|
|||
(91)
الماتن (1) ، وفي المنتهى أنّه قول العلماء كافة (2) والحجّة عليه واضحة.
فـ [ لا ] تجب في [ ما يبتاع حبّا ] مثلاً [ أو يستوهب ] كذلك ، بل تجب على البائع والواهب مع الشرط ، وإلّا فعلى من جمعه. [ وما يُسقى سَيْحاً ] أي بالماء الجاري على وجه الأرض ، سواء كان قبل الزرع كالنيل أم بعده [ أو عِذياً ] بكسر العين ، وهو أن يُسقى بالمطر [ أو بَعْلاً ] وهو شربه بعروقه القريبة من الماء [ ففيه العُشر ]. [ وما يُسقى بالنواضح ] وهو جمع ناضحة وهو البعير يستسقى عليه [ والدوالي ] جمع دالية ، وهي الناعورة التي يديرها البقر [ ففيه نصف العُشر ]. بلا خلاف في الحكمين بين العلماء كما في التذكرة (3) ، وفي المعتبر والمنتهى أنّهما مذهبهم كافّة (4) والصحاح وغيرها بهما مع ذلك مستفيضة (5). ويستفاد منها جملة أنّ الضابط في موضع الحكمين عدم توقّف ترقية الماء إلى الأرض على آلة من دولاب ونحوه وتوقّفه على ذلك ، فلا عبرة بغير ذلك من الأعمال كحفر السواقي والأنهار وإن كثرت مؤُنتها ، لعدم اعتبار الشارع إيّاه. وهنا سؤال وجواب مشهوران ـ يأتيان ـ (6) مبنيان على ما هو المشهور 1 ـ المعتبر 2 : 538. 2 ـ المنتهى 1 : 497. 3 ـ التذكرة 1 : 219. 4 ـ المعتبر 2 : 539 ، المنتهى 1 : 498. 5 ـ الوسائل 9 : 175 أبواب زكاة الغلاّت ب 1. 6 ـ في ص 98. (92)
من عدم وجوب الزكاة في الغلّات إلّا بعد إخراج المؤمن ، وأما على غيره فالسؤال ساقط من أصله.
[ ولو اجتمع الأمران ] فسُقي بالسيْح مثلاً تارة وبمقابله اخرى [ حكم للأغلب ] منهما ، فالعُشر إن كان هو الأوّل ، ونصفه إن كان الثاني ، بالنصّ الآتي ، والإجماع منّا ومن أكثر العامّة كما صرّح به جماعة (1). وفي اعتبار الأغلبيّة بالأكثر عدداً كما هو المتبادر من نحو العبارة ، أو زماناً كما ربما يستفاد من ظاهر إطلاق الرواية بل عمومها ، أو نفعاً كما استقر به العلّامة وولده (2) ، أوجه وأقوال. ولعلّ أوجهها الأوّل ، سيّما وأنّ المؤونة إنّما تكثر بسبب ذلك ، ولعلّها الحكمة في اختلاف الواجب. ويمكن أن يرجع إليه الرواية بتقييد إطلاقها بما هو الغالب في الزمان الأكثر من احتياجه في السقي إلى عدد أكثر ، فتدبّر هذا ، والاحتياط لا يترك. [ ولو تساويا أُخذ من نصفه العُشر ومن نصفه نصف العُشر ] إجماعاً كما صرّح به جماعة (3) ، وفي المعتبر والمنتهى (4) أنّه إجماع العلماء وللنصّ المعتبر المنجبر بالعمل هنا وفيما مرّ : « وفيما سَقَت السماء والأنهار أو كان بَعْلًا العُشر ، وأمّا ما سَقَت السواقي والدوالي فنصف العشر » قلت له : فالأرض تكون عندنا فتسقى بالدوالي ثم يزيد الماء فتُسقى سَيْحاً ، قال : « إنّ ذا ليكون عندكم كذلك ؟ » قلت : نعم ، قال : « النصف والنصف ، نصف 1 ـ كصاحب المدارك 5 : 148 ، والسبزواري في الذخيرة : 443. 2 ـ التذكرة 1 : 219 ، القواعد : 55 ، الإيضاح 1 : 183. 3 ـ منهم : الشهيد في الخلاف 3 : 67 ، والفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 201 ، وصاحب الحدائق 12 : 122. 4 ـ المعتبر 2 : 539 ، المنتهى 1 : 498. (93)
بنصف العُشر ونصف بالعُشر » فقلت : الأرض تُسقى بالدوالي ثم يزيد الماء فتسقى السقية والسقيتين سَيْحاً ، قال : « كم تُسقى السقية والسقيتين سيحاً ؟ » قلت : في ثلاثين ليلة أو أربعين ليلة وقد مضت قبل ذلك في الأرض ستّة أشهر سبعة أشهر ، قال : « نصف العشر » (1).
