زبدة الأفكار في طهارة أو نجاسة الكفّار ::: 196 ـ 210
(196)
أولى من المخالفين قطعاً ، لكن عن الكشي أنّه روى في كتاب الرجال بسنده إلى عمر ابن يزيد قال : دخلت على الصادق ( عليه السلام ) فحدّثني مليّاً في فضائل الشيعة ، ثمّ قال : إنّ من الشيعة بعدنا من هم شرّ من الناصب. فقلت : جعلت فداك أليس هم ينتحلون مودّتكم ويتبرّأون من عدوّكم ؟ قال : نعم ، قلت : جعلت فداك بيّن لنا لنعرفهم ؟ قال : إنّما قوم يفتنون بزيد ويفتنون بموسى. وإنّه روي أيضاً قال : إنّ الزيدية والواقفة والنصاب بمنزلة واحدة ... إلى غير ذلك من الأخبار المشعرة بنجاستهم. ولعلّه لازم ما سمعته من المرتضى وغيره ، إلاّ أنّه لا يخفى قصورها في جنب ما سمعته من الأدلّة السابقة التي يمكن جريانها بل وغيرها هنا ، والله أعلم.
    وأمّا المستضعف من كلّ فرقة فلتمام البحث فيه موضوعاً وحكماً مقام آخر ، وإن كان الذي يقوى في النفس الآن ، ويعضده السيرة والعمل ، إجراء حكم فرقته عليه. انتهى كلامه رفع الله مقامه ، وإنّما أطنبنا في نقل عبائره القيّمة لأنّ المقصود أن نردّ ما قاله صاحب الحدائق ومن يسلك مسلكه ، فرأيت خير الردّ أن يكون من مثل صاحب الجواهر ( قدس سره ) ، فإنّ الحديد بالحديد يفلح ، ولترسيخ ما نذهب إليه من طهارة المخالفين دون الخوارج والغلاة والنواصب والمجسّمة الحقيقية كما مرّ ، لا بأس أن نذكر إجمال ما جاء في كتابي العلمين الإمامين في الفقه والاُصول سيّدنا الحكيم في مستمسكه وسيّدنا الخوئي في تنقيحه ، قدّس الله أسرارهما ورفع مقامهما ، وأنزل على رمسهما شآبيب رحمته الواسعة.
    فقال السيّد الحكيم (1) بعد قول السيّد اليزدي في عروته : « لا إشكال في نجاسة الغلاة » فقال : بلا كلام ـ كما عن جامع المقاصد ـ وعن ظاهر جماعة ، وصريح
1 ـ المستمسك 1 : 386.

(197)
روض الجنان والدلائل الإجماع عليه ، وهو واضح جدّاً لو اُريد منهم من يعتقد الربوبية لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) أو أحد الأئمة ( عليهم السلام ) كما في كشف الغطاء ـ لأنّه إنكار لله تعالى وإثبات لغيره فيكون كفراً بالذات فيلحقه حكمه من النجاسة ـ.
    أقول : وهو القدر المتيقّن من الغلاة الذين حكمنا عليهم بالنجاسة إلاّ أنّ الغلوّ من الكلّي المشكّك له مراتب فمثل الشيخ الصدوق يرى أنّه من لم يعتقد بسهو النبيّ أو يقول الشهادة الثالثة في الأذان فهو من الغلاة ، فهل يحكم على مثل هذا بالنجاسة ؟
    هذا ما يُجيب عنه السيّد الحكيم قائلا : أمّا لو اُريد منهم من يعتقد حلوله تعالى فيهم ، أو في أحدهم ـ كما هو الأظهر عند شيخنا الأعظم ـ فالنجاسة مبنيّة على أنّ إنكار الضروري كفر تعبّدي ، فإن لم يثبت أشكل الحكم بها ، ودعوى الإجماع لعلّها مبنية على ذلك المبنى ، فيشكل الاعتماد عليها. وكذا الحال لو اُريد من الغلوّ تجاوز الحدّ في صفات الأنبياء والأئمة ( عليهم السلام ) مثل اعتقاد أنّهم خالقون ، أو رازقون ، أو لا يغفلون ، أو لا يشغلهم شأن عن شأن ، أو نحو ذلك من الصفات. ولذا حكي عن ابن الوليد أنّ نفي السهو عن النبيّ أوّل درجة الغلوّ ، فالنجاسة في مثل ذلك أيضاً مبنيّة على الكفر بإنكار الضروري ، ودعوى القطع بعدم الكفر بمثل ذلك غير واضحة ، وكأنّ وجهها إنكار كون مثل ذلك إنكاراً للضروري ، ولكنّها كما ترى ، لوضوح كون اختصاص الصفات المذكورة به جلّ شأنه ضرورياً في الدين ، نعم ما لم يبلغ اختصاصه حدّ الضرورة ، فالدعوى المذكورة فيه في محلّها. وقد يستدلّ للنجاسة في الغلاة بما ورد في فارس بن حاتم ( الغالي ) عن الإمام الهادي ( عليه السلام ) من الأمر بتوقّي مساورته ، لكن فيه ـ مع إجمال غلوّه لعنه الله ـ أنّ النسخة الصحيحة ( مشاورته ) بالشين المعجمة لا بالسين المهملة ، فلا يكون ممّا نحن فيه.


