رياض المسائل ـ لجزء الرابع ::: 241 ـ 255
(241)
الفريضة (1). والدلالة ليست واضحة لاحتمال الفريضة فيهما الفائتة دون التي تراد فيها الإعادة ، أو كون المراد إدراك الجماعة في أثناء الاُولى فيجعلها نافلة والثانية المعادة الفريضة ، كما ذكرهما شيخ الطائفة (2) ، مستدلا عليهما ببعض المعتبرة.
    ويحتمل فيهما غير ذلك ممّا ذكره جماعة (3) ، فلا يمكن أخذ هما لما ذكراه حجة ، سيّما مع مخالفتهما الاُصول الشرعية.
    وظاهر العبارة ـ ككثير وصريح جماعة (4) ـ اختصاص استحباب الإعادة بالمنفرد دون الجامع.
    خلافاً للشهيدين فعمّماه لهما (5) للعموم. وفيه منع ، إلّا أن يدّعى استفادته من بعض الصحاح المتضمنة لترك الاستفصال ، وهو غير بعيد ، ولكنه لا يخلو عن نظر ، ولا ريب أن الأول أحوط.
    ونحوه الكلام في استحبابها للمصلّيين فرادى ، إلّا أنّ الاحتياط فيه آكد وأولى.
    ( وأن يخصّ بالصفّ الأول الفضلاء ) وأهل المزية الكاملة من علم أو
وروض الجنان : 371.
1 ـ الاول :
    الفقيه 1 : 251 / 1132 ، الوسائل 8 : 401 أبواب صلاة الجماعة ب 54 ح 1.
    الثاني :
    الكافي 3 : 379 / 1 ، التهذيب 3 : 50 / 176 ، الوسائل 8 : 403 أبواب صلاة الجماعة ب 54 ح 11.
2 ـ راجع التهذيب 3 : 50 ذيل الحديث 176.
3 ـ منهم المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة 3 : 291 ، والفيض الكاشاني في الوافي 8 : 1247 ، والعلامة المجلسي في مرآة العقول 15 : 268.
4 ـ منهم : صاحب المدارك 4 : 342 ، وصاحب الحدائق 11 : 163.
5 ـ الدروس 1 : 223 ، روض الجنان : 371.


(242)
عمل أو عقل ، وبالصف الثاني من دونهم ، وهكذا ، كما في النصوص (1) ، مضافاًً إلى الإجماع.
    وإطلاقها ـ كالعبارة ونحوها ـ يقتضي عدم الفرق في ذلك بين صلاة الجنازة وغيرها.
    خلافاً لجماعة في الاُولى ، فجعلوا أفضل الصفوف فيها أواخرها (2) ، وربما عزي إلى الأصحاب جملة (3) ، ولا بأس به للمعتبرة المستفيضة (4) (5).
    ولا بين جماعة الذكور أو النساء ، خلافاً لبعض النصوص العامية في الثانية ، فجعل خير الصفوف فيها أواخرها ، وشرّها أولها ، عكس الاُولى (6).
    وليكن يمين الصف لأفاضلهم لأنه أفضل كما في النصوص ، منها : « فضل ميامن الصفّ على مياسرها فضل الجماعة على صلاة الفرد » (7).
    وفي الذكرى : وليكن يمين الصف لأفاضل الصف الأول لما روي أن الرحمة تنتقل من الإمام إليهم ، ثمَّ إلي يسار الصف ، ثمَّ إلى الباقي ، والأفضل‏
1 ـ الوسائل 8 : 305 أبواب صلاة الجماعة ب 7.
2 ـ منهم الحلي في السرائر 1 : 282 ، وابن سعيد في الجامع للشرائع : 120 ، والعلامة في المنتهى 1 : 458.
3 ـ الحدائق 10 : 400.
4 ـ الوسائل 3 : 121 أبواب صلاة الجنازة ب 29.
5 ـ في « م » زيادة : منها كا رواه خالي العلامة في البحار عن كتاب الإمامة والتبصرة لابن بابويه ، عن هارون بن موسى ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن اسباط ، عن فضالة ، عن الصادق عليه السلام ، عن آبائه عن النبي صلّي الله عليه وآله أنه قال : « الصف الأول في الصلاة أفضل ، والصف الأخير في الجنازة أفضل » ونحوها ما رواه السكوني والفقه الرضوى.
6 ـ مسند أحمد 2 : 340 ، سنن ابن ماجة 1 : 319 / 1000 ، سنن الترمذي 1 : 143 / 224.
