تنقيح المقال ـ الجزء الرابع عشر ::: 316 ـ 330
(316)

وجاء في ميزان الاعتدال 1/394 برقم 1466 وذكر له فيه ترجمة مفصّلة ولا يستفاد منها تشيّعه أصلا ، بل جميع رواته ومن يروي عنه من العامة.
    وفي تهذيب التهذيب 2/75 برقم 116 قال : جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبيّ أبو عبد الله الرازي القاضي ، ولد بقرية من قرى إصبهان ونشأ بالكوفة ونزل الري .. ثم ذكر ترجمة له وأطنب ، فذكر من مشايخه : عبد الملك ابن عمير ، وأبي إسحاق الشيباني ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وسليمان التيمي ، والأعمش ، وعاصم الأحول ، وسهيل بن أبي صالح ، وعبد العزيز بن رفيع ، وعمارة بن القعقاع ، وإسماعيل بن أبي خالد ، ومنصور بن المعتمر ، ومغيرة ابن مقسم ، ويزيد بن أبي زياد ، وأبي حيان التيمي ، وعطاء بن السائب ، وخلق كثير.
    وأما من روى عنه فهم : إسحاق بن راهويه ، وابنا أبي شيبة ، وقتيبة وعيدان المروزي ، وأبو خيثمة ، ومحمد بن قدامة بن أعين المصيصي ، ومحمد بن قدامة الطوسي ، ومحمد بن قدامة بن إسماعيل السلمي البخاري ، وعلي بن المديني ، ويحيى بن معين ، ويحيى بن يحيى ، ويوسف بن موسى القطان ، وأبو الربيع الزاهراني ، وعلي بن حجر وجماعة.
    أقول : بعد التأمل فيمن روى عنهم ومن روى عنه ، يتّضح أنهم طرّاً من رواة العامة ، فكونه من الإمامية بعيد جداً ، وعندي التوقّف في الرجل بل الحكم بضعفه ، وذلك أنّه مع كونه عدّ من أصحاب الصادق عليه السلام لم يرو عنه عليه السلام ، ولم يرو أحد من أصحابنا عن جرير هذا ، ويكشف ذلك عن انحرافه عن الإمام ، وكونه من العامة المتعصّبين ، فتفطن.
    مع أنّ ابن قتيبة في معارفه : 624 ذكره عند عدّ أسماء الشيعة بقوله : وجرير بن عبد الحميد. ولكن يمكن التأمل في ذلك لعدم تصريحه بأنّه ضبّيّ أوّلا ، ولما ذكره الخطيب البغدادي في تاريخه 7/253 برقم 3744 ، من قوله : جرير بن عبد الحميد بن جرير بن قرط بن هلال أبو عبد الله الضبّيّ الرازي ، وهو كوفي الأصل ، رأى أيوب السختياني بمكّة وجماعة من طبقته وسمع مغيرة بن مقسم ..


(317)
وسكون الراء بعدها [ طاء ] مهملة ـ الضبيّ الكوفي ، نزيل الري ، وقاضيها ، ثقة صحيح ، مات سنة ثمان وثمانين ، وله إحدى وسبعون سنة. انتهى.
    وأقول : مقتضى عدّ الشيخ رحمه الله الرجل في طيّ رجال الشيعة ، من دون قدح في مذهبه كونه إماميّاً ، وتوثيق ابن حجر إيّاه يدرجه في الحسان ؛ لأنّ اختلافنا معه في المبنى يخرجه عن برج التوثيق ، ويدرجه في برج المدح المدرج له في الحسان ، والله العالم (*).
إلى أن قال في صفحة : 258 : كان جرير بن عبد الحميد يقول : أبو بكر ، ثم عمر ، ثم علي ، أحبّ إليّ من عثمان ؛ ولأن أخرّ من السماء أحبّ إليّ من أن أتناول عثمان بسوء ، وإنّي إلى تصديق عليّ [ عليه السلام ] أعجب [ كذا ] إليّ من تكذيبه. وفي صفحة : 255 : قال : سمعت جريراً يقول : رأيت ابن أبي نجيح ولم أكتب عنه شيئاً ، ورأيت جابراً الجعفي ولم أكتب عنه شيئاً ، ورأيت ابن جريح ولم أكتب عنه شيئاً ، فقال رجل : ضيّعت يا أبا عبد الله ! فقال : لا ، أمّا جابر فإنّه كان يؤمن بالرجعة ، وأما ابن أبي نجيح فكان يرى القدر ، وأما ابن جريح فإنّه أوصى بنيه بستين إمرأة. وقال : لا تزوجوا بهنّ فإنّهن أمهاتكم ، وكان يرى المتعة .. إلى أن قال في صفحة : 261 : قلت : وبالري كانت وفاته .. إلى أن قال : مات جرير بن عبد الحميد عشيّة الأربعاء ليوم خلا من جمادى الأولى في سنة ثمان وثمانين ومائة ، وتوفي وهو ابن ثمان وسبعين إلى التسع والسبعين سنة .. إلى آخره.
    أقول : وربّما يحصل القطع بعد التأمل في ما قيل فيه ، بأنّه من رجال العامّة ، ونسبة ابن قتيبة إليه التشيع ناشىء من عدم نصبه ، وأنّه كان يفضل علياً عليه السلام على عثمان ، وهو أحد المعاني المتداولة آنذاك في معنى التشيع ، فتفطن.
(*)
حصيلة البحث
    على ما قدّمنا من ترجمته ينبغي القطع بكونه عامّياً ضعيفاً ، فتدبر.


