رياض المسائل الجزء الخامس ::: 406 ـ 420
(406)
    وفي آخر : « إذا صدع صداعاً شديداً ، وإذا حمّ حمّىً شديدة ، وإذا رمدت عيناه رمداً شديداً ، فقد حلّ له الإفطار » (1) إلى‏ غير ذلك من النصوص الكثيرة (2).
    والمعتبر : القطع بالتضرّر أو الظنّ به ، وفي الاحتمال المساوي إشكال.
    وعمومات نفي الحرج في الدين وإرادة اليسر دون العسر في الشرع المبين لعلّها ترجّح الإفطار به ، كما رجّحه بعض المتأخّرين (3).

     [ الرابع : في أقسامه ]
    أي أقسام مطلق الصوم المتناول للصحيح والفاسد.
     [ وهي أربعة : واجب ، وندب ، ومكروه ، ومحظور ] على ما سيأتي بيانها.
    [ فالواجب ستّة ] بحكم الاستقراء وتتبّع الأدلّة الشرعية :
    صوم [ شهر رمضان ، و ] صوم [ الكفّارات ، و ] صوم [ دم المتعة ، و ] صوم [ النذر ، وما في معناه ] من العهد واليمين [ و ] صوم [ الاعتكاف على‏ وجه ] يأتي بيانه في محلّه [ وقضاء ] الصوم [ الواجب المعيّن‏ ].
    [ أمّا شهر رمضان ، فالنظر ] فيه في أُمور ثلاثة :
    [ في علامته ، وشروطه ، وأحكامه‏ ].
     [ أمّا علامته : فهي رؤية الهلال‏ ]
1 ـ الكافي 4 : 118 / 5 ، التهذيب 4 : 256 / 760 ، الوسائل 10 : 220 أبواب من يصح منه الصوم ب 20 ح 6.
2 ـ الوسائل 10 : 219 أبواب من يصح منه الصوم ب 20.
3 ـ كصاحب المدارك 6 : 158.


(407)
[ فـ ] اعلم أنّ [ من رآه وجب عليه صومه ] مطلقاً [ ولو انفرد بالرؤية ] إذا لم يشك.
    بإجماعنا الظاهر ، المصرّح به في جملةٍ من العبائر مستفيضاً (1) ، بل في التذكرة والمنتهى‏ ـ بعد نسبته إلينا ـ : أنّه مذهب أكثر العامّة (2).
    والأصل فيه ـ بعده ـ الكتاب (3) ، والسنّة المتواترة.
    ففي جملة منها صحيحة مستفيضة : عن الأهلّة ، فقال : « هي أهلّة الشهور ، فإذا رأيت الهلال فصم ، وإذا رأيته فأفطر » (4).
    وأظهر منها دلالةً الصحيح : عن الرجل يرى‏ الهلال في شهر رمضان وحده لا يبصره غيره ، أله أن يصوم ؟ قال : « إذا لم يشكّ فيه فليصم ، وإلّا فليصم مع الناس » (5).
     [ ولو رُئي شائعاً ] بين جماعةٍ تأمن النفس من تواطئهم على‏ الكذب ، ويحصل يخبرهم العلم بوجوده ، أو الظنّ المتاخم له على‏ قول [ أو مضى من شعبان ثلاثون يوماً ].
    وجب الصوم بإجماع المسلمين في الثاني ، بل قيل : إنّه من ضروريات الدين (6). وفي بعض الأخبار تصريح به (7).
1 ـ المدارك 6 : 164 الذخيرة : 530 ، مشارق الشموس : 462 ، 463.
2 ـ التذكرة 1 : 268 ، المنتهى 2 : 588.
3 ـ البقرة : 185.
4 ـ الوسائل 10 : 252 أبواب احكام شهر رمضان ب 3.
5 ـ التهذيب 4 : 317 / 964 ، قرب الاسناد : 231 / 904 ، الوسائل 10 : 260 أبواب أحكام شهر رمضان ب 4 ح 1.
6 ـ المدارك 6 : 165.
7 ـ التهذيب 4 : 161 / 154 ، الوسائل 10 : 257 أبواب أحكام شهر رمضان ب 3 ح 17.


