رياض المسائل الجزء السادس ::: 451 ـ 465
(451)
    قيل : ولاختصاصه بالفداء اقتصر عليه ابن سعيد ، واقتصر الصدوق في الفقيه والمقنع على‏ الكفّارة ، وهي أعم من الفداء (1).
    أقول : ولكن النبوي عام وقصور السند أو ضعفه مجبور بعمل الأصحاب سيّما الحلّي ، كما انجبر به ضعف الخاصي إن كان ، وبذيله أفتى الشيخ في كتبه المتقدمة والفاضل في التحرير والمنتهى‏ أيضاً.
    ولو وجب عليه سبع شياه لم يجزه البدنة وإن كانت السبعة بدلاً عنها لفقد النص.
    وفي إجزاء البدنة عن البقرة وجهان ، أظهرهما العدم ، خلافاً للتحرير والمنتهى‏ (2) فاستقرب الإجزاء ، قال : لأنها أكثر ، وهو كما ترى.
    ( ولو تعيّن عليه الهدي ومات ) قبله ( أُخرج من أصل تركته ) لأنه دين مالي وجزء من الحج الذي يخرج كلّه منه.
    ولو قصرت التركة عنه وعن الديون وزّعت التركة على‏ الجميع بالحصص.
    وإن لم تف حصّته بأقلّ هدي ففي وجوب إخراج جزء من الهدي مع الإمكان ومع عدمه فيعود ميراثاً ، أو العود ميراثاً مطلقاً ، أو الصدقة به عنه كذلك ، أوجه وأقوال ، والقول بوجوب إخراج الجزء من الهدي مع الإمكان والصدقة به مع عدمه لا يخلو من رجحان.

    ( الرابع في هدي القارن ).
    ( ويجب ذبحه أو نحره بمنى إن ) كان ( قرنه بالحج ، وبمكّة إن‏
1 ـ كشف اللثام 1 : 365.
2 ـ التحرير 1 : 106 ، المنتهى 2 : 748.


(452)
قرنه بالعمرة ) بغير خلاف فيهما أجده ، وبه صرّح في الذخيرة (1) ، وفي غيرها نفيه صريحاً ، مؤذناً بدعوى‏ الإجماع عليهما ، كما في صريح المدارك وغيره (2) ، وعن صريح الخلاف أيضاً (3) للحسن أو الموثّق في الأول : « لا هدي إلّا من الإبل ، ولا ذبح إلّا بمنى‏ » (4).
    وللموثّق في الثاني فيمن سئل عمّن ساق في العمرة بدنة ، أين ينحرها ؟ قال : « بمكّة » (5).
    ( وأفضل مكّة فناء الكعبة ) بالمدّ : سعة أمامها ، وقيل (6) : ما امتدّ من جوانبها دوراً ، وهو حريمها خارج المملوك ( بالحَزْوَرة ) قيل (7) : هي كقَسْوَرة في اللغة : التلّ الصغير ، والجمع الحَزاور ، وقد يقال بفتح الزاء وشدّ الواو.
    للصحيح : « من ساق هدياً وهو معتمر نحو هديه في المنحر وهو بين الصفا والمروة وهي الحزورة » (8).
    وبظاهره أخذ في القواعد فلم يحكم بالأفضليّة بل ذكر فناء الكعبة بدل مكة (9).
1 ـ الذخيرة : 675.
2 ـ المدارك 8 : 65 ؛ وانظر مفاتيح الشرائع 1 : 358 ومرآة العقول 18 : 159.
3 ـ الخلاف 2 : 373.
4 ـ التهذيب 5 : 214/722 ، الوسائل 14 : 90 أبواب الذبح ب 4 ح 6.
5 ـ الكافي 4 : 488/5 ، التهذيب 5 : 202/672 ، الوسائل 14 : 88 أبواب الذبح ب 4 ح 3.
6 ـ الصحاح 6 : 2457 ، مجمع البحرين 1 : 332.
7 ـ كشف اللثام 1 : 372.
8 ـ الكافي 4 : 539/5 ، الفقيه 2 : 275/1343 ، الوسائل 14 : 89 أبواب الذبح ب 4 ح 4.
9 ـ القواعد 1 : 89.


