|
|||
(436)
للأصل ، مع عدم تقصيره في الفوات ، لسعة الوقت ابتداءً وعروض العذر إضراراً ، ومعه يبعد التكفير جدّاً ، إذ هو لستر الذنب غالباً ، والنادر كالعدم.
وللصحيح : « إن كان برئ ثم تواني قبل أن يدركه الرمضان الآخر صام الذي أدركه ، وتصدق عن كلّ يوم بمدّ من طعام على مسكين ، وعليه قضاؤه » الحديث (1). ونحوه خبران آخران ، مرويّ أحدهما عن تفسير العيّاشي بزيادة التعليل بقوله : « من أجل أنّه ضيّع ذلك الصيام » (2) وبُدّل التواني بالتهاون في الثاني (3). وقريب منها خبر ثالث (4) ، لعلّه لا يخلو عن قصور في سند ، ونوع إجمال في دلالة ، وتقريبها فيما عداه واضح ؛ لاشتراط التكفير فيها أجمع بالتهاون والتواني ، وشيء منهما لا يصدق فيما نحن فيه. خلافاً للمحكي عن الصدوقين والعماني ، فأطلقوا التكفير بالتأخير (5) ، بحيث يشمله وما يأتي ، وهو خيرة جماعةٍ من المتأخّرين (6) لإطلاق الأمر 1 ـ الكافي 4 : 119 / 1 ، التهذيب 4 : 250 / 743 ، الاستبصار 2 : 110 / 361 ، الوسائل 10 : 335 أبواب احكام شهر رمضان ب 25 ح 1. 2 ـ تفسير العياشي 1 : 79 / 178 ، الوسائل 10 : 339 أبواب أحكام شهر رمضان ب 25 ح 11. 3 ـ التهذيب 4 : 251 / 746 ، الاستبصار 2 : 111 / 364 ، الوسائل 10 : 337 أبواب احكام شهر رمضان ب 25 ح 6. 4 ـ الكافي 4 : 120 / 3 ، التهذيب 4 : 251 / 745 ، الاستبصار 2 : 111 / 363 ، الوسائل 10 : 336 أبواب احكام شهر رمضان ب 25 ح 3. 5 ـ حكاه عنهم في المختلف : 240 ؛ وانظر المقنع : 64. 6 ـ منهم الشهيد الثاني في المسالك 1 : 78 ؛ وصاحبا المدارك 6 : 218 والذخيرة : 527. (437)
به في نحو الصحيح : « إن كان صحّ فيما بينهما ولم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر صامهما جميعاً وتصدّق عن الأول » (1).
وفيه نظر لوجوب حمله على ما مرّ ، حَملَ المطلق على المقيّد. [ ولو ترك القضاء تهاوناً ] بأن لم يعزم عليه في ذلك الوقت ، أو عزم فلمّا ضاق الوقت عزم على عدمه [ صام الحاضر وقضى الأول ] قطعاً. [ وكفّر عن كلّ يوم منه بمُدّ ] وجوباً على الأشهر الأقوى ، بل عليه عامّة متأخّري أصحابنا وجملة من قدمائهم أيضاً (2). عدا الحلّي ، فلم يوجبه هنا ولا فيما مضى (3). وهو مع ندوره الأخبارُ المتقدّمة ـ مع استفاضتها وصحّة جملة منها واشتهارها ـ حجّة على خلافه. والخبر المخالف لها (4) ـ مع ضعفه سنداً ـ مطروح ، أو مؤوّل بما يؤول إليها جمعاً ، وإن أمكن الجمع بحملها على الاستحباب. إلّا أنّ الأول أولى لرجحانها بما مضى ، فينبغي صرف التوجيه إلى هذا. [ الثانية : يقضي عن الميّت ] الذكر [ أكبر أولاده ] الذكر [ ما تركه من صيام ، لمرضٍ وغيره ] من الأعذار الشرعية إذا كان [ ممّا تمكّن من 1 ـ الكافي 4 : 119 / 2 ، الفقيه 2 : 95 / 429 ، التهذيب 4 : 250 / 744 ، الاستبصار 2 : 111 / 362 ، الوسائل 10 : 335 أبواب أحكام شهر رمضان ب 25 ح 2. 2 ـ حكاه عن والد الصدوق في المختلف : 240 ، الصدوق في المقنع : 64 ؛ وانظر النهاية : 158. 3 ـ السرائر 1 : 397. 4 ـ التهذيب 4 : 252 / 749 ، الاستبصار 2 : 111 / 365 ، الوسائل 10 : 337 أبواب أحكام شهر رمضان ب 25 ح 7. (438)
قضائه ولم يقضه ].
