1 : 367.


(237)
بإجماعنا خاصة فيهما (1). وسيأتي من النصوص ما يدّل عليهما قريباً إن شاء اللّه تعالى ، مضافاًً إلى الأصل والعمومات السليمة هنا عن المعارض أصلاً.
    كلّ هذا مع توافقهما نظما ، وأما مع العدم فلا يجوز الاقتداء في أحدهما بالآخر إجماعاً ، فلا يقتدى في الخمس مثلاً بصلاة الجنازة والكسوفين والعيدين ولا العكس لعدم إمكان المتابعة المشترطة نصّاً وفتوى.
    ( ويستحب أن يقف ) المأموم ( الواحد ) إذا كان رجلاً ( عن يمين الإمام ، والجماعة ) ولو كانوا اثنين مطلقاًً ( خلفه ) بإجماعنا المقطوع المصرّح به في الخلاف والمنتهى وغير هما (2) ، والمعتبرة مستفيضة بذلك جدّاً :
    ففي الصحيح : « الرجلان يؤمّ أحدهما صاحبه يقوم عن يمينه ، وإن كانوا أكثر من ذلك قاموا خلفه » (3).
    وظاهره كغيره وإن كان الوجوب كما عن الإسكافي (4) ، إلّا أنه نادر محكي في ظاهر الخلاف وصريح المنتهى الإجماع على خلافه فيه.
    مضافاً إلى الأصل والإطلاقات ، فيصرف الأمر وما في معناه عن ظاهره ، سيّما مع تأيده ببعض النصوص الدالة على الصحة مع المخالفة ، وفيه : عن رجل صلّى إلى جنب رجل ، فقام عن يساره وهو لا يعلم كيف يصنع ثمَّ علم وهو في الصلاة ، قال : « يحوّله عن يمينه » (5) ونحوه غيره (6).
1 ـ الخلاف 1 : 546.
2 ـ الخلاف 1 : 554 ، المنتهى 1 : 376 ؛ وانظر المعتبر 2 : 426.
3 ـ التهذيب 3 : 26 / 89 ، الوسائل 8 : 341 أبواب صلاة الجماعة ب 23 ح 1.
4 ـ نقله عنه في المختلف : 160.
5 ـ الكافي 3 : 387 / 10 ، الوسائل 8 : 344 أبواب صلاة الجماعة ب 24 ح 1.
6 ـ الفقيه 1 : 258 / 1174 ، التهذيب 3 : 26 / 90 ، الوسائل 8 : 345 أبواب صلاة الجماعة ب 24 ح 2.


(238)
    وهو كالصريح في عدم الشرطية ولو في الجملة.
    وإذا ثبت الصحة بدونه سهل الأمر في احتمال الوجوب التعبدي لإمكان الاكتفاء في دفعه بالأصل القطعي المعتضد بالشهرة زيادة على الإجماع المحكي ، ولا كذلك الوجوب الشرطي ، لعسر الاكتفاء في دفعه بمثله إن لم يكن إجماع محكي.
    ( و ) أن ( لا يتقدم ) الإمام ( العاري ) أي فاقد الساتر ( أمام العراة ، بل ) يجلسون و ( يجلس وسطهم بارزا ركبتيه ) كما في الصحيح (1).
    وظاهر إطلاقه ـ كالمتن وكثير ـ تعيّن الجلوس عليهم مطلقاً.
    خلافاً للمحكي عن الماتن ، فخصّه بصورة عدم الأمن من المطّلع ، وأوجب القيام في غيرها (2). وهو ضعيف.
    والأصح وجوب الإيماء على الجميع ، وفاقاً للأكثر ، بل عن الحلّي الإجماع عليه (3) ، وقد مرّ الكلام فيه في بحث الساتر مستوفى.
    ( و ) كذا ( لو أمّت المرأة النساء وقفن معها ) أي إلى جانبيها ( استحباباً ) (4) إلّا أنه ينبغي هنا أن يكنّ ( صفا ) أي في صف واحد أو أزيد من غير أن تبرز بينهن مطلقاًً ، بلا خلاف بين القائلين بجواز إمامتها ، بل عليه اتفاقهم كما عن المعتبر والمنتهى (5) وهو الحجّة ، مضافاًً إلى المعتبرة المستفيضة ، وفيها الصحاح والموثق وغيرها (6) ، وسيأتي إلى جملة منها الإشارة
1 ـ التهذيب 2 : 365 / 1513 ، الوسائل 4 : 450 أبواب لباس المصلي ب 51 ح 1.
2 ـ الشرائع 1 : 70.
3 ـ السرائر 1 : 260.
4 ـ ليست في « ش ».
5 ـ المعتبر 2 : 427 ، المنتهى 1 : 377.
6 ـ الوسائل 8 : 333 أبواب صلاة الجماعة ب 20.