(453)
    وفي الدروس عبّر بالأفضليّة (1) كما في العبارة ولعلّه للجمع بين هذه الرواية والموثّقة السابقة بإبقائها على‏ إطلاقها وحمل هذه على‏ الفضيلة.
    والجمع بالتقييد أولى إن لم يكن على خلافه الإجماع.
    ( ولو هلك ) قبل الذبح أو النحر ( لم يُقم بدله ).
    ( ولو كان مضموناً ) أي واجباً بالأصالة لا بالسياق ، وجوباً مطلقاً لا مخصوصاً بفرد كالكفارة والنذر ( لزمه البدل ) بلا خلاف أجده ، وبه صرّح بعض (2).
    للأصل من غير معارض في الأول وللصحاح وغيرها (3) فيه وفي الثاني ، ففي الصحيح : عن الهدي الذي يقلّد أو يشعر ثم يعطب ، قال : « إن كان تطوعاً فليس عليه غيره ، وإن كان جزاءً أو نذراً فعليه بدله » (4).
    وصريحه كغيره (5) ، كظاهر الماتن وغيره وصريح الدروس والتذكرة كما في الذخيرة (6) : أن هدي السياق لا يشترط فيه أن يكون متبرعاً به ابتداءً ، بل لو كان مستحقاً كالنذر والكفارة تأدّت به وظيفة السياق.
    قيل : وعبارة الأصحاب كالصريحة في ذلك (4) ، فلا ضرورة إلى‏ التأويل في العبارة بجعل الضمير المستكن في « كان » عائداً إلى‏ مطلق‏
1 ـ الدروس 1 : 443.
2 ـ مفاتيح الشرائع 1 : 358 ، الحدائق 17 : 168.
3 ـ في « ح » زيادة : مستفيضة.
4 ـ التهذيب 5 : 215/724 ، الاستبصار 2 : 269/955 ، الوسائل 14 : 131 أبواب الذبح ب 25 ح 1.
5 ـ التهذيب 5 : 215/725 ، الاستبصار 2 : 269/956 ، الوسائل 14 : 131 أبواب الذبح ب 25 ح 2.
6 ـ الذخيرة : 675.
7 ـ المدارك 8 : 66.


(454)
الهدي ، وكون إدخاله في باب هدي القران من باب الاستطراد ، مع أن الظاهر المتبادر منها عود الضمير إلى‏ هدي السياق.
    وأما ما ينافي الحكم الثاني كالمرسل : « كل شي‏ء إذا دخل الحرم فعطب فلا بدل على‏ صاحبه تطوعاً أو غيره » (1) فلضعف سنده وعدم ظهور قائل به محمول على العجز عن البدل ، أو عطب غير الموت كالكسر ، أو تعلّق الوجوب بالعين فإنه لا بدل فيه كما صرّح بعض المحدّثين.
    فقال في شرح الحديث المتقدم بعد قوله : « إن كان جزاءً أو نذراً » : ينبغي حمل النذر فيه على‏ النذر المطلق ؛ فإنه إذا تلف هنا رجع إلى‏ الذمة. أما لو كان نذراً معيّناً بهذه البدنة يكون حينئذ قد زال ملكه عنها وتكون في يده أمانه للمساكين كالوديعة لا تضمن إلّا بالتعدي والتفريط ، وهذان القسمان على‏ ما حرّرنا مما ادّعي عليهما الإجماع. انتهى‏.
    وهو حسن ، وبه صرّح جمع.
    ( ولو عجز عن الوصول ) إلى محلّه الذي يجب ذبحه فيه ( نحره أو ذبحه ) وصرفه في وجوهه في موضع عجزه.
    ( و ) لو لم يوجد فيه مستحق ( أعلمه ) علامة التذكية والصدقة بأن يغمس نعله في دمه ويضرب بها صفحة سنامه ، أو يكتب رقعة ويضعها عنده تؤذن بأنه هدي ، ويجوز التعويل عليها هنا في الحكم بالتذكية والإباحة بلا خلاف أجده للمعتبرة المستفيضة :
    ففي الصحيح : رجل ساق الهدي ، فعطب في موضع لا يقدر على من يتصدّق به عليه ولا يعلم أن هدي ، قال : ( ينحره ويكتب كتاباً أنه هدي‏
1 ـ الكافي 4 : 493/1 ، الوسائل 14 : 133 أبواب الذبح ب 25 ح 6.