بلا خلاف ظاهر إلّا من العماني ، فأوجب الصدقة عنه (1) ، وللمرتضى في الانتصار ، فأوجبها إن خلّف مالاً ، وإلّا فعلى وليّه القضاء (2). وادّعى الأول تواتر الأخبار بذلك ، وشذوذ ما عليه الأصحاب قاطبةً عداهما. ولا ريب في وهن هذه الدعوى بقسميها : أمّا الثانية : فلما يظهر من تتبّع الفتاوي ، حتى أنّ الشيخ في الخلاف والحلّي في السرائر (3) ادّعيا الإجماع على القضاء (4) ، وعزاه في المنتهى إلى علمائنا أيضاً (5) ، من غير أن يذكر قوله من أحد من علمائنا أصلاً ، مؤذناً بكون خلافه إجماعياً. وكذلك المرتضى في كتابه الذي مضى ، لكن على التفصيل الذي قدّمناه عنه. وكذلك الأُولى ، فإنّ الأخبار المستفيضة القريبة من التواتر ـ بل لعلّها متواترة ـ مصرّحة بثبوت القضاء (6) وإن اختلفت في الدلالة على ثبوته ووجوبه في الجملة أو مطلقاً ، ومع ذلك فهي مخالفة لما عليه جمهور العامّة كما صرّح به جماعة (7). 1 ـ كما حكاه عنه في المختلف : 241. 2 ـ الانتصار : 70. 3 ـ الخلاف 2 : 208 ، السرائر 1 : 395. 4 ـ وكذا الفاضل في المختلف ـ ص : 305 ـ في كتاب الحج في صيام بدل الهدي. ( منه رحمه الله). 5 ـ المنتهى 2 : 604. 6 ـ الوسائل 10 : 329 أبواب أحكام شهر رمضان ب 23. 7 ـ منهم الشيخ في الخلاف 2 : 208 ، والعلّامة في المنتهى 2 : 604. (439)
ولا معارض لها عدا الصحيح المروي في التهذيبين ، وفيه : « إن صحّ ثم مرض حتى يموت وكان له مال تصدّق عنه ، فإن لم يكن له مال تصدّق عنه وليّه » (1).
لكنّه مرويّ في الكافي والفقيه بمتن مغاير ، وهو قوله : « إن صحّ ثم مات وكان له مال تصدّق عنه مكان كلّ يوم بمدّ ، فإن لم يكن له مال صام عنه وليّه » (2). والطريق في الأول وإن ضعف إلّا أنّه في الثاني موثّق كالصحيح بأبان ، المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه. وهذا المتن مغاير لما ذكره (3) وإن وافقه في الجملة ، لكنّها غير كافية. وكيف كان ، فمثل هذه الرواية يشكل أن يعترض بها ما اشتهر بين الطائفة ، المستند إلى الإجماعات المحكيّة ، وجملة من الأخبار المعتبرة ، الواضحة الدلالة على وجوب القضاء على الوليّ مطلقاً ، من غير تفصيل بين ما إذا كان له مال أم لا. وتنزيلها عليه وإن أمكن بالخبر المتقدّم المروي في الكتابين الأخيرين ، إلّا أنّه فرع التكافؤ المفقود من وجوه شتّى. فطرحه ، أو حمله على اشتباه في المتن ، وأنّه المتن الأول وصحّف ، ثمّ على التقيّة لما عرفته متعيّن. وأمّا الصحيح : قلت له : رجل مات وعليه صوم ، يصام عنه أو 1 ـ التهذيب 4 : 248 / 735 ، الاستبصار 2 : 109 / 356 ، الوسائل 10 : 331 أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 8 بتفاوت. 2 ـ الكافي 4 : 123 / 3 ، الفقيه 2 : 98 / 439 ، الوسائل 10 : 331 أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 7. 3 ـ من اِطلاق التصدّق ( منه رحمه الله ). (440)
يتصدّق ؟ قال : « يتصدّق عنه فإنّه أفضل » (1).