(318)
    [ الترجمة : ]
    قد عدّه الشيخ رحمه الله (1) تارة : من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، قائلا : جرير بن عبد الله أبو عمرو ، ويقال : أبو عبد الله البجلي ، سكن الكوفة ، وقدم الشام برسالة أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية ، وأسلم في السنة التي قبض فيها النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم. وقيل : إنّ طوله كان ستة أذرع ، ذكره محمد بن إسحاق *. انتهى.
(o)
مصادر الترجمة
    رجال الشيخ : 13 برقم 18 وصفحة 37 برقم 8 ، الخلاصة : 36 برقم 2 ، تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة المخطوطة : 21 من نسختنا ، منهج المقال : 81 [ المحقّقة 3/181 برقم ( 1008 ) ] ، التهذيب 2/249 حديث 485 ، الخصال 1/300 حديث 75 ، رجال ابن داود : 81 برقم 293 ، إتقان المقال : 266 ، نقد الرجال : 67 برقم 4 [ المحقّقة 1/334 برقم ( 930 ) ] ، مجمع الرجال 2/20 ، روح الجوامع المخطوط : 182 ، الوسيط المخطوط : 61 من نسختنا ، منتهى المقال : 74 [ الطبعة المحقّقة 2/225 برقم ( 526 ) ] ، ملخص المقال في قسم الضعاف ، جامع الرواة 1/147 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4/74 ـ 75 ، 93 ، 17/241 ـ 242 و20/286 ـ 287 في الحكم المنسوبة إلى أمير المؤمنين عليه السلام برقم 277 ، الاستيعاب 1/89 برقم 320 ، الإصابة 1/232 برقم 1136 ، اُسد الغابة 1/279 ، شذرات الذهب 1/57 ، طبقات ابن سعد 1/265 ، تقريب التهذيب 1/127 برقم 55 ، الكاشف 1/182 برقم 779 ، تاريخ البخاري الكبير 2/211 برقم 2225.
1 ـ الشيخ في رجاله : 13 برقم 18.
* ـ قال ابن إسحاق : جرير بن عبد الله ، سيد قبيلة بجيلة. قال صاحب حماة : وكان يقال له


(319)
    واُخرى (1) ؛ من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، قائلا : جرير بن عبد الله البجلي. انتهى.
    وقال في القسم الأوّل من الخلاصة (2) : جرير بن عبد الله البجلي ، قدم الشام برسالة أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية. انتهى.
    وقال الشهيد الثاني رحمه الله في تعليقته على الخلاصة (3) معترضاً عليه أنّ رسالة أمير المؤمنين عليه السلام وإن دلّت على مدح أوّلا ، لكن مفارقته له عليه السلام ، ولحوقه بمعاوية ثانياً ـ كما هو معلوم مشهور ـ يدفع ذلك المدح ، ويخرجه عن هذا القسم ، وسيرته وتخريب عليّ عليه السلام داره بالكوفة بعد لحوقه بمعاوية لعنه الله مشهور. انتهى.
    وهو اعتراض موجّه متين (4).
يوسف الأمة لحسنه. قال : وفيه قيل :
لو لا جرير هلكت بجيلة نعم الفتى وبئست القبيلة
    [ منه ( قدّس سرّه ) ].
    انظر : سيرة ابن هشام 1/76 ، والمختصر في أخبار البشر 1/103 ، والاستيعاب 1/89 برقم 320 .. وغيرها.
1 ـ الشيخ في رجاله أيضاً : 37 برقم 8.
2 ـ الخلاصة : 36 برقم 2.
3 ـ تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة المخطوطة : 21 من نسختنا ، قال : في منهج المقال في ترجمة جرير هذا : وفي تعليقات بخطّ الشهيد الثاني على الخلاصة. ثم ذكر ما نقله المؤلف قدّس سرّه.
4 ـ
كلمات أعلام العامة في المترجم
    قال في الاستيعاب 1/89 برقم 320 ـ بعد أن عنونه ـ : قال ابن إسحاق : جرير بن عبد الله البجلي ، سيد قبيلته يعني بجبلة .. إلى أن قال : قال جرير : أسلمت قبل موت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأربعين يوماً .. إلى أن قال : ومات بها [ الكوفة ]


