رياض المسائل الجزء السادس ::: 361 ـ 375
(361)
    ( والجمع بينهما ) أي بين صلاتي المغرب والعشاء ( بأذان واحد وإقامتين ) بإجماعنا ، كما هو ظاهر التذكرة والخلاف (1) ، وفي المنتهى‏ وغيرها (2) للصحاح وغيرها (3).
    ( و ) على‏ هذا فيستحب ( تأخير نوافل المغرب ) عن وقتها ( حتى يصلي العشاء ) فيصليها قضاءً ، فإنه مع تقديمها ينتفي الجمع المستحب هذا مضافاً إلى‏ بعض المعتبرة : عن الركعات التي بعد المغرب ليلة المزدلفة ، فقال : « صلّها بعد العشاء الآخرة أربع ركعات » (4) ونحوه آخر بمعناه (5).
1 ـ التذكرة 1 : 374 ، الخلاف 2 : 339.
2 ـ المنتهى 2 : 723 ؛ وانظر المدارك 7 : 420 ، وكشف اللثام 1 : 357.
3 ـ الوسائل 14 : 14 أبواب الوقوف بالمشعر ب 6.
4 ـ الكافي 4 : 469/2 ، الوسائل 14 : 14 أبواب الوقوف بالمشعر ب 6 ح 2.
5 ـ التهذيب 5 : 190/631 ، الاستبصار 2 : 255/900 ، الوسائل 14 : 15 أبواب الوقوف بالمشعر ب 6 ح 4.


(362)
    ( فالواجبات : النية ) كما مرّ في عرفة وكلّ عبادة ، ولينوي أن وقوفه لحجة الإسلام أو غيرها كما عن التذكرة (1).
    وهل تجب مقارنتها اختياراً لطلوع الفجر ، واستدامة حكمها إلى‏ طلوع الشمس ، أم يجوز إيقاعها في أيّ جزء من هذا الزمان أُريد ، وقطعها متى أُريد ؟ وجهان مبنيان على‏ وجوب استيعاب هذا الزمان اختياراً بالوقوف وعدمه.
    قيل : والوجه العدم كما في السرائر للأصل من غير معارض ، بل استحباب تأخيره من الصلاة كما سيأتي ، وسيأتي استحباب الإفاضة قبل طلوع الشمس ، وجواز وادي محسِّر قبله ، وظاهر الفخرية والدروس الأول ، وتبعهما عليه جماعة ، وليس بجيّد (2). انتهى‏.
    وإلى ما استوجهه يميل في الذخيرة (3) ، لكن احتاط بما ذكره الجماعة ، وهو حسن.
    وعليه فيكون حال الوقوف هنا كما مرّ في عرفة من أن الواجب فيه المسمّى.
    ثم إن كان الوقوف ليلاً فهل يجب استئناف النية بعد الفجر ؟ وجهان ، قيل : مبنيّان على‏ كون الوقوف بالليل اختيارياً وعدمه (4). وفي الدروس إن‏
1 ـ التذكرة 1 : 374.
2 ـ كشف اللثام 1 : 355.
3 ـ الذخيرة : 656.
4 ـ كشف اللثام 1 : 356.


