تذكرة الفقهاء الجزء الأول ::: 16 ـ 30
(16)
    الخامس : لو زال التغيّر بالنجاسة بغير الماء ـ من الاجسام الطاهرة ، أو تصفيق الرياح ، أو طول اللبث ـ لم يطهر ، لأنّه حكم شرعي ثبت (1) عليه ، وعند الشافعي يطهر بزوال التغيّر من نفسه لا بوقوع ساتر كالمسك (2).
    وفي التراب قولان مبنيان على أنّه مزيل أو ساتر (3).
    ولو نزح فزال التغيّر طهر الباقي إن كان قلّتين.
    السادس : إنّما يطهر المتغير الكثير الواقف بالقاء كرّ عليه دفعة مزيلة لتغيره ، فإن لم يزل فكر آخر وهكذا.
    والجاري يطهر بتدافعه حتى يزول التغيّر لاستهلاك المتغير وعدم قبول الطارئ النجاسة.
    السابع : يكره الطهارة بالماء الآجن مع وجود غيره ـ وهو المتغير لطول لبثه مع بقاء الاطلاق ـ بإجماع العلماء ، إلّا ابن سيرين فإنه منع منه (4). ولو زال الاطلاق لم يكن مطهراً.
    الثامن : لو زال التغيّر عن القليل أو الكثير بغير الماء ، طهر بإلقاء الكر ، وإن لم يزل به التغيّر لو كان ، وفي طهارة الكثير لو وقع في أحد جوانبه كر علم عدم شيء اعه ، فيه نظر ، وكذا لو زال التغيّر بطعم الكر ، أو لونه العرضيين.

    مسألة 3 : الجاري الكثير كالانهار الكبار والجداول الصغار لا ينجس بملاقاة النجاسة إجماعاً منّا ، لقول الصادق عليه السلام : « لا بأس أن يبول
1 ـ في هامش نسخة ( م ) برمز خ ل « يقف ».
2 ـ المجموع 1 : 133 ، فتح العزيز 1 : 199 ، الوجيز 1 : 7 ، المهذب للشيرازي 1 : 13.
3 ـ الوجيز 1 : 7 ، فتح العزيز 1 : 200 ، المجموع 1 : 133 ، المهذب للشيرازي 1 : 13 ـ 14.
4 ـ المجموع 1 ، 91 ، كشاف القناع 1 : 26 ، المغني 1 : 42 ، الشرح الكبير 1 : 37.


(17)
الرجل في الماء الجاري » (1).
    وماء الحمام كالجاري إذا كانت له مادة ـ وبه قال أبو حنيفة (2) ـ لقول الصادق عليه السلام : « هو بمنزلة الجاري » (3) وقول الباقر عليه السلام : « ماءً الحمام لا بأس به إذا كان له مادة » (4) ولعدم الانفكاك من النجاسة فيه ، فلولا مساواته للجاري لزم الحرج.
    وماء الغيث حال تقاطره كالجاري ، لقول الصادق عليه السلام ـ في ميزابين سالا ، أحدهما بول ، والآخر ماءً المطر ، فاختلطا ، فأصاب ثوب رجل ـ : « لم يضر ذلك » (5).

فروع :
    الأول : لا تعتبر الجريات بانفرادها ، فلو تواردت على النجاسة الواقفة جريات متعددة لم تنجس مع اتصالها.
    وقال الشافعي : تنجس كلّ جرية هي أقلّ من قلّتين ، وإن كانت منفصلة اعتبر كلّ جرية بانفرادها (6) ، وعنى بالجرية ما بين حافتي النهر عرضاً عن يمينها وشمالها.
    الثاني : لو كان الجاري أقل من كر نجس بالملاقاة الملاقي وما تحته ، وفي أحد قولي الشافعي أنّه لا ينجس إلّا بالتغير (7).
1 ـ التهذيب 1 : 43 / 121 ، الاستبصار 1 : 13 / 23.
2 ـ بدائع الصنائع 1 : 72.
3 ـ التهذيب 1 : 378 / 1170.
4 ـ الكافي 3 : 14 / 2 ، التهذيب 1 : 378 / 1168.
5 ـ الكافي 3 : 12 / 1 ، التهذيب 1 : 411 / 1295.
6 ـ الاُم 1 : 4 ، المهذب للشيرازي 1 : 14 ، المجموع 1 : 143.
7 ـ الاُم 1 : 4 ، المجموع 1 : 144.