(455)
ويضعه عليه ليعلم من مرّ به أنه صدقة » (1).
    وفيه : « أيّ رجل ساق بدنة فانكسرت قبل أن تبلغ محلّها أو عرض لها موت أو هلاك فلينحرها إن قدر على‏ ذلك ، ثم ليطلخ نعلها الذي قلّدت به بدمه حتى يعلم من يمرّ بها أنها قد ذكّيت فيأكل من لحمها إن أراد » (2).
    وظاهرها عدم وجوب الإقامة عنده إلى‏ أن يوجد المستحق وإن أمكنت ، وبه صرّح جماعة (3).
    ( ولو أصابه كسر ) يمنع وصوله ( جاز بيعه ) كما عن النهاية والمبسوط وغيرهما (4).
    قيل : لخروجه بذلك عن صفة الهدي مع بقائه على‏ الملك وللحسن ـ أقول : بل الصحيح على‏ الصحيح ـ : عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب ، أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه على‏ هدي آخر ؟ قال : « يبيعه ويتصدق بثمنه ، ويُهدي هدياً آخر » (5).
    ( و ) إذا باعه فيستحب ( الصدقة بثمنه أو إقامة بدله ) به لهذا الخبر وقول ابن عباس : إذا أهديت هدياً واجباً فعطب فانحره مكانه إن شئت ، وأهده إن شئت ، وبعه إن شئت ، وتقوّ به إن شئت (6).
1 ـ الفقيه 2 : 297/1477 ، الوسائل 14 : 141 أبواب الذبح ب 31 ح 1.
2 ـ علل الشرائع : 435/3 ، الوسائل 14 : 142 أبواب الذبح ب 31 ح 4.
3 ـ منهم : صاحب المدارك 8 : 69 ، والفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 369 ، والسبزواري في الذخيرة : 676.
4 ـ النهاية : 259 ، المبسوط 1 : 373 ؛ وانظر المدارك 8 : 69.
5 ـ الكافي 4 : 494/4 ، التهذيب 5 : 217/730 ، الوسائل 14 : 136 أبواب الذبح ب 27 ح 1.
6 ـ انظر المغني والشرح الكبير 3 : 576.


(456)
    ولاستحبابهما مطلقاً ، والخبر يفيد استحبابهما جميعاً.
    أقول : كما في التحرير (1).
    ثم قيل أيضاً : ولا يجب شي‏ء منهما وإن كان ظاهر الخبر ؛ للأصل من غير معارض ، فإنّ السياق إنما يوجب ذبح المسوق أو نحره ، والخبر يحتمل الندب والواجب مطلقاً لا بالسياق ، بل في نذر أو كفارة ، بل هو الظاهر ، ووجوب بدله ظاهر ، وعليه حمل في التذكرة والمنتهى‏ ، وفيهما : أن الأولى‏ به ذبحه وذبح ما في ذمته معاً. وإن باعه تصدّق بثمنه للصحيح : عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب ، أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه في هدي ؟ قال : « لا يبيعه ، فإن باعه فليتصدّق بثمنه وليهد هدياً آخر » (2) ولتعيّن حق الفقراء فيه بتعيينه ، ولذا أوجب أحمد في رواية ذبحه ، قال : والأولى حمل ما تلوناه من الرواية على‏ الاستحباب. قلت : لأصالة البراءة من هديين والحرج والعسر (3). انتهى‏.
    وهو حسن ، إلّا أنه بعد الاعتراف يكون مورد النص بجواز البيع هو الواجب مطلقاً لا بالسياق يشكل الحكم بجواز البيع في محل البحث ، لخلوّه عن النص على‏ هذا التقدير ، بل مقتضى‏ الصحيحة المتقدمة في المسألة الأُولى المصرّحة بالذبح والتعليم على‏ هذا الوجه مع الكسر وجوبه كالعطب من غير فرق بينهما.
    وهو أيضاً ظاهر باقي الروايات المتقدمة ثمة ، بناءً على‏ وقوع الحكم‏
1 ـ التحرير 1 : 107.
2 ـ الفقيه 2 : 298/1482 ، التهذيب 5 : 217/731 ، الوسائل 14 : 136 أبواب الذبح ب 27 ح 2.
3 ـ كشف اللثام 1 : 369.