(320)

سنة أربع وخمسين ، وقد قيل : سنة إحدى وخمسين.
    وفي الإصابة 1/232 برقم 1136 قال : جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك .. البجلي الصحابي الشهير ، يكنّى : أبا عمرو ، وقيل يكنّى : أبا عبد الله ، اختلف في وقت إسلامه ؛ ففي الطبراني الأوسط من طريق حصين بن عمر الأحمسي بسنده : .. قال : لما بعث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أتيته ، فقال : « ما جاء بك » ؟ قلت : جئت لأسلم ، فألقى إليّ كساءه وقال : « إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه ». حصين فيه ضعف ، ولو صحّ يحمل على المجاز ، أي لمّا بلغنا خبر بعث النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، أو على الحذف .. أي لمّا بعث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ثم دعا إلى الله ، ثم قدم إلى المدينة ، ثم حارب قريشاً وغيرهم ، ثم فتح مكّة ، ثم وفدت عليه الوفود. وجزم ابن عبد البر بأنّه أسلم قبل وفاة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بأربعين يوماً ، وهو غلط ، ففي الصحيحين عنه أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال له : « استنصت الناس في حجّة الوداع ». وجزم الواقدي بأنّه وفد على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في شهر رمضان سنة عشر ، وأنّ بعثه إلى ذي الخلصة كان بعد ذلك ، وأنه وافي مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حجّة الوداع من عامه ، وفيه عندي نظر ؛ لأنّ شريكاً حدّث عن الشيباني ، عن الشعبي ، عن جرير ، قال : قال لنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إنّ أخاكم النجاشي قد مات » .. الحديث ، أخرجه الطبراني ، فهذا يدلّ على أنّ إسلام جرير كان قبل سنة عشر ؛ لأنّ النجاشي مات قبل ذلك ، وكان جرير جميلا ، قال عمر : هو يوسف هذه الأمّة ، وقدّمه عمر في حروب العراق على جميع بجيلة ، وكان لهم أثر عظيم في فتح القادسية ، ثم سكن جرير الكوفة ، وأرسله عليّ [ عليه السلام ] رسولا إلى معاوية ، ثم اعتزل الفريقين وسكن قرقيسيا حتى مات سنة إحدى وقيل : أربع وخمسين.
    وذكره في اُسد الغابة 1/279. وكذا في شذرات الذهب 1/57 في وقائع سنة إحدى وخمسين ، وقال : وفيها على الأصح توفي جرير بن عبد الله البجلي بقرقيسيا.
    وعنونه ابن سعد في طبقاته 6/219 ، وذكر إرسال زياد بن أبيه للمترجم وجماعة إلى حجر بن عديّ. وأورده في تقريب التهذيب 1/127 برقم 55 ، والكاشف 1/182 برقم 779 ، وتاريخ البخاري 2/211 برقم 2225 .. وغيرهم.