فمع عدم ظهور قائل به من التخيير وأفضلية الصدقة ، فمحمول على ما إذا لم يكن له وليّ من الأولاد الذكور ، كما حمل عليه الفاضل في المختلف الرواية السابقة (2) ، ولكنّه فيها بعيد غايته. مع أنّ مقتضى هذه الرواية حصول البراءة بالقضاء أيضاً ، فيكون أولى تَفادياً من طرح ما عليه معظم العلماء ، مع عدم خروج عنها. واعلم أنّ إطلاق جملة من النصوص المعتبرة والفتوى يقتضي عدم الفرق في القضاء عنه بين ما فات عذراً أو عمداً. خلافاً لجماعة ، فخصّوه بالأول (3) حملاً لها على الغالب من الترك ، وهو ما كان على هذا الوجه. ولا بأس به ، سيّما مع قوّة احتمال ظهور سياقها في ذلك كما لا يخفى على المتدبّر فيها. ولكن الأحوط القضاء مطلقاً. [ ولو مات في مرضه ] ولم يتمكّن من القضاء [ لا ] يجب أن [ يقضى عنه و ] إن [ استحبّ ]. أمّا الأول : فبالنصّ المستفيض ، المتضمّن للصحاح وغيرها (4) ، مضافاً إلى الإجماع الظاهر المصرّح به في الخلاف (5) ، وقريب منه بعض العبائر (6). 1 ـ الفقيه 3 : 236 / 1119 ، الوافي 11 : 349 / 11010. 2 ـ المختلف : 242. 3 ـ كالشيخ في النهاية : 157 ، والشهيد في الذكرى : 138 ، والخوانساري في المشارق : 479. 4 ـ الوسائل 10 : 329 ، أبواب أحكام شهر رمضان ب 23. 5 ـ الخلاف 2 : 207. 6 ـ كما في المنتهى 2 : 603. (441)
وأمّا الثاني : فقد صرّح به جماعة (1) ، وعزاه في المنتهى إلى أصحابنا ، قال : لأنّه طاعة فعلت عن الميّت ، فيصل إليه ثوابها (2).
وفيه نظر وفاقاً لجملة ممّن تأخّر (3) ، إذ لا كلام في جواز التطوّع عنه ، وإنّما الكلام في قضاء الفائت عنه ، والوظائف الشرعية إنّما تستفاد من النقل ، ولم يرد التعبّد بذلك ، بل ورد خلافه صرحياً في الخبر : عن امرأة مرضت في شهر رمضان فماتت في شوّال ، وأوصتني أن أقضي عنها ، قال : « هل برئت من مرضها ؟ » قلت : لا ، ماتت عليه ، قال : « لا تقض عنها ، فإن اللَّه تعالى لم يجعله عليها » قلت : فإنّي أشتهي أن أقضي عنها وقد أوصتني ، قال : « فكيف تقضي شيئاً لم يجعله اللَّه تعالى عليها ؟! » (4). لكنّه غير واضح السند وإن اُلحقَ بالموثّق لعدم ظهور الوجه. وما تقدّمه من الاعتبار حسن إن لم نكتف في نحو المقام (5) بفتوى جماعةٍ فضلاً عن الجماعة كما هنا على ما قيل. وأمّا معه (6) ـ كما هو الأقوى ـ فلا. إلّا أن يقال : إنّه (7) حيث لا يحتمل التحريم ، وهو هنا يحتمل ، لظاهر الخبر المؤيّد بالنهي أو النفي 1 ـ منهم : المحقّق في المعتبر 2 : 700 ، والعلّامة في المنتهى 2 : 603 ، والمحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة : 259 ، وصاحب الحدائق 13 : 308. 2 ـ المنتهى 2 : 603. 3 ـ كصاحبي المدارك 6 : 211 ، والذخيرة : 527. 4 ـ الكافي 4 : 137 / 8 ، التهذيب 4 : 248 / 737 ، الاستبصار 2 : 109 / 358 ، علل الشرائع : 382 / 4 ، الوسائل 10 : 332 أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 12. 5 ـ من الاستحباب. ( منه رحمه الله ). 6 ـ أي : مع الاكتفاء. ( منه رحمه الله ). 7 ـ أي : الاكتفاء والتسامح. ( منه رحمه الله ). (442)
الراجع إليه في كثيرٍ من الأخبار.
