رياض المسائل الجزء الخامس ::: 256 ـ 270
(256)
أخبار حسنة بإبراهيم ـ بل صحيحة ـ (1) عُدّ بطون الأودية ، ويلحق الآخران بها بعدم قائل بالفرق بين الطائفة.
    فإذاً : المتّجه الإطلاق كما عليه الجماعة ، سيّما مع كثرة الروايات بعدّ الثلاثة.
     [ وفي اختصاصه عليه السلام بالمعادن ] الظاهرة والباطنة في غير أرضه [ تردّد ] واختلاف :
    فبين قائلٍ به ، كما هو إطلاق الشيخين على‏ ما في التنقيح (2) ، وزاد في المختلف الديلمي والقاضي وغيره (3) ، والقمي في تفسيره ، والكليني (4) للمروي في التفسير موثّقاً ، وفيه : عن الأنفال ، فقال : « هي القرى التي قد خربت وانجلى أهلها فهي للَّه تعالى والرسول صلى الله عليه وآله ، وما كان للملوك فهو للإمام عليه السلام ، وما كان في أرض خربة لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، وكلّ أرض لا ربّ لها ، والمعادن منها ، ومن مات وليس له مولىً فماله من الأنفال » (5).
    وفي الوسائل : عن العياشي في تفسيره ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لنا الأنفال » قال ، قلت : وما الأنفال ؟ قال : « منها المعادن ، والآجام ، وكلّ أرض لا ربّ لها ، وكلّ أرض باد أهلها فهو لنا » (6).
1 ـ الوسائل 9 : 523 أبواب الأنفال وما يختص بالامام ب 1 ح 1 ، وص 526 ح 10.
2 ـ التنقيح 1 : 343 ، وهو في المقنعة : 278 ، وفي المبسوط 1 : 263.
3 ـ المختلف : 206 ، الديلمي في المراسم : 140 ، القاضي في المهذّب 1 : 183 ؛ وانظر الكافي في الفقه : 170.
4 ـ تفسير القمي 1 : 254 ، الكافي 1 : 538.
5 ـ تفسير القمي 1 : 254 ، الوسائل 9 : 531 أبواب الأنفال وما يختص بالامام ب 1 ح 20.
6 ـ تفسير العياشي 2 : 48 / 11 ، الوسائل 9 : 533 أبواب الأنفال وما يختص بالامام


(257)
    وعن داود بن سرحان ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في حديث قال ، قلت : وما الأنفال ؟ قال : « بطون الأودية ، ورؤوس الجبال ، والآجام ، والمعادن ، وكلّ أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، وكلّ أرضٍ ميتة قد جلا أهلها ، وقطائع الملوك » (1).
    وقصور السند أو ضعفه مجبور بعمل الجماعة ، ولذا قال به أيضاً في الذخيرة (2).
    وقائلٍ بأنّ [ أشبهه أنّ الناس فيها شَرَع ] سواء ، كالحلّي والماتن هنا وفي المعتبر ، والفاضل في التحرير ، والشهيدين في اللمعتين (3) ، وادّعى‏ أوّلهما عليه الشهرة في المعادن الظاهرة (4).
    ولعلّه للأصل ، وعدم وضوح سند الروايات إلّا الأُولى‏ منها ، وهي وإن كانت من الموثّقة ، لكن متنها مختلف النسخة ، فبدل « منها » في بعض النسخ « فيها » وعليه فلا دلالة لها إلّا على‏ المعادن في أرضه عليه السلام ، ونحن نقول به.
    بل على‏ تقدير تعيّن نسخة « منها » ـ كما هي الأكثر ـ الدلالة أيضاً غير واضحة ، لاحتمال رجوع الضمير إلى‏ الأرض لا الأنفال ، سيّما مع قرب المرجع ، واستلزام الرجوع إلى‏ الأنفال استئناف الواو مع أنّ الأصل فيها العطف ، سيّما مع كونه مغنياً عن قوله : « منها » كما لا يخفى‏ ، فزيادته دليل‏
ب 1 ح 28.
1 ـ تفسير العياشي 2 : 49 / 21 « الوسائل 9 : 534 أبواب الأنفال وما يختص بالامام ب 1 ح 32 وفيهما : داوود بن فرقد بدل داوود بن سرحان.
2 ـ الذخيرة : 490.
3 ـ السرائر 1 : 498 « المعتبر 2 : 635 « التحرير 1 : 75 ، الروضة 2 : 85.
4 ـ الدروس 1 : 264.