(408)
    وأمّا الأول : فلم نقف فيه على‏ نصّ صريح.
    نعم ، ربّما يلوح الحكم فيه من جملة من الأخبار (1) ، ولعلّه كافٍ في إثباته.
    مضافاً إلى‏ ما في المعتبر والتذكرة والمنتهى‏ (2) وغيرها (3) : من أنّه لا خلاف فيه بين العلماء.
    واحتجّ عليه في الأخيرين بأنّه نوع تواترٍ يفيد العلم.
    ولا ريب فيه مع العلم ، وإنّما الإشكال مع الظنّ ، فقد حكي عن الفاضل أنّه قوّي إلحاقه بالعلم ، معلّلاً بأنّ الظن الحاصل بشهادة الشاهدين حاصل مع الشياع.
    وتبعه شيخنا الشهيد الثاني (4) ، وحكى عنه سبطه في موضعٍ من المسالك اعتبار زيادة الظنّ الحاصل منه على‏ ما يحصل منه بقول العدلين ليتحقّق الأولوية المعتبرة في مفهوم الموافقة (5).
    ثم اعترضه فقال : ويشكل بأنّ ذلك يتوقّف على‏ كون الحكم بقبول شهادة العدلين معلّلاً بإفادتهما الظنّ ، ليتعدّى‏ إلى‏ ما يحصل به ذلك ويتحقّق به الأولوية المذكورة ، وليس في النصّ ما يدلّ على‏ هذا التعليل ، وإنّما هو مستنبط فلا عبرة به.
    مع أنّ اللّازم من اعتباره الاكتفاءُ بالظن الحاصل بالقرائن إذا ساوى‏ الظنّ الحاصل من شهادة العدلين ، أو كان أقوى ، وهو باطل إجماعاً.
1 ـ الوسائل 10 : 292 أبواب أحكام شهر رمضان ب 12.
2 ـ المعتبر 2 : 686 ، التذكرة 1 : 271 ، المنتهى 2 : 590.
3 ـ كالفاضل المقداد في التنقيح 1 : 374.
4 ـ المسالك 1 : 76.
5 ـ المسالك 2 : 410.


(409)
    والأصحّ اعتبار العلم ـ كما اختاره العلّامة في المنتهى‏ ، وصرّح به المصنّف في كتاب الشهادات من هذا الكتاب ـ لانتفاء ما يدلّ على‏ اعتبار الشياع بدون ذلك ، وعلى‏ هذا فينبغي القطع بجريانه في جميع الموارد.
    وحيث كان المعتبر ما أفاد العلم فلا ينحصر المخبرون في عدد ، ولا فرق في ذلك بين خبر المسلم والكافر ، والصغير والكبير ، والأُنثى والذكر ، كما قُرّر في حكم التواتر (1). انتهى‏.
    وتبعه جماعة من متأخّري المتأخرين (2). وهو حسن.
    وتزيد الحجّة ـ على‏ فساد اعتبار الظنّ مطلقاً ـ استفاضةُ المعتبرة بأنّه ليس الهلال بالرأي ولا التظنّي ، وأنّ اليقين لا يدخل فيه الشك ، صُم للرؤية وأفطر للرؤية ، وفيها الصحيح والموثّق وغيرهما (3). فالقول باعتباره ضعيف جدّاً.
    [ ولو لم يتّفق ] شي‏ء من [ ذلك ، قيل ] والقائل الديلمي [ يُقبَل ] الشاهد [ الواحد ].
    واستدلّ له بأنّ فيه [ احتياطاً للصوم ].
    وبالصحيح : « إذا رأيتم الهلال فأفطروا ، أو شهد عدل من المسلمين » الحديث (4).
    ويضعّف الأول : بأنّه على‏ تقدير تسليمه ليس بدليل شرعي ، مع أنّه إنّما يتمّ على‏ القول بجواز صوم يوم الشكّ بنيّة رمضان وإجزائه عنه إذا
1 ـ مدارك الأحكام 6 : 166.
2 ـ منهم صاحبا الذخيرة : 530 ، والحدائق 13 : 244.
3 ـ الوسائل 10 : 252 أبواب أحكام شهر رمضان ب 3.
4 ـ الفقيه 2 : 77 / 337 ، التهذيب 4 : 158 / 440 ، الاستبصار 2 : 73 / 222 ، الوسائل 10 : 278 أبواب أحكام شهر رمضان ب 8 ح 1.


