رياض المسائل الجزء الخامس ::: 301 ـ 315
(301)
    بناءً إمّا على‏ ظهور المراد منه من الصحيح السابق.
    أو على‏ رجوع الجارّ (1) إلى‏ قوله : « يصوم » دون : « يشكّ » فيكون المراد : صومه بنيّة رمضان ، كما ذكره في المنتهى‏ في الصحيح السابق ، قال : ويدلّ عليه قوله : « وإن كان كذلك » لأنّ التشبيه إنّما هو للنيّة (2).
    أو على‏ أنّ هذا الصوم إن وقع بنيّة أنّه من رمضان فهو المطلوب ، وإن وقع بنيّة أنّه من شعبان فهو متروك العمل به إجماعاً. وحمل الحديث على‏ ما يصحّ الاعتماد عليه أولى‏ من إبطاله بالكلّية ، كما في المختلف (3).
    ولكن الإنصاف أنّ في جملة هذه الأبنية نظراً.
    أمّا الأول : فلابتنائه على‏ كون التفسير في الصحيح السابق بقوله : « يعني » إلى‏ آخره من الإمام عليه السلام دون الراوي ، وهو غير معلوم ، ولا حجّة فيه على‏ الثاني ، فلا دلالة في هذا الصحيح فضلاً عن الثاني.
    وأمّا الثاني : فلاحتمال الرجوع إلى‏ الفعل الثاني ، بل قوّته لقربه ، ولا دلالة لقوله : « وإن كان كذلك » على‏ مقابله (4).
    وأمّا الثالث : فلعدم دليل يعتدّ به على‏ أنّ أولوية حمل الحديث على‏ معنى‏ يصحّ الاعتماد عليه من إبطاله تصلح لجعل ذلك المعنى‏ حجّة في المسألة ، ولو سلّم فالمعنى‏ المعتمد عليه في هذه الرواية غير منحصر فيما ذكره ، بعد احتمال الورود مورد التقيّة. وهو معنى‏ جيّد يصحّ أن تحمل عليه أخبار أهل العصمة عليهم السلام.
    هذا ، مع أنّ الاستدلال بنحو هذه الرواية على‏ تقدير تسليم الدلالة ـ
1 ـ وهو قوله : « من رمضان » ( منه رحمه الله ).
2 ـ المنتهى 2 : 561.
3 ـ المختلف : 214.
4 ـ أي الاحتمال المقابل لهذا الاحتمال. ( منه رحمه الله ).


(302)
معارَضٌ برواياتٍ أُخر معتبرة.
    منها : الصحيح : الرجل يصوم اليوم الذي يشكّ فيه من شهر رمضان فيكون كذلك ، فقال : « هو شي‏ءٌ وفّق له » (1).
    وأظهر منه دلالةً الموثّق : عن اليوم الذي يشكّ فيه من رمضان ، لا يدري أهو من شعبان أو من رمضان ، فصامه من شهر رمضان ، قال : « هو يوم وفّق له ولا قضاء عليه » (2).
    ولعلّهما مستند العماني والإسكافي (3) في حكمهما بالإجزاء عن رمضان بشرطه (4).
    لكنّهما لا يعارضان ما مرّ ، مضافاً إلى‏ قصور سند الثاني واختلاف متنه ، بل ضعفه ، فحكاه الشيخ ، كما مرّ عن الكليني ، مع أنّه رواه في الكافي هكذا : « فصامه فكان من شهر رمضان ».
    فلا دلالة فيه على‏ ما نحن فيه إلّا بحسب الإطلاق أو العموم ، لترك الاستفصال ، وهو مقيّدٌ أو مخصّصٌ بالصوم عن شعبان جمعاً.
    ونحوه الجواب عن دلالة الأول ، بعد تسليم احتمال رجوع الجارّ إلى‏ الفعل الثاني ، أو ظهوره ، لكن يلزم من هذا عدم إمكان الاستدلال على‏ المختار بما ماثله في التعبير ممّا سبق من الأخبار.
