تسلية المُجالس وزينة المَجالس الجزء الأول ::: 241 ـ 255
(241)
والفضل بن العبّاس وقثم وشقران ، ولهذا قال أمير المؤمنين : أنا الأوّل وأنا الآخر (1).
    وأنشأ أمير المؤمنين صلوات الله يقول :
نفسي على زَفَراتها محبوسةٌ لا خير بعدك في الحياة وإنّما يا لَيتها خـرجت مـع الزَفراتِ أخشى (2) مخافة أن تطولَ حياتي (3)
    وله صلوات الله عليه :
ألا طرق الناعي بـليلٍ فراعني فقلت له لمّا سمعـت الذي نعى فحقّق ما أسعفت (6) منه ولم أجد وأرّقنـي لـمّا استقـلّ (4) مُناديا أغير رسول الله إن كنت (5) ناعيا وكـان خـليلي عزّتي (7) وجماليا

1 ـ مناقب ابن شهراشوب : 1 / 239 ـ 240.
2 ـ في الديوان : أبكي.
3 ـ مناقب ابن شهراشوب : 1 / 240 ، ديوان أمير المؤمنين عليه السلام : 57 ( دار الكتاب العربي ) وص 55 ( دار ابن زيدون ).
4 ـ في الديوان : استهلّ.
5 ـ في الديوان : لمّا رأيتُ الذي أتى ... أغير رسول الله أصبحت.
6 ـ في المناقب : فخفق ما أشفقت.
7 ـ في الديوان : ولم يبل ... وكان خليلي عدّتي.
    وهذا البيت غير مذكور في طبعة دار الكتاب.


(242)
فَوَالـلهِ مـا أنساك أحمد ما مَشَت (1) وكنـتُ متى أهبط من الأرض تلعةً (3) شجـاعٌ تشـطّ (5) الخيل عنه كأنّما بي العيس (2) في أرضٍ وجاوزتُ واديا أرى (4) أثـراً مـنه جديـداً وبـالـيا يَرَيـن بـه ليــثاً علـيهـنّ عـاديا (6)
    [ وله عليه السلام : ] (7)
ألا يا رسول الله كنتَ حمىً لنا (8) وكأن على قـلبي لذكر محـمد وكنت بنا بـرّاً ولـم تـك جافيا وما جيب (9) من بعد النبي المكاويا

1 ـ في المناقب : مست.
2 ـ في الديوان : العيش.
3 ـ كذا في المناقب والديوان ، وفي الأصل : بلغة.
4 ـ في المناقب : أجد ، وفي الديوان : أجد أثراً منه جديراً وعافيا.
5 ـ كذا في المناقب ، وفي الأصل : يشطي ، وفي الديوان : جوادٌ تشظّي.
    وتشط : أي تبعد.
6 ـ في الديوان : ضاريا.
    مناقب ابن شهراشوب : 1 / 241 ، ديوان أمير المؤمنين عليه السلام : 126 ( دار الكتاب العربي ) وص 153 ( دار ابن زيدون ) ، أنساب الأشراف : 1 / 592.
7 ـ من المناقب.
8 ـ في المناقب : رجائيا.
9 ـ في المناقب : وما جاء. والمكاوي : جمع المكواة.


(243)
أفاطم صلّى الله ربّ محـمّد فدى لرسول الله اُمّي وخالتي فلو أنّ رب العشر أبقاك بيننا عليك من الله السلام تحيّـة على جدث أمسى بـيثرب ثـاويا وعمّي وزوجي (1) ثمّ نفسي وخاليا سعدنا ولكن أمـره كـان ماضـيا واُدخلتَ جنّات من العـدن راضيا (3)
    وقالت الزهراء صلوات الله عليها :
قل للمغيّب تحت أطباق الثرى صبّت عليّ مصائـب لو أنّها قد كنتُ ذات حمىً بظلّ محمد فاليـوم أخشـع للذليل وأتّقي إن كنت تسمع صرختي وندائيا صبّت على الأيّام عدن (3) لياليا لا أخش من ضـيم وكان جماليا ضيمي وأدفع ظـالمي بـردائيا

1 ـ كذا في المناقب ، وفي الأصل : وروحي.
2 ـ مناقب ابن شهراشوب : 1 / 242 ، وأنساب الأشراف : 1 / 594 ، وفيه الأبيات منسوبة لصفيّة بنت عبد المطّلب.
3 ـ في المناقب : صرن.


