رياض المسائل الجزء الخامس ::: 331 ـ 345
(331)
الكراهة ، كما حكاها عنه في المنتهى‏ (1) ، وتبعه الشهيد في الدروس ، فقال ـ بعد الحكم بنفي البأس عن السواك بقولٍ مطلق في أول النهار وآخره ـ : وكرهه الشيخ والحسن بالرطب (2).
    أقول : ووافقهما في الكراهة ابن زهرة في الغنية (3) ، واختارها من متأخّري المتأخّرين جماعة (4).
    أو على‏ التقية عن مذهب بعض العامّة (5) ، وربّما يناسبه ظاهر بعض الروايات ، كالمروي عن قرب الإسناد : قال عليّ عليه السلام : « لا بأس بأن يستاك الصائم بالسواك الرطب في أول النهار وآخره » فقيل لعليّ عليه السلام في رطوبة السواك ، فقال : « المضمضة بالماء أرطب منه » فقال علي عليه السلام : « فإن قال قائل : لا بدّ من المضمضة ، لسنّة الوضوء ، قيل : فإنّه لا بدّ من السواك ، للسنّة التي جاء بها جبرئيل عليه السلام » (6) ونحوه آخر مروي في التهذيب (7).
    وضعفهما مجبور بالعمل وما فيهما من التعليل.
    فالقول بالجواز من غير كراهة ، بل الاستحباب ـ كما عليه الأصحاب ـ أوجه ، وإن كانت الكراهة لقاعدة التسامح في أدلّتها لعلّها أنسب ، فتدبّر وتأمّل.
1 ـ المنتهى 2 : 568.
2 ـ الدروس 1 : 279 ، والمراد بالحسن : ابن أبي عقيل العماني.
3 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 571.
4 ـ كالفيض في المفاتيح 1 : 250 ، والحر العاملي في الوسائل 10 : 82 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 28 عنوان الباب ، والمحقق الخوانساري في المشارق : 438.
5 ـ انظر المغني لابن قدامة 3 : 45.
6 ـ قرب الاسناد : 89 / 297 ، الوسائل 10 : 86 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 28 ح 15.
7 ـ التهذيب 4 : 263 / 788 ، الاستبصار 2 : 92 / 295 ، الوسائل 10 : 83 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 28 ح 4.


(332)
     [ وتكره مباشرة النساء تقبيلاً ولمساً وملاعبة ] مع ظنّ عدم الإمناء لمن تحرّك شهوته بذلك ، إجماعاً كما في الخلاف والمنتهى‏(1) للصحاح وغيرها (2). وظاهرها اختصاص الكراهة بمن ذكرنا ، كما عليه الشيخ في الخلاف ، والفاضلان ، والشهيدان (3) ، وجملة ممّن تأخّر عنهما (4).
    خلافاً لظاهر إطلاق العبارة هنا وفي السرائر (5) وغيرهما (6) ، فمطلقاً لإطلاق جملة من النصوص (7). ويحتمل ـ كإطلاقات كلامهم ـ التقييد بمن ذكرنا لكونه الأغلب من أفرادها.
     [ والاكتحال بما فيه مسك ] أو طعم يصل إلى‏ الحلق للنهي عنه في الصحيحين وغيرهما (8) ، المحمول على‏ الكراهة إجماعاً ، وللأصل والحصر السابقين ، وخصوص الصحيحين (9) وغيرهما (10) ، المرخّصين له على‏
1 ـ الخلاف 2 : 196 ، المنتهى 2 : 581.
2 ـ الوسائل 10 : 97 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 33.
3 ـ الخلاف 2 : 396 ، المحقق في الشرائع 1 : 195 ، العلامة في التحرير 1 : 78 ، الشهيد ألاول في الدروس 1 : 279 ، الشهيد الثاني في المسالك 1 : 74.
4 ـ كصاحبي المدارك 6 : 124 ، والذخيرة : 504 ، والحدائق 13 : 150.
5 ـ السرائر 1 : 389.
6 ـ كالارشاد 1 : 297.