(18)
    الثالث : الواقف في جانب النهر متصلاً به كالجاري ، وإن نقص عن كر.
    الرابع : لو كان الجاري متغيرا بالنجاسة دون الواقف المتصل به فإن نقص عن كر نجس بالملاقاة وإلّا فلا.
    الخامس : لا بدّ في مادة الحمام من كر ، وهل ينسحب الحكم في غير الحمام ؟ إشكال.
    السادس : لو تنجس الحوض الصغير في الحمام ، لم يطهر باجراء المادة إليه ، بل بتكاثرها على مائه.
    السابع : لو انقطع تقاطر المطر وفيه نجاسة عينية اعتبرت الكرية ، ولا تعتبر حال التقاطر ، ولو إستحالت عينها قبل انقطاعه ثم انقطع كان طاهراً وإن قصر عن كر ، ولو استحالت بعد انقطاعه ، أو لاقته من خارج بعده اعتبرت الكرية.

    مسألة 4 : الواقف الكثير لا ينجس بملاقاة النجاسة إجماعاً ، بل بالتغيّر بها.
    واختلف في الكثرة فالذي عليه علماؤنا بلوغ كر ، لقول النبيّ صلّى الله عليه وآله : ( إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء ) (1) رواه الجمهور.
    وعن الصادق عليه السلام : « إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء » (2).
    وقضية الشرط التنجيس عند عدم البلوغ ، ولأنّه أحوط.
1 ـ الفائق 3 : 258 ، غريب الحديث للهروي 1 : 338 ( نحوه ).
2 ـ الكافي 3 : 2 / 1 و 2 ، التهذيب 1 : 39 ـ 40 / 107 ـ 109 ، الاستبصار 1 : 6 / 1 ـ 3.


(19)
    وقال الشافعي ، وأحمد : قلّتان (1) ، لقول النبيّ صلّى الله عليه وآله : ( إذا كان الماء قلّتين لم يحمل خبثا ) (2). ويضعف باحتمال اتساع الكر لأنّها من قلال الهجر (3) ، وهى جرة كبيرة تشبه الحب. قال ابن دريد : تسمع خمس قرب (4).
    وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : كلّ ما يتيقن أو يظن وصول النجاسة إليه لم يجز استعماله ، وقدّره أصحابه ببلوغ الحركة (5). ويضعف بعدم الضبط ، فلا يناط به ما يعم به البلوى.

فروع :
    الأول : للكر قدران : ألف ومائتا رطل ، قال الشيخان : بالعراقي ، وهو مائة وثلاثون درهما (6) وقال المرتضى : بالمدني ، وهو مائة وخمسة وتسعون (7).ونشأ الخلاف باعتبار السائل وبلد السؤال.
    وما يكون كلّ بعد من أبعاده الثلاثة ثلاثة أشبار ونصفاً بشبر مستوي
1 ـ أحكام القرآن للجصاص 3 : 341 ، التفسير الكبير 24 : 94 ، مغني المحتاج 1 : 21 ، تفسير القرطبي 13 : 42 ، بداية المجتهد 1 : 24 ، المجموع 1 : 112 ، المغني 1 : 52 ، سنن الترمذي 1 : 98 ـ 99.
2 ـ سنن الترمذي 1 : 97 / 67 ، سنن النسائي 1 : 175 ، سنن الدارقطني 1 : 16 / 7.
3 ـ هجر : قرية قرب المدينة المنورة وقيل غير ذلك تنسب اليها القلال. مجمع البحرين 3 : 517 ، واُنظر معجم البلدان 5 : 393 ـ هجر ـ فيهما.
4 ـ اُنظر المغني 1 : 52.
5 ـ أحكام القرآن للجصاص 3 : 340 ، شرح فتح القدير 1 : 68 ، التفسير الكبير 24 : 94 ، اللباب 1 : 20.
6 ـ المقنعة : 4 ، المبسوط للطوسي 1 : 6.
7 ـ الناصريات : 214 المسألة 2.


