رياض المسائل الجزء السادس ::: 271 ـ 285
(271)
المحرم ، كما يدل عليه الزيادة في الأخير ، وبها وبنحوها يقيّد ما عمّم فيه الطيب أو أُطلق ، أو يحمل على‏ الاستحباب ، كما يفصح عنهما نفس الصحيح الأوّل ، حيث تضمّن صدره المنع عنه بالعموم بقوله : « لا تمسّ شيئاً من الطيب وأنت محرم ولا من الدهن ، واتّق الطيب ، وأمسك على‏ أنفك من الريح الطيبة ، ولا تمسك عليها من الريح المنتنة » وقال بعده : « فإنه لا ينبغي للمحرم أن يتلذّذ بريح طيبة » إلى‏ أن قال : « وإنما يحرم عليك ».
    فهذا القول في غاية القوة ، لولا ما سيأتي مع ندوره ورجوع الشيخ عنه إلى‏ العموم كما حكي عنه في المبسوط (1).
    ( وأضاف ) الشيخ ( في الخلاف ) إلى‏ الأربعة ( الكافور والعود ) ناقلاً الإجماع على‏ نفي الكفارة فيما عدا الستة (2) ، ونحوه من غير نقل الإجماع النهاية وابن حمزة في الوسيلة وابن زهرة في الغنية (3) ، لكنه أسقط الوَرس من الستّة ، نافياً الخلاف عن الخمسة الباقية ، وحكي الحصر فيها عن الجمل والعقود والمهذّب والإصباح والإشارة (4).
    وهو ضعيف في الغاية لوجود أخبار صحيحة بالورس ، وهي أرجح من أخبار العود من وجوه وإن كان لا بأس بإضافته وإضافة الكافور ، للإجماع المنقول في الغنية فيهما.
    مضافاً في الكافور إلى‏ فحوى ما دلّ على‏ منع الميت المحرم منه‏
1 ـ حكاه عنه في كشف اللثام 1 : 324 ؛ وانظر المبسوط 1 : 319.
2 ـ الخلاف 2 : 302.
3 ـ النهاية : 219 ، الوسيلة : 162 ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 575.
4 ـ حكاه عنهم في كشف اللثام 1 : 324 ، وهو في الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : 228 ، المهذب 1 : 220 ، إشارة السبق : 127.


(272)
فالحي أولى‏ وفي العود إلى‏ ما ورد فيه من النصوص.
    ولا ينافيها ، ولا ما دلّ على‏ إضافة الكافور ، الحصر في باقي الأخبار في الأربعة التي ليسا منها لقوة احتمال كونه لقلّة استعمال الأحياء للكافور وجواز كون ترك العود لاختصاصه غالباً بالتجمير مع ورود الأخبار الحاصرة فيما عداه فيما يستعمل بنفسه.
    وممّا ذكرنا ظهر قوة ما في الخلاف وإن كان الأحوط المصير إلى‏ ما عليه أكثر الأصحاب ، سيّما مع ( احتمال ) (1) تطرّق الوهن إلى‏ الصحيح الذي هو الأصل في التخصيص ، بتضمنه في الكفّارة ما هو خلاف المجمع عليه بين الطائفة فتوىً وروايةً ، ولزوم صرف الحصر عن ظاهره كما مرّ بالإضافة إلى‏ الكافور والورس أو العود ، بجعله إضافياً ، أي بالنسبة إلى‏ ما يستعمله الأحياء بنفسه لا تجميراً.
    وهو ليس بأولى من إبقاء العموم على‏ حاله ، وحمله على‏ ما هو أغلظ تحريماً ، كما فعله جماعة من أصحابنا (2) ، بل لعلّه أولى‏ وإن كان التخصيص بالترجيح أحرى‏ من المجاز حيثما تعارضا فإنّ ذلك حيث لا يلزم إلّا أحدهما ، وأما إذا لزم المجاز على‏ كل تقدير فلا ريب أن اختيار فرد منه يجامع العموم أولى‏ من الذي يلزم معه التخصيص أيضاً ، كما لا يخفى‏.