    ولا ضير فيه بعد ثبوته من القاعدة (5) في النهي عن العبادة ، الوارد في‏
1 ـ الكافي 4 : 82 / 3 ، الوسائل 10 : 22 أبواب وجوب الصوم ونيتّه ب 5 ح 5.
2 ـ الكافي 4 : 81 / 2 ، التهذيب 4 : 181 / 503 ، الاستبصار 2 : 78 / 235 ، الوسائل 10 : 22 أبواب وجوب الصوم ونيتّه ب 5 ح 6 وردت في الكافي بتفاوت يسير.
3 ـ حكاه عنهما في المختلف : 214.
4 ـ وهو ظهور كونه منه. ( منه رحمه الله ).
5 ـ أي : ولا ضير في عدم الإمكان بعد ثبوت المختار من القاعدة.


(303)
المستفيضة ، المعتضدة بالشهرة العظيمة القديمة والحديثة ، القريبة من الإجماع ، بل الإجماع في الحقيقة ، كما يستشعر من المبسوط ، على‏ ما سبقت إليه الإشارة (1).
    وأمّا دعوى الشيخ الإجماع على‏ ما عليه القديمان في الخلاف فيما يحكى‏ عنه (2) ، فمع أنّا لم نقف عليها فيما عندنا من نسخته ، موهونةٌ بلا شبهة ، مع أنّ المحكي عنه في صريح التحرير ومحتمل المختلف : التوقّف في المسألة (3).
    هذا والمختار فيها ـ مع ذلك ـ أحوط وأولى.
     [ وكذا لو ردّد نيّته ] بين الوجوب إن كان من شهر رمضان ، والندب إن كان من شعبان ، لم يجزِ عنهما ، وفاقاً للمحكيّ عن الشيخ في أكثر كتبه ، والحلّي (4) ، وأكثر المتأخّرين (5).
    لأنّ صوم هذا اليوم إنّما يقع على‏ وجه الندب ، على‏ ما يقتضيه الحصر الوارد في النصّ ، ففعله على‏ خلاف ذلك لا يتحقّق به الامتثال.
    [ وللشيخ قولٌ آخر ] بالإجزاء ، حكي عنه في المبسوط والخلاف ، وعن العماني ، وابن حمزة ، وتبعهم الفاضل في المختلف ، والشهيد في جملة من كتبه (6) لأنّه نوى‏ الواقع ، فوجب أن يجزيه وأنّه نوى‏ العبادة على‏ وجهها ، فوجب أن يخرج عن العهدة وأنّ نية القربة كافية ، وقد نواها.
1 ـ في ص : 300.
2 ـ حكاه عنه في المختلف : 214.
3 ـ التحرير 1 : 76 ، المختلف : 214.
4 ـ كما حكاه في المختلف : 215 ، والحلي في السرائر 1 : 384.
5 ـ كالفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 246 ، والسبزواري في الذخيرة : 516.
6 ـ المبسوط 1 : 277 ، الخلاف 2 : 179 ، حكاه عن العماني في المختلف : 215 ، ابن حمزة في الوسيلة : 140 ، المختلف : 215 ، الشهيد في البيان : 359 ، واللمعة ( الروضة 2 ) : 140 ، والدروس 1 : 267.


(304)
    ويضعّف الأولان : بالمنع عنهما ، فإنّ الوجه المعتبر هنا هو الندب خاصّة بمقتضى‏ الحصر الوارد في الرواية ، ولا ينافيه فرض كون ذلك اليوم من رمضان ، فإنّ الوجوب إنّما يتحقّق إذا ثبت دخول الشهر لا بدونه ، والوجوب في نفس الأمر لا معنى‏ له.
    والثالث : بأنّه لا يلزم من الاكتفاء في صوم شهر رمضان بنيّة القربة الصحّة ، مع إيقاعه على‏ خلاف الوجه المأمور به ، بل على‏ الوجه المنهيّ عنه. وأيضاً : فإنّ نيّة التعيين تسقط فيما علم أنّه من شهر رمضان لا فيما لم يعلم.