(20)
الخلقة على الاشهر ، وحذف القميون النصف (1) ، فعلى الأول يبلغ تكسيره اثنين وأربعين شبراً وسبعة أثمان شبر ، وعلى الثاني سبعة وعشرين ، وقول الراوندي ، وابن الجنيد ضعيفان (2).
    الثاني : التقدير تحقيق لا تقريب ، وللشافعي قولان (3).
    الثالث : لا فرق في هذا التقدير بين مياه الغدران ، والقلبان (4) ، والحياض ، والمصانع (5) ، والاواني ، وإطلاق بعض فقهائنا تنجيس ماءً الاواني وإن كثر (6) يجري مجرى الغالب.
    الرابع : قال داود : إذا بال في الراكد ولم يتغير لم ينجس ، ولا يجوز له أن يتوضأ منه لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله نهى أن يبول الرجل في الماء الدائم ثم يتوضأ منه (7) ، ويجوز لغيره.
    وإذا تغوط فيه ولم يتغير لم ينجس ، وجاز أن يتوضأ منه هو وغيره ، ولو بال على الشط فجرى إلى الماء جاز أن يتوضأ منه (8). وهو غلط.
    الخامس : لو كانت النجاسة متميزة فيما زاد على الكر ، ولم تغيره جاز
1 ـ المقنع : 10 ، الفقيه 1 : 6 ذيل ح 2 ، السرائر : 7.
2 ـ حكى قولهما أيضاً المصنف في المختلف : 3 ـ 4.
3 ـ المجموع 1 : 122 ، فتح العزيز 1 : 207 ، الوجيز 1 : 7 ، المهذب 1 : 13.
4 ـ القلبان : جمع مفرده قليب ، وهو البئر قبل أن تبنى بالحجارة. الصحاح 1 : 206 ، مجمع البحرين 2 : 149 مادة قلب.
5 ـ جمع مصنعة : حوض يجمع فيه ماءً المطر. الصحاح 3 : 1246 ، القاموس المحيط 3 : 53 « صنع ».
6 ـ المراسم : 36 ، المقنعة : 9 ، النهاية : 4.
7 ـ سنن الترمذي 1 : 100 / 68 ، سنن النسائي 1 : 49 ، صحيح مسلم 1 : 235 / 282 ، سنن الدارمي 1 : 186.
8 ـ المجموع 1 : 119.


(21)
استعماله مطلقاً.
    وقال أبو إسحاق من الشافعية : لا يجوز أن يستعمل من موضع يكون بينه وبين النجاسة أقل من قلّتين (1). وغلطه الباقون ، إذ الاعتبار بالمجموع ، ولو كانت مائعة واستحالت ولم تغير لم تنجس.
    السادس : لو كان قدر كرّ خاصة ، والنجاسة متميزة ، فاغترف بإناء ، فالمأخوذ وباطن الإناء طاهران ، والباقي وظاهر الاناء نجسان.
    ولو حصلت النجاسة فيه انعكس الحال في الماء والإناء ، فإن نقط نجس الباقى إن كان النقط من باطنه ، وإلّا فلا.
    السابع : لو نبع الماء من تحته لم يطهره وإن أزال التغيّر ، خلافاً ، للشافعي (2) ، لأنا نشترط في المطهر وقوعه كرا دفعة.

    مسألة 5 : الماء القليل ينجس بملاقات النجاسة ، ذهب إليه أكثر علمائنا (3) ، وممن فرق بين القليل والكثير ـ وإن اختلفوا في حدّ الكثرة ـ ابن عمر ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والشافعي ، وأحمد ، وأبو حنيفة وأصحابه ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأبو عبيد ، والمزني (4). لقوله عليه السلام : ( إذا بلغ الماء قلّتين لم يحمل خبثا ) رواه الجمهور (5) ، وعن الكاظم عليه
1 ـ المجموع 1 : 142 ، المهذب للشيرازي 1 : 14.
2 ـ الاُم 1 : 5 ، المجموع 1 : 132.
3 ـ اُنظر المبسوط للطوسي 1 : 7 ، المعتبر : 11 ، المراسم : 36 ، المهذب لابن البراج 1 : 21.
4 ـ الاُم 1 : 4 ، التفسير الكبير 24 : 94 ، مختصر المزني : 9 ، المجموع 1 : 112 ، بداية المجتهد 1 : 24 ، أحكام القرآن للجصاص 3 : 340 ، المحلى 1 : 150 ، المغني 1 : 53.
5 ـ سنن الترمذي 1 : 97 / 67 ، سنن النسائي 1 : 175 ، سنن الدارقطني 1 : 16 / 7 ، نيل الأوطار 1 : 37.