(244)
فإذا بـكت قـمريّة فــي ليلـها [ فلأجعلنّ الحزن من بعدك مؤنسي ] (1) ماذا على من شـمّ تـربة أحـمد شجناً على غصن بكيت صـباحيا ولأجعلنّ الدمـع فيك وشـاحيـا (2) ألاّ يشمّ مدى الزمـان غـوالـيا (3)
    ولها صلوات الله عليها :
كنتَ السواد لمقتـلي من شاء بعدك فليمت يبكي عليك الناظر فعليك كنت اُحاذر (4)
    وقالت اُمّ سلمة :
فجعنا (5) بالنبيّ وكان فينا وكان قوامنا والرأس منّا ننوح ونشتكي ما قد لقينا فلا تبعد فكلّ فتىً كريم إمام كرامـة نعـم الإمـام فنحن اليوم ليس لـنا قـوام ويشكو فقـدك البـلد الحرام سيدركه وإن كره (6) الحمام (7)

1 ـ من المناقب.
2 ـ الوشاح : نسيج عريض يرصّع بالجوهر ، وتشدّه المرأة بين عاتقها وكشحَيها. « المعجم الوسيط : 2 / 1033 ـ وشح ـ ».
3 ـ مناقب ابن شهراشوب : 1 / 242.
    والغوالي : جمع الغالية : أخلاط من الطيب كالمسك والعنبر. « المعجم الوسيط : 2 / 660 ».
4 ـ مناقب ابن شهراشوب : 1 / 242.
5 ـ كذا في المناقب ، وفي الاصل : فصُنّا.
6 ـ كذا في المناقب ، وفي الأصل : كرم.
7 ـ مناقب ابن شهراشوب : 1 / 243.


(245)
    وقالت صفيّة بنت عبد المطّلب (1) :
يا عـَين جـودي بدمع منك منحدر ابكي (3) الرسول فقد هَدَّت مصيبته ولا تَـملّي بكـاك الدهر معـولـةً ولا تملّي وابـكي (2) سيّد البشرِ جميع قومي وأهل البدوِ والحضر عليه ما غرّد القُمريّ في السحر (4) (5)
    وقال حسّان :
إنّ الرزيـّة لا رزيّة مثلها ميّت بطيبة أشرقت بحياته والكوكب الدرّي أصبح آفلاً لله ما ضمّت (6) حفيرة قبره ميّت بطيـبة مثلـه لـم يفقـد ظلم البـلاد لِـمُتهِـمٍ أو مُنـجد بالنـور بعـد تبلـّج وتصـعَّدَ منه وما فقدت سواري الـمسجد (7)
    الكافي : اجتمعت نسوة بني هاشم ، وجعلن يذكرن النبي صلّى الله عليه وآله ، فقالت فاطمة الزهراء عليها السلام : اتركن التعداد وعليكنّ بالدعاء.
1 ـ صفيّة بنت عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف ، عمّة النبي صلّى الله عليه وآله ، اُمّ الزبير بن العوّام ، كانت من أشجع النساء في زمانها. انظر في ترجمتها : أعيان الشيعة : 7 / 390 ، الاصبة : 4 / 348 ، أعلام الزركلي : 3 / 206.
2 ـ في المناقب : وبكّي.
3 ـ في المناقب : بكّي.
4 ـ كذا في المناقب ، وفي الأصل : الشجر.
5 ـ مناقب ابن شهراشوب : 1 / 243 ، وأنساب الأشراف : 1 / 594.
6 ـ في المناقب : ضمنت.
7 ـ مناقب ابن شهراشوب : 1 / 244.


