رياض المسائل الجزء السادس ::: 406 ـ 420
(406)
    ( ولو ضلّ ) الهدي ( فذبحه غير ) صاحبه ( لم يُجزئ ) عنه مطلقاً كما عليه الماتن هنا وفي الشرائع (1) ، وتبعه الفاضل في الإرشاد والقواعد (2) ، مع أنه في التحرير والمنتهى‏ (3) أفتى‏ بالإجزاء إن ذبحه عن مالكه بمنى‏ وإلّا فلا. وهو الأقوى‏ ، بل عزاه إلى‏ المشهور بعض أصحابنا (4) للصحيح : « إن كان نحره بمنى‏ فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضلّ عنه ، وإن كان نحره في غير منى لم يجزئ عن صاحبه » (5).
    وليعرّفه قبل ذلك ثلاثة أيام يوم النحر واليومين بعده للصحيح : « إذا وجد الرجل هدياً ضالّاً فليعرّفه يوم النحر واليوم الثاني والثالث ، ثم ليذبحه عن صاحبه عشيّة الثالث » (6).
    والظاهر الوجوب للأمر بلا معارض ، وللتحرز عن النيابة بلا ضرورة ولا استنابة خصوصاً عن غير معيّن ، وعن إطلاق الذبح عما في الذمة إطلاقاً محتملاً للوجوب والندب ، وللهدي وغيره ، وللمتمتع وغيره ، حج الإسلام وغيره ، ولعلّه لذا منع عنه الماتن ، وتبعه الفاضل في بعض كتبه.
    ثم إن القول بالإجزاء مشروط بما إذا ذبحه الواجد عن صاحبه ، وإلّا فلا يجزئ عنه ولا عن صاحبه ، سواء نواه عن نفسه أو لا ، وبذلك صرّح‏
1 ـ الشرائع 1 : 260.
2 ـ الارشاد 1 : 332 ، القواعد 1 : 88.
3 ـ التحرير 1 : 106 ، المنتهى 2 : 751.
4 ـ كشف اللثام 1 : 368.
5 ـ الكافي 4 : 495/8 ، الفقيه 2 : 297/1475 ، التهذيب 5 : 219/739 ، الاستبصار 2 : 272/963 الوسائل 14 : 137 أبواب الذبح ب 28 ح 2.
6 ـ الكافي 4 : 494/5 ، التهذيب 5 : 217/731 ، الوسائل 14 : 137 أبواب الذبح ب 28 ح 1.


(407)
في التحرير والمنتهى‏ (1) ، قال : أما عن الذابح فلأنه نهي عنه ، وأما عن صاحبه فلعدم النية. انتهى‏.
    وهو حسن لولا إطلاق النص بالإجزاء عن صاحبه.
    ولكن ظاهرهم الإطباق على‏ المنع هنا ولعلّهم حملوا إطلاق النص على‏ الأصل في فعل المسلم من الصحة ، فلا يتصور فيه الذبح بغير النيّة عن صاحبه.
    قيل : ولو قلنا بجواز الذبح قبل التعريف لم يبعد وجوبه بعده ليعلم المالك فيترك الذبح (2).
    ومتى‏ جاز الذبح فالظاهر وجوب الصدقة به والإهداء ، ويسقط وجوب الأكل قطعاً.
    ( ولا يخرج ) الحاج ( شيئاً من لحم الهدي ) الذي يذبحه ( عن منى ، ويجب صرفه في وجهه ) الآتي بيانه ، كما هنا وفي الشرائع والإرشاد (3) ، لكن فيهما : لا يجوز إخراج شي‏ء مما يذبح من منى. وفي الذخيرة بعد نقله : هذا هو المشهور (4) ، وقيل : إنه مذهب الأصحاب.
    أقول : والقائل صاحب المدارك (5) ، وزاد بعض متابعيه فقال : بلا خلاف (6) ، لكن بدّل لا يجوز بلا ينبغي.
    وفي دعوى كل من الشهرة وعدم الخلاف على‏ عموم المنع تحريماً
1 ـ التحرير 106 : 1 ، المنتهى 751 : 2.
2 ـ المدارك 8 : 24.
