تنقيح المقال ـ الجزء العاشر ::: 226 ـ 240
(226)
الوزراء في جلالة الكُتّاب ، صنّف كتباً كثيرة .. ثمّ عدّد كتبه التي لا ثمرة لتعدادها.
    وقال الشيخ رحمه الله في الفهرست (1) : إسماعيل بن عليّ بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت ، يكنّى (2) : أبا سهل ، كان شيخ المتكلّمين من أصحابنا ببغداد ، ووجههم ، ومتقدّم النوبختيين في زمانه ، وصنَّف كتباً كثيرة .. ثمّ عدّد كتبه.
    وبمثله نطق في القسم الأوّل من الخلاصة (3) .. إلى قوله : في زمانه .. ، ثمّ قال :
1 ـ الفهرست : 35 برقم 36 الطبعة الحيدرية ، [ وصفحة : 57 برقم ( 109 ) طبعة جامعة مشهد ، وصفحة : 12 برقم ( 36 ) من الطبعة المرتضوية ].
2 ـ لا توجد كلمة ( يكنّى ) إلاّ في طبعة جامعة مشهد.
3 ـ الخلاصة : 9 برقم 10.
تنبيه
    عنون المترجم كلّ من ذكره بالعنوان المذكور سوى الخوانساري في روضات الجنّات 1/111 برقم 29 ، فقال : الشيخ أبو سهل إسماعيل بن إسحاق بن أبي سهل النوبختي. وعلّق حفيده السيّد محمّد علي الروضاتي في تعاليقه ( طبعة إصفهان مطبعة حبل المتين ) 1/284 ، فقال : هكذا ، وجدنا نسبه في ( مج ) ( جا ) ( غف ) والمطبوعتين والصواب أنّه : إسماعيل بن عليّ بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت ، أبو سهل ، كما في كتاب الفهرست للشيخ الطوسي ، وكتاب الرجال للنجاشي وسائر المآخذ ، ونظنّ أنّ المؤلّف أيضاً كتب نسبه على هذا الوجه في المسودّة ، ثمّ سقط اسم عليّ بين اسمه واسم جدّه من قلم الناسخين .. نعم هناك إسماعيل بن إسحاق بن أبي إسماعيل الفاضل المتكلّم المعروف الّذي هو من قدماء الإماميّة ، وهو عمّ صاحب الترجمة. وقد سها في رياض العلماء 6/38 في نسبة كتاب الياقوت إلى إسماعيل بن إسحاق بن أبي إسماعيل بن نوبخت وتبعه السيّد الصدر في تأسيس الشيعة : 364 ـ 365 ، فقال : ومنهم الشيخ الجليل أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت صاحب كتاب الياقوت في علم الكلام .. ، واستند فيما قال بكلام صاحب رياض العلماء ، مع أنّ العلاّمة في أنوار الملكوت في شرح الياقوت : 2 ، قال : وقد صنّف شيخنا الأقدم ، وإمامنا الأعظم ، أبو إسحاق إبراهيم بن نوبخت قدّس الله روحه الزّكية ، ونفسه


(227)

العلّية مختصراً سماه الياقوت ..
    فالصحيح أنّ مؤلّف كتاب الياقوت إبراهيم بن نوبخت لا إسماعيل بن إسحاق ، فتفطّن.
كلمات الأعلام في التعريف بالمترجم
    بالإضافة إلى ما ذكره النجاشي والشيخ والعلاّمة رحمهم الله من جمل الثناء والإعظام بالمترجم الجليل ، كذا نوّه باسمه وجلالته ابن شهر آشوب في معالم العلماء : 8 برقم 36 ، فقال : إسماعيل بن عليّ بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت ، أبو سهل المتكلّم البغدادي ، مقدّم النوبختيّين .. ثمّ عدّ مصنّفاته.
    وابن داود في رجاله : 58 برقم 188 طبعة جامعة طهران ، [ وصفحة : 51 برقم ( 191 ) من الطبعة الحيدرية ] بعد أن ذكر العنوان وضبط كلمة ( نوبخت ) قال : شيخ المتكلّمين من أصحابنا ببغداد ، حسن التصنيف ..
    وقال في معراج أهل الكمال [ المخطوط : 254 من نسختنا ] والطبعة المحقّقة : 241 : أقول : الرجل المذكور من أعاظم أصحابنا المتكلّمين. ووصفه ابن النديم في فهرسته : 225 بعد العنوان : من كبّار الشيعة ، وكان أبو الحسين الناشئ ، يقول : إنّه اُستاده ، وكان فاضلا عالماً متكلّماً ، وله مجلس يحضره جماعة من المتكلّمين.
    وحكى السيّد الصدر في تأسيس الشيعة : 367 عن الصراط المستقيم للشيخ الثقة علي بن يونس البياضي [ 2/98 باب 10 ] أنّه قال : والشيخ الطوسي أخذ عن السيّد الأجلّ علم الهدى أبي القاسم عليّ بن الحسين ، عن الشيخ أبي عبد الله المفيد ، عن أبي الجيش المظفر بن محمّد البلخي وهو أخذ عن شيخ المتكلّمين أبي سهل إسماعيل ابن علي النوبختي خال الحسن بن موسى ، وهو لقي البحر الزاخر أبا محمّد العسكري عليه السلام.
    وقال ابن خلّكان في وفيات الأعيان 3/369 برقم 466 في ترجمة عليّ بن عبد الله الناشئ : أبو الحسن عليّ بن عبد الله بن وصيف ، المعروف ب‍ : الناشئ الأصغر ، الحلاّء الشاعر المشهور ، هو من الشعراء المحسنين ، وله في أهل البيت قصائد كثيرة وكان متكلّماً بارعاً ، أخذ علم الكلام عن أبي سهل إسماعيل بن عليّ بن نوبخت المتكلّم ، وكان من كبار الشيعة ، وله تصانيف كثيرة ..
    وقال الشهرستاني في الملل والنحل : إنّ أبا سهل إسماعيل بن عليّ النوبختي معدود