(239)
إن شاء اللّه تعالى.
    ( ولو أمّهنّ الرجل وقفن خلفه ) وجوباً على القول بحرمة المحاذاة ، واستحباباً على القول بكراهتها ، كما هو الأقوى ، وإن كان الأول أحوط وأولى مطلقاًً ، خصوصا هنا ، للأمر به في النصوص من غير معارض لها فيها ، مع قوة دلالةً بعض الصحاح فيما لو حاذت على فساد صلاتها ، ففيه : عن إمام كان في الظهر ، فقامت امرأته بحياله تصلّي معه وهي تحسب أنها العصر ، هل يفسد ذلك على القوم ؟ وما حال المرأة في صلاتها معهم وقد كانت صلّت الظهر ؟ قال : « لا يفسد ذلك على القوم ، وتعيد المرأة صلاتها » (1).
    والتقريب : أنّ وجه الإعادة إما المحاذاة أو اختلاف الفرض ، لا سبيل إلى الثاني ، لما مرّ ، فتعيّن الأول.
    وحمله على الاستحباب لإيقاع الفرض على الوجه الأكمل ـ كما في غير محل ـ يتوقف على وجود معارض ، وليس إلّا أن يكون ما دلّ على جواز المحاذاة في غير الجماعة ، لعدم قول بالفرق أجده بينه وبينها أصلاً. ومع ذلك فترك المحاذاة أولى.
    ( و ) كذا ( لو كانت واحدة ) إلّا أنه ينبغي لها مع التأخر أن تقف عن يمين الإمام ، كما في الصحيح : « الرجل إذا أمّ المرأة كانت خلفه عن يمينه سجودها مع ركبتيه » (2) ونحوه غيره (3).
    وإن كان مع المأموم الرجل الواحد امرأة وقف هو عن يمينه وهي خلفه ، كما في الخبر (4).
1 ـ التهذيب 2 : 232 / 913 ، الوسائل 5 : 130 أبواب مكان المصلي ب 9 ح 1.
2 ـ الفقيه 1 : 259 / ذيل الحديث 1178 ، الوسائل 5 : 125 أبواب مكان المصلي ب 5 ح 9.
3 ـ التهذيب 3 : 267 / 758 ، الوسائل 8 : 332 أبواب صلاة الجماعة ب 19 ح 2.
4 ـ التهذيب 3 : 268 / 763 ، الوسائل 8 : 332 أبواب صلاة الجماعة ب 19 ح 3.


(240)
    ( ويستحب أن يعيد المنفرد صلاته إذا وجد ) من يصلّي ( جماعة ، إماما ) كان فيها ذلك المنفرد ( أو مأموماً ) إجماعاً منّا على الظاهر المحكي مستفيضا (1) ، والصحاح به مستفيضة جدّاً (2).
    وقصور جملة منها دلالةً على الاستحباب ـ لاحتمال ورود الأمر فيها للرخصة لوقوعه جوابا عن السؤال عنها فلا يفيد سوى الإباحة ـ مجبور بأن جملة اُخرى منها فيها الأمر من غير تلك القرينة ، وأقله الاستحباب ، لانتفاء الوجوب بالإجماع ، مع تصريح الموثق بالأفضلية (3).
    وأما الصحيح المخيّر بين الإعادة وعدمها (4) فهو وإن أوهم الإباحة المحضة إلّا أن تصريحه أخيرا بجعل المعادة سبحة أوضح قرينة على استحباب الإعادة. هذا مع أن الرخصة في الإعادة تستلزم كون المعادة سنّة لأنها عبادة ، وهي لا تكون إلّا بفضيلة.
    ويستفاد من الصحيح ونحوه الرضوي (5) كون الوجه المنوي فيها الندب لا الفرض. وهو خيرة الأكثر (6) لخروجه بالاُولى عن العهدة ، فلا معنى لقصد الوجوب بالثانية.
    خلافاً للشهيدين فجوّزاه بنيته أيضاًً (7) للصحيحين الآمرين بجعلها
1 ـ حكاه صاحب المدارك 4 : 341 ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : 395 ، وصاحب الحدائق 11 : 162.
2 ـ الوسائل 8 : 401 أبواب صلاة الجماعة ب 54.
3 ـ التهذيب 3 : 50 / 175 ، الوسائل 8 : 403 أبواب صلاة الجماعة ب 54 ح 9.
4 ـ الفقيه 1 : 265 / 1212 ، التهذيب 3 : 279 / 821 ، الوسائل 8 : 402 أبواب صلاة الجماعة ب 54 ح 8.
5 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 124.
6 ـ كالمحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة 3 : 291 ، صاحب المدارك 4 : 343 ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : 395.
7 ـ الشهيد الاول في الذكرى : 266 ، والدروس 1 : 223 ، الشهيد الثاني في المسالك 1 : 44 ،
رياض المسائل ـ الجزء الرابع ::: فهرس