رياض المسائل الجزء الخامس ::: 391 ـ 405
(391)
    وضعف السند مجبور بعمل الأكثر ، بل الإجماع ، كما في الخلاف وفي المنتهى‏ والتنقيح (1).
    وعن المعتبر : أنّها وإن كانت ضعيفة السند إلّا أنّ أصحابنا ادّعوا الإجماع على‏ صحّة مضمونها ، مع ظهور الفتوى‏ بها ، ونسبة الفتوى‏ إلى‏ الأئمّة عليهم السلام ، وإذا عُرِف ذلك لم يعتدّ بالناقلين إذ يُعلَم أقوال أرباب المذاهب بنقل أتباعهم وإن استندت في الأصل إلى‏ الضعفاء (2). انتهى‏. وهو حسن.
    وإطلاق الرواية بل عمومها الناشئ عن ترك الاستفصال يقتضي عدم الفرق في المرأة بين كونها زوجةً دائمة أو منقطعة ، وبه صرّح جماعة (3) ، من غير خلاف بينهم أجده.
    وفي التحمّل عن الأمة والأجنبية ، وتحمّل المرأة لو أكرهته ، وتحمّل الأجنبي لو أكرههما ، والنائمة ، اختلاف بين الأصحاب وإشكال.
    ومقتضى الأصل : العدم ، حتى في الأمة والأجنبي لمنع الأولوية في الأخير بعد قوّة احتمال مانعية عظم الذنب قبوله للتكفير ، سيّما مع وجود النظير ، ومنع صدق المرأة مضافة إليه حقيقةً على‏ الأمة عرفاً وعادة.
    ولكن الأحوط : التحمّل في الجميع ، ولا سيّما ما صرّحنا فيه بالعدم لقوّة الشبهة فيه ، خصوصاً الأمة ، لتسميتها امرأة حقيقةً لغةً ، وهو مقدّم على‏ العرف والعادة على‏ قول جماعة لا يخلو عن قوّة.
348 ، الوسائل 10 : 56 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 12 ح 1.
1 ـ الخلاف 2 : 182 ، المنتهى 2 : 571 ، التنقيح 1 : 370.
1 ـ المعتبر 2 : 681.
3 ـ منهم : الشهيد الثاني في المسالك 1 : 74 ، والسبزواري في الذخيرة : 512 ، وصاحب الحدائق 13 : 237.


(392)
     [ و ] اعلم أنّه [ يعتبر في ] صحة صوم [ الرجل : العقل ، والإسلام ].
     [ وكذا ] يعتبران [ في ] صوم [ المرأة مع ] شرط زائد ، وهو : [ اعتبار الخلوّ من الحيض والنفاس ].
    [ فلا يصحّ من الكافر ] بأنواعه لعدم تأتّي قصد القربة وامتثال الأمر به منه ، لإنكاره له ، مع أنّه شرط في الصحّة إجماعاً نصّاً وفتوى ، فإذا انتفى‏ الشرط انتفى‏ المشروط تحقيقاً للشرطية.
    [ وإن وجب عليه ] عندنا بناءً على أنّه مكلّف بالفروع ، كما حُقّق في محلّه مستقصىً ، وفي المنتهى‏ : أنّه مذهب علمائنا (1) أجمع :
    [ ولا من المجنون ].
    قال في المنتهى‏ : لأنّ التكليف يستدعي العقل ، لأنّ تكليف غير العاقل قبيح ، ولقوله عليه السلام : « وعن المجنون حتى يُفيق » (2).
    ولا يؤمر بالصوم كما يؤمر الصبي به بلا خلاف لأنّه غير مميّز ، بخلاف الصبي فإنّه مميّز ، فكان للتكليف في حقّه فائدة ، بخلاف المجنون.
    هذا إذا كان جنونه مطبقاً. أمّا لو أفاق وقتاً دون وقت ، فإن كانت إفاقته يوماً كاملاً وجب عليه الصيام فيه لوجود المقتضي بشرط وهو العقل ذلك اليوم ، وعدم المانع وهو عدم التعقّل ولأنّ صوم كلّ يومٍ عبادة
1 ـ المنتهى 2 : 585.
2 ـ الخصال : 93 / 40 ، الوسائل 1 : 45 أبواب مقدّمة العبادات ب 4 ح 11.