     [ ولو أصبح ] يوم الشكّ [ بنيّة الإفطار فبان من شهر رمضان جدّد نيّة الوجوب ما لم تزل الشمس وأجزأه ] إذا لم يكن أفسد صومه لما مرّ في بحث تجديد النيّة إلى‏ الزوال من بقاء وقتها إليه (1).
    [ ولو كان بعد الزوال أمسك واجباً ، وقضاه ].
    أمّا وجوب القضاء فلفوات الصوم بفوات وقت نيّته أما لزوال على‏ الأقوى‏ ، كما مضى ثمّة مفصّلاً.
    وأمّا وجوب الإمساك بقية النهار فلعلّه لا خلاف فيه ، بل ظاهر المنتهى‏ أنّه لم يخالف فيه أحدٌ من العلماء إلّا النادر من العامّة (2) ، وفي الخلاف الإجماع عليه (3) ولعلّه لعموم : « الميسور لا يسقط بالمعسور » (4) بناءً على‏ أنّ المأخوذ عليه في هذا الصوم مع النيّة ، فإذا فاتت لم يفت هو ، فتأمّل.
1 ـ راجع ص : 287.
2 ـ المنتهى 2 : 561.
3 ـ الخلاف 2 : 178.
4 ـ عوالي اللاّليء 4 : 85 / 205.


(305)
    [ وفيه مقصدان : ].
     [ الأول : جب الإمساك عن تسعة أشياء ] :
    عن [ الأكل والشرب المعتاد ] كالخبز والفاكهة ونحوهما [ و غيره ] كالحصاة والحجر والتراب ونحوها.
    بالكتاب (1) ، والسنّة (2) ، والإجماع المحقّق المقطوع به في الأول (3) ، والمحكي في صريح الناصرية والخلاف والغنية والسرائر (4) ، وظاهر المنتهى‏ (5) وغيره (6) في الثاني ، بل ظاهر الأولَين أنّه مجمع عليه بين العلماء إلّا النادر ممّن خالفنا وهو الحجّة فيه.
    مضافاً إلى‏ فحوى ما دلّ على‏ وجوب الإمساك عن الغبار الغليظ ونحوه (7) ، مؤيّداً بإطلاق ما دلّ على‏ وجوب الإمساك عنهما ، بل ربّما جعله حجّة مستقلّة جملة من علمائنا (8) ، إلّا أنّه لا يخلو عن إشكال ، لعدم تبادر
1 ـ البقرة : 187.
2 ـ الوسائل 10 : 31 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 1.
3 ـ أي المعتاد. منه رحمه الله.
4 ـ الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : 206 ، الخلاف 2 : 177 ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 571 ، السرائر 1 : 377.
5 ـ المنتهى 2 : 562.
6 ـ كصاحبي المدارك 6 : 43 ، والحدائق 13 : 56.
7 ـ الوسائل 10 : 69 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 22.
8 ـ منهم صاحبا المدارك 6 : 51 ، والحدائق 13 : 72.


(306)
غير المعتاد منه عرفاً.
    ولعلّه لذا اقتصر على‏ المعتاد الإسكافي والمرتضى‏ ، فلم يبطلا الصوم بغيره فيما حكي عنهما (1).
    ولكنّهما نادران قطعاً ، محجوجان بما مضى.
     [ و ] عن [ الجماع قبلاً ودبراً ] ولو لم ينزل ، إجماعاً في الأول ، كتاباً (2) ، وسنّةً (3) ، وفتوىً.
    [ وعلى‏ الأشهر ] الأقوى‏ في الثاني ، بل لم أجد فيه مخالفاً إلّا المبسوط ، حيث جعله أحوط (4) ، مشعراً بتردّده فيه ، كما في المختلف (5) ، مع أنّه جعله فيه الظاهر من المذهب ، مشعراً بالإجماع ، كما يفهم منه في التهذيب ، حيث قال ـ بعد الرواية الآتية ـ : إنّها غير معمول عليها (6). وبه (7) صرّح في الخلاف ، وكذا ابن حمزة في الوسيلة (8).