(457)
فيها منوطاً بالعطب ، وهو يتناول الكسر وغيره ، بل قيل : ظاهر كلام أهل اللغة اختصاصه بالكسر (1).
    وبالجملة : مقتضى‏ النصوص المزبورة عدم الفرق بين المسألتين.
    ومنه يظهر ضعف ما قيل من أن الفارق بينهما هو النص (2) ، فإنه إن أراد من النص ما تقدّم في المسألة الأُولى فقد عرفت تصريح بعضها بعموم الحكم وعموم باقيها للمسألتين أو ظهورها في الثانية ، وكذا إن أراد من النص ما مرّ في هذه المسألة للتصريح فيه أيضاً بالعموم ، مع أن موردها الهدي الواجب مطلقاً لا بالسياق كما عرفت.
    وبالجملة : الأصح عدم الفرق بين المسألتين في وجوب الذبح وفاقاً لجماعة من متأخري المتأخرين (3).
    ( ولا يتعيّن ) هدي السياق في حج أو عمرة ( للصدقة إلّا بالنذر ) وما في معناه لما مرّ من المعتبرة الآمرة بتثليثه في الأكل والهدية والصدقة. لكن مقتضاه وجوبه كما عن الحلّي ، والموجود في السرائر ما قدّمناه في هدي التمتع (4) ، نعم التثليث ظاهر الدروس بل صريحه وتبعه جماعة (5).
    ومقتضى العبارة وما شاكلها أن الواجب فيه هو النحر أو الذبح خاصة ، فإذا فعل ذلك صنع به ما شاء إن لم يكن منذوراً للصدقة ولعلّ وجهه الأصل مع ما قدّمناه ثمّة من صرف الأوامر بالتثليث في الآية والمعتبرة إلى‏ الاستحباب ، كما هو المشهور هنا وثمة ، وهو الأقوى‏.
1 ـ المدارك 8 : 70.
2 ـ اُنظر المسالك 1 : 118.
3 ـ منهم : صاحب المدارك 8 : 70 ، والسبزواري في الذخيرة : 676.
4 ـ السرائر 1 : 598 ؛ وراجع ص 429.
5 ـ الدروس 1 : 444 ؛ واُنظر المسالك 1 : 118 ، والحدائق 17 : 177.


(458)
    ونبّه بقوله : ( وإن أشعره أو قلّده ) إلى‏ أنّ بهما لا يتعين للصدقة ، وإنما الواجب بهما نحره أو ذبحه خاصة.
    وأما قبلهما فله التصرف فيه بما شاء وإبداله فإنه ماله ، كما في الصحيح : « إن لم يكن أشعرها فهي من ماله إن شاء نحرها وإن شاء باعها ، وإن كان أشعرها نحرها » (1).
    ( ولو ضلّ فذبحه ) الواجد ( عن صاحبه ) أجزأ عنه إن ذبحه في منى ، وإن ذبحه في غيره لم يجزئ كما في الصحيح (2) ، لكن ليس فيه التقييد بكون الذبح عن صاحبه كما في المتن وكلام جمع (3) ولعلّهم أخذوه من المرسل : في رجل اشترى هدياً فنحره ، ومرّ به رجل آخر فعرفه فقال : هذه بدنتي ضلّت مني بالأمس ، وشهد له رجلان بذلك ، فقال : « له لحمها ولا تجزئ عن واحد منهما » ثم قال : « ولذلك جرت السنّة بإشعارها أو تقليدها إذا عرفت » (4).
    مع وقوع الأمر بالذبح عنه في الصحيح : « إذا وجد الرجل هدياً ضالّاً فليعرّفه يوم النحر والثاني والثالث ، ثم ليذبحها عن صاحبها عشيّة الثالث » (5) وفي المنتهى‏ : إن ذبحه عن نفسه لم يجزئ عن واحد منهما ، أما
1 ـ التهذيب 5 : 219/738 ، الاستبصار 2 : 271/962 ، الوسائل 14 : 143 أبواب الذبح ب 32 ح 1.
2 ـ الكافي 4 : 495/8 ، الفقيه 2 : 297/1475 ، التهذيب 5 : 219/739 ، الاستبصار 2 : 272/963 ، الوسائل 14 : 137 أبواب الذبح ب 28 ح 2.
3 ـ منهم السبزواري في الذخيرة : 677.
4 ـ الكافي 4 : 495/9 ، التهذيب 5 : 220/740 ، الاستبصار 2 : 272/964 الوسائل 14 : 145 أبواب الذبح ب 33 ح 1.
5 ـ الكافي 4 : 494/5 ، التهذيب 5 : 217/731 ؛ الوسائل 14 : 137 أبواب الذبح ب 28 ح 1.