(228)
    له جلالة في الدين والدنيا ، يجري مجرى الوزراء ، صنّف كتباً كثيرة ، ذكرناها في الكتاب الكبير. انتهى.
    وفي فهرست ابن النديم (1) : إنّه من كبار الشيعة.
    وعدّه ابن داود في الباب الأوّل (2) ، وقال : إنّه لم يرو عنهم عليهم السلام ذكره
في أجلاّء رجال الشيعة الإماميّة ومصنّفيهم ، ولاحظ : الملل والنحل 1/190.
    وفي لسان الميزان 1/424 برقم 1319 : كان من وجوه المتكلّمين من أهل الاعتزال ، وذكره الطوسي في شيوخ المصنّفين من الشيعة ، وذكر له من تصانيف .. إلى أن قال : وذكر له غيره ( كتاب الملل والنحل ) كبير اعتمد عليه الشهرستاني في تصنيفه ، أخذ عنه أبو عبد الله بن النعمان المعروف ب‍ : المفيد شيخ الشيعة في زمانه وغيره. وترجمه في نقد الرجال : 45 برقم 53 [ المحقّقة 2/74 برقم ( 371 ) ] ، وجامع الرواة 1/99 ، وإتقان المقال : 165 ، ومجمع الرجال 1/217 ، وملخّص المقال في قسم الحسان ، ورجال الشيخ الحرّ المخطوط : 11 ، ومنتهى المقال : 57 [ 2/74 برقم ( 371 ) من الطبعة المحقّقة ] ، ومنهج المقال : 58 ، والوافي بالوفيات 9/171 ـ 172 برقم 4083 ، ومعجم المؤلفين 2/279 ، وفي روضات الجنّات 1/111 برقم 29 قال : الشيخ أبو سهل إسماعيل بن إسحاق بن أبي سهل النوبختي ، كان شيخ المتكلّمين من أصحابنا ببغداد ، ووجههم ، ومتقدّم بني نوبخت في زمانه وكان له جلالة في الدين والدنيا ، يجري مجرى الوزراء ، وقد صنّف في الإمامة ، والردّ على الملاحدة والغلاة وسائر المبطلين ، وتواريخ الأئمّة ، وغير ذلك ما يزيد على ثلاثين مجلّداً من الكتاب ، فصلّها أصحاب الرجال في فهارسهم ، وفي كتاب عليّ بن يونس العاملي في الإمامة ، قال في ذيل كلام له : والشيخ الطوسي أخذ عن السيّد الأجلّ علم الهدي أبي القاسم عليّ بن الحسين ، عن الشيخ أبي عبد الله المفيد ، وأخذ المفيد عن أبي الجيش المظفر بن محمّد البلخي ، وهو أخذ عن شيخ المتكلّمين أبي سهل إسماعيل بن عليّ النوبختي خال الحسن بن موسى ، وهو لقي البحر الزاخر أبا محمّد الحسن العسكري عليه السلام ، فتأمّل.
    ثم ذكر قصته مع الحلاّج وفضيحة الحلاّج بدعوته لأبي سهل .. إلى أن قال : وفيه ما لا يخفى من جلالة قدر الرجل وعظم حقّه في الدين.
1 ـ فهرست ابن النديم : 225 في الفنّ الثاني من المقالة الخامسة.
2 ـ رجال ابن داود : 58 برقم 188 ، [ صفحة : 51 برقم ( 191 ) من الطبعة الحيدرية ].


(229)
في ( ست ) [ أي : الفهرست ] شيخ المتكلّمين ببغداد (1) ، حسن التصنيف. انتهى.
    والعجب من الفاضل الجزائري (2) ، حيث إنّه مع ذكره جملة من أمثاله في الضعفاء عدّ هذا في الثقات قائلا ـ بعد نقل عبارة النجاشي ، والفهرست ، والخلاصة ـ : إنَّ الأوصاف المذكورة في ( جش ) و ( ست ) [ أي : النجاشي و الفهرست ] تفيد الوثوق وزيادة. انتهى.
    وبالنظر إلى مثل ذلك اعترض المولى الوحيد (3) رحمه الله على الفاضل المجلسي رحمه الله في وصفه الرجل بالحسن ، ب‍ : أنّ مثله لا يحتاج إلى النصّ على توثيقه ، على أنّ ما ذكر فيه زائد على التوثيق. انتهى.
    وأجاب عنه الحائري (4) : بأنّ التوثيق مأخوذ فيه مضافاً إلى العدالة الضبط ، فلعلّه لم يكن ضابطاً عند من لم يوثّقه (5) ، فما في الوجيزة هو الصحيح.
    وأقول : يكفي في إحراز الضبط قول ابن داود : حسن التصنيف ، وقول النجاشي والشيخ والعلاّمة في الخلاصة : إنّه صنّف كتباً كثيرة .. مع سكوتهم عن كونه مخلّطاً. والأوصاف المذكورة في حقّه لو لم تكف في التوثيق ، للزم عدّ حديث جمع من الفقهاء العظام من الحسن ، لعدم التنصيص بوثاقتهم ، ودون الالتزام به خرط القتاد.
1 ـ في المصدر : شيخ المتكلّمين من أصحابنا ببغداد.
2 ـ في حاوي الأقوال 1/148 برقم 35 [ المخطوط : 16 برقم ( 35 ) من نسختنا ].
3 ـ في تعليقته المطبوعة على هامش منهج المقال : 131 قال : قوله إسماعيل بن عليّ بن إسحاق. الخ في الوجيزة عَلّم عليه ( ح ) وفي التعليقة : وفيه أنّ مثله لا يحتاج إلى النصّ على توثيقه ، على أن ما ذكر فيه زائد على التوثيق.
4 ـ منتهى المقال : 57 [ 2/74 برقم ( 371 ) من الطبعة المحقّقة ].
5 ـ جاء في منتهى المقال بعد كلمة ( لم يوثّقه ) : مع أن ما ذكر فيه من المدح يزيد على ما ذكر هنا ، فما في الوجيزة هو الصحيح.