(246)
    وقالت فاطمة : قال النيّ صلى الله عليه وآله لعليّ : يا عليّ ، من اُصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنّها من أعظم المصائب. (1)
    روى يزيد بن بلال ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : أوصى النبي صلّى الله عليه وآله : أن لا يغسّله أحد غيري ، فإنّه لا يرى أحد عورته إلا طمست عيناه.
    قال : فما أتناول عضواً إلا كان كأنّما نقله ثلاثون رجلاً (2) حتى فرغت من غسله. (3)
    وروي أنّه لمّا أراد أمير المؤمنين تغسيله استدعى الفضل بن العبّاس ليعينه ، وكان مشدود العينين ، وقد أمره أمير المؤمنين عليه السلام [ بذلك ] (4) إشفاقاً عليه من العمى (5).     يا من جمال جلاله منزّه عن التغيير والزوال ، ويا من دوام كماله مقدّس عن الحدوث والانتقال ، ويا من جلّ في ذاته وصفاته عن المعاني والأحوال. ويا من دلّ بافتقار مخلوقاته على انّه الكبير المتعال.
    سبحانك من قاهر تردّى بالجبروت والكبرياء ، وتعاليت من قادر لا
1 ـ مناقب ابن شهراشوب : 1 / 238 ـ وليس فيه « وقالت فاطمة » ، عنه البحار : 22 / 522. ولم أجده في الكافي.
2 ـ في المناقب : فما تناولت عضواً إلا كأنّما يقلبه معي ثلاثون رجلاً.
3 ـ مناقب ابن شهراشوب : 1 / 239 ، عنه البحار : 22 / 524.
4 ـ من المناقب.
5 ـ مناقب ابن شهراشوب : 1 / 239 ، عنه البحار : 22 / 524.


(247)
يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، لا تشارك في وجوب وجودك ، ولا تضاهي في فضلك وجودك ، ولا يخرج عن سلطانك قويّ ولا ضعيف ، ولا يفلت من قبضتك دنيّ ولا شريف ، ولا يخرج عن إحصائك وفيّ ولا طفيف ، أنت الظاهر ببديع قدرتك ، القاهر بعموم ربوبيّتك ، حكمتَ بالموت ، وقضيتَ بالفوت ، فلا رادّ لقضائك ، ولا مفرّ من بلائك.
    سبحانك أخرجتنا من عالم الغيب إلى عالم الشهادة ، وقضيتَ لنا في دار بلائك الحسنى وزيادة ، وجعلتَ لناأرضك فراشاً ، وسخّرت لنا من رزقك معاشاً ، وركبت فينا أدوات معرفتك ، وآلات عبادتك ، من عقول كاملة ، وأركان عاملة ، وجوارح مطيعة ، وقوىً مستطيعة.
    وأودعت في أجسادنا من عجائب حكمتك ، وغرائب صنعتك ، أعدل شاهد على وحدانيّتك ، وأكبر دالّ على فردانيّتك ، من آلات بسط وقبض ، ورفع وخفض ، وحركة وسكون ، وظهور وبطون ، وطبائع مصرفة ، وقوىً مختلفة ، من باصرة وسامعة ، ومفرّقة وجامعة ، وماسكة ودافعة ، وموصلة ومانعة ، وذاكرة وحافظة ، وذائقة ولافظة.
    ونصبت لنا من خواصّك أعلاماً جعلت قلوبها مواطن حبّك ، ومعادن قربك ، لما فازت بالدرجة العليّة من فيضان عنايتك ، وشربت بالكأس الرويّة من شراب محبّتك ، أطربها بلبل دوح عرفانك تشتهي نغمته ، وأرقّها صوت مجيد فرقانك بفصيح كلمته ، فطالعت جلال جمالك بأبصار بصائرها ، وشاهدت أنوار تجلّيات عظمتك بأفكار سرائرها ، فجرت في مضمار عشقها إلى حضيرة قدسك ، وسلكت بقدم صدقها إلى مقام اُنسك ، لم تقصر قواها عن الترقّي في مدارج السلوك بتوفيقك وتأييدك ، ولم تختلجها عوارض الشكوك بإرشادك