(198)
    ثمّ في نجاسة الخوارج قال : بلا كلام ـ كما عن جامع المقاصد ـ وعن ظاهر جماعة وصريح روض الجنان والدلائل : الإجماع عليه ، والمراد بهم من يعتقد ما تعتقده الطائفة الملعونة التي خرجت على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في صفّين ، فاعتقدت كفره واستحلّت قتاله ، واستدلّ له برواية الفضيل : دخلت على أبي جعفر ( عليه السلام ) وعنده رجل فلما قعدت قام الرجل فخرج ، فقال ( عليه السلام ) لي : يا فضيل ، ما هذا عندك ؟ قلت : كافر. قال ( عليه السلام ) : أي والله مشرك. ولإطلاق التنزيل الشامل للنجاسة ، ولأنّهم من النواصب ، فيدلّ على نجاستهم ما دلّ على نجاستهم.
    وفي نجاسة النواصب قال ( قدس سره ) : بلا كلام ـ كما عن جامع المقاصد والدلائل ـ ولا خلاف على الظاهر فيه كما عن شرح المفاتيح ، وعن الحدائق والأنوار للجزائري الإجماع صريحاً عليه ، ويشهد له ما رواه الفضيل عن الباقر ( عليه السلام ) : « عن المرأة العارفة هل أزوّجها الناصب ؟ قال ( عليه السلام ) : لا ، لأنّ الناصب كافر » (1) ، وما في رواية ابن أبي يعفور : « إنّ الله تعالى لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب ، وإنّ الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه ».
    وأمّا المجسّمة ، فقال السيّد اليزدي : الأقوى عدم نجاستهم ، فقال السيّد الحكيم : لعدم الدليل عليها فيرجع فيها إلى أصالة الطهارة ، وإن حكي القول بالنجاسة مطلقاً عن المبسوط والمنتهى والدروس وظاهر القواعد وغيرها ، بل عن جامع المقاصد : لا كلام فيها. أو في خصوص المجسّمة بالحقيقة ، كما عن البيان والمسالك وغيرهما ، وعن روض الجنان : لا ريب في نجاستهم.
1 ـ الوسائل ، الباب 10 من أبواب ما يحرم من النكاح بالكفر ، الحديث 15.

(199)
    إذ المستند إن كان هو الإجماع فهو ممنوع جدّاً ، فقد حكي عن ظاهر المعتبر والتذكرة وصريح النهاية والذكرى : الطهارة ، وإن كان إنكارهم للضروري ففيه ـ مع أنّه مختص بالمجسّمة بالحقيقة ومبني على الاكتفاء في تحقّق إنكار اللازم بإنكار الملزوم ، إذ عدم التجسيم ليس ضرورياً من الدين ـ والعجب من سيّدنا الحكيم في مقولته هذه فإنّه كيف لا يكون من ضروري الدين مع أنّه من الصفات السلبية التي لا بدّ أن نعتقد بها ، إذ لولا ذلك للزم نفي الربوبية وإنكار واجب الوجود لذاته ، فتأمّل فيما يقول ـ إذ عدم التجسيم ليس ضرورياً من الدين ، لإيهام كثير من الآيات والأخبار له ، وإنّما الضروري القدم وعدم الحاجة ، اللذان يكون إنكارهما لازماً لاعتقاد الجسمية ، إنّك قد عرفت عدم ثبوت الاجماع على كون الإنكار سبباً مطلقاً ، ولو مع عدم العلم بكون المنكر من الدين ، نعم استدلّ على نجاستهم بخبر ياسر الخادم عن الرضا ( عليه السلام ) : « من شبّه الله بخلقه فهو مشرك ، ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كافر » ، وخبر الحسين بن خالد عنه ( عليه السلام ) : « من قال بالتشبيه والجبر فهو كافر مشرك » ، وخبر داود بن القاسم عنه ( عليه السلام ) : « من شبّه الله بخلقه فهو مشرك ، ومن وصفه بالمكان فهو كافر ، ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كاذب » ، وخبر محمّد ابن أبي عمير عن غير واحد عن الصادق ( عليه السلام ) : « من شبّه الله بخلقه فهو مشرك ، ومن أنكر قدرته فهو كافر » ، بناءً على أنّ التجسيم نوع من التشبيه. لكنّ دلالتها لا تخلو من خدش ، لأنّ الظاهر من التنزيل فيها بقرينة التفصيل بين المشرك والكافر كونه بلحاظ الأحكام الخاصّة ، لا المشتركة ، كما لعلّه ظاهر. نعم في رواية الهروي عن الرضا ( عليه السلام ) : « من وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر » دلالة على ذلك لإطلاق التنزيل ، لكن التجسيم غير التشبيه إذ بينهما عموم من وجه.