(258)
على‏ ما قلنا.
    وفي بلوغ عمل الجماعة الشهرة الجابرة لما عدا الموثّقة مناقشة ، سيّما وأنّ الشهرة على‏ الخلاف كما في الدروس (1) ، فلا يخرج به عن مقتضى‏ الأصل المقطوع ، سيّما مع تأيّده بخلوّ الأخبار الكثيرة المعتبرة البالغة حدّ التواتر عن عدّ المعادن ، وبالأخبار الكثيرة القريبة من التواتر بل المتواترة الدالة على‏ أنّ المعادن مما يجب فيه الخمس (2) ، وهو منافٍ لكونها من الأنفال ، إذ لا معنى‏ لوجوبه في ماله عليه السلام على‏ الغير.
    لكن أجاب عن هذا في الذخيرة : بأنّه يجوز أن يكون الحكم في المعادن أنّ من أخرجه بإذنه عليه السلام يكون خمسه له والباقي له (3) ، كما صرّح به الكليني وسلّار (4) ، ومعنى كونه مالكاً للمجموع أنّ له التصرف في المجموع بالإذن والمنع ، فمعنى‏ تلك الأخبار أنّ من أخرجها على‏ الوجه الشرعي كان عليه الخمس ، وهو إنّما يكون مع إذنه عليه السلام.
    ولا يخفى‏ أنّ هذا الجواب إنّما يتمشّى‏ على‏ تقدير ثبوت كونها له فيرتكب جمعاً ، وإلّا فلا ريب أنّه خلاف الظاهر المنساق إلى‏ الذهن عند فقد الدليل من تلك الأخبار.
     [ وقيل : إذا غَزا قوم بغير إذنه فغنيمتهم له ] والقائل الثلاثة وأتباعهم كما صرّح به جماعة (5) للخبر : « إذا غَزا قوم بغير إذن الإمام فغنموا كانت‏
1 ـ الدروس 1 : 264.
2 ـ الوسائل 9 : 491 أبواب ما يجب فيه الخمس ب 3.
3 ـ الذخيرة : 490.
4 ـ كما في الكافي 1 : 538 ، والمراسم : 140.
5 ـ صرّح به في المعتبر 2 : 635 ، والتنقيح 1 : 343 ، والمدارك 5 : 417 ، وهو في المقنعة : 279 ، والنهاية : 200 ، والمهذب 1 : 186.


(259)
الغنيمة كلّها للإمام ، وإذا غزوا بأمر الإمام فغنموا كان للإمام الخمس » (1).
    [ و ] هذه [ الرواية ] وإن كانت [ مقطوعة ] أي مرسلة ضعيفة ، إلّا أنّها منجبرة بالشهرة العظيمة المقطوع بها ، المحكية في التنقيح والمسالك والروضة وغيرها من كتب الجماعة (2) ، بل في الأوّل : أنّ عليها عمل الأصحاب ، وفي الأخير : أنّه لا قائل بخلافها ، وعن الخلاف والحلّي دعوى الإجماع (3) وهو حجّة أُخرى. مضافاً إلى‏ التأيّد برواية صحيحة مروية في الكافي في كتاب الجهاد في أوّل باب قسمة الغنيمة ، وفيها : قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام : السرية يبعثها الإمام فيصيبون غنائم ، كيف تقسّم ؟ قال : « إن قاتلوا عليها مع أميرٍ أمّره الإمام عليهم ، أُخرج منها الخمس للَّه تعالى والرسول وقسّم بينهم ثلاثة (4) أخماس ، وإن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كلّ ما غنموا للإمام يجعل حيث أحبّ » (5).
    وبجميع ذلك يقيّد إطلاق الآية الكريمة بما إذا كان بالإذن ، كما هو المتبادر من حال المخاطبين المشافهين بها ، ولا بُعد في جعل ذلك أيضاً دليلاً على‏ ضعف إطلاقها.
    وأمّا الصحيح : في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة ، قال : « يؤدّي خمسها وتطيب له » (6) فلندوره وعدم مقاومته‏
1 ـ التهذيب 4 : 135 / 378 ، الوسائل 9 : 529 أبواب الانفال وما يختص بالإمام ب 1 ح 16.
2 ـ التنقيح 1 : 343 ، المسالك 1 : 68 ، الروضة 2 : 85 ؛ وانظر الحدائق 12 : 478.
3 ـ الخلاف 4 : 190 ، السرائر 1 : 497.
4 ـ كذا في النسخ ، وفي المصدر : « أربعة ».
5 ـ الكافي 5 : 43 / 1 ، الوسائل 15 : 110 أبواب جهاد العدو وما يناسبه ب 41 ح 1.
6 ـ التهذيب 4 : 124 / 357 ، الوسائل 9 : 488 أبواب ما يجب فيه الخمس ب 2 ح 8.