3 ـ الشرائع 1 : 260 ، الارشاد 1 : 332.
4 ـ الذخيرة : 666.
5 ـ المدارك 25 : 8.
6 ـ مفاتيح الشرائع 1 : 356.


(408)
أو كراهة بحيث يشمل ما عدا اللحم من الجلود ، وما عدا الهدي من الأُضحية إشكال لتصريح الفاضلين وغيرهما (1) بالكراهية في الأُضحية ، وآخرين بالجواز معها في نحو جلود الهدي (2).
    والتحقيق اختصاص المنع بلحوم الهدي دون غيرها ، أما المنع فيها فللصحيح من غير معارض : « لا يخرجنّ شيئاً من لحم الهدي » (3).
    وأما الجواز في نحو جلود الهدي فللصحيح الآخر أو الموثق : عن الهدي أ يخرج بشي‏ء منه عن الحرم ؟ فقال : « بالجلد والسنام والشي‏ء ينتفع به » قلت : إنه بلغنا عن أبيك أنه قال : لا يخرج من الهدي المضمون شيئاً ، قال : « بل يخرج بالشي‏ء ينتفع به » وزاد فيه أحمد : ولا يخرج بشي‏ء من اللحم من الحرم (4).
    وفيه دلالة عن المنع عن إخراج اللحوم أيضاً.
    ويؤيّده أيضاً إطلاق الصحيح أو عمومه : عن اللحم أ يخرج من الحرم ؟
    فقال : « لا يخرج منه إلّا السنام » (5).
    ولا يعارضه نحو الصحيح : عن إخراج لحوم الأضاحي من منى ،
1 ـ المحقق في الشرائع 1 : 264 ، العلامة في التحرير 1 : 108 ، والمنتهى 2 : 760 ؛ وانظر جامع المقاصد 3 : 254.
2 ـ كابن سعيد في الجامع للشرائع : 215.
3 ـ التهذيب 5 : 226/766 ، الاستبصار 2 : 275/975 ، الوسائل 14 : 171 أبواب الذبح ب 42 ح 2.
4 ـ التهذيب 5 : 228/772 ، الاستبصار 2 : 276/981 ، الوسائل 14 : 174 أبواب الذبح ب 43 ح 6.
5 ـ التهذيب 5 : 226/765 ، الاستبصار 2 : 274/974 ، الوسائل 14 : 171 أبواب الذبح ب 42 ح 1.


(409)
فقال : « كنّا نقول : لا يخرج شي‏ء لحاجة الناس إليه ، فأما اليوم فقد كثر الناس فلا بأس بإخراجه » (1) لاختصاصه بالأضاحي ، ونحن نقول بالجواز ولو مع الكراهة فيها كما يأتي.
    وحمله الشيخ على‏ من اشترى‏ اللحم ، لا من ذبح للخبر : « ولا بأس أن يشتري الحاج من لحم مني ويتزوّده » (2).
    ولا بأس به ، اقتصاراً فيما خالف الأصل على‏ المتيقّن ، وهو منع الذابح ، دون غيره.
    ( ويذبح ) الهدي أو ينحر ( يوم النحر وجوباً ) فلا يجوز التقديم عليه اتفاقاً كما قيل (3).
    وفي الذخيرة بعد نقل ما في العبارة : ولا أعلم فيه خلافاً بين أصحابنا ، وقيل : إنه قول علمائنا وأكثر العامة ، ومستنده أن النبي صلى الله عليه وآله نحر في هذا اليوم وقال : « خذوا عني مناسككم » (4) (5).
    ( مقدّماً على‏ الحلق ) وجوباً أو استحباباً على‏ الخلاف ، وسيأتي الكلام فيه ( و ) في أنه ( لو قدّم الحلق أجزأ ) مطلقاً ولو كان عامداً.
    ( وكذا ) يجزئ ( لو ذبحه في بقيّة ذي الحجّة ).
    قيل : قطع به الأصحاب من غير فرق بين الجاهل والعالم ، والعامد والناسي ، ولا بين المختار والمضطر ، بل في النهاية والغنية والسرائر
1 ـ الكافي 4 : 500/7 ، التهذيب 5 : 227/768 ، الاستبصار 2 : 275/977 ، الوسائل 14 : 172 أبواب الذبح ب 42 ح 5.