    وجعله في المدارك المعروف من مذهب الأصحاب ، قال : لإطلاق النهي عن المباشرة في الآية الكريمة ، خرج من ذلك ما عدا الوطء في القبل والدبر ، فيبقى‏ الباقي مندرجاً في الإطلاق ، ومتى‏ ثبت التحريم كان مفسداً للصوم بالإجماع المركّب.
1 ـ نقله عنهما في المختلف : 216.
2 ـ البقرة : 187.
3 ـ الوسائل 10 : 39 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 4.
4 ـ المبسوط 1 : 270.
5 ـ المختلف : 216.
6 ـ التهذيب 4 : 320.
7 ـ أي : بالإجماع.
8 ـ الخلاف 2 : 190 ، الوسيلة : 124.


(307)
    ولا ينافي ذلك ما رواه الشيخ عن عليّ بن الحكم ، عن رجل ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال : « إذا أتى الرجل المرأة في الدبر وهي صائمة لم ينقض صومها وليس عليها غسل » (1).
    لأنّا نجيب عنه بالطعن في السند بالإرسال (2). انتهى‏. وهو حسن.
    [ وفي فساد الصوم بوطء الغلام تردّد وإن حرم ] ينشأ من التردّد في وجوب الغسل به وعدمه بناءً على‏ التلازم بين المسألتين ، كما يظهر من الفاضلين (3) وغيرهما (4) ، قالا : وحيث أوجبنا الغسل وجب الاجتناب.
    أقول : وعليه (5) أكثر الأصحاب ، وفي الذخيرة : أنّه المشهور بينهم (6) ، وفي الخلاف الإجماع (7) وهو الحجّة المعتضدة بفحوى‏ ما دلّ على‏ الفساد بوطء المرأة المحلّلة ، وإطلاق الصحيح : عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمني ، قال : « عليه من الكفّارة مثل ما على‏ المجامع » (8) ونحوه المرسل (9).
    والتقريب : أنّ الواطئ مجامع. وفيهما نظر.
1 ـ التهذيب 4 : 319 / 977 ، الوسائل 2 : 200 أبواب الجنابة ب 12 ح 3.
2 ـ المدارك 6 : 45.
3 ـ المحقق في المعتبر 2 : 654 ، والعلّامة في المنتهى 2 : 564.
4 ـ كصاحب المدارك 6 : 46.
5 ـ أي على وجوب الاجتناب. ( منه رحمه الله ).
6 ـ الذحيرة : 496.
7 ـ الخلاف 2 : 190.
8 ـ الكافي 4 : 102 / 4 ، التهذيب 4 : 206 / 597 ، الاستبصار 2 : 81 / 247 ، الوسائل 10 : 39 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 4 ح 1.
9 ـ الكافي 4 : 103 / 7 ، التهذيب 4 : 321 / 983 ، الوسائل 10 : 39 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 4 ح 2.


(308)
    فإذاً : العمدة هو نقل الإجماع ، مؤيّداً بالشهرة بين الأصحاب ، وما دلّ على‏ وجوب الغسل إن صحّ ما مرّ من البناء.
    وعليه فيتّجه القول بالفساد بوطء البهيمة أيضاً لما مرّ من إيجابه الغسل ، وفي الخلاف نفى‏ الخلاف عنه (1) ، مؤذناً بدعوى‏ الإجماع.
    ولا ينافيها تصريحه قبلها بأنّه لم يجد فيه لأصحابنا نصّاً لاحتمال أن يكون مراده من النصّ : النصّ الصادر عن المعصوم عليه السلام.
    وبالجملة : فالمتّجه في المسألتين : الفساد ، وفاقاً لأكثر الأصحاب.
    خلافاً للحلّي في الثانية (2) ، وللمبسوط في الأُولى‏ (3) ، فجعلها كالوطء في دبر المرأة.
    ولا دليل لهما سوى‏ الأصل المخصّص بما مرّ ، كعموم : « لا يضرّ الصائم إذا اجتنب أربع خصال : الطعام ، والشراب ، والنساء ، والارتماس في الماء » (4).
