رياض المسائل الجزء الخامس ::: 421 ـ 435
(421)
في الناصرية (1) لصراحة النصوص الدالّة عليه ، مع اعتبار أسانيدها ، واعتضادها بما مرّ من الإطلاقات ، ومخالفتها لما عليه جمهور العامّة كما صرّح به جماعة (2) ، مع دعوى المرتضى‏ عليه الإجماع من الإمامية والصحابة (3).
    فيُخصَّص بها الأصل ، وتُصرَف النصوص المتقدّمة عن ظواهرها ، بحمل وسط النهار في الصحيح على‏ ما بعد الزوال ، بل قيل : هو الظاهر منه لإشعار لفظة : « من » (4) به.
    وتقييد الثاني به أيضاً ، مع ضعف سنده كالثالث ، وفيه ـ زيادةً عليه ـ أنّه مكاتبة محتملة للتقيّة عمّا عليه جمهور العامة ، مع اختلاف نسخه ، الموجب لاضطراب دلالته ، ففي الإستبصار كما ذكر ، وفي التهذيب بدل : غمّ الهلال في شهر رمضان : « غمّ هلال شهر رمضان » وعلى‏ هذه النسخة فلا دلالة لو لم تكن منعكسة.
    ولا يخلو عن قوّةٍ لولا شذوذ هذا القول على‏ الظاهر ، المصرّح به في كلام جماعة ، كالمنتهى‏ والمسالك والخلاف والغنية (5) ، بل فيها (6) الإجماع من الإمامية. وفي الخلاف : روي ذلك عن عليّ عليه السلام وعمر وابن عمر وأنس ، فقالوا كلّهم للّيلة القابلة ، ولا مخالف لهم ، يدلّ على‏ أنّه إجماع‏
1 ـ الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : 242.
2 ـ منهم الشيخ في الخلاف 2 : 171 ، وصاحب الحدائق 13 : 290.
3 ـ الناصريات ( الجوامع الفقيهة ) : 242.
4 ـ الوافي 11 : 122.
5 ـ المنتهى 2 : 592 ، المسالك 1 : 77 ، العنية ( الجوامع الفقهية ) : 570 ، الخلاف 2 : 172.
6 ـ أي : في الغنية.


(422)
الصحابة.
    ودعوى‏ الشهرة على‏ هذا القول مستفيضة (1) ، بل مسلّمة ، وحينئذٍ فتقوى الأدلّة الدالّة عليه ولو ضعفت دلالةً بالإضافة إلى‏ النصوص المقابلة.
    والجمع بين الأدلّة ـ ولو بالتقييد أو التخصيص ـ فرع المقاومة ، وهي مفقودة ، لما عرفت من اعتضاد الأوّلة بالشهرة العظيمة المسلّمة ، التي هي أقوى المرجّحات الشرعيّة ، واستصحابِ الحالة السابقة ، بل هي حجّة برأسها مستقلّة. مضافاً إلى‏ أصالة البراءة عن وجوب الصوم والقضاء والإفطار ، وحكايةِ الإجماع المتقدّمة ، وما يقرب منها ممّا مرت إليه الإشارة (2) ولا تعارضها حكاية الإجماع على‏ الخلاف ، للندرة الموهنة.
    وبجميع ذلك يجبر ضعف سند الخبرين. واختلاف النسخة في ثانيهما غير ضائر بعد شهادة السياق بأولهما كما لا يخفى‏.
    وحينئذٍ فيجاب عن إطلاقات الصوم للرؤية : بالتقييد بالرؤية الليلية ، حملَ المطلق على‏ المقيّد.
    هذا على‏ تقدير تسليم شمولها للرؤية النهارية ، وإلّا فالمتبادر منها والغالب الأُولى‏ خاصّة.
    وعليه فتكون من أدلّة المختار ، بناءً على‏ الحصر المستفاد من ظواهرها ، لرجوع حكم منطوقه إلى‏ الفرد المتبادر ، ويدخل النادر في مفهومه.
    ولعلّه لهذا أجاب عن الخبرين المعارضين الشيخ في الكتابين ، فقال ـ بعد نقلهما ـ : فهذان الخبران لا تُعارَضُ بهما الأخبار المتقدّمة لأنّها موافقة
1 ـ كما ادّعاها السبزواري في الذخيرة : 533 ، وصاحب الحدائق 13 : 284.
2 ـ من دعوى الشذوذ. ( منه رحمه الله ).