(230)
    ولذا نقلنا في فوائد المقدّمة (1) عن الشهيد الثاني و .. غيره غناء أمثاله من التنصيص بالتوثيق.
    وكيف لا يكون الرجل بمنزلة سامية فوق العدالة والضبط ، وقد كان في نفوس الناس في زمانه أنّه كان ينبغي أن يكون هو ولي السفارة عن الإمام الغائب عجّل الله تعالى فرجه وجعلنا من كلّ مكروه فداه لا الحسين بن روح النوبختي ؟! ومن كان بهذه المنزلة ، لا ينبغي أن يشكّ في أعلى مراتب الوثوق في حقّه.
    ويشهد بما ذكرنا ما رواه الشيخ رحمه الله في كتاب الغيبة (2) ، عن ابن نوح أنّه قال : سمعت جماعة من أصحابنا بمصر يذكرون أنّ أبا سهل النوبختي سئل فقيل له : كيف صار هذا الأمر (3) إلى الشيخ أبي القاسم بن روح (4) دونك ؟! فقال : هم أعلم وما اختاروه ، ولكن أنا رجل ألقى الخصوم واُناظرهم ، ولو علمت بمكانه كما علم أبو القاسم وضغطتني الحجّة (5) لعلّي كنت أدلّ على مكانه ، وأبو القاسم لو كان (6) الحجّة تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه (7). انتهى.
1 ـ الفوائد الرجالية المطبوعة أوّل تنقيح المقال 1/210 ـ 211 الفائدة الرابعة والعشرون من الطبعة الحجرية.
2 ـ الغيبة : 240 [ وطبعة مؤسسة المعارف الإسلامية : 391 برقم ( 358 ) ] ، ورواه في بحار الأنوار 51/359.
3 ـ أي النيابة الخاصّة عن الإمام المنتظر عجّل الله فرجه الشريف وجعلنا من أعوانه وأنصاره.
4 ـ في الغيبة مطبعة النعمان النجف : الحسين بن روح.
5 ـ في المصدرين : الحجّة على مكانه لعلّي ـ الخ ـ.
6 ـ في المصدرين : فلو كانت.
7 ـ في طبعة مؤسسة المعارف الإسلامية زيادة : أو كما قال.


(231)
    وأقول : لولا إلاّ هذا الخبر لكفى في الكشف عن ميزان ديانة الرجل وتقواه ، حيث لم تأخذه في الله لومة لائم ، وأظهر التسليم الصرف لهم ، ويعلم منه أيضاً أنّه لم يجعل لأبي القاسم مزّية عليه سوى شدّة الكتمان في ذاك دونه ، كما أنّ الناس كان في نفوسهم عدم تفوّقه عليه.
    فتلخّص من ذلك كلّه أنّ حديث الرجل حسن كالصحيح ، بل صحيح على الأقوى.
    تذييل :
    ذكر ابن النديم في فهرسته (1) في ترجمة الرجل ما لفظه : له رأي في القائم عليه السلام من آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين لم يسبق إليه ، وهو أنّه كان يقول : أنا أقول إنّ الإمام محمّد بن الحسن ، ولكنّه مات في الغيبة ،
وكان تالاه في الغيبة ابنه (2) ، وكذلك فيما بعد من ولده إلى أن ينفذ الله حكمه
في إظهاره (3).
1 ـ فهرست ابن النديم : 225 في الفنّ الثاني من المقالة الخامسة.
2 ـ في فهرست لابن النديم ، خ. ل : وقام الأمر في الغيبة ابنه.
3 ـ ما نقله ابن النديم حديث خرافة ومن هفواته العظيمة ، حيث إنّه لم يتثبّت في القصّة قبل نقلها ، وسجّل ما سمعه من غير تحقيق ، والّذي نقله هو ما ثبت من جلالة المترجم وعظيم اختصاصه بالأئمة الطاهرين ، ومن ذلك ما رواه الشيخ في كتاب الغيبة : 165 ( مؤسسة المعارف الإسلامية : 272 ـ 273 ) .. إلى أن قال : قال إسماعيل بن علي : دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام في المرضة التي مات فيها ـ وأنا عنده ـ إذ قال لخادمه عقيد ـ وكان الخادم أسود نوبيّاً ، قد خدم من قبله عليّ بن محمّد عليهما السلام ، وهو رَبّى الحسن عليه السلام ـ ، فقال [ له ] يا عقيد ! أغل لي ماءً بمصطكي ، فأغلى له : ثمّ جاءت به صقيل الجارية أمّ الخلف (ع) .. إلى أن قال : فلما مَثُلَ الصبيّ بين يديه سلم .. إلى أن قال : فلمّا رآه الحسن عليه السلام بكى فقال : يا سيّد