    ونقول : إنّ ظاهر الروايات المذكورة أنّ تشبيه الله بالخلق يستلزمه


(200)
التجسيم ، وإن كان بينهما عموم من وجه ، فإنّه في مورد الاجتماع يلزم القول بالكفر الموجب للنجاسة.
    ثمّ في نجاسة المجبّرة قال : وأمّا المجبّرة فالنجاسة فيهم محكيّة عن المبسوط وكاشف اللثام واختاره في كشف الغطاء ، وإذ لا إجماع مدعّى هنا ، ولا إنكار لضروري إلاّ بناءً على تحقّق إنكار اللازم بإنكار الملزوم ، فيكون إنكار الاختيار إنكاراً للثواب والعقاب ، وهو ممنوع ، فالبناء على النجاسة ضعيف. نعم استدلّ عليها ببعض النصوص المتقدّمة في المجسّمة ، ومثلها خبر يزيد بن عمر الشامي عن الرضا ( عليه السلام ) : « والقائل بالجبر كافر ، والقائل بالتفويض مشرك » ، وقد عرفت الإشكال في دلالتها على النجاسة ، نعم في رواية حريز عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : « الناس في القدر على ثلاثة أوجه : رجل زعم أنّ الله أجبر الناس على المعاصي ، فهذا قد ظلم الله تعالى في حكمه فهو كافر ، ورجل زعم أنّ الله مفوّض إليهم ، فهذا قد وهن الله تعالى في سلطانه فهو كافر » ، ودلالتها على النجاسة بإطلاق التنزيل ظاهرة ، فالبناء على النجاسة في المشبّهة والمجبّرة قوي وكذا في المفوّضة ـ كما في كشف الغطاء ـ للرواية المذكورة ، نعم قد يشكل ذلك بما عن شرح المفاتيح من أنّ ظاهر الفقهاء طهارتهم ، فتكون الرواية مخالفة للمشهور ـ وكأ نّما يريد أن يقول أنّ إعراض الأصحاب يوجب وهنها ـ لكنّه لم يثبت بنحو تسقط به الرواية عن الحجيّة. ولا سيّما بناء على اندفاع المناقشة في نصوص التفصيل لكثرة الروايات الدالّة على نجاسة المفوّضة حينئذ.
    ثمّ يذكر السيّد إشكالا وهو أنّ الحكم بنجاسة المجبّرة والمفوّضة مع أنّهم كانوا في زمن الأئمة مخالف لسيرتهم ( عليهم السلام ) ، فأجاب بجوابين : نقضي وحلّي ، والأوّل : أنّ الإشكال يرد في النواصب من الاُمويين الذين كانوا يسبّون أمير


(201)
المؤمنين على المنابر ، والثاني : وضوح بطلان الجبر والتفويض ممّا يوجب بناء العامّة على خلافهما ، فإنّه من البعيد اعتقاد متعارف الناس عدم الاختيار في العبد ضرورة ثبوت القدرة له كإرادته ، وكذا بطلان التفويض بمعنى استقلال العبد في القدرة في قبال قدرته سبحانه ...
    ثمّ يقول في حكم المخالفين : أمّا الفرق المخالفة للشيعة فالمشهور طهارتهم ، ويحكي عن السيّد القول بنجاستهم ، وعليه بعض متأخّري المتأخّرين كصاحب الحدائق وحكاه عن المشهور في كلمات أصحابنا المتقدّمين ... وكيف كان فالاستدلال على النجاسة تارة : بالإجماع المحكي عن الحلّي على كفرهم ... واُخرى بالنصوص المتجاوزة حدّ الاستفاضة ، بل قيل إنّها متواترة المتضمّنة كفرهم ... وثالثة : بأنّهم ممّن أنكر ضروري الدين كما في محكي المنتهى في مسألة اعتبار الإيمان في مستحقّ الزكاة ... ورابعة : بما دلّ على نجاسة الناصب من الإجماع وغيره بضميمة ما دلّ على أنّهم نواصب ... وفي الجميع خدش ظاهر ، إذ الكفر المدّعى عليه الإجماع في كلام الحلّي وغيره إن كان المراد منه ما يقابل الإسلام فهو معلوم الانتفاء ، فإنّ المعروف بين أصحابنا إسلام المخالفين ، وإن كان المراد به ما يقلّ الإيمان كما هو الظاهر ، فإنّه لم ينفع في إثبات النجاسة ، لأنّ الكافر الذي انعقد الإجماع ودلّت الأدلّة على نجاسته ما كان بالمعنى الأوّل ، وأمّا النصوص فالذي يظهر منها أنّها في مقام إثبات الكفر للمخالفين بالمعنى المقابل للإيمان ، كما يظهر من المقابلة فيها بين الكافر والمؤمن فراجعها ... وبالجملة : فالقرائن الداخلية والخارجية قاضية بكون المراد من الكفر في النصوص السابقة ما لا يكون موضوعاً للنجاسة ... وأمّا النصوص الدالّة على نصبهم ، فمع عدم صحّة أسانيدها ومخالفتها للمشهور بين الأصحاب وتعارضها فيما بينها ... ولإشكال مضامينها في نفسها ... والسيّد يذكر


(202)
لهذا الوجه موارد من الروايات فراجع ، ويستنتج طهارة المخالفين وغير الإثنى عشرية من الشيعة بأنّ مقتضى الأصل طهارتهم ولا دليل يقتضي الخروج عنه ، إلاّ أن ينطبق عليه أحد العناوين النجسة المتقدّمة ، وما عن الجواد ( عليه السلام ) : من أنّ الزيدية والواقفة والنصاب بمنزلة واحدة محمول على وحدة المنزل في الآخرة ، ومثله ما عن الكشي ـ كما مر ـ وغيره فلا نعيد طلباً للإختصار.