7 ـ الوسائل 10 : 74 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 25.
8 ـ الأول : الكافي 4 : 111 / 2 ، الوسائل 10 : 75 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 25 ح 3.
    الثاني : التهذيب 4 : 259 / 769 ، الاستبصار 2 : 89 / 282 ، الوسائل 10 : 76 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 25 ح 9. وانظر : التهذيب 4 : 259 / 768 ، الوسائل 10 : 76 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 25 ح 8.
9 ـ الكافي 4 : 111 / 1 ، التهذيب 4 : 258 / 765 ، الاستبصار 2 : 89 / 278 ، الوسائل 10 : 74 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 25 ح 1.
10 ـ التهذيب 4 : 258 / 766 ، الاستبصار 2 : 89 / 279 ، الوسائل 10 : 75 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 25 ح 6.


(333)
الإطلاق معلّلين بأنّه ليس بطعامٍ يؤكل.
    والكحل في كلٍّ من هذه النصوص وإن كان مطلقاً يشمل ما اختصّت به العبارة وغيره ، إلّا أنّها محمولة على‏ التفصيل الموجود فيها ، فالمانعة مقيّدة بما في العبارة ، والمرخّصة بما عداه.
    لمفهوم المعتبر كالصحيح : عن المرأة تكتحل وهي صائمة ، فقال : « إذا لم يكن كحلاً تجد له طعماً في حلقها فلا بأس » (1).
    والموثّق : « إذا كان كحلاً ليس فيه مسك ولا طعم في الحلق فليس به بأس » (2).
    والرضوي : « ولا بأس بالكحل إذا لم يكن مُمَسَّكاً » (3).
    وعلى‏ هذا التفصيل أكثر الأصحاب ، خلافاً لبعضهم ، فأحتمل الإطلاق (4) ، وعليه فيجمع بين الأخبار ، بحمل المرخّصة منها على‏ الجواز المطلق ، والمانعة على‏ الكراهة ، والمفصّلة على‏ شدّتها.
     [ وإخراج الدم المضعف ، ودخول الحمّام كذلك ] ونحوهما للصحاح المستفيضة ، منها : عن الصائم أيحتجم ؟ فقال : « لا بأس ، إلّا أن يتخوّف على‏ نفسه الضعف » (5).
1 ـ التهذيب 4 : 259 / 771 ، الاستبصار 2 : 90 / 284 ، الوسائل 10 : 75 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 25 ح 5.
2 ـ الكافي 4 : 111 / 3 ، التهذيب 4 : 259 / 770 ، الاستبصار 2 : 90 / 283 ، الوسائل 10 : 74 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 25 ح 2 بتفاوت يسير.
3 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 212 ، المستدرك 7 : 334 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 16 ح 2.
4 ـ كصاحب المدارك 6 : 125.
5 ـ التهذيب 4 : 260 / 774 ، الاستبصار 2 : 90 / 287 ، الوسائل 10 : 80 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 26 ح 10.


(334)
    ونحوه آخران (1).
    ولا يضرّ اختصاصها بالاحتجام لاستفادة العموم من السياق.
    ومنها : عن الرجل يدخل الحمّام وهو صائم ، فقال : « لا بأس ، ما لم يخش ضعفاً » (2).
     [ وشمّ الرياحين ] هو جمع ريحان ، وهو : ما طاب ريحه من النبات بنصّ أهل اللغة (3).
    [ ويتأكّد في النرجس ] بغير خلافٍ في شي‏ء من ذلك أجده ، وبه صرّح في الذخيرة (4) ، مشعراً بدعوى‏ الإجماع عليه ، كما يظهر من المنتهى‏ ، حيث عزاهما إلى‏ علمائنا (5).
    للنهي عنهما في النصوص المستفيضة (6) ، المحمول على‏ الكراهة ، جمعاً بينها وبين ما هو على‏ الجواز أصرح دلالةً منه على‏ الحرمة ، كالصحيح : عن الصائم يشمّ الريحان ، أم لا ترى ذلك له ؟ فقال : « لا بأس به » (7).