(459)
عن الذابح فلأنه نهي عنه ، وأما عن صاحبه فلعدم النية (1).
    وإطلاق النص والمتن يقتضي عدم الفرق في الحكم بين أن يكون الهدي الذي تعلّق به السياق متبرعاً به أو واجباً بنذر أو كفارة ، وبه صرّح جماعة (2).
    خلافاً لبعضهم في الواجب (3) ، وهو مدفوع بإطلاق النص.
    ( ولو ضلّ فأقام بدله ثم وجده ذبحه ) ولا يجب ذبح الأخير لأنه لم يتعين له بالإقامة ، وللموثق أو الصحيح : عمن اشترى‏ كبشاً فهلك منه ، فقال : ( يشتري مكانه آخر ) [ قلت : ] فإن كان اشترى مكانه آخر ثم وجد الأول ، فقال : « إن كان جميعاً قائمين فليذبح الأول وليبع الأخير وإن شاء ذبحه ، وإن كان قد ذبح الأخير ذبح الأول معه » (4).
    ( فإن ذبح الأخير استحب ذبح الأول ) للأمر به في الخبر المتقدم.
    ولكن ظاهره الوجوب ، إلّا أنه لا قائل بإطلاقه فليحمل على‏ الاستحباب كذلك ، كما هو ظاهر المتن وغيره (5) ، أو يقيّد بما إذا لم يتعيّن بالنذر كما في الشرائع والقواعد وغيرهما (6) ، أو الإشعار والتقليد أيضاً كما في المنتهى‏ تبعاً للمحكي في المختلف عن الشيخ (7). وهو الأظهر
1 ـ المنتهى 2 : 751.
2 ـ منهم : الشهيد الثاني في المسالك 1 : 118 ، وصاحب المدارك 8 : 73 ، والسبزواري في الذخيرة : 677.
3 ـ جامع المقاصد 3 : 250.
4 ـ الكافي 4 : 494/7 ، الفقيه 2 : 298/1480 ، التهذيب 5 : 218/737 ، الاستبصار 2 : 271/961 ، الوسائل 14 : 144 أبواب الذبح ب 32 ح 2.
5 ـ انظر المختلف : 307 ، والدروس 1 : 444 ، والحدائق 17 : 187.
6 ـ الشرائع 1 : 263 ، القواعد 1 : 88 ؛ وانظر المدارك 8 : 75 ، وكشف اللثام 1 : 369.
7 ـ المنتهى 2 : 750 ، المختلف : 307.