    مضافاً إلى‏ أولويته هنا بالشهرة العظيمة بين أصحابنا ، وبها يوهن إجماع الخلاف على‏ نفي الكفّارة فيما عدا الستّة ، فلا يصلح أيضاً مخصّصاً لعموم الأدلّة.
    ( و ) منها : ( لبس المخيط للرجال ) بلا خلاف ، كما عن الغنية (3) ،
1 ـ ليست في « ق ».
2 ـ منهم صاحب المدارك 7 : 322.
3 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 575.


(273)
وفي التحرير والتنقيح وموضع من المنتهى‏ (1) ، وظاهره نفيه بين العلماء ، مؤذناً بإجماعهم كافة ، كما صرح به في موضع آخر منه والتذكرة (2) للصحاح المستفيضة.
    منها : « لا تلبس وأنت تريد الإحرام ثوباً تزرّه ولا تدرّعه ، ولا تلبس سراويل إلّا أن لا يكون لك إزار ، ولا الخفين إلّا أن لا يكون لك نعلان » (3) وفي معناه غيره (4).
    لكن ليس فيها إلّا النهي عن القميص والقباء والسراويل والثوب المزرّر والمدرّع ، لا مطلق المخيط.
    وعن التذكرة أنه قال : ألحق أهل العلم بما نصّ به النبي صلى الله عليه وآله ما في معناه ، فالجبّة والدُرّاعة (5) وشبههما ملحق بالقميص ، والتُبّان والران (6) وشبههما ملحق بالسراويل ، والقلنسوة وشبهها مساوٍ للبرنس ، والساعدان والقفّازان وشبههما مساوٍ للخفّين ، قال : إذا عرفت هذا فيحرم لبس [ الثياب ] المخيطة وغيرها إذا شابهها كالدرع المنسوج والمعقود ، كجبة اللبد والملصق بعضه ببعض ، حملاً على‏ المخيط لمشابهته إياه في المعنى‏ من الترفه والتنعم (7). انتهى‏.
1 ـ التحرير 1 : 114 ، التنقيح الرائع 1 : 469 ، المنتهى 2 : 781.
2 ـ المنتهى 2 : 781 ، التذكرة 1 : 332.
3 ـ التهذيب 5 : 69/227 ، الوسائل 12 : 473 أبواب تروك الإحرام ب 35 ح 2.
4 ـ الكافي 4 : 240/9 ، الفقيه 2 : 218/998 ، الوسائل 12 : 473 أبواب تروك الإحرام ب 35 ح 1.
5 ـ الدراغة والمدرع : ضرب من الثياب التي تلبس ، وقيل : جبة مشقوقة المقدم. لسان العرب 8 : 82.
6 ـ التبان كرمان : سراويل صغير يستر العورة المغلظة. الران : كالخف إلا أنه لا قدم له وهو أطول من الخف. القاموس 4 : 207 ، 232.
7 ـ التذكرة 1 : 332.


(274)
    وفيه نظر.
    والأولى الاستدلال عليه بعموم النص إذ ليس فيه اشتراط الخياطة إلّا فيما له أزرار ، إلّا أن يمنع انصرافه ـ بحكم التبادر والغلبة ـ إلى‏ غير المخيط ، فيرجع فيه ـ لولا الإجماع على‏ الإلحاق ـ إلى‏ حكم الأصل ، وهو عدم المنع.
    وفي الدروس : يجب ترك المخيط على‏ الرجال وإن قلّت الخياطة في ظاهر كلام الأصحاب ، ولا يشترط الإحاطة ، ويظهر من كلام الإسكافي اشتراطها ، حيث قيّده بالضامّ للبدن ، فعلى الأوّل يحرم التوشح بالمخيط والتدثر (1). انتهى‏.
    ولا يتم الاستدلال ـ على‏ ما يظهر من كلام الأصحاب ـ بالمنع مما له إزار لجواز كونه للضم ، كما يستفاد من الصحيح في الطيلسان المزرّر : « إنما كره ذلك مخافة أن يزرّه الجاهل ، فأما الفقيه فلا بأس أن يلبسه » (2).
    وفي آخر : « يلبس كل ثوب إلّا ثوباً يتدرّعه » (3).