1 ـ الكافي 4 : 109 / 1 ، الفقيه 2 : 68 / 287 ، التهذيب 4 : 260 و 261 / 776 و 777 ، الاستبصار 2 : 91 / 289 و 290 ، الوسائل 10 : 77 و 80 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 26 ح 1 و 12.
2 ـ الكافي 4 : 109 / 3 ، الفقيه 2 : 70 / 296 ، التهذيب 4 : 261 / 779 ، الوسائل 10 : 81 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 27 ح 2.
3 ـ اُنظر القاموس 1 : 232.
4 ـ الذخيرة : 505.
5 ـ المنتهى 2 : 583.
6 ـ الوسائل 10 : 91 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 32.
7 ـ التهذيب 4 : 266 / 802 ، الاستبصار 2 : 93 / 297 ، الوسائل 10 : 93 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 32 ح 8.


(335)
    والصحيح : الصائم يشمّ الريحان والطيب ؟ قال : « لا بأس به » (1) ونحوهما غيرهما (2) ، وهي كثيرة.
    بحمل هذه على‏ الجواز المطلق ، وتلك على‏ الكراهة ، مع إشعار جملة منها بها لتضمّنها تعليل النهي بكراهة التلذّذ للصائم ، وهو ليس للتحريم قطعاً.
    وقريب منه تعليل النهي عن النرجس في بعض الأخبار بأنّه ريحان الأعاجم (3).
    وما ورد من أنّ « الطيب تحفة الصائم » (4) محمول على‏ ما عدا الرياحين جمعاً ، ولعدم خلاف في استحبابه للصائم على‏ ما صرّح به جماعة (5) ، إلّا المسك ، فقد ألحقه الفاضل في جملةٍ من كتبه ـ تبعاً للحلّي ، وابن زهرة ـ بالرياحين (6) ، وزاد هو فألحقه بالنرجس في تأكّد الكراهة (7) للرواية : « إنّ عليّاً عليه السلام كره المسك أن يتطيّب به الصائم » (8).
1 ـ الكافي 4 : 113 / 4 ، التهذيب 4 : 266 / 800 ، الاستبصار 2 : 92 / 296 ، الوسائل 10 : 91 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 32 ح 1.
2 ـ الكافي 4 : 113 / 3 ، الفقيه 2 : 70 / 295 ، التهذيب 4 : 265 / 799 ، الوسائل 10 : 92 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 32 ح 3.
3 ـ الكافي 4 : 112 / 2 ، الفقيه 2 : 71 / 301 ، التهذيب 4 : 266 / 804 ، الاستبصار 2 : 94 / 302 ، الوسائل 10 : 92 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 32 ح 4.
4 ـ تقّدم مصدره في الهامش ( 2 ).
5 ـ منهم : صاحبوا المدارك 6 : 131 ، والذخيرة : 505 ، والحدائق 13 : 160.
6 ـ الفاضل في المنتهى 2 : 583 ، والتحرير 1 : 79 ، الحلي في السرائر 1 : 388 ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 571.
7 ـ التحرير 1 : 79 ، المنتهى 2 : 583 ، التذكرة 1 : 266.
8 ـ الكافي 4 : 112 / 1 ، التهذيب 4 : 266 / 801 ، الوسائل 10 : 93 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 32 ح 6.


(336)
    وهي وإن كانت ضعيفة السند ، بل والدلالة على‏ ما ذكره العلّامة لعدم ظهور التأكّد منها ، بل ولا من الرواية الواردة في النرجس ، وإن استدلّ بهما عليه فيهما (1) إذ غايتهما النهي الوارد فيما سواهما من الرياحين أيضاً.
    إلّا أنّ المسامحة في أدلّة السنن تقتضي ذلك ، سيّما مع التأيّد بفتوى‏ الأصحاب كافّة بالتأكّد في النرجس ، وجماعة منهم في المسك بالكراهة المطلقة أو المؤكّدة ، كما عرفته.
     [ والاحتقان بالجامد ] لما مرّ (2).