(232)
    وأقول : إن طابق اعتقاده لهذا الّذي حكى ابن النديم عنه ، لم يناف عدالته ؛ ضرورة أنّه بعد اعتقاده بإمامة الإثني عشر ، لم يكن اعتقاده بأمر فاسد وهو موته عليه السلام منافياً لعدالته ولا تشيّعه ، مع أنّ من المحتمل أن يكون أظهر ذلك بلسانه ، لغرض إلزام الخصم ودفع استبعاده بقاءه حيّاً على خلاف العادة ؛ ضرورة عدم تعقّل اعتقاده بذلك واقعاً ، بعد تواتر الأخبار عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمّة الأطهار صلوات الله عليه وعليهم بمدّ الله تعالى في عمره إلى أن يظهر.
    ثم إنّ من الظريف ما نقله ابن النديم في ترجمة الرجل ، من أنّ أبا جعفر محمّد ابن عليّ الشلمغاني المعروف ب‍ : ابن أبي العزاقر ، راسله يدعوه إلى الفتنة ، ويبذل له المعجز ، وإظهار العجيب ، وكان بمقدّم رأس أبي سهل جلح يشبه القرع ، فقال للرسول : أنا معجز ، ما أدري أيّ شيء هو ، ينبت صاحبك بمقدّم رأسي الشعر حتّى اُومن به ؟! فما عاد إليه رسول بعد هذا.
    ثمّ إنّه قد روى الشيخ أبو جعفر في كتاب الغيبة نحواً من ذلك جرى لأبي سهل إسماعيل بن عليّ النوبختي ، مع الحسين بن منصور الحلاّج. لا مع الشلمغاني ، وأنّ الحلاّج ظنّ أنّ أبا سهل كغيره ضعيف في النيابة (1) عن الغائب ، فتسبّب إليه
أهل بيتي [ بيته ] ! اسقني الماء .. إلى آخره ، وقد حكاه في بحار الأنوار 52/16 حديث 14 ، وتبصرة الولي حديث 69.
    فالمترجم بهذه المنزلة من الإختصاص بهم ، والقرب منهم ، والاطلاع على خاصّة شؤونهم ، كيف يمكن أن لا يطّلع على طول حياة الإمام عليه السلام ؟!
1 ـ أقول : ليس المقصود هنا أنّ النيابة عن الإمام المنتظر عجّل الله فرجه للمترجم تحققت وأنّه ضعيف فيها ، فإنّه لم يقل به أحد ولم يدّعه هو أيضاً ، بل المراد أنّ من كان مرشحاً


(233)
بالحيلة والبهرجة على الضعفة ، لقدر أبي سهل في الناس ، ومحلّه من العلم والأدب ، وبانقياده له ينقاد غيره.
    وإنّ أبا سهل أرسل إليه : إنّي رجل اُحبّ الجواري ، ولي فيهنّ عدّة أتحظّاهنّ ، والشيب يبعدني عنهنّ ، وعليّ في الخضاب كلّ جمعة مشقّة شديدة. وإذا جعلت بإعجازك لحيتي سوداء ، فإنّي طوع يديك ، وصائر إليك.
    فأمسك عنه الحلاّج ، ولم يردّ له جواباً ، وصيّره أبو سهل أحدوثة وضحكة ، تطيّر به كلّ أحد ، وشهر أمره عند الصغير والكبير.
    وقوّة احتمال تعدّد الواقعة مرّة مع الشلمغاني كما يقول ابن النديم ، وأخرى مع الحلاّج كما يروي الشيخ أولى من حمل اشتباه الأوّل ، والتباس الحلاّج عليه بالشلمغاني ، والله هو العالم (*).
للنيابة لجلالته وعظم شأنه واختصاصه بهم عليهم السلام لم يكن ضعيفاً كغيره ، ويكشف عن ذلك ما رواه الشيخ رحمه الله في كتاب الغيبة : 240 [ طبعة مؤسسة المعارف الإسلامية : 391 حديث 358 ] ، بسنده : .. إنّ أبا سهل سئل بمصر : كيف صار هذا الأمر إلى الشيخ أبي القاسم بن روح دونك ؟ فقال : هم أعلم وما اختاروه .. ثمّ تصدّى لتوجيه ذلك بما لا مزيد عليه وصان عملهم عن الخطأ ، ونوّه بجلالة ابن روح واستقامة عزيمته وبضعفه هو في مقاومة الأعداء ، وتمام الخبر ذكره المؤلّف فراجع ، وهذا يدلّ دلالة واضحة على قوّة إيمانه وقداسة نفسيّته وتسليمه المطلق لإمام زمانه رضوان الله تعالى عليه.
(*)
حصيلة البحث
    إنّ من درس ما نقلناه ، بالإضافة إلى ما ذكره المؤلّف قدّس سرّه ، اتّضح له جلالة المترجم وتقواه ، وعظيم ورعه وظهر أيضاً اختصاصه بالإمام الحادي عشر عليه السلام والتشرّف برؤية الإمام المنتظر عجّل الله فرجه ، ومن المجموع يحصل القطع بوثاقته وجلالته ، بل يعدّ من الأفراد القلائل الّذين حازوا تلكم الصفات والمزايا الجليلة ، فهو ثقة ثقة ، ورواياته تعدّ من جهته صحاحاً بلا ريب.


