تنقيح المقال ـ الجزء الثاني عشر ::: 181 ـ 195
(181)
الحسين عليهم السلام رواية عن الكشّي (1) متضمنّة أنّه اُدخل على أبي جعفر المنصور مع إسماعيل بن جعفر ثمّ خرج إسماعيل وأخرج بسّام مقتولاً.
    وفيه دلالة على شدّة موالاته لأهل البيت عليهم السلام ؛ لأنّ الخلفاء لم يكونوا يقتلون إلاّ لذلك.
    ويؤيّد ذلك قول الصادق عليه السلام لمّا رآه : « أفعلتها يا فاسق ؟! أبشر بالنار ». مشيراً بذلك إلى المنصور.
    لكن في التحرير الطاوسي (2) : إنّ الحديث غير معتبر. انتهى.
    وعن تقريب ابن حجر (3) : بسّام بن عبد الله الصيرفي الكوفيّ صدوق من
1 ـ رجال الكشي : 244 برقم 449.
2 ـ التحرير الطاوسي : 55 برقم 53 ، وصفحة : 84 برقم 54 من طبعة مكتبة السيّد النجفي المرعشي ، ولم يرد فيها وفي رجال الكشّي بكون أبي جعفر هو المنصور.
3 ـ تقريب التهذيب 1/96 برقم 31.
    وفي ميزان الاعتدال 1/308 برقم 1166 في آخر ترجمة بسام بن يزيد النقّال ، قال : فأمّا بسّام بن عبد الله الصيرفيّ الكوفيّ فثقة ، بقي إلى بعد الخمسين والمائة.
    وفي تهذيب التهذيب 1/434 برقم 800 : بسّام بن عبد الله الصيرفيّ أبو الحسن الكوفيّ ، روى عن أبي الطفيل ، وزيد بن عليّ بن الحسين ، وأخيه أبي جعفر الباقر ، وجعفر الصادق .. إلى أن قال : قال عبّاس ، عن يحيى : ثقة ، وقال إسحاق بن منصور ، عنه : صالح. وقال أبوحاتم : صالح الحديث لا بأس به ، قلت : قال الآجريّ ، عن أبي داود ، عنه : إنّ زيد بن عليّ قال له : علّم ابني الفرائض ، وقال أحمد : لا بأس به ، وقال ابن حبّان في الثقات : يخطئ ، وقال الحاكم في المستدرك : هو من ثقات الكوفيّين مّمن يجمع حديثه.


(182)
الخامسة.
    ونقل الميرزا (1) عن تهذيب الكمال (2) : بسّام بن عبد الله الصيرفيّ أبو الحسن
الكوفيّ ، روى عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام وجعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، وزيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، والحسن ابن عمر الفقيمي ، وأبي الطفيل عامر بن واثلة الليثي ، ويحيى بن سالم *. ثمّ قال : قال إسحاق بن منصور ، عن يحيى بن معين : صالح. وقال عبّاس ابن (3) يحيى : ثقة ، وقال أبوحاتم : صالح الحديث ، لا بأس به ، روى له النسائيّ حديثين. انتهى ما نقله عن تهذيب الكمال ، ولا أعتمد على مدحه وتوثيقه.
    نعم ؛ نستفيد كونه إماميّاً من ذكر الشيخ رحمه الله والنجاشيّ إيّاه من دون تعرّض لفساد مذهبه ، ونستفيد مدحه من مجموع ما ذكروه ، فيكون حسناً كما
وفي خلاصة تذهيب تهذيب الكمال : 54 : بسّام بن عبد الله الصيرفيّ أبو الحسن الكوفيّ ، عن عكرمة وعطا ، وعنه ابن المبارك وأبونعيم ، وثّقه ابن معين.
1 ـ منهج المقال : 68 الطبعة الحجرية [ الطبعة المحقّقة 3/31 برقم ( 752 ) ].
2 ـ تهذيب الكمال 4/58 برقم 664 ، وانظر : الإكمال لابن ماكولا 1/278 باب بسّام ، وطبقات ابن سعد 6/366 ، والتاريخ الكبير 2/144 برقم 1986 ، والجرح والتعديل 4332 برقم 1723 ، والمعرفة والتاريخ 1/539 ، وتاريخ أسماء الثقات لابن شاهين : 79 برقم 130 ، والكاشف 1/152 برقم 564.
* ـ خ. ل : بسّام.     [ منه ( قدّس سرّه ) ].
3 ـ كذا ، والصحيح : عن ، كما جاء في منهج الميزرا وغيره.