    [ وبلّ الثوب على‏ الجسد ] بلا خلاف ظاهر للنهي عنه في النصوص (3) ، المحمول لضعفها على‏ الكراهة.
    مضافاً إلى‏ الأصل والحصر السابقين ، والصحيح : « الصائم يستنقع في الماء ، ويصبّ على‏ رأسه ، ويتبرّد بالثوب ، وينضح بالمروحة ، وينضح البوريا تحته ولا يغمس رأسه في الماء » (4).
    وما فيه من جواز الاستنقاع في الماء قد دلّ عليه بعض النصوص السابقة (5) ، مع تضمّنه النهي عن بلّ الثوب ، ولمّا أن سُئل عليه السلام عن وجه الفرق قال : « أول من قاس إبليس » (6).
    ولا خلاف فيه أجده للرجل. وأمّا المرأة فالمشهور بين المتأخّرين‏
1 ـ أي : وان استدل بالرواتين على تأكّد الكراهة في النرجس والمسك.
2 ـ في ص : 324.
3 ـ الوسائل 10 : 35 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 3.
4 ـ الكافي 4 ، 106 / 3 ، التهذيب 4 : 262 / 785 ، الاستبصار 2 : 84 / 260 ، الوسائل 10 : 36 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 3 ح 2.
5 ـ في ص : 330.
6 ـ الكافي 4 : 113 / 5 ، التهذيب 4 : 267 / 807 ، الاستبصار 2 : 93 / 301 ، الوسائل 10 : 37 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 3 ح 5.


(337)
الكراهة ، وإليه أشار الماتن بقوله : [ وجلوس المرأة في الماء ].
    خلافاً للقاضي ، وابن زهرة ، والحلبي ، فيجب عليها به القضاء (1) ، وزاد الأولان فأوجبا به الكفّارة أيضاً ، وادّعى‏ عليه الثاني إجماعنا.
    فإن تمّ وإلّا ـ كما هو الظاهر لندرة القول بهما ، بل شذوذهما كما قيل ـ (2) فالظاهر الأول للأصل والحصر ، مع عدم دليل على‏ شي‏ءٍ من الأمرين.
    نعم ، في الموثّق : عن الصائم يستنقع في الماء ، قال : « لا بأس ، ولكن لا يغمس رأسه ، والمرأة لا تستنقع ، لأنّها تحمله بقبلها » (3).
    وهو غير صريح ، بل ولا ظاهر في شي‏ء منهما ، وإنّما غايته النهي المفيد للحرمة ، وهي أعمّ من ثبوتهما ، إلّا أن يتمّ بعدم قائل بها من غير قضاء ، فيكون ثابتاً.
    وهو حسنٌ إن قاوم الخبرُ الأصلَ والحصر النافيين لها. وهو محلّ نظر ، بعد اشتهارهما بالشهرة العظيمة المتأخّرة ، التي كادت تكون لنا إجماعاً ، مع قصوره سنداً.
    فالأولى‏ حمله على‏ الكراهة ، وإن كان الأحوط الاجتناب بلا شبهة.
    بل لا يبعد القول بالتحريم لاعتبار السند بالموثّقية ، المؤيّد ـ مع ذلك ـ بإجماع ابن زهرة ، فلا يعارضه الأصل والحصر وإن اعتضدا بالشهرة لكونها متأخّرة ، فيخصّص به عمومهما ، سيّما مع اختصاص الثاني ـ بحكم السياق ـ بالرجل جدّاً ، مع وهن عمومه بلزوم تخصيصه في مواضع.
1 ـ القاضي في المهذّب 1 : 192 ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 571 ، الحلبي في الكافي في الفقه : 183.
2 ـ الروضة 2 : 133 ، مفاتيح الشرائع 1 : 250.
3 ـ الكافي 4 : 106 / 5 ، الفقيه 2 : 71 / 307 ، التهذيب 4 : 263 / 789 ، الوسائل 10 : 37 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 3 ح 6.