    ( وفي ) جواز لبس ( النساء ) له ( قولان ، أصحّهما الجواز ) وفاقاً لأكثر الأصحاب ، بل عامتهم ـ عدا النادر ـ على‏ الظاهر ، المصرَّح به في كلام جماعة (4) ، مشعرين بدعوى‏ الإجماع ، كما في صريح السرائر والمنتهى‏ والتذكرة (5) ، وعن المختلف والتنقيح (6) ، بل ظاهر ما عدا
1 ـ الدروس 1 : 376.
2 ـ الكافي 4 : 340/8 ، الفقيه 2 : 217/995 ، علل الشرائع : 408/1 ، الوسائل 12 : 475 أبواب تروك الإحرام ب 36 ح 3.
3 ـ الفقيه 2 : 218/999 ، الوسائل 12 : 475 أبواب تروك الإحرام ب 36 ح 5.
4 ـ منهم : الفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 331. وقال في المدارك 7 : 331 والحدائق 15 : 88 والذخيرة : 582 : إنه المعروف من مذهب الأصحاب.
5 ـ السرائر 1 : 544 ، المنتهى 2 : 2/783 ، التذكرة 1 : 333.
6 ـ المختلف : 226 ، التنقيح 1 : 469.


(275)
الأخيرين كونه مجمعاً عليه بين العلماء وهو الحجّة.
    مضافاً إلى‏ الأصل ، مع اختصاص الأدلة المانعة فتوىً وروايةً بالرجل خاصة دون المرأة ، والمعتبرة بها مع ذلك مستفيضة ، وفيها الصحاح ، منها : ( المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير والقُفّازَين ) (1).
    خلافاً للنهاية فمنع عما عدا السراويل والغِلالة (2) ، وحجته ـ مع شذوذه ، ورجوعه عنه في المبسوط (3) ، بل وعدم وضوح عبارته في الكتاب في المنع على‏ بعض النسخ ـ غير واضحة.
    عدا ما قيل له من عموم المحرم في خبر النهي لهنّ ، والخطاب لكل من يصلح (4). وهو ممنوع لاختصاص الخطاب حقيقة بالذكر ، والتغليب مجاز ، والقرينة مفقودة ، بل على‏ الجواز كما عرفت موجودة.
    نعم لا بأس بالمنع عن القُفّازين للنصوص ، منها زيادةً على‏ ما مرّ خبران آخران (5) ، مجبور ضعف سندهما بالإجماع المحكي في صريح الخلاف والغنية (6) ، وعن ظاهر المنتهى‏ والتذكرة (7).
1 ـ الكافي 4 : 344/1 ، التهذيب 5 : 73/243 ، الاستبصار 1 : 308/1099 ، الوسائل 12 : 368 أبواب الإحرام ب 33 ح 9.
2 ـ النهاية : 218.
3 ـ المبسوط 1 : 331.
4 ـ كشف اللثام 1 : 329.
5 ـ الأول : الكافي 4 : 344/2 ، التهذيب 5 : 74/244 ، الوسائل 12 : 366 أبواب الإحرام ب 33 ح 2.
    الثاني : الكافي 4 : 345/6 ، التهذيب 5 : 75/247 ، الاستبصار 2 : 309/1101 ، الوسائل 12 : 367 أبواب الإحرام ب 33 ح 3.
6 ـ الخلاف 2 : 294 ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 575.
7 ـ المنتهى 2 : 783 ، التذكرة 1 : 333.


(276)
    خلافاً لبعض متأخري المتأخرين ، فأحتمل الإباحة ، قال : لأنهما على‏ أحد التفسيرين داخلان في جنس الثياب ، وقد دلّ الدليل على‏ جواز لبسها ، وعلى‏ الآخر داخلان في جنس الحُليّ ، فيتحد حكمهما معه ، وهو جواز اللبس لغير زينة.
    وأشار بالتفسير الأوّل إلى‏ ما في السرائر ومجمع البحرين (1) ، وحكي عن الصحاح والمنتهى‏ والتذكرة (2) من أنهما شي‏ء يعمل لليدين يحشى‏ بقطن ويكون له أزرار تزرّ على‏ الساعدين من البرد ، وتلبسه المرأة في يديها.