(248)
وتسديدك ، حتى إذا وردت عن اليقين ورداً وصدراً ، وكشف بها الحقّ المبين عن غوامض أسراره حجاباً وستراً ، وصار المحبّ حبيباً ، والطالب مطلوباً.
    جعلتهم معادن علمك ، ومواضع حكمك ، وتراجمة وحيك ، وسفرة أمرك ، وعصمتهم من كلّ عيب ، ونزّهتهم من كل ريب ، وتوّجهتهم بتاج عنايتك ، وأفرغت عليهم خلع كرامتك ، وأسريت بهاديهم إلى الصفيح الأعلى ، وسموت بساميهم إلى المقام الأدنى ، وأطلعته على أسرار ملكوتك ، وشرّفته بخطاب حضرة جبروتك ، ووسمته بخاتم النبيّين ، وسمّيته بأحمد ومحمد وطه وياسين ، وجعلته أفضل أهل السماوات وأهل الأرضين ، وأيّدته بوليّك سيّد الوصيّين ، وفرضت ولاءها وولاء أهل بيتهما على عبادك أجمعين ، فقلت : ( يا أيها الذين آمنوا اتّقوا اللهَ وكونوا مع الصادقين ) (1).
    فمن سلك سبيلهم ، واقتفى دليلهم ، فهو ممّن ألحقته جناح رحمتك ، وأورثته نعيم جنّتك ، ورقمت اسمه في جرائد المنتجبين من خواصّك ، وأثبتّ وسمه في صحائف الموسومين بإخلاصك.
    ومن تولّى عن أمرهم ، وأنكر عنهم برّهم ، وتوالى من جرت عليه نعمتهم ، وعظمت لديه مننهم ، واستطال على الناس برفيع مجدهم ، واشتهر بالباس بغرار حسدهم ، وتاه في ظلمة ضلالته ، وغرق في لجّة جهالته ، فهو ممّن قلت فيه : ( يؤمنونَ بالجبتِ والطاغوتِ ويقولونَ للذين كفروا هؤلاءِ أهدى من الذينَ
1 ـ سورة التوبة : 119.

(249)
آمنوا سبيلاً اولئكَ الذينَ لعنهمُ اللهُ ومن يلعنِ اللهُ فلن تجدَ لهُ نصيراً ) (1) ( يريدونَ أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد اُمروا أن يكفروا به ويريدُ الشيطانُ أن يضلِّهم ضلالاً بعيداً وإذا قيلَ لهم تعالَوا إلى ما أنزلَ اللهُ وإلى الرسولِ رايتَ المنافقينَ يصدّونَ عنك صدوداً ) (2) ( اولئكَ الذينَ كفروا بآيات ربّهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيمُ لهمه يوم القيامة وزناً ذلكَ جزاؤهم جهنّمُ بما كفروا واتّخذوا آياتي ورسلي هزواً ). (3)
    اللّهمّ إنّا لا نعلم نبيّاً من أنبيائك ، ولا نعتقد وليّاً من أوليائك ، ولا ملكاً من حملة عرشك ، ولا هابطاً بوحيك وأمرك ، ولا أميناً على غيبك وسرّك ، أفضل لديك من نبيّك المصطفى ، وأمينك المجتبى ، الّذي انتجبته لرسالتك ، واصطفيته بكلمتك ، وختمت به أنبياءك ، ووصيّه الذي اخترته لخلافتك ، وقرنت طاعته بطاعتك ، وضربته مثلاً في محكم تنزيلك ، وشددت به عضد نبيّك ورسولك ، وأيّدته بالفضل والحكم ، وآتيته بسطة في العلم والجسم ، وهزمت بجدّه الأحزاب ، وقصمت بسيفه الأصلاب ، وجعلت حبّه فارقاً بين الكفر والإيمان ، وحبّه وسيلة إلى الفوز بنعيم الجنان.
    لا نعقتد ذنباً بعد الإلحاد في آياتك ، والجحود لصفاتك ، وادّعاء إلهاً سواك ، والتكبّر على جلالك وعلاك ، أعظم ولا أكبر ، ولا أوثق ولا أشقّ ، من ذنب من وضع من قدره ، واجترى عليه بكفره ، وقدّم عليه من لا يعادل عند الله شسع نعله ، وأخرّه عمّن ليس له فضل كفضله ، ولا أصل كأصله ، وجحد نصّ رسولك ،
1 ـ سورة النساء : 51 و 52.
2 ـ سورة النساء : 60 و 61.
3 ـ سورة الكهف : 105 و 106.