(338)
     [ وفيه مسائل ] سبع :
     [ الأُولى‏ : تجب الكفّارة والقضاء ] معاً [ بتعمّد الأكل والشرب ] المعتادين ، بإجماع العلماء ، كما صرّح به جماعة مستفيضاً (1).
    وكذا غير المعتاد منهما على‏ الأقوى‏ بناءً على‏ ما مرّ من حصول الفطر به (2) ، فيدخل في عموم ما دلّ على‏ إيجابه لهما ، كالصحيح : في رجل أفطر في شهر رمضان متعمّدا يوماً واحداً من غير عذر ، قال : « يعتق نسمة ، أو يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستّين مسكيناً ، فإن لم يقدر تصدّق بما يطيق » (3).
    ويأتي على‏ قول المرتضى‏ عدم إيجابه لشي‏ء منهما (4).
    وأمّا ما حكاه عن بعض أصحابنا ـ من إيجابه القضاء خاصّة ـ (5) فلم نعرف قائله ولا مستنده ، مع أنّ ما قدّمناه من الأدلّة على‏ خلافه حجّة واضحة.
1 ـ منهم الشيخ في الخلاف 2 : 193 ، والعلّامة في المنتهى 2 : 572 ، وصاحب المدارك 6 : 75.
2 ـ راجع ص : 305.
3 ـ الكافي 4 : 101 / 1 ، الفقيه 2 : 72 / 308 ، التهذيب 4 : 321 / 984 ، الاستبصار 2 : 95 / 310 ، الوسائل 10 : 44 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح 1.
4 ـ راجع ص : 306.
5 ـ جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى 3 ) : 55.


(339)
    [ والجماع قبلاً ] إجماعاً من المسلمين قاطبةً ، كما صرّح به جماعة (1) ، والنصوص به عموماً (2) وخصوصاً مستفيضة (3).
    [ و ] كذا [ دبراً على‏ الأظهر ] الأشهر بناءً على‏ ما مرّ من حصول الفطر به (4) ، فيدخل في عموم نحو الصحيح الماضي.
    [ والإمناء بالملاعبة والملامسة ] لما مرّت إليه الإشارة (5) ، مع نقل الخلاف ـ فيما لو لم يتعمّده ـ عن الإسكافي ، بإيجابه القضاء خاصّة (6) ، وعن غيره بنفيه له أيضاً (7).
    [ وإيصال الغبار الغليظ إلى‏ الحلق ] (8) على‏ الأظهر الأشهر ، وفي ظاهر الغنية وعن صريح نهج الحقّ : الإجماع عليه (9) وهو الحجّة.
    مضافاً إلى‏ ما مرّ من الخبر الصريح (10) ـ المنجبر ضعفه سنداً ومتناً بما مضى ـ ومن تحقّق الإفطار به ، فتجب به الكفّارة ، لعموم نحو الصحيح الماضي.
1 ـ كصاحبي المدارك 6 : 75 ، والذخيرة : 496.
2 ـ المراد بالعموم نحو قوله عليه السلام فيما مرّ من الصحيح : من أفطر متعمداً فعليه كذا. ( منه رحمه الله ).
3 ـ الوسائل 10 : 39 و 44 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 4 و 8.
4 ـ في ص : 306.
5 ـ و 6 راجع ص : 309.
7 ـ راجع ص : 310.
8 ـ ذهب اليه الشيخ في الجمل والاقتصاد والمبسوط والخلاف ، والفاضلان هنا وفي الشرائع والمنتهى والارشاد والقواعد والمختلف ، وفيه عن المفيد : أنّه ينقض الصوم ، فليزمه هذا القول لو عمل بنحو الصحيح العام لوجوب الكفارة لكل مفطر ، وهو خيرة التنقيح أيضاً. ( منه رحمه الله ).
9 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 571 ، نهج الحق : 461.
10 ـ المتقّدم في ص : 311.


(340)
    خلافاً للتقي والحلّي ، فيجب به القضاء خاصّة (1) ، اقتصاراً على‏ المجمع عليه.
    وهو حسن إن لم يوجد دليل آخر ، وقد وجد كما ظهر.