واعتبار التساوي بالمدة والعدد ظاهر ، وأمّا بالنفع والنموّ فيرجع فيه إلى أهل الخبرة. وإن اشتبه الحال وأشكل الأغلب ففي وجوب الأقلّ للأصل ، أو العُشر للاحتياط ، أو الإلحاق بالتساوي لتحقّق تأثيرهما والأصل عدم التفاضل ، أوجه ، أحوطها الوسط إن لم يكن أجود. [ و ] إنّما تجب [ الزكاة بعد ] إخراج [ المؤونة ] وحصّة السلطان ، بلا خلاف في الثاني أجده ، بل بالإجماع عليه صرّح في الخلاف والمعتبر والمنتهى (2) ، وعزاه فيهما إلى أكثر الجمهور أيضاً ، وللنصوص. منها الصحيح : « كل أرضٍ دفعها إليك السلطان فتاجرته فيها ، فعليك فيما أخرج اللَّه تعالى منها الذي قاطعك عليه ، وليس على جميع ما أخرج اللَّه منها العُشر ، إنّما عليك العُشر فيما حصل في يدك بعد مقاسمته لك » (3). والصحيح : ذكرت لأبي الحسن الرضا عليه السلام الخراج وما سار به أهل بيته ، فقال : « ما أُخذ بالسيف فذاك إلى الإمام يقبّله الذي يرى ، وقد قبّل 1 ـ الكافي 3 : 514 / 6 ، التهذيب 4 : 16 / 41 ، الاستبصار 2 : 15 / 44 ، الوسائل 9 : 187 أبواب زكاة الغلاّت ب 6 ح 1. 2 ـ الخلاف 2 : 67 ، المعتبر 2 : 541 ، المنتهى 1 : 500. 3 ـ الكافي 3 : 513 / 4 ، التهذيب 4 : 36 / 93 ، الاستبصار 2 : 25 / 70 ، الوسائل 9 : 188 أبواب زكاة الغلاّت ب 7 ح 1. (94)
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله خيبر وعليهم في حصصهم العُشر ونصف العُشر » (1) ونحوه الخبر (2).
وعلى الأظهر في الأوّل أيضاً ، وفاقاً للأكثر على الظاهر ، المصرّح به في عبائر جمع (3) ، وفي المختلف وغيره أنه المشهور (4) للرضوي المعتبر في نفسه المعتضد زيادةً على الشهرة بما يأتي ، وفيه : « وليس في الحنطة والشعير شيء إلى أن يبلغا خمسة أوساق ، والوسق ستّون صاعاً ، والصاع أربعة أمداد ، والمدّ مائتان واثنان وتسعون درهماً ونصف ، فإذا بلغ ذلك وحصل بعد خراج السلطان ومؤونة العمارة والقرية أُخرج منه العُشر إن كان سقي بماء المطر أو كان بَعْلاً ، وإن كان سقي بالدلاء ففيه نصف العشر ، وفي التمر والزبيب مثل ما في الحنطة والشعير » (5). والمراد بمؤونة العمارة والقرية مؤونة الزراعة قطعاً ، وبه صرّح جدّي المجلسي فيما حكاه عنه خالي العلّامة دام ظلّه (6) ـ ، معترفاً بصحّته. وللصحيح : « يترك للحارس يكون في الحائط العِذْق والعِذقان والثلاثة لحفظه إيّاه » (7). 1 ـ التهذيب 4 : 119 / 342 ، الوسائل 9 : 189 أبواب زكاة الغلاّت ب 7 ح 3. 2 ـ الكافي 3 : 512 / 2 ، التهذيب 4 : 38 / 96 ، الاستبصار 2 : 25 / 73 ، الوسائل 9 : 188 أبواب زكاة الغلاّت ب 7 ح 2. 3 ـ كالعلّامة في المنتهى 1 : 500 ، والأردبيلي في مجمع الفائدة 4 : 108 ، والفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 190. 4 ـ المختلف : 179 ، وحكى ادّعاء الشهرة صاحب المدارك 5 : 142 عن الشهيد الثاني في فوائد القواعد. 5 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 197 ، المستدرك 7 : 87 أبواب زكاة الغلاّت ب 1 ح 1. 6 ـ الوحيد البهبهاني في شرح المفاتيح ( مخطوط ). 7 ـ الكافي 3 : 565 / 2 ، الوسائل 9 : 191 أبواب زكاة الغلاّت ب 8 ح 4. (95)