    وأمّا سيدنا الخوئي ( قدس سره ) فقال (1) ـ في قول السيّد اليزدي ( لا إشكال في نجاسة الغلاة ) ـ قال : الغلاة على طوائف : فمنهم من يعتقد الربوبية لأمير المؤمنين أو أحد الأئمة الطاهرين ( عليهم السلام ) فيعتقد بأنّه الربّ الجليل وأنّه الإله الجسم الذي نزل إلى الأرض ، وهذه النسبة لو صحّت وثبت اعتقادهم بذلك فلا إشكال في نجاستهم وكفرهم ، لأنّه إنكار لإلوهيته سبحانه ، فمن البديهي عدم الفرق بين ثوبتها للأصنام أو لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) لاشتراكهما في إنكار الإلوهية وهو من أحد الأسباب الموجبة للكفر. ومنهم : من ينسب إليه الاعتراف بإلوهيته سبحانه إلاّ أنّه يعتقد أنّ الاُمور الراجعة إلى التشريع والتكوين كلّها بيد أمير المؤمنين أو أحدهم ( عليهم السلام ) فيرى أنّه المحيي والمميت وأنّه الخالق والرازق وأنّه الذي أيّد الأنبياء السالفين سرّاً ، وأيّد النبيّ الأكرم جهراً. واعتقادهم هذا وإن كان باطلا واقعاً وعلى خلاف الواقع حقّاً حيث إنّ الكتاب العزيز يدلّ على أنّ الاُمور الراجعة الى التكوين والتشريع كلّها بيد الله سبحانه ، إلاّ أنّه ليس ممّا له موضوعية في الحكم بكفر الملتزم به ، نعم الاعتقاد بذلك عقيدة التفويض ، لأنّ معناه أنّ الله سبحانه كبعض السلاطين والملوك قد عزل نفسه عمّا يرجع إلى تدبير مملكته وفوّض الاُمور الراجعة إليها
1 ـ التنقيح 2 : 73.

(203)
إلى أحد وزرائه ، وهذا كثيراً ما يترائى في الأشعار المنظومة بالعربية أو الفارسية حيث ترى أنّ الشاعر يسند إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بعضاً من هذه الاُمور ، وعليه فهذا الاعتقاد إنكار للضروري ، فإنّ الاُمور الراجعة إلى التكوين والتشريع مختصّة بذات الواجب تعالى.
    أقول : العجب من سيّدنا الأجلّ كيف يرى ذلك من التفويض ويقول بذلك على إطلاقه ، فإنّه لا يتمّ ، فإنّه لو كان الاعتقاد بذلك على نحو الاستقلال فإنّه يلزم التفويض ، ولكن إذا كان ما يفعله المعصوم ( عليه السلام ) بإذن الله سبحانه ، فأيّ مانع فيه مع وجود المقتضي ؟ كيف لا يكون خالقاً ، والمسيح بن مريم ( عليه السلام ) قد خلق من الطين طيراً فنفخ فيه فصار طيراً بإذن الله سبحانه ، وقد ورد في روايات مستفيضة قولهم ( عليهم السلام ) : « نزّلونا عن الربوبية وقولوا فينا ما شئتم ، ولن تبلغوا » ، وعن الأمير ( عليه السلام ) أنّه كلّما يقال هو عشر معشار ما فينا (1) ، ثمّ الاُمور الراجعة إلى التكوين والتشريع مختصّة بذات الواجب سبحانه وتعالى ، إنّما هو على نحو الاستقلال ، وإلاّ فإنّ الأئمة الأطهار عندهم الولاية التكوينية الكليّة كالولاية التشريعية ، بل أصحابهم وشيعتهم عندهم الولاية التكوينية إلاّ أنّها جزئية ، وبهذا يمتازون عن أئمتهم وساداتهم ( عليهم السلام ) ، فتدبّر ، فإنّه كيف يكون المعتقد بهذا منكراً للضروري الموجب للكفر والنجاسة ؟!