كلمات أعلام علمائنا
    ذكره الشيخ رحمه الله في رجاله ، والعلاّمة في الخلاصة ، والميرزا في منهج المقال ،


(321)

وابن داود في رجاله في القسم الأول : 81 برقم 293 ، وذكر نصّ عبارة الشيخ رحمه الله ، وفي إتقان المقال في قسم الضعفاء : 266 قال : جرير بن عبد الله البجلي ، قدم الشام برسالة أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية ، وفي ( ص ) : قال الشهيد الثاني إرسال عليّ [ عليه السلام ] وإن دلّ على مدح أوّلا ، لكن مفارقته له ولحوقه بمعاوية ثانياً كما هو معلوم مشهور يدفع ذلك ، وسيرته وتخريب علي عليه السلام داره بعد لحوقه بمعاوية مشهورة ، قلت : وذم مسجده وأنّه من المساجد الملعونة ، وممّا بني فرحاً بقتل الحسين عليه السلام ! .. في التهذيب والكافي مذكور ، مع أنّ في دلالة مطلق الارسال على المدح إشكال.
    وذكره في نقد الرجال : 67 برقم 4 [ المحقّقة 1/334 برقم ( 930 ) ] ، ومجمع الرجال 2/20 ، وروح الجوامع المخطوط : 282 وذكر تضعيفه ، والوسيط المخطوط : 61 من نسختنا ، وجامع الرواة 1/147 ، ومنتهى المقال : 74 [ الطبعة المحقّقة 2/225 ـ 226 برقم ( 526 ) ] ، وذكره في ملخّص المقال في قسم الضعاف.

المترجم في كلمات بعض المؤرخين
    قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 3/115 ـ 116 : لمّا رجع جرير إلى عليّ عليه السلام ، كثر قول الناس في التهمة لجرير في أمر معاوية ، فاجتمع جرير والأشتر عند عليّ عليه السلام ، فقال الأشتر : أما والله يا أمير المؤمنين ! أن لو كنت أرسلتني إلى معاوية لكنت خيراً لك من هذا الذي أرخى خِناقَه ، وأقام عنده ، حتّى لم يدع باباً يرجوا فتحه إلاّ فتحه ، ولا باباً يخاف أمره إلاّ سدّه .. إلى أن قال في 3/117 : قال نصر : وقال الأشتر فيما كان من تخويف من جرير إيّاه بعمرو وحوشَب [ وذي الكلاع ] :
لعمرك يا جرير لقول عمرو وذي كلع وحوشب ذي ظليم إذا اجتمعوا عليّ فخلّ عنهم ولست بخائف ما خوّفوني وهمّهم الّذي حاموا عليه فإن أسلم أعمّهم بحرب وإن أهلك فقد قدّمت أمراً وقد زادوا عليّ وأوعَدُوني وصاحبه معاوي بالشام أخفّ عليّ من ريش النعام وعن باز مخالبه دوامي وكيف أخاف أحلام النيام من الدنيا وهمّي من أمامي يشيب لهولها رأس الغلام أفوز بِفَلْجِه يوم الخصام ومن ذا مات من خوف الكلام

(322)

    وفي 4/74 ـ 75 من شرح النهج المذكور في فصل المنحرفين عن عليّ عليه السلام قال : قالوا : وكان الأشعث بن قيس الكندي وجرير بن عبد الله البجلي يبغضانه ، وهدّم عليّ عليه السلام دار جرير بن عبد الله ، قال إسماعيل بن جرير : هدم عليّ [ عليه السلام ] دارنا مرّتين. وروى الحارث بن حصين ، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله دفع إلى جرير بن عبد الله نعلين من نعاله وقال : احتفظ بهما ، فإنّ ذهابهما ذهاب دينك ، فلمّا كان يوم الجمل ذهبت إحداهما ، فلمّا أرسله علي عليه السلام إلى معاوية ذهبت الاُخرى ، ثم فارق عليّاً واعتزل الحرب.
    وفي صفحة : 93 قال : وممّن فارقه عليه السلام حنظلة بن الكاتب خرج هو وجرير بن عبد الله البجلي من الكوفة إلى قرقيسيا ، وقالا : لا نقيم ببلدة يعاب فيها عثمان !
    وفي 3/118 من شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد قال : ويذكر أهل السير أنّ عليّاً عليه السلام هدم دار جرير ودور قوم ممّن خرج معه ، حيث فارق عليّاً عليه السلام ، منهم أبو أراكة بن مالك بن عامر القسري ، كان ختنه على ابنته ..
    وفي 17/241 ـ 242 : قال أبو الفرج : فروى أحمد بن عبد العزيز ، عن الحجّاج بن نصير ، عن قرة ، عن محمد بن سيرين ، قال : انطلق بجندب بن كعب الأزدي قاتل الساحر بالكوفة إلى السجن ، وعلى السجن رجل نصرانيّ من قبل الوليد ، وكان يرى جندب بن كعب يقوم بالليل ، ويصبح صائماً ، فوكّل بالسجن رجلا ، ثم خرج فسأل الناس عن أفضل أهل الكوفة فقالوا : الأشعث بن قيس ، فاستضافه فجعل يراه ينام الليل ، ثم يصبح فيدعوا بغدائه ، فخرج من عنده ، وسأل : أيّ أهل الكوفة أفضل ؟ قالوا : جرير بن عبد الله ، فذهب إليه ، فوجده ينام الليل ثم يصبح فيدعوا بغدائه فأستقبل القبلة ، وقال : ربيّ ربّ جندب ، وديني دين جندب ، ثم أسلم.
    وفي الجزء العشرون من شرح النهج : 286 ـ 287 برقم 277 في الحكم المنسوبة إلى أمير المؤمنين عليه السلام .. : « وأما هذا الأكثف عند الجاهلية » يعني جرير بن عبد الله البجلي « فهو يرى كلّ أحد دونه ، ويستصغر كل أحد ويحتقره ، قد مُلىء ناراً ، وهو مع ذلك يطلب رئاسة ، ويروم إمارة ، وهذا الأعور يغويه ويطغيه ، إن حدّثه كذبه ، وإن قام دونه نكص عنه ، فهما ( أي الأشعث ) كالشيطان .. « إذ قال للإنسان أكفر فلمّا كفر قال إنّي بري منك ، إنّي أخاف الله رب العالمين » [ سوره الحشر ( 59 ) : 16 ].