(393)
بانفراده ، فلا يؤثّر فيه ما يزيل الحكم عن غيره (1).
     [ و ] لا من [ المغمى‏ عليه ، ولو سبقت منه النيّة ، على‏ الأشبه ].
    وعليه الأكثر ، كما في المنتهى‏ وغيره (2) ، وفي شرح الشرائع للصيمري والذخيرة : أنّه المشهور بين الأصحاب (3).
    قيل : لأنّ زوال العقل مسقط للتكليف ، فلا يصحّ منه مع السقوط وأنّ كلّ ما أفسد الصوم إذا وجد في جميعه أفسده إذا وجد في بعضه ، كالجنون والحيض وأنّ سقوط القضاء يستلزم سقوط الأداء في الصوم ، والأول ثابت على‏ ما يأتي ، فيثبت الثاني (4).
    وأُجيب (5) عن الأول : بمنع الكبرى مستنداً بالنائم.
    وعن الثاني : بمنع كون الإغماء في جميع النهار مع سبق النيّة مفسداً للصوم ، فإنّه أول البحث.
    وعن الثالث : بمنع الاستلزام المذكور.
    وهذه الأجوبة حسنة إلّا الأوّل لابتنائه على‏ عدم الفرق بين النوم والإغماء ، مع أنّ الفرق بينهما واضح ، كما نبّه عليه جماعة ، منهم شيخنا في المسالك ، وقد أطنب الكلام فيه بما لا مزيد عليه (6).
    أو أشار بـ : « الأشبه » إلى‏ خلاف المفيد والمرتضى‏ ، حيث صحّحا صومه مع سبق النيّة ، ونفيا عنه القضاء حينئذ (7).
1 ـ المنتهى 2 : 585.
2 ـ المنتهى 2 : 585 ، وانظر المدارك 6 : 331.
3 ـ الذخيرة : 525.
4 ـ قال به العلّامة في المنتهى 2 : 585.
5 ـ كما في الذخيرة : 525.
6 ـ المسالك 1 : 74.
7 ـ المفيد في المقنعة : 352 ، المرتضى في جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى 3 ) : 57.


(394)
    ولا دليل عليه يعتدّ به. مع أنّه لا ثمرة بين القولين بالنسبة إلى‏ القضاء لاتّفاقهما على‏ نفيه ، بل سيأتي أنّ الأظهر الأشهر عدم وجوبه عليه مطلقاً ، ولو لم تسبق منه النيّة (1).
    نعم ، تحصل الثمرة فيما لو أفطر عامداً في نهارٍ نوى‏ صومه ثم أُغمي عليه في بعضه ، فتجب الكفّارة عليه على‏ الثاني دون الأول. وهو الأقرب ، ويعضده ـ زيادةً على‏ ما دلّ على‏ صحته ـ الأصل.
     [ ولا من الحائض والنفساء ] باتّفاق العلماء ، كما عن المعتبر وفي المنتهى‏ ، (2) و النصوص به مستفيضة جدّاً (3).
    والحكم بذلك مطلق [ ولو ] في صورةٍ [ صادف ذلك ] أي الدم المدلول عليه بالمقام [ أول جزءٍ من النهار ، أو آخر جزء منه ].
    وفي المنتهى‏ : أنّه لا خلاف فيه بين العلماء ، قال : ويدلّ عليه ما تقدّم من الأحاديث.
    لا يقال : قد روى‏ الشيخ عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام ، قال : « إن عرض للمرأة الطمث في شهر رمضان قبل الزوال فهي في سعةٍ أن تأكل وتشرب ، وإن عرض لها بعد الزوال لتغتسل ولتعتدّ بصوم ذلك اليوم ما لم تأكل وتشرب » (4).
    لأنّا نمنع صحّة سنده إذ في طريقه عليّ بن فضّال ، وهو فطحي.
    قال الشيخ : هذا الحديث وهمٌ من الراوي ، لأنّه إذا كان رؤية الدم هو
1 ـ راجع ص : 430.
2 ـ المعتبر 2 : 683 ، المنتهى 2 : 585.
3 ـ الوسائل 10 أبواب من يصح منه الصوم ب 25 ، 26.
4 ـ التهذيب 1 : 393 / 1216 ، الاستبصار 1 : 146 / 500 ، الوسائل 10 : 232 أبواب من يصح منه الصوم ب 28 ح 4.


