تربية الطفل دينيا وأخلاقيا ::: 31 ـ 45
(31)
    3 ـ اذا كانت نوعية القدرة تعكس توجهات النظام الذي تمثله ، فالنبي (ص) والائمة والصديقون هم القدوات والرموز المطروحة لهذا النظام.
    4 ـ تطهير البيئة من الاوبئة الاجتماعية والاخلاقية ، بسب دورها المؤثر في الحياة.
    5 ـ مراقبة العلاقات والارتباطات والبيئة الاجتماعية ، وهذه من ضرورات التربية ولا مجال لاهمالها.
    6 ـ التربية من موجبات بلوغ الكمال.
    7 ـ تقوم التربية على اساس العمل وفقا للواقع الموجود ، لكن ينبغي عدم غياب الطموح عن الاذهان.
    8 ـ يشاد البناء التربوي على ركائز العلم ، والايمان ، والاخلاق ، والعمل.
    9 ـ يشمل محتوى التربية جميع المواضيع و المسائل المهمة والمفيدة في الحياة.

    مجرد الاطروحة أم العمل ؟ :
    لا يقتصر ما طرحناه في حقل التربية على مجرد الطرح المثالي ، أو ما يسمى بمدينة أفلاطون الفاضلة ، بل كلها برامج يمكن تطبيقها عمليا ، وأن من دواعي فخر الاسلام في الماضي والحاضر هو تطبيقه العملي لهذه المبادئ على مدى القرون المتمادية ، وفي بقاع مختلفة من العالم رغم الكثير من المعوقات والموانع التي كانت تعترض علمه. فقد استطاع الاسلام حين أخذ بهذا المنهاج التربوي من ايجاد مجتمع متحد ومتآخ تسوده روح


(32)
العدل والمساواة ، ويتسم بالتوازن والتضامن والتكافل الاجتماعي.
    ولا نرى اليوم أي مانع يحول دون تطبيق مثل هذا البرنامج ، شريطة حرص أولياء الامر على تطبيقه ، ووضعه في موضع التنفيذ والاهتمام ، ويمكنه أيضا احتلال مكانته المرموقة في العالم فيما لو تم نبذ التعصب القومي والعنصري والفئوي من أذهان الناس.


(33)
    الضمانة التنفيذية :
    ان الضمانة لتنفيذ هذه الاطروحة في المجتمع الاسلامي هي الايمان بالله والنبي (ص) وما أصدره لنا من أوامر وتعاليم ، وكذلك من خلال الاشراف العام على صورة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتمتين الاسس الايمانية للناس ، وأنارة أفكارهم وبواسطة الاشراف الحكومي عن طريق اجراء القوانين والمقررات ، وتطهير البيئة من المساوئ المؤثرة تربويا ، والتجديد المتواصل لصياغة الشخصية الاسلامية ، ومن خلال تقديس القانون و ... أمثال ذلك.
    ان الفطرة المجبولة على معرفة الله ، وتعاليم هذا الدين المنسجمة مع الفطرة هي أيضا من المحفزات التي تدفع الناس الى تطوير هذه الاهداف وتنفيذ هذا البرنامج.


(34)

(35)
    مقدمة :
    عالم الاطفال مثير ، وأن مسألة النمو الناتجة عن التغيرات المنسجمة والمتوالية التي تحصل في جميع مراحل حياة الانسان تعتبر أمرا اكثر اثارة ، فالطفل حينما يأتي الى الدنيا لايمتلك اية معلومات كما يدور في هذه الدنيا ، ثم يبدأ بالحصول على تلك المعلومات تدريجيا ، ولكن ماهية ذلك التعلم ، والانفعالات المتكررة التي تقع في ذهن أو نفس الانسان لكي يتعلم ، والتي يمكن أخضاعها للتجربة لا زالت من المواضيع المثيرة أيضا ، ولم يتمكن العلم الحديث من كشف أسرارها حتى الان.