2 ـ التهذيب 5 : 227/769 ، الاستبصار 2 : 275/978 ، الوسائل 14 : 172 أبواب الذبح ب 42 ح 4.
3 ـ كشف اللثام 1 : 372.
4 ـ عوالي الآلي 4 : 34/118 ، المستدرك 9 : 420 أبواب الطواف ب 54 ح 4 ؛ وانظر مسند أحمد 3 : 318.
5 ـ الذخيرة : 664.


(410)
الجواز ، وفي المصباح ومختصره : إن الهدي الواجب يجوز ذبحه ونحره طول ذي الحجّة ، ويوم النحر أفضل. وظاهر المهذّب يوهم جواز التأخير عن ذي الحجّة ، ولعلّه لم يُرده. إلّا أن في المبسوط أنه بعد أيام التشريق قضاء ، واختار ابن إدريس أنه أداء.
    ودليل الإجزاء الأصل وإطلاق الآية (1) والصحيح : في رجل نسي أن يذبح بمنى‏ حتى زار البيت فاشترى‏ بمكّة ثم ذبح ، قال : « لا بأس قد أجزأ عنه » (2).
    والحسن ـ أقول : بل الصحيح ـ : فيمن يجد الثمن ولا يجد الغنم ، قال : « يخلف الثمن عند بعض أهل مكّة ويأمر من يشتري له ويذبح عنه وهو يجزئ عنه ، فإن مضى ذو الحجّة آخر ذلك إلى‏ قابل من ذي الحجّة » (3). ونحو منه الخبر (4). لكنها لا تعمّ المختار. أقول : لكن في ظاهر الغنية الإجماع على‏ الإطلاق (5).
    ودليل كونه قضاءً بعد أيام التشريق لعلّه الصحيح : عن الأضحى‏ كم هو بمنى‏ ؟ قال : ( أربعة أيام ) (6). ومثله الموثّق (7).
1 ـ البقرة : 196.
2 ـ الكافي 4 : 505/4 ، الفقيه 2 : 301/1497 ، الوسائل 14 : 156 أبواب الذبح ب 39 ح 5.
3 ـ الكافي 4 : 508/6 ، التهذيب 5 : 37/109 ، الاستبصار 2 : 260/916 ، الوسائل 14 : 176 أبواب الذبح ب 44 ح 1.
4 ـ فقه الرضا عليه السلام : 224 ـ 225 ، المستدرك 10 : 117 أبواب الذبح ب 39 ح 1.
5 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 582.
6 ـ التهذيب 5 : 202/673 ، الاستبصار 2 : 264/930 ، الوسائل 14 : 91 أبواب الذبح ب 6 ح 1.
7 ـ الفقيه 2 : 291/1439 ، التهذيب 5 : 203/674 ، الاستبصار 2 : 264/931 ، الوسائل 14 : 92 أبواب الذبح ب 6 ح 2 ، 3.


(411)
    ويجوز كون الغرض حرمة الصوم ، كما في الصحيح : « النحر بمنى‏ ثلاثة أيام ، فمن أراد الصوم لم يصم حتى يمضي الثلاثة الأيام ، والنحر بالأمصار يوم ، فمن أراد أن يصوم صام من الغد » (1) (2).
    أقول : ويحتمل اختصاصهما بالأضحية لثبوت ذلك فيها كما ستعرفه ، لكن الظاهر من جماعة من الأصحاب عمومهما لها ولمفروض المسألة.
    وأما الموثق : عن رجل تمتّع فلم يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة ، أيذبح أو يصوم ؟ قال : « بل يصوم ، فإن أيام الذبح قد مضت » (3) ..
    فقد حمله الشيخ على‏ من صام ثلاثة فمضى‏ أيامه بمعنى مضيّ زمان أُسقط عنه للصوم فيه (4). وغيره على‏ يوم النفر من مكّة وقد كان بعد ذي الحجّة (5).