(250)
وحرّف آيات تنزيلك ، وشهد أنّ طاعتك مقرونة بطاعته ، وولايتك مشروطة بولايته ، إذ هو « اُولوا الأمر » الّذي أمرت باقتفاء أثره ، ونوّهت في كتابك بذكره ، وأمرت نبيّك بأن يأخذ ميثاق خلافته على كل مقرّ بوحدانيّتك ، معتقد لربوبيّتك ، فمن ردّ مقال رسولك ، وسلك غير سبيلك ، فهو ممّن قلّدته لعنتك ، ووعدته نقمتك ، وأعددت له أليم عذابك ، ووخيم عقابك.
    ونشهد أنّه سبيلك القويم ، وصراطك المستقيم ، ونشهد أنّ من ابتزّه سلطانه غاصباً ، وتسمّى باسمه كاذباً ، وأنكر ما أوصيت من فرض ولايته ، وأخفى ما أظهرت من حقّ خلافته ، فقد بعد من الصواب ، وحقّت عليه كلمة العذاب ، فلا عذاب أعظم من عذابه ، ولا عقاب أنكى من عقابه ، إذ الثواب والعقاب على مقدار الفعل المكتسب في دار البلاء ، ومحلّه الابتلاء ، ومن جحد الوصيّ منزلته ، وردّ على الرسول مقالته ، وأوّل نصّ الكتاب بالتأويل الواهي ، والخيال الساهي ، وقدّم من يستحقّ التأخير لنقصه ، وأخّر من قدّم الله ورسوله منصبه ، ونصب العداوة لأهل بيت نبيّه ، وجحد الولاية بضلاله وغيّه ، وعدل بميراث الرسول عن أهله ، ووضعه في غير محلّه ، فهو ممّن أنكر اصول الايمان ، وانتظم في مسلك عبدة الأوثان ، وأعداء الرحمن ، ومقرّه في الدرك الأسفل ، وجزاؤه العذاب الأطول ، يتعوّذ فرعون وهامان من عذابه ، وينفر عبدة الأوثان من أليم عقابه.
    كما ذكرت هنا في فقرات نثري ، وأوردت قديماً في خطبي وشعري ، مخاطباً من تجرّأ على الله والرسول ، وغصب حقّ الوصي والبتول :
غرّتك دنياك فصرت حاكماً وللنبيّ المصطفى مخاصماً وللوصيّ والـبتول ظـالما فسوف تصلى بعد ذا سعيرا


(251)
عقوبة الذنب مـن الـله على وظلم من يؤذي النبي المرسلا مقدار ذنب العبد في دار البلا هل فوقه ظلم فـكن بـصيرا
    اللّهمّ فكما جعلتنا من المتمسكين بحبل نبيّك وعترته ، والمستظلّين بظلال وليّك وذرّيّته ، المعتصمين بمعاقل محبّيهم ، الموسومين بخاصّة شيعتهم ، الواثقين بعروة عصمتهم ، السالكين واضح طريقتهم فصلّ على محمد وآله ، وأمتنا على الحق الّذي هديتنا إليه من عرفان حقّهم ، وابعثنا على النهج الذي نحن عليه من الاقرار بصدقهم ، ومتّعنا بالنظر إلى جلال جمالهم في حشرنا ، واجعلهم شفعاءنا إليك يوم نشرنا ، وارزقنا منازل السعداء ، واسقنا من حوضهم شربة لا نظمأ بعدها أبداً ، إنّك على كلّ شيء قدير ، وبالاجابة جدير ، والحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله الطاهرين.


(252)

(253)

    الحمد لله الذي أسبغ علينا فضله العميم ، وأسدى إلينا برّه الجسيم ، وهدانا صراطه المستقيم ، وسلك بنا سبيله القويم ، وجعلنا من اُمّة رسوله الكريم ، وشيعة وليّه الأوّاه الحليم ، أعني سيّد الوصيّين ، وإمام المتّقين ، وحبل الله المتين ، ونوره المبين ، عليّ أمير المؤمنين ، المغصوب أمره ، المجهول قدره ، المشهور فضله ، المنشور عدله ، المظلوم حقّه المكذوب صدقه ، المقتول في محرابه ، المهدوم ركن الاسلام بمصابه ، أفضل من ارتدى بالخلافة واتّزر ، وأشرف من تسمّى بالإمامة واشتهر ، صنو الرسول ومواريه في رمسه ، وصارمه المسلول