(363)
الأولى‏ الاستئناف (1) ، وكذا في الروضة (2).
    ( والوقوف به ) أي بالمشعر.
    ( وحدّه ما بين المَأزمين إلى‏ الحياض إلى‏ وادي محسِّر ) بغير خلاف ظاهر ، مصرِّح به في الذخيرة (3) ، وفي غيرها الإجماع (4) ، بل في المنتهى‏ : لا نعلم فيه خلافا (5) للصحيح (6) والمرسل (7) ، ويوافقهما معتبرة أُخر (8).
    وفي الصحيح : « حدّها » يعني المزدلفة « ما بين المأزمين إلى‏ الجبل إلى‏ حياض محسِّر » (9).
    قيل : وكان الجبل من الحدود الداخلة ، والمأزمان بكسر الزاي والهمزة ، ويجوز التخفيف بالقلب ألفاً : الجبلان بين عرفات والمشعر ، والمأزم في الأصل : المضيّق بين الجبلين (10).
    وعليه فلو وقف بغير المشعر اختياراً أو اضطراراً لم يجز ( و ) لكن ( يجوز الارتفاع إلى‏ الجبل مع الزحام ) بلا خلاف على‏ الظاهر ، المصرَّح به في جملة من العبائر ، وفي الغنية وغيرها (11) الإجماع للموثق : فإذا
1 ـ الدروس 1 : 423.
2 ـ الروضة 2 : 275.
3 ـ الذخيرة : 657.
4 ـ انظر التذكرة 1 : 375 ، والمدارك 7 : 421.
5 ـ المنتهى 2 : 726.
6 ـ التهذيب 5 : 190/633 ، الوسائل 14 : 17 أبواب الوقوف بالمشعر ب 8 ح 1.
7 ـ الفقيه 2 : 280/1376 ، الوسائل 14 : 18 أبواب الوقوف بالمشعر ب 8 ح 6.
8 ـ الوسائل 14 : 18 أبواب الوقوف بالمشعر ب 8 ح 3 ، 4 ، 5.
9 ـ التهذيب 5 : 190/634 ، الوسائل 14 : 17 أبواب الوقوف بالمشعر ب 8 ح 2.
10 ـ كشف اللثام 1 : 355.
11 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 580 ؛ وانظر مفاتيح الشرائع 347 : 1.


(364)
كثروا بجمع وضاقت عليهم كيف يصنعون ؟ قال : « يرتفعون إلى‏ المأزمين » قلت : فإذا كانوا بالموقف وكثروا وضاق عليهم كيف يصنعون ؟ فقال : « يرتفعون إلى‏ الجبل » الخبر (1).
    ولعلّ السياق مضافاً إلى‏ فهم الأصحاب قرينة على‏ كون « إلى‏ » هنا بمعنى ( على‏ ) فيكون استثناءً للمأزمين والجبل ، وإرشاداً إلى‏ دخولهما فيما يوقف عليه ولكن ضرورة.
    ( ويكره لا معه ) كما هنا وفي ظاهر المختلف وصريح وغيره (2) ، بل عزي إلى‏ المشهور (3) ، مع أن ظاهر الأكثر عدم الجواز كما في صريح الغنية وعن القاضي (4) ، ولعلّه للصحيحة المتقدمة ، حيث جعل فيها الجبل من حدود المشعر الخارجة عن المحدود ، خرج حال الضرورة وبقي حال الاختيار ، فتأمل.
    ولا ريب أن عدم الجواز إلّا مع الضرورة أحوط ، سيّما وفي الغنية الإجماع عليه.
    ( ووقت الوقوف ) بالمشعر للمختار واحد ، وهو على‏ المشهور ( ما بين طلوع الفجر إلى‏ طلوع الشمس ) من يوم النحر.
    ( وللمضطر ) اثنان ، أحدهما على‏ الأشهر من طلوع الشمس ( إلى‏ الزوال ) والثاني من أول ليلة النحر إلى‏ الفجر ، وقد يعبّر عنهما بواحد فيقال : من أول ليلة النحر إلى‏ الزوال كما عن المنتهى‏ (5).
1 ـ الكافي 4 : 471/7 ، التهذيب 5 : 180/604 ، الوسائل 14 : 19 أبواب الوقوف بالمشعر ب 9 ح 1 ، 2.
2 ـ المختلف : 298 ، الدروس 1 : 423 ؛ وانظر المدارك 7 : 422.
3 ـ اُنظر المسالك 1 : 113.
4 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 580 ، القاضي في المهذب 1 : 254.
5 ـ المنتهى 2 : 728.