وأخصّيتّه من المدّعى مجبورة بعموم التعليل ، مع ضرورة عدم القائل بالفرق بين مؤونة الحارس وغيرها ، كما صرّح به في المنتهى (1).
ولأنّ النصاب مشترك بين المالك والفقراء فلا يختصّ أحدهم بالخسارة عليه ، كغيره من الأموال المشتركة. ولأنّ الزكاة في الغلّات إنّما تجب في النماء والفائدة ، وهو لا يتناول المؤونة. وما يقال على أوّل هذين الدليلين أوّلاً : بأنّ الشركة هنا ليس على حدّ سائر الأموال المشتركة لتكون الخسارة على الجميع ، ولهذا جاز للمالك الإخراج من غير النصاب والتصرف فيه بمجرّد الضمان. وثانياً : بأنّه إنّما يقتضي استثناء المؤونة المتأخّرة عن تعلّق الوجوب بالنصاب ، والمدّعى أعم من ذلك. وعلى ثانيهما : بأنّ متعلق الزكاة ما يخرج من الأرض وهو شامل لما قابل المؤونة وغيرها. فضعيف بأنّ مقتضى الأصل في الشركة بمقتضى القاعدة المقررة المتّفق عليها فتوىً وروايةً هو الشركة في النفع والخسارة وغيرها من الأحكام المترتبة على الشركة ، وخروج بعضها مما ذكره هنا بدليل من خارج لا يقتضي انفساخ قاعدة أصل الشركة ، وإن هي إلّا كالعامّ المخصّص في الباقي حجة. مع أنّ الظاهر أنّ الوجه في خروج الخارج من نحو جواز التصرّف والإخراج من غير النصاب إنّما هو التخفيف على المالك والسهولة ، وهو يقتضي استثناء المؤونة ، فإنّ في عدمه عسراً وحرجاً عظيماً منفيّاً في الشريعة. 1 ـ المنتهى 1 : 500. (96)
والأخصّية مدفوعة بعدم قائل بالفرق بين المؤونة المتأخّرة عن تعلّق الوجوب والمتقدمة عليه.
ولو عورض بالمثل وهو اقتضاء الإطلاقات بوجوب العشر أو نصفه فيما خرج عدمَ استثناء المؤونة المتقدمة ، فكذا المتأخّرة لعدم القائل بالفرق. لاُجيب عنها بأنّها من باب تعارض العموم والخصوص المطلق ، والخاصّ مقدم بالاتفاق. ولو سلّم كونها من باب التعارض من وجه ، قلنا : لزم الرجوع في مثله إلى الترجيح ، وهو هنا مع ما دلّ على الاستثناء لمطابقته لمقتضى الأصل ، فتدبّر. ودعوى تعلّق الزكاة بمجموع ما يخرج من الأرض حتى ما قابل البذر ممنوعة ، كيف لا ؟! وإيجاب الزكاة فيه يستلزم تكرّر وجوب الزكاة في الغلّات ، وقد أجمع المسلمون على خلافه ، كما صرّح به في المنتهى (1) وغيره وحيث ثبت استثناء البذر ثبت غره لعدم القائل بالفرق ، فتأمّل. خلافاً للخلاف والجامع (2) مدّعيين عليه الإجماع إلّا من عطاء ، على ما حكاه عنهما جماعة من الأصحاب (3) ، ولم أَرَه في الخلاف ، بل فيه مجرد الفتوى ووافقتهما جماعة من متأخّري متأخّري الأصحاب (4) للعمومات المتقدم إليها الإشارة ، قيل : وأظهر منها الصحيحة الأُولى المستثنية لحصّة السلطان ، إذ المقام فيها مقام البيان واستثناء ما عسى أن 1 ـ المنتهى 1 : 500. 2 ـ الخلاف 2 : 66 ، الجامع للشرائع : 134. 3 ـ كالسبزواري في الذخيرة : 442. 4 ـ منهم صاحب المدارك 5 : 141 ، والسبزواري في الذخيرة : 442. (97)
يتوهم اندراجه في العموم (1).
