رياض المسائل الجزء الخامس ::: 46 ـ 60
(46)
المعتبر (1) ، أو مع إكماله للنصاب الذي بعده كما استقر به في المنتهى‏ (2) أوّلاً ، أو عدم ابتدائه حتى يكمل الأوّل فيجزي الثاني لهما ، أوجه وأقوال ، أجودها الأخير ، وفاقاً لجماعة من المتأخّرين (3).
    فلو كان عنده أربعون شاة فولدت أربعين لم يجب فيها شي‏ء للأصل ، وعموم ما دلّ على‏ أن الزائد عن النصاب عفو (4).
    وعلى‏ الأوّل فشاة عند تمام حولها لعموم : « في أربعين شاة شاة » (5) وهو ـ مع اختصاصه بالنصاب المبتدأ بحكم التبادر وفحوى الخطاب بل والإجماع ـ معارض بما مرّ من العموم المترجّح على‏ هذا بعد تسليم تكافئهما بالأصل.
    أو ثمانون فولدت اثنتين وأربعين فشاة للأُولى‏ خاصة ، ثم يستأنف حول الجميع بعد تمام الأوّل.
    وعلى‏ الأولين تجب اُخرى‏ عند تمام حول الثانية لعموم ما دلّ على‏ وجوب الزكاة في النصاب الثاني لو ملكه ، وهو مخصّص بما دلّ على‏ أنّه لا شي‏ء في الصدقة ، من الصحيح وغيره (6) ، بناءً على‏ وجوبها في الأُمّهات بعد حولها قطعاً ، وللعمومات.
    فإذا وجبت فيها (7) امتنع ضمّها إلى‏ السخال في حولها لما مضى ،
1 ـ المعتبر 2 : 507.
2 ـ المنتهى 1 : 490.
3 ـ كالشهيد الاُوّل في الدروس 1 : 232 ، والشهيد الثاني في المسالك 1 : 52 وصاحب المدارك 5 : 77 ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : 432.
4 و 5 ـ الوسائل 9 : 116 أبواب زكاة الأنعام ب 6.
6 ـ نهاية ابن الأثير 1 : 224 ، وروي مفاده في صحيحة زرارة ، انظر الوسائل 9 : 100 أبواب من تجب عليه الزكاة ب 7 ح 1.
7 ـ أي في الاُمهات. منه رحمه الله.


(47)
ولذا رجع عما اختاره في المنتهى‏ أخيراً (1).
    و هل مبدأ حول السخال غناؤها بالرعي ، ليتحقّق السوم المشترط في إطلاق النصّ والفتوى‏ كما مضى ، أو نتاجها كما في المعتبرة وفيها الصحيح وغيره (2) ، أم التفصيل بارتضاعها من معلوفة فالأوّل أو سائمة فالثاني ، جمعاً بين الدليلين ؟ أقوال ، خيرها أوسطها ، وفاقاً للمحكيّ عن الشيخ والإسكافي ومن تبعهما (3) ، بل في المختلف والمسالك دعوى كونه مشهوراً (4) لأنّ ما دلّ عليه أقوى دلالةً ، فيخصّ به عموم الدليل الأوّل. ويندفع به الثالث لأن الجمع به أقرب منه وبالأُصول أوفق ، فتأمّل.
    واعلم : أنّ المعتبر حَوْل الحول على‏ العين وهي مستجمعة للشرائط المتقدمة ، فلو حال عليها وهي مسلوبة الشرائط أو بعضها كأن كانت دون النصاب لم تجب فيها.
    [ و ] حينئذٍ [ لو تمّم ما نقص عن النصاب في أثناء الحول استأنف حوله من حين تمامه ] وكذا لو حصلت باقي الشرائط بعد فقدها يستأنف لها الحول بعد حصولها.
    [ ولو ملك مالاً آخر كان له حول بانفراده ] إن كان نصاباً مستقلا بعد النصاب الأوّل ، وإلّا ففيه الأوجه الماضية ، والمختار منها ما عرفته.
    [ ولو ثلم النصاب ] فتلف بعضه ، أو اختلّ غيره من الشرائط (5)
1 ـ المنتهى 1 : 491.
2 ـ الوسائل 9 : 122 أبواب زكاة الانعام ب 9.
3 ـ الخلاف 2 : 22 ، النهاية : 183 ، وحكاه عن الإسكافي في المختلف : 175 ؛ وانظر الوسيلة : 126.
4 ـ المختلف : 175 ، والمسالك 1 : 52.
5 ـ كأن عووض نفسها مطلقاُ أو خرج عن الملك ونحو ذلك. منه رحمه الله.