1 ـ وقد حقّقت هذا المعنى وأقمت عليه وجوهاً من الأدلّة العقلية والنقلية في رسالة سمّيتها « جلوة من ولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) » ، وهي مطبوعة ، كما ذكرت مثل هذه المباحث العقائدية في كتاب « علي المرتضى ( عليه السلام ) نقطة باء البسملة » ، و « فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ليلة القدر » ، وهما مطبوعان ، فراجع.

(204)
    ثمّ قال السيّد ( قدس سره ) : فيبتنى كفر هذه الطائفة على ما قدّمناه من أنّ إنكار الضروري هل يستتبع الكفر مطلقاً ، أو أنّه إنّما يوجب الكفر فيما إذا رجع إلى تكذيب النّبي ( صلى الله عليه وآله ) كما إذا كان عالماً بأنّ ما ينكره ثبت بالضرورة من الدين ؟ فنحكم بكفرهم على الأوّل ، وأمّا على الثاني فنفصّل بين من اعتقد بذلك لشبهة حصلت له بسبب ما ورد في بعض الأدعية وغيرها ممّا ظاهره أنّهم ( عليهم السلام ) مفوّضون في تلك الاُمور من غير أن يعلم باختصاصها لله سبحانه ، وبين من اعتقد بذلك مع العلم بأنّ ما يعتقده ممّا ثبت خلافه بالضرورة من الدين بالحكم بكفره في الصورة الثانية دون الاُولى.
    أقول : لقد اعترف السيّد أنّه ورد في الأدعية وغيرها ما يدلّ على نسبة بعض الاُمور التكوينية إليهم ، إلاّ أنّه لا على نحو الاستقلال حتّى يلزم التفويض الذي نقول ببطلانه وإنّ من يعتقده فهو كافر ، بل على نحو العرضية ، فإنّه ورد في الصحيح : « رضا الله في رضانا ، ورضانا في رضا الله » فإنّه يدلّ على الوحدة الرضا ، لأنّهم وصلوا إلى مقام الفناء في مشيّة الله ورضاه ، فلا فرق بينك وبينهم إلاّ أنّهم عبادك فتقهم ورتقهم بيدك ـ كما ورد في دعاء رجب ، الصادر من الناحية المقدّسة ( عليه السلام ) ـ وما كلّ ما يقال في هذا الوادي إنّه من التفويض أو الغلوّ.
    ولا يخفى إنّ مدرسة قم العرفانية ـ في عصرنا هذا ـ قد حازت السبق عن مدرسة النجف الأشرف في مثل هذه المعارف السامية والمطالب السنية والعلوم الرفيعة ، إلاّ أنّ سيّدنا المحقّق ( قدس سره ) من عباقرة العلم وأساطين الفقه والمعرفة لا يفوته مثل هذه المعارف القيّمة ، فلهذا أردف مقولته الآنفة قائلا في تقسيم الغلوّ والغلاة : ومنهم من لا يعتقد أنّه ( عليه السلام ) وغيره من الأئمة الطاهرين ولاة الأمر وأنّهم عاملون لله سبحانه ، وأنّهم أكرم المخلوقين عنده فينسب إليهم الرزق والخلق ونحوهما


(205)
ـ لا بمعنى إسنادها إليهم ( عليهم السلام ) حقيقة ، لأنّه يعتقد أنّ العامل فيها حقيقة هو الله ـ بل كإسناد الموت إلى ملك الموت والمطر إلى ملك المطر والإحياء إلى عيسى ( عليه السلام ) ، كما ورد في الكتاب العزيز : ( وَاُحْيي المَوْتى بِإذْنِ اللهِ ) (1) وغيره ممّا هو من إسناد فعل من أفعال الله سبحانه إلى العاملين له بضرب من الإسناد ، ومثل هذا الاعتقاد غير مستتبع للكفر ولا هو إنكار للضروري ، فعدّ هذا القسم من أقسام الغلوّ نظير ما نقل عن الصدوق ( قدس سره ) عن شيخه ابن الوليد : أنّ نفي السهو عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) أوّل درجة الغلوّ (2). والغلوّ بهذا المعنى الأخير ممّا لا محذور فيه ، بل لا مناص عن الالتزام
1 ـ آل عمران : 49.