(423)
لظاهر القرآن والأخبار المتواترة التي ذكرناها ، وهذان الخبران مخالفان لذلك ، فلا يجوز العمل عليهما (1). ونحوه الفاضل في المنتهى‏ (2). ولا بأس به.
    وعن الخبرين : بقصور سند الثاني عن الصحّة ، بل الأول أيضاً على‏ المشهور ، فإنّه عندهم حسن ولو بإبراهيم ، فلا يعارضان الصحيح المتّفق على‏ صحّته سنداً ، وإن ترجّحا عليه دلالةً ، فليطرحا أو يحملا على‏ التقيّة ولو عن نادرٍ من العامّة ، أو على‏ ما ذكره الشيخ من صورة التغيُّم ونحوها ، مع انضمام الشهود إلى‏ الرؤية.
    ولو لا موافقة القول المشهور لما عليه جمهور الجمهور لكان القول به مقطوعاً به من غير ريبة ، إلّا أنّه ـ لها ـ ربّما لا تخلو المسألة عن تردّدٍ وشبهةٍ كما عليه الماتن .. إلّا أنّ مقتضى‏ الأُصول حينئذٍ تعيّن العمل بما عليه المشهور.
    وللفاضل في المختلف قول آخر في المسألة ، بالتفصيل بين يوم الشكّ من شعبان فخيرة المرتضى‏ ، ومن رمضان فالمختار احتياطاً للصوم في المقامين (3). وهو ضعيف (4).
    [ ومن كان بحيث لا يعلم الأهلّة ] كالمحبوس [ توخّى‏ ] أي تحرّى [ لصيام شهرٍ ] يغلب على‏ ظنّه أنّه هو شهر رمضان ، فيجب عليه صومه.
1 ـ التهذيب 4 : 177 ، الاستبصار 2 : 74 ذيل ح 226.
2 ـ فأنَّه قال : هذا القدح في سند الخبر الثاني ، ومع ذلك فلا يصلحان لمعارضة الأخبار الكثيرة الدالة على انحصار الطريق في الرؤية ومُضي ثلاثين لا غير. ( منه رحمه الله ). انظر المنتهى 2 : 592.
3 ـ المختلف : 235.
4 ـ ومن أراد تحقيق المسأله ـ زيادة على ما هنا ـ ورفع الشكوك التي اًوردت على أخبارها فعليه مراجعة حاشيتي على الوافي. ( منه رحمه الله ).


(424)
    [ فإن استمرّ الاشتباه ] ولم تظهر له الشهور قطّ [ أجزأه ] ما فعله عن صوم رمضان.
    [ وكذا إن صادف ] ووافقه [ أو كان بعده. ولو كان قبله استأنف ] الصوم عن رمضان أداءً أو قضاءً.
    بلا خلاف في شي‏ء من ذلك أجده ، بل عليه الإجماع عن المنتهى‏ وصريح التذكرة (1) للصحيح (2) وغيره (3).
    قيل : ويلحق بما ظنّه حكم الشهر في وجوب الكفّارة في إفساد يوم منه ، ووجوب متابعته وإكماله ثلاثين لو لم ير الهلال ، وأحكام العيد بعده من الصلاة والفطرة. ولو لم يظنّ شهراً تخيّر في كلّ سنةٍ شهراً ، مراعياً للمطابقة بين الشهرين (4).
     [ ووقت الإمساك ] عن المفطرات [ من طلوع الفجر الثاني ، فيحلّ الأكل والشرب ] مثلاً قبله [ حتى يتبيّن خيطه ] بالكتاب (5) والسنّة والإجماع.
    [ والجماع حتى يبقى‏ لطلوعه قدر الوقاع والاغتسال ] بناءً على‏ الأشهر الأظهر من بطلان الصوم بتعمّد البقاء على‏ الجنابة ، ويأتي على‏ القول الآخر جوازه إلى‏ الفجر كالآخرين ، وهو ضعيف كما مرّ (6).
1 ـ المنتهى 2 : 593 ، التذكرة 1 : 272.
2 ـ الكافي 4 : 180 / 1 ، الفقيه 2 : 78 / 346 ، التهذيب 4 : 310 / 935 ، الوسائل 1 : 276 أبواب أحكام شهر رمضان ب 7 ح 1.
3 ـ المقنعة : 379 ، الوسائل 10 : 277 أبواب أحكام شهر رمضان ب 7 ح 2.
4 ـ قال به الشهيد الثاني في المسالك 1 : 77.
5 ـ البقرة : 187.
6 ـ في ص : 313.