(48)
[ قبل ] تمام [ الحول ] الشرعي أو اللغوي على‏ الاختلاف الماضي [ سقط الوجوب ] يعني لا تجب الزكاة بعد حوله عليه كذلك (1) مطلقاً [ وإن قصد ] بالثلم [ الفرار ] من الزكاة.
    [ ولو كان ] نحو الثلم [ بعد ] تمام [ الحول لم يسقط ].
    أمّا عدم السقوط حيث يكون الثلم بعد الحول فهو موضع نصّ ووفاق (2) ، وكذلك السقوط به قبله مع عدم قصد الفرار. وأمّا مع قصده فمحلّ خلاف ، وما اختاره الماتن هو الأشهر الأقوى‏ ، بل عليه عامّة متأخّري أصحابنا ، بل لا خلاف فيه أجده إذا كان الثلم بالنقص ، بل على‏ السقوط حينئذٍ الإجماع في الخلاف (3). ويظهر منه ومن غيره (4) اختصاص الخلاف بما إذا كان الثلم بتبديل النصاب أو بعضه بغيره ، من جنسه أو غيره.
    وسيأتي الكلام في هذه المسألة في بحث زكاة الذهب والفضة (5).
    ثم إنّ ما ذكرناه من الإجماع على‏ السقوط بالثلم قبل الحول لا بقصد الفرار إنّما هو فيما إذا كان بالنقص أو التبديل بغير الجنس ، وإلّا فقد خالف فيه الشيخ في المبسوط والخلاف (6) ، لكنّه شاذّ محجوج بالأصل ، وعموم ما دلّ على‏ أنّ ما لم يَحُل عليه الحول عند ربّه فلا شي‏ء عليه فيه (7) ، مع‏
1 ـ أي مثلوماً أو مختلّ الشرائط. منه رحمه الله.
2 ـ ادّعاه جماعة من الأصحاب كالحلّي في السرائر ( 1 : 442 ) والفاضل في جملة من كتبه ( كالمنتهى 1 : 495 ) وغيرهما. منه رحمه الله.
3 ـ الخلاف 2 : 56.
4 ـ الخلاف2 : 57 ؛ وانظر المنتهى 1 : 495.
5 ـ في ص : 73.
6 ـ المبسوط 1 : 206 ، الخلاف 2 : 57.
7 ـ الوسائل 9 : 121 أبواب زكاة الأنعام ب 8.


(49)
سلامتهما عما يصلح للمعارضة.

    الشرط [ الرابع : أن لا تكون عوامل ] بالنصّ (1) والإجماع. وما يخالفه (2) فشاذّ محمول على‏ الاستحباب أو التقية ، لكونه مذهب بعض العامة (3).
    والمعتبر فيه الصدق العرفي طول الحول ، ولا يقدح النادر الغير المنافي له ، كما مرّ في السوم.
    [ وأما اللواحق فمسائل ] أربع :
     [ الاولى‏ الشاة المأخوذة في الزكاة ] مطلقاً (4) [ أقلّها ] الذي لا يجزي دونه [ الجَذَع ] بفتحتين [ من الضأن ، أو الثنِيّ من المعز ] على‏ الأظهر الأشهر ، بل لا خلاف فيه يعرف ، ولا ينقل إلّا في الشرائع ، فقد حكى‏ فيه القول بكفاية ما يسمّى‏ شاة (5) ، والقائل به غير معروف ولا منقول ، فهو نادر ، بل على‏ خلافه الإجماع في الغنية والخلاف (6) وهو الحجة.
    مضافاً إلى‏ النبوية المنجبرة سنداً ودلالةً بالشهرة ، وفيها : « نُهينا أن نأخذ المراضع ، وأُمِرنا أن نأخذ الجَذَعة والثنِيّة » (7).
1 ـ الوسائل 9 : 118 أبواب زكاة الآنعام ب 7.
2 ـ الوسائل 9 : 121 أبواب زكاة الأنعام ب 7 ح 8.
3 ـ كما في مغني المحتاج 1 : 380.
4 ـ أي في الابِل والغنم.
5 ـ الشرائع 1 : 147.
6 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 568 الخلاف 2 : 24.
7 ـ سنن النسائي 5 : 29 ـ 30 ، المغني 2 : 474 وفيهما بتفاوت وقد نقلها في المعتبر 2 : 512.