    ومن هنا يظهر الإجماع على‏ وجوب القضاء.
    نعم ، مرّ عن السيّد أنّه يلزمه في أحد قوليه عدمُ وجوبه أيضاً. وهو نادر وإن مال إليه جماعة من متأخّري المتأخّرين (2).
     [ وفي ] وجوبهما بتعمّد [ الكذب على‏ اللَّه تعالى والرسول صلى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام ، والارتماس ، قولان ].
    أولهما للشيخين والقاضي والتقي في الأول (3) ، والصدوق في الثاني (4) ، والسيّدين في الإنتصار والغنية مدّعيين عليه فيهما إجماع الإمامية (5) ، وعزاه في الخلاف إلى‏ أكثر الأصحاب (6) ، وفي الدروس إلى‏ المشهور (7).
    ولعلّه المنصور للإجماع المنقول ، المعتضد بالشهرة القديمة ، بل المطلقة المحكيّة ، مضافاً إلى‏ النصوص المستفيضة في الأول بإفطاره للصائم ، ووجوب القضاء به.
1 ـ كما في الكافي في الفقه : 183 ، والسرائر 1 : 377.
2 ـ منهم السبزواري في الكفاية : 46 ، والفيض في المفاتيح 1 : 248 ، وصاحب الحدائق 13 : 72.
3 ـ المفيد في المقنعة : 344 ، الطوسي في الاقتصاد : 287 ، والنهاية : 153 ، القاضي في المهذّب 1 : 192 ، التقي ( الحلبي ) في الكافي في الفقه : 182.
4 ـ الفقيه 1 : 67.
5 ـ الانتصار : 62 ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 571.
6 ـ الخلاف 2 : 221.
7 ـ الدروس 1 : 274.


(341)
    كالموثّق : عن رجل كذب في رمضان ، قال : « قد أفطر وعليه قضاؤه » قلت : وما كذبته ؟ قال : « يكذب على‏ اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله » (1).
    والخبر أو الموثّق : « إنّ الكذب على‏ اللَّه تعالى وعلى‏ رسوله وعلى‏ الأئمّة عليهم السلام يفطر الصائم » (2).
    وفي جملة منها : أنّه ينقض الوضوء ويفطر الصائم (3).
    والخبرين فيهما بإيجابهما ذلك ، أحدهما الرضوي : « واتّق في صومك خمسة أشياء تفطرك : الأكل ، والشرب ، والجماع ، والارتماس في الماء ، والكذب على‏ اللَّه وعلى‏ رسوله صلى الله عليه وآله وعلى‏ الأئمّة عليهم السلام » (4) ونحوه الثاني المرفوع المروي في الخصال (5).
    وإذا ثبت إيجابهما الإفطار تعيّن القول بوجوب القضاء والكفّارة معاً لعموم نحو الصحيح الذي مضى ، مع تصريح جملة منها بوجوب القضاء (6).
    وكلّ مَن أوجبه بالأول (7) أوجب الكفّارة أيضاً ، إلّا الفاضل في القواعد ، فأوجبه احتمالاً ولم يوجبها قطعاً (8) ، ونحوه الماتن هنا.
1 ـ التهذيب 4 : 189 / 536 ، الوسائل 10 : 33 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 2 ح 1.
2 ـ الفقيه 2 : 67 / 277 ، الوسائل 10 : 34 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 2 ح 4.
3 ـ الوسائل 10 : 33 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 2 ح 2 و 3 و 5 و 7.
4 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 207 ، المستدرك 7 : 321 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 1 ح 1.
5 ـ الخصال : 286 / 39 ، الوسائل 10 : 34 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 2 ح 6.
6 ـ من أنه يجب القضاء بالمفطر. ( منه رحمه الله ). راجع ص : 338.
7 ـ أي الكذب.
8 ـ القواعد 1 : 64.