فالترك لعلّه أحوط وإن كان في تعيّنه نظر. [ وروى القضاء عن المسافر ] مطلقاً [ ولو مات في ذلك السفر ] ففي الصحيح (1) و الموثّق (2) : عن امرأةٍ مرضت أو طمثت أو سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان ، هل يُقضى عنها ؟ قال : « أمّا الطمث والمرض فلا ، وأمّا السفر فنعم » ونحوهما الخبر (3). وفي الموثّق الآخر : عن رجل سافر في رمضان فأدركه الموت قبل أن يقضيه ، قال : « يقضيه أفضل أهل بيته » (4) وهي ـ مع قصور أكثرها سنداً وضعف بعضها دلالةً ـ لم أرَ عاملاً بها صريحاً ، بل ولا ظاهراً ، عدا الشيخ في التهذيب (5) ، مع أنّه رجع عنه في الخلاف إلى ما عليه الماتن وأكثر الأصحاب ، [ و ] هو : أنّ [ الأولى مراعاة التمكّن ، ليتحقّق الاستقرار ] مدّعياً عليه الإجماع (6). وهو الأقوى له ، مضافاً إلى الأصل وشذوذ الروايات ومعارضتها بما يدلّ على أنّ وجوب القضاء على الوليّ ـ بل جوازه ـ مشروط بوجوبه على 1 ـ الكافي 4 : 137 / 9 ، الفقية 2 : 94 / 423 ، الوسائل 10 : 330 أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 4. 2 ـ التهذيب 4 : 249 / 741 ، الوسائل 10 : 334 أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 16. 3 ـ التهذيب 4 : 249 / 740 ، الوسائل 10 : 334 أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 15. 4 ـ التهذيب 4 : 325 / 1007 ، الوسائل 10 : 332 أبواب احكام شهر رمضان ب 23 ح 11. 5 ـ التهذيب 4 : 249. 6 ـ الخلاف 2 : 207. (443)
الميّت من الروايات.