(50)
    خلافاً لجماعة من أفاضل متأخّري المتأخرين (1) فوافقوا القائل المزبور لإطلاق النصوص وضعف الرواية والإجماع المنقول.
    وهما كما ترى : أمّا الثاني فلما مضى. وأمّا الأوّل فلعدم معلوميّة انصرافه إلى‏ خلاف ما عليه المشهور ، لو لم نقل بتعيّن انصرافه إليه ، بل فصاعداً لحكم التبادر وغيره مما دلّ على‏ تعلّق الزكاة في العين ووجوب حول الحول عليها ، فلا يكون بعد ذلك إلّا وجوب شاة يكون سنّها سنة لا أقلّ منها ، ولكن لما كان لا تجب هذه بخصوصها في الجملة إجماعاً فتوىً ونصّاً تعيّن ما يقرب منها سنّاً.
    واعلم : أنّه قد اختلف كلمة أهل اللغة في بيان سنّ الفريضتين على‏ أقوال في الأُولى‏ ، ومنها أنّها ما له سنة كاملة ، ومنها ستّة أشهر ، ومنها سبعة ، ومنها ثمانية ، ومنها عشرة.
    وعلى‏ قولين في الثانية ، أحدهما : أنَّها ما دخلت في السنّة الثالثة ، والثاني : ما دخلت في الثانية.
    لكن التفسير الأوّل في الفريضتين أشهر بينهم ، كما صرّح به في الثانية جماعة (2) ، وفي الاولى‏ صاحب مجمع البحرين ، بل ذكر أنّه الصحيح بين أصحابنا أيضاً (3).
    أقول : بل المستفاد من كلمات مَن وقفت على‏ كلماته في المسألة ، كالشيخ في المبسوط ، والفاضل في التحرير والمنتهى‏ والتذكرة ، والشهيد
1 ـ كالأردبيلي في مجمع الفائدة 4 : 77 ، والسبزواري في الذخيرة 1 : 436 ، وصاحب الحدائق 12 : 66.
2 ـ انظر الذخيرة : 437 ، الحدائق 12 : 68.
3 ـ مجمع البحرين 4 : 310.


(51)
الثاني في الروضة (1) ، وغيرهم (2) ، وهو المفهوم من الحلّي (3) : أنّها ما له سبعة ، وربما يُحكى عن بعضهم أنّها ستة (4) ، وظاهر هؤلاء التفسير الثاني في الفريضة الثانية ، وادّعى‏ الشهرة عليه جماعة (5).
    وما اختاروه ـ رضوان اللَّه عليهم ـ في المقامين أوفق بأصالة البراءة ، ولكن الأحوط ما عليه جمهور أهل اللغة تحصيلاً للبراءة اليقينية.
     [ ويجزي الذكر والأُنثى ] سواءً كان النصاب كلّه ذكراً أو أنثى‏ أو ملفقاً منهما ، إبلًا كان أو غنماً ، كان الذكر حيثما ما يدفع في نصاب الغنم الإناث بجميعها بقيمة واحدة منها أم لا ، وفاقاً لجماعة ومنهم : الشيخ في المبسوط والفاضل في جملة من كتبه (6) للإطلاقات.
    خلافاً للأوّل في الخلاف ، فعيّن الأُنثى‏ في الإناث من الغنم مطلقاً (7). وللثاني في المختلف ، ففصّل فيها فجوّز الذكر إذا كان بقيمة واحدة منها ، ومنع في غيره (8).
    ولعلّ وجهه تعلّق الزكاة بالعين ، فلا بُدّ في دفعها منها أو من غيرها مع اعتبار القيمة.
1 ـ المبسوط 1 : 199 ، التحرير : 62 المنتهى 1 : 491 ، التذكرة 1 : 213 ، الروضة 2 : 27.
2 ـ كالفاضل المقداد في التنقيح الرائع 1 : 305.
3 ـ السرائر 1 : 448.
4 ـ كما في مفاتيح الشرائع 1 : 353.
5 ـ الذخيرة : 666 ، مفاتيح الشرائع 1 : 353 ، الحدائق 17 : 90.
6 ـ المبسوط 1 : 200 ، والفاضل في المنتهى 1 : 83 ، والتحرير 1 : 59 ، والإرشاد 1 : 281.
7 ـ الخلاف 2 : 25.
8 ـ المختلف : 192.