(260)
لمقابله يحتمل الحمل على‏ تحليله عليه السلام لذلك الرجل بخصوصه حيث إنّه من الشيعة حقّه من ذلك ، فما استجوده بعض المتأخّرين : من العمل بظاهره ـ وفاقاً لمقوّى‏ المنتهى‏ ـ (1) فيه ما فيه.
     [ الثانية : ] .
    [ لا يجوز التصرف فيما يختصّ به ]
مطلقاً [ مع وجوده ] وعدم غيبته [ إلّا بإذنه ] بالكتاب والسنة المستفيضة ، قال اللَّه سبحانه : ( لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ) (2) الآية ، وقال عليه السلام : « لا يحلّ مال أمر مسلمٍ إلّا عن طيب نفسه » (3).
    واستدل عليه في المنتهى‏ (4) بالنصوص المتضمّنة لتأكيدهم عليهم السلام في إخراج الخمس ، وعدم إباحتهم له مطلقاً.
    ففي الصحيح : يا سيّدي اجعلني من عشرة آلاف درهم في حلّ ، فإنّي أنفقتها ، فقال : « أنت في حلّ » فلمّا خرج قال عليه السلام : « أحدهم يَثِب على‏ أموال آل محمّد صلى الله عليه وآله وأيتامهم ومساكينهم وفقرائهم وأبناء سبيلهم فيأخذها ، ثم يجي‏ء فيقول : اجعلني في حلّ ، أتراه ظنّ أنّي أقول : لا أفعل ، واللَّه ليسألنّهم اللَّه تعالى يوم القيامة عن ذلك سؤالاً حثيثا » (5).
    وفي الخبر : كتب رجل من تجّار فارس من بعض موالي أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله الإذن في الخمس ، فكتب : « بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم ، إنّ‏
1 ـ المنتهى 1 : 554 ، المدارك 5 : 418.
2 ـ النساء : 29.
3 ـ عوالي اللآلي 2 : 113 / 309.
4 ـ المنتهى 1 : 554.
5 ـ أصول الكافي 1 : 548 / 27 ، التهذيب 4 : 140 / 397 ، الاستبصار 2 : 60 / 197 ، الوسائل 9 : 537 أبواب الانفال وما يختص بالإمام ب 3 ح 1.


(261)
اللَّه واسع كريم ، ضمن على‏ العمل الثواب ، وعلى‏ الخلاف العقاب ، لا يحلّ مال إلّا من وجهٍ أحلّه اللَّه تعالى ، إنّ الخمس عوننا على‏ ديننا وعلى‏ عيالنا وعلى‏ أموالنا وما نبذل وما نشتري من أعراضنا ممّن نخاف سطوته ، فلا تَزووه عنّا ، ولا تحرموا أنفسكم دعاءنا ما قدرتم عليه ، فإنّ إخراجه مفتاح رزقكم وتمحيص ذنوبكم ، وما تمهّدون لأنفسكم في يوم فاقتكم ، والمسلم من يفي اللَّه تعالى بما عاهد عليه ، وليس المسلم من أجاب باللسان وخالف بالقلب ، والسلام » (1).
    وفي آخر : قدم قوم من خراسان على‏ أبي الحسن الرضا عليه السلام ، فسألوه أن يجعلهم في حلّ من الخمس ، فقال : « ما أمحل هذا ! تمحضونا المودة بألسنتكم وتَزوون عنّا حقّا جعله اللَّه تعالى لنا وجعل لنا الخمس ، لا نجعل أحداً منكم في حلّ » (2).
    أقول : ونحوها كثير من الأخبار ، منها : الصحيح لعلي بن مهزيار ، وهو طويل وفي آخره : « وأمّا الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كلّ عام » إلى‏ أن قال : « فمن كان عنده شي‏ء من ذلك فليوصله إلى‏ وكيلي ، ومن كان نائياً بعيد الشقَّة فليعمد لإيصاله ولو بعد حين ، فإنّ نية المؤمن خير من عمله » (3).
1 ـ أصول الكافي 1 : 547 / 25 ، التهذيب 4 : 139 / 395 ، الاستبصار 2 : 59 / 195 ، الوسائل 9 : 538 أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب 3 ح 2 بتفاوت يسير.
2 ـ اُصول الكافي 1 : 548 / 26 ، التهذيب 4 : 140 / 396 ، الاستبصار 2 : 60 / 196 ، الوسائل 9 : 539 أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب 3 ح 3 بتفاوت يسير.
3 ـ التهذيب 4 : 141 / 398 ، الاستبصار 2 : 60 / 198 ، الوسائل 9 : 501 أبواب ما يجب فيه الخمس ب 8 ح 5 بتفاوت يسير.