(395)
المفطر فلا يجوز لها أن تعتدّ بذلك اليوم. وإنّما يستحبّ لها أن تمسك بقيّة النهار تأديباً إذا رأت الدم بعد الزوال لما رواه محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن المرأة ترى الدم غدوةً أو ارتفاع النهار أو عند الزوال ، قال : « تفطر ، وإن كان بعد العصر أو بعد الزوال فلتمض على‏ صومها ، ولتقض ذلك اليوم » (1) (2).
    [ ويصحّ ] الصوم [ من الصبي المميّز ] وفاقاً للشيخ (3) وجماعة ، ومنهم الفاضلان (4) ، بل يظهر من ثانيهما في المنتهى‏ عدم خلافٍ فيه بيننا. فإنّه قال : ولا خلاف بين أهل العلم في شرعيّة ذلك لأن النبيّ صلى الله عليه وآله أمر وليّ الصبي بذلك.
    ومن طرق الخاصّة : ما رواه الشيخ في الحسن ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال : « إنّا نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا بني سبع سنين ما أطاقوا من صيام اليوم ، فإذا غلبهم العطش أفطروا » (5).
    ولأنّ فيه تمريناً على‏ الطاعة ومنعاً عن الفساد ، فكان شرعه ثابتاً في نظر الشرع.
    إذا ثبت ذلك فإنّ صومه صحيح شرعي ، ونيّته صحيحة شرعية ،
1 ـ التهذيب 1 : 393 / 1217 ، الاستبصار 1 : 146 / 501 ، الوسائل 10 : 232 أبواب من يصح منه الصوم ب 28 ح 3.
2 ـ المنتهى 2 : 585.
3 ـ المبسوط 1 : 278.
4 ـ كما في الشرائع 1 : 197 ، والمنتهى 2 : 584 ـ 585.
5 ـ الكافي 4 : 124 / 1 ، الفقيه 1 : 182 / 861 ، التهذيب 2 : 380 / 1584 ، الاستبصار 1 : 409 / 1564 ، الوسائل 10 : 234 أبواب من يصح منه الصوم ب 29 ح 3 بتفاوت يسير.


(396)
وينوي الندب ، لأنّه الوجه الذي يقع عليه ، فلا ينوي غيره.
    وقال أبو حنيفة : إنّه ليس بشرعي ، وإنّما هو إمساك عن المفطرات. وفيه قوّة.
    وكذا المرأة تؤمر بالصيام قبل سنّ البلوغ ـ وهو تسع ـ أو الإنزال ، أو الحيض على‏ ما يأتي لأنّ المقتضي في الصبي موجود فيها ، فيثبت الأثر (1). انتهى.
    لكنّه ـ زيادةً على‏ تقويته الخلاف هنا ـ خالف صريحاً في المختلف ، ووافق ما قوّاه ، قال : لأنّ التكليف مشروط بالبلوغ ، ومع انتفاء الشرط ينتفي المشروط (2). وهو خيرة ولده في الإيضاح (3) وغيره (4).
    وهو غير بعيد لقوّة دليله ، وضعف ما استدلّ به على خلافه.
    أمّا الأول : فلعموم رفع القلم ، الشامل للندب أيضاً. وما يقال في الجواب : من اختصاصه بالوجوب والمحرّم (5) ، فغير واضح الوجه.
    وأمّا الثاني : فلأنّ أمر الولي بأمر الصبي بالصيام ليس أمراً له به ، وعلى‏ تقدير التسليم فالذي يظهر من جملة من النصوص أنّه أمرُ تأديب.
    ففي رواية الزهري (6) والفقه الرضوي (7) : « وأمّا صوم التأديب : فإنّه‏
1 ـ المنتهى 2 : 584 ـ 585.
2 ـ المختلف : 216.
3 ـ الايضاح 1 : 243.
4 ـ كالمحقق الثاني في جامع المقاصد 3 : 82.
5 ـ كما في الحدائق 13 : 54.
6 ـ الكافي 4 : 83 / 1 ، الفقيه 2 : 46 / 208 ، التهذيب 4 : 294 / 895 ، الخصال : 534 / 2 ، الوسائل 10 : 234 أبواب من يصح منه الصوم ب 29 ح 4 بتفاوت.
7 ـ فقه الرضا عليه السلام : 202 ، المستدرك 7 : 391 أبواب من يصح منه الصوم ب 16 ح 1.