(425)
    [ ووقت الإفطار ذهاب الحمرة المشرقية ] على‏ الأظهر الأشهر ، كما في بحث مواقيت الصلاة مفصّلاً قد مرّ.
     [ ويستحبّ تقديم الصلاة على‏ الإفطار ، إلّا أن تنازعه نفسه ، أو يكون ] هناك [ من يتوقّع إفطاره ] للمعتبرة المتضمنة للصحيح وغيره (1) ، إلّا أنّه ليس في شي‏ء منها استثناء منازعة النفس.
    نعم ، رواه في المقنعة مرسلاً ، إلّا أنّ فيها « غير أنّ ذلك مشروط بأن لا تشتغل بالإفطار قبل الصلاة إلى‏ أن يخرج وقتها » (2).
    وهذا الشرط غير مذكور في العبارة ونحوها.
    والظاهر أنّ المراد بالصلاة المأمور بتقديمها في النصّ والفتوى‏ هي : الصلاة الأُولى‏ وحدها محافظةً على‏ وقت فضيلتها ، فيكفي في تأدّي السنّة تقديمها خاصّة.
1 ـ الوسائل 10 : 149 أبواب اّداب الصائم ب 7.
2 ـ المقنعة : 318 ، الوسائل 10 : 151 أبواب اّداب الصائم ب 7 ح 5.


(426)
[ وأمّا شروطه فقسمان ] :
     [ الأول : شرائط الوجوب ]
    [ وهي ستة ] :
    الاول والثاني : [ البلوغ ، وكمال العقل ]
    [ فلو بلغ الصبي ، أو أفاق المجنون ، أو المغمى‏ عليه ، لم يجب على‏ أحدهم لصوم ] مطلقاً ، بلا خلاف إلّا ؟ من الشيخ في الخلاف في الكتاب (1) ، فأوجبه على‏ الصبي إذا بيّت النية وبلغ قبل الزوال.
    وهو ـ مع مخالفته لما صرّح به في كتاب الصلاة من الخلاف (2) ـ نادر ، بل على‏ خلافه الإجماع في صريح السرائر (3) وهو الحجّة عليه ، مضافاً إلى‏ الأُصول ، وفحوى النصوص المتضمّنة للسقوط عن الكافر والحائض اللذين هو أعذر منهما ، وهما أقرب منه إلى‏ التكليف إذا زال عذرهما قبل الزوال.
    ففي الصحيح المروي في الكتب الثلاثة : عن قوم أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منه أيّام ، هل عليهم أن يقضوا ما مضى منه ، أو يومهم الذي أسلموا فيه ؟ فقال : « ليس عليهم قضاؤه ولا يومهم الذي أسلموا فيه ، إلّا أن يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر » (4).
    وهو حجّة على‏ قوله في المبسوط في الكافر بمقالته هنا من وجوب‏
1 ـ أي كتاب الصوم. انظر الخلاف 2 : 203.
2 ـ الخلاف 1 : 306.
3 ـ السرائر 1 : 403.
4 ـ الكافي 4 : 125 / 3 ، الفقيه 2 : 80 / 357 ، التهذيب 4 : 245 / 728 بتفاوت ، الاستبصار 2 : 107 / 349 / ، الوسائل 10 : 327 أبواب أحكام شهر رمضان ب 22 ح 1.