    وبالثاني إلى‏ ما حكاه والأوّل عن القاموس من أنهما ضرب من الحُليّ لليدين أو للرجلين (3). ونحوه عن جماعة من أهل اللغة (4).
    وفيه : أن ما ذكره من أدلة الجواز على‏ التقديرين عامة ، والمانعة خاصة ، فلتكن عليها مقدمة.
    والجمع بالكراهة مرجوح بالإضافة إلى‏ التخصيص كما مرّ غير مرّة ، ولفظ الكراهة بدل النهي في بعض الأخبار لا يصلح قرينة عليها بالمعنى المصطلح لكونه في الأخبار أعم منها ومن الحرمة ، والعام ليس فيه على‏ الخاص دلالة.
    هذا مع قطع النظر عن الإجماعات المنقولة ، وإلّا فهي على‏ المنع وترجيحه أقوى حجة.
1 ـ السرائر 1 : 544 ؛ مجمع البحرين 4 : 31.
2 ـ الصحاح 3 : 892 ، المنتهى 2 : 783 ، التذكرة 1 : 333.
3 ـ القاموس 2 : 194.
4 ـ منهم : ابن منظور في لسان العرب 5 : 395 ، وابن فارس في معجم مقاييس اللغة 5 : 6.


(277)
    ( ولا بأس بالغلالة ) بكسر الغين المعجمة ، وهي ثوب رقيق تلبس تحت الثياب ( للحائض تتقي بها ) عن الدم ( على‏ القولين ) أي حتى قول الشيخ في النهاية ، فإنه مع منعه عن لبس المخيط لهن قال : ويجوز للحائض أن تلبس تحت ثيابها غلالة تتقى ثيابها من النجاسات.
    وبالإجماع الظاهر من العبارة صرّح الفاضلان في الشرائع والمنتهى‏ والتذكرة (1) وغيرهما (2).
    والأصل فيه بعده وبعد الأصل والعمومات المتقدمة خصوص الصحيح : « تلبس المرأة الحائض تحت ثيابها غلالة » (3).
    ( و ) يجوز أن ( يلبس الرجل السروال إذا لم يجد إزاراً ) بغير خلاف أجده ، وبه صرّح في الذخيرة (4) ، مشعراً بدعوى‏ الإجماع عليه ، كما عن ظاهر المنتهى‏ وصريح التذكرة (5) ، ففيها : بإجماع العلماء ، وفي الأوّل : لا نعلم فيه خلافاً للصحيحين (6).
    وليس فيه والحال هذه فدية على‏ ما صرّح به جماعة ، ومنهم الفاضل في المنتهى‏ والتذكرة ، وفيها : عند علمائنا ، وفي الأوّل : اتّفق عليه العلماء إلّا مالكاً وأبا حنيفة.
    قيل : فإن ثبت الإجماع ، وإلّا عمّه دليل الوجوب الآتي في بحث‏
1 ـ الشرائع 1 : 249 ، المنتهى 2 : 783 ، التذكرة 1 : 333.
2 ـ اُنظر المدارك 7 : 333.
3 ـ الفقيه 2 : 219/1011 ، التهذيب 5 : 76/251 ، الوسائل 12 : 501 أبواب تروك الإحرام ب 52 ح 1.
4 ـ الذخيرة : 601.
5 ـ المنتهى 2 : 782 ، التذكرة 1 : 332.
6 ـ المتقدمين في ص : 273.


(278)
الكفارة (1).
    وفي الغنية وعن الإصباح (2) : أنه عند قوم من أصحابنا لا يلبس حتى يفتق ويجعل كالمئزر ، وأنه أحوط.
    وفي الخلاف : لا يلزمه الفتق للأصل ، وخلوّ النص (3).
    وهو حسن ، مع أنه على‏ اعتبار الفتق يخرج عن المخيط ، ولا يتقيّد بالضرورة.
    ( ولا بأس بـ ) لبس ( الطيلَسان وإن كان له أزرار و ) لكن ( لا يزرّه عليه ) كما في الصحاح (4).