7 ـ الكافي 3 : 273 / 8 ، الوسائل 8 : 307 أبواب صلاة الجماعة ب 8 ح 2.


(243)
للأفضل (1).
    ( وأن يسبّح المأموم حتى يركع الإمام إن سبقه بالقراءة ) للموثقين (2) ، وفي ثالث : « أمسك آية ومجّد اللّه وأثن عليه ، فإذا فرغ فاقرأ الآية واركع » (3) ونحوه الرضوي في الصلاة خلف المخالف (4).
    وإطلاق ما عداه يقتضي عدم الفرق في ذلك بين الصلاة خلفه أو خلف المرضي المستحب خلفه القراءة فيما إذا كانت جهرية ولم يسمع الهمهمة. قيل : ويحتمل الاختصاص بالأول لأنه المتبادر من النص (5).
    ( وأن يكون القيام إلى الصلاة إذا قيل : قد قامت الصلاة ) على الأظهر الأشهر ، بل عليه عامة من تأخر ، وفي الخلاف في أواسط كتاب الصلاة الإجماع عليه (6) الخبرين (7).
    خلافاً للمحكي عن المبسوط والخلاف هنا فعند فراغ المؤذّن (8). وهو غير واضح المستند ، كالقول الآخر المحكي في المختلف عن بعض‏
1 ـ الذكرى : 273.
2 ـ الكافي 3 : 373 / 3 ، التهذيب 3 : 38 / 134 ، الوسائل 8 : 370 أبواب صلاة الجماعة ب 35 ح 2 ، 3.
3 ـ الكافي 3 : 373 / 1 ، التهذيب 3 : 38 / 135 ، المحاسن : 326 / 73 ، الوسائل 8 : 370 أبواب صلاة الجماعة ب 35 ح 1.
4 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 145 ، المستدرك 6 : 484 أبواب صلاة الجماعة ب 31 ح 1.
5 ـ قال به صاحب المدارك 4 : 344.
6 ـ الخلاف 1 : 317.
7 ـ الاول : الفقيه 1 : 252 / 1137 ، التهذيب 2 : 285 / 1143 ، الوسائل 8 : 379 أبواب صلاة الجماعة ب 42 ح 1.
    الثاني : التهذيب 3 : 42 / 146 ، الوسائل 8 : 380 ، أبواب صلاة الجماعة ب 42 ح 2.
8 ـ المبسوط 1 : 157 ، الخلاف 1 : 564.


(244)
الأصحاب من أنه عند قول المقيم حيّ على الصلاة (1).
    وبعض الأمور الاعتبارية ـ مع معارضته بالمثل ـ اجتهاد في مقابلة النص المعتبر المنجبر بالعمل ، هذا مع أن القول الأخير محكي عن أبي حنيفة (2) ، وعن الشافعي ما قبله (3).
    ويظهر عن الخلاف أن النزاع بينهما وبينه إنما هو في الجواز والمشروعية لا الاستحباب والفضيلة ، وهو خلاف مفروض المسألة في كلام الجماعة ، ولذا أنه في الموضع الآخر من الخلاف ادعى الإجماع على المختار.
    ( ويكره أن يقف المأموم وحده ) خارج الصف ( إلّا مع العذر ) كامتلاء الصفوف على المشهور للنهي عنه في النصوص المستفيضة (4). وإنما حمل على الكراهة مع ظهوره في الحرمة كما عليه الإسكافي (5) لضعفها سنداً ومقاومة لما دلّ على الجواز ولو مطلقاًً ، كالصحيح (6) وغيره (7) : عن الرجل يقوم في الصفّ وحده ، فقال : « لا بأس إنما يبدو واحد بعد واحد ».
    مضافاً إلى الأصل ، والإطلاقات ، وخصوص الإجماع المحكي في صريح المنتهى وظاهر المدارك (8) على الجواز.
1 ـ المختلف : 160.
2 ـ حكاه عنه الشيخ في الخلاف 1 : 317 ، ونقله ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير 1 : 538.
3 ـ انظر المغني والشرح الكبير 1 : 538.
4 ـ الوسائل 8 : 405 ، 407 ، 422 أبواب صلاة الجماعة ب 57 ، 58 ، 70.
5 ـ نقله عنه في الذكرى : 274.
6 ـ التهذيب 3 : 280 / 828 ، علل الشرائع : 361 / 1 ، الوسائل 8 : 406 أبواب صلاة الجماعة ب 57 ح 2.