منها ـ زيادةً على الخبر المتقدّم قريباً ـ المرسل كالموثّق : « فإن مرض فلم يصم شهر رمضان ، ثم صحّ بعد ذلك فلم يقضه ، ثم مرض فمات ، فعلى وليّه أن يقضي عنه ، لأنّه قد صحّ فلم يقض ووجب عليه » (1). وقصور السند أو ضعفه منجبر بالعمل والموافقة لمقتضى الأصل. ولشيخنا في المسالك والروضة قول آخر بالتفصيل بين السفر الضروري فالثاني (2) ، وغيره فالأول (3). ولم أقف على مستنده ، عدا أمر اعتباري استنبطه ممّا ذكره في الدروس توجيهاً للرواية ، من أنّ السرّ فيها تمكّن المسافر من الأداء ، وهو أبلغ من التمكّن من القضاء إذا كان ترك السفر سائغاً ، وما ذكره في ردّه بقوله : وهو ممنوع ، لجواز كونه ضرورياً كالسفر الواجب ، فالتفصيل أجود (4). وهو كما ترى ، فإنّه اجتهاد صرف لا دليل عليه أصلاً ، فلا يمكن الاستناد إليه جدّاً. [ ولو كان ] له [ وليّان ] فصاعداً [ قضيا بالحصص ] وفاقاً للشيخ (5) وجماعة (6). 1 ـ التهذيب 4 : 249 / 739 ، الاستبصار 2 : 110 / 360 ، الوسائل 10 : 303 أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 3. 2 ـ أي لا يجب القضاء ( منه رحمه الله ). 3 ـ المسالك 1 : 78 ، الروضة 2 : 124. 4 ـ الروضة 2 : 124. 5 ـ انظر المبسوط 1 : 286. 6 ـ منهم المحقق في المعتبر 2 : 703 ، والعلّامة في المختلف : 242 ، والشهيد في الروضة 2 : 122 ، وصاحب المدارك 6 : 226. (444)
لعموم نحو الصحيح : « يقضي عنه أولى الناس بميراثه » (1) لشموله ـ بإطلاقه ـ المتّحد والمتعدّد ، ويتساوون ، لامتناع الترجيح من غير مرجّح.
خلافاً للقاضي ، فالتخيير ، ومع الاختلاف فالقرعة (2). وللحلّي ، فلا يجب على أحدهم بالكلّية (3). ولا حجّة لهما أجدها ، عدا ما استدلّ للأول من عموم ما دلّ على أنّ القرعة لكلّ أمر مشكل. وهو ـ بعد تسليم جريانه في نحو العبادات ، مع أنّه قد أنكره الفاضل في المختلف (4) ـ لا يتمّ بإثبات التخيير فتأمّل. وللثاني من الأصل واختصاص الموجب للقضاء بالولد الأكبر ، وليس هنا بمقتضى الفرض. وضعفه ظاهر إن سُلّم العموم المتقدّم. ولا يخلو عن نظر لتبادر الواحد ، مع ندرة المتعدد المتحدين بحسب السنّ لرجل واحد ، بحيث لا يزيد أحدهما على الآخر بشيء ولو من نحو دقيقة ، بأن ينفصلا دفعةً واحدة. فلما ذكره وجه إن لم ينعقد الإجماع على خلافه كما هو الظاهر لعدم مخالف فيه عداه ، وهو نادر. مع أنّه يمكن أن يقال : بأنّ المعتبر اتّحاد السنّ العرفي لا اللغوي ، ولا يشترط فيه ما مرّ (5) ، بل لو انفصلا متعاقبين بينهما دقيقة ـ بل دقائق ـ كانا متّحدين سنّاً عرفاً ، والاتّحاد بهذا المعنى غير نادر. 1 ـ الكافي 4 : 123 / 1 ، الوسائل 10 : 330 أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 5. 2 ـ المهذّب 1 : 196. 3 ـ السرائر 1 : 399. 4 ـ السرائر 1 : 399. 5 ـ وهو الانفصال دفعة واحدة. (445)
[ ولو تبرّع بعضهم ] فأتى بعضاً ممّا يجب على الآخر [ صحّ ] عند الشيخ (1) ومَن تبعه (2) ، بل والقاضي. أيضاً على ما يقتضيه مذهبه من التخيير كما عرفته (3).