(22)
السلام : الدجاجة تطأ العذرة ثم تدخل في الماء ، أيتوضأ منه ؟ « فقال » : لا (1) ولأنّه لقلته في مظنة الأنفعال فكان كالتغير في الكثير.
    وقال ابن أبي عقيل منّا : لا فرق بين القليل والكثير في أنهما لا ينجسان إلّا بالتغيّر (2) ، وهو مروي عن ابن عباس ، وحذيفة ، وأبي هريرة ، والحسن ، وسعيد بن المسيب ، وعكرمة ، وابن أبي ليلى ، وجابر بن زيد ، وبه قال مالك ، والأوزاعي ، والثوري ، وداود ، وابن المنذر (3) ، لقوله عليه السلام : ( الماء طهور لا ينجسه شيء إلّا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه ) (4) ويبطل بتقديم الخاص مع التعارض.

فروع :
    الأول : ينجس القليل بما لا يدركه الطرف من الدم ، كرؤوس الإبر ، لما تقدم. وقال الشيخ : لا ينجس (5) ، لقول الكاظم عليه السلام وقد سئل عن رجل امتخط فصار الدم قطعاً ، فأصاب إناء‌ه ، هل يصلح الوضوء منه ؟ قال : « إن لم يكن شيء يستبين في الماء فلا بأس ، وإن كان شيئاً بيّنا فلا يتوضأ منه » (6) ولا حجة فيه ، إذ إصابة الاناء لا تستلزم إصابة الماء.
    وللشافعي قول بعدم التنجيس في الدم وغيره (7).
1 ـ التهذيب 1 : 419 / 1326 ، الاستبصار 1 : 21 / 49 ، قرب الاسناد : 84.
2 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 10.
3 ـ المجموع 1 : 113 ، المغني 1 : 54 ، التفسير الكبير 24 : 94 ، نيل الأوطار 1 : 36 ، بداية المجتهد 1 : 24.
4 ـ المهذب للشيرازي 1 : 12.
5 ـ المبسوط للطوسي 1 : 7.
6 ـ الكافي 3 : 74 / 16 ، التهذيب 1 : 413 / 1299 ، الاستبصار 1 : 23 / 57 ، البحار 10 : 256.
7 ـ فتح العزيز 1 : 209 ، المجموع 1 : 126 ، الاشباه والنظائر للسيوطي : 432 ، مغني المحتاج 1 : 24.


(23)
    الثاني : لو وصل بين الغديرين بساقية اتحدا إنّ اعتدل الماء ، وإلّا في حق السافل ، فلو نقص الأعلى عن كر انفعل بالملاقاة ، ولو كان أحدهما نجساً فالأقرب بقاؤه على حكمه مع الاتصال وانتقاله إلى الطهارة مع الممازجة ، لأنّ النجس لو غلب الطاهر نجّسه مع الممازجة فمع التمييز يبقى على حاله.
    الثالث : لو استهلك القليل المضاف وبقي الاطلاق جازت الطهارة به أجمع ، وكذا النجس في الكثير.
    الرابع : النجس لا يجوز استعماله في طهارة الحدث والخبث مطلقاًً ، ولا في الأكل والشرب ، إلّا مع الضرورة.
    الخامس : لا يطهر القليل بالاتمام كرا ، لأنفعاله بالنجاسة ، فكيف يرفعها عن غيره ؟
    وقال المرتضى في الرسية : يطهر ، لأنّ البلوغ يستهلك النجاسة ، ولا فرق بين وقوعها قبل البلوغ وبعده (1). وهو ممنوع.
    وللشافعي قولان (2).
    السادس : لو جمع بين نصفي كر نجس لم يطهر على الاشهر ، لأنّ كلا منهما لا يرفع النجاسة عن نفسه فعن غيره أولى.
    وقال بعض علمائنا : يطهر (3) ، وبه قال الشافعي (4) ، لقوله عليه
1 ـ رسائل الشريف المرتضى 2 : 361.
2 ـ المجموع 1 : 136 ، مغني المحتاج 1 : 23 ، فتح العزيز 1 : 211 ، مختصر المزني : 9.
3 ـ هو ابن البراج في المهذب 1 : 23.
4 ـ المجموع 1 : 136 ، فتح العزيز 1 : 211 ، الاُم 1 : 5.