(52)
    ولا يخلو عن مناقشة ، فإنّ الزكاة المتعلّقة بالعين ليس إلّا مقدار ما جعله الشارع فريضة لا بعض آحادها بخصوصها ، وإلّا لما تصوّر تعلّقها بالإبل ، بل ولا الغنم ، حيث يجوز دفع الجذعة عنها كما مرّ. وحينئذٍ فننقل الكلام في الفريضة ، وهي على‏ ما وصلت إلينا من الشرع من جهة الإطلاق الشاة بقول مطلق ، وهو يصدق على‏ الذكر والأُنثى لغةً وعرفاً.
    و بالجملة : فما ذكره الماتن وغيره أقوى ، وإن كان ما في المختلف أحوط وأولى.
    [ وبنت المخاض هي التي دخلت في ] السنة [ الثانية ، وبنت اللبون هي التي دخلت في الثالثة ، والحِقّة هي التي دخلت في الرابعة ، والجَذَعة ] من الإبل [ هي التي دخلت في الخامسة ] بلا خلاف في شي‏ء من ذلك أجده بين أصحابنا ، ولا بين أهل اللغة.
    [ والتبيع من البقر هو الذي يستكمل سنة ويدخل في الثانية ، والمسنّة هي التي تدخل في الثالثة ] بلا خلاف أجده ولا أحد نقله ، بل يفهم الإجماع عليه من جماعة (1) ، ولكن الموجود في اللغة في تفسير الأوّل أنّه ما كان في السنة الأُولى‏ (2) ، وهو أعم من استكمالها ، إلّا أنّه لا إشكال في اعتباره ، للإجماع عليه فتوىً ونصّاً ، ففي الصحيح : « في كل ثلاثين بقرة تبيع حولي » (3).
     [ ولا ] يجوز أن [ تؤخذ الربّى ] بضم الراء وتشديد الباء ، في‏
1 ـ كالعلّامة في المنتهى 1 : 487.
2 ـ كما في القاموس 3 : 8 ، والصحاح 3 : 1190.
3 ـ الكافي 3 : 534 / 1 ، التهذيب 4 : 24 / 57 ، الوسائل 9 : 114 أبواب زكاة الأنعام ب 4 ح 1.


(53)
مجمع البحرين : قيل : هي الشاة التي تربّى في البيت من الغنم لأجل اللبن ، وقيل : هي الشاة القريبة العهد بالولادة ، وقيل : هي الوالد ما بينها وبين خمسة عشر يوماً ، وقيل : ما بينها وبين عشرين يوماً ، وقيل : ما بينها وبين شهرين ، وخصّها بعضهم بالمعز ، وبعضهم بالضأن (4).
    أقول : والمشهور بين الأصحاب من هذه التفاسير هو ما عدا الأوّل ، وعلّلوا المنع ـ بعد اتّفاقهم عليه على‏ الظاهر ، المصرّح به في بعض العبائر (5) ـ تارةً بأنّ فيه إضراراً بولدها ، وأُخرى بأنّها مريضة كالنفساء (6).
    والأجود الاستدلال عليه بالموثّق : « ولا تؤخذ الأكولة » والأكولة الكبيرة من الشاة تكون في الغنم « ولا والدة ولا الكبش الفحل » (1).
    وقريب منه الصحيح : « ليس في الأكيلة ولا في الرُّبّى التي تربّي اثنين ولا شاة لبن ولا فَحل الغنم صدقة » (2) بناءً على‏ حمله على‏ عدم الأخذ لا عدم العدّ ، للإجماع على‏ عدّ الرُّبّى وشاة اللبن ، كما في المدارك (3) وغيره (4) ، لكن فيه تفسيرها بالتي تربّي اثنين ، أو تقييد المنع بها خاصّة ، ولا قائل بهما.
1 ـ مجمع البحرين 2 : 65.
2 ـ الحدائق 12 : 70.
3 ـ كما في المعتبر 2 : 514 ، والمنتهى 1 : 485 ، والمسالك 1 : 54.
4 ـ الكافي 3 : 535 / 3 ، الفقيه 2 : 14 / 38 ، الوسائل 9 : 125 أبواب زكاة الانعام ب 10 ح 2.
5 ـ الكافي 3 : 535 / 2 ، الفقيه 2 : 14 / 37 ، السرائر 3 : 606 ، الوسائل 9 : 124 أبواب زكاة الأنعام ب 10 ح 1.
6 ـ المدارك 5 : 107.
7 ـ مفاتيح الشرائع 1 : 200.