(342)
    ولعلّه للأصل ، وخلوّ النصوص عنها ، سيّما ما تضمّن منها لإيجابه القضاء ، لورودها في مقام الحاجة ، مع عدم دليل عليها ، عدا عموم الصحيح بإيجاب المفطر لها ، والمتبادر منه نحو الأكل والشرب والجماع ، دون نحو المقام ، ولا يخلو عن وجهٍ ما.
    لكنّه نادر جدّاً ، مع أنّ عبارته موهمة لما ذكرنا ، وإلّا فعند التحقيق يظهر خلافه ، وهو : أنّ عدم إيجابه الكفّارة فيه إنّما هو لعدم وجوب القضاء به.
    وقصور الأسانيد أو ضعفها مجبور بالشهرة القديمة ، بل مطلقاً ، مضافاً إلى‏ الإجماعات المحكية ، فيخصّص بها الأصل المعارض لها في المقامين ، والصحيح الحاصر (1) المعارض لها في الأول.
    ويستدلّ به على‏ الحكم في الثاني ، بناءً على‏ أنّ المتبادر من إضراره بالصائم المفهوم منه إنّما هو الإضرار بحسب الإفساد ، وربّما أشعر به السياق ، كما صرّح به جماعة من الأصحاب (2).
    ولئن تنزّلنا فلا ريب في صلوحه للتأييد ، كالنهي الوارد عنه في الصحاح وغيرها (3) ، بناءً على‏ أنّ الظاهر أنّه إنّما هو من حيث ما يترتّب عليه من بطلان الصوم ، لا التعبّد أو الاحتياط عن دخول الماء في الجوف.
    وثانيهما (4) للمرتضى‏ في الجمل ، والعماني ، والحلّي (5) ، وأكثر
1 ـ المتقّدم في ص : 308.
2 ـ المدارك 6 : 50 ، الحدائق 13 : 136.
3 ـ الوسائل 10 : 35 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 3.
4 ـ أي ثاني القولين وقد تقدم أولهما في ص : 340.
5 ـ جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى 3 ) : 54 ، حكاه عنه في المختلف : 218 ، السرائر 1 : 377.


(343)
المتأخّرين (1) ، فلم يوجبوهما في المقامين.
    للأصل فيهما ، وعموم الصحيح الحاصر في الأول ، مع سلامتهما عن المعارض ، عدا الإجماع الموهون في محلّ النزاع.
    والنصوصِ المتقدّمة المشتركة في ضعف السند أو قصوره في الأول ، مع تضمّن جملة منها ما لا يقول به أحد من نقض الوضوء به أيضاً.
    وإشعارِ الصحيح الحاصر في الثاني. وهو ضعيف ، وغاية ما يستفاد منه التحريم ، ونحن نقول به.
    وجواب جميع ذلك يعلم ممّا سبق إلّا وهن الإجماع في محلّ النزاع ، وتضمّن جملة من الأحاديث ما لا يقول به أحد.
    وفي الأول منع ، سيّما مع الاعتضاد بالشهرة القديمة الظاهرة لعدم انطباقه على‏ أُصول الإمامية وما قرروه في الإجماع من وجه الحجّية ، وهو الكشف عن قول الحجّة ، وأنّه لا ينافيه خروج معلوم النسب ولو كان مائة.
    والثاني غير قادح ، فإنّه كالعامّ المخصّص حجّةٌ في الباقي ، مع أنّ الحجّة غير منحصرة في تلك النصوص ، لوجود غيرها ممّا لا يتضمّن ذلك ، وفيه كفاية.
    وفي الثاني (2) قول ثالث ، وهو : وجوب القضاء خاصَّة ، للحلبي صريحاً (3) ، والفاضل في القواعد احتمالاً (4).
    وربّما يميل إليه كلام الماتن هنا ، حيث إنّه بعد نقل القولين‏
1 ـ الشرائع 1 : 189 ، المدارك 6 : 46 ، مفاتيح الشرائع 1 : 248.
2 ـ أي الارتماس.
3 ـ كما في الكافي في الفقه : 183.
4 ـ القواعد 1 : 64.