(24)
السلام : ( إذا بلغ الماء قلّتين ـ أو كراً على الخلاف ـ لم يحمل خبثاً ) (1) ، ولم يثبت عندنا.
    السابع : لو تيقن أحد طرفي الطهارة والنجاسة ، وشك في الآخر ، عمل على المتيقن ، ولو شك في استناد التغيّر إلى النجاسة بنى على الأصل ، والأقرب البناء على الظن فيهما ، للبناء على الأصل والاحتياط.
    الثامن : لو أخبره العدل بنجاسة الماء لم يجب القبول ، قال ابن البراج : وكذا العدلان (2) وليس بجيد ، لوجوب رده مبيعاً (3) ، ولو تعارضت البينتان فكالمشتبه. ولو أخبره الفاسق بطهارة مائه قبل ، ولو أخبره بنجاسته فإن كان بعد الطهارة لم يلتفت ، وإن كان قبلها فالأقرب القبول.
    التاسع : لو شك في وقوع النجاسة قبل الاستعمال فالاصل الصحة ، ولو علم السبق وشك في بلوغ الكرية ينجس ، ولو رأى في الكر نجاسة بنى على الطهارة وإن شك في وقوعها قبل الكرية ، ولو شك في نجاسة الميت فيه فكذلك.
    العاشر : الكثير لا ينفعل بالنجاسة ، ولا شيء منه إلّا بالتغير ، وبه قال الشافعي (4) للحديث (5).
1 ـ سنن الدارقطني 1 : 16 / 7 و 15 ، سنن الترمذي 1 : 97 / 67 ، سنن النسائي 1 : 175 ، سنن البيهقي 1 : 260 ـ 261.
2 ـ المهذب 1 : 30.
3 ـ ورد ما بين القوسين في الطبع الحجري : متعيّنا. وهو تصحيف. والمراد كما في هامش نسخة ( ن ) : إذا كان مبيعا وشهد عدلان بنجاسته ردّه المشتري على البائع ، فلو لم يقبل العدلان لم يجب ردّه.
4 ـ مغني المحتاج 1 : 21 ، التفسير الكبير 24 : 94 ، أحكام القرآن للجصاص 3 : 341 ، بداية المجتهد 1 : 24 ، الوجيز 1 : 7 ، الاُم 1 : 4 ، المجموع 1 : 112.
5 ـ سنن الدارقطني 1 : 14 / 1 ـ 5 ، سنن الترمذي 1 : 97 / 67 ، سنن النسائي 1 : 175 ، نيل الأوطار 1 : 37.


(25)
    وقال أبو حنيفة أنّه ينجس ، ولو كان بحراً لا ينجس جميعه ، بل القدر الذي يتعدى إليه لون النجاسة (1).

    مسألة 6 : الأقوى أن ماءً البئر إنّما ينجس بالتغير بالنجاسة ، لقول الرضا عليه السلام : « ماءً البئر واسع لا يفسده شيء إلّا أن ينتن » (2).
    والاشهر عند علمائنا التنجيس (3) ، لقول الكاظم عليه السلام : « يجزيك أن تنزح منها دلاء‌ا فإن ذلك يطهرها » (4).
    وقسموا النجاسة أقساماً :
    الأول : ما يوجب نزح الجميع ، وهو موت البعير ، وانصباب الخمر ، لقول الصادق عليه السلام : « فإن مات فيها بعير أو صب فيها خمر فلتنزح » (5) وأفتى الصدوق بعشرين دلوا في قطرة الخمر ، والجميع في الثور (6).
    وألحق الشيخ المني ، والفقاع ، ودم الحيض ، والاستحاضة ، والنفاس ، وغير المقدّر (7) ، وألحق أبو الصلاح بول وروث مالا يؤكل لحمه (8) ، وابن البراج عرق الابل الجلالة والجنب من الحرام (9).
1 ـ تفسير القرطبي 13 : 42 ، اللباب 1 : 20 ، أحكام القرآن للجصاص 3 : 340.
2 ـ الكافي 3 : 5 / 2 ، التهذيب 1 : 409 / 1287 ، الاستبصار 1 : 33 / 87.
3 ـ المعتبر : 12 ، المقنعة : 9 ، المهذب لابن البراج 1 : 21 ، المبسوط للطوسي 1 : 11.
4 ـ التهذيب 1 : 237 / 686 ، الاستبصار 1 : 37 / 101.
5 ـ الكافي 3 : 6 / 7 ، التهذيب 1 : 240 / 694 ، الاستبصار 1 : 34 / 92.
6 ـ المقنع : 11 ، الهداية : 14 ، الفقيه 1 : 12 ـ 13.
7 ـ المبسوط للطوسي 1 : 11 ـ 12.
8 ـ الكافي في الفقه 1 : 130.
9 ـ المهذب 1 : 21.