(54)
    وهل يجوز أخذها مع رضا المالك بدفعها كما عليه الفاضلان (1) ، أم لا كما عليه شيخنا الشهيد الثاني (2) ؟ قولان ، مبنيّان على‏ الاختلاف في تعليل المنع بما مرّ ، فمن علله بالأوّل قال بالأوّل ، ومن علله بالثاني قال بالثاني. ولا ريب أنّ هذا أحوط ، سيّما مع تأيّده بظاهر إطلاق النصّ ، لكن ربما يستفاد من المنتهى‏ عدم الخلاف في الأوّل (3).
    هذا إذا لم تكن المأخوذة منها جُمَع رُبّى ، وإلّا فلم يكلّف غيرها قولاً واحداً.
     [ ولا المريضة ] كيف كان [ ولا الهرمة ] المُسّنة عرفاً [ ولا ذات العوار ] مثلّثة العين ، مطلق العيب ، إجماعاً على‏ الظاهر المصرّح به في جملة من العبائر مستفيضاً (4) وللصحيح (5) وغيره (6) الواردين في الأخيرين ، ويلحق بهما الأوّل ، لعدم قائل بالفرق.
    وفيهما : « إلّا أن يشاء المصدّق » ولم أَرَ مفتياً بهذا الاستثناء صريحاً. هذا إذا وُجد في النصاب صحيحٌ مثلاً ، فلو كان كلّه مريضاً لم يكلّف شراء صحيحة إجماعاً ، كما يأتي إن شاء اللَّه تعالى (7).
     [ ولا تعدّ ] في النصاب [ الأكولة ] بفتح الهمزة ، وهي المعدّة
1 ـ المعتبر 2 : 514 ، التذكرة 1 : 215.
2 ـ الروضة 2 : 27.
3 ـ المنتهى 1 : 485.
4 ـ كالمدارك 5 : 104 ، والحدائق 12 : 65 ، والذخيرة : 437.
5 ـ التهذيب 4 : 25 / 59 ، الاستبصار 2 : 23 / 62 ، الوسائل 9 : 116 أبواب زكاة الأنعام ب 6 ح 2.
6 ـ التهذيب 4 : 20 / 52 ، الاستبصار 2 : 19 / 56 ، الوسائل 9 : 125 أبواب زكاة الأنعام ب 10 ح 3.
7 ـ في ص : 61.


(55)
للأكل [ ولا فحل الضراب ] وهو المحتاج إليه لضرب الماشية عادة ، فلو زاد كان كغيره في العدّ.
    والحكم بعدم عدّهما خيرة الماتن هنا ، والفاضل في الإرشاد (1) ، والشهيدين في اللمعة وشرحها (2) لظاهر الصحيح الماضي في الرُبّى.
    خلافاً للأكثر ، بل المشهور كما قيل (3) ، فيعدّان للإطلاقات ، مع قصور الصحيح عن مكافأتها ، لقصوره دلالةً بقوة احتمال كون المراد منه عدم الأخذ بقرينة ما مضى ، مضافاً إلى‏ التعبير به في الموثق (4) ، فيهما وفي الرُّبّى ، وهو متّفق عليه بيننا ، إلّا أن يرضى‏ المالك فيعدّان بلا خلاف ، كما في المنتهى‏ (5).
    واستقرب في البيان عدم عدّ الفحل (6) ، إلّا أن يكون كلها فحولاً أو معظمها ، فيعدّ ومستنده غير واضح.
    وخير هذه الأقوال أوسطها ، مع كونه أحوط وأولى.