2 ـ يبدو لي أنّ مسألة تحديد الغلوّ من المسائل العويصة جدّاً ، لا سيّما عند القدماء ، فإنّ كثيراً من أصحابنا إنّما أنكر عليهم بعض الأعلام ونسبوا إليهم الغلوّ لما عندهم من المعرفة بالأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ، فاتّهموهم بالغلوّ ، وضعّفوا رواياتهم كمحمّد بن سنان ، لأنّه كان يذكر بعض المقامات الرفيعة للأئمة الهداة ( عليهم السلام ) ، وكالحافظ البرسي ، ولكن العلاّمة الأميني يدافع عنه ويطهّر ساحته من الغلوّ ، كما ذكرت تفصيل ذلك في كتاب « علي المرتضى نقطة باء البسملة » ـ مطبوع ـ فراجع.
    ويظهر لي أنّه في عصر الصادق كانت مدرستان متفاوتتان في معرفة الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) : مدرسة قم ومدرسة بغداد ، وكانت الاُولى في إيران محاطة باُناس ترى الاُلوهيّة في أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) ، ومثل مشايخ قم آنذاك كان عليهم إنكار البدع التي تظهر ـ من باب « إذا ظهرت البدع ، فعلى العالم أن يُظهر علمه » ـ فكانوا يحاربون الغلاة ، ممّـا أدّى أن ينكروا على كثير من الرواة الذين يذكرون فضائل أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ويعدّون من لم يقل بسهو النبيّ أنّه من الغلاة وإنّ هذا من علائم غلوّه ، وأنّه أوّل درجات الغلوّ ، حفاظاً على الناس من أن لا يقعوا في أحضان الغلاة الذين يعتقدون باُلوهيّة عليّ ( عليه السلام ) ، أو أحد الأئمة ( عليهم السلام ).
    وأمّا مدرسة بغداد في العراق ـ وكان يترأّسها آنذاك المرحوم ثقة الإسلام آية العلاّم الشيخ محمد بن يعقوب الكليني ( قدس سره ) ، صاحب كتاب ( الكافي ) ـ فإنّها كانت محاطة بأبناء العامّة ، الذين ينكرون مقامات الأئمة الأبرار من أهل بيت الرسول المختار ( عليهم السلام ) ، فكان يرى الكليني عليه الرحمة وأتباع مدرسته أنّ من واجبه أن يعرّف حقيقة الأئمة ( عليهم السلام ) إلى الناس من خلال الروايات الصحيحة الواردة في شأنهم ( عليهم السلام ) ، وبهذا اختلفت مدرسة قم عن بغداد في معرفة الأئمة ، فمدرسة قم تقول : ( من لم يعتقد بسهو النبيّ فهو من الغلاة ) ، ومدرسة بغداد تقول : ( نحن صنائع الله ، والخلق صنايعنا ) ، ( إذا شئنا شاء الله ) ، ( رضا الله في رضانا ).
    وبنظري لا بدّ من تجديد النظر في نسبة الغلوّ إلى بعض الرواة وقدحهم بذلك وعدم توثيقهم ، فإنّ ذلك ليس إلاّ من باب أنّهم ذكروا ورووا بعض الروايات التي تذكر الشيء النزير ومعشار العشر في شموخ مقام الأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) ، واليوم مدرسة قم وحوزتها المباركة تعدّ من اُولى المدارس وأهمّها في بثّ علوم آل محمّد ( عليهم السلام ) ومقاماتهم الرفيعة ودرجاتهم الشامخة ، وحازت السبق في هذا المضمار ، حتّى أصبحت الحجّة قبل ظهور الحجّة ( عليه السلام ) ، فتدبّر.


(206)
به في الجملة.
    وفي نجاسة الخوارج قال السيّد ( قدس سره ) : إن اُريد بالخوارج الطائفة المعروفة ـ خذلهم الله ـ وهم المعتقدون بكفر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والمتقرّبون إلى الله ببغضه ومخالفته ومحاربته فلا إشكال في كفرهم ونجاستهم ، لأنّه مرتبة عالية من النصب الذي هو بمعنى نصب العداوة لأمير المؤمنين وأولاده المعصومين ( عليهم السلام ) ، فحكمهم حكم النصاب ، ويأتي أنّ الناصب محكوم بكفره ونجاسته. وإن اُريد منهم من خرج على إمام عصره من غير نصب العداوة ، ولا استحلال لمحاربته ، بل يعتقد إمامته ويحبّه ، إلاّ أنّه لغلبة شقوته ومشتهيات نفسه من الجاه والمقام إرتكب ما يراه مبغوضاً لله سبحانه ، فخرج على إمام عصره ، فهو وإن كان في الحقيقة أشدّ من الكفر


(207)
والإلحاد ، إلاّ أنّه غير مستتبع للنجاسة المصطلحة ، لأنّه لم ينكر الإلوهية ولا النبوّة ولا المعاد ، ولا أنكر أمراً ثبت من الدين بالضرورة.