قيل : لأنّ المقصود براءة الذمّة وقد حصل (4). خلافاً للحلّي ، فمنع (5). وللمنتهى ، فتردّد أولاً من الوجوب على الولي ـ فلا يخرج عن العهدة بفعل المتبرّع ، كالصلاة عنه حيّاً ـ ومن كون الحقّ على الميّت ، فاُسقط بفعل المتبرع عنه الوجوب ، لكن استقرب أخيراً المنع فقال : والأقرب في ذلك كلّه عدم الإجزاء عملاً بالأصل (6). وأشار بـ : « كلّه » إلى التبرّع بالإذن ، أو الأمر أو الاستئجار. وينبغي القطع ببراءة ذمّة الميّت لعموم ما دلّ على انتفاعه بما يرد عليه من العبادات ، حتى أنّه ليكون في شدّةٍ فيوسّع عليه (7) ». ويتعلّق الإشكال ببراءة الولي خاصّة ، لكن الأقرب فيه البراءة أيضا ، بناء على ما يستفاد من تتبّع الأخبار ـ بل والفتاوي ـ أنّ المقصود من أمر الولي بالقضاء ليس إلّا إبراء ذمّة ميّتة. بل ورد في جملة من الأخبار : « فليقض عنه أفضل أهل بيته » (8) أو « من 1 ـ كما في المبسوط 1 : 286. 2 ـ كالمحقق في الشرائع 1 : 204 ، والشهيد الأول في الدروس 1 : 289 ، والشهيد الثاني في المسالك 1 : 78 ، وصاحب المدارك 6 : 227. 3 ـ المهذّب 1 : 196. 4 ـ المسالك 1 : 78. 5 ـ السرائر 1 : 399. 6 ـ المنتهى 2 : 604. 7 ـ الوسائل 2 : 443 أبواب الاحتضار ب 28 ؛ وج 8 : 276 أبواب قضاء الصلوات 12. 8 ـ التهذيب 4 : 325 / 1007 ، الوسائل 10 : 332 أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 11 ، (446)
شاء من أهل بيته » (1) فتأمّل.
وفي النبوي : إنّ أُمّي ماتت وعليها صوم شهر ، أفأقضيه عنها ؟ قال صلى الله عليه وآله : « لو كان على أُمّك دينٌ أكنتَ تقضيه عنها ؟ » قال : نعم ، قال : « فدَين اللَّه تعالى أحقّ أن يُقضى » (2). وفي المختلف ـ بعد نقله ـ : وهذا الحديث وإن أورده الجمهور في الصحيح إلّا أنّه مناسب للمعقول (3). هذا ، مضافاً إلى الشهرة ، وعموم : « يقضيه أولى الناس بميراثه » (4) ، بناءً على صدقه على المتعدّد. والتزام التخصيص بينهم إنّما هو لدفع إلزام بعضهم بالتكليف من غير مرجّح ، وإلّا فلو تكلّفه بعضهم صدق أنّه قضاه أولى الناس به. ولعلّه لهذا قال القاضي بالتخيير ، والشيخ ومَن تبعه بالصحّة مع التبرّع. وكيف كان ، فما اختاروه في غاية القوّة. و [ يُقضى عن المرأة ما تركته ] من الصيام ، على نحو ما يُقضى عن الرجل ، بلا خلافٍ في جوازه. و [ على تردّد ] في وجوبه على الولي : من اشتراكها مع الرجل في الأحكام غالباً ، ودلالة الصحيح والموثّق صريحاً على أنّه يُقضى عنها ما فاتها سفراً (5) ، وقريب منهما رواية أُخرى بتفاوت. 1 ـ الفقيه 2 : 98 / 440 ، الوسائل 10 : 329 أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 1. 2 ـ صحيح مسلم 2 : 804 / 155. 3 ـ المختلف : 243. 4 ـ الكافي 4 : 123 / 1 ، الوسائل 10 : 330 أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 5. 5 ـ راجع ص 442. (447)
مضت ـ كالخبرين ـ قريباً (1).