    وإطلاقها يشمل حالتي الضرورة والاختيار ، وهو ظاهر الكتاب والشرائع والقواعد والتحرير والدروس والمحكي عن الفقيه وفي المقنع والمبسوط والتذكرة (5).
    خلافاً لظاهر الإرشاد فخصّه بالضرورة (6) ، وهو ـ كما قيل ـ (7) شاذّ ، ودليله غير معروف.
    وهو كما في مجمع البحرين واحد الطيالسة ، وهو ثوب محيط بالبدن ينسج للّبس ، خالٍ عن التفصيل والخياطة ، وهو من لباس العجم ، والهاء
1 ـ كما قاله في كشف اللثام 1 : 329.
2 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 575 ، وحكاه عن الإصباح في كشف اللثام 1 : 329.
3 ـ الخلاف 2 : 297.
4 ـ الوسائل 12 : 474 أبواب تروك الإحرام ب 36.
5 ـ الشرائع 1 : 250 ، القواعد 1 : 82 ، التحرير 1 : 96 ، الدروس 1 : 376 ، حكاه عن الفقيه في كشف اللثام 1 : 329 ، وهو في الفقيه 2 : 217 ، المقنع : 71 ، المبسوط 1 : 320 ، التذكرة 1 : 326.
6 ـ الإرشاد 1 : 318.
7 ـ قال به الفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 331.


(279)
في الجمع للعجمة ، لأنه فارسي معرّب تالشان (1).
    ونحوه عن شيخنا الشهيد الثاني (2).
    وعن المطرزي أنه من لباس العجم مدوّر أسود (3).
    ( و ) منها : ( لبس ما يستر ظهر القدم كالخفّين والنعل السندي ) فيما قطع به المتأخرون على‏ الظاهر ، المصرَّح به في الذخيرة (4) ، بل في المدارك الأصحاب كافة (5) ، ونفى عنه الخلاف في الغنية (6) ، مؤذناً بدعوى‏ إجماع العلماء كافة.
    للمعتبرة المستفيضة ، وفيها الصحاح :
    منها : « ولا خفّين إلّا أن لا يكون لك نعلان » (7).
    ومنها : « أيّ محرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان فله أن يلبس الخفّين إذا اضطرّ إلى‏ ذلك ، والجوربين يلبسهما إذا اضطرّ إلى‏ لبسهما » (8).
    ومنها : عن المحرم يلبس الجوربين ؟ قال : « نعم ، والخفّين إذا اضطرّ إليهما » (9).
    لكنها مختصة بالخفّ والجورب. قيل : وعليهما اقتصر في المقنع‏
1 ـ مجمع البحرين 4 : 82.
2 ـ المسالك 1 : 110.
3 ـ راجع المغرب 2 : 16.
4 ـ الذخيرة : 594.
5 ـ المدارك 7 : 337.
6 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 575.
7 ـ التهذيب 5 : 69/227 ، الوسائل 12 : 500 أبواب تروك الإحرام ب 51 ح 1.
8 ـ التهذيب 5 : 384/1341 ، الوسائل 12 : 500 أبواب تروك الإحرام ب 51 ح 2.
9 ـ الكافي 4 : 437/2 ، الفقيه 2 : 217/996 ، الوسائل 12 : 501 أبواب تروك الإحرام ب 51 ح 4.


(280)
والتهذيب ، وعلى‏ الخفّ في النهاية ، وعليه وعلى‏ الشُّمِشك في المبسوط والخلاف والجامع ، ولم يتعرض لشي‏ء من ذلك في المصباح ومختصره ، ولا في الكافي ولا في جمل العلم والعمل ولا في المقنعة ولا في المراسم ولا في الغنية (1).
    والظاهر كفاية نفي الخلاف في الغنية مع سابقيه اللذين أقلّهما الشهرة العظيمة في التعدية. ويحتمل قوياً خروج الخف والجورب في الفتوى‏ والنص على‏ مجرى الغالب.
    ولا يحرم إلّا ستر ظَهر القدم بتمامه باللبس ، لا ستر بعضه ، ولا الستر بغير اللبس ، كالجلوس ، وإلقاء طرف الإزار ، والجعل تحت الثوب عند النوم ، وغيره.