(397)
يؤمر الصبي إذا بلغ سبع سنين بالصوم تأديباً ، وليس ذلك بفرض ».
    وزاد في الأخير : « وإن لم يقدر إلّا نصف النهار يفطر إذا غلبه العطش ، وكذلك من أفطر لعلّةٍ أول النهار ثم قوي بقيّة يومه أُمر بالإمساك بقيّة يومه تأديباً ، وليس بفرض ، وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار ثم قدم أهله أُمر بقيّة يومه بالإمساك تأديباً ، وليس بفرض » وزاد في الأُولى‏ : « وكذلك الحائض إذا طهرت أمسكت بقيّة يومها ».
    ونحوهما في التصريح التأديب رواية أُخرى ، مرويّة في الوسائل عن الخصال.(1)
    وظاهرها ـ سيّما بعد ضمّ الزيادات ـ أنّه ليس بصوم حقيقي ، بل هو إمساك بَحت.
    وأمّا ما يستدلّ للصحّة بإطلاق الأمر فقد أجاب عنه في الذخيرة : بأنّه للإيجاب ، والظاهر عدم تعلّقه بالصبيان (2).
    أقول : ولو أُريد به الأوامر المستحبّة ففيه أولاً : أنّها منساقة لبيان أصل الاستحباب ، وأمّا مَن يستحبّ له فالمتضمّن لها بالنسبة إليه مجمل ، مع أنّه يمكن أن يقال : إنّ المتبادر منها بالنسبة إليه مَن عدا الصبيان.
    ويتفرّع على‏ الخلاف.

    فروع :
    منها : ما لو بلغ في أثناء النهار قبل الزوال بغير المبطل ، فعلى الصحّة يجب الإتمام ، وعلى‏ عدمها فلا.
1 ـ الخصال : 501 / 3 ، الوسائل 10 : 237 أبواب من يصح منه الصوم ب 29 ح 13.
2 ـ الذخيرة : 530.


(398)
    ومنها : ما لو وُقف للصائمين ، فيعُطى‏ الصبيان على‏ الأول ، دون الثاني.
    [ و ] يصحّ [ من المستحاضة ، مع فعل ما يجب عليها من الأغسال ] الثلاثة في الكثيرة ، والغسل الواحد في المتوسّطة ، بلا خلاف ولا ريبة ، فتوىً ورواية (1).
    [ ويصحّ من المسافر في النذر المعيّن المشترط سفراً وحضراً ] أو سفراً خاصّة [ على‏ قولٍ مشهور ].
    ذهب إليه الشيخان ، والأتباع (2) ، على‏ ما حكاه عنهم جماعة ، من غير نقل مخالف لهم بالكلّية.
    فإن تمّ إجماعاً ، كما هو ظاهر المنتهى‏ ، حيث نفى‏ الخلاف عنه (3) ، وصريح غيره ، حيث ادّعى‏ اتّفاق الأصحاب عليه (4).
    وإلّا ففيه إشكال لعدم وضوح مستنده ، عدا الموثّق : عن الرجل يجعل للَّه تعالى عليه صوم يوم مسمّى‏ ، قال : « يصوم أبداً في السفر والحضر » (5).
    والمكاتبة الصحيحة : كتب إليه بندار مولى إدريس : يا سيّدي نذرتُ أن أصوم كلّ يوم سبت ، وإن أنا لم أصمه ما يلزمني من الكفّارة ؟ فكتب وقرأته : « لا تتركه إلّا من علّة ، وليس عليك صومه في سفر ولا مرض ، إلّا
1 ـ الوسائل 10 : 230 أبواب من يصح منه الصوم ب 27.
2 ـ المفيد في المقنعة : 350 ، الطوسي في النهاية : 163 ، القاضي في المهذّب 1 : 194 ، الديلمي في المراسم : 97 ، المحققّ في المعتبر 2 : 684.
3 ـ المنتهى 2 : 586.
4 ـ الحدائق 13 : 191.
5 ـ الكافي 4 : 143 / 9 ، التهذيب 4 : 235 / 688 ، الاستبصار 2 : 101 / 330 ، الوسائل 10 : 198 أبواب من يصح منه الصوم ب 10 ح 7.


