رياض المسائل الجزء السادس ::: 331 ـ 345
(331)
    ( والنظر ) فيه ( في المقدمة والكيفية واللواحق‏ )

    أحدها :
    ( الخروج إلى‏ منى بعد صلاة الظهرين يوم التروية ) عند جماعة (1) للصحيح : « إذا كان يوم التروية إن شاء اللَّه تعالى‏ فاغتسل ، ثم البس ثوبيك وادخل المسجد حافياً وعليك السكينة والوقار ، ثم صلِّ الركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام أو في الحِجر ، ثم اقعد حتى تزول الشمس فصلِّ المكتوبة ، ثم قل في دبر صلاتك » الحديث (2).
    وليس فيه التصريح بالظهرين ، وغايته المكتوبة ، وظاهره الظهر خاصة ، كما عليه جماعة (3) ، ويعضده عموم الأخبار باستحباب إيقاع الإحرام عقيب فريضة (4).
    خلافاً لآخرين (5) ، فاستحبوا الخروج إلى‏ منى قبل صلاة الظهرين‏ ؛
1 ـ منهم : الشيخ في المبسوط 1 : 364 والمحقق في الشرائع 1 : 252 ، والفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 353.
2 ـ الكافي 4 : 454/1 ، التهذيب 5 : 167/557 ، الوسائل 12 : 408 أبواب الإحرام ب 52 ح 1.
3 ـ منهم : الشيخ في النهاية : 249 ، والعلامة في قواعد الأحكام 1 : 85 ، والشهيد في اللمعة ( الروضة ) 2 : 269.
4 ـ اُنظر الوسائل 12 : 344 أبواب الإحرام ب 18.
5 ـ كالمفيد في المقنعة : 408 ، والسيد في جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضي 3 ) : 68 ، وصاحب المدارك 7 : 388.


(332)
للصحيح الآخر : « إذا انتهيت إلى‏ منى فقال » إلى‏ أن قال : « ثم تصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر ، والإمام يصلّي بها الظهر لا يسعه إلّا ذلك ، وموسّع لك أن تصلّي بغيرها إن لم تقدر » (1).
    وقريب منه آخر : عن الوقت الذي يتقدم فيه إلى‏ المنى الذي ليس له وقت أول منه ، فقال : « إذا زالت الشمس » (2).
    وجمع بين الأخبار جماعة من المتأخرين بالتخيير لمن عدا الإمام ، واستحبوا فيه الأخذ بالقول الثاني (3).
    وهو حسن بالإضافة إلى‏ ما اختاروه للإمام لما يأتي. وأما بالإضافة إلى‏ غيره فله وجه غير أن اختيار الأول أحوط لقوة احتمال ورود الأخبار الأخيرة للتقية ، فقد نقل القول بمضمونها عن العامة (4) مضافاً إلى‏ اعتضاد الأول بما مرّ ، وبما استدل به له في المختلف بأن المسجد الحرام أفضل من غيره فاستحب إيقاع الفريضتين فيه (5).
    ثم إن ظاهر الرواية الأخيرة أنه لا يجوز الخروج إلى‏ منى قبل الزوال كما صرّح به الشيخ ( إلّا لمن يضعف عن الزحام ) كالمريض والشيخ الكبير والمرأة التي تخاف ضغاط الناس ، وغيرهم من ذوي الأعذار ، قال‏
1 ـ الكافي 4 : 4611 ، التهذيب 5 : 177/596 ، الوسائل 13 : 524 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 4 ح 5.
2 ـ التهذيب 5 : 175/587 ، الاستبصار 2 : 252/887 ، الوسائل 13 : 520 أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ب 2 ح 1.
3 ـ منهم : صاحب المدارك 7 : 388 ، والسبزواري في الذخيرة : 650 ، وصاحب الحدائق 16 : 351.
4 ـ انظر مغني المحتاج 1 : 496 ، والمغني والشرح الكبير 3 : 431 ، وعمدة القارئ 10 : 5.
5 ـ المختلف : 296.