(36)
    الطفل والدين :
    من الامور المثيرة في عالم الاطفال هي عالمهم الديني والايماني والاعتقادي. فالطفل مفطور على معرفة الله بسبب طبيعة خلقه التي تضم نفحة من روح الله ، ففي داخله الكثير من الاعتقادات الدينية التي يسعى لقبولها والاقرار بها ومطابقة ذاته معها ، بمجرد أدنى تذكير أو تنبيه من الوالدين والمربين ، وبمجرد العثور على مصاديق لها في العالم الخارجي.
    لا شك أن مفهوم الدين مفهوم واسع يشمل كل جوانب حياة الانسان. لكن الطفل يقبل من الدين ما يتناسب مع رغباته ، وما هو قائم على مشاهداته وتجاربه الشخصية.
    وعندما يزداد نمو الطفل ونضوجه ، وتكثر تبعا لذلك معلوماته المكتسبة ، تتسع دائرة أرتباطه بالدين ، وتمهد امامه الارضية لظهور بعض الحالات عليه ، والتي يمكن تسميتها بالحالات الدينية ، وتبرز بعض ملامحها بين سن 7 و 8 سنوات وحتى في سنوات أقل في بعض الحالات.

    بداية ظهور الشعور الديني :
    تتوقف نوعية المظاهر الدينية عند الطفل وما يتصل بها على نوعية تعامل الوالدين والمربين معه. فما أكثر الاطفال الذين يقلدون المواقف والحركات الدينية التي يؤديها والداهم ، وحتى انهم يقفون الى جانبهم متجهين نحو القبلة ويؤدون الصلاة ، أو أنهم يقلدون حركات والديهم في الدعاء ، أو


(37)
تلك التي تقترن مع الشعائر الدينية الاخرى.
    تظهر الدراسات التي أجراها علماء النفس بان موضوع الحس الديني يظهر في الاشهر السابقة لسن الرابعة ، وحتى أنه يلاحظ عند بعض الاطفال بين سن 2 ـ 3 سنوات.
    ثم يصبح هذا الشعور واضحا وظاهر مع نمو الطفل وزيادة سنه ، مثلما يلاحظ على الطفل في سن السادسة من مظاهر دينية ورغبة واضحة في أداء السلوك الديني ، وفي مثل هذا السن تبرز لدى الطفل رغبة دينية عميقة ، فهو يرغب مثلا في مناجاة ربه وأقامة نوع من الاتصال معه ، وهذا ما يثير غضب وقلق الوالدين غير المتدينين. ومن غير الواضح طبعا ان مثل هذا الاندفاع سيبقى لديه أم لا ، ولذا ينبغي الانتظار لفترة من الزمن لنرى ما تستقر عليه أحواله. ان للدين معان مختلفة بالنسبة للاطفال في سنوات أعمارهم المختلفة ، الا ان دنياهم منذ سن السادسة تصبح مليئة بحب الله وتعظيمه وأجلاله وحمده والثناء عليه ، والشعور بالخجل منه عند أي عصيان لاوامره ، وحتى قد يبرز ذلك على مظهره ، يتزايد في سن الثامنة فما فوق شعوره الديني ، وتصبح رغبته أكثر عمقا ؛ وبعبارة أخرى يصبح أكثر تدينا ـ فيحاول القيام بما ينال به رضا الله حسب ما يعبر عنه الوالدان والمربون.

    مدى فهمه لمعنى الاله :
    منذ السنة الرابعة تتسع رغبة الطفل في حب الاستطلاع ، فيؤدي به ذلك الى معرفة بعض حقائق هذا العالم ، وهذه المعارف تفضي به تلقائيا الى البحث عن مبدأ الوجود والاقرار بوجود الله ، وهذه المرحلة هي السن


(38)
الطبيعية لمعرفة وجود الله ، اذ يتكون خلالها الشعور بعدم أمكانية ظهور اي شيء من غير علة ، وهذا الشعور يكون الاساس الذي تقوم عليه كل مواقفه وأحكامه.
    فالطفل في سن الرابعة متصل بأبويه ، فيعتبر والده كبيرا ومهما ، ويفهم ان الله مثل أبيه أيضا ولكنه أكبر ، وحتى أنه يرى فيه عضوا من أعضاء عائلته ، والاسئلة التي يطرحها الطفل في هذه المرحلة تعكس وتبرهن صحة هذا الادعاء ، ولعله يتصور عند رؤيته لاية صورة جميلة ولكنها غامضة الاطوار وغير واضحة ، انها الله. ويلصق بها صفة المعبود ، وغالبا ما يشعر بالاشباع والقناعة من جراء اختلاف هذا التصور.
    فحتى سن السادسة يبقى مفهوم الله وصفاته غير متجذرة في ذهنه ، ولكنه بعد سن السابعة يرى فيه قدرة هائلة تفوق أوصاف الوالدين ، فيرغب في معرفة قوانينه وأوامره.
    صفات الله تبدو واضحة امامه الى حد ما ، لكن بعض ابعاده الاخرى تبقى غامضة لديه ، مثل كونه أزليا وأبديا. وتجب الاشارة أيضا الى أن ادراكه محصور حتى الان في نطاق الجوانب المحسوسة لا الامور الذهنية المجردة.