(183)
عدّه كذلك في الوجيزة (1).
    التمييز :
    قد سمعت من النجاشيّ أنّه روى عنه محمّد بن فضيل الضبيّ.
    ونقل في جامع الرواة (2) رواية أبان بن عثمان عنه في باب لحوم الجلاّلات من الكافي (3) ، والتهذيب (4) ، والاستبصار (5) (*).
1 ـ الوجيزة : 146 [ رجال المجلسي : 168 برقم ( 274 ) ].
    وقال ابن شهرآشوب في مناقبه 4/281 : ومن خواصّ أصحابه ، [ أي : خواص أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ] ، وعدّ جمعاً .. إلى أن قال : وبسّام الصيرفيّ ، وعدّه البرقيّ في رجاله : 15 من أصحاب الباقر عليه السلام ، وقال ابن داود في رجاله : 69 برقم 239 من طبعة جامعة طهران [ وفي الطبعة الحيدريّة : 56 برقم ( 242 ) ] : بسّام الصيرفي ، ( قر ) ، ( ق ) ، [ كش ] ممدوح. و ( كش ) مصحّف النجاشي.
2 ـ جامع الرواة 1/120.
3 ـ الكافي 6/253 حديث 11 بسنده : .. عن أبان بن عثمان ، عن بسّام الصيرفيّ ، عن أبي جعفر عليه السلام.
4 ـ التهذيب 9/46 باب الصيد والزكاة حديث 190 بالسند المتقدم.
5 ـ الاستبصار 4/77 حديث 283 بالسند المتقدم.
(*)
حصيلة البحث
    قيام القرائن العديدة .. وخصوصاً عدّه في خواص الإمام الصادق عليه السلام ترفعه عن درجة الحسن إلى أوّل درجات الصحّة ، فتدبّر.

    كذا في بعض معاجمنا الرجالية ، إلاّ أنّ المشهور هو : بسر بن أرطاة الآتية ترجمته تحت رقم 2981 ، فراجع.


(184)
    الضبط :
    بُسْر : بضمّ الباء الموحّدة ، وسكون السين المهملة ، والراء المهملة (1).
    وغَيْلان : بفتح الغين المعجمة ، وسكون الياء المثنّاة التحتانيّة ، واللام ، والألف ، والنون (2).
    الترجمة :
    لم أقف فيه إلاّ على عدّ الشيخ رحمه الله (3) إيّاه في أصحاب الصادق عليه السلام على نسخة.
    وفي نسخة اُخرى بشر : بالشين المعجمة كما يأتي (4).
    وعلى كلّ حال ؛ فظاهره كونه إماميّاً ، إلاّ أنّ حاله مجهول (*).
1 ـ لاحظ ضبط : بُسْر في توضيح المشتبه 1/522.
2 ـ كما في أنساب السمعاني 9/204 ، توضيح المشتبه 6/447.
3 ـ رجال الشيخ : 159 برقم 83 قال : بشر بن أبي غيلان الكوفيّ.
4 ـ في صفحة : 234 تحت رقم 3018.
(*)
حصيلة البحث
    لم أقف على ما يـوضّح حال المترجم ، فهـو ممّن لم يتّضح حاله عندي.