(333)
فلا بأس أن يتقدمه بثلاثة أيام ، فأما ما زاد عليه فلا يجوز على‏ كل حال (1).
    أقول : وله بكلا الأمرين الموثق (2) ، وهو أحوط وإن ذكر الفاضل في المنتهى‏ أن مراد الشيخ بلا يجوز شدة الاستحباب ، مشعراً بدعوى‏ الإجماع عليه (3).
    ( والإمام ) يعني أمير الحاج ، كما صرّح به جماعة من الأصحاب (4) ( يتقدم ) في خروجه ( ليصلّي الظهرين (5) بمنى‏ ) للصحاح المستفيضة (6) وإن اختلفت في التعبير بـ « لا يسعه إلّا ذلك » المفيد للزوم ، كما هو ظاهر الشيخ في التهذيب (7) ، أو بـ « لا ينبغي » الظاهر في الاستحباب كما عليه الأصحاب ، وأجرى الحمل السابق في كلام الشيخ في كلامه هنا أيضاً الفاضل في المنتهى‏ (8).
    وهذه الصحاح حجة على‏ من أطلق استحباب الخروج بعد الفريضة من الأصحاب.
    وكما يستحب الخروج في هذا اليوم يستحب إيقاع الإحرام فيه ، وفي‏
1 ـ التهذيب 5 : 175.
2 ـ الكافي 4 : 460/1 ، التهذيب 5 : 176/589 ، الاستبصار 2 : 253/889 ، الوسائل 13 : 522 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 3 ح 1.
3 ـ المنتهى 2 : 715.
4 ـ منهم : صاحب المدارك 7 : 388 ، والسبزواري في الذخيرة : 650 ، وصاحب الحدائق 16 : 354.
5 ـ في المختصر المطبوع : الظهر.
6 ـ الوسائل 13 : 523 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 4.
7 ـ التهذيب 5 : 175.
8 ـ المنتهى 2 : 715.


(334)
المنتهى‏ إنه لا يعلم فيه خلافاً (1). وعن التذكرة الإجماع عليه (2).
    خلافاً لابن حمزة فأوجب الإحرام فيه (3) ، قيل : ولعلّه لورود الأمر به في الصحيح الماضي (4). ويندفع بالأصل ، مع كون أكثر أوامر الخبر للندب.
    ( و ) ثانيها : ( المبيت بها ) أي بمنى‏ للإمام وغيره ( حتى يطلع الفجر ) من يوم عرفة لبعض الصحاح المتقدمة.
    ( و ) ثالثها : أن ( لا يجوز وادي محسِّر ) بكسر السين ، وهو حدّ منى إلى جهة عرفة ( حتى تطلع الشمس ) على‏ الأشهر ، بل قيل بتحريمه (5) للنهي عنه في الصحيح (6) ، وهو أحوط.
    ( ويُكْرَه الخروج ) من منى للإمام وغيره ( قبل الفجر ) في المشهور ، قيل : للأمر بصلاته فيها في الصحيح المتقدم (7) وللصحيح : هل صلّى‏ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله الظهر بمنى‏ يوم التروية ؟ قال : « نعم ، والغداة بمنى‏ يوم عرفة » (8).
    وفيهما نظر ، ولذا قيل : يمكن المناقشة في الكراهة لعدم الظفر بما
1 ـ المنتهى 2 : 714.
2 ـ التذكرة 1 : 370.
3 ـ الوسيلة : 176.
4 ـ الذخيرة : 650 وكشف اللثام 1 : 350.
5 ـ كما قال به في المبسوط 1 : 366 ، والمهذب 1 : 251 وجعله في المدارك 7 : 391 .. أحوط.
6 ـ التهذيب 5 : 178/597 ، الوسائل 13 : 528 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 7 ح 4.
7 ـ كشف اللثام 1 : 352.
8 ـ الفقيه 2 : 28/1374 ، التهذيب 5 : 177/594 ، الوسائل 13 : 524 أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ب 4 ح 4.