(262)
    والخبر : قلت له عليه السلام : ما أيسر ما يدخل به العبد النار ؟ قال : « من أكل من مال اليتيم درهماً ونحن اليتيم » (1).
    وفي آخر : « من اشترى‏ شيئاً من الخمس لم يعذره اللَّه تعالى ، اشترى‏ ما لا يحلّ له » (2).
    ونحوه آخر : « لا يحلّ لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتى يصل إلينا حقّنا » (3)
    ونحوها التوقيع عن مولانا صاحب الزمان عجّل اللَّه فرجه ، المروي عن إكمال الدين وإتمام النعمة ، وفيه اللعن على‏ من استحلّ التصرف فيه من غير الإذن (4).
    ولا يضرّ قصور سند جملة من هذه الأخبار بعد انجبارها بموافقة الكتاب العزيز ، والسنة المطهّرة ، والاعتبار ، وموافقة ما عداها من الصحاح.
     [ وفي حال الغيبة لا بأس بالمناكح ] للشيعة خاصّة ، على‏ الأشهر بين الطائفة ، كما صرّح به جماعة (5) ، بل في ظاهر المنتهى‏ دعوى الإجماع عليه (6) كما يأتي.
    وهو الأظهر ، سواء فسّرت بالجواري المسبية من دار الحرب مطلقاً ، أو بمَهر الزوجة وثمن السراري من أرباح التجارات خاصّة لدخولها بالمعنى الثاني في المؤن المستثناة ، والتنصيص على‏ إباحتها بالمعنى الأوّل في المعتبرة المستفيضة ، وهي ما بين صريحة فيه أو ظاهرة ، ففي الحسن‏
1 ـ الفقيه 2 : 22 / 78 ، الوسائل 9 : 483 أبواب ما يجب فيه الخمس ب 1 ح 1.
2 ـ التهذيب 4 : 136 / 381، الوسائل 9 : 484 أبواب ما يجب فيه الخمس ب 1 ح 5.
3 ـ اُصول الكافي 1 : 545 / 14 ، الوسائل 9 : 484 أبواب ما يجب فيه الخمس ب 1 ح 4.
4 ـ كمال الدين : 522 / 51 ، الوسائل 9 : 54 أبواب الأنفال وما يختص بالامام ب 3 ح 7.
5 ـ الذخيرة : 491 ، الكفاية : 45 ، الحدائق 12 : 481.
6 ـ المنتهى 1 : 555.


(263)
قال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام لفاطمة عليها السلام : « أحلّي نصيبكِ من الفي‏ء لآباء شيعتنا لتطيبوا » ثم قال : « إنّا أحللنا أُمّهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا » (1).
    وفي المروي عن تفسير مولانا العسكري ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله : « قد علمتُ أنّه سيكون بعدك مَلِك عَضوض وجبر مستولى على‏ خمسي من السبي والغنائم ويبيعونه ، ولا يحلّ لمشتريه ، لأنّ نصيبي فيه ، وقد وهبت نصيبي منه لكلّ من طلب شيئاً من ذلك من شيعتي ، ليحلّ لهم منافعهم من مأكل ومشرب ، ولتطيب مواليدهم ، ولا يكون أولادهم أولاد حرام ، فقال : ما تصدّق أحد أفضل من صدقتك ، وقد تبعك رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في فعلك ، أُحلّ للشيعة كلّ ما كان فيه من غنيمة أو بيع من نصيبه على‏ واحد من شيعتي ، ولا أُحلّها أنا ولا أنت لغيرهم » (2).
    وفي الصحيح : قال أمير المؤمنين عليه السلام : « هلك الناس في بطونهم وفروجهم لا يُؤدّون إلينا حقّنا ، ألا وإنّ شيعتنا من ذلك وأبناءهم في حلّ » (3).
    وفي آخر : قلت له : إنّ لنا أموالاً وتجارات ونحو ذلك ، وقد علمت أنّ لك فيها حقّا ، قال : « فلم أحللنا إذاً لشيعتنا إلّا لتطيب ولادتهم ، وكلّ من‏
1 ـ التهذيب 4 : 143 / 401 ، الوسائل 9 : 547 أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب 4 ح 10.
2 ـ تفسير العسكري عليه السلام : 86 ، الوسائل 9 : 552 أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب 4 ح 20.
3 ـ التهذيب 4 : 137 / 386 ، الاستبصار 2 : 58 / 191 ، المقنعة : 279 ، علل الشرائع : 377 / 2 ، الوسائل 9 : 543 أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب 4 ح 1 بتفاوت يسير.