    أقول : وكأنّما يوحي كلامه الأخير بطهارة اُولئك الذين حاربوا سيّد الشهداء ( عليه السلام ) في كربلاء ، فإنّ عمر بن سعد لعنه الله كان يقول : يا خيل الله اركبي وبالجنّة ابشري ، فكان يعتقد بالمعاد كما أنّه كان يعتقد بسيّد الشهداء ويعلم أنّ قتله من الظلم والجور ، إلاّ أنّ حبّ الدنيا وملك الريّ وحبّ الجاه والمقام ـ كما يقوله السيّد الخوئي ( قدس سره ) ـ دفعه إلى ذلك ، ولهذا كان يقول : سأستغفر ربّي قبل موتي بسنتين ، وغير ذلك من الشواهد ، فهل يعني أنّ عمر بن سعد كان طاهراً ؟ لست أدري !
    ثمّ قال سيّدنا الخوئي ( قدس سره ) في نجاسة النواصب : وهم الفرقة الملعونة التي تنصب العداوة وتظهر البغضاء لأهل البيت ( عليهم السلام ) كمعاوية ويزيد لعنهما الله ، ولا شبهة في نجاستهم وكفرهم ، وهذا لا للأخبار الواردة في كفر المخالفين كما تأتي جملة منها عن قريب ، لأنّ الكفر فيها إنّما هو في مقابل الإيمان ولم يرد منه ما يقابل الإسلام ، بل لما رواه ابن أبي يعفور في الموثّق عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في حديث قال : « وإيّاك أن تغتسل من غسالة الحمّام ... وإنّ الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه » ، حيث إنّ ظاهرها إرادة النجاسة الظاهرية الطارئة على أعضاء الناصب لنصبه وكفره ، وهذا من غير فرق بين خروجه على الامام ( عليه السلام ) وعدمه ، لأنّ مجرّد نصب العداوة وإعلانها على أئمة الهدى ( عليهم السلام ) كاف في الحكم بكفره ونجاسته ، وقد كان جملة من المقاتلين مع الحسين ( عليه السلام ) من النصاب وإنّما أقدموا على محاربته من أجل نصبهم العداوة لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأولاده ( عليهم السلام ).
    ثمّ للسيّد التفاتة ظريفة في أنّ الناصب لماذا أنجس من الكلب ، بمعنى أنّه أشدّ


(208)
نجاسة ، وكأ نّما النجاسة كلّي مشكّك لها مراتب ، والظاهر أنّها أمر بسيط لا تركيب فيها حتّى يستلزم الشدّة والضعف ، إلاّ أن يقال إنّ ذلك مثل الوجود البسيط الذي له مراتب أشدّها مرتبة واجب الوجود لذاته سبحانه وتعالى ، فتأمّل. ويقول : ثمّ إنّ كون الناصب أنجس من الكلب لعلّه من جهة أنّ الناصب نجس من جهتين وهما جهتا ظاهره وباطنه ، لأنّه الناصب محكوم بالنجاسة الظاهرية لنصبه ، كما أنّه نجس من حيث باطنه وروحه ، وهذا بخلاف الكلب لأنّ النجاسة فيه من ناحية ظاهره فحسب.
    أقول : لكن ينقض ذلك أنّه لا تنحصر هاتان الجهتين في الناصبي ، بل كذلك المشرك والمنكر لله سبحانه.
    ثمّ في نجاسة المجسّمة يقول : وهم على طائفتين ، فإنّ منهم من يدّعي أنّ الله سبحانه جسم حقيقة كغيره من الأجسام ، وله يد ورجل إلاّ أنّه خالق لغيره وموجد لسائر الأجسام ، فالقائل بهذا القول إن التزم بلازمه من الحدوث والحاجة إلى الحيّز والمكان ونفي القدمة ، فلا إشكال في الحكم بكفره ونجاسته ، لأنّه إنكار لوجوده سبحانه حقيقة ، وأمّا إذا لم يلتزم بذلك ، بل اعتقد بقدمه تعالى وأنكر الحاجة فلا دليل على كفره ونجاسته وإن كان اعتقاده هذا باطلا وممّا لا أساس له. ومنهم من يدّعي أنّه تعالى جسم ولكن لا كسائر الأجسام ، كما ورد أنّه شيء لا كالأشياء فهو قديم غير محتاج ، ومثل هذا الاعتقاد لا يستتبع الكفر والنجاسة ، وأمّا استلزامه الكفر من أجل أنّه إنكار للضروري حيث إنّ عدم تجسّمه من الضروري فهو يبتني على الخلاف المتقدّم من أنّ إنكار الضروري هل يستلزم الكفر مطلقاً ، أو أنّه إنّما يوجب الكفر فيما إذا كان المنكر عالماً بالحال بحيث كان إنكاره مستلزماً لتكذيب النبي ( صلى الله عليه وآله ).