(335)
يتضمن النهي عن ذلك ، نعم لا ريب أنه خلاف الأولى‏ (1).
    والأجود الاستدلال عليه بالنهي عن الجواز عن وادي محسِّر قبل طلوع الشمس ، فإنه بإطلاقه يشمل محل البحث ، ولعلّه لذا قيل بتحريمه هنا كما فيما سبق (2) ، فالمسألة من متفرعات الخلاف السابق ، فتأمل.
    والكراهة ثابتة لكل أحد ( إلّا للمضطر ) وذوي الأعذار ( كالخائف والمريض ) فإن الضرورات تبيح المحظورات ، فضلاً عن المكروهات ، قيل (3) : وللصحيح : إنّا مشاة فكيف نصنع ؟ فقال عليه السلام : « أما أصحاب الرحال فكانوا يصلّون الغداة بمنى‏ ، وأما أنتم فامضوا حتى تصلّوا في الطريق » (4).
    و ( يستحب للإمام الإقامة بها حتى تطلع الشمس ) استحباباً مؤكداً للصحاح (5).
    وفي التحرير : إن الأفضل لغير الإمام ذلك أيضاً ، ولو خرج قبل طلوعها جاز ، لكن لا يجوز وادي محسِّر حتى تطلع الشمس ، والإمام لا يخرج حتى تطلع الشمس (6).
    وفيه نوع إشعار بوجوب ذلك على‏ الإمام ، وأكثر النصوص ظاهرة في‏
1 ـ المدارك 7 : 392.
2 ـ قال به الشيخ في النهاية : 250 ، والحلبي في الكافي : 213 ، وابن البراج في المهذب 1 : 251.
3 ـ التذكرة 1 : 370.
4 ـ الكافي 4 : 461/2 ، التهذيب 5 : 179/599 ، الوسائل 13 : 527 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 7 ح 1.
5 ـ الوسائل 13 : 523 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 4.
6 ـ التحرير 1 : 101.


(336)
الاستحباب ، وفي المرسل : « إن السنّة أن لا يخرج الإمام من منى إلى‏ عرفة حتى تطلع الشمس » (1).
    وفي الصحيح في التقدم من منى إلى‏ عرفات قبل طلوع الشمس قال : « لا بأس به » الحديث (2). فتدبر.
    ( و ) رابعها وخامسها : ( الدعاء عند ) التوجه إليها و ( نزولها وعند الخروج منها ) بالمأثور ، ففي الصحيح : « إذا توجهت إلى‏ منى فقل : اللهم إياك أرجو وإياك أدعو ، فبلّغني أملي وأصلح لي عملي » (3).
    وفيه : « إذا انتهيت إلى‏ منى فقل : اللهم هذه منى ، وهذه ممّا مننت بها علينا من المناسك ، فأسألك أن تمن عليّ بما مننت به على‏ أنبيائك فإنما أنا عبدك وفي قبضتك » (4).
    وفيه : « إذا غدوت إلى‏ عرفة فقل وأنت متوجه إليها : اللهم إليك صمدت ، وإياك اعتمدت ، ووجهك أردت ، فأسألك أن تبارك لي في رحلتي ، وتقضي لي حاجتي ، وأن تجعلني اليوم ممن تباهي به من هو أفضل مني » (5).
1 ـ الكافي 4 : 461/1 ، التهذيب 5 : 178/598 ، الوسائل 13 : 527 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 7 ح 2.
2 ـ التهذيب 5 : 193/643 ، الاستبصار 2 : 256/903 ، الوسائل 13 : 528 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 7 ح 3.
3 ـ الكافي 4 : 460/4 ، التهذيب 5 : 177/595 ، الوسائل 13 : 526 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 6 ح 1.
4 ـ الكافي 4 : 461/1 ، التهذيب 5 : 177/596 ، الوسائل 13 : 526 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 6 ح 2.
5 ـ الكافي 4 : 461/3 ، التهذيب 5 : 179/600 ، الوسائل 13 : 528 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 8 ح 1.