7 ـ الفقيه 1 : 254 / 1147 ، الوسائل 8 : 406 أبواب صلاة الجماعة ب 57 ح 4.
8 ـ المنتهى 1 : 377 ، المدارك 4 : 345.


(245)
    ( وأن يصلّي نافلة بعد ) الأخذ في ( الإقامة ) كما في الصحيح (1). ولا يحرم على الأظهر الأشهر ، بل عليه عامة من تأخر للأصل ، مع إشعار الصحيح به ، لتضمنه لفظة : « لا ينبغي ».
    خلافاً للنهاية وابن حمزة (2) فالحرمة. والحجّة عليها غير واضحة ، مع مخالفتها لما عرفته ، مضافاًً إلى الاعتبار ، لأن الجماعة مندوبة فلا تحرم لأجلها النافلة ، إذ لا يحرم تركها ، وهو أقلّ من التشاغل بالنفل رتبة ، فيكون بالجواز أولى.
    ( الطرف الثاني : يعتبر في الإمام العقل ) حالة الإمامة وإن عرض له الجنون في غيرها. فيجوز لذي الأدوار لكن على كراهة على الأشهر ، وبها قطع الفاضل في موضع من التذكرة (3) ، وفي آخر منها بالحرمة (4) ، لحجة غير ناهضة. ولكنها أحوط خروجا عن الشبهة ، واحتياطاً للعبادة.
    ( والإيمان ) أي الاعتقاد بالأصول الخمسة بحيث يعدّ من الإمامية.
    ( والعدالة ) وهي ملكة نفسانية باعثة على ملازمة التقوى التي هي القيام بالواجبات ، وترك المنهيات الكبيرة مطلقاًً ، والصغيرة مع الإصرار عليها ، وملازمة المروّة التي هي اتّباع محاسن العادات واجتناب مساويها وما ينفر عنه من المباحات ويؤذن بخسّة النفس ودناءة الهمّة ، في المشهور بين أصحابنا.
    ويأتي الكلام فيها وفيما يتعلق بها في كتاب القضاء إن شاء اللّه تعالى.
    ( وطهارة المولد ) عن الزنا ، ولا بأس بمن تناله الألسن وولد الشبهة.
1 ـ الفقيه 1 : 252 / 1136 بتفاوت ، التهذيب 3 : 283 / 841 ، الوسائل 5 : 452 أبواب الاذان والإقامة ب 44 ح 1.
2 ـ النهاية : 119 ، ابن حمزة في الوسيلة : 106.
3 ـ التذكرة 1 : 176.
4 ـ التذكرة 1 : 144.


(246)
    ولا خلاف بيننا في اشتراط هذه الأمور الأربعة ـ كالبلوغ في الجملة ـ بل عليه دعوى الإجماع في عبائر جماعة حدّ الاستفاضة (1) ، وهي في العدالة كادت تبلغ التواتر ، كالنصوص فيها ، وأما فيما عداها فهي في جملة منه مستفيضة ، وهي ما عدا الإيمان ، وفيها الصحاح وغيرها من المعتبرة.
    ففي الصحيح : « لا يصلّينّ أحدكم خلف المجنون وولد الزنا » (2).
    وفي آخر : « خمسة لا يؤمّون الناس على حال » وعدّا منهم (3).
    وأما هو فيدل على اعتباره ـ بعد فحوى ما دلّ على اعتبار العدالة ، بل صريحه إن قلنا بأن المخالف فاسق ـ الصحيح : في الصلاة خلف الواقفية ، فقال : لا (4).
    وقريب منه النصوص الواردة في الصلاة خلف المخالف وأمر المؤتم به بالقراءة خلفه (5).
    ( و ) يشترط ( البلوغ ) مطلقاًً ( على الأظهر ) الأشهر ، وعن المنتهى في كتاب الصوم نفي الخلاف عنه (6) ، مؤذناً بدعوى الإجماع عليه ، للخبر (7)
1 ـ منهم : المحقق في المعتبر 2 : 431 ، والعلامة في نهاية الاحكام 2 : 139 ، 142 ، والشهيد في الذكرى : 267.
2 ـ الكافي 3 : 375 / 4 ، الفقيه 1 : 247 / 1106 ، الوسائل 8 : 321 أبواب صلاة الجماعة ب 14 ح 2.
3 ـ الكافي 3 : 375 / 1 ، التهذيب 2 : 26 / 92 ، الاستبصار 1 : 422 / 1626 ، الوسائل 8 : 321 أبواب صلاة الجماعة ب 14 ح 1.