(26)
    وإذا تعذر نزح الجميع تراوح عليها أربعة رجال يوماً ، كلّ اثنين دفعة.
    الثاني : ما يوجب نزح كرّ ، وهو موت الحمار ، والبغل ، والفرس ، والبقرة.
    الثالث : ما ينزح له سبعون دلوا ، وهو موت الانسان لقول الصادق عليه السلام : « فأكثره الانسان ينزح منها سبعون دلوا » (1) ولا فرق بين الصغير والكبير ، والمسلم ، والكافر.
    وقال بعض أصحابنا : ينزح للكافر الجميع ، لأنّه لو كان حياًَ لوجب الجميع ، حيث لم يرد فيه نصّ ، والموت لا يزيل النجاسة (2).
    ويضعف بزوال الكفر به.
    الرابع : ما ينزح له خمسون دلواً وهو العذرة الذائبة ، والدم الكثير غير الثلاثة ، كذبح الشاة ، وقال المفيد : في الكثير عشر دلاء (3).
    الخامس : ما ينزح له أربعون ، وهو موت الكلب ، والخنزير ، والشاة والثعلب ، والأرنب ، والسنور ، وما في قدر جسمه ، وبول الرجل.
    وقال الصدوق : في السنور سبع ، وفي الشاة تسع أو عشر (4).
    السادس : ما ينزح له ثلاثون ، وهو ماءً المطر وفيه خرؤ الكلب ، والبول والعذرة.
1 ـ التهذيب 1 : 235 / 678.
2 ـ هو ابن إدريس في السرائر : 10.
3 ـ المقنعة : 9.
4 ـ الفقيه 1 : 12 و 15.


(27)
    السابع : ما ينزح له عشر : وهو الدم القليل كذبح الطير ، والعذرة اليابسة.
    الثامن : ما ينزح له سبع ، وهو الفأرة إذا تفسخت ، أو انتفخت ، وبول الصبي ، واغتسال الجنب ـ قال الشيخ : ولا يطهر (1) ـ وخروج الكلب حياًَ ، وموت الطير كالحمامة والنعامة.
    [ التاسع : ما ينزح له خمس ، وهو ذرق الدجاج ، وقيده الأكثر بالجلال.
    العاشر : ما ينزح له ثلاث ، وهو الفأرة إذا لم تتفسخ ولم تنتفخ ، والحية ] (2).
    الحادي عشر : ما ينزح له دلو واحد ، وهو العصفور وما في قدره.
    وعندي أن ذلك كله مستحب ، وقد بينت الخلاف والحجاج في منتهى المطلب (3) على الاستقصاء.
    إذا عرفت هذا فعند الشافعي أن ماءً البئر كغيره ينجس إن كان دون القلتين ، وإن كان أزيد فلا ، ثم إنّ تنجس وهو قليل لم يطهر بالنزح ، لأنّ قعر البئر يبقى نجساً ، بل يترك ليزداد أو يساق إليه الماء الكثير.
    وإن كان كثيراً نجس بالتغير فيكاثر إلى زوال التغيّر أو يترك حتى يزول التغيّر بطول المكث أو ازدياد الماء.
    ولو تفتت الشيء النجس كالفأرة بتمعط شعرها فيه ، فالماء على
1 ـ المبسوط للطوسي 1 : 12.
2 ـ ما بين المعقوفتين لم يرد في نسخة ( م ).
3 ـ منتهى المطلب 1 : 10 ـ 12.


(28)
طهارته ، لعدم التغيّر ، ولا ينتفع به ، لأنّ ما يستقى يوجد فيه شيء من النجاسة ، فينبغي أن يستقى إلى أن يغلب ظن خروج أجزائها (1).
    وقال أبو حنيفة : إذا وقعت في البئر نجاسة نزحت فتكون طهارة لها ، فإن ماتت فيها فأرة أو صعوة ، أو سام أبرص نزح منها عشرون دلوا إلى ثلاثين ، وفي موت الحمامة أو الدجاجة أو السنور ما بين أربعين إلى ستين ، وفي الكلب أو الشاة أو الآدمي جميع الماء (2).