(337)
    ( وأما الكيفية فالواجب فيها النية ) المشتملة على‏ قصد الفعل المخصوص متقرباً خاصةً على‏ الأظهر ، على‏ ما مرّ في الطهارة أو مع الوجوب ، كما في التحرير والمنتهى‏ (1) أو مع الكون لحج التمتع أو غيره ، حجّ الإسلام أو غيره ، كما عن التذكرة (2) ، وهما أحوط.
    وعنها وعن السرائر (3) الإجماع على‏ وجوبها عندنا ، خلافاً للعامة فلم يوجبوها (4) ، والأدلة العامة عليهم حجة.
    قيل : ووقتها بعد الزوال ، سواء وجب الوقوف منه إلى‏ الغروب ، أو كفى المسمّى‏ ، ويجب على‏ الأول المبادرة إليها بعد تحقّقه ، فلو أخّر أثم وأجزأ كما في الدروس (5).
    وأشار بقوله : سواء وجب الوقوف .. إلى‏ الخلاف الآتي.
    ( والكون بها ) أي بعرفات اختياراً ( إلى‏ الغروب ) المعتبر عندنا (6) بزوال الحمرة المشرقية على‏ ما عرفته ، فلا يجوز التأخير عنه إجماعاً ، كما في كلام جماعة (7) ، وللمعتبرة (8) ، وفيها الصحيح وغيره.
    قيل : وما في الخلاف والمبسوط من أن وقت الوقوف فجر يوم العيد فهو مجموع الاختياري والاضطراري ، فلا يرد عليه ما في السرائر من‏
1 ـ التحرير 1 : 101 ، المنتهى 2 : 716.
2 ـ التذكرة 1 : 371.
3 ـ السرائر 1 : 586.
4 ـ كما في المغني والشرح الكبير 3 : 442.
5 ـ كشف اللثام 1 : 353.
6 ـ في « ك » : هنا.
7 ـ منهم : العلامة في المنتهى 2 : 716 ، وصاحبا المدارك 7 : 394 ، والحدائق 16 : 380.
8 ـ اُنظر الوسائل 13 : 556 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 22.


(338)
مخالفته الإجماع (1).
    ومبدؤه من زوال الشمس يوم التاسع ، بمعنى عدم جواز تقديمه عليه بإجماع من عدا أحمد ، فإنه جعله من طلوع فجره كما في المنتهى‏ وغيره (2) ، وهو الظاهر من أخبارنا فعلاً وقولاً ، وعلى‏ هذا فوقته الاختياري من الزوال إلى‏ الغروب.
    وهل يجب الاستيعاب حتى إن أخلّ به في جزء منه أثم وإن تم حجّه كما هو ظاهر الشهيدين في الدروس واللمعة وشرحها (3) ، بل صريح ثانيهما (4) أم يكفي المسمّى ولو قليلاً كما عن السرائر (5) ، وعن التذكرة إنما الواجب اسم الحضور في جزء من أجزاء عرفة ولو مجتازاً مع النية (6) ، وربما يفهم هذا أيضاً عن المنتهى‏ (7) ؟ إشكال.
    وينبغي القطع بفساد القول الأول لمخالفته لما يحكى‏ عن ظاهر الأكثر (8) ، والمعتبرة المستفيضة بأن الوقوف بعد الغسل وصلاة الظهرين ، ففي الصحيح الوارد في صفة حج النبي صلى الله عليه وآله أنه صلى الله عليه وآله « انتهى‏ إلى‏ نَمِرَة ، فضرب قبّته وضرب الناس أخبيتهم عندها ، فلمّا زالت الشمس خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ومعه فرسه وقد اغتسل وقطع التلبية حتى وقف بالمسجد
1 ـ قال به في كشف اللثام 1 : 353.
2 ـ المنتهى 2 : 720 ؛ وانظر التذكرة 1 : 372.
3 ـ الدروس 1 : 419 ، اللمعة ( الروضة البهية 2 ) : 269.
4 ـ الروضة البهية 2 : 269.
5 ـ السرائر 1 : 587.
6 ـ التذكرة 1 : 372.
7 ـ المنتهى 2 : 719.
8 ـ حكاه عنهم الفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 353.


(339)
فوعظ الناس وأمرهم ونهاهم ، ثم صلّى‏ الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ثم مضى إلى‏ الموقف ووقف فيه » (1).
    وفيه : « فإذا انتهيت إلى‏ عرفات فاضرب خباك بنَمِرَة وهي بطن عُرنَة دون الموقف ودون عرفة ، فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل وصلِّ الظهر والعصر بأذان وإقامتين ، وإنما يعجّل العصر ويجمع بينهما لتفرّغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة » الحديث (2).
    وفي الموثق كما في كلام جماعة (3) ، بل الصحيح كما في المنتهى‏ (4) : « إنما يعجّل الصلاة ويجمع بينهما لتفرّغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة ، ثم يأتي الموقف وعليه السكينة الحديث » (5).
    إلى‏ غير ذلك من النصوص.
    والأحوط العمل بمقتضاها وإن كان القول بكفاية مسمى‏ الوقوف لا يخلو عن قرب للأصل النافي للزائد ـ بعد الاتفاق على‏ كفاية المسمّى في حصول الركن منه ، وعدم اشتراط شي‏ء زائد منه فيه ـ مع سلامته عن المعارض سوى‏ الأخبار المزبورة ، ودلالتها على‏ الوجوب غير واضحة.
    أما ما تضمّن منها الأمر بإتيان الموقف بعد الصلاتين فلا تفيد
1 ـ الكافي 4 : 245/4 ، التهذيب 5 : 454/1588 ، الوسائل 11 : 213 أبواب أقسام الحج ب 2 ح 4.
2 ـ الكافي 4 : 461/3 ، التهذيب 5 : 179/600 ، الوسائل 13 : 529 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 9 ح 1.
3 ـ منهم : السبزواري في الذخيرة : 652 ، والمجلسي في ملاذ الأخيار 7 : 531.
4 ـ المنتهى 2 : 718.
5 ـ التهذيب 5 : 182/611 ، الوسائل 13 : 538 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 14 ح 1.