وفي الجميع نظر : أمّا الإجماع فلوهنه بمصير معظم الأصحاب على خلافه ، ومنهم : المفيد ، والشيخ في النهاية والاستبصار ، والصدوق ، والسيّدان في الجمل والغنية ، والحلّي في السرائر (2) ، فكيف يمكن الاعتماد على مثله ، سيّما وأن يكون دعواه بلفظ إجماع المسلمين. ولا يبعد أن يكون المراد بوجوب المؤونة على ربّ المال في عبارة ناقله غير المعنى المعروف في البحث وهو اختصاصه بخسارتها دون الفقراء ، بل المراد تعلّق الوجوب بإخراجها أوّلاً به دون الفقراء ، وهو لا ينافي احتسابها عليهم بمقدار حصّتهم بعد إخراجها ، كذا ذكره بعض الأصحاب (3) جامعاً به بين عبارتي المبسوط (4) ـ على ما وجدهما فيه ـ دالّة إحداهما على ما في النهاية والأُخرى على ما في الخلاف. وأمّا العمومات فيجب تخصيصها بما مرّ ، إن لم يناقش في دلالتها بورودها لبيان حكم آخر وهو التفصيل بين ما يجب فيه العشر ونصفه ، ولذا لم تُستثنَ فيها جملة أو أكثرها ما وقع الاتفاق على استثنائه (5) ، هذا. ودعوى أظهريّة الصحيحة دلالةً (6) ممنوعة ، فإنّها وإن اتّجهت من الوجه 1 ـ المدارك 5 : 141. 2 ـ المقنعة : 236. النهاية : 178 ، الاستبصار 2 : 25 ، الفقيه 2 : 18 ، المقنع : 48 ، جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى 3 ) : 78 ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 567 ، السرائر 1 : 447. 3 ـ الوحيد البهبهاني في شرح المفاتيح ( مخطوط ). 4 ـ وهو العذق والعذقان للحارس ، وحصّة السلطان. منه رحمه الله. 5 ـ كما في المدارك 5 : 143. (98)
الذي ذكره ، إلّا أنّها تنعكس دلالةً بملاحظة قوله عليه السلام : « إنّما عليك العشر فيما حصل في يدك بعد مقاسمته لك » (1) بناءً على أنّ مقاسمة السلطان لا تكون عادة إلّا بعد إخراج المؤن من نفس الزرع كما قيل (2) ، وعليه فالحاصل في يده حينئذٍ ليس إلّا ما عدا المؤن ولعلّه لذا جعلها الشيخ في الاستبصار وغيره (3) دليلاً على المختار ، وهو غير بعيد.