4 ـ الفقيه 1 : 248 / 1113 ، التهذيب 3 : 28 / 98 ، الوسائل 8 : 310 أبواب صلاة الجماعة ب 10 ح 5.
5 ـ الوسائل 8 : 309 أبواب صلاة الجماعة ب 10.
6 ـ المنتهى 1 : 596.
7 ـ الفقيه 1 : 258 / 1169 ، التهذيب 3 : 29 / 103 ، الاستبصار 1 : 423 / 1632 ، الوسائل 8 : 322 أبواب صلاة الجماعة ب 14 ح 7.


(247)
المنجبر ضعفه بعمل الأكثر ، والأصل الدالّ على عدم سقوط القراءة بفعل الغير إلّا مع العلم بالمسقط ، وعلى اعتبار العدالة والإيمان المتفرعين على التكليف المفقود فيه بالنص والإجماع ، مضافاًً إلى سائر ما ذكرته في الشرح.
    خلافاً للمبسوط والخلاف (1) ، فجوّز إمامة المراهق المميّز العاقل ، مدّعياً عليه الإجماع.
    وهو موهون بمصير الأكثر ـ على ما صرّح به جمع (2) بقول مطلق ـ إلى الخلاف ، ومنهم هو في التهذيبين والنهاية والاقتصاد والقاضي (3) من القدماء ، مع عدم ظهور موافق له عدا المرتضى فيما يحكى عنه في التنقيح (4).
    ومع ذلك فهو معارض بالمثل المترجح عليه بما مرّ ، فالاستدلال به للجواز ضعيف. كالاستدلال له بالنصوص المجوّزة لإمامته مطلقاًً ، كما في الموثق (5) وغيره (6) ، أو إذا كان له عشر سنين كما فيه (7) ، لقصورها عن المقاومة لما مضى من وجوه شتّى ، ومنها قصور دلالتها ، لأعميتها من المدّعى ، لعدم تقييد فيها بشي‏ء من القيود التي ذكرها ، والتقييد بالعشر في بعضها لا يستلزمها.
    ولا فرق في إطلاق الأدلة منعا وجوازاً بين كونه سلطانا مستخلفا أو غيره‏ ،
1 ـ المبسوط 1 : 154 ، الخلاف 1 : 553.
2 ـ منهم : الشهيد الثاني في روض الجنان : 363 ، والمحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة 3 : 244 ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : 389.
3 ـ التهذيب 3 : 30 ، الاستبصار 1 : 424 ، النهاية : 113 ، القاضي في المهذب 1 : 80 ولم نعثر عليه في الاقتصاد.
4 ـ التنقيح الرائع 1 : 274.
5 ـ الكافي 3 : 376 / 6 ، الوسائل 8 : 321 أبواب صلاة الجماعة ب 14 ح 3.
6 ـ التهذيب 3 : 29 / 104 ، الاستبصار 1 : 424 / 1633 ، الوسائل 8 : 323 أبواب صلاة الجماعة ب 14 ح 8.
7 ـ الفقيه 1 : 358 / 1571 ، الوسائل 8 : 322 أبواب صلاة الجماعة ب 14 ح 5.


(248)
خلافاً للإسكافي ففرّق ، فقال في الثاني بالأول ، وفي الأول بالثاني (1).
    ولا بين إمامته بالبالغين في الفرائض أو في النوافل أو بغيرهم مطلقاًً خلافاً للدروس ففرّق بين الأول فالأول ، وغيره فالثاني (2).
    ولا أعرف لهما حجة يعتد بها ، سيّما في مقابلة الأدلة المتقدمة مطلقاً.
    ( ولا ) يجوز أن ( يؤم القاعد القائم ) إجماعاً على الظاهر ، المصرّح به في الخلاف والسرائر والتذكرة وغيرها (3) ، ويظهر أيضاًً من المنتهى (4).
    وللنبوية المشهورة المروية من طرق الخاصة والعامة : « لا يؤمّن أحد بعدي جالساً » (5).
    وإطلاقه وإن اقتضى المنع عن إمامة القاعد بمثله أيضاًً ، إلّا أنه مقيد بما إذا أمّ قائماً ، كما ذكر الأصحاب ، من غير خلاف يعرف بينهم ، وفي روض الجنان الإجماع عليه (6) ، وهو الحجة عليه ، مضافاًً إلى الأصل والإطلاقات وخصوص ما ورد في جماعة العراة من صحيح الروايات (7) المعمول به بين الأصحاب.