(340)
الفورية ، ومع ذلك منساق في سياق الأوامر المستحبة.
    وأما ما تضمن منها فعله صلى الله عليه وآله فكذلك بناءً على‏ عدم وجوب التأسي ، وعلى‏ تقدير وجوبه في العبادة فإنما غايته الوجوب الشرطي لا الشرعي ، وكلامنا فيه لا في سابقه للاتفاق كما عرفت على‏ عدمه.
    ( ومن لم يتمكن من الوقوف ) بها ( نهاراً أجزأه الوقوف ) بها ( ليلاً ) قليلاً ( ولو قبل الفجر ) متصلاً به إذا علم أنه يدرك المشعر قبل طلوع الشمس ، بلا خلاف فيه على‏ الظاهر ، المصرَّح به في كلام جماعة (1) ، وفي المنتهى : إنه قول علماء الإسلام كافة (2).
    أقول : والصحاح به مع ذلك مستفيضة.
    منها : في رجل أدرك الإمام بجَمْع ، فقال له : ( إن ظن أنه يأتي عرفات فيقف بها قليلاً ثم يدرك جمعاً قبل طلوع الشمس فليأتها ، وإن ظنّ أنه لا يأتيها حتى يفيض الناس من جمع فلا يأتها وقد تمّ حجه ) (3) ونحوه غيره (4).
    وفي المنتهى‏ : وجاز له أن يدفع من عرفات أيّ وقت شاء بلا خلاف ، ولا دم عليه إجماعاً (5).
    أقول : وهو ظاهر ما مرّ من الصحاح.
    ( ولو أفاض ) وذهب من عرفات ( قبل الغروب عامداً عالماً بالتحريم ) أثم و ( لم يبطل حجّه ) إجماعاً على‏ الظاهر ، المصرَّح به في‏
1 ـ منهم : العلامة في التذكرة 1 : 372 ، والسبزواري في الذخيرة : 653.
2 ـ المنتهى 2 : 721.
3 ـ الكافي 4 : 476/2 ، الفقيه 2 : 284/1394 ، الوسائل 14 : 35 أبواب الوقوف بالمشعر ب 22 ح 1.
4 ـ التهذيب 5 : 289/982 ، الاستبصار 2 : 301/1077 ، الوسائل 14 : 36 أبواب الوقوف بالمشعر ب 22 ح 3.
5 ـ المنتهى 2 : 721.


(341)
بعض العبائر (1) ، وفي المنتهى‏ : إنه ووجوب جبره بدم قول عامة أهل العلم ما عدا مالك (2) وهو الحجة.
    مضافاً إلى‏ الصحيح : عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس ، قال : « عليه بدنة ينحرها يوم النحر ، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً بمكة أو في الطريق » (3).
    ونحوه في إيجاب البدنة وبدلها آخر (4) ، والخبر (5).
    ومن هذه الأخبار يستفاد الوجه في قوله : ( وجبره ببدنة ) وعليه المشهور ، بل عن الغنية الإجماع عليه (6).
    خلافاً للصدوقين فبدم شاة (7) ، ولم أعرف مستنده ، ولكن عن الجامع وروى شاة (8).
    وعن الخلاف أن عليه دماً (9) للإجماع ، والاحتياط ، والنبوي : « من ترك نسكاً فعليه دم » (10).
1 ـ المدارك 7 : 398.
2 ـ المنتهى 2 : 720.
3 ـ الكافي 4 : 467/4 ، التهذيب 5 : 186/620 ، الوسائل 13 : 558 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 23 ح 3.
4 ـ التهذيب 5 : 187/621 ، الوسائل 13 : 558 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 23 ح 1.
5 ـ التهذيب 5 : 480/1702 ، الوسائل 13 : 558 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 23 ح 2.
6 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 580.
7 ـ الصدوق في المقنع : 86 ، ونقله عن والده في المختلف : 299.
8 ـ الجامع للشرائع : 207.
9 ـ الخلاف 2 : 338.
10 ـ سنن الدارقطني 2 : 244/37 ، 39 وفيه بتفاوت.