    ارتباط الطفل بالله :
    أظهرت التحقيقات بان للاطفال في سن الثالثة رغبة قوية في الادعية والاناشيد الدينية ، وينشرحون لها وخاصة اذا كانت مصحوبة بالاصوات الجماعية ، ومنذ السنة السادسة من عمر الطفل تبدأ علاقته بالله تأخذ طابع


(39)
الكلام والطلب ، ولاتفوتنا الاشارة الى ان طلباته في هذه المرحلة ذات صورة مادية كالطعام ، ووسائل اللعب ، والثياب ... الخ.
    فهو يتمنى على الله ان تمطر السماء اليوم لكي لا يذهب الى المدرسة ، أو أن لا تمطر لكي لاتبتل وسائل ألعابه ، ويدعو ربه أحيانا لكي يجعله ولدا طيبا ، او ان يحول دون أبيه كي لايضربه ، أو ان لا يفعل ما يتعارض أرادة الله.
    وفي بعض الحالات يكون دعاؤه مضحكا ، فهو مثلا يحب أباه كثيرا ؛ لذلك يدعوا أن يموت بسرعة حتى يذهب الى الجنة ، وهذا النمط من التفكير شائع عند الاطفال في سن 5 ـ 6 سنوات. فيجد في مثل هذه الطلبات والادعية والاماني وسيلة للهدوء والارتباط بالله ، وكلما تقدم السن أزدادت رغباته وأمانيه من الله.

    الاماني المستحيلة :
    من عجائب عالم الاطفال أدعيتهم التي تفوح بالامل والاماني المستحيلة التحقيق ، فينطلق الاطفال عادة من الامال والمثل التي يعتقدون بها ، فيتمنون على ربهم شتى الاماني ، ويصرن أيضا بشدة على ضرورة تحقيقها.
    فأحد أمنياته مثلا ، أن يرى الله ، ويجلس الى جانبه ، ويتكلم معه ، ويصبح صديقا له ، ويطير معه في السماء ... الخ. ويتمنى ايضا ان يصير كالطير ، وأن يمنحه الله جناحين ليطير بهما. ويدعوا من الله أن لا يموت أبدا ، وأن يبقى أبوه وأمه أحياء أبدا.


(40)
انه يعتبر الله مظهرا للعدالة ، ويرى ان عدالة الله لاتصح الا اذا حققت له أمانيه ، ولهذا يصبح فعل الله في رأيه عرضة للانتقاد كأن يقول : لماذا لا يعطي الله أباه المال الكثير ؟ أو لماذا مات أبوه ؟ أو لماذا لم يقدم الله له هدية ازاء الصلاة التي أداها ؟ أو ما دام الله قادرا على كل شيء فلماذا لا يقضي له حاجاته ؟

    فهمه لموضوع الموت :
    يبنى تصور الطفل عن ذاته على أنه سيبقى حيا الى الابد ، ومن الصعب عليه التصور بأنه سيموت يوما ما. وتجدر الاشارة الى ان أفكار الطفل ، ومعتقداته عن الموت محدودة جدا ، ويصعب عليه تصور ما حل بالشخص الفلاني حين سماعه لخبر موته ، الا اذا رأى بعينه حالة موته وعملية دفنه ، يتعسر على الاطفال في سن الثالثة أدراك معنى الموت ، ويظل حائرا أمام قضية دفن الميت ، فينشغل فكره بها وتمر في ذهنه علامات التعجب بالعشرات.
    تتضح أفكاره عن الموت في سن الخامسة ، وفي مثل هذه السن تقريبا تبرز منه مشاعر خاصة تجاه موت ابيه أو امه ، فهو عادة يتصور أن الموت أمر خاص بالكبار ، وأن الناس يهرمون ثم يموتون ، وأما فكرة عمومية الموت ، وانه ربما يشمل أحيانا حتى الاطفال والشباب فهي من دواعي الحزن والالم له. تربية الطفل