(410)
طابقه.
    وأمّا على‏ القول بالعدم ـ كما هو الأقرب على‏ ما مرّ (1) ـ فلا يمكن الاحتياط بصومه بنيّته ، والصوم بنيّة شعبان ليس فيه عمل بشهادة الواحد ، بل عدول عنها.
    والثاني أولاً : بمخالفته المطلوب لوروده بالقبول في أول شوّال لا أول رمضان كما هو المطلوب.
    وثانياً : بأنّ لفظ العدل كما يطلق على‏ الواحد كذا يطلق على‏ الزائد ، لأنّه مصدر يصدق على‏ القليل والكثير ، تقول : رجل عدل ، ورجلان عدل ، ورجال عدل.
    وثالثاً : باختلاف النسخ ، فبعض بما ذكر ، وآخر مكان « أو شهد عدل » : « وأشهدوا عليه عدولاً » (2) وثالث مكانه : « أو يشهد عليه بيّنة عدل من المسلمين » (3) ومع اختلاف النسخ لم تكن فيها حجّة.
    ورابعاً : بعدم معارضته للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة الآتية من وجوهٍ عديدة.
    فإذاً : لا اعتماد عليه بالكلّية ، سيّما وأنّ في الخلاف والغنية على‏ خلافه دعوى إجماع الإماميّة (4).
    واعلم أنّ قوله : [ خاصّةً ] يرجع إلى‏ الصوم ، بمعنى : أنّه إنّما يقبل بالإضافة إليه فقط دون غيره ، فلا يثبت به أول ما عدا شهر رمضان ، ولا أوله‏
1 ـ في ص : 300.
2 ـ التهذيب 4 : 177 / 491.
3 ـ الاستبصار 2 : 64 / 207 وفيه : أو تشهد عليه بينه عدول ...
4 ـ الخلاف 2 : 172 ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 570.


(411)
لو كان منتهى‏ أجل دَينٍ أو عدّةٍ أو مدّة ظهارٍ ونحوه.
    نعم ، يثبت به هلال شوّال بمضيّ ثلاثين منه تبعاً وإن لم يثبت أصالةً بشهادته.
     [ وقيل : لا يقبل مع الصحو إلّا خمسون نفساً ] عدد القسامة [ أو اثنان من خارج البلد ] والقائل به الصدوق في المقنع ، والشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف ، والقاضي ، والحلبي ، وابن حمزة ، وابن زهرة العلوي (1).
    للخبرين ، أحدهما : الصحيح : قلت له : كم يجزي في رؤية الهلال ؟ فقال : « إنّ شهر رمضان فريضة من فرائض اللَّه تعالى ، فلا تؤدّوا بالتظنّي ، وليس رؤية الهلال أن يقوم عدة فيقول واحد : رأيته ، ويقول الآخرون : لم نره ، إذا رآه واحد رآه مائة ، وإذا رآه مائة رآه ألف ، لا يجوز في رؤية الهلال إذا لم تكن في السماء علّة أقلّ من شهادة خمسين ، وإذا كانت في السماء علّة قبلت شهادة رجلين يدخلان ويخرجان من مصر » (2) ونحوه الثاني (3).
    وأُجيب عنهما تارةً في المعتبر : بأنّ اشتراط الخمسين لم يوجد في حكم سوى‏ قسامة الدم ، ثم لا يفيد اليقين ، بل قوّة الظن ، وهي تحصل‏
1 ـ المقنع : 58 ، المبسوط 1 : 267 ، الخلاف 2 : 172 ، القاضي في المهذّب 1 : 189 ، الحلبي في الكافي : 181 ، ابن حمزة في الوسيلة : 141 ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 570.
2 ـ التهذيب 4 : 160 / 451 ، الوسائل 10 : 289 أبواب أحكام شهر رمضان ب 11 ح 10 بتفاوت يسير.
3 ـ التهذيب 4 : 159 / 448 ، الاستبصار 2 : 74 / 227 ، الوسائل 10 : 290 أبواب أحكام شهر رمضان ب 11 ح 13.