(365)
    ويقابل الأشهر في الأول ما قيل من أنه من أول ليلة النحر إلى‏ طلوع الشمس ، إلّا أن على‏ مقدِّمه على‏ الفجر دم شاة.
    وفي الثاني ما عن السيّد من امتداد الاضطراري إلى‏ غروب الشمس يوم النحر (1).
    وهذان القولان نادران ، بل على‏ خلافهما الإجماع في المدارك وغيره (2).
    قيل بعد نقل نحو ما قلنا : والمحصَّل أنه لا خلاف في أنه من الفجر إلى‏ طلوع الشمس اختياري ، وأن ما بعد طلوع الشمس اضطراري ، وإنما الكلام فيما قبل الفجر. ففي الدروس إنه اختياري لإطلاق الصحيح في المتقدم من مزدلفة إلى‏ منى : يرمون الجمار ويصلّون في منازلهم : « لا بأس » (3).
    وإطلاق الحسن : « وإن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة » (4) مع السكوت عن أمره بالرجوع.
    وإطلاق الأخبار بأن من أدرك المشعر قبل طلوع الشمس أدرك الحج (5).
1 ـ حكاه عنه في السرائر 1 : 619 ، وهو في الانتصار : 90.
2 ـ المدارك 7 : 431 ؛ وانظر المختلف : 300 ، والحدائق 16 : 435.
3 ـ التهذيب 5 : 193/643 ، الاستبصار 2 : 256/903 ، الوسائل 14 : 30 أبواب الوقوف بالمشعر ب 17 ح 8.
4 ـ الكافي 4 : 473/1 ، التهذيب 5 : 193/642 ، الاستبصار 2 : 256/902 ، الوسائل 14 : 27 أبواب الوقوف بالمشعر ب 16 ح 1.
5 ـ اُنظر الوسائل 14 : 37 أبواب الوقوف بالمشعر ب 23 الأحاديث 3 ، 4 ، 13 ، 20.


(366)
    وهو ظاهر الأكثر لحكمهم بجبره بشاة فقط ، حتى إن في المنتهى‏ : اتّفاق من عدا الحلّي على‏ صحة الحج مع الإفاضة من المشعر قبل الفجر عمداً اختياراً ، وفيه مع ذلك وفي الكافي : إنه اضطراري ، وقد يستظهر من جمل العلم والعمل. وما سمعته من المنتهى‏ قرينة على‏ أنه إنما أراد بالاضطراري ما يأثم باختياره وإن أجزأه ، ويحتمله الجمل والكافي ، ولكن الشيخ في الخلاف والحلّي لم يجتزئا به للمختار ، ونصّ الحلّي على‏ بطلان حجه بناءً على‏ أن الوقوف بعد الفجر ركن فيبطل بتركه الحج ، ومنعه في المختلف والمنتهى‏ ، وقيّد المحقّق اجتزاء المختار به بما إذا أدرك عرفات ، وهو يعطي الاضطرارية ، ويجوز أن يكون إشارة إلى‏ تقييد كلام الأصحاب والأخبار ، وليس بعيداً (1).
    أقول : وأشار بتقييد المحقّق اجتزاء المختار به إلى‏ آخره بما ذكره هنا وفي الشرائع (2) من قوله :
    ( ولو أفاض قبل الفجر عامداً عالماً جبره بشاة ولم يبطل حجه إن كان وقف بعرفات ) اختياراً.
    ثم في كلام القيل : بقي الكلام في أن آخر الاضطراري زوال يوم النحر ، أو غروبه ؟ فالمشهور الأول ، وفي المختلف الإجماع عليه ، والأخبار ناطقة به (3) ، وفي السرائر عن انتصار السيّد الثاني ، ويوافقه المنتهى‏ في نقله عن السيّد ، وليس في الانتصار إلّا أن من فاته الوقوف بعرفة فأدرك الوقوف بالمشعر يوم النحر فقد أدرك الحج ، وليس نصاً ولا ظاهراً في‏
1 ـ كشف اللثام 1 : 355.
2 ـ الشرائع 1 : 256.
3 ـ الوسائل 14 : 39 أبواب الوقوف بالمشعر ب 23 ح 6 ، 8 ، 9 ، 11.