(427)
الإتمام عليه إذا أسلم قبل الزوال (1).
    مع أنّه لا حجّة له في المقامين عدا ما ذكره في المعتبر ـ ولأجله مال إليه ـ من أنّ الصوم ممكن في حقّهما ، لأنّ وقت النية باق (2).
    وهو على‏ تقدير تسليمه لم يتوجّه عذراً للشيخ في الخلاف لأنّ مقتضاه عدم الفرق بين الصبي والكافر ، مع أنّه فيه فرّق بينهما ، فأسقطه عن الثاني دون الأول ، ومع ذلك فاشترط فيه تبييت النيّة ، والدليل يقتضي عدم السقوط مطلقاً.
    ولا له (3) بعد ورود النصّ الصحيح بخلافه ، فلا يكون إلّا اجتهاداً صرفاً في مقابلته ، سيّما مع اعتضاده ـ زيادةً على‏ الأُصول ـ بالإجماع المنقول والشهرة العظيمة القريبة من الإجماع ، بل الإجماع ، مع أنّه أفتى‏ بخلافه في الكتاب والشرائع (4).
    وبالجملة : لا شبهة في عدم الوجوب عليهم [ إلّا ما أدركـ ] وا [ فجره كاملاً ] فيجب صومه عليهم إجماعاً.

     [ و ] الثالث والرابع : [ الصحّة من المرض ] المضرّ [ والإقامة أو حكمها ] ككثرة السفر ، أو المعصية به ، أو الإقامة عشراً ، أو مضيّ ثلاثين متردّداً ، فلا يجب على‏ المريض ، ولا على‏ المسافر الذي يجب عليه تقصير الصلاة بالكتاب ، والسنّة ، والإجماع فيهما (5)
1 ـ المبسوط 1 : 286.
2 ـ المعتبر 2 : 711.
3 ـ عطف على الشيخ. أي : ولا يتوجّه الدليل المذطور ـ وهو اِمكان الصوم في حقّهما ـ عذراً للمحقق في المعتبر.
4 ـ الشرائع 1 : 201.
5 ـ البقرة : 184 ـ 185.
6 ـ أي في الشرطين.


(428)
     [ ولو زال السبب ] مرضاً كان أو سفراً [ قبل الزوال ، ولم يتناول ] المكلّف [ شيئاً ] من المفطرات ، ولم يفعلها ، نوى‏ الصوم [ وأمسك واجباً وأجزأه ] عن رمضان ، فلا يجب عليه القضاء ، بلا خلاف على‏ الظاهر ، المصرّح به في المفاتيح في السببين (1) ، وفي الذخيرة في ثانيهما ، وفيها في الأول عن بعضٍ الأصحاب نقل الإجماع عليه (2) وهو الحجّة فيه ، المؤيّدة بعدم الخلاف ، وبه يستدلّ على‏ الحكم في الثاني.
    مضافاً إلى‏ ورود النصوص فيه ، منها الموثّق : « إن قدم قبل الزوال فعليه صيام ذلك اليوم ويعتدّ به » (3).
    لكنها معارضة بجملة من المعتبرة ، الناصّة بالتخيير ، منها الصحيح : « إذا دخل أرضاً قبل طلوع الفجر وهو يريد الإقامة بها فعليه صوم ذلك اليوم ، وإن دخل بعد طلوع الفجر فلا صيام عليه ، وإن شاء صام » (4) ونحوه آخر (5).
    والخبر : « وإن قدم من سفره قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم إن شاء » (6).
    لكنّها شاذّة لا عامل بها ، فينبغي طرحها ، أو تنزيلها على‏ أنّ المراد بها ما في الصحيح : عن الرجل يقدم في شهر رمضان من سفرٍ حتى يرى‏ أنّه سيدخل أهله ضحوةً أو ارتفاع النهار ، فقال : « إذا طلع الفجر وهو خارج‏
1 ـ المفاتيح 1 : 240.
2 ـ الذخيرة : 525 ـ 526.
3 ـ التهذيب 4 : 255 / 754 ، الوسائل 10 : 191 أبواب من يصح منه الصوم ب 6 ح 6 ( وفيهما بتفاوت ).
4 ـ الكافي 4 : 131 / 4 ، الفقيه 2 : 92 / 413 ، التهذيب 4 : 229 / 672 بتفاوت ، الاستبصار 2 : 99 / 322 ، الوسائل 10 : 189 أبواب من يصح منه الصوم ب 6 ح 1.
5 ـ الكافي 4 : 132 / 6 ، التهذيب 4 : 256 / 757 ، الوسائل 10 : 190 أبواب من يصح منه الصوم ب 6 ح 3.
6 ـ التهذيب 4 : 327 / 1020 ، الوسائل 10 : 191 أبواب من يصح منه الصوم ب 9 ح 7.