(399)
أن تكون نويت ذلك » (1)
    وفيهما نظر لإطلاق الأول وشموله ما لم يقيّده بالسفر ، ولم يقولوا به عدا المرتضى‏ (2) ، وهو نادر ، ومع ذلك معارَض بأجود منه.
    وإضمار الثاني ، واشتماله على‏ ما لم يقل به أحد من وجوب الصوم في المرض إذا نوى‏ ذلك.
    ولعلّه لذا ضعّف الماتن الرواية في المعتبر ، فقال : ولمكان ضعف هذه الرواية جعلناه قولاً مشهوراً (3). وإلّا فهي صحيحة السند. ولا تضرّ جهالة الكاتب لأنّ مقتضى‏ الرواية إخبار الثقة (4) بقراءة المكتوب.
    والأحوط عدم التعرّض لإيقاع مثل هذا النذر ، ولو أُوقع فالعمل على‏ المشهور ، للإجماع المنقول ، الجابر لضعف الرواية.
     [ و ] يصحّ منه [ في ثلاثة أيّامٍ لدم المتعة ، وفي بدل البدنة ] وهو ثمانية عشر يوماً [ لمن أفاض من عرفات قبل الغروب عامداً ] كما سيأتي بيانهما مع المستند في كتاب الحجّ إن شاء اللَّه تعالى.
    [ ولا يصحّ ] منه [ في واجبٍ غير ذلك على‏ الأظهر ] الأشهر ، بل عليه عامّة من تأخّر.
    للمعتبرة المستفيضة ، القريبة من التواتر ، بل لعلّها متواترة ، وفيها الصحاح والموثّقات وغيرها (5) ، وهي ما بين عامّة لجميع الواجبات ،
1 ـ التهذيب 4 : 235 / 689 ، الاستبصار 2 : 102 / 331 ، الوسائل 10 : 195 أبواب من يصح منه الصوم ب 10 ح 1.
2 ـ اًنظر جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى 3 ) : 56.
3 ـ المعتبر 2 : 684.
4 ـ وهو علي بن مهزيار.
5 ـ الوسائل 10 أبواب من يصح الصوم ب 1 ، 11.


(400)
وخاصة بجملةٍ منها ، كالنذر وغيره.
    خلافاً للمرتضى‏ في النذر المعيّن وإن لم يقيّد بالسفر (1) لما مرّ. وجوابه قد ظهر.
    وللمفيد ـ فيما حكاه عنه الفاضلان في المعتبر والمختلف (2) وغيرهما (3) ـ في مطلق الواجب عدا رمضان.
    وللصدوقين في جزاء الصيد (4).
    وهذه الأقوال ـ مع ندورها ومتروكيتها ، كما صرّح به في الدروس والمنتهى‏ (5) ـ لم أقف على‏ دليلٍ على‏ شي‏ء منها ، فلا إشكال في ضعفها.
    [ إلّا أن يكون سفره أكثر من حضره ، أو يعزم الإقامة عشرة أيّام ] فإنّه يصوم في المقامين وما في حكمهما قطعاً ، كما أنّه يتمّ الصلاة فيهما.
    وأمّا المندوب : ففيه أقوال ، ثالثها الكراهة ، وعليها الأكثر ، عملاً بالخبرين الصريحين في الجواز (6) ، إلّا أنّهما ضعيفا السند ، غير معلومي الجابر حتى الشهرة ، لكونها متأخّرة ، وأمّا القديمة فهي على‏ المنع مطلقاً ، كما يستفاد من المفيد في المقنعة (7).
    فيشكل الخروج بهما عن مقتضى‏ إطلاق النصوص المستفيضة ،
1 ـ حكاه عنه في المختلف : 229.
2 ـ المعتبر 2 : 685 ، المختلف : 229.
3 ـ كالمهذب البارع 2 : 51 ، والتنقيح الرائع 1 : 372.
4 ـ حكاه عن والد الصدوق في المختلف : 229 ، الصدوق في التنقيح : 63.
5 ـ الدروس 1 : 27 ، المنتهى 2 : 586.
6 ـ الكافي 4 : 130 / 1 و 5 ، التهذيب 4 : 236 / 692 و 693 ، الاستبصار 2 : 102 / 334 و 335 ، الوسائل 10 : 203 أبواب من يصح منه الصوم ب 12 ح 4 و 5.
7 ـ المقنعة : 350.