(264)
وإلى آبائي فهم في حلّ مما في أيديهم من حقّنا ، فليبلغ الشاهد الغائب » (1).
    إلى‏ غير ذلك من النصوص الكثير المتضمنة للحكم مع العلّة المسطورة في هذه الروايات.
    ولأجلها خصّ المفيد والماتن ومَن تبعهما ما أباحوه للشيعة بالمناكح خاصة (2) ، مع ما فيه من الجمع بين النصوص المختلفة في هذا الباب ، المبيحة للخمس على‏ الإطلاق ، والمؤكّدة في إخراجه على‏ أيّ حال. وخلاف الحلبي هنا وفيما يأتي بعدم التحليل (3) نادر لا وجه له ، عدا العمومات كتاباً وسنة بوجوب الخمس ، المخصَّصة بما مرّ ، وكذا خلاف الإسكافي (4) ، كما يأتي.
     [ وألحق الشيخ ] في النهاية وغيرها ، والحلّي في السرائر (5) [ المساكن والمتاجر ] وتبعهما جماعة من المتأخّرين (6).
    ولا بأس به في الأوّل مطلقاً ، سواء فسّر بما يختص به عليه السلام من الأرض أو من الأرباح ، بمعنى أنّه يستثنى‏ منها مسكن فما زاد مع الحاجة لرجوع الأوّل إلى‏ الأراضي المباحة في زمن الغيبة ، كما يأتي إليه الإشارة في‏
1 ـ التهذيب 4 : 143 / 399 ، الوسائل 9 : 547 أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب 4 ح 9.
2 ـ كما في المقنعة : 285 ؛ وراجع المنتهى 1 : 555 ، الدروس 1 : 263.
3 ـ الكافي في الفقه : 174.
4 ـ نقله عنه في المنتهى 1 : 555.
5 ـ النهاية : 200 ، والمبسوط 1 : 263 ، السرائر 1 : 498.
6 ـ منهم : المحقق في الشرائع 1 : 184 ، والعلّامة في التذكرة 1 : 255 ، والشهيد في الروضة 2 : 80.


(265)
كتاب إحياء الموات ، والثاني إلى‏ المؤن المستثناة من الأرباح.
    وفي الثاني إن فسّر بما يشترى من الغنيمة المأخوذة من أهل الحرب في حال الغيبة ، أو بشراء متعلّق الخمس ممن لا يخمس ، فلا يجب على‏ المشتري إخراجه إلّا أن يتّجر فيه ويربح لرواية مولانا العسكري المتقدمة وغيرها ، المعتضدة بالشهرة المحكية في كلام جماعة (1) ، مع استلزام عدم الإباحة لمثله العسر والحرج المنفيين في الشريعة ، آيةً وروايةً.
    وبذلك أشار الفاضل المقداد في التنقيح ، فقال : ولا شكّ أنّ العمل بهذا القول أخذ باليسر ورفع للحرج اللازم ، وجمع بين الروايات (2).
    هذا مضافاً إلى‏ الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة ، الدالة على‏ إباحة الأئمة عليهم السلام الخمس كلّه للشيعة (3) ، خرج ما عدا الثلاثة بالإجماع ممّن عدا الديلمي وبعض المتأخرين (4) ، فتبقى‏ هي تحتها مندرجة.
    ولا فرق في ظاهر أكثر الأدلّة بل والفتاوى ـ‏ ما عدا العبارة ـ بين حالتي الحضور والغيبة ، وبه صرّح في المنتهى‏ ، فقال : وقد أباح الأئمة عليهم السلام لشيعتهم المناكح في حالتي ظهور الإمام وغيبته ، وعليه علماؤنا أجمع ، لأنّه مصلحة لا يتمّ التخلّص من المآثم بدونها ، فوجب في نظرهم عليهم السلام فعلها ، والإذن في استباحة ذلك من دون إخراج حقّهم منه ، لا على‏ أنّ الواطئ يطأ الحصّة بالإباحة ، إذ قد ثبت أنّه يجوز إخراج الخمس بالقيمة ، فكان الثابت قبل الإباحة في الذمة إخراج خمس العين من الجارية
1 ـ الروضة 2 : 80 ، الحدائق 12 : 444.
2 ـ التنقيح 1 : 345.
3 ـ الوسائل 9 : 543 أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب 4.
4 ـ الديلمي في المراسم : 140 ؛ وانظر المدارك 5 : 419.