    ( الثاني : في صفته ) أي الهدي :
    ( ويشترط أن يكون من النعم ) أي الإبل والبقر والغنم بلا خلاف بين العلماء ، كما في صريح المدارك وظاهر المنتهى‏ (6) ، وفي كلام جماعة
1 ـ الفقيه 2 : 291/1441 ، التهذيب 5 : 203/678 ، الاستبصار 2 : 265/935 ، الوسائل 14 : 93 أبواب الذبح ب 6 ح 5.
2 ـ كشف اللثام 1 : 372.
3 ـ التهذيب 5 : 37/111 ، الاستبصار 2 : 260/918 ، الوسائل 14 : 177 أبواب الذبح ب 44 ح 3.
4 ـ كما في التهذيب 5 : 38 ، والاستبصار 2 : 260.
5 ـ اُنظر كشف اللثام 1 : 372.
6 ـ المدارك 8 : 28 ، المنتهى 2 : 740.


(412)
إجماعاً (1) المدارك وللنصوص ، منها الصحيح في المتمتع : « عليه الهدي » قلت : وما الهدي ؟ فقال : « أفضله بدنة ، وأوسطه البقرة ، وأخسّه شاة » (2).
    وأن يكون ( ثنيّاً ) إلّا من الضأن ، بلا خلاف أجده على‏ الظاهر ، المصرح به في الذخيرة (3) وفي المدارك وغيره (4) : إنه مذهب الأصحاب ، مؤذنين بدعوى‏ الإجماع ، كما صرّح به بعض الأصحاب (5) وهو الحجّة.
    مضافاً إلى‏ الصحاح المستفيضة ، منها المرتضوي : « الثنيّة من الإبل ، والثنيّة من البقر ، والثنيّة من المعز ، والجذَع من الضأن » (6).
    وأما اشتراط كونه ( غير مهزول ) فسيأتي ما يدل عليه. ( ويجزئ من الضأن خاصة الجذَع ) بلا خلاف ، بل قيل : بالإجماع (7) ؛ للصحيحة المتقدمة وغيرها ، كالصحيح : « يجزئ من الضأن الجذع ، ولا يجزئ من المعز غير الثني » (8) وقريب منه آخر (9).
    وسنّ الجذع قد تقدّم الكلام في تحقيقه في كتاب الزكاة. قيل : والذي في كتب الصدوق والشيخين وسلّار وابني حمزة وسعيد نحو قوله : ( لسنة ) ومعناه ما في الغنية والمهذّب والإشارة : أنه الذي لم يدخل في‏
1 ـ منهم : الفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 353 ، والفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 365 ، وصاحب الحدائق 17 : 86.
2 ـ التهذيب 5 : 36/107 ، الوسائل 14 : 101 أبواب الذبح ب 10 ح 5.
3 ـ الذخيرة : 666.
4 ـ المدارك 8 : 28 ؛ وانظر كشف اللثام 1 : 365 ، والحدائق 17 : 88.
5 ـ مفاتيح الشرائع 1 : 353.
6 ـ التهذيب 5 : 206/688 ، الوسائل 14 : 103 أبواب الذبح ب 11 ح 1.
7 ـ كشف اللثام 1 : 365.
8 ـ التهذيب 5 : 206/689 ، الوسائل 14 : 103 أبواب الذبح ب 11 ح 2.
9 ـ الكافي 4 : 490/9 ، الوسائل 14 : 104 أبواب الذبح ب 11 ح 6.


(413)
الثانية (1).
    ( وأن يكون تامّاً ، فلا تجزئ العوراء ) البيّن عورها ( ولا العرجاء ) البيّن عرجها ، ولا المريضة البيّن مرضها ، ولا الكسيرة التي لا تنقي ، بلا خلاف فيه على‏ الظاهر ، المصرَّح به في عبائر جماعة (2) ، مؤذنين بدعوى‏ الإجماع ، كما صرّح به بعضهم ، بل في المدارك : إنه مجمع عليه بين العلماء (3).
    وفي المنتهى‏ : وقد وقع الاتفاق من العلماء على‏ اعتبار هذه الصفات الأربع في المنع ، روى‏ البراء بن عازب قال : قام فينا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله خطيباً فقال : « أربع لا تجوز في الأضحى‏ : العوراء البيّن عورها ، والمريضة البيّن مرضها ، والعرجاء البيّن عرجها ، والكسيرة التي لا تنقي » (4).