(401)
وخصوص جملة :
    كالصحيح : عن الصيام بمكّة والمدينة ونحن في سفر ، قال : « فريضة ؟ » قلت : لا ، ولكنّه تطوّع كما نتطوّع بالصلاة ، فقال : « تقول اليوم وغداً ؟ » قلت : نعم ، قال : « لا تصم » (1).
    والموثّق : « إذا سافر فليفطر لأنّه لا يحلّ له الصوم في السفر فريضةً كان أو غيره ، والصوم في السفر معصية » (2).
    لكن ربّما يقال : إنّ المفهوم من الصحيحة الفرق بين الصوم الفريضة والنافلة لسؤاله عليه السلام في مقام الجواب عن كون صومه أيّهما ، ولو لا الفرق لاتّجه الجواب بـ : « لا تصم » مطلقاً من غير استفسار.
    فهو أوضح شاهد على‏ الفرق ، وليس إلّا كون النهي في النافلة للكراهة إذ لا فارق آخر بينهما غيره إجماعاً.
    فما عليه الأكثر لعلّه أظهر ، سيّما مع تأيّده بصريح الخبرين ، والصحيح : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول : « كان أبي يصوم عرفة في اليوم الحارّ في الموقف ، ويأمر بظلّ مرتفع ، فيضرب له فيغتسل ممّا يبلغ منه الحرّ » (3).
    وإنْ ضعف دلالة هذا باحتمال كون صومه عليه عليه السلام لعدم بلوغ المسافة حدّا يجب فيه التقصير ، فتدبّر.
1 ـ التهذيب 4 : 235 / 690 ، الاستبصار 2 : 102 / 332 ، الوسائل 10 : 202 أبواب من يصح منه الصوم ب 12 ح 2.
2 ـ التهذيب 4 : 328 / 1022 ، الوسائل 10 : 199 أبواب من يصح منه الصوم ب 10 ح 8.
3 ـ التهذيب 4 : 298 / 901 ، الاستبصار 2 : 133 / 433 ، الوسائل 10 : 465 أبواب الصوم المندوب ب 23 ح 3.