(266)
أو قيمته ، وبعد الإباحة ملكها الواطئ ملكاً تامّاً ، فاستباح وطؤها بالملك التامّ.
    إلى‏ أن قال : وألحق الشيخ به المساكن والمتاجر والدليل على‏ الإباحة : ما رواه الشيخ عن أبي خديجة سالم بن مكرم ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام : قال ، قال له رجل وأنا حاضر : حلّل لي الفروج ، ففزع أبو عبد اللَّه عليه السلام ، فقال رجل : ليس يسألك أن يعترض الطريق ، إنّما يسألك خادماً يشتريها ، أو امرأة يتزوّجها ، أو ميراثاً يصيبه ، أو تجارةً أو شيئاً أعطاه ، فقال : « هذا لشيعتنا حلال ، الشاهد والغائب ، والميت منهم والحي وما يولد منهم إلى‏ يوم القيامة ، فهو لهم حلال » الحديث (1) ، إلى‏ آخر ما ذكره رحمه الله (2).
    وكلماته هذه ـ كما ترى ـ كالصريحة في الثلاثة بجميعها بعدم اختصاصها بزمن الغيبة.
    وما ذكره في المناكح من أنّ إباحتها تمليك لا تحليل ، قد صرّح به في الدروس أيضاً (3) ، وارتضاه جماعة (4). وهو كذلك ، لظواهر النصوص المتقدمة.
    ثم إنّ دعواه الإجماع على‏ إباحة المناكح في حالتي الظهور والغيبة منافية لما حكاه ـ هو تبعاً للماتن (5) ـ عن الإسكافي ، حيث قال : وكما يسوغ له أن يحلّل في زمانه فكذلك يسوغ له أن يحلّل بعده ، وقال ابن‏
1 ـ التهذيب 4 : 137 / 384 ، الاستبصار 2 : 58 / 189 ، الوسائل 9 : 544 أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب 4 ح 4.
2 ـ المنتهى 1 : 555.
3 ـ الدروس 1 : 263.
4 ـ كصاحبي المدارك 5 : 420 ، والحدائق 12 : 444.
5 ـ المعتبر 2 : 637.


(267)
الجنيد : لا يصحّ التحليل إلّا لصاحب الحق في زمانه ، إذ لا يسوغ تحليل ما يملكه غيره. وهو ضعيف لأنّهم عليهم السلام قد أباحوا وجعلوا الغاية قيام القائم في أكثر الأحاديث (1) ، والإمام لا يحلّ إلّا ما يعلم أنّ له الولاية في إباحته ، وإلّا لاقتصر على‏ زمانه ولم يقض فيه بالدوام ويؤيّده ما رواه أبو خالد الكابلي قال ، قال : « إن رأيت صاحب هذا الأمر يُعطي كلّ ما في بيت المال رجلاً واحداً فلا يدخلنّ في قلبك شي‏ء ، فإنّه إنّما يعمل بأمر اللَّه » (2) (3).
    وكذا حكى‏ الخلاف عن الحلبي في المختلف في أصل التحليل ، فنفاه مطلقاً (4) ولعلّه لندورهما لم يعتدّ بهما.
    وكيف كان ، فلا ريب في ضعفهما لتواتر الأخبار بالتحليل ولو في الجملة ، وعليها عمل الأصحاب كافّة ، وإن اختلفوا في العمل بها مطلقاً ، أو في الثلاثة المتقدمة خاصة ، أو المناكح منها خاصة ، أو غير ذلك على‏ أقوال ، سيأتي في المتن إليها الإشارة ، فبها يقيّد عموم الكتاب والسنة ونحوهما مما يوجب الخمس مطلقاً.
    هذا مضافاً إلى‏ الإجماع المنقول ـ زيادةً على‏ ما في المنتهى‏ ـ في البيان للشهيد على‏ ما حكاه عنه في الروضة (5) ، ولأجله اختار التحليل في الثلاثة.