    كلّ ذلك للأصل ، والخروج عن مورد الفتوى‏ والنص ، وهو نص جمع (2) ، بل قيل : عندنا (3) ، مشعراً بدعوى‏ إجماعنا.
    ومن ذلك يظهر ( قوة ) (4) اختصاص المنع بالرجل ، دون المرأة ، كما هو خيرة جماعة ومنهم الشهيد ، ناقلاً له عن العماني (5) ، مؤيداً بالصحيح : « تلبس ما شاءت من الثياب » (6) إن دخل نحو الخفّ فيها ، والنصوص بأن إحرامها في وجهها (7).
1 ـ كشف اللثام 1 : 329.
2 ـ منهم : الشهيد الثاني في المسالك 1 : 110 ، وصاحب المدارك 7 : 337 ، وصاحب الذخيرة : 594.
3 ـ كشف اللثام 1 : 329.
4 ـ ليست في ( ش ).
5 ـ اُنظر الدروس 1 : 377.
6 ـ تقدم مصدره في ص : 275.
7 ـ اُنظر الوسائل 12 : 493 أبواب تروك الإحرام ب 48.


(281)
    ( وإن اضطرّ ) إلى‏ اللبس ( جاز ) إجماعاً ، كما في السرائر والمختلف (1) ، وفي المنتهى‏ : لا نعلم فيه خلافاً (2) للأصل ، والصحاح السابقة ، مضافاً إلى‏ الخبر ، بل الصحيح كما قيل (3) : في المحرم يلبس الخف إذا لم يكن له نعل ؟ قال : ( نعم لكن يشقّ ظهر القدم ) (4) ونحوه آخر (5).
    ( و ) لأجلهما ( قيل : يشقّ عن ظهر القدم ) والقائل الشيخ وأتباعه كما قيل (6).
    وظاهر المتن والتحرير (7) التردد فيه ولعلّه لقصور سند الخبرين ، بل ضعف ثانيهما جدّاً ، وقوة احتمال ورودهما مورد التقية ، لموافقتهما لمذهب أكثر العامة ومنهم أبو حنيفة على‏ ما في الخلاف وغيره (8) ، فلا يصلحان لتخصيص الأصل وإطلاق ما مرّ من الصحاح ، سيّما مع ورودها في مقام البيان.
    فالأقوى‏ عدم وجوب الشق ، بل عدم جوازه فإن فيه إتلافاً للمال المحترم ، فتأمّل.
    وعليه جماعة من الأصحاب ، ومنهم الحلّي ، مدعياً الإجماع عليه (9) ،
1 ـ السرائر 1 : 543 ، المختلف : 270.
2 ـ المنتهى 2 : 782.
3 ـ مجمع الفائدة والبرهان 6 : 304 ، الذخيرة : 594.
4 ـ الفقيه 2 : 218/997 ؛ الوسائل 12 : 501 أبواب تروك الإحرام ب 51 ح 5.
5 ـ الكافي 4 : 346/1 ، الوسائل 12 : 501 أبواب تروك الإحرام ب 51 ح 3.
6 ـ الذخيرة : 594 ، الحدائق 15 : 443.
7 ـ التحرير 1 : 114.
8 ـ الخلاف 2 : 295 ؛ وانظر السرائر 1 : 543 ، المنتهى 2 : 782 ، والتذكرة 1 : 332.
9 ـ السرائر 1 : 543.


(282)
ويشعر به أيضاً عبارة الشرائع (1).
    وهل يجب الفدية ؟ قيل : نعم (2). وفي المسالك : لا ، عند علمائنا ، قال : نصّ عليه في التذكرة (3).
    ( و ) منها : ( الفسوق ) بالكتاب (4) والسّنة (5) والإجماع ، وهو محرّم على‏ كل حال ، وإنما عدّ من محرّمات الإحرام لخصوص نهي المحرم عنه في الثلاثة ، ولذا كان فيه آكد ، كما ذكره جماعة (6).