(412)
بشهادة العدلين ، ثم قال : وبالجملة فإنّه مخالف لما عليه عمل المسلمين كافّة ، فكان ساقطاً (1).
    وأُخرى في المنتهى‏ : بالمنع عن صحّة السند (2).
    وثالثة في المختلف والروضة (3) وغيرهما (4) : بالحمل على‏ حصول التهمة في أخبارهم. وهو الأقوى‏ لظهور سياقهما فيه ، كما صرّح به في الروضة شيخنا.
     [ وقيل : ] والقائل الإسكافي والمفيد والمرتضى‏ والحلّي (5) [ يقبل شاهدان ] عدلان [ كيف كان ] صحواً أو غيماً.
    [ وهو أظهر ] وعليه الفضلان والشهيدان (6) وغيرهما من المتأخّرين (7) ، بل عليه عامّتهم ، وادّعى‏ كونه مذهب الأكثر بقول مطلق جملة منهم (8).
    لعموم ما دلّ على‏ حجّية البيّنة الشرعية ، مضافاً إلى‏ خصوص الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة :
    منها : « صم لرؤية الهلال وأفطر لرؤيته ، فإن شهد عندك شاهدان‏
1 ـ المعتبر 2 : 688.
2 ـ المنتهى 2 : 589.
3 ـ المختلف : 235 ، الروضة 2 : 110.
4 ـ كمشارق الشموس : 464.
5 ـ نقله عن الإسكافي في المختلف : 234 ، المفيد في المقنعة : 297 ، المرتضى في جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى 3 ) : 54 ، الحلي في السرائر 1 : 380.
6 ـ المحقق في المعتبر 2 : 689 ، العلّامة في المنتهى 2 : 588 ، الشهيد الأول في الروضة 2 : 109 ، الشهيد الثاني في المسالك 1 : 76.
7 ـ كصاحب المدارك 6 : 167.
8 ـ كالمحقق في المعتبر 2 : 686 ، وصاحبي المدارك 6 : 167 ، والحدائق 13 : 252.


(413)
عدلان مرضيّان بأنّهما رأياه فاقضه » (1) ونحوه بعينه غيره (2).
    ومنها : « إنّ عليّاً عليه السلام كان يقول : لا أُجيز في رؤية الهلال إلّا شهادة رجلين عدلين » (3) ونحوه غيره (14).
    وما يقال : من أنّ غاية ما تفيده هذه الأخبار قبول العدلين في الجملة ، ولا تصريح فيها بالقبول في حالة الصحو ، بخلاف الخبرين السابقين ، فإنّ فيهما تصريحاً بالعدم فيه ، ومقتضى الجمع بينهما تقييدها بهما.
    مدفوع : بأنّه لا تصريح فيهما بعدم القبول مع الصحو مطلقاً ، بل مع تعارض الشهادات وإنكار مَن عدا العدلين لما شهدا به ، وهو عين التهمة.
    وعدم القبول حينئذٍ مجمع عليه بالضرورة إذ من شرائط العمل بالبيّنة ارتفاع التهمة ، ومع ثبوتها ـ كما هو مورد الخبرين ـ فلا عمل بها بالضرورة.
    فالتحقيق في المسألة : أنّ الأصل في شهادة العدلين الحجّية ـ ولو في نحو المسألة ـ كما هو مقتضى‏ العموم ، وخصوص إطلاق ما مرّ من المستفيضة.
    إلّا مع حصول التهمة ولو بما في سياق الخبرين من استهلال جماعة سالمي الأبصار ، فاقدي الموانع منه خارجاً وداخلاً ، ثم دعوى بعضهم‏
1 ـ التهذيب 4 : 157 / 436 ، الاستبصار 2 : 63 / 205 ، الوسائل 10 : 287 أبواب أحكام شهر رمضان ب 11 ح 4.
2 ـ المقنعة : 297 ، الوسائل 10 : 287 أبواب أحكام شهر رمضان ب 11 ذيل الحديث 4.
3 ـ التهذيب 4 : 180 / 499 ، الوسائل 10 : 288 أبواب أحكام شهر رمضان ب 11 ح 8.
4 ـ الكافي 4 : 76 / 2 ، الفقيه 2 : 77 / 338 ، التهذيب 4 : 180 / 499 ، الوسائل 10 : 286 أبواب أحكام شهر رمضان ب 11 ح 1.