     [ الثانية : من وجب عليه سنّ من الإبل وليست عنده وعنده أعلى‏ منها بسنّ ] واحد [ دفعها وأخذ شاتين أو عشرين درهماً ، ولو كان عنده الأدون ] منها بسنّ [ دفعها و ] دفع [ معها شاتين أو عشرين درهماً ] بلا خلاف أجده إلّا من الصدوقين (7) ، فجعلا التفاوت بين بنت المخاض وبنت‏
1 ـ الإرشاد 1 : 281.
2 ـ الروضة 2 : 27.
3 ـ الحدائق 12 : 69.
4 ـ المتقدم في ص : 53.
5 ـ المنتهى 1 : 485.
6 ـ البيان : 292.
7 ـ نقله عن والد الصدوق في المختلف : 176 ، الصدوق في المقنع : 49.


(56)
اللبون شاة يأخذها المصدّق أو يدفعها للرضوي (1). وهو نادر ، بل على‏ خلافه الإجماع في جملة من العبائر ، كالمنتهى‏ والتذكرة وغيرهما من كتب الجماعة (2) ، مضافاً إلى‏ المعتبرة ، وفيها الصحيح المروي في الفقيه (3) وغيره (4).
    وإطلاق النصّ والفتوى‏ يقتضي عدم الفرق بين ما لو كانت قيمة الواجب السوقية مساوية لقيمة المدفوع على‏ الوجه المذكور ، أم زائدة عليها ، أم ناقصة ، عنها.
    وهو مشكل في صورة استيعاب قيمة المأخوذ من المصدّق لقيمة المدفوع إليه لاختصاص الإطلاق بحكم التبادر وغيره بغيرها. مع أنّ العمل به فيها يوجب عدم وجوب الزكاة ، لأنّ المؤدّي لها على‏ هذا الوجه كأنّه لم يؤدّ شيئاً ، فعدم الإجزاء فيها في غاية القوّة ، كما عليه جماعة (5) حاكين له عن التذكرة.
    واحترز بالإبل والسنّ الواحد عمّا عدا أسنان الإبل والسنّ والمتعدّد لعدم الإجزاء ، ووجوب القيمة السوقية فيهما.
    بلا خلاف في الأوّل كما في التذكرة وغيرها (6) اقتصاراً فيما خالف الأصل ـ الدالّ على‏ لزوم الفريضة بعينها مع الإمكان وبدلها مع العدم وهو القيمة السوقية كائنة ما كانت ـ على‏ مورد النصّ والفتوى‏ ، وهو سنّ الإبل‏
1 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 196 المستدرك 7 : 59 أبواب زكاة الأنعام ب 2 ح 3.
2 ـ المنتهى 1 : 483 ، التذكرة 1 : 208 ؛ وانظر مجمع الفائدة 4 : 83 ، المدارك 5 : 83 ، مفاتيح الشرائع 1 : 201.
3 ـ الفقيه 2 : 12 / 33 ، الوسائل 9 : 127 أبواب زكاة الأنعام ب 13 ح 1.
4 ـ الكافي 3 : 539 / 7 ، التهذيب 4 : 95 / 273 ، الوسائل 9 : 128 أبواب زكاة الأنعام ب 13 ح 2.
5 ـ منهم : صاحبا المدارك 5 : 84 ، والحدائق 12 : 54.
6 ـ التذكرة 1 : 208 ، وانظر مفاتيح الشرائع 1 : 201.