فروع :
    الأول : لو تغير الماء نجس إجماعاً ، وطهر بنزح ما يزيله على الأقوى ، لزوال الحكم بزوال علته ، وقال الشيخان : نزح الجميع فإن تعذر نزح حتى يطيب (3) ، وقال المرتضى ، وابن بابويه : يتراوح الاربعة لانقهاره بالنجاسة فيجب إخراجه (4).
    الثاني : لو تغير بما نجاسته عرضيّة ، كالمسك والدبس والنيل لم ينجس ، وكذا الجاري وكثير الواقف ، خلافاً للشيخ (5) ، لأنّ التغيّر ليس بالنجاسة.
    الثالث : الحوالة في الدلو على المعتاد ، لعدم التقدير الشرعي ، ولو اخرج بإناء عظيم ما يخرجه العدد فالأقوى الإجزاء.
    الرابع : يجزي النساء والصبيان في التراوح ، لصدق القوم عليهم ، ولا بد من اثنين اثنين ، ولو نهض القويان بعمل الاربعة فالأقرب الاجزاء.
1 ـ المجموع 1 : 148.
2 ـ اللباب 1 : 24 ـ 26 ، الهداية 1 : 86 و 89.
3 ـ المقنعة : 9 ، المبسوط للطوسي 1 : 11 ، النهاية : 7.
4 ـ الفقيه 1 : 13 / 24 ، وحكى قول المرتضى المحقق في المعتبر : 18.
5 ـ المبسوط للطوسي 1 : 5.


(29)
    الخامس : لا يفتقر النزح إلى النيّة ، ويجزي المسلم والكافر مع عدم التعدي ، والعاقل والمجنون.
    السادس : ما لم يقدر فيه منزوح قيل : يجزي أربعون ، وقيل : الجميع (1). ولو تعدّدت النجاسة فالأقوى التداخل وإن اختلفت.
    السابع : لو جفت البئر قبل النزح ثم عاد سقط ، إذ طهارتها بذهاب مائها الحاصل بالجفاف ، ولو سيق الجاري إليها طهرت.
    الثامن : لا تنجس جوانب البئر ، ولا يجب غسل الدلو.
    التاسع : لو خرج غير المأكول حيّاً لم ينجس الماء.
    وقال أبو حنيفة : إنّ خرجت الفأرة وقد هربت من الهرة نجس الماء وإلّا فلا (2) ، وليس بشيء.
    العاشر : لو وجدت النجاسة بعد الاستعمال لم تؤثر وإن احتمل سبقها.
    وقال أبو حنيفة : إنّ كانت الجيفة منتفخة أو متفسخة أعاد صلاة ثلاثة أيام وإلّا صلاة يوم وليلة (3). وليس بشيء.
    الحادي عشر : لا ينجس البئر بالبالوعة وإن تقاربتا ما لم تتصل عند الأكثر (4) أو تتغيّر عندنا ، نعم يستحب التباعد خمسة أذرع إنّ كانت الأرض صلبة ، أو كانت البئر فوقها ، وإلّا فسبع ، ولو تغير الماء تغيرا يصلح
1 ـ قال بالأول ابن حمزة في الوسيلة : 74 ـ 75 ، وقال بالثاني ابن إدريس في السرائر : 12 ـ 13 ، والمحقق في المعتبر : 19 ، وهو الذي قواه الشيخ في المبسوط 1 : 12.
2 ـ الاشباه والنظائر لابن نجيم : 394 ، غمز عيون البصائر 4 : 165.
3 ـ اللباب 1 : 28 ، المبسوط للسرخسي 1 : 59 ، بدائع الصنائع 1 : 78 ، المحلى 1 : 144.
4 ـ منهم الشيخ في المبسوط 1 : 31 ، وابن البراج في المهذب 1 : 27 ، والمحقق في المعتبر : 19.


(30)
استناده إليها أحببت الاحتراز عنها.
    الثاني عشر : لو زال التغيّر بغير النزح ووقوع الجاري فيها ، فالأقرب وجوب نزح الجميع لا البعض ، وإن زال به التغيّر لو كان.
* * *
تذكرة الفقهاء الجزء الأول ::: فهرس