وربما يستشهد لهذا القول بالنصوص الدالّة على لزوم العُشر فيما المؤونة فيه أقلّ ، ونصفه فيما المؤونة فيه أكثر (4) ولعلّه بناءً على السؤال المشهور من أنّ الزكاة إذا كانت لا تجب إلّا بعد إخراج المؤن فأيّ فارق بين ما كثرت مؤونته وقلّت حتى وجب في أحدهما العُشر وفي الآخر نصفه ؟ وفيه نظر ، لإمكان الاستشهاد بها أيضاً للقول الآخر بتقريب أنّ المؤونة لو كانت على ربّ المال لما توجّه تنصيف العشر فيما كثرت فيه. والجواب بخروج هذه المؤونة بالنصّ معارض بالمثل. وهذا هو الجواب المشهور الموعود به وبسؤاله فيما سبق. و بالجملة : الحقّ أنّه لا شهادة لهذه النصوص على شيء من القولين لكونها متّفقاً عليها بين الفريقين مخصَّصاً بها عموم أدلّة الطرفين. قال شيخنا في الروضة : والمراد بالمؤونة ما يغرمه المالك على الغلّة من ابتداء العمل لأجلها وإن تقدّم على عامها إلى تمام التصفية ويبس 1 ـ راجع ص : 93. 2 ـ الظاهر هو الوحيد البهبهاني في شرح المفاتيح ( مخطوط ). 3 ـ الاستبصار 2 : 25 ؛ وانظر التهذيب 4 : 36. 4 ـ الوسائل 9 : 182 أبواب زكاة الغلاّت ب 4. (99)
الثمرة ، ومنها البذر ، ولو اشتراه اعتبر المثل أو القيمة. ويعتبر النصاب بعد ما تقدّم منها على تعلّق الوجوب ، وما تأخّر عنه يستثنى ولو من نفسه ، ويزكّي الباقي وإن قلّ ، وحصّة السلطان كالثاني. ولو اشترى الزرع أو الثمرة فالثمن من المؤونة ، ولو اشتراها مع الأصل وزّع الثمن عليهما كما توزّع المؤونة على الزكوي وغيره لو جمعهما ، ويعتبر ما غرمه بعده ويسقط ما قبله ، كما يسقط اعتبار المتبرّع وإن كان غلامه أو ولده ، انتهى (1).
وهو حسن ، إلّا أن ما اختاره في اعتبار استثناء المؤونة من التفصيل بين ما تقدّم منها على تعلّق الوجوب فتُستثنى من نفس الغلّة حتى لو لم يبق بعده نصاب لم يجب زكاة ، وما تأخّر عنه فتُستثنى من النصاب إن بلغته الغلّة ولو مع المؤونة فتجب زكاة ما بقي منه بعد استثنائها وإن قلّ خلاف المشهور بين الأصحاب ، وإن اختلفوا في اعتباره ، فبين من جعله بعد النصاب مطلقاً (2) كالفاضل في التذكرة فيما حكاه عنه في المدارك واختاره (3) ، وبين من عكس كهو في المنتهى والتحرير ، والماتن في المعتبر في الخراج ، والحلّي وابن زهرة وغيرهم (4) ، ولعلّه المشهور ، ودلّ عليه الرضوي المتقدّم (5) الذي هو الأصل في المسألة. ولعلّه الأظهر وإن كان الأحوط ما في التذكرة ثم ما في الروضة ، وأحوط من الكل عدم استثناء المؤونة بالكليّة خروجاً عن شبهة الخلاف 1 ـ الروضة 2 : 36. 2 ـ أي سواه كانت المؤونة متقدمة على تعلّق الوجوب أو متأخرة عنه. منه رحمه الله. 3 ـ التذكرة 1 : 220 ، المدارك 5 : 145. 4 ـ المنتهى 1 : 500 ، التحرير : 63 ، المعتبر 2 : 540 ، السرائر 1 : 434 ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 567 ؛ وانظر المهذب 1 : 166 ، والحدائق 12 : 130. 5 ـ في ص : 94. (100)
ومن حذا حذوه.