(185)
    [ الضبط : ]
    [ أرطاة : ] بفتح الهمزة ، وسكون الراء المهملة ، والطاء غير المعجمة ، والألف ، والتاء (2).
    [ الترجمة : ]
    قال في باب أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم من رجال الشيخ (3) :
(o)
مصادر الترجمة
    الاستيعاب 1/64 برقم 203 ، الإصابة 1/152 برقم 642 ، اُسد الغابة 1/179 ، حسن المحاضرة 1/175 ، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال : 47 ، تهذيب التهذيب 4351 برقم 801 ، ريحانة الألباء 2/376 ، الكاشف 1/152 برقم 565 ، تاريخ صفين لنصر بن مزاحم : 460 ، رجال الشيخ الطوسي : 10 برقم 18 ، الخلاصة : 208 برقم 1 ، رجال ابن داود : 430 برقم 73 طبعة جامعة طهران.
1 ـ الظاهر أنّ أَرْطاة واحدة الأَرْطَى شجر من شجر الرمل كما في الصحاح 3/1114 ، فسمّى به.
2 ـ رجال الشيخ : 10 برقم 18 ، لكن ذكره في النسخة المطبوعة ( بشر ) بالشين المعجمة وهو خطأ مطبعي بلا ريب ، لاتّفاق من ترجمه من الخاصّة والعامّة أنّه بالسين المهملة ، ومن غريب ما صدر من شيخ الطائفة وعميدها الطوسي رحمه الله ذكر هذا الخبيث في أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مع عدم ثبوت ذلك ، فإنّ جمعاً من أعلام العامّة صرّحوا بأنّ صحبته لم تثبت ، منهم : ابن عبد البرّ في الاستيعاب 1/64 برقم 203 ، قال ـ بعد ذكر نسبه ـ : ويقال : إنّه لم يسمع من النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قبض وهو صغير ، هذا قول الواقديّ وابن معين وأحمد وغيرهم .. إلى أن قال : وأمّا أهل الشام فيقولون : إنّه سمع النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وهو أحد الذين بعثهم عمر بن الخطّاب مدداً إلى عمرو بن العاص لفتح مصر


(186)
بسر بن أرطاة القرشيّ لعنه الله ، هو الّذي قتل ابني عبد الله بن عبّاس. انتهى.
    وقال في الخلاصة (1) : بُسر ـ بضمّ الباء ، وإسكان السين غير المعجمة ـ ، ابن أرطاة لعنه الله ، هو الّذي قتل ابني عبد الله (2) بن العبّاس : قثم ، وعبد الرحمن. انتهى.
على اختلاف فيه أيضاً ، فمن ذكره فيهم قالوا : كانوا أربعة : الزبير ، وعمير بن وهب ، وخارجة بن حذافة ، وبسر بن أرطاة ، والأكثر يقولون : الزبير ، والمقداد ، وعمير بن وهب ، وخارجة بن حذافة ، وهو أولى بالصواب.
    وفي الإصابة 1/152 برقم 642 في ترجمته قال : مختلف في صحبته ، فقال أهل الشام : سمع النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو صغير.
    وكذلك في اُسد الغابة 1/179 قال : وعداده في أهل الشام ، قال الواقديّ : ولد قبل وفاة النبيّ صلّى الله عليه وآله بسنتين ، وقال يحيى بن معين ، وأحمد بن حنبل .. وغيرهما : قبض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو صغير.
    وذكر ذلك جلال الدين السيوطي في حسن المحاضرة 1/175 ، وفي خلاصة تذهيب تهذيب الكمال : 47 : وقال أحمد وابن معين : لا صحبة له.
    وفي تهذيب التهذيب 1/435 برقم 801 ـ بعد العنوان ـ قال : أبوعبد الرحمن مختلف في صحبته .. إلى آخره.
    أقول : هؤلاء جماعة ممّن صرّحوا بأنّ صحبته غير ثابتة ، وليت شعري من كان في سنتين من العمر عند وفاة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كيف يعدّ صحابياً ؟! ، وأين كان أهل المدينة والصحابة عند صحبته للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، حتّى أنّ أهل الشام يخبرون بصحبته ؟! وهل هؤلاء علموا بصحبته وجهله من كان بين أظهرهم وتربّى في حجورهم ؟! ولماذا لم يدّع معاوية له هذه المنزلة الرفيعة في صفّين عندما كان يتبجّح بأنّ في جيشه فلاناً الصحابيّ ؟! نعم صحبته لقرينه معاوية ابن آكلة الأكباد ، وانهماك أهل الشام في حبّ أهل الضلال أوجب هذه الدعوى له .. أعاذنا الله من الحبّ الذي يعمي ويصمّ ويضل ، إنّه سميع الدعاء.
1 ـ الخلاصة : 208 برقم 1 من الباب الثالث من القسم الثاني.
2 ـ كذا ، وفي المصدر : عبيدالله ، وهو الظاهر.