    ومعنى البيّن عورها : التي انخسف عينها وذهبت ، فإن ذلك ينقصها لأن شحمة العين عضو يستطاب أكله.
    والعرجاء : البيّن عرجها التي عرجها متفاحش يمنعها السير مع الغنم ومشاركتهن في العلف والرعي فتهزل.
    والتي لا تنقي : التي لا مخّ لها لهزالها لأن النقي بالنون المكسورة والقاف المسكّنة : المخّ.
    والمريضة قيل : هي الجرباء لأن الجرب يفسد اللحم والأقرب اعتبار كل مرض يؤثر في هزالها وفساد لحمها.
1 ـ كشف اللثام 1 : 366.
2 ـ منهم : الفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 366.
3 ـ المدارك 8 : 30.
4 ـ انظر سنن البيهقي 5 : 242.


(414)
    ثم فيه : العوراء لو لم تنخسف عينها وكان على‏ عينها بياض ظاهر فالوجه المنع من الاجزاء لعموم الخبر ، والانخساف ليس معتبراً (1).
    ونحوه قال في التحرير (2) وحكي عنه في التذكرة (3) ، إلا فيما جعله الوجه فيه فاحتمله فيها ، وهو مؤذن بالتردّد.
    ولعلّه من إطلاق الصحيح بل عمومه : عن الرجل يشتري الأُضحية عوراء فلا يعلم إلّا بعد شرائها ، هل تجزئ عنه ؟ قال : « نعم ، إلّا أن يكون هدياً واجباً فإنه لا يجوز أن يكون ناقصاً » (4).
    ومن التقييد بالبيّن في النبوي المتقدم والقوي : « لا يضحّي بالعرجاء بيّن عرجها ، ولا بالعوراء بيّن عورها ، ولا بالعجفاء (5) ، ولا بالخرماء (6) ، ولا بالجدعاء (7) ، ولا بالعضباء (8) » (9).
    لكن عدم وضوح سندهما يقتضي المصير إلى‏ ما جعله وجهاً أو احتمالاً ، سيّما وقد عزاه في المدارك إلى‏ إطلاق كلام الأصحاب (10) ، مؤذناً
1 ـ انظر المنتهى 2 : 740.
2 ـ التحرير 1 : 105.
3 ـ التذكرة 1 : 381.
4 ـ الفقيه 2 : 295/1463 ، التهذيب 5 : 213/719 ، الاستبصار 2 : 268/952 ، قرب الإسناد : 239/941 ، الوسائل 14 : 125 أبواب الذبح ب 21 ح 1.
5 ـ العجفاء ، مؤنث أعجف : المهزول ـ مجمع البحرين 5 : 92.
6 ـ الخرماء : هي التي تقطع وتره أنفها أو طرف أنفها قطعاً لايبلغ الجذع ـ مجمع البحرين 6 : 56.
7 ـ الجدعاء : المقطوعة الاذن ـ مجمع البحرين 4 : 309.
8 ـ العضباء : مكسورة القرن الداخل أو مشقوقة الاذن ـ مجمع البحرين 4 : 123.
9 ـ الفقيه 2 : 293/1450 ، التهذيب 5 : 213/716 ، الوسائل 14 : 126 أبواب الذبح ب 21 ح 3.
10 ـ المدارك 8 : 31.


(415)
بالاتفاق عليه ، لكن في الغنية التقييد صريحاً (1).
    ثم ظاهر المصنّف المنع عن العرجاء مطلقاً ، وبه صرّح بعض المتأخرين (2) لإطلاق الصحيح.
    لكن الأصحاب قيّدوه بالبيّن كما قيل (3) ، ولا بأس به للنبويين المتقدمين المنجبرين هنا بعملهم ، مضافاً إلى‏ الأصل وإطلاق نحو ( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (4) خرج منه المجمع عليه فيبقى‏ الباقي ، وهذه الأدلة لعلّها تترجّح على‏ الإطلاق الصحيح ، فيقيّد بها.