اعلم : أنّه [ يشترط في مال التجارة الحول ] (1) السابق. [ وأن يطلب برأس المال أو الزيادة في الحول كلّه ] فلو طلب المتاع بأنقص منه وإن قلّ في بعض الحول فلا زكاة وإن كان ثمنه أضعاف النصاب ، وإذا طلبه به فصاعداً استأنف الحول. [ وأن تكون قيمته ] تبلغ [ نصاباً ] (2) لأحد النقدين إن كان أصله عروضاً ، وإلّا فنصاب أصله وإن نقص بالآخر. [ فيخرج الزكاة حينئذٍ ] أي عند اجتماع هذه الشروط الثلاثة [ عن قيمته ] ربع العُشر [ دراهم أو دنانير ]. ولا خلاف في شيء من هذه الشروط أجده ، بل على ما عدا الثاني منها أنّه قول فقهاء الإسلام في المعتبر والمنتهى ، وعليه فيهما أنّه مذهب علمائنا أجمع (3) ، وفيهما أيضاً وعن التذكرة أنّ اعتبار بقاء النصاب طول الحول مذهبهم أيضاً (4) ، وبه صرّح في المدارك بزيادة قوله : وأكثر العامة (5). وهذه العبارات كلها ظاهرة في الإجماع بل كالصريحة فيه ، وبه صرّح 1 ـ أي أحد عشر شهراً مع الدخول في الثاني عشر. منه رحمه الله. 2 ـ في المختصر المطبوع زيادة : فصاعداُ. 3 ـ المعتبر 2 : 544 ، 550 ، المنتهى 1 : 507 ، 508. 4 ـ المعتبر 2 : 550 ، المنتهى 1 : 507 ، التذكرة 1 : 227. 5 ـ المدارك 5 : 167. (101)
أيضاً في المدارك وغيره في الأوّل (1) ، والفاضل في النهاية في الأخير على ما حكاه عنه في الذخيرة (2) وهو كافٍ في الحجة ، مضافاً إلى الأصل والمعتبرة المستفيضة في الأوّلين.
ففي الصحيح : عن رجل اشترى متاعاً فكسد عليه ، وقد زكّى ماله قبل أن يشتري المتاع ، متى يزكّيه ؟ فقال : « إن كان أمسك متاعه يبتغي به رأس ماله فليس عليه زكاة ، وإن كان حبسه بعد ما يجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما أمسكه بعد رأس المال » قال : وسألته عن الرجل توضع عنده الأموال يعمل بها ، فقال : « إذا حلّ عليه الحول فليزكّها » (3). وفيه : « إن كنت تربح فيه شيئاً أو تجد رأس مالك فعليك فيه زكاة ، وإن كنت إنّما تربّص به لأنك لا تجد إلّا وضيعة فليس عليه زكاة حتى يصير ذهباً أو فضّة ، فإذا صار ذهباً أو فضّة تزكيه للسنة التي اتّجر فيها » (4). وما فيه وفي الموثق (5) ـ من الأمر بتزكيته لسنة واحدة مع النقيصة إذا مضت عليه سنتان أو سنون عديدة ـ فمحمول على الاستحباب ، كما صرّح به جماعة (6) ، جمعاً بين الأدلّة مع قصورهما سنداً بالإضمار في الأوّل ، وعدم إيمان بعض رواة الثاني ، فلا يقاومان إطلاق ما دلّ على نفي الزكاة مع 1 ـ المدارك 5 : 167 ؛ وانظر الذخيرة : 449 ، والحدائق 12 : 146. 2 ـ الذخيرة : 449 ، وهو في نهاية الاحكام 2 : 346. 3 ـ الكافي 3 : 528 / 2 ، التهذيب 4 : 68 / 186 ، الاستبصار 2 : 10 / 29 ، الوسائل 9 : 71 أبواب ما تجب فيه الزكاة ب 13 ح 3 بتفاوت يسير. 4 ـ الكافي 3 : 529 / 9 ، التهذيب 4 : 69 / 187 ، الاستبصار 2 : 10 / 30 ، الوسائل 9 : 70 أبواب ما تجب فيه الزكاة ب 13 ح 1. 5 ـ الكافي 3 : 528 / 3 ، الوسائل 9 : 72 أبواب ما تجب فيه الزكاة ب 13 ح 6. 6 ـ منهم الشيخ في التهذيب 4 : 75 ، والاستبصار 2 : 11 ، والعلّامة في نهاية الإحكام 2 : 365. (102)
النقيصة من الفتوى والرواية ، مضافاً إلى الإجماعات المحكية.