(187)
    ومثله في رجال ابن داود (1) بعد عنوانه وضبطه قوله : وقيل : ابن أبي أرطاة.
    وعن بعض نسخ الخلاصة إبدال ( عبد الله ) ب‍ : ( عبيدالله ) ، وهو الصواب لتصريحهم في محلّه بأنّه لمّا انقضى أمر صفّين والنهروان بعث معاوية بسر بن أرطاة إلى الحجاز واليمن ؛ ليقتل من بها من شيعة علي عليه السلام وأصحابه ،
1 ـ رجال ابن داود : 430 برقم 73 طبعة جامعة طهران [ وفي الطبعة الحيدريّة : 33 برقم ( 74 ) ].
    أقول : هذا الترديد ليس من ابن داود ، بل في بعض نسخ رجال الشيخ : ابن أبي أرطاة ، كما في مجمع الرجال 1/264 ، ونقد الرجال : 55 برقم 2 [ المحقّقة 1/272 برقم ( 690 ) ] ، وجامع الرواة 1201 ، وكثير من معاجمنا : بسر بن أرطاة ، وقيل : ابن أبي أرطاة.
    وقد ذكر كثير من أعلام العامّة عين ما ذكره ابن داود.
    قال في تقريب التهذيب 1/96 برقم 32 : بسر بن أرطاة ، ويقال : ابن أبي أرطاة ، واسمه : عمير بن عويمر بن عمران القرشيّ العامريّ.
    ومثله في تهذيب التهذيب 1/425 برقم 801 ، أمّا في ميزان الاعتدال فلم ينقل خلافاً ، بل ذكره في 1/309 برقم 1168 : بسر بن أبي أرطاة له صحبة فيما قيل ، وقيل : لا .. إلى أن قال : وقال الواقديّ : قبض النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وبسر صغير لم يسمع منه ، وقال ابن معين : كان رجل سوء ، أهل المدينة ينكرون أن يكون له صحبة.
    وفي خلاصة تذهيب تهذيب الكمال : 47 : بسر بن أرطاة أو ابن أبي أرطاة.
    وفي حسن المحاضرة 1/174 برقم 21 : بسر بن أرطاة ، أو ابن أبي أرطاة ، قال ابن حبّان : وهو الصواب ، وقال في الإصابة : وهو الأصحّ.
    وفي ريحانة الألباء 2/276 : بسر بن أرطاة وهو من أبطال الأصحاب ..
    وفي الكاشف للذهبي 1/152 برقم 565 : بسر بن أرطاة أو ابن أبي أرطاة العامري ..
    لكن الطبريّ في تاريخه ذكره في المجلّد 3 و4 و5 قال : بسر بن أبي أرطاة.
    وعليه ؛ فقول بعض المعاصرين أنّه لا خلاف أنّه ابن أرطاة ، وأبو أرطاة جدّه .. كما ترى ، وهل ما ذكرناه من أقوال أعلام مؤلّفي العامّة غير كاف في صحّة التعبير عنه ب‍ : قيل : ابن أبي أرطاة.