(323)
    ويؤيّده أمور :
    فمنها : ما روي (1) من أنّ مسجده بالكوفة من المساجد المحدثة فرحاً بقتل الحسين عليه السلام ، ولعلّه لذا عدّه أبو جعفر عليه السلام من المساجد الملعونة ، فيما رواه الشيخ رحمه الله في التهذيب ، عن عليّ بن محمّد بن محبوب ، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن عمرو بن عثمان ، عن محمّد بن عذافر ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : بالكوفة مساجد ملعونة ، ومساجد مباركة .. ـ إلى أن قال : ـ فأمّا المساجد الملعونة ، فمسجد ثقيف ، ومسجد الأشعث ، ومسجد جرير بن عبد الله البجلي ، ومسجد سماك بن أبي خراشة *.
    ومنها : انحراف الرجل عن أهل البيت عليهم السلام.
وقال في طبقات ابن سعد 6/21 بسنده : .. عن زياد بن علاقة ، قال : سمعت جرير بن عبد الله حين مات المغيرة بن شعبة يقول : استغفروا لأميركم فإنه كان يحبّ العافية.
    وقال نصر بن مزاحم في صفّينه : 15 بسنده : .. لما بويع علي [ عليه السلام ] وكتب إلى العمّال في الآفاق ، كتب إلى جرير بن عبد الله البجلي ، وكان جرير عاملا لعثمان على ثغر همدان ..
    وفي صفحة : 27 ذكر إرسال أمير المؤمنين عليه السلام جريراً بكتابه إلى معاوية وما آل إليه أمره.
    وقال في صفحة : 55 : أبطأ جرير عند معاوية حتى إتّهمه الناس ..
    وفي صفحة : 59 قال : .. لمّا رجع جرير إلى عليّ [ عليه السلام ] كثر قول الناس في التهمة لجرير في أمر معاوية ، فاجتمع جرير والأشتر عند عليّ [ عليه السلام ] إلى آخره ..
1 ـ جاء في التهذيب 3/249 ـ 250 حديث 685 ، وكذا الخصال 1/300 حديث 75 بسندهما : .. عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : بالكوفة مساجد ملعونة ومساجد مباركة .. إلى أن قال : وأما المساجد الملعونة ؛ فمسجد ثقيف ، ومسجد الأشعث ، ومسجد جرير بن عبد الله البجلي ، ومسجد سماك ، ومسجد الحمراء .. إلى آخره.
* ـ خ. ل : سماك بن خرشة.     [ منه ( قدّس سرّه ) ].