(234)
    الضبط :
    السَّمَّان : بالسين المهملة المفتوحة ، ثمّ الميم المشدّدة المفتوحة ، ثمّ الألف ، ثمّ النون ، مبالغة يطلق على بيّاع السمن ، وهو الدهن (1).
    الترجمة :
    لم أقف فيه إلاّ على ما حكاه في أمل الآمل (2) عن منتجب الدين (3) من أنّه :
(o)
مصادر الترجمة
    أمل الآمل 2/39 برقم 97 ، فهرست منتجب الدين : 8 برقم 2 ، رياض العلماء 1/91 ، جامع الرواة 1/99 ، تهذيب تاريخ دمشق الكبير 3/38 ، لسان الميزان 1/421 برقم 1315 ، الأنساب للسمعاني 7/209 ، الجواهر المضيئة 1/156 برقم 346 ، تذكرة الحفاظ 3/300 برقم 6 ، العبر 3/209 ، الأعلام للزركلي 1/316 ، الرسالة المستطرفة : 45 ، مجلّة المجمع العلمي العربي 16/278 ، طبقات أعلام الشيعة للقرن الخامس : 32.
1 ـ قال في الصحاح 5/2138 : السَمّان : إن جعلته بائع السَمْن انصرف ، وإن جعلته من السَمِّ لم ينصرف في المعرفة. وقال في لسان العرب 13/220 : السَمّان : بائع السَمْن .. ثمّ نقل عبارة الجوهري.
2 ـ أمل الآمل 2/39 برقم 97.
3 ـ منتجب الدين في فهرسته : 8 برقم 2 ، وفي رياض العلماء 1/91 : الشيخ المفسّر أبو سعد إسماعيل بن عليّ بن الحسين السمان .. ثمّ ذكر عبارة الشيخ منتجب الدين بلفظه ، ولاحظ : جامع الرواة 1/99.
    أقول : إنّ المترجم من نوادر الدهر ومفاخر زمانه ، فإنّه جمع بين الصفات الجميلة والعلم الواسع والعمل الصالح ، ولمقامه الرفيع وجلالته الرفيعة ادعاه العامة ونسبوه إلى


(235)

فرقهم ، وإليك بعض كلماتهم :
    قال في تهذيب تاريخ دمشق الكبير 3/38 ـ 39 : إسماعيل بن عليّ بن الحسين بن محمد بن زنجويه أبو سعد الرازي المعروف ب‍ : السمّان الحافظ ، قدم دمشق طالب علم ، وكان من المكثرين الجوّالين ، سمع الحديث من نحو أربعمائة شيخ ، وروى عنه أبوبكر الخطيب ، وعبد العزيز الكتاني ، وغيرهما ..
    .. إلى أن قال : وكان إمام المعتزلة في وقته ، وكانت وفاته سنة ثلاث ، وقيل : سبع ، وقيل : خمس وأربعين وأربعمائة ، وصنف كتباً كثيرة ، ولم يتزوج قط ، وكان من الحفّاظ الكبار ، وكان فيه زهد وورع ، وكان يذهب إلى الاعتزال.
    وقال عمر بن محمّد الكلبي : كان ـ يعنى المترجم ـ شيخ العدلية ـ يعني المعتزلة ـ وعالمهم ، وفقيههم ، ومتكلّمهم ، ومحدّثهم ، وكان إماماً بلا مدافعة في القراءات والحديث ومعرفة الرجال ، والأنساب ، والفرائض ، والحساب ، والشروط ، والمقدورات ، وكان إماماً ـ أيضاً ـ في فقه أبي حنيفة وأصحابه ، وفي معرفة الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي ، وفي فقه الزيديّة ، وفي الكلام ، وكان يذهب مذهب الحسن البصري ، ومذهب الشيخ أبي هاشم ، وكان قد حجّ ودخل العراق والشام والحجاز وبلاد المغرب ، وشاهد الرجال والشيوخ ، ودخل إصبهان لطلب الحديث في آخر عمره ، وكان يقال في مدحه وتقريظه : ما شاهد مثل نفسه ! وكان مع هذه الخصال الحميدة زاهداً ورعاً مجتهداً صوّاماً قوّاماً ، قانعاً راضياً ، لم يأكل طول عمره إلاّ طعاماً واحداً ، ولم يدخل يده في قصعة إنسان ، ولم يكن لأحد عليه منّة ولايد ، في حضره ولا في سفره ، مات رحمه الله ولم يكن له مظلمة ولا تبعة من مال ولا لسان ، كانت أوقاته موقوفة على قراءة القرآن والتدريس ، والرواية ، والدراية ، والإرشاد ، والهداية ، والوراقة ، والقراءة ، خلف ما جمعه في طول عمره من الكتب وجعلها وقفاً على المسلمين ، وكان رحمه الله ورضي عنه تاريخ الزمان ، وشيخ الإسلام ، وبقية السلف والخلف ، مات في مرضه وما فاته فريضة ولا صلاة ، وما سال منه لعاب ، ولا تلوث له ثياب ، وما تغيّر لونه ، وكان مع ما به من الضعف يجدد التوبة ، ويكثر الاستغفار ، ودفن بعد وفاته بجبل طبرك بقرب الفقيه محمّد بن الحسن الشيباني وله أربع وسبعون سنة.
    وفي لسان الميزان 1/421 ـ 422 برقم 1315 : إسماعيل بن عليّ الحافظ أبو سعيد السمّان ، صدوق لكنّه معتزلي جلد. انتهى. وهو من الري سمع من المخلص