(188)
ويُغير على سائر أعماله ، ولا يكفّ يده عن النساء والصبيان ، فمرّ بسر على وجهه حتّى انتهى إلى المدينة ، فقتل بها ناساً من أصحاب عليّ عليه السلام وأهل هواه ، وهدم بها دوراً ، ومضى إلى مكّة وقتل نفراً من آل المهلّب ، ثمّ إلى السراة فقتل من وجد به من أصحابه ، وأتى نجران فقتل عبد الله بن عبد المدان الحارثيّ وابنه ، وكانا من أصحاب ابن عبّاس عامل عليّ [ عليه السلام ] ، ثمّ أتى اليمن وكان من قبل عليّ عليه السلام في اليمن عبيدالله بن العبّاس ، فهرب من بسر فوجد ولديه الصغيرين قثماً وعبد الرحمن فقتلهما.
    وقال الطبريّ (1) : أقام بالمدينة شهراً يستعرض الناس ليس أحد ممّن أعان على عثمان إلاّ قتله ، ووجد قوماً من بني كعب وغلمانهم على بئر لهم فألقاهم فيها ، وسبى النساء من المسلمات من اليمن وباعهنّ في الأسواق.
    فلعنة الله عليه ، وعلى من سوّل له ذلك.
    وهو الّذي كشف عورته لعليّ عليه السلام ليحفظ نفسه (2) ، كما فعل عمرو بن
1 ـ تاريخ الطبريّ 5/176 : وزعم الواقديّ أنّ داود بن حيّان حدّثه ، عن عطاء بن أبي مروان قال : أقام بسر بن أبي أرطاة بالمدينة شهراً يستعرض الناس ليس أحد ممّن يقال هذا أعان على عثمان .. إلاّ قتله.
2 ـ أقول : اتّقاء النفس بكشف العورة للملأ ، خصيصة اختصّ بها الأنذال ، وسقطة الناس ، والتكرّم والإعراض عن النظر إلى عورات هؤلاء الأقزام خصيصة الأشراف ، وذوي النفوس الأبيّة ، فإذا كشف بسر بن أرطاة عن سوأته ، وأبرز عورته يتّقي بها عن نفسه ، فإنّما كشف عن دناءة أصله ، وخباثة أرومته ، وكيف لا وهو المعروف بمواقفه المشينة ، وأعماله المخزية ، وقد ذكر هذه المأثرة العظيمة ، والمكرمة الجليلة ، ابن عبد البرّ في الاستيعاب 1/67 برقم 203 لقائده معاوية بن أبي سفيان فقال : وكان بسر بن أرطاة من الأبطال الطغاة وكان مع معاوية بصفّين ، فأمره أن يلقى عليّاً في القتال ، وقال له : سمعتك تتمنّى لقاءه ، فلو أظفرك الله به وصرعته حصلت على دنيا وآخرة ! ولم يزل به يشجّعه


(189)