(57)
خاصّة.
    وعليه أكثر المتأخّرين تبعاً للحلّي (1) في الثاني لعين الدليل الماضي.
    خلافاً للمبسوط والمختلف والحلبي (2) ، فيجزي لأمر اعتباري لا يكاد يفرّق بينه وبين القياس الخفيّ ، وإن زعم كونه من باب تنقيح المناط القطعي. ونحوه في الضعف القول بالاكتفاء بالجبر بشاة وعشرة دراهم ، كما عن التذكرة (3) وشيخنا الشهيد الثاني (4).
    و بالجملة : حيث كان الحكم في المسألة مخالفاً للأُصول لزم الاقتصار فيه على‏ مورد الفتاوى‏ والنصوص.
     [ ويجزي ابن اللبون الذكر عن بنت المخاض مع عدمها من غير جبر ] مطلقاً (5) ، بغير خلاف ظاهر ، مصرّح به في بعض العبائر (6) ، وعن التذكرة الإجماع عليه (7) للنصوص المستفيضة وفيها الصحاح وغيرها : « إن لم يكن فيها بنت مخاض فابن لبون ذكر » (8).
    وهل يجزي عنها مع ووجودها ؟ الأظهر لا اقتصاراً فيما خالف الأصل على‏ مورد النصّ والفتوى‏ ، وهو الإجزاء بشرط عدمها ، مع أنّه قضيّة الشرط فيها.
1 ـ السرائر 1 : 435 ، المعتبر 2 : 516 ، المدارك 5 : 85 ، الذخيرة : 438.
2 ـ المبسوط 1 : 195 ، المختلف : 177 ، والحلبي في الكافي : 167.
3 ـ التذكرة 1 : 208.
4 ـ كما في المسالك 1 : 53.
5 ـ أي : واِن أمكنه شراؤها.
6 ـ مفاتيح الشرائع 1 : 200.
7 ـ التذكرة 1 : 208.
8 ـ الوسائل 9 : 127 أبواب زكاة الانعام ب 13.


(58)
    مع أنّا لم نقف على‏ مصرّح الإجزاء مطلقاً عدا الفاضل المقداد في التنقيح ، فقال : الفتوى‏ على‏ الإجزاء مطلقاً اختياراً واضطراراً ، لكونه أكبر منها سنّاً (1).
    وفيه : أن الأكبرية سنّاً لا دليل على‏ اعتبارها ، وإنّما المعتبر الفريضة الشرعية أو ما يقوم مقامها في الشريعة ، وهو هنا ابن اللبون مع فقدها خاصّة ، أو مع وجودها أيضاً إن ساوى‏ قيمته قيمتها ، أو زادت عليها وجوّزنا إخراج القيمة مطلقاً والأوّل خارج عن مفروضنا ، والثاني أخصّ من المدّعى‏ (2).
    ولو عدمهما معاً تخيّر في شراء أيّهما شاء ، كما عليه الشيخ في الخلاف والفاضلان (3) ، معربين عن كونه موضع وفاق بين علمائنا وأكثر العامة العمياء.
    خلافاً لبعضهم (4) ، فعيّن شراء بنت مخاض ، وربما يظهر من بعضنا وقوع الخلاف فيه بيننا (5).
    ولا ريب أن شراءها أحوط وأولى ، وإن كان التخيير أظهر وأولى فتوىً ، لما مضى ، ولأنّه بشراء ابن اللبون يكون له واجداً فيكون عنها مجزياً.
    [ ويجوز أن يدفع عما يجب في النصاب ] مطلقاً [ من النعم الثلاثة ] كان [ أو غيرها ] من النقدين والغلّات [ من غير الجنس بالقيمة
1 ـ التنقيح الرائع 1 : 306.
2 ـ لأنّ المدّعى جواز اخراج ابن اللبون الذكر عن الفريضة مطلقاً ولو كان قيمته أدون من قيمتها ومنعنا عن اخراج القيمة في الأنعام. منه رحمه الله.
3 ـ الخلاف 2 : 11 ، الفاضلان في الشرائع 1 : 146 ، والمنتهى 1 : 484.
4 ـ المغني لابن قدامة 2 : 442 ، بداية المجتهد 1 : 261.
5 ـ كالشهيد الثاني في المسالك 1 : 53.