(367)
ذلك ، ولذا ذكر في المختلف أن النقل غير سديد. قلت : وعلى‏ القول به فلعلّ دليله الأخبار المطلقة ، نحو : « من أدرك المشعر فقد أدرك الحج » (1) وضعفه ظاهر فإنّ الكلام في إدراك المشعر ، فإنه بمعنى إدراك الوقوف به أي ما يكون وقوفاً به شرعاً ، مع المعارضة بالأخبار المقيّدة (2).
    انتهى‏ كلامه ـ عليه الرحمة ـ وإنما نقلناه بطوله لجودة مفاده وحسن محصوله ، مع تكفّله لشرح ما في المتن هنا وسابقاً بتمامه. لكن هنا قول آخر للغنية لم يتعرض له ، وهو أن الاختياري ليلة النحر ، والاضطراري من طلوع فجره إلى‏ شمسه (3) ، وهو غريب.
    واعلم أن ليس في المتن دلالة على‏ وجوب المبيت بالمشعر ، وعن ظاهر الأكثر وجوبه (4) ، وعن التذكرة العدم (5). والأول أحوط إن لم يكن أظهر للتأسي ، والصحيح : « لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة » (6).
    ( و ) على‏ القولين لا ( يجوز الإفاضة ) من المشعر ( ليلاً ) إلّا ( للمرأة ) مطلقاً ( والخائف ) وكلّ ذي عذر فيجوز.
    أما الأول فللإخلال بالواجب من الوقوف بعد الفجر.
    وأما الثاني فللإجماع الظاهر ، المصرَّح به في عبائر جماعة (7) مضافاً
1 ـ الوسائل 14 : 41 أبواب الوقوف بالمشعر ب 23 ح 13 ، 14 ؛ وب 27 ح 1.
2 ـ كشف اللثام 1 : 355.
3 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 580.
4 ـ الذخيرة : 656.
5 ـ التذكرة 1 : 375.
6 ـ الكافي 4 : 468/1 ، الوسائل 14 : 18 أبواب الوقوف بالمشعر ب 8 ح 3.
7 ـ منهم : صاحب المدارك 7 : 427 ، والفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 356 ، والسبزواري في الذخيرة : 657.


(368)
إلى‏ الصحاح المستفيضة وغيرها (1) وانتفاء الحرج شرعاً ، وفي المنتهى‏ : إنه قول كلّ من يحفظ عنه العلم (2).
    ولا يحتاج إلى‏ جبرٍ بلا خلاف.
    قيل : ولا بدّ لهم من الوقوف ولو قليلاً كما نصّت عليه الأخبار ، فعليهم النية. والأولى أن لا يفيضوا إلّا بعد انتصاف الليل إن أمكنهم كما في الصحيح (3). انتهى‏ (4). ولا بأس به.

    ( والندب : صلاة الغداة قبل الوقوف ) الواجب نيته كما هنا وفي الشرائع وعن المقنع والهداية والكافي والمراسم وجمل العلم والعمل (5) للصحيح : « أصبح على‏ طهر بعد ما تصلّي الفجر ، فقف إن شئت قريباً من الجبل وإن شئت حيث تبيت » (6).
    قيل : والمراد بالوقوف هنا القيام للدعاء والذكر ، وأما الوقوف المتعارف بمعنى الكون فهو واجب من أول الفجر ، فلا يجوز تأخيره بنيته إلى‏ أن يصلّي (7).
1 ـ الوسائل 14 : 28 أبواب الوقوف بالمشعر ب 17.
2 ـ المنتهى 2 : 726.
3 ـ الكافي 4 : 474/6 ، الفقيه 2 : 283/1392 ، الوسائل 14 : 30 أبواب الوقوف بالمشعر ب 17 ح 7.
4 ـ كشف اللثام 1 : 356.
5 ـ الشرائع 1 : 256 ، المقنع : 87 ، الهداية : 61 ، الكافي في الفقه : 214 ، المراسم : 112 ، جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضي 3 ) : 68.
6 ـ الكافي 4 : 469/4 ، التهذيب 5 : 191/635 ، الوسائل 14 : 20 أبواب الوقوف بالمشعر ب 11 ح 1. في الكافي والوسائل : « وإن شئت حيث شئت ».
7 ـ المسالك 1 : 114.