(254)
ومواسيه بنفسه.
    كم ركن للشرك هدم ، وركن صلب للكفر قصم ، وكم أدحض للجهل حجّة ، وكم أمعن للبغي مهجة ، وكم أخفى للنفاق محجّة ، وكم أفاء الله على المسلمين بسيفه أموالاً ودياراً وحدائق ذات بهجة.
    كتب الله بيد عظمته منشور ولايته ، وختم بطابع عنايته توقيع خلافته ، وأوجب فرض ولايته على كافّة بريّته ، وجعل الرئاسة العامّة إلى يوم القيامة فيه وفي ذرّيّته ، ( إنّما وليّكم ) (1) تاج سلطانه ، و ( قل لا أسألكم ) (2) خلعة عظيم شأنه ، وآية النجوى في حلية الفخر جواد سباقه ، وسورة هل أتى في عرصة المجد ميدان انطلاقه.
    قرن الشمس مقعد أصله ، وهامة السماك مركب فضله ، عدله عميم ، وفضله عظيم ، ونوره تامّ ، وجوده عامّ ، وعلمه بحر زاخر ، وكفّه وجود هامر ، ولفظه لؤلؤ منثور ، وعزمه سيف مشهور ، وحبّه شرف وفخر ، وبغضه نفاق وكفر.
    يعشق جماله قلبي ، ويعتقد كماله لبّي ، ويهوى ذكره لساني ، ويعتاد شكره جناني ، ويحلو تكرّر لفظه في لهواتي ، ويجلو فصيح وعظه كرباتي ، كلامه شفاء غمومي ، وخطبه مجلية همومي ، ونهج بلاغته سبيل بلاغتي ، وغرر درره حلية فصاحتي ، ينشي مدحه نشوات السرور في فؤادي ، ويستعذب وصفه دقيق فكري في إصداري وإيرادي.
    إن نابني من عدوّي ناب وظفر ، فزعت إلى الدعاء باسمه في الجهر
1 ـ سورة المائدة : 55.
2 ـ سورة الشورى : 23.


(255)
والسرّ ، ليجعل الله معاندي بصواعق توسّلاتي مقهوراً ، وبسهام دعواتي محسوراً ، ويطرق لعيني مذؤوماً مدحوراً ، وأن يردّ الّذي كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً (1).
    اللهمّ اجعل كيده في تضليل ، وأرسل عليه حجارة من سجّيل (2) ، وشهباً ثاقبة يضعف عن تحمّل سعيرها الطوق ، وسحائب هلكه برد بارودها بمطر من تحت إلى فوق.
    اللهم أرسل عليه شواظاً من نار ونحاس (3) ، وبنادق من رصاص تتركه كهشيم المحتظر (4) ، ولا توفّقه للتوبة ، ولا ترشده للأوبة ، وصمّ سمعه عن سماع نصيحتي ، ولا تنفعه بتبياني وتذكرتي ، حتى تخرجه من دار الفناء وأنت عليه غضبان ، وتصليه جهنّم وقلبه غير مطمئنّ بالإيمان.
    ربّنا أفرغ علينا صبراً على ظلمه ، وأعظم لنا من لدنك أجراً على هظمه ، واجعل لنا اُسوة بنبيّك وأهل بيته الأطهار ، وارفع لنا عندك درجة في منازل الأبرار ، إنّك ذو الفضل الجزيل ، والصنع الجميل.
    روي عن شمس فلك النبوّة ، وروح جسد الفتوّة ، ومن أعلى الله على كلّ علوّ علوّه ، واسمى على كلّ سموّ سموّه ، بلبل دوح ( اقرأ وربّكَ الأكرمُ ) (5) ، قارئ لوح ( وعلّمكَ ما لم تكن تعلم ) (6) ، صدر مجلس ( ألم نشرح لكَ
1 ـ إقتباس من الآية : 25 من سورة الأحزاب.
2 ـ إقتباس من الآية : 2 و 4 من سورة الفيل.
3 ـ إقتباس من الآية : 35 من سورة الرحمن.
4 ـ إقتباس من الآية : 31 من سورة القمر.
5 ـ سورة العلق : 3.
6 ـ سورة النساء : 113.
تسلية المُجالس وزينة المَجالس الجزء الأول ::: فهرس