     [ الثالثة : ] .
    [ يصرف الخمس إليه مع وجوده ]
عليه السلام وجوباً بالإضافة إلى‏ حصّته‏
1 ـ الوسائل 9 : 548 أبواب الأنفال ب 4 ح 12 ، 13 ، 16.
2 ـ التهذيب 4 : 148 / 412 ، الوسائل 9 : 520 أبواب قسمة الخمس ب 2 ح 3.
3 ـ المنتهى 1 : 555.
4 ـ الكافي في الفقه : 174 ، المختلف : 207.
5 ـ المنتهى 1 : 555 ، البيان : 351 ، الروضة 2 : 80.


(268)
قطعاً ، وكذا بالإضافة إلى‏ حصص الباقين احتياطاً ، كما يستفاد من النصوص قولاً وفعلاً.
    [ وله ما يفضل عن كفاية الأصناف ] الثلاثة [ من نصيبهم ، وعليه الإتمام لو أعوز ] كما في مرسلة حمّاد بن عيسى‏ ، المجمع على‏ تصحيح ما يصحّ عنه (1) ، ونحوه اخرى‏ مقطوعة (2).
    وعليهما فتوى الشيخين وجماعة كما في المعتبر والمنتهى‏ (3) ، بل يفهم منهما كونهما مجمعاً عليهما بين قدماء أصحابنا ، ولذا عملا بهما ، وفي المختلف والمسالك وغيرهما دعوى اشتهارهما (4) ، ولا ريب فيه ، فيجبر به ضعف سندهما ، مع اعتبار الأوّل منهما في الجملة ، بل قال بحجّية مثله جماعة ، فالقول بهما متعيّن.
    خلافاً للحلّي ، فلا يجوز له الأخذ ولا عليه إتمام المُعوِز (5) ، لوجوه لا بأس بها لولا الرواية المنجبرة بالشهرة العظيمة بين أصحابنا.
    وفي شرح القواعد للمحقق الثاني بعد اختياره المختار قال : ويتفرّع عليه جواز صرف حصّته في حال الغيبة إليهم ، وعدم جواز إعطاء زائد على‏ مؤونة السنة (6). وهو ظاهر غيره أيضاً (7) ، إلّا أنّه يشكل بأنّه قد توقّف‏
1 ـ الكافي 1 : 539 / 4 ، الوسائل 9 : 520 أبواب قسمة الخمس ب 3 ح 1.
2 ـ التهذيب 4 : 126 / 364 ، الوسائل 9 : 521 أبواب قسمة الخمس ب 3 ح 2.
3 ـ المفيد في المقنعة : 278 ، الطوسي في المبسوط 1 : 262 ، والمعتبر 2 : 638 ، المنتهى 1 : 554.
4 ـ المختلف : 206 ، المسالك 1 : 68 ؛ وانظر الحدائق 12 : 382.
5 ـ السرائر 1 : 492.
6 ـ جامع المقاصد 3 : 54.
7 ـ انظر المعتبر 2 : 638 ، مجمع الفائدة والبرهان 4 : 357.