ومن الأصل ، وضعف الظنّ الحاصل من الاشتراك هنا ، وقصور دلالة الروايات على الوجوب ، وغايتها الجواز ، ونحن نقول به ، مع كونه مجمعاً عليه كما مضى. مع أنّ الخبرين الأولين لا يقول بمضمونهما الأكثر لتضمّنهما ثبوت القضاء على الولي مع عدم تمكّن الميّت منه. وهذا الوجه أقوى ، وفاقاً للحلّي ، والمحقّق الثاني فيما يحكى عنه ، وشيخنا في المسالك (2) وغيرهم (3). خلافاً للشيخ ، والفاضل في جملة من كتبه ـ ومنها : المختلف ، حاكياً له فيه عن القاضي ـ والشهيد في الدروس ، والفاضل المقداد في شرح الكتاب (4) ، وغيرهم (5) ، فاختاروا الأول ، ولا ريب أنّه أحوط. [ الثالثة : إذا كان الأكبر ] أي أكبر أولاده [ أُنثى فلا قضاء ] عليها ، على الأشهر الأقوى للأصل ، وصريح الصحيح (6) والمرسل (7) : « يقضي عنه أولى الناس بميراثه » قلت : فإن كان أولى الناس به امرأة ؟ فقال : « لا ، إلّا الرجل ». خلافاً للمفيد ، والصدوقين ، والإسكافي ، والقاضي ، فتقضي (8). 1 ـ راجع ص : 441. 2 ـ الحلي في السرائر 1 : 399 ، المحقق الثاني في جامع المقاصد 1 : 154 ، المسالك 1 : 78. 3 ـ كفخر المحقّقين في اِيضاح الفوائد 1 : 241. 4 ـ الشيخ في المبسوط 1 : 286 ، الفاضل في المنتهى 2 : 605 ؛ التذكرة 1 : 276 ، والمختلف : 243 ، القاضي في المهذّب 1 : 196 ، الدروس 1 : 289 ، الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 1 : 384. 5 ـ كصاحب المدارك 6 : 228. 6 ـ الكافي 4 : 123 / 1 ، الوسائل 10 : 330 أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 5. 7 ـ الكافي 4 : 124 / 4 ، التهذيب 4 : 246 / 731 ، الاستبصار 2 : 1080 / 354 ، الوسائل 10 : 331 أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 6. 8 ـ المفيد في المقنعة : 353 ، نقله عن والد الصدوق في المختلف : 242 ، المقنع : (448)
ولا حجّة لهم واضحة ، عدا الإطلاقات بإثبات القضاء على الولي.
والرضوي : « إذا كان للميّت وليّان فعلى أكبرهما من الرجال أن يقضي عنه ، وإن لم يكن له وليّ من الرجال قضى عنه وليّه من النساء » (1). وفيهما نظر : أمّا الأول : فلعدم معلوميّة حجّية مثله ، بعد قوّة احتمال وروده لإثبات القضاء في الجملة على الولي ، من غير نظر إلى تشخيصه. وربّما يستأنس له ملاحظة سياق الخبرين الماضيين ، حيث إنّه أطلق في صدرهما الحكم بالقضاء عليه من غير تفصيل ، ثم فصّل في ذيلهما ـ بعد السؤال ـ بمن عدا النساء. وأمّا الثاني : فلعدم مقاومته للصحيح وغيره ، سيّما بعد اعتضادهما بالأصل ، والشهرة المتأخّرة الظاهرة ، والمحكيّة في المسالك (2) وغيره (3) ، وفتوى : جماعة من القدماء ، كالشيخ في المبسوط والنهاية ، والحلّي ، وابن حمزة (4). ومع ذلك فلا قائل بها فيه عدا الصدوقين ، حتى المفيد ، والإسكافي ، والقاضي. لقول الأول : بأنّه أكبر الأولاد ، ومع فقده فأكبر أهله من الذكور ، فإن فقدوا فالنساء. والثاني : بأنّه أكبر أولاده الذكور ، أو أقرب أوليائه. وكذلك القاضي. وأقوالهم متّفقة على تقديم أكبر الأولاد على أكبر مَن عداهم من 64 ، القاضى في المهذّب 1 : 195. 1 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 211 ، المستدرك 7 : 449 أبواب أحكام شهر رمضان ب 16 ح 1. 2 ـ المسالك 1 : 78. 3 ـ كالمهذّب البارع 2 : 74. 4 ـ المبسوط 1 : 286 ، النهاية : 157 ، الحلي في السرائر 1 : 399. ابن حمزة في الوسيلة : 150. (449)
الرجال.