(209)
    وفي المجبّرة يقول : القائلون بالجبر إن التزموا بتوالي عقيدتهم من إبطال التكاليف والثواب والعقاب ، بل وإسناد الظلم إلى الله تعالى ، لأنّه لازم إسناد الأفعال الصادرة عن المكلّفين إليه سبحانه ونفي قدرتهم عنها نظير حركة اليد المرتعش فلا تأمّل في كفرهم ونجاستهم ، لأنّه إبطال للنبوّات والتكاليف. وأمّا إذا لم يلتزموا بها ـ كما لا يلتزمون ـ حيث اعترفوا بالتكاليف والعقاب والثواب بدعوى أنّهما لكسب العبد ، وإن كان فعله خارجاً عن تحت قدرته واختياره فلا يحكم بكفره ، فإنّ مجرّد اعتقاد الجبر غير موجب له ، ولا سيّما بملاحظة ما ورد من أنّ الإسلام هو الاعتراف بالشهادتين اللّتين عليهما أكثر الناس ، لأنّ لازمه الحكم بطهارة المجبّرة وإسلامهم لاعترافهم بالشهادتين ، مضافاً إلى استبعاد نجاستهم وكفرهم على كثرتهم حيث أنّ القائل بذلك القول هم الأشاعرة ، وهم أكثر من غيرهم من العامّة.
    أقول : بل قال المحقّق كاشف الغطاء في أصل الشيعة واُصولها : إنّ المذاهب الأربعة وأبناء العامّة على الإطلاق في يومنا هذا أشعريو المذهب في الاُصول ، كما أنّ أكثر العرفاء وربّما كلّهم يقولون بالجبر ، أو شبه الجبر كما عند بعض أعلامنا في اُصول الفقه ، فكيف يحكم بكفرهم ومن ثمّ نجاستهم ؟!!
    نعم عقيدة الجبر من العقائد الباطلة والفاسدة في نفسها ، وأمّا المفوّضة فحالهم حال المجبّرة من القول بلوازم اعتقادهم ، وأمّا ما ورد في بعض الأخبار من أنّ القائل بالتفويض مشرك ، فهو باعتبار أنّ للشرك مراتب كما مرّ تفصيله ولا يستتبع للكفر على إطلاقه ، فإنّ الشخص المرائي القائل بالشهادتين مسلم مع أنّ الرياء في العبادة شرك بالله سبحانه ، فالمشرك النجس من كان منكراً لله أو عابد الأصنام والأوثان.


(210)
    ثمّ السيّد ( قدس سره ) يتعرّض إلى طهارة المخالفين قائلا (1) : قد وقع الكلام في نجاسة الفرق المخالفة للشيعة الاثنى عشرية وطهارتهم. وحاصل الكلام في ذلك أنّ إنكار الولاية لجميع الأئمة ( عليهم السلام ) أو لبعضهم هل هو كإنكار الرسالة يستتبع الكفر والنجاسة ؟ أو إنّ إنكار الولاية إنّما يوجب الخروج عن الإيمان مع الحكم بإسلامه وطهارته. فالمعروف المشهور بين المسلمين طهارة أهل الخلاف وغيرهم من الفرق المخالفة للشيعة الاثنى عشرية ، ولكنّ صاحب الحدائق نسب إلى المشهور بين المتقدّمين وإلى السيّد المرتضى وغيره الحكم بكفر أهل الخلاف ونجاستهم وبنى عليه واختاره. وما يمكن أن يستدلّ به على نجاسة المخالفين وجوه ثلاثة. ثمّ يذكر السيّد الوجوه :
    الأوّل : الروايات التي تحكم بكفرهم. وأجاب عنها بأنّ المراد من الكفر فيها ما يقابل الإيمان لا ما يقابل الإسلام الذي يوجب النجاسة. أو أنّ المراد من الكفر فيها الكفر الباطني والذي له دركات الآخرة وعذابها الأليم وبئس المصير ، كما يدلّ على طهارتهم السيرة القطعية للمتشرّعة الكاشفة عن تقرير الأئمة ( عليهم السلام ).
    الثاني : الروايات التي تشير إلى أنّ المخالف هو الناصبي. وجوابه أنّ النصب الذي يوجب النجاسة لو كان لآل محمّد ( عليهم السلام ) لا لشيعتهم وإن ورد ذلك في الخبر فإنّه يشير إلى مراتب النصب.
    الثالث : إنكارهم لما هو من الضروري من الدين وهو ولاية أمير المؤمنين ، ولكن إنّما يتمّ هذا لو كان عالماً ومنكراً ، ولا يتمّ بالإضافة إلى جميع أهل الخلاف ، لأنّ الضروري من الولاية الذي يعدّ من فروع الدين هو الحبّ والمودّة وهم
1 ـ التنقيح 2 : 83.
زبدة الأفكار في طهارة أو نجاسة الكفّار ::: فهرس