(414)
الرؤية مع إنكار الباقين لها بحيث يوجب الظنّ بتوهّمهم مثلاً ، فلا حجّة حينئذٍ فيها.
    وغير بعيدٍ أن يكون مراد المانعين هذه الصورة خاصّةً ، والأكثر الاولى‏ ، وعليه فلا نزاع أصلاً.
    وكيف كان ، فإن كان مراد الأولين ما ذكرنا ، وإلّا فلا أعرف لهم حجّة لما عرفت من اختصاص الخبرين بالصورة التي لا نزاع فيها.
    نعم ، ربّما يبقى‏ الإشكال في اعتبار الخمسين مع التهمة وعدم حصول القطع من شهادتهم : من إطلاق الخبرين بالاعتبار ، ومن احتمال وروده فيهما مورد التمثيل لما يحصل به اليقين ، وأنّ اعتباره من جهته لا لخصوصيته فيه ، كما ربّما يفهم من سياق الصحيح ، حيث صرّح في صدره بالنهي عن التظنّي ، كما وقع مثله في كثير من النصوص (1) ، بل في بعضها التصريح بالنهي عن الخمسين مع عدم اليقين (2). ولعلّ هذا أجود.
    فالمعتبر في صورة التهمة وتعارض الشهادة القطع دون الظنّ ، إلّا على‏ القول بكفايته في الشياع ، وهو ضعيف ، فحيثما حصل اعتُبِِر ولو فيما دون العدد ، وحيث لا فلا ولو فيه فصاعداً.
    كلّ ذلك عملاً بالأُصول والنصوص الناهية في الرؤية عن الظنون.
    [ و ] منها ـ مضافاً إلى‏ الحصر المستفاد من الظواهر ـ يستفاد أنّه [ لا اعتبار ] في معرفة الشهر [ بالجدول ] وهو ـ كما قيل (3) ـ حساب‏
1 ـ الوسائل 10 : 252 أبواب أحام شهر رمضان ب 3.
2 ـ التهذيب 4 : 156 / 431 ، الاستبصار 2 : 63 / 201 ، الوسائل 10 : 290 أبواب أحكام شهر رمضان ب 11 ح 12.
3 ـ المدارك 6 : 175.


(415)
مخصوص ، مأخوذ من سير القمر واجتماعه مع الشمس.
    [ ولا بالعدد ] بأيّ معنى‏ فُسِّر ، سواء بعدّ شعبان ناقصاً أبداً ورمضان تامّاً أبداً ، أو بعدّ شهر تامّاً وآخر ناقصاً مطلقاً ، أو عدّ تسعة وخمسين من هلال رجب ، أو غير ذلك.
    [ ولا بالغيبوبة ] أي غيبوبة الهلال [ بعد الشفق ].
    [ ولا بالتطوّق ] بظهور النور في جرمه مستديراً.
    [ ولا بعَدّ خمسة أيّام من هلال ] شهر رمضان السنة [ الماضية ].
    كما عليه أكثر الأصحاب بل عامّة المتأخّرين في أكثرها ، وفي ظاهر الغنية (1) وغيرها (2) الإجماع.
    خلافاً للمحكي في الخلاف عن شاذٍّ منّا (3) ، وفي المنتهى‏ عن بعض الجمهور في الأول (4) لقوله تعالى : ( وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) (5) وللرجوع إليه في القبلة.
    وهما مجابان على‏ أنّهم ـ كما قيل (6) ـ لا يثبتون أول الشهر بمعنى جواز الرؤية ، بل بمعنى تأخّر القمر عن محاذاة الشمس ، مع اعترافهم بأنّه قد لا يمكن الرؤية.
    هذا ، وفي التنقيح (7) : الإجماع منعقد على عدم اعتبار قول المنجّم‏
1 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 569.
2 ـ كالحدائق 13 : 291.
3 ـ الخلاف 2 : 169.
4 ـ المنتهى 2 : 590.
5 ـ النحل : 16.
6 ـ المفاتيح 1 : 258.
7 ـ التنقيح الرائع 1 : 376.