(460)
للصحيح : عن الرجل يشتري البدنة ، ثم تضلّ قبل أن يشعرها ويقلّدها ، فلا يجدها حتى يأتي منى فينحر ويجد هديه ، فقال عليه السلام : « إن لم يكن قد أشعرها فهو من ماله ، إن شاء نحرها وإن شاء باعها ، وإن كان أشعرها نحرها » (1).
    خلافاً لظاهر المتن ونحوه فلم يوجبوا الذبح ولو مع الإشعار ، وبه صرّح في المختلف ، قال : لأنه امتثل المأمور به فيخرج عن العهدة ، نعم لو عيّنه بالنذر كان قول الشيخ جيّداً (2).
    وفيه : أنه اجتهاد في مقابلة النص فلا يعتبر.
    ( ويجوز ركوبه وشرب لبنه ما لم يضرّ ) به أو ( بولده ) بلا خلاف في الهدي المتبرع به ، بل عليه الوفاق في المدارك (3) ، وفي غيره الإجماع مطلقاً إلّا من الإسكافي في الواجب (4).
    أقول : وتبعه الفاضل في المختلف وغيره (5) ، وعن المنتهى‏ الإجماع على‏ المستثنى (6). فإن تمّ وإلّا ـ كما هو الظاهر ، لإطلاق المتن وكلام كثير ـ فالوجه عدم الفرق في الحكم بين الواجب والمتبرع به لإطلاق النص كالصحيح : « إن نتجت بدنتك فاحلبها ما لم يضرّ بولدها ثم انحرهما جميعاً » قلت : أشرب من لبنها وأسقي ؟ قال : « نعم » وقال : « إنّ علياً عليه السلام‏
1 ـ التهذيب 5 : 219/738 ، الاستبصار 2 : 271/962 ، الوسائل 14 : 143 أبواب الذبح ب 32 ح 1.
2 ـ المختلف : 307.
3 ـ المدارك 8 : 75.
4 ـ المفاتيح 1 : 359.
5 ـ المختلف : 307 ؛ واُنظر المسالك 1 : 118.
6 ـ المنتهى 2 : 751.


(461)
كان إذا رأى ناساً يمشون وقد جهدهم المشي حملهم على بُدنِه وقال : إن ضلّت راحلة الرجل أو هلكت ومعه هدي فليركب على هديه » (1).
    ونحوه أخبار أُخر صحيحة (2).
    نعم ، يمكن القول بذلك في الواجب المعيّن لخروجه عن الملك فيتبعه النماء ، مع عدم معلومية انصراف إطلاق النصوص إليه مع احتماله أيضاً فيشكل.
    أما الواجب المطلق كدم التمتع وجزاء الصيد والنذر الغير المعيّن فالأجود فيه العمل بالإطلاق وإن كان الأحوط فيه وفي النذر المعيّن المنع ، فإن فعل غرم قيمة ما يشرب من لبنها لمساكين الحرم.
    وأما الخبر : ما بال البدنة تقلّد النعل وتشعر ؟ فقال عليه السلام : « أما النعل فيعرف أنها بدنة ويعرفها صاحبها بنعله ، وأما الإشعار فيحرم ظهرها على‏ صاحبها من حيث أشعرها فلا يستطيع الشيطان أن يتسنّمها » (3) فمحمول على‏ الكراهة.
    قيل : أو الجواز على‏ الضرورة أو غير المتعين (4).
    وفي قوله : أو بولده ، إشارة إلى‏ أن الهدي إذا نتجت فالولد هدي ، كما عن النهاية والمبسوط والتهذيب والسرائر والجامع (5) ، ونصّ عليه ما مرّ
1 ـ الكافي 4 : 493/2 ، التهذيب 5 : 220/741 ، الوسائل 14 : 147 أبواب الذبح ب 34 ح 6.
2 ـ اُنظر الوسائل 14 : 146 أبواب الذبح ب 34 ح 5 ، 7.
3 ـ التهذيب 5 : 238/804 ؛ علل الشرائع : 434/1 ، الوسائل 14 : 148 أبواب الذبح ب 34 ح 8.
4 ـ كشف اللثام 1 : 369.
5 ـ النهاية : 260 ، المبسوط 1 : 374 ، التهذيب 5 : 220 ، السرائر 1 : 598 ، الجامع للشرائع : 214.