(41)
    فهمه لموضوع الجنة والنار :
    ليس لدى الاطفال أي أطلاع عن ماهية الجنة ، أو ماهية النار ، وهو يتصور بناء على ما يسمع أن الجنة مثلا حديقة جميلة فيها أنواع المأكولات من الحلوى والفواكه ووسائل اللعب للاطفال ، فيمكنه هناك اللعب بالارجوحة ، ويركب الدراجة الهوائية ذات العجلتين ، أو الثلاث عجلات ، ويمكنه أن يلعب ويمرح ويلهو ويقضي في المكان الفسيح المليء بالاشجار ، وأن يلعب لعبة الاختفاء والبحث ( الختيلة ) ، وحتى يمكنه ان يختفي في مكان لا يستطيعون العثور عليه !!!
    وتصوره عن جهنم لايتجاوز كونها مشهدا من النار ، ولا يتصور مطلقا بأنه سيلقى فيها يوما ما ، بل ويتصور بأن في ميسوره أن يحيد عنها ، أو يجتازها وينقذ نفسه منها ، أو أنه يتحمل حريقها بشكل أو آخر ... الى آخر ذلك.
    وهو في الوقت نفسه يعيش بعض لحظات الامل والشوق للجنة والحياة في أجوائها البديعة ، والخلاص من النار. انه مستعد لسماع كلام أبيه وأمه من أجل الجنة ، واذا أدرك أن عدم أطاعة الام تؤدي به الى دخول جهنم


(42)
فسيحاول اطاعتها جهد الامكان. ونضيف أيضا ان الخوف من جهنم يدفعه الى الصدق في القول ، واجتناب الكذب والعصيان ، وفي مقابل ذلك يدفعه الطمع بالجنة الى الصلاة والعبادات ، والى حب الله وأبيه وأمه. وعلى المربي ان يتجنب تخويفه من النار قبل سن السابعة لان ذلك يسلبه الامن والاستقرار.

    الاسئلة الدينية للاطفال :
    أسئلة الطفل الدينية عجيبة ، فانها تنم عن حبه للاستطلاع وهو يحاول فهم كل ما هو مجهول بالنسبة له ، ومعرفة عالم الدين ، وعالم ما وراء الطبيعة. ففي ذهنه الكثير من الغموض والشكوك التي يسعى الى فهمها. ولو تهيأ له المربي الجيد الواعي لامكن التفاؤل له بمستقبل مشرق.
    أسئلة الطفل كثيرة ، وهي تختلف بأختلاف درجة نضجه وفهمه وأدراكه ، وتتناسب مع سنه. نشير فيما يلي الى بعض من تلك الاسئلة على سبيل المثال لكي يستفيد الابوان والمربون للاجابة عنها :
    1 ـ في السنوات الست الاولى : يختلف نوع الاسئلة في هذا السن ، حتى عن الاسئلة التي تطرح في سن السابعة ، فالطفل في سن 3 ـ 4 سنوات يسأل عادة عن مصدر وعلة الاشياء ، فهو يسأل مثلا : من أين جئت ؟ من الذي أعد وسائل اللعب هذه ؟ أين ذهب حسن ولماذا ؟ من الذي صنع السماء ؟ ولماذا ؟؟ هل مات ابي ؟ وأين ذهب ؟. الخ وكما نلاحظ فان بؤرة أسئلته تتركز على موضوع المبدأ والمعاد. فهو يرغب في معرفة مصدر ومنشأ الامر


(43)
الفلاني ، وما هو مصيره ؟ وهذا هو الامر الذي نعتقد بوجوده بشكل فطري متجذر في نفوس الاشخاص.
    أسئلة الطفل كثيرة ، وهي دليل على مدى تعطشه ، وان الاصغاء اليها يحتاج الى الكثير من الصبر والاناة ، يرى بعض الاباء أن هذه الاسئلة تأتي اعتباطا ، ومن غير أساس ، أو جذور. ولكن قليل من التأمل يظهر انها ليست كذلك فالاسئلة تنم عن نضج الطفل ، وان اهتمام الوالدين والمربين واحترامهم للطفل يؤدي الى نضجه دينيا.
    2 ـ بين سن 7 ـ 10 سنوات : اعتبارا من سنة السابعة فما فوق ، يبدأ التفكير المنطقي بالنمو لدى الطفل ، ولهذا تصبح أسئلته أكثر عمقا. فالاسئلة التي يطرحها عن الله دقيقة ولا يقنع بالاجابة الساذجة ، بل يبغي الحصول على اجابات غنية ودالة ، وقاطعة.
    تتلخص أسئلتهم في مواضيع من قبيل : لماذا لانرى الله ؟ كيف يوجد الله في كل مكان ؟ ما هو الله ؟ ان لم يكن الله كالسحاب ، أو كنور الشمس ، فكيف يمكن ان يكون ؟ ان كان الله يحبنا فلماذا يلقينا في جهنم ؟ كيف يبعث الانسان يوم القيامة حيا ؟ و هل نمتلك في القيامة بيتاً ؟ ان كنا لا نرى الله حاليا ، فهل بالامكان رؤيته يوم القيامة ؟ لماذا لا يكلمنا الله ؟
    أسئلة الطفل كثيرة ، ولا انقطاع لها ، وعلى الوالدين والمربين تقديم ماتيسر من الاجوبة المقنعة جهد الامكان. كما ان الاسئلة التي يطرحونها عن الموت والمعاد ، والجنة والنار ، يجب ان تلقى الاجابات الصادقة بعيدا عن اللبس والغموض.