    قالوا : وكذا الكلام في جميع المراتب : لا يؤم الناقص الكامل ، فلا يجوز اقتداء الجالس بالمضطجع ، ويؤيده ـ بعد الأصل في العبادة ـ القوية : « لا يؤمّنّ‏
1 ـ نقله عنه في المختلف : 153.
2 ـ الدروس 1 : 219.
3 ـ الخلاف 1 : 544 ، السرائر 1 : 281 ، التذكرة 1 : 177 ؛ وانظر المعتبر 2 : 436 ، والمفاتيح 1 : 160.
4 ـ المنتهى 1 : 371.
5 ـ الفقيه 1 : 249 / 1119 ، الوسائل 8 : 345 أبواب صلاة الجماعة ب 25 ح 1 وقد رواه البيهقي في سنة 3 : 80.
6 ـ روض الجنان : 364.
7 ـ الوسائل 4 : 450 أبواب لباس المصلّي ب 51.


(249)
المقيّد المطلقين ، ولا صاحب الفالج الأصحّاء » (1).
    ( ولا الاُمي ) وهو هنا على ما ذكروه من غير خلاف يعرف بينهم : من لا يحسن قراءة الحمد والسورة أو أبعاضهما ولو حرفا أو تشديدا أو صفة ( القارئ ) الذي يحسن ذلك كلّه ، إجماعاً على الظاهر ، المصرّح به في الذكرى (2).
    واحتجّ عليه جماعة (3) بالنبوي المشهور وغيره : « يؤمكم أقرؤكم » (4) ولا يخلو عن نظر.
    واحترز بالقارئ عن مثله ، فإنه يجوز بلا خلاف مع تساويهما في شخص المجهول أو نقصان المأموم ، وعجزهما عن التعلّم لضيق الوقت ، وعن الائتمام بقارئ أو أتم منهما.
    وذكر جماعة (5) أنه لو اختلفا فيه لم يجز وإن نقص قدر مجهول الإمام ، إلّا أن يقتدي جاهل الأول بجاهل الآخر ثمَّ ينفرد عنه بعد تمام معلومه ، كاقتداء محسن السورة خاصة بجاهلها ، ولا يتعاكسان.
    ( ولا المؤوف اللسان ) كالألثغ بالمثلثة ، وهو الذي يبدّل حرفا بغيره مطلقاًً ، كما عن المبسوط وفي الروضة وغير هما (6) أو الراء بالغين أو اللام والسين بالثاء ، كما عن الصحاح وفي المجمع (7) ، أو الراء باللام خاصة ، كما
1 ـ الكافي 3 : 375 / 2 ، الفقيه 1 : 248 / 1108 ، الوسائل 8 : 340 أبواب صلاة الجماعة ب 22 ح 1.
2 ـ الذكرى : 268.
3 ـ منهم الشيخ في الخلاف 1 : 550 ، العلامة في المنتهى 1 : 371.
4 ـ مسند أحمد 3 : 163.
5 ـ منهم : العلامة في نهاية الاحكام 2 : 147 ، والشهيد الثاني في الروضة 1 : 390 ، وصاحب المدارك 4 : 350.
6 ـ المبسوط 1 : 153 ، الوضة 1 : 391 ؛ وانظر نهاية الاحكام 2 : 148.
7 ـ الصحاح 4 : 1325 ، مجمع البحرين 5 : 15.


(250)
عن الفراء (1) ، وقيل فيه غير ذلك (2).
    والأليغ بالمثناة من تحت ، وهو الذي لا يبين الكلام.
    والتمتام والفأفاء ، وهو الذي لا يحسن تأدية الحرفين على أحد التفسيرين.
    ( السليم ) لسانه عن ذلك كلّه ، بلا خلاف فيه كالسابق ، لإخلاله بالقراءة ، فتكون صلاته عنها خالية ، ولا صلاة إلّا بفاتحة ، فكيف يضمن قراءة المأموم كما دلّت عليه المعتبرة ؟! نعم قالوا : يجوز إمامته بمثله بالنهج الذي ذكر في سابقة.
    والأكثر على إلحاق اللاحن في قراءته به مطلقاًً ، لما ذكرنا ، بناءً على استلزام اللحن تغيير القرآن عمّا أنزل به.
    خلافاً للشيخ والحلّي (3) فجوّزا إمامته للمتقن مطلقاًً ، كما عليه الأول ، وإذا لم يغيّر اللحن المعنى ، كما عليه الثاني. ولم أعرف مستندهما لا من نصّ ولا من غيره.