(429)
ولم يدخل أهله فهو بالخيار إن شاء صام ، وإن شاء أفطر » (1).
    وبه أفتى‏ جماعة من غير خلاف (2).
     [ ولو كان ] زوال السبب كائناً ما كان [ بعد الزوال ، أو قبله و ] الحال أنّه [ قد تناول ] شيئاً ، أو فعل مفطراً ، لم يجب عليه الصوم و [ أمسك ندباً ، وعليه القضاء ].
    بلا خلافٍ في رجحان الإمساك واستحبابه في حقّ المتناول ، وعليه ـ في ظاهر المنتهى‏ والغنية وصريح الخلاف والمدارك ـ الإجماع (3) ، وبه نصّ حديث الزهري (4) والفقه الرضوي (5).
    وإنّما اختلفوا في وجوبه في حقّ المسافر إذا لم يتناول ، فعن الشيخ في النهاية الوجوب (6) ، لكنّ كلامه غير صريحٍ في محلّ البحث ، فيحتمل الاختصاص بقبل الزوال كما صرّح به في المبسوط (7) ومع ذالك فهو نادر ، بل على خلاف الإجماع في صريح السرائر (8).
    ويردّه مفهوم الموثّق السابق ، مضافاً إلى‏ الأُصول ، وعدم وضوح دليل ولا شاهد على‏ ما يقول ، وهو أوضح شاهد على‏ أنّ المراد بما في النهاية هو ما في المبسوط.
1 ـ الكافي 4 : 132 / 5 ، الفقيه 2 : 93 / 414 ، التهذيب 4 : 255 / 756 ، الوسائل 10 : 189 أبواب من يصح منه الصوم ب 6 ح 2.
2 ـ منهم صاحبا المدارك 6 : 199 ، والحدائق 13 : 400.
3 ـ المنتهى 2 : 600 ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 573 ، الخلاف 2 : 302 المدارك 6 : 273.
4 ـ الكافي 4 : 83 / 1 ، الفقيه 2 : 46 / 208 ، التهذيب 4 : 294 / 895 ، الوسائل 10 : 367 أبواب بقية الصوم الواجب ب 1 ح 1.
5 ـ فقه الرضا عليه السلام : 201 ـ 203 ، المستدرك 7 : 487 أبواب بقية الصوم الواجب ب 1 ح 1.
6 ـ النهاية : 160.
7 ـ المبسوط 1 : 283.
8 ـ السرائر 1 : 404.


(430)
     [ و ] الخامس والسادس : [ الخلوّ من الحيض والنفاس ] فتفطر الحائض والنفساء وإن حصل العذر قُبيل الغروب ، أو انقطع بُعيَد الفجر ، بالنصّ (1) والإجماع.

     [ الثاني : شرائط القضاء ]
     [ وهي ثلاثة : البلوغ ، وكمال العقل ، والإسلام ]
    [ فلا يقضي ما فاته لصغرٍ ] مميّزاً كان أم لا [ أو جنونٍ ] مطبقاً أو أدوارياً ، وقد فاته في غير حال إفاقته [ أو إغماءٍ ] استوعب يوم الفوات أم لا ، بيّت نيّة الصوم ليلاً أم لا [ أو كفرٍ ] أصليٍّ لا مطلقاً.
    بلا خلاف في شي‏ء من ذلك ـ ما عدا الإغماء ـ على‏ الظاهر ، المصرّح به في جملة من العبائر (2) ، بل في المنتهى‏ : أنّه مذهب علمائنا ، بل نفى‏ عنه الخلاف بين العلماء في بعض أقسام الأول والأخير (3) وهو الحجّة.
    مضافاً إلى‏ الأصل وتبعية القضاء للأداء مفهوماً ، فلا يشمل عموم أو إطلاق ما دلّ على‏ وجوبه ـ بعد تسليم وجوده ـ لنحو المجنون والصبي لحديث رفع القلم ونحوه (4) ، الدالّ على‏ عدم وجوب الأداء في حقّهما ، فلا معنى‏ للقضاء.
    ولعلّ هذا هو الوجه في استدلال جماعة على‏ الحكم فيهما بحديث رفع القلم (5) ، وإلّا فلا وجه له أصلاً ، إذ هو في حال الصباوة والجنون ، فلا ينافي ثبوته بعد ارتفاعهما كما لا يخفى‏.
    وهذا الدليل وإن لم يجر في الكافر ، بناءً على‏ عدم سقوط الأداء في‏
1 ـ الوسائل 10 : 227 أبواب من يصح منه الصوم ب 25.
2 ـ انظر المدارك 6 : 201 ، ومشارق الشموس : 365 ، والحدائق 13 : 294 و 296.
3 ـ المنتهى 2 : 600.
4 ـ الخصال : 93 /40 ، الوسائل 1 : 45 أبواب مقدّمة العبادات ب 4 ح 11.
5 ـ منهم صاحب المدارك 6 : 201 ، والخوانساري في مشارق الشموس : 365 ، وصاحب الحدائق 13 : 294.