(416)
في الأحكام الشرعية ، مع أنّه قال صلى الله عليه وآله وسلم : « من صدّق كاهناً أو منجّماً فهو كافر بما انزل على‏ محمّد صلى الله عليه وآله ».
    وللمفيد فيما حكي عنه ، والصدوق في الثاني (1) ، فاعتبراه بالتفسير الأول لأخبارٍ كلّها ضعيفة (2) ، غير مكافئةٍ لما مرّ من الأدلّة ، معارضَة بالصحاح الصراح :
    منها : « شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان » (3).
    ومنها : « إذا كانت علّة فأتمّ شعبان » (4).
    ولصريح المقنع في الثالث (5) ، ومحتمل الفقيه أو ظاهره فيه وفي الرابع (6) ؛ للنصوص :
    منها الخبر : « إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة ، وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين » (7) ونحوه آخر (8).
    ومنها الصحيح : « إذا تطوّق الهلال فهو لليلتين ، وإذا رأيت ظلّ رأسك‏
1 ـ المعتبر 2 : 688 ، الوسائل 10 : 297 أبواب أحكام شهر رمضان ب 15 ح 2.
2 ـ حكاه عن المفيد في كشف الرموز 1 : 298 ، الصدوق في الفقه 2 : 78 ، الهداية : 45.
3 ـ الوسائل 10 : 268 أبواب أحكام شهر رمضان ب 5 الاحاديث 24 إلى 37.
4 ـ التهذيب 4 : 160 / 452 ، الوسائل 10 : 262 أبواب أحكام شهر رمضان ب 5 ح 3.
5 ـ التهذيب 4 : 156 / 433 ، الاستبصار 2 : 63 / 203 ، الوسائل 10 : 263 أبواب أحكام شهر رمضان ب 5 ح 5.
6 ـ المقنع : 58.
7 ـ الفقيه 2 : 78.
8 ـ الفقيه 2 : 78 / 343 ، التهذيب 4 : 178 / 494 ، الاستبصار 2 : 75 / 228 ، الوسائل 10 : 282 أبواب أحكام شهر رمضان ب 9 ح 3.
9 ـ الكافي 4 : 77 / 7 ، الوسائل 10 : 282 أبواب أحكام شهر رمضان ب 9 ذيل ح 3.


(417)
فيه فهو لثلاث » (1).
    وفيها أجمع قصور عن المقاومة لما مرّ ، مضافاً إلى‏ ضعف سند الأولين ومعارضتهما ـ زيادةً على‏ ما مضى ـ بظاهر خصوص بعض النصوص.
    وفيه : كتب إليَّ أبو الحسن العسكري عليه السلام كتاباً أرّخه يوم الثلاثاء لليلةٍ بقيت من شعبان ، وكان يوم الأربعاء يوم الشك ، وصام أهل بغداد يوم الخميس وأخبروني أنّهم رأوا الهلال ليلة الخميس ، ولم يغب إلّا بعد الشفق بزمانٍ طويل ، قال : فاعتقدتُ أنّ الصوم يوم الخميس وأنّ الشهر كان عندنا يوم الأربعاء ، قال : فكتب إليَّ : « زادك اللَّه توفيقاً ، فقد صمتَ بصيامنا » قال : ثم لقيته بعد ذلك ، فسألته عمّا كتبت به إليه ، فقال لي : « أو لم أكتب إليك إنّما صمت الخميس ولا تصم إلّا للرؤية ؟ » (2).
    فتدبّر في الدلالة وتأمّل فيها ، فإنّها لعلّها لا تخلو عن نوع مناقشة ، كما أشار إليه في الذخيرة (3) ، لكنّها عند التحقيق ضعيفة.
    مع احتمال هذه النصوص الحمل على‏ التقية أو الأغلبية ، كما في الوسائل (4) وغيره (5).
    وأمّا الحمل على‏ صورة الغيم ـ كما ذكره الشيخ في كتابي الحديث (6) ـ
1 ـ الكافي 4 : 78 / 11 ، الفقيه 2 : 78 / 342 ، التهذيب 4 : 178 / 495 ، الاستبصار 2 : 75 / 229 ، الوسائل 10 : 281 أبواب أحكام شهر رمضان ب 9 ح 2.
2 ـ التهذيب 4 : 167 / 475 ، الوسائل 10 : 281 أبواب أحكام شهر رمضان ب 9 ح 1.
3 ـ الذخيرة : 533.
4 ـ الوسائل 10 : 282 أبواب أحكام شهر رمضان ب 9 ذيل ح 3.
5 ـ كالحدائق 13 : 278.
6 ـ التهذيب 4 : 178 ، الاستبصار 2 : 75 ذيل ح 229.