    ( ولا المرأة ذكراً ولا خنثى ) مشكلا لم يعرف ذكوريته عن أنوثيته.
    ولا الخنثى مثله ، لجواز اختلافهما في الوصفين ، وكون الإمام هو الاُنثى.
    خلافاً لابن حمزة فقال بالجواز هنا (4) ، وهو نادر.
    وهو في حق الاُنثى كالرجل في حقها.
    والأصل في أصل الحكم ـ المترتب عليه حكم الخنثى ـ بعد الإجماع‏
1 ـ نقله عنه في الذكرى : 268.
2 ـ انظر تهذيب اللغة للأزهري 8 : 92.
3 ـ المبسوط 1 : 153 ، السرائر 1 : 281.
4 ـ الوسيلة : 105.


(251)
الظاهر المصرّح به في جملة من العبائر كالخلاف والمعتبر والمنتهى والتذكرة وروض الجنان والذكرى وغيرها (1) ، النبوي المشهور : « لا تؤمّ المرأة رجلاً » (2).
    ونحوه المرتضوي المروي عن الدعائم بزيادة : « ولا تؤمّ الخنثى الرجال ، ولا الأخرس المتكلّمين ، ولا المسافر المقيمين » (3).
    ويستفاد من فحوى العبارة جواز إمامة المرأة بمثلها ، وهو إجماع في النافلة التي يجوز الاجتماع فيها كالاستسقاء ونحوها ، على الظاهر ، المصرّح به في جملة من العبائر (4).
    وأما في الفريضة فقولان ، أصحّهما نعم ، وفاقاً للأكثر ، بل عليه عامة من تأخر ، وفي صريح الخلاف والتذكرة وظاهر المعتبر والمنتهى الإجماع عليه (5) ، للمعتبرة المستفيضة ، وهي ما بين صريحة في ذلك وظاهرة.
    فمن الأوّلة ، النبوي : إنه صلّى اللّه عليه وآله أمر أمّ ورقة أن تؤمّ أهل دارها وجعل لها مؤذّناً (6).
    والخاصي المروي في الفقيه : كيف تصلّي النساء على الجنائز إذا لم يكن معهنّ رجل ؟ قال : « يقمن جميعا في صف واحد ولا تتقدمهن امرأة » قيل :
    ففي صلاة المكتوبة تؤمّ بعضهن بعضاً ؟ قال : « نعم » (7).
1 ـ الخلاف 1 : 548 ، المعتبر 2 : 438 ، المنتهى 1 : 373 ، التذكرة 1 : 177 ، روض الجنان : 365 ، الذكرى : 267 ؛ وانظر مفاتيح الشرائع 1 : 160.
2 ـ سنن البيهقي 3 : 90.
3 ـ دعائم الاسلام 1 : 151 ، المستدرك 6 : 466 أبواب صلاة الجماعة ب 16 ح 2.
4 ـ انظر روض الجنان : 367 ، والحدائق 11 : 187.
5 ـ الخلاف 1 : 562 ، التذكرة 1 : 177 ، والمعتبر 2 : 427 ، المنتهى 1 : 368.
6 ـ سنن البيهقي 3 : 130.
7 ـ الفقيه 1 : 103 / 479 ، الوسائل 3 : 117 أبواب صلاة الجنازة ب 25 ح 2.


(252)
    ومن الأخيرة ، الموثق (1) والمرسل (2) القريب منه : عن المرأة تؤمّ النساء ، ؟ قال : « نعم تقوم وسطاً بينهن ولا تتقدمهن ».
    وفي الصحيح : عن المرأة تؤمّ النساء ، ما حدّ رفع صوتها بالقراءة ؟ قال : « قدر ما تسمع » (3).
    ونحوه غيره لرواية مروي في قرب الإسناد عن كتابه بزيادة قوله : وسألته عن النساء هل عليهن الجهر بالقراءة في الفريضة والنافلة ؟ قال : « لا ، إلّا أن تكون امرأة تؤمّ النساء » (4).
    وفي هذه الزيادة تلويح ، بل دلالةً على العموم للفريضة زيادةً على ما في هذين الخبرين كسابقيهما ، من ترك الاستفصال المفيد للعموم في المقال ، سيّما مع كون الفريضة أظهر الأفراد فتدخل فيها حتماً ولو كان دلالتها من باب الإطلاق ، فتأمل.