    ( ولا العضباء ) وهي التي ذهب قرنها كما في التحرير (5) ، وفي غيره : أنها المكسورة القرن الداخل (6) ، ولعلّهما واحد.
    ( ولا ما نقص منها شي‏ء كالخصي ) ومقطوعة الاذن.
    لدخولها في عموم النقص وخصوص القوي المتقدم في الأول ، مضافاً فيه إلى‏ مفهوم الصحيح في المقطوع القرن أو المكسور القرن : « إذا كان القرن الداخل صحيحاً فلا بأس وإن كان القرن الظاهر الخارج مقطوعاً » (7).
    ومنطوقه مجمع عليه بيننا كما في المنتهى‏ (8) ، ويعضده الصحيح الآخر أيضاً : في الأُضحية يكسر فرنها ، قال : « إذا كان القرن الداخل صحيحاً فهو
1 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 582.
2 ـ مفاتيح الشرائع 1 : 353.
3 ـ المدارك 8 : 32.
4 ـ البقرة : 196.
5 ـ التحرير 1 : 105.
6 ـ انظر الإرشاد 1 : 332 ، والمدارك 8 : 31 ، والذخيرة : 667.
7 ـ التهذيب 5 : 213/717 ، الوسائل 14 : 128 أبواب الذبح ب 22 ح 3.
8 ـ المنتهى 2 : 741.


(416)
يجزي » (1).
    والمراد بالقرن الداخل هو الأبيض الذي في وسط الخارج ، كما في الذخيرة (2).
    والصحاح في الخصيّ ، منها : عن الرجل يشتري الهدي ، فلمّا ذبحه إذاً هو خصيّ مجبوب ، ولم يكن يعلم أن الخصيّ لا يجوز في الهدي ، هل يجزيه أم يعيده ؟ قال : « لا يجزيه إلّا أن يكونا لا قوّة به عليه » (3).
    مضافاً فيه إلى‏ الإجماع ، كما في ظاهر المنتهى‏ وعن التذكرة أيضاً (4).
    لكن عن العماني كراهية التضحية به (5). وهو بعد تسليم مخالفته نادر.
    ومفهوم الصحيح في مقطوع الاذن : عن الأضاحي إذا كان الاذن مشقوقة أو مثقوبة بسمة ، فقال : « ما لم يكن منها مقطوعاً فلا بأس » (6) وفيه نظر.
    قيل : وقد قطع الأصحاب بإجزاء الجمّاء ، وهي التي لم يخلق لها قرن ، والصماء ، وهي الفاقدة الاذن في خلقه لأن فقد هذه الأعضاء لا يوجب نقصاً في قيمة الشاة ولا في لحمها. واستقرب العلّامة في المنتهى‏ إجزاء البتراء أيضاً ، وهي المقطوعة الذنب ، ولا بأس به (7). انتهى‏.
1 ـ الكافي 4 : 491/13 ، الفقيه 2 : 296/1466 ، الوسائل 14 : 128 أبواب الذبح ب 22 ح 1.
2 ـ الذخيرة : 667.
3 ـ التهذيب 5 : 211/708 ، الوسائل 14 : 106 أبواب الذبح ب 12 ح 3.
4 ـ المنتهى 2 : 741 ، التذكرة 1 : 381.
5 ـ حكاه عنه في المختلف : 306.
6 ـ التهذيب 5 : 213/718 ، الوسائل 14 : 129 أبواب الذبح ب 23 ح 1.
7 ـ المدارك 8 : 33 والحدائق 17 : 98.


(417)
    وفي كل من التعليل لاجزاء نحو الجمّاء والحكم بإجزاء البتراء نظر : أمّا التعليل فلأن الموجود فيما مرّ من الصحيح النقص في نفس الهدي ، سواء أوجب النقص في القيمة أم لا ، لا ما يوجب النقص في القيمة خاصة.
    وأما إجزاء البتراء فلمخالفته عموم الصحيح المانع عن الناقص ، ولا ريب أن فقد الذنب نقص ، فالوجه المنع عنه ، وفاقاً لشيخنا في الروضة (1).