(402)
    وكيف كان ، فلا ريب أنّ المنع مطلقاً أحوط ، إلّا ثلاثة أيّام الحاجة عند قبر النبي صلى الله عليه وآله للصحيح (1).
    وألحقَ المفيد مشاهد الأئمة عليهم السلام (2) ، والصدوقان والحلّي الاعتكافَ في المساجد الأربعة (3). ولم أعرف دليلهما.
     [ والصبي المميّز ] وكذا الصبيّة فيما قطع به الأصحاب [ يؤخذ بـ ] الصوم [ الواجب لسبع سنين استحباباً مع الطاقة ] وفاقاً لجماعة ، ومنهم : الشيخ في المبسوط ، والماتن في الشرائع ، والفاضل في المختلف والقواعد ، والشهيدان في الدروس واللمعتين (4).
    ولكن جعل جملة منهم السبع مبدأ التشديد ، ومبدأ الأخذ قبله (5).
    ومستندهم مطلقاً غير واضح ، عدا الصحيح : « إنّا نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من صيام اليوم ما كان إلى‏ نصف النهار وأكثر من ذلك وأقلّ ، وإذا غلبهم العطش والغَرَث (6) أفطروا حتى يتعوّدوا الصوم ويطيقوه ، فمروا صبيانكم إذا كانوا أبناء تسع سنين بما أطاقوا من صيام ، فإذا غلبهم العطش أفطروا » (7).
1 ـ التهذيب 6 : 16 / 35 ، الوسائل 14 : 350 أبواب المزار وما يناسبه ب 11 ح 1.
2 ـ المقنعة : 350.
3 ـ حكاه عن والد الصدوق في المختلف : 230 ، الصدوق في المقنع : 63 ، الحلي في السرائر 1 : 394.
4 ـ المبسوط 1 : 266 ، الشرائع 1 : 198 ، المختلف : 234 ، القواعد : 68 الدروس 1 : 268 ، الروضة 2 : 105.
5 ـ كالمحققّ في الشرائع 1 : 198 ، والعلّامة في القواعد 1 : 68.
6 ـ الغَرّث : الجوع ـ مجمع البحرين 2 : 260.
7 ـ الكافي 4 : 124 / 1 ، الفقيه 1 : 182 / 861 ، التهذيب 2 : 380 / 1584 ، الاستبصار 1 : 409 / 1564 ، الوسائل 10 : 234 أبواب من يصح منه الصوم ب 29 ح 3 بتفاوت يسير.


(403)
    وظاهره اختصاص السبع بأولادهم عليهم السلام ، وأنّ غيرهم إنّما يؤمرون لتسع ، كما عليه الشيخ في النهاية ، والصدوقان (1) ، وغيرهما (2).
    ودلّت عليه أيضاً جملة من النصوص ، كالرضوي (3) ، والمرسل (4). ولعلّه الأقوى‏.
    وللمفيد قول بأنّه يؤخذ به إذا بلغ الحلم ، أو قَدَر على‏ صيام ثلاثة أيّامٍ تباعاً (5) للقوي (5).
    وفي الصحيح : في كم يؤخذ الصبي بالصيام ؟ قال : « ما بينه وبين خمس عشرة سنة وأربع عشرة سنة ، فإن هو صام قبل ذلك فدعه » (7).
    وفي الموثّق : عن الصبي متى يصوم ؟ قال : « إذا قوي على‏ الصيام » (8) ونحوه غيره (9).
    وربّما يقال : إنّ الذي يتلخّص من الجمع بين الأخبار بعد ضمّ‏
1 ـ النهاية : 149 ، حكاه عن والد الصدوق في المختلف : 234 ، الصدوق في المقنع : 61.
2 ـ كصاحب الحدائق 13 : 178.
3 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 211 ، المستدرك 7 : 393 أبواب من يصح منه الصوم ب 19 ح 1.
4 ـ الفقيه 2 : 76 / 329 ، الوسائل 10 : 236 أبواب من يصح منه الصوم ب 29 ح 11.
5 ـ المقنعة : 367.
6 ـ الكافي 4 : 125 / 4 ، الفقيه 2 : 76 / 330 ، التهذيب 4 : 326 / 1013 ، الاستبصار 2 : 123 / 499 ، الوسائل 10 : 235 أبواب من يصح منه الصوم ب 29 ح 5.
7 ـ الكافي 4 : 125 / 2 ، الفقيه 2 : 76 / 332 ، التهذيب 4 : 236 / 1012 ، الوسائل 10 : 233 أبواب من يصح منه الصوم ب 29 ح 1.
8 ـ الكافي 4 : 125 / 3 ، الوسائل 10 : 234 أبواب من يصح منه الصوم ب 29 ح 2.
9 ـ التهذيب 4 : 326 / 1014 ، الوسائل 10 : 236 أبواب من يصح منه الصوم ب 29 ح 9.