(369)
    وفيه نظر لمخالفته لظاهر نحو العبارة ، بل صريح جملة كعبارة المنتهى‏ ، فإنه قال : ويستحب أن يقف بعد أن يصلّي الفجر ، ولو وقف قبل الصلاة إذا كان قد طلع الفجر أجزأه (1). ونحوه عن التذكرة (2). وفي التحرير : ولو وقف قبل الصلاة جاز إذا كان الفجر طالعاً (3).
    هذا مع عدم وضوح دلالة الأخبار وكلام كثير على‏ ما ذكره من وجوب الوقوف بنيته عند الفجر ، وقد سبق إليه الإشارة.
    ( والدعاء ) بنحو ما في الصحيح : « فإذا وقفت فاحمد اللَّه عزّ وجلّ وأثن عليه ، واذكر من آلائه وبلائه ما قدرت عليه ، وصلِّ على‏ النبي صلى الله عليه وآله ، ثم ليكن من قولك : اللهم ربّ المشعر الحرام ، فكّ رقبتي من النار ، وأوسع عليّ من رزقك الحلال ، وادرأ عني شرّ فسقة الجن والإنس ، اللهم أنت خير مطلوب إليه وخير مدعوّ وخير مسؤول ولكل وافد جائزة ، فاجعل لي جائزتي في موطني هذا أن تقيلني عثرتي ، وتقبل معذرتي ، وأن تجاوز عن خطيئتي ، ثم اجعل التقوى من الدنيا زادي » (4) وغير ذلك من الدعاء المرسوم.
    ( وأن يطأ الصرورة ) أي الذي لم يحجّ بعد ( المشعر برجله ) كما في الخبر (5) ، وفي الصحيح : « وأنزل ببطن الوادي عن يمين الطريق قريباً
1 ـ المنتهى 2 : 724.
2 ـ التذكرة 1 : 374.
3 ـ التحرير 1 : 102.
4 ـ تقدم مصدره في ص 368 الهامش ( 6 ).
5 ـ الكافي 4 : 469/3 ، التهذيب 5 : 191/636 ، الوسائل 14 : 16 أبواب الوقوف بالمشعر ب 7 ح 2.


(370)
من المشعر ، ويستحب للصرورة أن يقف على‏ المشعر أو يطأه برجله » (1) كما عن التهذيب والمصباح ومختصره (2).
    وظاهر أن المراد بالمشعر هنا ما هو أخص من المزدلفة ، وفسّر بجبل قُزَح في المبسوط والوسيلة والكشّاف والمغرب وغيرها على‏ ما حكاه عنهم بعض الأجلّة (3) ، قال : وهو ظاهر الآية والأخبار والأصحاب ، فإن وطء المزدلفة واجب ، وظاهر الوقوف عليه غير الوقوف به ، ولا اختصاص للوقوف بالمزدلفة بالصرورة ، وبطن الوادي من المزدلفة ، فلو كانت هي المشعر الحرام لم يكن للقرب منه معنى‏ ، وكان الذكر فيه لا عنده.
    وفي الدروس عن الإسكافي أنه يطأ برجله أو بعيره المشعر الحرام قرب المنارة ، قال : والظاهر أنه المسجد الموجود الآن (4).
    وضعّف بأنه لو أُريد المسجد كان الأظهر الوقوف به أو دخوله ، لا وطأه والوقوف عليه.
    قيل : ويمكن حمل كلام الإسكافي عليه ـ أي على‏ جبل قُزَح ـ كما يحتمل كلام من قيّد برجله استحباب الوقوف بالمزدلفة راجلاً ، بل حافياً ، لكن ظاهرهم متابعة الصحيح ، وهو كما عرفت ظاهر في الجبل (5). انتهى‏.
1 ـ الكافي 4 : 468/1 ، التهذيب 5 : 188/626 ، الوسائل 14 : 16 أبواب الوقوف بالمشعر ب 7 ح 1 ، وفي الجميع : ويطأه ...
2 ـ التهذيب 5 : 191 ، مصباح المتهجد : 641 ، وحكاه عن مختصر المصباح في كشف اللثام 1 : 356.
3 ـ المبسوط 1 : 368 ، الوسيلة : 179 ، الكشاف 1 : 246 ، المغرب 1 : 283 ؛ وانظر القاموس المحيط 1 : 252 ؛ ومجمع البحرين 2 : 404 ، والصحاح 1 : 396 ، حكاه عنهم الفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 356.
4 ـ الدروس 1 : 422.
5 ـ كشف اللثام 1 : 356.