    وكذا عن ساقط الأسنان لكبر وغيره لعموم الدليل ، وفاقاً له فيها. قال : أما شقّ الاذن من غير أن يذهب منها شي‏ء وثقبها ووسمها ، وكسر القرن الظاهر ، وفقد القرن والأُذن خلقة ، ورضّ الخصيتين فليس بنقص وإن كره الأخير. انتهى‏.
    ولا بأس به.
    قيل : ولو لم يجد إلّا الخصيّ فالأظهر إجزاؤه كما اختاره في الدروس (2) للخبر : الخصيّ يضحي به ، قال : « لا إلّا أن لا يكون غيره » (3).
    وفي الصحيح : « اشتر فحلاً سميناً للمتعة ، فإن لم تجد فموجوءاً (4) ، فإن لم تجد فمن فحولة المعز ، فإن لم تجد فنعجة ، فإن لم تجد فما استيسر من الهدي » (5).
    وفي آخر : « فإن لم تجد فما تيسّر عليك » (6).
1 ـ الروضة البهية 2 : 289.
2 ـ المدارك 8 : 34 ، الذخيرة : 667.
3 ـ الكافي 4 : 490/5 ، الوسائل 14 : 108 أبواب الذبح ب 12 ح 8.
4 ـ الوجاء ـ بالكسر والمد ـ : رض عروق البيضتين حتي تنفضخ فيكون شبيهاً بالخصاء. صحاح اللغة 1 : 80.
5 ـ الكافي 4 : 490/9 الوسائل 14 : 107 أبواب الذبح ب 12 ح 7.
6 ـ التهذيب 5 : 204/679 ، الوسائل 14 : 95 أبواب الذبح ب 8 ح 1.


(418)
    أقول : ونحوها الصحيح المتقدم : « لا يجزيه إلّا أن يكون لا قوة به عليه ».
    ( ويجزئ المشقوقة الأُذن ) للأصل ، وإطلاق ( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) ومنطوق الصحيح المتقدم ، مع عدم كونه نقصاً.
    وأما الصحيح : عن الأُضحية تكون مشقوقة الاذن ، فقال : « إن كان شقّها وسماً فلا بأس ، وإن كان شقّاً فلا يصلح » (1) فمحمول على‏ الكراهية كما يشعر به اللفظة.
    ( وأن لا تكون مهزولة ) بلا خلاف أجده للصحاح المستفيضة (2).
    وفسّر في المشهور بأن يكون ( بحيث لا يكون على‏ كليتيها شحم ) كما في الخبر (3) المنجبر بالعمل ، بل الاخبار كما في السرائر (4).
    ( لكن لو اشتراها على‏ أنها سمينة فبانت مهزولة أجزأته ) للصحاح ، منها : « إن اشترى‏ الرجل هدياً وهو يرى‏ أنه سمين أجزأ عنه وإن لم يجده سميناً ، ومن اشترى‏ هدياً وهو يرى‏ أنه مهزول فوجده سميناً أجزأ عنه ، وإن اشتراه وهو يعلم أنه مهزول لم يجز عنه » (5).
    ولا ريب ولا خلاف في الحكم إذا ظهر كونها مهزولة بعد الذبح. وفيما قبله إشكال ، من إطلاق الفتوى‏ والنص ، ومن قوّة احتمال اختصاصها بحكم التبادر بما بعد الذبح فيرجع إلى‏ إطلاق ما دلّ على‏ المنع عن المهزولة.
1 ـ الكافي 4 : 491/11 ، الوسائل 14 : 129 أبواب الذبح ب 23 ح 2.
2 ـ اُنظر الوسائل 14 : 109 ، 113 أبواب الذبح ب 13 ، 16.
3 ـ الكافي 4 : 492/16 ، التهذيب 5 : 212/714 ، الوسائل 14 : 113 أبواب الذبح ب 16 ح 3.
4 ـ السرائر 1 : 597.
5 ـ التهذيب 5 : 211/712 ، الوسائل 14 : 113 أبواب الذبح ب 16 ح 2.


(419)
    وهذا أحوط وإن كان في تعيّنه نظر لعدم وضوح التبادر ، ومنع إطلاق ينفع ، وعلى‏ تقديره فهو مقيّد بمفهوم الشرط في نحو الصحيح المتقدم : « وإن اشتراه وهو يعلم أنه مهزول لم يجز عنه » مضافاً إلى‏ إطلاق الصدر.