(431)
حقّه عندنا ، فيصدق في حقّه القضاء إن ورد في عموم ، لكنّه مخصوص بحديث : « الإسلام يجبّ ما قبله » (1).
    مضافاً إلى‏ خصوص جملة من النصوص ، منها ـ زيادةً على‏ الصحيحة المتقدّمة (2) ـ الصحيح أيضاً : عن رجل أسلم في النصف من شهر رمضان ، ما عليه من صيامه ؟ قال : « ليس عليه إلّا ما أسلم فيه » (3) ونحوه الخبر (4).
    وأمّا ما في آخر : « ليقض ما فاته » (5) فمع ضعف سنده وشذوذه وعدم مقاومته لمعارضه بوجه ، محتمل للحمل على‏ الاستحباب ، أو على‏ كون الفوت بعد الإسلام.
    وأمّا الإغماء فقد اختلف الأصحاب بعد اتّفاقهم على‏ ثبوته (6) فيه في الجملة. والأظهر ثبوته فيه مطلقاً لفحوى‏ ما مرّ في الصلاة من عدم وجوب قضائها عليه مطلقاً ، فهنا أولى‏ كما لا يخفى‏ (7) ، مع عدم قائل بالفرق بينهما كما صرّح به في المختلف (8).
    مضافاً إلى‏ خصوص ما ورد في المقام من النصوص ، وفيها الصحاح‏
1 ـ غوالي اللآلي 2 : 224 / 38 ، مسند أحمد 4 : 199.
2 ـ في ص : 426.
3 ـ الكافي 4 : 125 / 1 ، التهذيب 4 : 245 / 727 ، الاستبصار 2 : 107 / 348 بسند آخر ، الوسائل 10 : 328 أبواب أحكام شهر رمضان ب 22 ح 2.
4 ـ الفقيه 2 : 80 / 356 ، المقنع : 64 ، الوسائل 10 : 328 أبواب أحكام شهر رمضان ب 22 ح 3.
5 ـ التهذيب 4 : 246 / 730 ، الاستبصار 2 : 107 / 351 ، الوسائل 10 : 329 أبواب أحكام شهر رمضان ب 22 ح 5.
6 ـ أي : الحكم بعدم وجوب القضاء. منه رحمه الله.
7 ـ فإن الاهتمام بشأن أكثر في الشرع. فاِذا لم يجب قضاؤها فالصوم أولى. ( منه رحمه الله ).
8 ـ المختلف : 228.