(236)

وعبد الرحمن بن فضالة ، وعلي بن عبد الله .. إلى أن قال : وخلق كثير. وعنه ابن أخيه طاهر بن الحسين وأبوبكر الخطيب ، وله تصانيف وحفظ واسع ، ورحلة كبيرة ومشايخ يجاوزون ثلاثة آلاف على ما قال ، قال ابن طاهر : سمعت المرتضى أبا الحسن المطهّر ابن محمّد بن عليّ العلوي بالري ، يقول : سمعت أبا سعيد السمّان ـ إمام المعتزلة ـ يقول : من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الإسلام. وسئل عبد الرحيم بن المظفر بن عبد الرحيم الرازي الحمدوني عن وفاته فقال : توفّي سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة ، وكان عدلي المذهب ـ يعني معتزليّاً ـ وكان له ثلاثة آلاف وستمائة شيخ ، ولم يتأَهّل. وقال الكتّاني : بلغني أنّه مات سنة سبع وأربعين ، وكان من الحفاظ الكبار ، وكان فيه زهد وورع إلاّ أنّه كان يذهب إلى الاعتزال ، وقال غيره : مات سنة خمس وأربعين وأربعمائة ، وقال ابن بابويه : ثقة وأيّ ثقة ، حافظ مفسّر .. وأثنى عليه ، وله تفسير في عشر مجلّدات ، وسفينة النجاة في الإمامة .. وغير ذلك.
    وفي أنساب السمعاني 7/209 ـ 210 في مادّة السمّان قال : وأبو سعد إسماعيل بن علي بن الحسين السمّان الحافظ من أهل الري ، كان حافظاً رحّالا ، سافر إلى العراق والحجاز والشام وديار مصر ، وأدرك الشيوخ وانصرف إلى الري ، وجمع المجالس المائتين ، ومعجم البلدان ، وكان شيخ المعتزلة بها في عصره ، توفّي سنة خمسين وأربعمائة أو قريباً منها ، ذكره أبو محمّد عبد العزيز بن محمّد بن محمّد النخشبي الحافظ في معجم شيوخه ، وقال : أبو سعد السمّان الرازي قدم علينا إصبهان ، سمع أصحاب ابن أبي حاتم بالري ، وأبا الحسن بن فراس العبقسي بمكة ، وأبا طاهر بن المخلص ببغداد ، وأبا محمّد بن النحاس بمصر ، وابن أبي أسامة بحلب ، سماعه بعد سنة ثمانين وثلاثمائة ، شيخ ثقة في الرواية حافظ يفهم ، ولكنّه يقول بتفويض الأعمال إلى العباد وينكر القدر ، رأيت بخطّه ـ مع تلميذ كان معه من أهل الري ، يقال له : أبو عبد الله الطاحوني ـ جزءاً قد صنّف في نفي القدر ! فعلمت أنّه قدري خبيث ، مات قبل سنة خمسين وأربعمائة ، ثمّ حدّث عنه بحديث سمعه منه بإصبهان ، وقال : حدثنا أبو سعد السمّان الرازي لفظاً بأصبهان مع براءتي من بدعته ..
    وفي الجواهر المضيئة 1/156 ـ 157 برقم 346 : إسماعيل بن عليّ بن الحسين بن محمد بن الحسن بن زنجويه الرازي أبو سعد السمّان الحافظ الزاهد المعتزلي. قال ابن النديم في تاريخ حلب : شاهدت بخطّ محمود بن عمر الزمخشري في أصل معجم


(237)