    هذا ، وخلاف المبسوط هنا وفيما مرّ غير معلوم ، بل ولا ظاهر إلّا من جهة التعبير بلفظ « الاحتياط » ، وهو غير صريح في الاستحباب بل ولا ظاهر في كلمة القدماء لاستدلالهم به على‏ كثيرٍ من الواجبات ، مضافاً إلى‏ تصريحه قبله بالوجوب ، جاعلًا له مقتضى‏ المذهب ، كما مرّ.
    [ وكذا الموطوء ] فإنّ البحث فيه كالبحث في الواطئ ، فيجب على‏ الموطوء في دبره الغسل ، ويكون مفطراً إذا كان مطاوعاً ، وكذا المرأة
1 ـ الخلاف 2 : 191.
2 ـ السرائر 1 : 380.
3 ـ المبسوط 1 : 270.
4 ـ الفقيه 2 : 67 / 276 ، التهذيب 4 : 202 / 584 ، الاستبصار 2 : 80 / 244 ، الوسائل 10 : 31 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 1 ح 1 بتفاوت يسير.


(309)
الموطوءة في دبرها أو قبلها ، بلا خلاف ظاهراً ، بل ظاهر المنتهى‏ أنّه لا خلاف فيه بين العلماء (1) ، حيث لم ينقل عن أحدٍ منهم فيه خلافاً.
     [ و ] عن [ الاستمناء ] وإنزال الماء ولو بالملاعبة والقبلة والملامسة ، مع العمد (2) ، بلا خلاف أجده ، بل عليه الإجماع في الانتصار والغنية والتذكرة والمنتهى‏ (3) وغيرها (4) ، بل ظاهر المنتهى‏ عدم خلاف فيه بين العلماء.
    للمعتبرة المستفيضة ، منها : الصحيح عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمني ، قال : « عليه من الكفّارة مثل ما على‏ الذي يجامع » (5).
    والموثّق : عن رجل لزق بأهله فأنزل ، قال : « عليه إطعام ستّين مسكيناً ، مدّ لكلّ مسكين » (6) وبمعناه الخبر (7) والرضوي (8).
    وإطلاقها بل عموم أكثرها الناشئ عن ترك الاستفصال يستلزم عموم الحكم المذكور فيها للإمناء الحاصل عقيب الملامسة ولو لم يقصد الإنزال ، وفي المختلف والمهذّب (9) وغيرهما (10) : أنّه المشهور بين‏
1 ـ المنتهى 2 : 564.
2 ـ أي تعُمد الإنزال. ( منه رحمه الله ).
3 ـ الانتصار : 64 ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 571 ، التذكرة 1 : 259 ، المنتهى 2 : 571.
4 ـ الوسيلة : 142 ، المدارك 6 : 61.
5 ـ تقدم مصدرة في ص : 307.
6 ـ التهذيب 4 : 320 / 980 ، الوسائل 10 : 40 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 4 ح 4.
7 ـ التهذيب 4 : 320 / 981 ، الوسائل 10 : 40 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 4 ح 5.
8 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 212 ، المستدرك 7 : 324 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 4 ح 3.
9 ـ المختلف : 224 ، المهذّب البارع 2 : 43.
10 ـ كالمقتصر لابن فهد : 115.


(310)
الأصحاب ، وعن المعتبر : الإجماع عليه (1) ، وقريب منه الخلاف (2) ، حيث ادّعى‏ الإجماع على‏ لزوم القضاء والكفّارة بذلك على‏ الإطلاق.
    خلافاً للإسكافي ، فأوجب به القضاء خاصّة (3).
    وهو مع ندوره لم نقف له على‏ حجّة.
    ولبعض المتأخّرين ، فلم يوجب مع عدم التعمّد شيئاً (4) للأصل ، وضعف ما يدلّ عليه من النصوص سنداً.
    وهو كما ترى لدلالة الصحيح والموثّق عليه أيضاً ، مع أنّ ضعف ما عداهما منجبرٌ بما عرفته من الشهرة المحكيّة بل الظاهرة والإجماع المتقدّم إليه الإشارة.