(324)
    ومنها : روايته عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، رؤية الله سبحانه ، وقد خلط في أواخر عمره.
    ومنها : ما مرّ (1) في الأشعث بن قيس الكندي من أنّه وجريراً بايعا ضبّاً بعد ندائهما إيّاه بأبي الحسن (2).
    ومنها : ما حكاه في البحار (3) عن ابن أبي الحديد (4) ، أنّه حكى عن جماعة من مشايخه البغدادييّن ، أنّ جرير بن عبد الله البجلي ، كان يبغض عليّاً عليه السلام وهدم عليّ عليه السلام داره.
    ومنها : ما رواه ابن أبي الحديد (5) ، عن الحارث بن الحصين : أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم دفع إلى جرير بن عبد الله نعلين من نعاله ، وقال : « احتفظ بهما فإنّ ذهابهما ، ذهاب دينك ! ».
    فلمّا كان يوم الجمل ذهبت إحديهما ، فلمّا أرسله علي عليه السلام إلى معاوية ذهبت الأخرى ، ثمّ فارق عليّاً عليه السلام ، واعتزل الحرب.
    ومنها : ما رواه في الخصال (6) في الصحيح ، عن صفوان [ بن يحيى ] ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه السلام [ قال : ] إنّ أمير المؤمنين عليه السلام نهى
1 ـ في صفحة : 106 من المجلد الحادي عشر.
2 ـ كذا ، مصحّف ، والصحيح : أبا حسل. قال : ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 4/75 ـ 76 : وروى يحيى بن عيسى الرملي ، عن الأعمش : أنّ جريراً والأشعث خرجا إلى جبّان الكوفة ، فمرّ بهما ضبّ يعدو ـ وهما في ذمّ عليّ عليه السلام ـ فنادياه : يا أبا حِشل !! هلمّ يدك نبايعك بالخلافة .. ! فبلغ عليّ عليه السلام قولهما ، فقال : « أما إنّهما يحشران يوم القيمة وإمامهما الضبّ ».
3 ـ بحار الأنوار 34/288.
4 ـ في شرح نهج البلاغة 4/74.
5 ـ في المصدر المتقدم 4/75.
6 ـ الخصال للشيخ الصدوق 1/301 ـ 302 حديث 76.


(325)
عن الصلاة في خمسة مساجد بالكوفة : مسجد الأشعث بن قيس [ الكندي ] ، ومسجد جرير بن عبد الله البجلي ، ومسجد سماك بن مخرمة * ، ومسجد شبث بن ربعي ، ومسجد تيم.
    قال : وكان أمير المؤمنين عليه السلام ، إذا نظر إلى مسجدهم ، قال : « هذه بقعة تيم ». ومعناه أنّهم قعدوا عنه ، لا يصلّون معه عداوة [ له ] وبغضاً.
    فتبيّن من ذلك كلّه أنّ الرجل ضعيف غاية الضعف ، ملعون لا يعتمد على روايته بوجه.

تذييل :
    يتضمّن أمرين :
    أحدهما : إنّه نقل في اُسد الغابة (1) ، أنّ جرير بن عبد الله البجلي قد أسلم قبل وفاة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بأربعين يوماً ، وكان له في الحروب بالعراق ـ القادسية .. وغيرها ـ أثر عظيم ، وأنّه توفّي سنة إحدى وخمسين ، وقيل : سنة أربع وخمسين ، وكان يخضب بالصفرة.
    ثانيهما : إنّه قد مرّ (2) ضبط البجلي : في أبان بن عثمان.
    وقال ابن الأثير في اُسد الغابة : إنّه قد اختلف النسّابون في بجيلة ، فمنهم من
* ـ كذا ..     [ منه ( قدّس سرّه ) ].
    لا أعرف وجه التكذية ، وقد جاء في الكافي 3/490 حديث 3 وفيه : التيم وفي غالب المصادر بدون ( بن مخزمة ) ، إلاّ أن في التهذيب 6/39 : سماك بن خرشته وفي بعض الرواية زاد عليه : بني على قبر فرعون من الفراعنة ، ولاحظ الخصال 1/301 وروضة الواعظين 2/336 ، ومصباح المتهجد 747.
1 ـ اُسد الغابة 1/279 ، [ وفي طبعة اُخرى 1/233 برقم ( 730 ) ].
2 ـ في صفحة : 128 من المجلّد الثالث.


(326)
جعلهم من اليمن. وأكثر أهل النسب أنّهم من نزار نسبوا إلى أمّهم بجيلة بنت صعب بن عليّ بن سعد العشيرة ، وأنّهم كانوا متفرّقين فجمعهم عمر وجعل عليهم جريراً .. إلى آخر ما نقله ممّا لا يهمّنا نقله (*).