(342)
    قيل : ولو لم يكن في المسألة إلّا هذا الخبر كان مؤيداً لقولهما ، مع أصل البراءة من الزائد ، بل انصراف إطلاقه إلى‏ الشاة (1). انتهى‏.
    وهو حسن لكن لا محيص عن المشهور بعد أن دلّت عليه ما مرّ من النصوص وهي الحجّة في قوله : ( ولو عجز ) عنها ( صام ثمانية عشر يوماً ).
    ويستفاد من الرواية الأُولى‏ جواز صوم هذه الأيام في السفر ، وعدم وجوب المتابعة فيها ، تصريحاً في الأول ، وإطلاقاً في الثاني ، كما فيما عداها. والأمرين صرّح جماعة (2) ، خلافاً للدروس فأوجب المتابعة (3) ، وهو أحوط وإن لم أعرف مستنده.
    ثم إن كلّ ذا إذا لم يَعد قبل الغروب ، وإلّا فالأقوى‏ سقوطها وإن أثم للأصل ، واختصاص النصوص المتقدمة المثبتة لها بحكم التبادر وغيره بصورة عدم الرجوع قبل الغروب.
    ولو رجع بعد الغروب لم تسقط قطعاً لأصالة البقاء.
    ( ولا شيء عليه لو كان ) في إفاضته قبل الغروب ( جاهلاً أو ناسياً ) بلا خلاف أجده ، بل عليه في ظاهر جماعة الإجماع (4) ، وعن ظاهر المنتهى‏ والتذكرة أنه موضع وفاق بين العلماء كافة (5) وهو الحجّة.
1 ـ كشف اللثام 1 : 354.
2 ـ منهم : الشهيد الثاني في الروضة البهية 2 : 271 ، وصاحب المدارك 7 : 399 ، والسبزواري في الذخيرة : 653.
3 ـ الدروس 1 : 419.
4 ـ منهم : صاحب المدارك 7 : 400 ، والفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 344 ، والسبزواري في الذخيرة : 653.
5 ـ المنتهى 2 : 719 ، التذكرة 1 : 373.


(343)
    مضافاً إلى‏ الصحيح في الجاهل : « إن كان جاهلاً فلا شي‏ء عليه ، وإن كان متعمداً فعليه بدنة » (1).
    وبه يقيد إطلاق ما مرّ من المعتبرة.
    ولو علم الجاهل أو ذكر الناسي قبل الغروب وجب عليه العود مع الإمكان ، فإن أخلّ به قيل : كان كالعامد (2).
    ( ونَمِرَة ) بفتح النون وكسر الميم وفتح الراء قيل : ويجوز إسكان ميمها ، وهي الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على‏ يمينك إذا خرجت من المأزمين تريد الموقف ، كذا في تحرير النووي والقاموس وغيرهما (3).
    وفي الأخبار أنها بطن عُرَنة (4).
    ( وثَوِيَّة ) بفتح المثلّثة وكسر الواو وتشديد الياء المثنّاة من تحت المفتوحة كما في كلام جماعة (5).
    قيل بعد الضبط المذكور مع السكوت عن حال الواو مطلقاً : كما في السرائر ، ولم أظفر لها في كتب اللغة بمميز (6).
    ( وذو المجاز ) قيل : وهو سوق كانت على‏ فرسخ من عرفة بناحية كبكب (7).
1 ـ التهذيب 5 : 187/621 ، الوسائل 13 : 558 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 23 ح 1.
2 ـ المسالك 1 : 112.
3 ـ كشف اللثام 1 : 353.
4 ـ الكافي 4 : 461/3 ، التهذيب 5 : 179/600 ، الوسائل 13 : 529 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 9 ح 1.
5 ـ منهم : الشهيد الثاني في الروضة 2 : 270 ، وصاحب المدارك 7 : 396 ، وصاحب الحدائق 16 : 377.
6 و 7 ـ كشف اللثام 1 : 353.