وأمّا تقدير النصاب هنا بنصاب أحد النقدين دون غيرهما فلم أجد من النصوص عليه دلالة ، نعم ربما يستشعر ذلك من بعضها ، بل في المدارك : أنّ ظاهر الروايات أنّ هذه الزكاة بعينها زكاة النقدين فيعتبر نصابهما ويتساويان في قدر المخرَج (1) وفي الذخيرة بعد نقله عنه : وللتأمّل فيه مجال وإن كان لما ذكره وجه (2) ، انتهى. وهو حسن. وكيف كان فالحكم ممّا لا إشكال فيه بعد عدم ظهور خلاف فيه ، بل قيل : إنّه متفق عليه بين الخاصّة والعامّة (3). واعلم : أنّه يعتبر زيادةً على هذه الشروط ما مرّ من الشروط العامة. وهل يشترط بقاء عين السلعة طول الحول كما في المال ، أم لا فتثبت الزكاة وإن تبدّلت الأعيان مع بلوغ القيمة النصاب ؟ قولان ، ظاهر الأصل والنصوص هو الأوّل كما عن الصدوق والمفيد (4) ، وعليه الماتن في الشرائع وغيره (5). خلافاً للفاضل وولده ومن تأخّر عنهما (6) ، كما في المدارك ، قال : وادّعيا عليه في التذكرة والشرح الإجماع (7). وهو ضعيف. وظاهر المتن تعلّق الزكاة بالقيمة لا بالسلعة ، كما صرّح به في 1 ـ المدارك 5 : 167. 2 ـ الذخيرة : 449. 3 ـ الحدائق 12 : 146. 4 ـ المقنع : 52 ، الفقيه 2 : 11 ، المقنعة : 239. 5 ـ الشرائع 1 : 157 ، المعتبر 2 : 547. 6 ـ كما في التذكرة 1 : 229 ، الايضاح 1 : 187 ، البيان : 307 ، المسالك 1 : 58. 7 ـ المدارك 5 : 172. (103)
الشرائع (1) ، وتبعه الفاضل في المنتهى وغيره (2) ، وعزاه في المدارك إلى الشيخ وأتباعه (3) والحجّة عليه غير واضحة عدا أمر اعتباري ضعيف ، وروايةٍ قاصرة الدلالة (4) ، فلا يصلحان صارفاً لظواهر جملة من النصوص الدالة على تعلّقها بعين مال التجارة (5) ولعلّه لذا جعل الماتن مدلولها في المعتبر مع جواز العدول إلى القيمة بدلاً عن الزكاة أنسب بالمذهب ، ونفى عنه البأس في التذكرة ، على ما نقله عنهما في المدارك واستحسنه (6).
[ ويشترط في ] زكاة [ الخيل حول الحول ] السابق عليها [ والسوم ، وكونها إناثاً ] بإجماعنا الظاهر المصرّح به في التذكرة والمنتهى (7) ، وقد مرّ الصحيح (8) المستفاد منه اعتبار الثلاثة في بحث عدم الزكاة مطلقاً فيما عدا الخيل والحمول الثلاثة. وحيث اجتمعت الشروط الثلاثة [ فيخرج عن العتيق ] الذي أبواه عربيان كريمان [ ديناران ، وعن البِرْذَون ] الذي هو خلافه [ دينار ] واحد بلا خلاف للصحيح : « وضع أمير المؤمنين عليه السلام على الخيل العتاق الراعية في كلّ فرس في كلّ عام دينارين ، وجعل على البراذين ديناراً » (9). 1 ـ الشرائع 1 : 157. 2 ـ المنتهى 1 : 508 ؛ وانظر نهاية الا ِحكام 2 : 365. 3 ـ المدارك 5 : 173. 4 ـ الكافي 3 : 516 / 8 ، التهذيب 4 : 93 / 269 ، الاستبصار 2 : 39 / 121 ، الوسائل 9 : 139 أبواب زكاة الذهب والفضة ب 1 ح 7. 5 ـ الوسائل 9 : 70 و 74 أبواب ما تجب فيه الزكاة ب 13 و 14. 6 ـ المدارك 5 : 173 ، وهو في المعتبر 2 : 547 ، والتذكرة 1 : 228. 7 ـ التذكرة 1 : 230 ، المنتهى 1 : 510. 8 ـ في ص : 32. 9 ـ الكافي 3 : 150 / 1 ، التهذيب 4 : 67 / 183 ، الاستبصار 2 : 12 / 34 ، الوسائل (104)
[ و ] كلّ [ ما يخرج من الأرض ممّا تستحب فيه الزكاة حكمه حكم الأجناس الأربعة في اعتبار السقي ] المؤن [ وقدر النصاب وكمّية الواجب ] إخراجه منها ، بلا خلاف فيه أجده ، وبه صرّح في الذخيرة (1) ، وفي المدارك أنّه متّفق عليه بين الأصحاب (2) ، بل قال في المنتهى : إنّه لا خلاف فيه بين العلماء (3) ، مؤذناً بدعوى الإجماع عليه وهو الحجّة ، مضافاً إلى الصحاح المستفيضة في اعتبار النصاب والسقي.