    [ الترجمة : ]
    لم أقف فيه إلاّ على عدّ الشيخ (1) رحمه الله إياه من أصحاب الصادق عليه السلام.
    ومقتضى القاعدة التي بيّناها في الفوائد (2) كونه إماميّاً ، ولكن ينافي ذلك ما عن شرح ابن أبي الحديد (3) من أنّه قد كان من المحدثين من يبغض عليّاً
(*)
حصيلة البحث
    إنّ المترجم له من أعداء أمير المؤمنين وإمام المتقين وخليفة رسول ربّ العالمين عليه أفضل الصلاة والسلام ، فهو ببيعته للضبّ وعدائه ونصبه لسيد الوصيين عليه السلام زنديق كافر ، فعليه وعلى من شاكله لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
1 ـ رجال الشيخ : 165 برقم 75.
2 ـ الفوائد الرجالية المطبوعة أول تنقيح المقال 1/205 ، الفائدة التاسعة عشر ، من الطبعة الحجرية.
3 ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4/69 ، لكن فيه : حريز ـ بالحاء المهملة ـ ولذلك يعدّ جرير بن عثمان ـ بالجيم المنقوطة من تحت ـ مغايراً لحريز ـ بالحاء المهملة ـ وجرير ـ بالجيم المنقوطة ـ من تحت من أصحاب الصادق عليه السلام ، وحريز ـ بالحاء المهملة ـ من أعداء سيّد الموحّدين أمير المؤمنين عليه السلام. فكيف يروي عن الصادق عليه السلام وهو المعلن بسبّ جدّه ؟! هل ويمكن عدّ مثل هذا الخبيث من أصحاب الإمام عليه السلام ؟!
    فالذي أراه أنّ جريراً ـ بالجيم المنقوطة من تحت ـ يغاير حريز ـ بالحاء المهملة ـ نعم ، جرير يُعدّ غير معلوم الحال.


(327)
عليه السلام ويروي فيه الأحاديث المنكرة ، منهم جرير بن عثمان ، وكان يبغضه وينقصه ، ويروي فيه أخباراً مكذوبة.
    قال محفوظ : قلت ليحيى بن صالح : قد رويت عن مشايخ نظراء جرير ، فما بالك لم تتحمّل عن جرير ؟ قال : إنّي أتيته فناولني كتاباً فإذا فيه : حدّثني فلان ، عن فلان ، أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا حضرته الوفاة أوصى بقطع يد عليّ بن أبي طالب عليه السلام .. !! فرددت الكتاب.
    قال أبو بكر : حدّثني أبو جعفر ، قال : حدّثني إبراهيم ، قال : حدّثني محمّد بن عاصم ـ صاحب الخانات ـ قال : قال لنا جرير بن عثمان : أنتم يا أهل العراق تحبّون عليّ بن أبي طالب ، ونحن نبغضه ، قلت : لم ؟ قال : لأنّه قتل أجدادنا. انتهى (*).

    الضبط :
    عَجْلان : بفتح العين المهملة ، وسكون الجيم ، واللام والألف
(*)
حصيلة البحث
    المعنون غير معلوم الحال ، وما ذكر المؤلف قدّس سرّه فهو في حريز بن عثمان الرحبي لعنه الله تعالى ، وسوف تأتي ترجمته.
(o)
مصادر الترجمة
    نقد الرجال : 67 برقم 6 والوسيط المخطوط في حرف الجيم، ومجمع الرجال 2/20 ، ومنهج المقال : 81 [ المحقّقة 3/172 برقم ( 1010 ) ] ، وملخّص المقال في قسم المجاهيل، والجميع اكتفوا بنقل عبارة رجال الشيخ : 163 برقم 44، ولسان الميزان 2/103 برقم 418.