(44)
    3 ـ في سنوات الشباب : من البديهي أن النضوج الفكري والعقلي للشباب يصبح في وضع أفضل مما كانوا عليه في السابق. فوعيهم ورؤيتهم الكونية تكون اوسع ، وعليه فلابد أن تكون أسئلتهم أيضا أكثر عمقا ونضجا.
    ان ما يستحق الذكر هنا هو أن أسسهم الاعتقادية السابقة لابد وأن تكون قد ترسخت في أذهانهم طوال فترة ما قبل المراهقة. ان أجاباتنا التي نقدمها لائسئلتهم قبل سن العاشرة لها دور فاعل في تكوين هذه الاسس الاعتقادية ، وهذا يعني ألتزام والدي الطفل بأدخاله في ما يشبه الدورة المركزة والمبسطة في أصول الاعتقادات ، والنمط العملي في التدين ويعتبر هذا جزءا من حقوقه عليهما.
    ولا تفوتنا هنا الاشارة الى ثلاث نقاط لها علاقة بمدى تدين أبنائنا في مرحلة المراهقة وهي : ـ
    1 ـ ظهور الحس الديني ، والميل الى الدين وتعاليمه ، مما يجعله ذائبا في الدين.
    2 ـ بزوغ معالم الشك لديه يعود سببها الى تعلمه في السابق ، وهو يحاول حالياً وكنتيجة منطقية لذلك ـ اعادة النظر فيما تعلمه ليتأكد من صحته.
    3 ـ تتوارد على ذهنه الكثير من الاسئلة الناتجة في الغالب من تلك الشكوك وكافراز طبيعي لنضوج استدلاله المنطقي ، الا انه غير مستعد ـ بسبب غروره وأنانيته ـ لطرحها في أي زمان ومكان. وهذا ما يدعوا الوالدين


(45)
والمربين الى الاجابة عن اسئلته بشكل مباشر ، أو غير مباشر ، ودفعه الى أظهار ما يعتلج في باطنه.

    معنى التدين في رأي الطفل :
    يمارس أطفالنا سلوكهم الديني أنطلاقا من سلامة فطرتهم ، وأشباعا لروح حب الاستطلاع المغروسة في نفوسهم ، فيؤدون الشعائر العبادية على خطى آبائهم وأمهاتهم فنراهم يدعون ربهم أحيانا ، ويبكون ويتضرعون أحيانا أخرى.
    لايعني تدين الطفل وجود انسجام وتعقل في سلوكه وتفكيره الديني. فلا يتخذ السلوك الديني عند الطفل طابعا عقليا الا بعد سن السابعة حيث ، يصبح لديه حينذاك فهم لبعض المواضيع التي يتلقاها. أما قبل هذه السنين فلا يعد وسلوكه أن يكون مجرد ، مشاعر وتظاهر بمجاراة الابوين والاخرين.
    يصلي الطفل برفقة والديه قبل سن السابعة ، ولكن لا يستبعد أن يجري خلال الصلاة وراء صرصر ، أو اذا لفت انتباهه شيء من الحلوى أو ماشابهه يتحرك نحوه ليأخذه ، انه يشارك في المجالس الدينية ، ويؤدي الطقوس والشعائر المتفاوتة عند الناس ، لكن هذا لا يمنع من تعلقه بلذات أخرى ، كأن يجعل من الفروض الدينية وسيلة للتسلية واللعب.
    في حوالي السنة السابعة من عمره ، يبدأ بالتذمر اذا لم يوقظوه لتناول السحور خلال شهر رمضان ، أو يصر على صيام هذا الشهر ولا يصغي لنصائح والحاح والديه على ضرورة الافطار ، ويبدي رغبة شديدة في
تربية الطفل دينيا وأخلاقيا ::: فهرس