(371)
    وهو حسن إلّا أن المستفاد من بعض الصحاح وكلام أهل اللغة ـ كما قيل ـ أن المشعر هو مزدلفة وجمع (1) ، ولذا قيل : الظاهر اشتراك المشعر بين المعنيين (2). ولكن الظاهر أن المراد به هنا هو المعنى‏ الأول لما مرّ.
    ( وقيل : يستحب الصعود على‏ قُزَح ) زيادةً على‏ مسمى‏ وطئه ( وذكر اللَّه تعالى‏ عليه ) للنبويين العاميين (3) ، ولضعفهما نسبه إلى‏ القيل مشعراً بتمريضه ، والقائل : الشيخ في المبسوط (4) ، وتبعه الفاضل في جملة من كتبه (5) ، ولا بأس به.
    ثم كلام الماتن هنا وفي الشرائع والفاضل في الإرشاد والقواعد وغيرهما (6) نصّ في مغايرة الصعود على‏ قُزَح لوطء المشعر ، وهو ظاهر عبارة المبسوط المحكية (7) ، بل صريحها أيضاً ، وعن ظاهر الحلبي والدروس (8) اتحاد المسألتين.
    ( ويستحب لمن عدا الإمام الإفاضة ) من المشعر ( قبل طلوع الشمس ) بقليل كما في الشرائع والقواعد والتحرير وعن النهاية والمبسوط (9)
1 ـ الذخيرة : 658.
2 ـ كشف اللثام 1 : 356.
3 ـ سنن البيهقي 5 : 122.
4 ـ المبسوط 1 : 368.
5 ـ التذكرة 1 : 374 ، التحرير 1 : 102 ، المنتهى 2 : 725.
6 ـ الشرائع 1 : 256 ، الإرشاد 1 : 329 ، القواعد 1 : 86 ؛ وانظر السرائر 1 : 589 ، والذخيرة : 657 ، وكشف اللثام 1 : 356.
7 ـ المبسوط 1 : 368.
8 ـ الحلبي في الكافي : 214 ، الدروس 1 : 422.
9 ـ الشرائع 1 : 258 ، القواعد 1 : 87 ، التحرير 1 : 102 ، النهاية : 252 ، المبسوط 1 : 368.