(328)
والنون (1).
    وقد مرّ (2) ضبط الأزدي في ترجمة : إبراهيم بن إسحاق.
    والكسائي : بكسر الكاف ، وفتح السين المهملة ، والألف ، والهمزة ، والياء ، نسبة إلى الكساء. وهو ثوب معروف ، والنسبة إليه كسائي ، وكساوي ، وإنّما ينسب إليه بائعه (3).
    الترجمة :
    لم أقف فيه إلاّ على عدّ الشيخ رحمه الله إيّاه في رجاله (4) من أصحاب الصادق عليه السلام مضيفاً إلى ما في العنوان قوله : كوفي.
    وظاهره كونه إمامياً ، إلاّ أنّ حاله مجهول (*).
1 ـ قال في الصحاح 5/1760 : عَجُول وعَجْلان : بيّن العجلة.
    أقول : الظاهر ـ بقرينة نسبته إلى الأزد ـ أنّه منسوب إلى العَجلان بن زيد
بطن من الخزرج ، من الأزد ، من القحطانية ، كما صرّح بذلك في معجم قبائل العرب 2/758. وقال في لسان العرب 11/430: وأمّ عجلان طائرٌ، وعجلان: اسم رجل، وفي تاج العروس 8/6 قال : وعَجْلان بلا لام علم جماعة ..
2 ـ في صفحة : 292 من المجلّد الثالث.
3 ـ ضبطه وذكر بعض المنسوبين إلى الكساء في توضيح المشتبه 7/331 ـ 332 ، وقال في الصحاح 6/2474 : والكساء : واحد الأكيسة ، وأصله كساو ؛ لأنّه من كسوتُ ، إلاّ أنّ الواو لمّا جاءت بعد الألف همزت. وصرّح في لسان العرب 15/224 أنّ النسبة إليها : كسائيّ وكِساويّ. وقريب منه ما في تاج العروس 10/315.
4 ـ رجال الشيخ : 163 برقم 44.
(*)
حصيلة البحث
    المعنون لم يتضّح لي حاله.


(329)
    الضبط :
    كُلَيْب : بالكاف [ واللام ] ، والياء المثنّاة من تحت ، والباء الموحدة ، وزان رُجَيْل.
    وقد مرّ (1) ضبط الكندي في ترجمة : إبراهيم بن مرثد.
    وفي بعض النسخ : النَدِّي ـ بالنون المفتوحة ، والدال المهملة المشددة المكسورة ، والياء ـ ، والصواب الأوّل ، وعلى الثاني فهو نسبة إلى الند ، حصن باليمن.
    وزاد في بعض النسخ بعد الكندي : السندي.
    وقد مرّ (2) ضبط السندي في : إبراهيم السندي.
    الترجمة :
    لم أقف فيه إلاّ على عدّ الشيخ رحمه الله إيّاه في رجاله (3) من أصحاب
(o)
مصادر الترجمة
    رجال الشيخ : 37 برقم 16 ، مجمع الرجال 2/21 ، نقد الرجال : 67 برقم 7 [ الطبعة المحقّقة 1/335 برقم ( 932 ) ] ، الوسيط ( المخطوط ) : 62 ، ملخّص المقال في قسم المجاهيل.
1 ـ في صفحة : 381 من المجلّد الرابع.
2 ـ في صفحة : 58 من المجلّد الرابع.
3 ـ رجال الشيخ : 37 برقم 16.


(330)
أمير المؤمنين عليه السلام.
    وظاهره كونه إماميّاً ، إلاّ أنّ حاله مجهول (*).

    [ الترجمة : ]
    روي في كشف الغمة (1) عنه ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إني اُريد العمرة ، فأوصني ؟ فقال عليه السلام : « اتّق الله ، ولا تعجل ». فقلت : أوصني ، فلم يزدني على هذا ، فخرجت من عنده من المدينة ، فلقيني رجل شامي يريد مكة ، فصحبني ، وكان معي سفرة فأخرجتها ، وأخرج سفرته ، وجعلنا نأكل ، فذكر أهل البصرة فشتمهم ، و (2) ذكر أهل الكوفة فشتمهم ،
واحتمل بعض المتأخرين أن جريراً بن كليب الكندي مصحّف : جري بن كليب السدوسي ، أو جرير بن كليب الندي ، أو جرير بن كليب النهدي .. ! وهذه الاحتمالات الباردة لا مؤّيد لها ، ولا يمكن التعويل عليها.
(*)
حصيلة البحث
    إنّ الرجل مجهول موضوعاً وحكماً.
1 ـ كشف الغمة 2/416 ـ 417، وفيه : حريز ، بدل : جرير [ وفي طبعة تبريز 2/188 : جرير ].
    واحتمل بعض المعاصرين في قاموسه 2/360 أن جريراً هذا محرّف في كشف الغمة عن : حديد أخي مرازم ؛ لأن لمرازم إخوة باسم : محمد وحديد .. وهذا الاحتمال حيث لا مؤيد له لا يمكن الاعتماد عليه.
2 ـ في المصدر : ثم.
تنقيح المقال ـ الجزء الرابع عشر ::: فهرس