ويمنّيه حتّى رآه ، فقصده في الحرب فالتقيا ، فصرعه عليّ رضي الله عنه وعرض عليّ كرّم الله وجهه معه مثل ما عرض فيما ذكروا مع عمرو بن العاص .. إلى أن قال : قال ابن الكلبي : قول الحارث بن النضر :
أفي كلّ يوم فارس ليس ينتهي يكفّ لها عنه عليّ سنانه بدت أمس من عمرو فقنّع رأسه فقولا لعمرو ثمّ بسر ألا انظرا ولا تحمدا إلاّ الحيا وخصاكما ولولاهما لم تنجوا من سنانه متى تلقيا الخيل المشيحه صبحة وكونا بعيداً حيث لا تبلغ القنا وعورته وسط العجاجة باديه ويضحك عنه في الخلاء معاويه وعورة بسر مثلها حذو حاذيه سبيلكما لا تلقيا الليث ثانيه هما كانتا والله للنفس واقيه وتلك بما فيها عن العود ناهيه وفيها عليّ فاتر كالخيل ناحيه نحوركما إنّ التجارب كافيه
    وذكر هذه المأثرة لبسر نصر بن مزاحم في صفّينه : 462 ..
    وقال في : 460 ـ 461 : فغدا عليّ [ عليه السلام ] منقطعاً من خيله ومعه الأشتر ، وهو يريد التلّ وهو يقول :
إنّي عليّ فاسألوا لِتُخْبَروا سيفي حسام وسناني أزهر وحمزة الخير ومنّا جعفر ذا أسد الله وفيه مفخر ثمّ ابرزوا إلى الوغى أو أدبروا منّا النبيّ الطيّب المطهّر له جناح في الجِنان أخضر هذا وهذا وابن هند محجر
مذبـذب مطـرّد مؤخّـــر
    فاستقبله بسر قريباً من التلّ وهو مقنّع في الحديد لا يعرف فناداه : أبرز إليَّ أبا حسن ، فانحدر إليه على تؤدة غير مكثرث حتّى إذا قاربه طعنه وهو دارع ، فألقاه على الأرض ، ومنع الدرع السنان أن يصل إليه ، فاتّقاه بسر بعورته ، وقصد أن يكشفها يستدفع بأسه ، فانصرف عنه عليّ عليه السلام مستدبراً له ، فعرفه الأشتر حين سقط فقال : يا أمير المؤمنين ! هذا بسر بن أرطاة عدّو الله وعدّوك ، فقال : « دعه عليه لعنة الله ، أَبَعدَ أن فعلها .. » إلى أن قال : وناداه عليّ : « يا بسر ! معاوية كان أحقّ بهذا منك » ، فرجع بسر إلى معاوية ، فقال له معاوية : ارفع طرفك قد أدال الله عمراً منك. فقال في ذلك النضر بن الحارث .. ثمّ ذكر الأبيات المتقدّم ذكرها ، وقد تواترت هذه الموبقة عن


(190)
العاص (1).
    وعن ابن أبي الحديد في شرح النهج (2) أنّه قال : كان عليّ عليه السلام يقنت في الفجر والمغرب ويلعن معاوية ، وعمراً ، والمغيرة ، والوليد بن عتبة ، وأبا الأعور [ السلمي ] ، والضحّاك بن قيس ، وبسر بن أرطاة ، وحبيب بن مسلمة ، وأبا موسى الأشعريّ ، ومروان بن الحكم ، وكان هؤلاء يقنتون عليه ويلعنونه.
    ثمّ ذكر جملة من أحوال هذا الزّنديق ، وذهابه إلى الحرمين الشريفين ، وقتل الجمّ الغفير من شيعته عليه السلام وحرق بيوتهم ونهب أموالهم .. ثمّ قال : ودعا عليّ عليه السلام على بسر فقال : « اللهم إنّ بسراً باع دينه بالدنيا ، وانتهك محارمك ، وكانت طاعة مخلوق فاجر آثر عنده من طاعتك. اللهمّ فلا تمته حتّى تسلبه عقله ، ولا توجب له رحمتك ولا ساعة من نهار. اللهمّ العن بسراً ، ومعاوية ، وعمراً ، وليحلّ عليهم غضبك ، ولتنزل بهم نقمتك ، وليصبهم بأسك وزجرك الّذي لا تردّه عن القوم المجرمين ».
    فلم يلبث بسر بعد ذلك إلاّ يسيراً حتّى وسوس ، وذهب عقله ، وكان يهذي
بسر ، وذكرها جلّ كتّاب التراجم والمؤرّخين ، ومنهم الخفاجيّ في ريحانة الألباء
2/376 وذكر أبيات الحارث بن النضر.
1 ـ وهاك قائداً آخر من قوّاد معاوية ، وشيطاناً من شياطينه ، استلقى على قفاه ، وأبرز سوأته ، ليقي نفسه الخبيثة من سيف أسد الله الغالب ، يعسوب الدين وإمام المتقين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه أفضل التحيّة والسلام ، وهو النذل الحقير عمرو بن العاص ، فقد ذكر نصر بن مزاحم في صفّينه : 406 ـ 408 ، ولاحظ القصة هناك وما ذكره ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 6/317 .. وغيرهما.
2 ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4/79.