(418)
فلعلّه لمجرّد الجمع بين النصوص ، وإلّا فلا شاهد عليه ، مع أنّ الجمع بينها بذلك فرع المقاومة ، وهي في المقام مفقودة كما عرفته.
    وللمحكي في التنقيح عن الإسكافي في الأخير (1) للنصوص المستفيضة (2) ، ومنها الرضوي (3).
    وهي ما بين ضعيفة السند أو قاصره ، فلا تعارض ما قدّمناه من الأدلّة ، فلتكن مطرحة ، أو محمولة على‏ استحباب صوم الخامس بنيّة شعبان احتياطاً.
    وهو أولى‏ ممّا حملها عليه جماعة من التقييد بصورة ما إذا غمّت شهور السنة (4) لعدم قبول بعضها له ، وفيه : إنّ السماء تطبق علينا بالعراق اليومين والثلاثة ، فأيّ يومٍ تصوم ؟ قال : « انظر اليوم الذي صمت من السنة الماضية ، وصم يوم الخامس » (5).
    مع عدم دليل عليه ، عدا ما في المختلف من أنّ العادة قاضية بعدم كمال شهور السنة ثلاثين ثلاثين ، فلا يجوز بناء السنة على‏ ما يُعلَم انتفاؤه ، وإنّما يُبنى‏ على‏ مجاري العادات ، والعادة قاضية بتفاوت هذا العدد في شهور السنة (6).
    وفيه : أنّ قضاء العادة بتفاوت هذا العدد في شهور السنة إن كان‏
1 ـ التنقيح الرائع 1 : 377.
2 ـ الوسائل 10 : 283 أبواب أحكام شهر رمضان ب 10.
3 ـ فقه الرضا عليه السلام : 209 ، المستدرك 7 : 416 أبواب أحكام شهر رمضان ب 7 ح 2.
4 ـ كما في التهذيب 4 : 179.
5 ـ الكافي 4 : 80 / 1 ، التهذيب 4 : 179 / 496 ، الاستبصار 2 : 76 / 230 ، الوسائل 10 : 283 أبواب أحكام شهر رمضان ب 10 ح 3 ، ورواها في المقنع : 59 ( وفي الجميع بتفاوت ).
6 ـ المختلف : 236.