    وقصور الأسانيد أو ضعفها ـ حيث كان ـ مجبور بعمل الأصحاب ، مضافاًً إلى الأصل والإطلاقات.
    خلافاً للمرتضى والجعفي والإسكافي (5) فلا ، للصحاح : « تؤمّهنّ في النافلة ، وأما في المكتوبة فلا » (6).
1 ـ التهذيب 3 : 31 / 111 ، الاستبصار 1 : 426 / 1644 ، الوسائل 87 : 336 أبواب صلاة الجماعة ب 20 ح 11.
2 ـ التهذيب 3 : 31 / 112 ، الاستبصار 1 : 426 / 1645 ، الوسائل 8 : 336 أبواب صلاة الجماعة ب 20 ح 10.
3 ـ الفقيه 1 : 263 / 1201 ، التهذيب 3 : 267/ 761 ، الوسائل 8 : 335 أبواب صلاة الجماعة ب 20 ح 7.
4 ـ قرب الإسناد : 223 / 867 ، الوسائل 6 : 95 أبواب القراءة في الصلاة ب 31 ح 3.
5 ـ حكته عن السيد في السرائر 1 : 281 ، وعن الجعفي في الذكرى : 265 ، وعن الاسكافي في المختلف : 154.
6 ـ الوسائل 8 : 333 أبواب صلاة الجماعة ب 20 ح 1 ، 12.


(253)
    وأجيب عنها بالندرة في المعتبر والمنتهى (1) ، بل صرّح في الأخير بعدم قائل بها منّا ، مؤذناً بإجماعنا عليه كما قدّمنا ، ولو سلّم عدم ندورها فهي غير مكافئة لما قدّمنا لاعتضاده بالشهرة العظيمة القريبة من الإجماع والإجماعات المنقولة دونها.
    مع ظهورها في جواز الجماعة في النافلة مطلقاًً ، وهو غير مرضي عند أصحابنا كما قدّمنا ، إلّا أن تقيّد بنافلة تجوز فيها ، لكن فيه صرف للمطلق إلى أندر أفراده ، فهي نادرة من هذا الوجه أيضاًً ، ولأجله يمكن حملها على التقية ، سيّما وأن ما فيها من التفصيل مذهب جماعة من العامة كما حكاه في المنتهى (2) ، مع أن المنع مطلقاًً كما ربما ينسب إلى الجعفي والمرتضى مذهب أكثرهم (3) وإن اختلفوا فيه كراهة وتحريماً.
    وعلى هذا فأخبارنا أبعد ممّا عليه أكثر هؤلاء ـ خذلهم اللّه ـ وأشهر بين أصحابنا ، فتكون بالترجيح أولى ، ولا بدّ من طرح ما خالفها وإن كان صحاحاً ، أو حملها على التقية ، أو عدم تأكد الاستحباب كما في الذكرى (4) ، لا على الكراهة ، لثبوت الاستحباب عندنا ، كما صرّح به في المنتهى (5) ، مؤذناً بإجماعنا عليه ، كما صرّح به في الخلاف (6) أيضاً.
    أو كون المراد من النافلة والمكتوبة الجماعة ، لا الصلاة كما فهمه الجماعة ، كما قيل (7) ، ولا بأس به وإن بعد غايته ، جمعاًً بين الأدلة.
1 ـ المعتبر 2 : 427 ، المنتهى 1 : 368.
2 ـ المنتهى 1 : 368.
3 ـ نقله عنهم في الحدائق 11 : 192 ؛ وانظر المغني والشرح الكبير 2 : 36.
4 ـ الذكرى : 265.
5 ـ المنتى 1 : 368.
6 ـ الخلاف 1 : 562.
7 ـ الحدائق 11 : 189.


(254)
    ومن أراد تحقيق المسألة زيادةً على ما هنا فعليه بمراجعة الشرح ، فقد أشبعنا الكلام فيها ثمة.
    ( و ) كلّ من ( صاحب المسجد ) وهو الإمام الراتب فيه ( و ) صاحب ( المنزل ، و ) صاحب ( الإمارة ) من قبل العادل في إمارته مع اجتماع الشرائط المعتبرة في الإمامة ( أولى ) بها من ( غيره ) مطلقاًً ولو كان أفضل منهم ، عدا إمام الأصل مع حضوره ، فإنه أولى منهم ومن غيرهم مطلقاًً ، بلا خلاف في شي‏ء من ذلك أجده ، وبه صرّح الفاضل في المنتهى وغيره (1) في الجميع ، وكذا غيره مستفيضا (2) ، إلّا أنهم لم يتعرضوا لنقله في أولوية الإمام على غيره مطلقاًً ، ولكنهم قطعوا بها ، مشعرين بعدم الخلاف فيها أيضاًً ، بل كونه ضرورياً.