    نعم ، في المرسل المروي عن المقنع : « لو أنّ رجلاً لصق بأهله في شهر رمضان فأمنى‏ لم يكن عليه شي‏ء » (5).
    وهو وإن دلّ بإطلاقه على‏ ما ذكره إلّا أنّه مع إرساله وشذوذ إطلاقه محمول على‏ التقيّة لأنّ القول بمضمونه مذهب فقهاء العامّة ، كما في الانتصار (6).
     [ و ] عن [ إيصال الغبار إلى‏ الحلق ] بلا خلاف يظهر من كلّ من عمّم المأكول لغير المعتاد ، إلّا من الماتن في المعتبر ، فتردّد فيه (7) لضعف‏
1 ـ المعتبر 2 : 670.
2 ـ الخلاف 2 : 198.
3 ـ حكاه عنه في المختلف : 224.
4 ـ انظر المدارك 6 : 61.
5 ـ المقنع : 60 ، الوسائل 10 : 98 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 33 ذ. ح 5.
6 ـ الانتصار : 64.
7 ـ المعتبر 2 : 6 70.


(311)
سند ما سيذكر من الخبر ، مع كون الغبار ليس كابتلاع الحصى‏ والبَرَد (1).
    وهو نادر ، بل أفتى‏ بخلافه في الكتاب والشرائع (2).
    ومع ذلك ، فظاهر الغنية والتنقيح وصريح السرائر ونهج الحقّ فيما حكي عنه : الإجماع على‏ خلافه (3) وهو الحجّة المؤيّدة بعدم ظهور الخلاف إلّا في إيجابه القضاء خاصّةً أو مع الكفّارة ، وهو شي‏ء آخر سيذكر.
    وبالخبر : سمعته يقول : « إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان ، أو استنشق متعمّداً ، أو شمّ رائحةً غليظة ، أو كنس بيتاً ، فدخل في أنفه وحلقه غبار ، فعليه صوم شهرين متتابعين ، فإنّ ذلك مفطرٌ مثل الأكل والشرب والنكاح » (4).
    ولا بأس بضعف السند والاشتمال لما لا يقول به أحد ، بعد الانجبار بالعمل ، وجواز تقييد ما لا يقول بإطلاقه أحد بما يقول به كلّهم أو بعضهم ، فيكون ـ كالعامّ المخصّص ـ حجّةً في الباقي ، مع أنّ خروج بعض الرواية عن الحجّية لا يستلزم خروجها جملة.
    نعم ، في الموثّق : عن الصائم يدخّن بعودٍ أو بغير ذلك ، فتدخل الدخنة في حلقه ، قال : « لا بأس » وعن الصائم يدخل الغبار في حلقه ،
1 ـ الَبرد : شيء ينزل من السحاب يشبه الحصى ، ويسمى حبّ الغمام وحبّ المزن قيل : انّما سمّي بّرّداُ لأنه يبرد وجه الأرض ـ مجمع البحرين 3 : 11.
2 ـ الشرائع 1 : 189.
3 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 571 ، التنقيح 1 : 358 ، السرائر 1 : 374 ، نهج الحق : 461.
4 ـ التهذيب 4 : 214 / 621 ، الوسائل 10 : 69 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 22 ح 1.


(312)
قال : « لا بأس » (1).
    وهو صريح في الخلاف ، مؤيَّد بالصحيح الحاصر ما يضرّ الصائم (2) فيما ليس منه المقام ، مضافاً إلى‏ الأصل ، ولذا مال جملة من متأخّري المتأخّرين إليه (3).
    لكنّه ضعيف لوجوب تخصيص الأخيرين بما مرّ ، مع احتمال دخول الغبار في بعض أفراد الحصر المعدودة في الصحيح ، وموافقة الموثّقة للعامّة ، كما صرّح به جماعة (4) ، مع عدم مكافأتها لما مرّ من الأدلّة من وجوهٍ عديدة.
    ويمكن الجمع بينها وبين الرواية السابقة بحملها على‏ الغليظ خاصّة ، وهذه على‏ غيره ، كما عليه جماعة (5) ، وربّما ادّعي عليه الشهرة.