(462)
من الأخبار.
    ويؤيده الاعتبار إذا كان موجوداً حال السياق مقصوداً بالسوق أو متجدداً بعده مطلقاً.
    أما لو كان موجوداً حال السياق ولم يقصد بالسوق لم يجب ذبحه قطعاً ، كذا قيل (1) ، ولكن النص مطلق إلّا أن يمنع انصرافه إلى‏ الأخير.
    ( ولا يعطى الجزّار من الهدي الواجب كالكفّارات والنذور ) شيئاً ( ولا يأخذ الناذر من جلودها ) وظاهر المتن التحريم في المقامين.
    خلافاً للمحكي عن الشيخ في النهاية والمبسوط فقال : يستحب أن لا يأخذ شيئاً من جلود الهدي والأضاحي بل يتصدّق بها كلّها ، ولا يجوز أن يعطيها الجزّار ، فإن أراد أن يخرج شيئاً لحاجته إلى‏ ذلك تصدّق بثمنه (2).
    قيل : وإنما حرّم الثاني دون الأول للنهي عنه من غير معارض ، بخلاف الأوّل (3).
    ففي الصحيح : عن الإهاب ، فقال : « تصدّق به أو تجعله مصلّى ينتفع به في البيت ولا تعطي الجزّارين » وقال : « نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أن يعطي جلالها وجلودها وقلائدها الجزّارين وأمر أن يتصدّق بها » (4).
    وفي الحسن : « نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أن يعطى الجزّار من جلود الهدي وجلالها » (5).
1 ـ اُنظر كشف اللثام 1 : 370 والحدائق 17 : 198.
2 ـ النهاية : 261 ، المبسوط 1 : 374.
3 ـ كشف اللثام 1 : 370.
4 ـ التهذيب 5 : 228/771 ، الاستبصار 2 : 276/980 ، الوسائل 14 : 174 أبواب الذبح ب 43 ح 5.
5 ـ الكافي 4 : 501/1 ؛ الوسائل 14 : 173 أبواب الذبح ب 43 ح 1.


(463)
    قال الكليني : وفي رواية معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال : « ينتفع بجلد الأُضحية ويشتري به المتاع ، وإن تصدّق به فهو أفضل » (1).
    أقول : دعوى فقد المعارض ممنوعة ، فقد أرسل الصدوق في الفقيه عنهم عليهم السلام « إنما يجوز للرجل أن يدفع الأضحية إلى من يسلخها بجلدها ، لأن اللَّه عز وجل قال : ( فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا ) (2) والجلد لا يؤكل ولا يطعم » (3).
    وأسنده في العلل عن مولانا الكاظم عليه السلام : الرجل يعطي الأُضحية من يسلخها بجلدها ، قال : « لا بأس به ، قال اللَّه عز وجل : ( فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا ) والجلد لا يؤكل ولا يطعم » (4).
    وهما وإن وردا في الأُضحية لكن ذكر الآية العامة للهدي أو الخاصة به ظاهر بل صريح في العموم ، مع أن الشيخ عمّم المنع للأُضحية.
    ولعلّه لهذا أفتى الحلّي بكراهة الثاني أيضاً كما حكي عنه (5) ، وبها يشعر عبارة الفاضل في المنتهى‏ والتحرير (6) حيث عبّر عن المنع بلفظة « لا ينبغي » الظاهرة فيها.
    وحكيت أيضاً عن جماعة.
    ولا تخلو عن قوة لولا قصور سند الأخبار الأخيرة ، وصحة الأخبار الأوّلة ، فالأخذ بظاهرها من التحريم أحوط وأولى.
1 ـ الكافي 4 : 501/2 ، الوسائل 14 : 173 أبواب الذبح ب 43 ح 2.
2 ـ الحج : 28 ، 36.
3 ـ الفقيه 2 : 129/550 ، الوسائل 14 : 175 أبواب الذبح ب 43 ح 7.
4 ـ علل الشرائع : 439/1 ، الوسائل 14 : 175 أبواب الذبح ب 43 ح 8.
5 ـ السرائر 1 : 600.
6 ـ المنتهى 2 : 754 ؛ التحرير 1 : 108.