ففي الصحيح : إنّ لنا رطبة وأُرزاً ، فما الذي علينا فيها ؟ فقال عليه السلام : « أمّا الرطبة فليس عليك فيها شيء ، وأمّا الأرز فما سَقَت السماء العُشر وما سقي بالدلو فنصف العشر من كلّ ما كِلت بالصاع » أو قال : « وكيل بالمكيال » (4). وفي آخر : « الذرة والعدس والسلت والحبوب فيها مثل ما في الحنطة والشعير ، وكلّ ما كيل بالصاع فبلغ الأوساق التي تجب فيها الزكاة فعليه فيه الزكاة » (5). ولا قائل بالفرق ، مع أنّ في بعضها : « كل ما دخل القفيز فهو يجري مجرى الحنطة والشعير والتمر والزبيب » (6). وعموم المنزلة يقتضي الشركة في جميع الشروط المزبورة. 9 : 77 أبواب ما تجب فيه الزكاة ب 16 ح 1. 1 ـ الذخيرة : 451. 2 ـ المدارك 5 : 159. 3 ـ المنتهى 1 : 510. 4 ـ الكافي 3 : 511 / 5 ، الوسائل 9 : 62 أبواب ما تجب فيه الزكاة ب 9 ح 2. 5 ـ التهذيب 4 : 65 / 177 ، الوسائل 9 : 64 أبواب ما تجب فيه الزكاة ب 9 ح 10. 6 ـ الكافي 3 : 511 / 4 ، الوسائل 9 : 61 أبواب ما تجب فيه الزكاة ب 9 ح 1. (105)
[ الركن الثالث ]
اعلم : أنّه فيما لا يعتبر فيه الحول كالغلّات : التسمية أو الاحمرار والاصفرار والانعقاد على ما مرّ من الخلاف (1).
[ في ] بيان [ وقت الوجوب ] وأمّا ما يعتبر فيه فقد مرّ (2) أيضاً أنّه [ إذا أهلّ ] الشهر [ الثاني عشر وجبت الزكاة ] بلا خلاف ، وإن اختلف في استقرار الوجوب به كما هو ظاهر النصّ والفتاوى بالتقريب الماضي ، أو تزلزله وعدم استقراره إلّا بتمام الحول اللغوي والعرفي كما عليه شيخنا الشهيد الثاني (3) ، ولكنّه نادر ، حتى أن سبطه في المدارك قال : إنّه لم يعرف له من السلف موافق (4). [ ويعتبر ] استكمال [ شرائط الوجوب ] من النصاب وإمكان التصرف والسوم في الماشية وكونها دراهم أو دنانير منقوشة في الأثمان [ فيه ] (5) أي في الحول ـ المدلول عليه بالسياق ـ لا الشهر الثاني عشر ، بلا خلاف ولا إشكال. [ وعند الوجوب ] واستقراره [ يتعيّن دفع الواجب ] مطلقاً حتى في الغلّات إن جعلنا وقته فيها ووقت الإخراج واحداً وهو التسمية بأحدها 1 ـ في ص : 84. 2 ـ في ص : 43. 3 ـ كما في المسالك 1 : 53. 4 ـ المدارك 5 : 73. 5 ـ في النافع زيادة : كلّه. |
|||
|