ولا كذلك الرضوي لدلالته على تقديم أكبر الرجال مطلقاً ، حتى لو اجتمع أبو الميّت وأكبر أولاده تحتّم على أبيه ، وينعكس على قول الباقين. وعلى المختار ، هل يجب مع فقد أكبر الأولاد الذكور على أكبر الرجال ، كما يقتضيه إطلاق الصحيح وما بعده ؟! أم لا ، كما يقتضيه الأصل ، وعدم قائل به بعد نفي الوجوب عن أكبر النساء ؟ وجهان ، ولا ريب أنّ الثاني أقوى إن أفاد عدم القائل به بعد ذلك إجماعاً ، ولعلّه الظاهر من تتبّع الفتاوى ، وتشير إليه العبارة هنا ، وفي التنقيح (1) ، وغيرهما (2) ، كما لا يخفى على المتدبّر جدّاً ، ولعله لذا اشتهر بين المتأخّرين أن الولي هو أكبر أولاده الذكور خاصّة. مضافاً إلى الأصل ، مع إجمال في إطلاقات الولي كما عرفت ، فينبغي الاقتصار فيما خالفه على المجمع عليه فتوىً ورواية. ولعلّه إلى هذا نظر من استدلّ عليه بأنّ الأصل براءة الذمّة إلّا ما حصل الاتّفاق عليه (3) ، فتدبّر. ثم إنّ المراد بأكبر أولاده ـ على ما في كلام شيخنا الشهيد الثاني (4) وغيره (5) ـ هو : من ليس له أكبر منه ، وإن لم يكن له ولد متعدّدون ، مع بلوغه عند موته ولعلّه لإطلاق لفظ الولي في أكثر الأخبار. 1 ـ التنقيح الرائع 1 : 384. 2 ـ كالمختلف : 242. 3 ـ كما في المعتبر 2 : 702 ، والمختلف : 242 ، والروضة 2 : 123 ، التنقيح 1 : 384. 4 ـ المسالك 2 : 78. 5 ـ كصاحب المدارك 6 : 225. (450)
ووروده في بعضها بلفظ أفعل التفضيل (1) لا يقتضي التقييد لوقوعه جواباً عن السؤال عن الوليّين.
وفي وجوبه عليه عند بلوغه إذا كان صغيراً عند موته وجهان ، بل قيل : قولان (2). وكما لا قضاء كذا لا فداء على الأقوى ، وفاقاً لجماعة (3) للأصل السليم عمّا يصلح للمعارضة. [ وقيل : يتصدّق من التركة عن كلّ يومٍ بمد ] والقائل الشيخ (4) وجماعة (5) ، بل المشهور ، كما في المختلف والدروس (6) للصحيحة المتقدّمة في صدر المسألة الثانية (7). وليس لها عليه دلالة بالكلّية ، وبه صرّح أيضاً جماعة (8). [ ولو كان عليه شهران متتابعان ، جاز أن يقضي الولي شهراً ، ويتصدّق عن شهر ] وفاقاً للشيخ (9) وجمع (10). 1 ـ الوسائل 10 : 330 أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 3. 2 ـ كما في الروضة 2 : 122 ، المدارك 6 : 225 ، والذخيرة : 528. 3 ـ منهم : الفاضل الاّبي في كشف الرموز 1 : 305 ، والفاضل المقداد في التنقيح 1 : 384 ، والمحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة 5 : 278. 4 ـ المبسوط 1 : 286. 5 ـ منهم : ابن حمزة في الوسيلة : 150 ، والعلّامة في الإرشاد 1 : 303. 6 ـ المختلف : 242 ، 244 ، الدروس 1 : 288. 7 ـ راجع ص 439. 8 ـ منهم : الفاضل المقداد في التنقيح الرائع 1 : 384 ، وصاحب المدارك 6 : 224 ؛ وانظر الحدائق 13 : 328. 9 ـ الشيخ في النهاية : 158. 10 ـ كالقاضي في المهذب 1 : 196 ، والعلّامة في القواعد 1 : 67 ظن واللمعة ( الروضة البهية 2 ) : 125. |
|||
|