    ( وهو الكذب ) مطلقاً كما عليه الأكثر ، بل لا خلاف فيه يظهر إلّا من الغنية (7) ، والمحكي عن المهذّب والمصباح والإشارة (8) ، حيث خصّوه بالكذب على‏ اللَّه تعالى‏ ورسوله صلى الله عليه وآله أو أحد من الأئمة عليهم السلام.
    وعن الجمل والعقود ، فجعله الكذب على‏ اللَّه سبحانه خاصة (9).
    وحجتهم غير واضحة ، عدا ظاهر دعوى الإجماع في الغنية ، وهو مع وهنه بمصير معظم الأصحاب على‏ خلافه معارض بأجود منه ، وهو المعتبرة المستفيضة وإن اختلفت من وجه آخر ، وهو الاقتصار على‏ الكذب المطلق‏
1 ـ الشرائع 1 : 250.
2 ـ كشف اللثام 1 : 329.
3 ـ المسالك 1 : 110.
4 ـ البقرة : 197.
5 ـ الوسائل 12 : 463 أبواب تروك الإحرام ب 32.
6 ـ منهم الشهيد الثاني في المسالك 1 : 110.
7 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 575.
8 ـ حكاه عنهم في كشف اللثام 1 : 327 وفيه بدل المصباح : الإصباح ، وهو في المهذب 1 : 221 ، والإشارة : 128.
9 ـ الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : 228.


(283)
كما عليه جماعة (1) ، وهي النصوص المروية في معاني الأخبار وتفسير العياشي (2) ( وعن التبيان ) (3) ومجمع البيان وروض الجنان (4) : أنه رواية الأصحاب ، مشعرين بدعوى‏ الإجماع ، فينجبر به ضعف السند أو قصوره حيث كان.
    أو زيادة السباب كما في الصحيح (5) ، وعليه المرتضى‏ والإسكافي وجماعة من المتأخرين (6) ، ولكن جعل في رواية المعاني من جملة الجدال.
    أو المفاخرة بدله ، كما في آخر (7).
    وجمع بينهما في المختلف بأن المفاخرة لا تنفك عن السباب لأنها إنما تتم بذكر فضائل له وسلبها عن خصمه ، أو سلب رذائل عن نفسه وإثباتها لخصمه (8).
    وفيه : أنها جعلت في الصحيح لراوي الأوّل مأموراً بها على‏ حدة بعد تفسير الفسوق بالكذب والسباب خاصة (9) ، مشعراً بالتغاير بينهما.
1 ـ منهم الشيخ في المبسوط 1 : 320 والمحقق في الشرائع 1 : 250 والعلامة في الإرشاد 1 : 317.
2 ـ معاني الأخبار : 294/1 ، تفسير العياشي 1 : 95/256 ، الوسائل 12 : 467 أبواب تروك الإحرام ب 32 ح 8 ، 9.
3 ـ ما بين القوسين ليست في « ح » و « ك ».
4 ـ التبيان 2 : 164 ، مجمع البيان 1 : 294 ، روض الجنان ( تفسير أبي الفتوح ) 1 : 322.
5 ـ التهذيب 5 : 296/1003 ، الوسائل 12 : 463 أبواب تروك الإحرام ب 32 ح 1.
6 ـ المرتضي في الجمل ( رسائل الشريف المرتضي ) 3 : 65 ، وحكاه عن الإسكافي في المختلف : 270 ؛ وانظر الدروس 1 : 387 ، والمفاتيح 1 : 341.
7 ـ التهذيب 5 : 297/1005 ، الوسائل 12 : 465 أبواب تروك الإحرام ب 32 ح 4.
8 ـ المختلف : 270.
9 ـ الكافي 4 : 337/3 ، الوسائل 12 : 465 أبواب تروك الإحرام ب 32 ح 5.


(284)
    والتفسير بها خاصة مع عدم ظهور قائله وعدم معلوميته وإن حكاه الشهيد في بعض حواشيه كما قيل (1) لا ريب في ضعفه.
    ونحوه في الضعف تفسيره بالكذب والبذاء واللفظ القبيح (2) لجعل القبيح في الصحيح المزبور من جملة الرفث ، لا الفسوق ، بعد أن فسّر بالكذب والسباب خاصة.