(59)
السوقية ].
    بلا خلاف أجده فيما عدا النعم ، بل عليه الإجماع في عبائر جماعة ، ومنهم الفاضل في التذكرة (1) للصحيحين (2) وغيرهما (3).
    وعلى‏ الأقوى‏ فيها أيضاً ، وهو الأشهر بين أصحابنا ، حتى أنّ الشيخ ـ رحمه الله ـ في الخلاف حكى‏ عليه إجماعنا (4) وهو الحجة المعتضدة بالشهرة العظيمة القريبة من الإجماع ، وفتوى من لا يرى‏ العمل إلّا بالأدلّة القطعيّة ، كالمرتضى‏ والحلي (5) مدّعياً في ظاهر كلامه الإجماع عليه أيضاً وبما استدلّ عليه جماعة من أنّ المقصود من الزكاة دفع الخلّة وسدّ الحاجة ، وهو يحصل بالقيمة كما يحصل بالفريضة ، وأنّ الزكاة إنّما شرّعت جبراً للفقراء ومعونةً لهم ، وربما كانت القيمة أنفع في بعض الأزمنة ، فكان التسويغ مقتضى‏ الحكمية (6).
    هذا مضافاً إلى‏ عموم بعض النصوص ، كالمروي في قرب الإسناد : عيال المسلمين أُعطيهم من الزكاة ، فأشتري لهم منها ثياباً وطعاماً ، وأرى أنّ ذلك خير لهم ، فقال : « لا بأس » (7).
1 ـ التذكرة 1 : 225.
2 ـ الاُوّل : الكافي 3 : 559 / 1 ، الفقيه 2 : 16 / 52 ، التهذيب 4 : 95 / 271 ، الوسائل 9 : 167 أبواب زكاة الذهب والفضة ب 14 ح 1.
    الثاني الكافي 3 : 559 / 2 ، الفقيه 2 : 16 / 51 ، التهذيب 4 : 95 / 272 ، قرب الإسناد : 229 / 896 أبواب زكاة الذهب والفضة ب 14.
3 ـ الوسائل 9 : 167 أبواب زكاة الذهب والفضة ب 14.
4 ـ الخلاف 2 : 50.
5 ـ الانتصار : 81 ، السرائر 1 : 446.
6 ـ الاستدلال موجود في التذكرة 1 : 225 ، والمنتهى 1 : 504.
7 ـ قرب الإسناد : 49 / 159 ، الوسائل 9 : 168 أبواب زكاة الذهب والفضة ب 14 ح 4.


(60)
    والزكاة فيه مطلق يشمل المخرَجة من الأنعام وغيرها ، وقد سوّغ عليه السلام إخراجها بالقيمة من غير استفصال ، وهو يفيد العموم ، كما مرّ في غير مقام ، وقصور السند منجبر بما مرّ ، مع أنّه موثّق ، وهو حجّة على‏ الأظهر.
    خلافاً للمفيد ، فعيّن الفريضة إلّا مع العجز عنها فالقيمة (1) للأُصول المتقدمة ، وهي بما قدّمناه من الأدلّة مخصّصة ، هذا.
     [ و ] لا ريب أن إخراج [ الجنس أفضل ] مطلقاً ، كما صرّح به الحلّي وغيره (2) لظاهر بعض الأخبار : قلت : أيشتري الرجل من الزكاة الثياب والسويق والدقيق والبطيخ والعنب فيقسّمه ؟ قال : « لا يعطيهم إلّا الدراهم ، كما أَمَرَ اللَّه تعالى » (3).
    وفي قوله : « كما أمَرَ اللَّه تعالى » إشعار بأنّ الزكاة المسؤول عن جواز إخراج قيمتها إنّما هو الدراهم ، وإلّا فليس المأمور به من اللَّه سبحانه في كل جنس إلّا ما يجانسه لا الدراهم مطلقاً ، وعليه فقوله عليه السلام : « لا يعطيهم إلّا الدراهم » وارد على‏ زكاتها ، ويكون قوله : « كما أمر اللَّه تعالى » مشعراً بل ظاهراً في عموم المنع وثبوته مطلقاً ، وظاهره وإن أفاد المنع والحرمة لكنّه محمول على‏ الكراهة جمعاً بين الأدلّة.
    [ ويتأكّد ] الإخراج من الجنس [ في النعم ] خروجاً عن شبهة الخلاف فيه فتوىً ونصّاً ، وهي التي أوجبت التأكّد فيها ، ولولاها لكان سبيل النعم في مرتبة الفضيلة سبيل غيرها.
1 ـ المقنعة : 253.
2 ـ السرائر 1 : 451 ؛ وانظر القواعد 1 : 54 ، والحدائق 12 : 139.
3 ـ الكافي 3 : 559 / 3 ، الوسائل 9 : 168 أبواب زكاة الذهب والفضة ب 14 ح 3.
رياض المسائل الجزء الخامس ::: فهرس