(432)
وغيرها (1).
    وعلى‏ هذا الشيخ في جملةٍ من كتبه والحلّي وابن حمزة (2) ، وعامّة المتأخّرين على‏ الظاهر المصرّح به في عبائر جماعة (3).
    خلافاً للشيخين ، والقاضي ، والمرتضى‏ ، فيقضي إن لم يبيّت النيّة مطلقاً (4) قيل (5) : لعموم الآية بوجوب القضاء على المرضى‏ ، وخصوص ما مرّ في الصلاة من النصوص الآمرة بقضائها بناءً على‏ ما مضى من عدم القائل بالفرق بينهما.
    ويضعّف الأول : بمنع الصغرى‏ ، ولئن سُلِّمت فالكبرى‏ (6) ، وسند المنع فيها ما تلوناه (7).
    والثاني : بالمعارضة بالمثل ، بل الأولى‏ ، لوجوهٍ شتّى‏ ، ولذا حُمِلَت على‏ الاستحباب كما ثمّة قد مضى.
    وللمحكي في المختلف عن الإسكافي ، فخصّ نفي القضاء بما إذا لم يكن أدخل على‏ نفسه سبب الإغماء وكان لجميع النهار مستغرقاً ، وإلّا فالقضاء (8).
    ولم أعرف له على‏ التفصيل مستنداً ، إلّا على‏ وجوب القضاء فيما لو أدخل على‏ نفسه السبب ، فيمكن توجيهه بما مرّ في الصلاة مع الجواب عنه.
1 ـ الوسائل 10 : 226 أبواب من يصح منه الصوم ب 24.
2 ـ الشيخ في النهاية : 165 ، المبسوط 1 : 285 ، الحلي في السرائر 1 : 366 ، ابن حمزة في الوسيلة : 150.
3 ـ منهم صاحبا المدارك 6 : 194 ، والذخيرة : 526.
4 ـ المفيد في المقنعة : 352 ، الطوسي في الخلاف 2 : 198 ، القاضي في المهذّب 1 : 196 ، المرتضى في جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى 3 ) : 57.
5 ـ المختلف : 228.
6 ـ الصغرى : اِن المغمى عليه مريض ، والكبرى : كل مريض يجب عليه القضاء.
7 ـ من الأدلّة على وجوب القضاء هنا ( منه رحمه الله ).
8 ـ المختلف : 228.


(433)
     [ والمرتدّ ] عم ملّةٍ أو فطرة [ يقضي ما فاته ] بلا خلافٍ فيه بين الأصحاب أجده ، وبه صرّح أيضاً في الذخيرة (1) للعمومات أو الإطلاقات السليمة عمّا يصلح للمعارضة ، عدا إطلاق ما مرّ من أنّ الإسلام يجب ما قبله ، والكافر إذا أسلم لا يقضي ما فاته. وهو ـ بحكم التبادر ـ مختصّ بالكافر الأصلي دون مفروض المسألة.
    [ وكذا كلّ تاركٍ ] للصوم يجب عليه قضاؤه [ عدا الأربعة ] يعني : الصبي والمجنون ، والمغمى‏ عليه ، والكافر [ عامداً ] كان في تركه [ أو ناسياً ] إجماعاً ؛ لما مضى (2).

    [ أمّا أحكامه فمسائل ] خمس :
    [ الاولى‏ : المريض إذا استمرّ به المرض ] الذي أفطر معه في شهر رمضان [ إلى‏ رمضان آخر سقط ] عنه [ القضاء على‏ الأظهر ، وتصدّق ] عمّا فات [ من ] شهر رمضان [ الماضي لكلّ يومٍ بُمدّ ] من طعام ، وهو الأشهر ، بل عليه عامّة من تأخّر ، وفي الروضة عُزي غيره إلى‏ الندرة (3) ، مشعراً بدعوى‏ الإجماع.
    والصحاح به مع ذلك مستفيضة كغيرها من المعتبرة القريبة من التواتر (4) ، بل لعلّها متواترة مرويّة في الكتب الأربعة وغيرها من الكتب المعتبرة ، كالعلل والعيون (5) وقرب الإسناد (6) والفقه الرضوي (7) وتفسير العياشي (8).
1 ـ الذخيرة : 526.
2 ـ من العمومات. ( منه رحمه الله ).
3 ـ الروضة 2 : 120.
4 ـ الوسائل 10 : 335 أبواب أحكام شهر رمضان ب 25.
5 ـ علل الشرائع : 271 / 9 ، عيون الأخبار الرضا ( عليه السلام ) 2 : 116 / 1 ، الوسائل 10 : 337 أبواب أحكام شهر رمضان ب 25 ح 8.
6 ـ قرب الاسناد 232 / 910 ، الوسائل 10 : 338 أبواب أحكام شهر رمضان ب 25 ح 9 ، 10.
7 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 211 ، المستدرك 7 : 450 أبواب أحكام شهر رمضان ب 17 ح 1.
8 ـ تفسير العياشي 1 : 79 / 178 ، الوسائل 10 : 339 أبواب أحكام شهر رمضان ب 25 ح 11.