(191)
بالسيف ويقول : أعطوني سيفي أقتل به حتّى اتّخذ له سيف من خشب ، وكانوا يدنون منه المرفقة فلا يزال يضربها حتّى يغشى عليه ، فلبث كذلك حتّى مات (1). انتهى. لعنة الله عليه (*).

    [ الضبط : ]
    هكذا بُسْر ـ بالسين المهملة ـ في بعض نسخ رجال الشيخ (2) ، والصحيح : بشر ـ بالشين المعجمة ـ ويأتي عنوانه إن شاء الله تعالى.
    وفي أسانيد أحاديث العامّة جمع من المسمّين ب‍ : بسر ، عدّ بعضهم من الصحابة ، وكلّهم مشتركون في الجهالة عندنا. مثل :
1 ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2/18.
(o)
حصيلة البحث
    لو كان كتابنا هذا في ذكر أئمّة الضلال ، ونبذة الكتاب ، وبقيّة الأحزاب ، لساغ لنا أن نذكر بسر وأميره وابن النابغة ونظائرهم ، ولا مساغ لذكر هؤلاء في زمرة الرواة الأخيار ، وحملة علم النبيّ والأئمّة الأطهار صلوات الله عليهم ، إلاّ أن الشيخ لمّا ذكر هذا الطاغية ، اضطررنا لذكره ، والإشارة إلى ضلاله ، فعليه وعلى أئمّة الضلال لعنة الله وخزي الدنيا والآخرة.
2 ـ ذكر الشيخ رحمه الله في رجاله : 160 برقم 88 : بشر بن بيان بن حمران التفليسي ، نزل المدائن. وسوف يعنون بعنوان : بشر بن بيان.
    وفي جامع الرواة 1/122 وغيره نقلوا عن رجال الشيخ ( بشر ) بالشين المعجمة ، والصحيح أنّ ترجمتين جعلتا ترجمة واحدة بشر راو ، وبيان بن حمران راو آخر.


(192)

1 ـ ذكره في اُسد الغابة 1/180 ، والإصابة 1/152 برقم 643 ، وتجريد أسماء الصحابة 1/48 برقم 437.
(*)
حصيلة البحث
    لم يذكر المعنونون له ما يعرب عن حاله ، فهو غير متّضح الحال.
2 ـ ترجمه في اُسد الغابة 1/181 ، والإصابة 1/152 برقم 644 ، وتجريد أسماء الصحابة 1/48 برقم 438.
(**)
حصيلة البحث
    لم أجد في المعاجم الرجاليّة ما يعرب عن حال المعنون ، فهو غير متّضح الحال.
3 ـ أورده في اُسد الغابة 1/181 ، والإصابة 1/153 برقم 645 ، وتجريد أسماء الصحابة 1/48 برقم 439.
(***)
حصيلة البحث
    لم يذكر المعنونون له شيئاً يستدلّ به على حاله ، سوى احتمال كونه من المنافقين ، فعليه فهو إمّا ضعيف ، أو مجهول.


(193)

1 ـ العنوان مكرّر سيأتي قريباً بعد أربعة تراجم تحت رقم 2991.
2 ـ جاء في الإصابة 1/153 برقم 646 ، واُسد الغابة 1/181 ، وتجريد أسماء الصحابة 1/48 برقم 441 .. وغيرها.
(*)
حصيلة البحث
    لم أجد في المعاجم الرجاليّة ما يعرب عن حاله ، فهو ممّن لم يتّضح لي حاله.
3 ـ ذكره في اُسد الغابة 1/182 ، والإصابة 1/154 برقم 646 ، وتجريد أسماء الصحابة 1/48 برقم 442.
(**)
حصيلة البحث
    لم يتّضح لي حاله.
4 ـ عنونه في اُسد الغابة 1/182 ، والإصابة 1/154 برقم 647 ، وتجريد أسماء الصحابة 1/48 برقم 444.
(***)
حصيلة البحث
    لم يذكر علماء الرجال عن المعنون ما يوضّح حاله ، فهو غير متّضح الحال.