    ولا يخلو عن قوّة لا للجمع ، لعدم شاهد عليه بل لعدم دليل على‏ الإبطال على‏ الإطلاق ، سوى‏ الرواية وهي ـ لقطعها ، وعدم معلومية المسؤول عنه فيها ـ لا تصلح للحجّية وإن حصلت معها الشهرة لأنّها إنّما تجبر الرواية المسندة لا المقطوعة.
    ولا إجماع على‏ الإطلاق لوقوع الخلاف فيما عدا الغليظ ، مع شهرة
1 ـ التهذيب 4 : 324 / 1003 ، الوسائل 10 : 70 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 22 ح 2 بتفاوت يسير فيهما.
2 ـ المتقدم في ص : 308.
3 ـ منهم : الفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 248 ، والسبزواري في الذخيرة : 499 ، وصاحب الحدائق 13 : 72.
4 ـ انظر الخلاف 2 : 17 ، والمعتبر 2 : 654 ، والمنتهى 2 : : 565.
5 ـ منهم : العلّامة في المختلف : 119 ، والفاضل المقداد في التنقيح 1 : 358 ، والحّر العاملي في الوسائل 10 : 70 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 22 ذيل الحديث 2.


(313)
التقييد به ، كما عرفته.
     [ و ] عن [ البقاء على‏ الجنابة متعمّداً حتى يطلع الفجر ] على‏ الأظهر الأشهر ، بل عليه عامّة من تأخّر ، وفي صريح الانتصار والخلاف والغنية والسرائر والوسيلة وظاهر المحكيّ عن التذكرة والمنتهى‏ (1) : الإجماع عليه (2) وهو الحجّة ، مضافاً إلى‏ الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة القريبة من التواتر ، بل لعلّها متواترة.
    منها الصحيح : في رجل احتلم أول الليل أو أصاب من أهله ، ثم نام متعمّداً في شهر رمضان حتى أصبح ، قال : « يتمّ صومه ذلك ، ثم يقضيه إذا أفطر من شهر رمضان ويستغفر ربّه » (3).
    خلافاً لظاهر الصدوق في المقنع ، حيث أرسل فيه عن مولانا الصادق عليه السلام أنّه : « كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يجامع نساءه من أول الليل ، ويؤخّر الغسل حتى يطلع الفجر » الخبر (4).
    بناءً على‏ ما قيل من أنّ عادته في الكتاب الإفتاء بمضمون الأخبار ونقل متونها (5) ، ويميل إليه بعض متأخّري المتأخّرين (6) لإطلاق الآية أو
1 ـ قال في المنتهى : اِدا أجنب ليلاً ثم نام ناوياً للغسل حتى أصبح صّح صومه ، ولو نام غير ناوٍ للغسل فسد صومه وعليه قضاؤه ، ذهب اليه علماؤنا ، خلافاُ للجمهور ( منه رحمه الله ) ولكن الموجود في المنتهى هكذا : اِذا أجنب ليلاً ثم نام ناوياُ للغسل فسد صومه وعليه قضاؤه ، ذهب اليه علماؤنا ، خلافاً للجمهور. انظر ج 2 : 566.
2 ـ الانتصار : 63 ، الخلاف 2 : 176 ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 571 ، السرائر 1 : 374 ، الوسيلة : 142 ، التذكرة 1 : 257 ، المنتهى 2 : 566.
3 ـ الكافي 4 : 105 / 1 ، الوسائل 10 : 63 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 16 ح 1.
4 ـ المقنع : 60 ، الوسائل 10 : 57 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 13 ح 3.
5 ـ قال به صاحب الحدائق 13 : 113.
6 ـ كالأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان 5 : 35.


(314)
عمومها (1) ، وصريح جملة من الصحاح وغيرها (2).
    ويضعّف الأول : بلزوم التقييد أو التخصيص بما مضى.