(434)
    ومع ذلك ، كلّها صريحة ، وجملة منها معلّلة ومخالفة لما عليه الجمهور كافّة كما في المنتهى‏ (1).
    فيقيّد بها إطلاق قوله سبحانه : ( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) ونحوه من إطلاق السنّة ولو كانت مقطوعاً بها متواترة. مع إمكان المناقشة في أصل شمول نحو هذين الإطلاقين لزمان مؤخّر عن السنّة (2) لكونها المتبادر منه خاصّة. مع أنّ الإطلاق الثاني وارد لبيان أحكام أُخر غير الوقت ، فيمكن التأمّل في شموله أيضاً من هذا الوجه.
    ويُحمَل (3) ما ظاهره المنافاة لها من الأخبار ـ مع قصور سنده وإضماره ، وعدم وضوح دلالته ـ على‏ التقيّة لما عرفته.
    أو على‏ الاستحباب ، كما هو ظاهر ـ على‏ ما قيل (4) ـ وصريح الصحيح : « من أفطر شيئاً من رمضان في عذرٍ ثم أدركه رمضان آخر وهو مريض فليتصدّق بمدٍّ لكلّ يوم ، وأمّا أنا فإنّي صمت وتصدّقت » (5).
    وممّا ذكرنا ظهر ضعف القول بوجوب القضاء دون ما مرّ من الكفّارة ، كما عليه العماني والحلّي والحلبي (6) ، وقوّاه في المنتهى‏ والتحرير (7).
1 ـ المنتهى 2 : 603.
2 ـ البقرة : 184 ، 185.
3 ـ أي : سنة الفوات. ( منه رحمه الله ).
4 ـ عطف على : فيقيد.
5 ـ المفاتيح 1 : 289.
6 ـ التهذيب 4 : 252 / 848 ، الاستبصار 2 : 112 / 367 ، الوسائل 10 : 336 أبواب أحكام شهر رمضان ب 25 ح 4.
7 ـ نقله عن العماني في المختلف : 239 ، الحلي في السرائر 1 : 395 ، الحلبي في الكافي : 181.
8 ـ المنتهى 2 : 603 ، التحرير 1 : 83.


(435)
    والقول بالاحتياط بالجمع بينهما ـ كما عن الإسكافي أيضاً (1) ـ إن أريد بالاحتياط الوجوب ، وإلّا فلا ضعف فيه ، لرجحانه ، خروجاً عن شبهة الخلاف ، وعملاً بصريح ما مرّ من الصحيح.
    ويستفاد منه تعدّي الحكم إلى‏ ما فاته من الصوم بغير المرض ثم حصل له المرض المستمر ، وهو أحد القولين في المسألة (2). والقول الآخر : عدم التعدّي (3) تمسّكاً بعموم الآية ـ إلّا ما خرج بالدليل ـ وحملاً للعذر في الصحيح على‏ المرض ، كما يشعر به قوله : « وهو مريض ».
    وفيه نظر ، بل لعلّ الأول أظهر ، سيّما مع التأمّل في العموم كما مرّ.
    مضافاً إلى‏ صريح ما رواه الصدوق بسنده عن الفضل بن شاذان ، عن مولانا الرضا عليه السلام في العيون والعلل ، وفيه : « إذا مرض الرجل ، أو سافر في شهر رمضان ، فلم يخرج من سفره ، أو لم يُفِق من مرضه حتى يدخل عليه شهر رمضان آخر ، وجب الفداء للأول وسقط القضاء ، فإذا أفاق بينهما ، أو أقام ولم يقضه ، وجب عليه القضاء والفداء » (5).
    [ ولو برئ ] بينهما [ وكان في عزمه القضاء ] قبل الثاني [ و ] أخّره اعتماداً على‏ سعة الوقت ، فلما ضاق عرض له مانع عنه فـ [ لم يقض ، صام الحاضر وقضى الأول ] إجماعاً [ ولا كفّارة ] على‏ الأشهر كما في الروضة (5) وغيرها (6) ، وهو الأقوى‏.
1 ـ نقله عنه في المختلف : 239.
2 ـ كما يظهر من الخلاف 2 : 206.
3 ـ انظر المختلف : 241.
4 ـ عيون الأخبار عليه السلام 2 : 116 / 1 ، علل الشرائع : 271 / 9 ، الوسائل 10 : 337 أبواب أحكام شهر رمضان ب 25 ح 8 وفيه : أو لم يَقوِ ، بدل : أو لم يُفق.
5 ـ الروضة 2 : 121.
6 ـ كالذخيرة : 527.
رياض المسائل الجزء الخامس ::: فهرس