أبي سعد السمّان والمشيخة جميعها بخطّ الزمخشري ما مثاله : ذكر الاُستاذ أبو عليّ الحسين بن محمّد بن مردك في تاريخه : الشيخ الزاهد إسماعيل بن عليّ السمّان شيخهم ، وعالمهم ، وفقيههم ، ومتكلّمهم ، ومحدثهم ، وكان إماماً بلا مدافعة في القراءات والحديث ، ومعرفة الرجال ، والأنساب ، والفرائض ، والحساب والشروط ، والمقدرات ، وكان إماماً أيضاً في فقه أبي حنيفة وأصحابه ، وفي معرفة الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي ، وفي فقه الزيديّة ، وفي الكلام ، وكان يذهب مذهب أبي الحسن البصري ، ومذهب الشيخ أبي هاشم ، وكان قد حجّ وزار قبر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ودخل العراق وطاف الشام والحجاز ، وبلاد المغرب ، وشاهد الرجال والشيوخ ، وقرأ عليه ثلاثة آلاف رجل من شيوخ زمانه ، وقصد إصبهان لطلب الحديث في آخر عمره ، وكان يقال في مدحه : إنّه ما شاهد مثل نفسه ، وكان مع هذه الخصال الحميدة زاهداً ورعاً ، قوّاماً ، مجتهداً صوّاماً ، قانعاً راضياً ، أتى عليه أربع وسبعون سنة ولم يدخل أصبعه في قصعة إنسان ، ولم يكن لأحد عليه منّة ولا يد في حضره ولا سفره ، مات ولم يكن له مظلمة ولا تبعة من مال ولا لسان ، كانت أوقاته موقوفة على قراءة القرآن والتدريس والرواية والإرشاد والهداية والعبادة ، خلّف ما جمعه طول عمره من الكتب وقفاً على المسلمين. كان تاريخ الزمان ، وشيخ الإسلام ، وبقية السلف والخلف ، مات ولا فاته في مرضه فرض ولا واجب من طاعة الله تعالى من صلاة وغيرها ، ولا سال منه لعاب ، ولا تلوّث له ثياب ، ولا تغيّر لونه ، وكان يجدّد التوبة ويكثر الاستغفار ، ويقرأ القرآن. قال أبو الحسن المطهّر ابن عليّ المرتضى : سمعت أبا سعد إسماعيل السمّان يقول : من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الإسلام ، وصنّف كتباً كثيرة ، ولم يتأهّل قطّ ، ومضى لسبيله وهو يتبسم كالغائب يقدم على أهله ، وكالمملوك المطيع يرجع إلى مالكه ، مات بالري وقت العتمة من ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من شعبان سنة خمس وأربعين وأربعمائة ، ودفن ليلة الأربعاء بجبل طبرك ..
    وفي تذكرة الحفاظ 3/300 ـ 301 في مادّة السمّان : الحافظ الكبير المتقن أبو سعد إسماعيل بن عليّ بن الحسين بن زنجويه الرازي ، سمع عبد الرحمن بن محمّد ابن فضالة وأبا طاهر المخلّص .. ثمّ ذكر كلام المطهّري بن علوي المرتضى وكلام الكتّاني ، وكلام أبي القاسم ابن عساكر وقد تقدّمت كلماتهم ، ثمّ قال عن وفاة أبي سعد السمّان : سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة ، قال : وكان عدليّ المذهب معتزليّاً ،


(238)

قال : وكان له ثلاث آلاف [ وستّمائة ] شيخ ، وصنّف كتباً كثيرة ، ولم يتأهّل قط ، قلت : هذا العدد لشيوخه لا أعتقد وجوده ولا يمكن ، قال عمر العليمي : وجدت على ظهر جزء : مات الزاهد أبو سعد السمّان ، شيخ العدلية وعالمهم ومحدّثهم في شعبان سنة خمس وأربعين وأربعمائة ، وكان إماماً بلا مدافعة في القراءات والحديث والرجال والفرائض والشروط ، عالماً بفقه أبي حنيفة ، وبالخلاف بينه وبين الشافعي ، وعالماً بفقه الزيديّة ، وكان يذهب مذهب أبي هاشم الجبائي ، دخل الشام والحجاز والمغرب ، وقرأ على ثلاثة آلاف شيخ ، قال : وكان يقال في مدحه إنّه ما شاهد مثل نفسه ، وكان تاريخ الزمان وشيخ الإسلام ، قلت : بل شيخ الاعتزال ، ومثل هذا عبرة ، فإنّه مع براعته في علوم الدين ما تخلّص بذلك من البدعة !.
    وقال الذهبي في العبر 3/209 في حوادث سنة خمس وأربعين وأربعمائة : وأبو سعد السمّان إسماعيل بن عليّ الرازي الحافظ ، سمع بالعراق ومكّة ومصر والشام ، وروى عن المخلّص وطبقته ، قال الكتّاني : كان من الحفّاظ الكبار ، زاهداً ، عابداً ، يذهب إلى الاعتزال. قلت : كان متبحّراً في العلوم وهو القائل : من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الإسلام ، وله تصانيف كثيرة يقال إنّه سمع من ثلاثة آلاف شيخ وكان رأساً في القراءات والحديث والفقه ، بصيراً بمذهب أبي حنيفة والشافعي ، لكنه من رؤوس المعتزلة وكان يقال : إنّه ما رأى مثل نفسه !
    وذكره الزركلي في الأعلام 1/316 ، والرسالة المستطرفة : 45 ، ومجلة المجمع العلمي العربي 16/278.
    أقول : إنّما ذكرت تفصيل ما ذكره في تهذيب تاريخ دمشق ، وتذكرة الحفاظ ، وأنساب السمعاني ، والجواهر المضيئة لما تضمّنت كلماتهم من التعريف بالمترجم.
بحث في مذهب المعتزلة
    المعتزلة طوائف كثيرة تربو على عشرين فرقة ، وكلّهم مخالفون للإماميّة في كثير من اُصول الدين والفروع ، إلاّ أنّ الّذي يجمعهم مع الإماميّة أنّهم يعتقدون أنّ الله جلّ وعلا عادل لا يظلم مثقال ذرّة ، وهذا الجامع أوجب الالتباس على كثير ممّن تقدّم من أعلام العامة ، رمى أساطين الإمامية وعلماءهم بأنّهم معتزلة ، فرموا السيّد المرتضى علم الهدى والأمير صاحب بن عبّاد وآخرين كثيرين بأنّهم من المعتزلة ، مع أنّ من الثابت بلا ريب أنّهم من أعلام الإمامية وفقهائها واُمرائها ، وليس ذلك إلاّ لقولهم بالعدل ، وإذ تبيّن ذلك