(419)
بعنوان المظنّة فغير كاف لما عرفته غير مرّة (1).
    وإن كان بعنوان القطع ، فعلى تقدير تسليمه لا يستلزم صحّة هذا الحساب لجواز الاختلاف (2).
    ولو سُلِّم فلا وجه للفرق بين هذه الصورة وما إذا لم تغمّ شهور السنة ، مع أنّهم قد فرّقوا بينهما.
     [ وفي العمل ] لمعرفة هلال الشهر [ برؤيته قبل الزوال ] أم العدم [ تردّد ] للماتن هنا وفي المعتبر (3) ، قيل (1) : ينشأ من الأصل ودلالة جملة من النصوص على‏ الثاني.
    كالصحيح : « إذا رأيتم الهلال فأفطروا أو يشهد عليه عدل من‏
1 ـ من عدم جواز الاعتماد على المظّنة في معرفة الأهلَّة. ( منه رحمه الله ).
2 ـ وإلى هذا يشير كلام الشيخ في الاستبصار في جمله كلام له في الرد على القول بالعدد فقال : وأما القول ـ بأنّ السنة ثلثمائة وأربعة وخمسون يوماً من قبل أن السموات والأرض خلقن في ستة أيام اختزلت من ثلثمائة وستين يوماً ـ لا يفيد أن يكون شهر منها بعينه أبداً ثلاثين يوماً يقتضي أنّ الستة أيام تتفرق في الشهور كلها على غير تفصيل وتعيين لما يكون ناقصاً منها مما يتفق كونه على التمام بدلاً من كونه على النقصان.
    واما القول ـ لأن شهور السنة تختلف في الكمال والنقصان فيكون منها شهر تام وشهر ناقص ـ لا يوجب أيضاً دعوى الخصم في شهر رمضان ما ادّعاه ولا في شعبان ما حكم به من نقصانه على كل حال لأنّها قد تكون على ما تضمنه الوصف من الكمال والنقصان ، لكنها لا تكون كذلك على الترتيب والنظام ، بل لا ينكر أن يتفق فيها شهران متصلان على التمام وشهران متواليان على النقصان وثلاثة أشهر أيضاً كما وصفناه ، ويكون مع ما ذكرناه على وفاق القول بأنَّ فيها شهراً ناقصاً وشهراً تاماً ؛ إذا ليس لي صريح ذلك الاتصال ولا الانفصال. ( منه رحمه الله ). انظر الاستبصار 2 : 71 ـ 72.
3 ـ المعتبر 2 : 689.
4 ـ التنقيح الرائع 1 : 378 ، وانظر المدارك 6 : 179.


(420)
المسلمين ، فإن لم تروا الهلال إلّا من وسط النهار فأتمّوا الصيام إلى‏ الليل ، فإن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين يوماً ثم أفطروا » (1).
    والخبر « من رأى هلال شوّال نهاراً في رمضان فليتمّ صيامه » (2).
    وفي آخر : كتبتُ إليه عليه السلام جعلتُ فداك ربّما غمّ علينا الهلال في شهر رمضان ، فنرى‏ من الغد الهلال قبل الزوال ، وربّما رأيناه بعد الزوال ، أفترى‏ أن نفطر قبل الزوال إذا رأيناه أم لا ؟ كيف تأمرني في ذلك ؟ فكتب عليه السلام : « تتمّ إلى‏ الليل ، فإنّه إذا كان تامّاً رُئي قبل الزوال » (3).
    ومن إطلاق ما دلّ على‏ أنّ الصوم للرؤية والفطر للرؤية (4) ، الشامل لمفروض المسألة ، مضافاً إلى دلالة جملة أُخرى من النصوص على‏ الأول ، كالصحيح (5) والموثق (6) : « إذا رأوا الهلال قبل الزوال فهو للّيلة الماضية ، وإذا رأوه بعد الزوال فهو للّيلة المستقبلة ».
    وإلى هذا القول مال جملة من متأخّري المتأخّرين (7) ، وفاقاً للمرتضى‏
1 ـ الفقيه 2 : 77 / 337 ، التهذيب 4 : 158 / 440 ، الاستبصار 2 : 73 / 222 ، الوسائل 10 : 278 أبواب أحكام شهر رمضان ب 8 ح 1 ، بتفاوت.
2 ـ التهذيب 4 : 178 / 492 ، الاستبصار 2 : 73 / 223 ، الوسائل 10 : 278 أبواب أحكام شهر رمضان ب 8 ح 2.
3 ـ التهذيب 4 : 177 / 490 ، الاستبصار 2 : 73 / 221 ، بتفاوت ، الوسائل 10 : 279 أبواب أحكام شهر رمضان ب 8 ح 4.
4 ـ الوسائل 10 : 252 أبواب احكام شهر رمضان ب 3.
5 ـ الكافي 4 : 78 / 10 ، التهذيب 4 : 176 / 488 ، الاستبصار 2 : 73 / 225 ، الوسائل 10 : 280 أبواب أحكام شهر رمضان ب 8 ح 6.
6 ـ التهذيب 4 : 176 / 489 ، الاستبصار 2 : 74 / 226 ، الوسائل 10 : 279 أبواب أحكام شهر رمضان ب 8 ح 5.
7 ـ منهم صاحب المنتقى 2 : 479 ، وصاحب الذخيرة : 533 ، وصاحب المفاتيح 1 : 257.
رياض المسائل الجزء الخامس ::: فهرس