(344)
    وعُرَنَة بضم العين المهملة وفتح الراء والنون.
    قيل : وفي لغة بضمتين ، قال المطرزي : وادٍ بحذاء عرفات ، وبتصغيرها سمّيت عرينة ، وهي قبيلة ينسب إليها العرنيون وقال السمعاني : إنها وادٍ بين عرفات ومنى (1).
    ( والأراك ) بفتح الهمزة كسحاب ، قيل : هو موضع بعرفة قريب نَمِرَة ، قاله في القاموس (2).
    ( حدود ) لعرفة ( لا يجزئ الوقوف بها ) بلا خلاف أجده ، وبه صرّح في الذخيرة (3) ، بل عليه الإجماع في عبائر جماعة (4) ، وفي المنتهى‏ : إنه مذهب الجمهور كافة إلّا ما حكي عن مالك أنه لو وقف ببطن عرنة أجزأه ولزم الدم (5).
    والمعتبرة به مع ذلك مستفيضة ، ففي الصحيح : « وحدّ عرفة من بطن عُرَنَة وثَوِيَّة ونَمِرَة إلى‏ ذي المجاز ، وخلف الجبل موقف » (6).
    وفي الموثق : « واتقّ الأراك ، ونَمِرَة وهي بطن عُرَنَة ، وثَويّة ، وذا المجاز ، فإنه ليس من عرفة فلا تقف فيه » (7).
1 ـ كشف اللثام 1 : 353.
2 ـ القاموس 3 : 301.
3 ـ الذخيرة : 655.
4 ـ منهم : ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 580 ، وصاحب المدارك 7 : 395 ، والفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 344.
5 ـ المنتهى 2 : 722.
6 ـ الكافي 4 : 461/3 ، التهذيب 5 : 179/600 ، الوسائل 13 : 531 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 10 ح 1.
7 ـ الفقيه 2 : 281/1377 ، التهذيب 5 : 180/604 ، الوسائل 13 : 532 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 10 ح 6.


(345)
    وفي الصحيحين : « حدّ عرفات من المأزمين إلى‏ أقصى الموقف » (1) كما عن العماني والحلبي (2) ، لكن أسقطا لفظ « الأقصى‏ ».
    وكذا عن الإسكافي إلّا أنه بدّل قوله ( إلى‏ الموقف ) بقوله « إلى‏ الجبل » (3).
    وفي المختلف : ولا تنافي بين القولين يعني ما في الكتاب وأحد هذين القولين لأن ذلك كلّه حدود عرفة لكن من جهات متعددة (4).

    ( والمندوب : أن يضرب خباءه بنَمِرَة ) للصحيحين ، فعلاً في أحدهما (5) ، وأمراً في الآخر (6).
    ( وأن يقف في السفح ) أي سفح الجبل ، أي أسفله ، كما عن الجوهري (7) للخبر (8) وفي الموثق : عن الوقوف بعرفات فوق الجبل‏
1 ـ الأول : الكافي 4 : 462/6 ، التهذيب 5 : 179/601 ، الوسائل 13 : 531 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 10 ح 2.
    الثاني : الفقيه 2 : 280/1375 ، الوسائل 13 : 533 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 10 ح 8.
2 ـ نقله عن العماني في المختلف : 298 ، الحلبي في الكافي : 196.
3 ـ كما حكاه عنه في المختلف : 298.
4 ـ المختلف : 298.
5 ـ الكافي 4 : 245/4 ، التهذيب 5 : 454/1588 ، الوسائل 11 : 213 أبواب أقسام الحج ب 2 ح 4.
6 ـ الكافي 4 : 461/3 ، التهذيب 5 : 179/600 ، الوسائل 13 : 529 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 9 ح 1.
7 ـ الصحاح 1 : 375.
8 ـ الكافي 4 : 463/1 ، الوسائل 13 : 534 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفات ب 11 ح 2.
رياض المسائل الجزء السادس ::: فهرس