(344)
بوجوب القضاء والكفّارة معاً ، كما يقتضيه سياق العبارة قال : [ أشبههما : أنّه لا كفّارة ] ولم ينف القضاء ، لكنّه غير صريح ، بل ولا ظاهر في إثباته ، سيّما ولم يذكره في المسألة الخامسة فيما يوجب القضاء خاصّة (1) ، وربّما يقال : إنّه لتردّده فيه.
    وكيف كان ، فلا وجه لهذا القول غير ما قدّمناه للفاضل في إيجابه له خاصّةً في الأول ، ولا يخلو عن وجه لولا الندرة ، ودعوى‏ الإجماعات على‏ خلافه.
     [ وفي ] وجوبهما ب‍ [ تعمّد البقاء على‏ الجنابة إلى‏ الفجر ] أم القضاء خاصّة ، كما عن العماني ، والمرتضى‏ في أحد قوليه (2) [ روايتان (3) ، أشهرهما : الوجوب ] بل عليه الإجماع في صريح الغنية والخلاف والسرائر وظاهر الانتصار (4).
    وهي ـ مع ذلك ـ عديدة ، منها الموثّق : في رجلٍ أجنب في شهر رمضان بالليل ، ثم ترك الغسل متعمّداً حتى أصبح ، قال : « يعتق رقبة ، أو يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستّين مسكيناً » الحديث (5).
    ونحوه الخبران (6) ، المنجبر ضعفهما سنداً ـ كقصور الأول عن الصحّة ـ
1 ـ انظر ص : 356.
2 ـ نقله عن العماني في المختلف : 220 ، وحكاه عن المرتضى في المدارك 6 : 76.
3 ـ في « ح » زيادة : أظهرهما و ...
4 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 571 ، الخلاف 2 : 174 ، السرائر 1 : 377 ، الانتصار : 63.
5 ـ التهذيب 4 : 212 / 616 ، الاستبصار 2 : 87 / 272 ، الوسائل 10 : 63 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 16 ح 5.
6 ـ التهذيب 4 : 212/ و 214 / 618 و 621 ، الاستبصار 2 : 87 / 273 و 274 ، الوسائل 10 : 63 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 16 ح 3 و 4.


(345)
بالشهرة العظيمة القديمة والمتأخّرة ، والإجماع المستفيض النقل والحكاية ، والرضوية المتقدّمة (1) ، فيخصّص بها الأصل.
    وتُصرَف الرواية الثانية المتضمّنة للأمر بالقضاء خاصّة ، ثم إتباعه بالاستغفار ، الظاهر في عدم لزوم كفّارةٍ غيره ، وهي الصحيحة المتقدّمة في بحث وجوب الإمساك عن هذا (2) عن ظاهرها إلى‏ ما يوافق الرواية الأُولى‏.
    فإذاً : العمل عليها دون الثانية ، وإن مال إليها في التحرير (3) ، وأفتى بها بعض متأخّري المتأخّرين (4) ، وفاقاً لمن عرفته.
    وأمّا الرواية بعدم وجوب شي‏ء منهما به ، بل ولا إثم (5) ، فقد عرفت الجواب عنها ثمّة.
     [ وكذا لو نام غير ناوٍ للغسل حتى طلع الفجر ] عند جماعةٍ (6) إن أُريد من العبارة ظاهرها ، وهو النوم مع الذهول عن نيّة الاغتسال بعد النومة.
    ولو أُريد بها النوم مع العزم على‏ ترك الاغتسال ، فهو إجماعي ، كما مرّ البحث فيه وفي سابقه هناك (7).
1 ـ في ص : 319.
2 ـ راجع ص : 313.
3 ـ التحرير 1 : 79.
4 ـ الفيض في المفاتيح 1 : 247.
5 ـ التهذيب 4 : 210 / 610 ، الاستبصار 2 : 85 / 226 ، الوسائل 10 : 59 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 13 ح 6.
6 ـ منهم المحقق في الشرائع 1 : 191 ، والعلّامة في المنتهى 2 : 573.
7 ـ راجع ص : 317.
رياض المسائل الجزء الخامس ::: فهرس