(404)
بعضها إلى‏ بعض ـ هو : أنّ مراتب الأطفال ـ في القوّة والضعف والإطاقة وعدمها متفاوتة ، وبلوغ التسع أعلى‏ المراتب ، بمعنى إمكان ذلك وتيسّره من الجميع ، وأمّا ما قبلها فالمراتب فيه متفاوتة ، فبعض يُكلَّف قبل السبع ، لإطاقته ذلك ، وبعض بوصولها ، وبعض بعدها.
    وهو قريب من الصواب ، ومرجعه إلى‏ العمل بالموثّقة وما في معناها من تحديد وقت الأخذ بالطاقة ، وإرجاع ما تضمّن التحديد بسبعٍ أو تسعٍ إليها بحمله على الغالب من حصول الطاقة بهما ، لا أنّهما حدّان لا يستحبّ التمرين قبلهما.
    وربّما يفهم هذا من المنتهى‏ ، فإنّه قال : ويؤخذ الصبي بالصوم إذا أطاقه ، ثم قال : قال الشيخ : وحدّه إذا بلغ تسع سنين ، ويختلف حاله بحسب المكنة والطاقة (1).
    [ ويُلزَم به ] كلّ منهما [ عند البلوغ ] إجماعاً فتوىً ودليلاً.
     [ ولا يصحّ ] الصوم [ من المريض مع التضرّر به ] ولو بخوف زيادة المرض بسببه ، أو بطول (2) برئه ، أو بحصول مشقّةٍ لا يتحمّل مثلها عادةً ، أو بحدوث مرضٍ آخر.
    بالكتاب ، والسنّة ، والإجماع ، قال سبحانه : ( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى‏ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (3).
    وفي الصحيح : « الصائم إذا خاف على‏ عينيه من الرمد أفطر » (4).
1 ـ المنتهى 2 : 584.
2 ـ في « ح » : بُطء.
3 ـ البقرة : 184.
4 ـ الكافي 4 : 118 / 4 ، الفقيه 2 : 84 / 373 ، الوسائل 10 : 218 أبواب من يصح منه الصوم ب 19 ح 1.


(405)
    وقال عليه السلام : « كلّما أضر به الصوم فالإفطار له واجب » (1).
    [ ويصحّ لو لم يتضرّر ] به بإجماعنا ، وفي المنتهى‏ : أنّ عليه أكثر العلماء ، وحكى‏ عن قوم ـ لا اعتداد بهم ـ إباحة الفطر بكلّ مرض ، سواء زاد في المرض أو لم يزد (2).
    والأصل عليه ـ بعده ـ عمومات وجوب الصوم على‏ من شهد الشهر ، مع اختصاص إطلاق ما دلّ على‏ الفطر بالمرض ـ بحكم التبادر الموجَب عن الغالب ـ بالمضرّ منه لا مطلقاً.
    مضافاً إلى‏ فحاوي جملة من النصوص الواردة في المسألة [ و ] منها ما دلّ على‏ [ أنه يرجع في ذلك ] أي المرض المبيح للإفطار وغيره [ إلى‏ نفسه ].
    وهي مستفيضة ، منها : الصحيح : « ذاك إليه ، هو أعلم بنفسه ، إذا قوي فليصم » (3).
    ونحوه آخر بزيادة قوله « بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ » (4).
    والموثّق : « هو مؤتمن عليه ، مفوّض إليه ، فإن وجد ضعفاً فليفطر ، وإن وجد قوّةً فليصمه كان المرض ما كان » (5).
1 ـ الفقيه 2 : 84 / 374 ، الوسائل 10 : 219 أبواب من يصح منه الصوم ب 20 ح 2.
2 ـ المنتهى 2 : 596.
3 ـ الكافي 4 : 119 / 8 ، الوسائل 10 : 219 أبواب من يصح منه الصوم ب 20 ح 2.
4 ـ الكافي 4 : 118 / 3 ، الفقيه 2 : 83 / 369 باختلاف في السند ، التهذيب 4 : 256 / 758 ، الاستبصار 2 : 114 / 371 ؛ المقنعة : 355 ، الوسائل 10 : 220 أبواب من يصح منه الصوم ب 20 ح 5.
4 ـ الكافي 4 : 118 / 3 ، التهذيب 4 : 256 / 759 مرسلاً ، الاستبصار 2 : 114 / 372 ، الوسائل 10 : 220 من يصح منه الصوم ب 20 ح 4.
رياض المسائل الجزء الخامس ::: فهرس