(269)
جماعة في المسألة ، ومع ذلك فذهبوا إلى‏ جواز صرف حصّته في زمان الغيبة إليهم على‏ وجه التتمة ، كالفاضل في التحرير والمختلف وصاحب الذخيرة (1). ومع ذلك فالمتفرع على‏ المختار الوجوب لا الجواز ، إلّا أن يراد به المعنى‏ الأعم الشامل له.
    [ ومع غيبته يصرف إلى‏ الأصناف الثلاثة مستحقهم ] على‏ الأظهر الأشهر بين الطائفة ، بل لا خلاف فيه أجده ، إلّا من نادر من القدماء ، حكى‏ الشيخان وغيرهما (2) عنه القول بإباحة الخمس مطلقاً ، وتبعه صاحب الذخيرة (3).
    وهو ضعيف في الغاية ، لإطلاق الكتاب والسنة مما مضى في بحث القسمة ، وظهورها في اختصاص النصف بالأصناف ، واعتضادها بالنصوص المتواترة الظاهرة في وجوب الأخماس وبقائه إلى‏ يوم القيامة ، سيّما وإنّ في بعضها المنجبر سنده بالفتاوى‏ والاعتبار تعويضهم بل مطلق الذرية بها عن الزكاة صيانةً لهم عن أوساخ أيدي الناس ، مع سلامتها عن المعارض ، عدا أخبار التحليل من الصحاح وغيرها.
    وفيها ـ مع ضعف جملة منها سنداً ، واختصاص بعضها ببعضهم عليهم السلام صريحاً ، كالصحيح : « من أعوزه شي‏ء من حقّي فهو في حلّ » (4) ومعارضتها بمثلها ممّا قد دلّ على‏ مطالبتهم إيّاها في زمانهم ، مصرّحاً بعدم التحليل في بعضها ، وبأنّه « ليسألنّهم اللَّه يوم القيامة سؤالًا حثيثاً » (5) ـ : أنّه ليس في شي‏ء
1 ـ التحرير : 75 ، المختلف : 206 ، الذخيرة : 488.
2 ـ المقنعة : 285 ، المبسوط 1 : 264 ؛ وانظر السرائر : 498.
3 ـ الذخيرة : 492.
4 ـ الفقيه 2 : 23 / 88 ، التهذيب 4 : 143 / 400 الوسائل 9 : 543 أبواب الأنفال وما يختص بالامام ب 4 ح 2.
5 ـ الكافي 1 : 548 / 27 ، التهذيب 4 : 140 / 397 ، الاستبصار 2 : 60 / 197 ، الوسائل 9 : 537 أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب 3 ح 1.


(270)
منها التصريح بإباحة الأخماس كلّها ، بل ولا مما يتعلّق بالأئمة جميعاً ، وإنّما غايتها إفادة إباحة بعضهم شيئاً منها أو للخمس مطلقاً ، لكن كونه ما يتعلّق بالجميع أو به خاصّة فلا ، مع أنّ مقتضى‏ الأُصول تعيّن الأخير.
    فليس في تعليل الإباحة بطيب الولادة والتصريح بدوامها وإسنادها بصيغة الجمع في جملةٍ ، دلالةٌ على‏ تحليل ما يتعلّق بالأصناف الثلاثة ، بل ولا ما يتعلّق بمَن عدا المحلِّل مِن باقي الأئمة عليهم السلام ، لظهور أن ليس المقصود من الأوّل تطيّبها من كلّ محرّم ، وإلّا لاستبيح بذلك أموال الناس كافّة ، وهو مخالف للضرورة ، فيحتمل طيبها من مال المحلِّل خاصّة ، أو ما يتعلّق بجميعهم عليهم السلام من الأُمور الثلاثة المتقدمة ، كما نزّلها عليه جمهور الأصحاب ، وإرادة هذا مما يجتمع معه إطلاق الدوام والإباحة بصيغة الجمع ، فلا دلالة في شي‏ء منهما على‏ عموم التحليل والكليّة.
    مع أنّ « أحللنا » بالإضافة إلى‏ مَن يأتي مجاز قطعاً ، وكما يمكن ذلك يمكن التعبير بها عن المحلِّل أو مع من سبقه خاصّة ، والترجيح لا بُدّ له من دليل ، وليس إن لم نقل بقيامه على‏ الأخير.
    ولذا أنّ في المدارك لم يجعل هذه القرائن أمارة على‏ إباحة الأخماس مطلقاً (1) ، وإنّما استند إليها لإثباتها بالإضافة إلى‏ حقوقهم عليهم السلام خاصّة ، ولكن فيه أيضاً ما عرفته.
    وبالجملة فالخروج عن ظاهر الآية والسنة من اختصاص النصف بالأصناف الثلاثة والباقي بالأئمّة عليهم السلام بمثل ذلك لا وجه له.
    وأمّا الذبّ في الذخيرة (2) عن الآية : باختصاصها بالغنائم المختصة
1 ـ المدارك 5 : 419.
2 ـ الذخيرة : 492.
رياض المسائل الجزء الخامس ::: فهرس