    والأصل في جميع ذلك بعده النصوص المستفيضة ، وهي فيما يتعلق بما عدا الأول مشهورة من طرق الخاصة (3) والعامة (4) ، وفيما يتعلق به الرضوي في موضعين منه : « وصاحب المسجد أحقّ بمسجده » (5) ، ونحوه الصادقي المروي في الدعائم (6).
    وأظهر منهما النبوي المروي فيه : « وكلّ أهل مسجد أحقّ بالصلاة في مسجدهم إلّا أن يكون أمير حضر فإنه أحقّ بالإمامة » (7).
1 ـ المنتهى 1 : 374 ؛ وانظر نهاية الاحكام 2 : 154 ـ 155 ، والتذكرة 1 : 180.
2 ـ كابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 560 ، المحقق في المعتبر 2 : 438 ، الشهيد في الذكرى : 270 ، الفيص الكاشاني في المفاتيح 1 : 164 ، صاحب الحدائق 11 : 197.
3 ـ الكافي 3 : 376 / 5 ، التهذيب 3 : 31 / 113 ، الوسائل 8 ، 351 أبواب صلاة الجماعة ب 28 ح 1.
4 ـ دعائم الاسلام 1 : 152 ، المستدرك 6 : 474 أبواب صلاة الجماعة ب 25 ح 1.
5 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 124 ، 143 ، المستدرك 6 : 475 أبواب صلاة الجماعة ب 25 ح 5 ، 4.
6 ـ دعائم الاسلام 1 : 152 ، المستدرك 6 : 475 أبواب صلاة الجماعة ب 25 ح 2.
7 ـ دعائم الاسلام 1 : 152 ، المستدرك 6 : 474 أبواب صلاة الجماعة ب 25 ح 1.


(255)
    وفي إطلاقه تأييد لما ذكره الشهيدان (1) من رجحان صاحب الإمارة على صاحبيه حيث اجتمعوا ، إلّا أن يحمل الأمير فيه على الأصلي كما هو الظاهر بحكم التبادر. وعليه فترجيحهما عليه لعلّه أولى كما صرّح به بعض أصحابنا (2) ، لإطلاق النص والفتوى بأنهما في محلّهما أولى مع عدم معلومية شمول أولوية ذي الإمارة لنحو مفروضنا ، فتأمل جداً.
    وذكر جماعة أن أولوية هذه الثلاثة سياسة أدبية ، لا فضيلة ذاتية ، فلو أذنوا لغيرهم انتفت الكراهة (3) ، ونفى عنه الخلاف في المنتهى (4).
    قالوا : ولا يتوقف أولوية الراتب على حضوره ، بل ينتظر لو تأخر ويراجع إلى أن يضيق وقت الفضيلة فيسقط اعتباره.
    مع أن المستفاد من جملة من النصوص خلافه ، منها : « إذا قال المؤذّن :
    قد قامت الصلاة ، ينبغي لمن في المسجد أن يقوموا على أرجلهم ويقدّموا بعضهم ولا ينتظروا الإمام » قلت : فإن كان الإمام هو المؤذّن ، قال : « وإن كان فلا ينتظرونه ويقدّموا » (5) وقريب منه آخر (6) ، والنبوي (7).
    إلّا أن تقيّد بصورة خوف فوت وقت الفضيلة ، جمعاًً بينها وبين إطلاق ما دلّ على الأولوية من الفتوى والرواية ، لكنه فرع الشاهد عليه وليس ، مع‏
1 ـ الذكرى : 270 ، الروضة 1 : 393.
2 ـ كالشهيد الثاني في روض الجنان : 366.
3 ـ منهم الشهيد الثاني في روض الجنان : 366 ، والروضة 1 : 393 ، وانظر الذكرى : 270.
4 ـ المنتهى 1 : 374.
5 ـ التهذيب 3 : 42 / 146 ، الوسائل 8 : 380 أبواب صلاة الجماعة ب 42 ح 2.
6 ـ الفقيه 1 : 252 / 1137 ، التهذيب 2 : 285 / 1143 ، الوسائل 8 : 379 أبواب صلاة الجماعة ب 42 ح 1.
7 ـ انظر صحيح مسلم 1 : 317 / 105.
رياض المسائل ـ الجزء الرابع ::: فهرس