(194)
    و .. غيرهم

    [ الضبط : ]
    قد مرّ (3) ضبط السلميّ في ترجمة : أدرع أبي الجعد.
    [ الترجمة : ]
    ولم أقف في الرجل إلاّ على عدّ الشيخ رحمه الله (4) إيّاه في أصحاب رسول الله
1 ـ ذكره في اُسد الغابة 1/182 ، وتجريد أسماء الصحابة 1/49 برقم 445.
(*)
حصيلة البحث
    لم أقف في ترجمة المعنون على ما يكشف عن حاله ، فهو غير متّضح الحال.
3 ـ في صفحة : 309 من المجلّد الثامن.
4 ـ رجال الشيخ : 10 برقم 19 إلاّ أنّه قال : بشر بن السلمي أبو رافع بن بشر.
    هذا نصّ رجال الشيخ رحمه الله المطبوع ، لكن في نقد الرجال : 55 برقم 3 [ المحقّقة 1/272 برقم ( 691 ) ] ، وجامع الرواة 1/120 ، وملخّص المقال باب الباء المفردة من المجاهيل : بسر السلمي أبو رافع بن بشر ( ل ) ( جخ ).
    وفي رجال ابن داود : بسر السلمي أبو رافع ( ل ) [ جخ ] مهمل.
    وقال في اُسد الغابة 1/181 : بسر أبو رافع السلميّ ، قاله ابن ماكولا في بشير ـ بضمّ الباء الموحّدة ، وفتح الشين المعجمة ـ .. إلى أن قال : وفي اسمه أيضاً اختلاف فقيل ما ذكرناه ، وقيل : بشير ـ يعني بفتح الباء ـ ، وقيل : بشر ـ يعني بغير ياء ـ ، وقيل : بسر ـ بضمّ الباء ، والسين المهملة ـ.


(195)
صلّى الله عليه وآله وسلّم.
    وفي نسخة : بشر ـ بالشين المعجمة ـ بدل : بسر ـ بالمهملة ـ.
    وعلى كلّ حال ؛ فهو من المجاهيل (*).
وقال في الإصابة 1/154 برقم 650 : بسر السلميّ والد رافع يأتي في : بشر ـ بالكسر والمعجمة ـ.
    وفي صفحة : 161 برقم 684 : بشر السلميّ والد رافع .. إلى أن قال : من طريق أبي جعفر محمّد بن عليّ ، عن رافع بن بشر السلميّ ، عن أبيه ، عن رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم .. إلى أن قال : وناقض ابن حبّان ، فقال : في الصحابة من زعم أنّ له صحبة ، فقد وهم.
    قال بعض المعاصرين في قاموسه 2/185 : ( قوله [ أي المؤلّف ] : أبو رافع بن بشر ) غلط ، وإنّما هو أبو رافع بن بسر.
    أقول : لقد ذكرنا أقوال أعلام هذا الفنّ في المترجم من العامة والخاصّة ممّن تقدّم على المؤلّف قدّس سرّه.
    ثمّ قال المعاصر : وما نقل المصنّف من نسخة بشر فغلط فلا خلاف في كون هذا بسر ـ بالمهملة ـ وإنّما الخلاف في : بسر بن حجاش.
    أقول : يتّضح لك من مراجعة الأقوال المتقدّمة مدى صحّة تغليط المعاصر للمؤلّف قدّس سرّه.
(*)
حصيلة البحث
    لم أقف على ما يوضّح حال المترجم ، فهو مجهول الحال ، ولا أدري لماذا قال ابن داود رحمه الله إنّه مهمل.

    جاء في اسناد التهذيب 3/186 باب 20 حديث 420 : .. الحسين بن سعيد ، عن بسطام ، عن أبي عبد الله عليه السلام ..
    وعنه في وسائل الشيعة 8/50 حديث 10070 مثله.
    وفي التهذيب 7/322 باب 27 : ما يحرم من النكاح من الرضاع
تنقيح المقال ـ الجزء الثاني عشر ::: فهرس