    وفي الصحيحة المتقدّمة ونحوها دلالة على‏ انسحاب الحكم في صورة العكس أيضاً ، وهو أن يشتريها على‏ الهزال فتظهر سمينة ، وعليه الأكثر مطلقاً.
    خلافاً للعماني ، فلم يجتزئ بها فيما إذا ظهر بعد الذبح لعدم الامتثال عند الذبح وعدم التقرب عنده ، لعلمه بعدم الاجزاء فلا يمكنه التقرب به (1).
    ويضعف : بأنه إنما يتم في العالم بالحكم القاطع بالهزال ، فلعلّه يذبحها متقرباً لعلّها تخرج سمينة ، وهو معنى‏ قوله في المختلف : والجواب المنع من الصغرى‏ ، فإن عدم الإجزاء ليس معللاً بشراء المهزول مطلقاً ، بل منع خروجه كذلك ، وأما مع خروجه سميناً فلا.
    واعلم أن هذا الحكم مختص بالهزال دون النقص إذ لو اشتراه على‏ أنه تام فبان ناقصاً لم يجزئ بلا خلاف فيه في الجملة ، سواء كان قبل الذبح أو بعده وإن اختلفوا في عموم الحكم لما إذا نقد الثمن أم لا. فالأكثر على‏ العموم لإطلاق الصحيح المتقدم في الشرط السابق (2).
    خلافاً للشيخ في التهذيب ، فخصّه بما إذا لم ينقد الثمن للصحيح : « من اشترى‏ هدياً ولم يعلم أنَّ به عيباً حتى نقد ثمنه ثم علم به فقد تمّ » (3)
1 ـ علي ما حكاه عنه في المختلف : 306.
2 ـ راجع ص 414.
3 ـ التهذيب 5 : 214/720 ، الاستبصار 2 : 269/953 ، الوسائل 14 : 130 أبواب الذبح ب 24 ح 3.


(420)
ونحوه صحيح آخر في الكافي (1).
    والحقّ أن بينهما تعارض العموم والخصوص من وجه ، يمكن تخصيص الأول بما ذا نقد الثمن وإبقاء الثاني على‏ عمومه في الهدي بحيث يشمل الواجب والندب ، والعكس فيخصّص الثاني بالهدي المندوب ، ويبقى الأول على‏ عمومه في المنع بحيث يشمل نقد الثمن وغيره ، ولعلّ هذا هو الوجه عملاً بالأصل المقتضي لوجوب تحصيل البراءة اليقينيّة ، مضافاً إلى‏ الشهرة حتى قيل : إن الشيخ لم يوافقه أحد في المسألة.
    وأقول : مع أنه في الإستبصار المتأخر ردّد في الجمع بين المتعارضين بين أحد الوجهين المتقدّمين ولم يرجّح شيئاً منهما في البين (2).
    واعلم انه إذا لم يوجد إلّا فاقد الشرائط ففي الإجزاء أو الانتقال إلى‏ الصوم قولان ، أصحّهما الأول ، وفاقاً لجمع (3) لما مرّ في الخصيّ.
    ( والثني من الإبل ما دخل في ) السنة ( السادسة ) بغير خلاف على‏ الظاهر ، المصرّح به في بعض العبائر (4).
    ( ومن البقر والغنم (5) ما دخل في ) السنة ( الثانية ) على‏ الأشهر بين الطائفة حتى أن عليه الإجماع في ظاهر الغنية (6) ، قيل : وقطع به‏
1 ـ الكافي 4 : 490/9 ، التهذيب 5 : 214/721 ، الاستبصار 2 : 269/954 ، الوسائل 14 : 130 أبواب الذبح ب 24 ح 1.
2 ـ الاستبصار 2 : 269.
3 ـ منهم : الشهيدان في اللمعة والروضة البهية 2 : 294 ، والسبزواري في الذخيرة : 668 ، والفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 354.
4 ـ كما في المفاتيح 1 : 353.
5 ـ في المختصر المطبوع : المعز.
6 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 582.
رياض المسائل الجزء السادس ::: فهرس