    وعن التبيان الأولى‏ حمله على‏ جميع المعاصي التي نهي المحرم عنها (3). قيل : وتبعه الراوندي (4).
    ولا ثمرة معنوية هنا بعد القطع بحرمة الجميع وعدم وجوب الكفارة فيه سوى‏ الاستغفار كما في الصحيح (5).
    نعم ربما تظهر في نحو النذر ، أو إذا قلنا بإفساده الإحرام كما عن المفيدة (6) ولكنهما نادران وإن كان ربما يستأنس للمفيد بملاحظة الصحيح : عن قول اللَّه عزّ وجل : ( وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ ) قال : ( إتمامها أن لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) (7) ونحوه آخر (8) ، فتأمّل.
    ( و ) منها : ( الجدال ) بالأدلة الثلاثة المتقدمة.
    ( وهو ) قول : لا واللَّه ، وبلى‏ واللَّه ، خاصة عند الأكثر ، وفي الغنية الإجماع عليه (9). ولكن يحتمل رجوعه إلى‏ تفسير الجدال بالخصومة
1 ـ الذخيرة : 593.
2 ـ نقله عن العماني في المختلف : 270.
3 ـ التبيان 2 : 164.
4 ـ كما في كشف اللثام 1 : 327.
5 ـ الكافي 4 : 337/1 ، الوسائل 13 : 148 أبواب بقية كفارات الإحرام ب 2 ح 2.
6 ـ المقنعة : 432.
7 ـ الكافي 4 : 337/2 ، الوسائل 12 : 466 أبواب تروك الإحرام ب 32 ح 6.
8 ـ التهذيب 4 : 296/1003 ، الوسائل 12 : 463 أبواب تروك الإحرام ب 32 ح 1.
9 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 575.


(285)
المؤكدة باليمين بمثل الصيغتين ، لا إليهما ، ونقل عن المرتضى‏ الإجماع عليه أيضاً (1).
    وبمثل ذلك يمكن الجواب عن الصحاح المستفيضة وغيرها المفسِّرة للجدال بهما (2) ، بإرادة الردّ بذلك على‏ من جعل الجدال مطلق الخصومة ، لا الخصومة المؤكدة باليمين ولو مطلقها.
    وربما يستفاد ذلك من الصحيح : عن المحرم يريد العمل فيقول له صاحبه : واللَّه لا تعمله ، فيقول : واللَّه لأعملنّه ، فيحالفه مراراً ، يلزم ما يلزم الجدال ؟ قال : « لا ، إنما أراد بهذا إكرام أخيه ، إنما كان ذلك ما كان فيه معصية » (3).
    فإن تعليل نفي الجدال بذلك دون فقد الصيغتين أوضح شاهد على‏ أنه لولا إرادة الإكرام لثبت الجدال بمطلق « واللَّه » كما هو فرض السؤال.
    وعلى‏ هذا فيقوّى‏ القول بأنه مطلق ( الحلف ) باللَّه تعالى‏ وما يسمى‏ يميناً كما عليه الماتن هنا والشهيد في الدروس (4) ، وفاقاً للانتصار وجمل العلم والعمل على‏ ما نقل (5).
    وأما الاستدلال لهذا القول بالصحيح : « إذا حلف الرجل بثلاثة أيمان ولاءً في مقام واحد وهو محرم فقد جادل وعليه دم يهريقه ويتصدّق به ،
1 ـ حكاه عنه في كشف اللثام 1 : 327 وهو في الانتصار : 95.
2 ـ اُنظر الوسائل 12 : 463 أبواب تروك الإحرام ب 32.
3 ـ الكافي 4 : 338/5 ، الفقيه 2 : 214/973 ، علل الشرائع : 457/1 ، مستطرفات السرائر : 32/30 ، الوسائل 12 : 466 أبواب تروك الإحرام ب 32 ح 7.
4 ـ الدروس 1 : 386.
5 ـ الانتصار : 95 ، جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضي 3 ) : 66 ، نقله عنهما في كشف اللثام 1 : 328.
رياض المسائل الجزء السادس ::: فهرس