    والثاني : بالحمل على‏ التقيّة ، كما ذكره جماعة (3) ، ويشهد له إسناد نقل ما مرّ في المرسل إلى‏ عائشة في بعض الروايات (4) ، بل جملة.
    وربّما حُمِلَت على‏ محامل أُخر لا بأس بها في مقام الجمع بين الأدلّة وإن بعدت غايته. وهي أولى‏ من حمل تلك على‏ الفضيلة لرجحانها على‏ هذه من وجوهٍ شتّى‏ ، أعظمها الاعتضاد بالشهرة العظيمة ، القريبة من الإجماع ، بل إجماع المتأخّرين حقيقةً ، مضافاً إلى‏ الإجماعات المنقولة حدّ الاستفاضة والمخالفة للعامّة.
    ولا كذلك هذه ، فإنّها في طرف الضدّ من المرجّحات المزبورة.
    وهل يختصّ هذا الحكم بشهر رمضان ، أم يعمّه وغيره ؟
    تردّد فيه في المنتهى‏ ، قال : من تنصيص الأحاديث برمضان دون غيره من الصيام ، ومن تعميم الأصحاب وإدراجه في المفطرات (5).
    ومال الماتن في المعتبر إلى‏ الأول (6). وهو الأظهر ، وفاقاً لجملةٍ ممّن تأخّر (7) لما مرّ ، مع عدم بلوغ فتوى الأصحاب بالإطلاق الإجماع ، سيّما
1 ـ البقرة : 187.
2 ـ الوسائل 10 : 57 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 13.
3 ـ منهم : صاحب المدارك 6 : 55 ، والسبزواري في الذخيرة : 497 ، وصاحب الحدائق 13 : 119.
4 ـ التهذيب 4 : 213 / 619 ، الاستبصار 2 : 88 / 275 ، الوسائل 10 : 59 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 13 ح 6.
5 ـ المنتهى 2 : 566.
6 ـ المعتبر 2 : 656.
7 ـ كالأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان 5 : 46 ؛ وانظر الحدائق 13 : 122.


(315)
مع اختصاص عبائر جملة منهم كالنصوص برمضان ، كابن زهرة ، والشيخ في الخلاف (1) ، وغيرهما (2).
    مضافاً إلى‏ جملة من المعتبرة المصرّحة بالعدم في التطوّع ، وفيها : الصحيح والموثّق وغيرهما (3) ، ويلحق به ما عداه من الصوم الواجب بمعونة ما مرّ من الدليل.
    ويستثنى منه (4) قضاء رمضان للصحيح : عن الرجل يقضي شهر رمضان ، فيجنب من أول الليل ، ولا يغتسل حتى يجي‏ء آخر الليل ، وهو يرى‏ أنّ الفجر قد طلع ، قال : « لا يصوم ذلك اليوم ويصوم غيره » (5) وبمعناه آخر (6) ، والموثّق (7).
    هذا ، وفي الصحيح الأول من الصحاح المستفيضة ربّما كان إشعار بتخصيص الحكم برمضان واشتراطه فيه ، فتأمّل.
    وقريب منه اختصاص سائر النصوص ـ مع كثرتها ـ به ، فإنّ فيه نوع إشعار بذلك ، كما لا يخفى‏ على‏ المتأمّل.
    ثم هل يختصّ الحكم بالجنابة ، أم يعمّها والحيض والنفاس والاستحاضة الكثيرة ؟
1 ـ ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 571 ، الخلاف 2 : 174.
2 ـ كالجامع للشرائع : 156.
3 ـ الوسائل 10 : 68 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 20.
4 ـ أي : ويستثني ممّا عدى صوم التطوّع ...
5 ـ الفقيه 2 : 75 / 324 ، التهذيب 4 : 277 / 837 ، الوسائل 10 : 67 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 19 ح 1.
6 ـ الكافي 4 : 105 / 4 ، الوسائل 10 : 67 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 19 ح 2.
7 ـ التهذيب 4 : 211 / 611 ، الاستبصار 2 : 86 / 267 ، الوسائل 10 : 67 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 19 ح 3.
رياض المسائل الجزء الخامس ::: فهرس