(372)
للخبرين (1) ، أحدهما الموثق : أيّ ساعة أحب إليك الإفاضة من جمع ؟ فقال : « قبل أن تطلع الشمس بقليل فهي أحبّ الساعات إليّ » قالا : فإن مكثنا حتى تطلع الشمس ، فقال : « ليس به بأس ».
    وفي المنتهى‏ : لا نعلم خلافاً فيه (2). وإطلاقهما وإن شمل الإمام أيضاً لكنه مستثنى بما يأتي.
    ( وأن لا يتجاوز محسِّراً حتى تطلع ) الشمس للنهي عنه في الصحيح (3) ، وظاهره التحريم ، كما عن صريح القاضي وظاهر الأكثر (4). وهو أحوط.
    خلافاً لصريح العبارة والمختلف والمنتهى‏ والتذكرة كما حكي (5) ، فيستحب ، وبمعناه يكره أن يجوزه إلّا بعدَه كما عن السرائر (6) ، قيل : للأصل واحتمال النهي في الخبر الكراهة (7). وفيه نظر.
    ( والهرولة ) وهي الإسراع في المشي للماشي ، وتحريك الدابة
1 ـ الأول : الكافي 4 : 470/5 ، التهذيب 5 : 192/639 ، الاستبصار 2 : 257/908 ، الوسائل 14 : 25 أبواب الوقوف بالمشعر ب 15 ح 1.
الثاني : التهذيب 5 : 192/638 ، الاستبصار 2 : 257/907 ، الوسائل 14 : 25 أبواب الوقوف بالمشعر ب 15 ح 3.
2 ـ المنتهى 2 : 726.
3 ـ التهذيب 5 : 178/597 ، الوسائل 13 : 528 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 7 ح 4.
4 ـ حكاه عنهم في كشف اللثام 1 : 359 ، وهو في المهذب 1 : 254.
5 ـ حكاه عنهم في كشف اللثام 1 : 359 ، وهو في المختلف : 300 ، والمنتهى 2 : 729 ، والتذكرة 1 : 475.
6 ـ السرائر 1 : 589.
7 ـ كشف اللثام 1 : 359.


(373)
للراكب ( في الوادي ) أي وادي محسِّر للصحاح وغيرها (1) ، وفي المنتهى‏ والتذكرة (2) كما حكي لا نعلم فيه خلافاً ، وفي غيرهما بإجماع العلماء (3).
    مائة خطوة ، كما في الصحيح (4) ، ومائة ذراع ، كما في غيره (5).
    ( داعياً بالمرسوم ) في الصحيح فيقول : « اللهم سلّم لي عهدي ، واقبل توبتي ، وأجب دعوتي ، واخلفني بخير فيما تركت بعدي » (6).
    ( ولو نسي الهرولة ) حتى تعدّى‏ الوادي ( رجع فتداركها ) للصحيح (7) وغيره (8). وليس فيهما تقييد الترك بالنسيان ، بل مطلق الترك ولو جهلاً ، بل وعمداً ، فتركه كما في عبائر جمع أولى‏ (9).
    ( والإمام يتأخّر بجمع ) فلا يفيض منها( حتى تطلع الشمس ) للمرسل : « ينبغي للإمام أن يقف بجمع حتى تطلع الشمس ، وسائر الناس إن شاؤوا عجّلوا وإن شاؤوا أخّروا » (10).
1 ـ الوسائل 14 : 22 و24 أبواب الوقوف بالمشعر ب 13 ، 14.
2 ـ المنتهى 2 : 729 ، التذكرة 1 : 375.
3 ـ المدارك 7 : 445.
4 ـ الكافي 4 : 471/4 ، الفقيه 2 : 282/1385 ، الوسائل 14 : 23 أبواب الوقوف بالمشعر ب 13 ح 3.
5 ـ الفقيه 2 : 282/1386 ، الوسائل 14 : 23 أبواب الوقوف بالمشعر ب 13 ح 4.
6 ـ الفقيه 2 : 282/1384 ، التهذيب 5 : 192/637 ، الوسائل 14 : 22 أبواب الوقوف بالمشعر ب 13 ح 1.
7 ـ الكافي 4 : 470/1 ، الوسائل 14 : 24 أبواب الوقوف بالمشعر ب 14 ح 1.
8 ـ الكافي 4 : 470/2 ، الفقيه 2 : 282/1387 ، التهذيب 5 : 195/649 ، الوسائل 14 : 24 أبواب الوقوف بالمشعر ب 14 ح 2.
9 ـ منهم : العلامة في التذكرة 1 : 375 ، والسبزواري في الذخيرة : 662 ، والفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 359.
10 ـ التهذيب 5 : 193/641 ، الاستبصار 2 : 258/909 ، الوسائل 14 : 26 أبواب الوقوف بالمشعر ب 15 ح 4.