(239)
ثقة وأيّ ثقة ، حافظ ، له : البستان في تفسير القرآن ـ عشر مجلّدات ـ وكتاب الرشاد في الفقه ، والمدخل في النحو ، والرياض في الأحاديث ، وسفينة النجاة في الإمامة ، وكتاب الصلاة ، وكتاب الحجّ ، والمصباح في العبادات ، والنور في الوعظ. أخبرنا بها السيّدان المرتضى والمجتبى ابنا الداعي الحسيني (1) الرازي ، عن الشيخ الحافظ المفيد أبي محمد عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري ، عنه. انتهى (*).
فاعلم أنّ رمي المترجم بالإعتزال ناش من اعتقاده بالعدل ، وقد صرّحوا بذلك بقولهم : وكان عدليّ المذهب.
    وفي طبقات أعلام الشيعة القرن الخامس : 32 : إسماعيل بن عليّ بن الحسين السمّان المفسّر أبو سعيد ثقة وأيّ ثقة ، حافظ ، له البستان في تفسير القرآن .. إلى أن قال : يروي عنه المفيد عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري الرازي تلميذ الشريفين والطوسي ، فصاحب الترجمة في طبقتهم كما ذكره منتجب الدين بن بابويه ، ترجمه مؤلّف لسان الميزان 1/421 ذكر أنّه من مشايخ الخطيب البغدادي ونقل أقوالا في وفاته : 443 ، و 445 ، و 447 ..
1 ـ في المصدر : الحسني.
(*)
حصيلة البحث
    الّذي يظهر من الأوصاف التي وصفوا المترجم بها أنّه كان من الفقهاء الأعلام وكان فقيهاً في الفقه المقارن ، أي عالماً بفقه أبي حنيفة والشافعي والخلاف بينهما ، وفقه الزيدية ، بالإضافة إلى فقه الإماميّة ، وأنّه كان عالماً بالكلام والحديث والرجال والفرائض والشروط والقراءات ، وكان مجموعة من المعارف الإسلامية التي قلّ من حازها جميعاً ، وبالإضافة إلى علمه كان متحلّياً بفضائل الأخلاق من الزهد والتعفّف ممّا بأيدي الناس ، وقوّاماً صوّاماً مجتهداً في العبادة ، قانعاً راضياً بما قسمه الله سبحانه ، وفي الواقع كان المترجم مفخرة من المفاخر ، ولعلّه لذلك ظنّوا بأن ينسبوه إلى الإمامية ونسبوه إلى المعتزلة ، والحقّ أنّه من علمائنا الأعلام ، والثقات الأجلاّء ، وقول الشيخ منتجب الدين العلاّمة العدل الثقة الخبير بأنّه ـ ثقة وأيّ ثقة ـ مع قرب زمانه منه وسعة اطلاعه بأحوال الرجال دليل على ذلك ، فهو لدى التحقيق ثقة جليل ، والرواية من جهته صحيحة ، فتدبّر.


(240)
    الضبط :
    رَزِيْن : بالراء المهملة المفتوحة ، والزاي المعجمة المكسورة ، والياء المثنّاة من تحت الساكنة ، والنون ـ وزان خَبِيَر ـ من الأسماء المتعارفة (1).
    وبُدَيْل : بالباء الموحّدة المضمومة ، والدال المهملة المفتوحة ، والياء المثنّاة التحتانية الساكنة ، واللام ، وزان زُبَيْر (2).
    ووَرْقَاء : بالواو المفتوحة ، والراء المهملة الساكنة ، والقاف ، والألف ، ثمّ الهمزة ، طائر معروف (3) تسمّى به المرأة والرجل أيضاً.
(o)
مصادر الترجمة
    رجال الشيخ : 452 برقم 84 ، رجال النجاشي : 25 برقم 67 الطبعة المصطفوية ، [ طبعة الهند : 23 ، طبعة بيروت 1/122 ـ 123 برقم ( 68 ) ، طبعة جماعة المدرسين : 32 برقم ( 32 ) ] ، معالم العلماء : 9 برقم 37 ، هداية المحدّثين : 181 ، منتهى المقال : 57 [ الطبعة المحقّقة 2/76 برقم ( 373 ) ] ، نقد الرجال : 45 برقم 54 [ المحقّقة 1/224 برقم ( 522 ) ] ، منهج المقال : 58 ، فهرست الشيخ : 36 برقم 37 ، رجال ابن داود : 427 برقم 56 ، توضيح الإشتباه : 60 برقم 216 ، الخلاصة : 199 برقم 4 ، الوجيزة : 146 [ رجال المجلسي : 161 برقم ( 204 ) ] ، حاوي الأقوال 3/257 برقم 1217 [ المخطوط : 217 برقم ( 1131 ) من نسختنا ] ، جامع الرواة 1/99.
1 ـ انظر ضبطه في المؤتلف والمختلف للدارقطني 2/1092 ـ 1095 ، توضيح المشتبه 4/183.
2 ـ لاحظ ضبط بُدَيْل وبعض المسمّين به في الاكمال 1/219 ـ 221 ، الجرح والتعديل 2/428 ، توضيح المشتبه 1/396 وغيرها.
3 ـ قال في لسان العرب 10/377 : الأَوْرَق : الذي لونه بين السواد والغُبْرَة ، ومنه قيل للرماد أورق ، وللحمامة وَرْقاء ، وإنّما وصفه بالأدمة. وقال في الصحاح 4/1565
تنقيح المقال ـ الجزء العاشر ::: فهرس