(464)
    ثم إن المنع فيها مطلق ليس مقيداً بالإعطاء أجراً ، إلّا أن جماعة من الأصحاب قيّدوه بذلك ، وقالوا بجوازه على‏ وجه الصدقة ، كما عن الحلبي والاصباح والغنية (1) ، لكن باقي الفتاوي مطلقة.
    ( ولا ) يجوز أن ( يأكل منها ، فإن أخذ ) وأكل ( ضمنه ) أي المأخوذ والمأكول ، بغير خلاف أجده ، وبه صرّح في الذخيرة ، بل فيها الإجماع عن المنتهى‏ والتذكرة (2) وهو الحجة.
    مضافاً إلى‏ النصوص المستفيضة ، وفيها الصحيح وغيره من المعتبرة :
    ففي الصحيح : عن فداء الصيد يأكل منه من لحمه ؟ فقال : « يأكل من أُضحيته ويتصدّق بالفداء » (3).
    وفيه : « إنّ الهدي المضمون لا يأكل منه إذا عطب ، فإن أكل منه غرم » (4).
    لكن بإزائها روايات أُخر دالة على‏ جواز الأكل من الواجب وغيره ، منها الحسن : « يؤكل من الهدي كلّه مضموناً كان أو غير مضمون » (5).
    وحملها الشيخ على‏ حال الضرورة ، قال : للخبر : « إن أكل الرجل من الهدي تطوّعاً فلا شي‏ء عليه ، وإن كان واجباً فعليه قيمة ما أكل » (6).
1 ـ الحلبي في الكافي : 200 ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 582 ، الإصباح : حكاه عنه الفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 370.
2 ـ الذخيرة : 678 ، وهو في المنتهى 1 : 752 ، والتذكرة 1 : 385.
3 ـ الكافي 4 : 500/5 ، التهذيب 5 : 224/757 ، الاستبصار 2 : 273/966 ، الوسائل 14 : 164 أبواب الذبح ب 40 ح 15.
4 ـ الفقيه 2 : 299/1483 ، الوسائل 14 : 167 أبواب الذبح ب 40 ح 26.
5 ـ التهذيب 5 : 225/759 ، الاستبصار 2 : 273/968 ، الوسائل 14 : 161 أبواب الذبح ب 40 ح 6.
6 ـ التهذيب 5 : 225/761 ، الاستبصار 2 : 273/970 ، الوسائل 14 : 161 أبواب الذبح ب 40 ح 5.


(465)
    وفيه نظر ، لكن لا بأس به صوناً للروايات عن الطرح.
    قيل : ويستثنى من هذه الكلية هدي التمتع ، فإنه هدي واجب [ والأكل منه واجب ] (1) أو مستحب ، ولا يستثنى‏ من ذلك هدي السياق المتبرع به فإنه غير واجب وإن تعيّن ذبحه بالسياق ، لأن المراد بالواجب ما وجب ذبحه بغير السياق (2). انتهى‏.
    وهو حسن وقد مرّ ما يدل عليه.
    ( ومن نذر بدنة فإن عيّن موضع النحر تعيّن بلا إشكال ، وإلّا نحرها بمكة ) مطلقاً سواء كان المنذور هدياً وفي طريق الحج أم لا ، على‏ ما يقتضيه إطلاق العبارة هنا وفي الشرائع والقواعد وعن النهاية والمبسوط والسرائر (3) ، والخبر : عن رجل جعل للَّه تعالى‏ بدنة ينحرها [ بالكوفة في شكر ، فقال لي : « عليه أن ينحرها ] حيث جعل للَّه تعالى‏ عليه ، وإن لم يكن سمّى بلداً فإنه ينحرها قبالة الكعبة منحر البُدن » (4) وفي سنده جهالة.
    ومقتضى الأُصول جواز النحر حيث شاء ، كما أستوجهه بعض متأخري الأصحاب (5).
    لكن قيل : إن الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب.
    فإن تمّ إجماعاً كما عن الخلاف (6) ، أو شهرةً جابرةً ، وإلّا فالأخذ
1 ـ أضفناه من المصدر.
2 ـ المدارك 8 : 77.
3 ـ الشرائع 1 : 263 ، القواعد 1 : 89 ، النهاية : 262 ، المبسوط 1 : 375 ، السرائر 1 : 599.
4 ـ التهذيب 5 : 239/806 ، الوسائل 14 : 204 أبواب الذبح ب 59 ح 1 ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
5 ـ كصاحب المدارك 8 : 79.
6 ـ الخلاف 2 : 438.
رياض المسائل الجزء السادس ::: فهرس