(374)
    وظاهره الاستحباب ، كما هو الظاهر ، وعن صريح السرائر والتذكرة والمنتهى‏ والتحرير والدروس (1).
    قيل : وصريح النهاية والمبسوط والوسيلة والمهذّب والاقتصاد الوجوب (2) ، وهو ظاهر الجمل والعقود والغنية والجامع (3).
    وأوجبه الصدوقان والمفيد وسلّار والحلبي (4) مطلقاً ، من غير فرق بين الإمام وغيره ، واستحبه الحلّي والشيخ في المصباح (5) مطلقاً لإطلاق الحسن : « ثم أفض حين يشرق لك ثَبير وترى الإبل مواضع أخفافها » (6).
    ويجوز أن يراد بالخبر وبكلامهم تأخير الخروج من المشعر وهو جواز وادي محسِّر وجوباً أو استحباباً.
    وأوجب الصدوقان شاة على‏ من قدّم الإضافة على‏ طلوع الشمس (7).
    أقول : وهذه الأقوال بظاهرها خلاف ما يظهر من الجمع بين الأخبار ولا سيّما القول بالوجوب منها في الجملة أو مطلقاً.
1 ـ السرائر 1 : 586 ، التذكرة 1 : 375 ، المنتهى 2 : 726 ، التحرير 1 : 102 ؛ الدروس 1 : 424.
2 ـ كشف اللثام 1 : 359.
3 ـ الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : 234 ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 581 ، الجامع للشرائع : 209.
4 ـ الصدوق في الفقيه 2 : 327 ، ونقله عن والده في المختلف : 300 ، المفيد في المقنعة : 417 ، سلار في المراسم : 113 ، الحلبي في الكافي في الفقه : 197.
5 ـ الحلبي في السرائر 1 : 586 ، مصباح المتهجد : 641.
6 ـ التهذيب 5 : 192/637 ، الوسائل 14 : 26 أبواب الوقوف بالمشعر ب 15 ح 5. الثبير كأمير جبل بمكة كأنه من الثبرة وهي الأرض السهلة. مجمع البحرين 3 : 235.
7 ـ الصدوق في الفقيه 2 : 327 ، وقد نقله عن والده في المختلف : 300.


(375)
    وعن التذكرة والمنتهى‏ (1) : الإجماع على‏ أنه لو دفع قبل الإسفار بعد طلوع الفجر أو بعد طلوع الشمس لم يكن مأثوماً إجماعاً.

    ( الأول الوقوف بالمشعر ركن )
    ( الأول : الوقوف بالمشعر ) الحرام ( ركن ) عندنا ( فمن لم يقف به ليلاً ولا بعد الفجر عامداً بطل حجّه ) بإجماعنا وأخبارنا ، منها : « إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحج » (2).
    بل هو أعظم من الوقوف بعرفة لثبوته في نصّ الكتاب (3) ، كما في المرسل كالموثق : « الوقوف بالمشعر فريضة والوقوف بعرفة سنّة » (4).
    خلافاً للمحكي عن أكثر العامة (5).
    وعن الإسكافي والتهذيب (6) : أنه إن تعمّد ترك الوقوف به فعليه بدنة.
    وفي المختلف : وهذا الكلام يحتمل أمرين :
    أحدهما : أن من ترك الوقوف بالمشعر الذي حدّه ما بين المأزمين إلى‏ الحياض وإلى وادي محسِّر وجب عليه بدنة.
1 ـ التذكرة 1 : 375 ، المنتهى 2 : 726.
2 ـ التهذيب 5 : 292/991 ، الاستبصار 2 : 305/1089 ، الوسائل 14 : 38 أبواب الوقوف بالمشعر ب 23 ح 2.
3 ـ البقرة : 198.
4 ـ الفقيه 2 : 206/937 ، التهذيب 5 : 287/977 ، الاستبصار 2 : 302/1080 الوسائل 13 : 552 أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 19 ح 14.
5 ـ حكاه عنهم في المنتهى 2 : 725 ، وهو في مغني المحتاج : 499 ، وبدائع الصنائع 2 : 135.
6 ـ نقله عن الإسكافي في المختلف : 300 ، التهذيب 5 : 294.
رياض المسائل الجزء السادس ::: فهرس